عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 2007-08-15, 11:06 PM
ابن السني ابن السني غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2007-08-14
المشاركات: 22
افتراضي

وقد أمر - صلى الله عليه وسلم- أن تُبلّغ سنته، فكان إذا خطب أمر أن تبلغ سنته، فدلّ ذلك على أن سنته - صلى الله عليه وسلم- واجبة الاتباع، وعلى أن طاعته واجبة على جميع الأمة، كما تجب طاعة الله تجب طاعة رسوله عليه الصلاة والسلام.

ومن تدبر القرآن العظيم وجد ذلك واضحاً، قال تعالى في كتابه الكريم في سورة آل عمران: {وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}<SUP>([1])</SUP>

فقرن طاعة الرسول بطاعته سبحانه، وقال تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} سورة آل عمران، فعلّق الرحمة بطاعة الله ورسوله، وقال سبحانه أيضاً في سورة آل عمران: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}<SUP>([2])</SUP>،

وقال سبحانه في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}<SUP>([3])</SUP>، فأمر سبحانه بطاعة وطاعة رسوله أمراً مستقلاً، وكرّر الفعل في ذلك {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} ثم قال:{وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} ولم يكرر الفعل؛ لأن طاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله وإنما تجب في المعروف حيث كان ما أمروا به من طاعة الله ورسوله ومما لا يخالف أمر الله ورسوله.

ثم بين أن العمدة في طاعة الله ورسوله فقال:{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ} ولم يقل: إلى أولي الأمر منكم، بل قال: {إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ } فد ذلك على أن الرد في مسائل النزاع والخلاف إنما يكون لله ولرسوله، قال العلماء: معنى {إِلَى اللّهِ}: الرد إلى كتاب الله ومعنى:{وَالرَّسُولِ}: الرد إلى الرسول في حياته، وإلى سنته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>

فَعُلِمَ بذلك أن سنته مستقلة، وأنها أصل متّبع، وقال جلّ وعلا: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}<SUP>([4])</SUP>، وقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}<SUP>([5])</SUP> وقبلها قوله جل وعلا:{فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}<SUP>([6])</SUP> فجعل الفلاح لمن اتبعه عليه الصلاة والسلام،؛ لأن السياق فيه عليه الصلاة والسلام: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فذكر أن الفلاح لهؤلاء المتبعين لنبي الله عليه الصلاة والسلام دون غيرهم، فدلّ ذلك على أن من أنكر سنته ولم يتبعه فإنه ليس بمفلح وليس من المفلحين، ثم قال بعدها: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ} يعني: قل يا محمد: {إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}<SUP>([7])</SUP>، فعلق الهداية باتباعه عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على وجوب طاعته، واتباع ما جاء به من الكتاب والسنة عليه الصلاة والسلام.

وقال - عز وجل – في آيات أخرى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}<SUP>([8])</SUP>، وقال جل وعلا أيضاً في هذه السورة سورة النور: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}<SUP>([9])</SUP>، فأفرد طاعته وحدها بقوله: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} .

وقال في آخر السورة سورة النور: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}<SUP>([10])</SUP> فذكر جل وعلا أن المخالف لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم- على خطر عظيم من أن تصيبه فتنة بالزيغ والشرك والضلال أو عذاب أليم نعوذ بالله من ذلك، وقال عز في سورة الحشر: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}<SUP>([11])</SUP>.<o:p></o:p>

فهذه الآيات وما جاء في معناها كلها دالة على وجوب اتباعه وطاعته عليه الصلاة والسلام، وأن الهداية والرحمة والسعادة والعاقبة الحميدة كلها في اتباعه وطاعته عليه الصلاة والسلام، فمن أنكر ذلك فقد أنكر كتاب الله، ومن قال: إنه يتّبع كتاب الله دون السنة فقد كذب وغلط وكفر فإن القرآن أمر باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم-، فمن لم يتبعه فإنه لم يعمل بكتاب الله، ولم يؤمن بكتاب الله، ولم ينقد لكتاب الله، إذ كتاب الله أمر بطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم-، وأمر باتباعه، وحذر من مخالفته عليه الصلاة والسلام، فمن زعم أنه يأخذ بالقرآن، ويتبع القرآن دون السنة فقد كذب؛ لأن السنة جزء من القرآن فطاعة الرسول جزء من القرآن وقد دلّ على الأخذ بها القرآن وأمر بالأخذ بها القرآن، فلا يمكن أن ينفك هذا عن هذا، ولا يمكن أن يكون الإنسان متِّبعاً للقرآن بدون اتباع السنة، ولا يكون متبعاً للسنة بدون التابع القرآن فهما متلازمان ولا ينفك أحدهما عن الآخر.<o:p></o:p>

<HR align=right width="33%" SIZE=1>[1]- سورة آل عمران الآيتان31-32.<o:p></o:p>

[2]- سورة آل عمران الآيتان 131-132.<o:p></o:p>

[3]- سورة النساء الآية 59.<o:p></o:p>

[4]- سورة النساء الآية 80.<o:p></o:p>

[5]- سورة الأعراف الآية 158.<o:p></o:p>

[6]- سورة الأعراف الآية 157.<o:p></o:p>

[7]- سورة الأعراف، الآية 158.<o:p></o:p>

[8]- سورة النور الآية 54.<o:p></o:p>

[9]- سورة النور الآية 56.<o:p></o:p>

[10]- سورة النور، الآية 63.<o:p></o:p>

[11]- سورة الحشر الآية 7.<o:p></o:p>
رد مع اقتباس