عرض مشاركة واحدة
  #56  
قديم 2013-04-02, 10:18 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

موقف السيدة عائشة رضي الله عنها من موقعة الجمل

وحتى هذه اللحظة لم تدخل السيدة عائشة رضي الله عنها ساحة القتال، فيذهب إليها كعب بن ثور قاضي البصرة ويقول لها: يا أم المؤمنين، أنجدي المسلمين.

فتقوم السيدة عائشة رضي الله عنه وأرضاها، وتركب الهودج ويوضع على الجمل، وتدخل إلى ساحة القتال لتنصح المسلمين بالكفّ عن القتال، وعن هذه المجزرة التي لم تحدث من قبل في تاريخ المسلمين.

وتسيء كتابات مَن تربَوا على أيدي الغرب إلى السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها في هذا الموقف، فيقول طه حسين في كتابه (علي وبنوه): إن السيدة عائشة خرجت تتحدث إلى مَن على يمينها محرّضة، وإلى مَن على شمالها محمسة، وإلى مَن أمامها مذكرة، وأنها كانت تشجع الناس على القتال.

ويقول طه حسين أيضًا: إن عليَا رضي الله عنه عندما سمعهم يلعنون قتلة عثمان، قال: يلعنون قتلة عثمان، والله ما يلعنون إلا أنفسهم فهم قتلوه، اللهم العن فتلة عثمان.

ولا يصح من هذا كله إلا الجملة الأخيرة: اللهم العن قتلة عثمان، وقد قالها علي رضي الله عنه عندما سمع دعاء الفريق الآخر على قتلة عثمان، ولا ندري من أين أتى طه حسين بهذه القصة، وبهذا الكلام الذي لم يذكر أي توثيق له.

وعلى هذا النسق أيضًا تقول زاهية قدّورة في كتابها (عائشة أم المؤمنين): إن السيدة عائشة بدأت تحركاتها الظاهرة لنشر الدعاية ضد علي بحجة المطالبة بدم عثمان، بل إنها اتهمت عليًا بقتل عثمان، ولهذه الخصوم بين عائشة وعلي أسباب:

1- أن عائشة كانت أول زوجة بنى بها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد خديجة رضي الله عنها، وخديجة هي أم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحقدت عليها فاطمة لأنها زوجة أبيها، وحزن علي رضي الله عنه لهَمّ زوجته ونشأت بين علي وعائشة الخصومة بسبب هذا الأمر.

2- تقول الكاتبة كاذبةً أيضًا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب السيدة فاطمة حبًا شديدًا، وقال عنها أنها سيدة نساء العالمين، فتقول الكاتبة إن هذا أيضًا جعل الغيرة تزيد في قلب السيدة عائشة.

3- تقول الكاتبة كاذبةً أيضًا: إن عليًا رضي الله عنه أشار على الرسول صلى الله عليه وسلم بتطليق السيدة عائشة بعد حادث الإفك قبل أن يتحقق الأمر، والنساء سواها كثيرًا، وذلك لكراهته لها، وازداد الأمر تعقيدًا كما تقول الكاتبة.

4- تقول الكاتبة كاذبةً أيضًا: إن السيدة فاطمة وزوجها سيدنا علي قد أظهرا الشماتة سرًا أو جهرًا- على خلاف- عندما اتهمت السيدة عائشة رضي الله عنها في حادث الإفك.

5- تقول الكاتبة كاذبةً أيضًا: إن عليًا كان يحقد على السيدة عائشة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرّب أباها أبا بكر رضي الله عنه أكثر منه، ومن ثَمّ حقد عليها، وحقدت هي عليه أيضًا.

6- تقول الكاتبة كاذبةً أيضًا: إن السيدة عائشة لم تُرزق بأولاد بينما رزق علي وفاطمة بالحسن والحسين اللذين كان يحبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوجد ذلك الغيرة عند السيدة عائشة.

7- تقول الكاتبة كاذبةً أيضًا: إن النبي صلى الله عليه لما مرِض مرَض الموت اختار بيت السيدة عائشة، فغضب علي لهذا الأمر.

8- تقول الكاتبة كاذبةً أيضًا: إن السيدة عائشة سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته يأمر أن يصلى أحد بالناس فقالت لبلال: اجعل أبا بكر يصلي بالناس، فحقد عليها عليّ لهذا الأمر واتهمها به، وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم قال الناس: كيف يرضاه الرسول لديننا بأن أمره أن يؤمهم في الصلاة ولا نرضاه لدنيانا.

فكان خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، فتشير الكاتبة بهذا أن هذه لعبة لعبتها السيدة عائشة ليتسلم والدها الخلافة، ثم تأتي الكاتبة برواية أخرى تقول أن العباس رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه: امدد يدك أبايعك فيقول الناس: عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله. فلا يختلف عليك اثنان. فقال له علي: وهل يطمع فيها طامع غيري.

9- تقول الكاتبة كاذبةً أيضًا: إن بعد وفاة السيدة فاطمة ذهب سائر زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وقدمن العزاء لعلي رضي الله عنه، ولم تذهب السيدة عائشة، ونُقل على لسانها لعلي رضي الله عنه ما يدل على السرور.

ثم تقول الكاتبة: هذه هي الأسباب التي ظهرت في شكل خصومة انتهت إلى سفك الكثير من الدماء في موقعة الجمل.
وهذا الكتاب من المفترض أن يكون كتابًا لأهل السنة، لكن كل مصادر الكتاب عن علم الكاتبة، أو عن جهلها، مصادر شيعية.
وما حدث أن السيدة عائشة رضي الله عنها عندما ذهب إليها كعب بن ثور يطلب منها نجدة المسلمين، ودخلت هودجها، ووضع الهودج على الجمل، ودخلت ساحة القتال نادت على المسلمين جميعًا: الله الله يا بَنِي، اذكروا يوم الحساب.
وأعطت مصحفها لكعب بن ثور وقالت له: ارفعه بين الناس، لعل الله أن يزيل به ما بين الناس.

فلما أخذ المصحف، ورفعه تناوشته السهام، فقُتل لتوّه، ودخلت السيدة عائشة بالجمل في ساحة القتال، ومن ثَم سُمّيت الموقعة بموقعة الجمل، فكان الناس جميعًا يقاتلون حميّة حول الجمل بينما السيدة عائشة رضي الله عنها من داخل الهودج تأمر الناس بالكف عن القتال، إلا أن الناس جميعًا كانوا يتفانون في القتال حول الجمل، وقتل ممن يمسك بخطام الجمل سبعون رجلًا، فكان احتدام القتال، وقوته، ومنبعه من حول جمل السيدة عائشة رضي الله عنها، فأشار القعقاع بن عمرو التميمي رضي الله عنه بقتل الجمل، أو عقره مع المحافظة والحماية لهودج السيدة عائشة رضي الله عنها، وذلك حتى يهدأ القتال، وتزول الفتنة، واجتمع القوم على الجمل ليقتلوه، أو يعقروه، بينما الفريق الآخر يستميت في الدفاع عن الجمل، وكان آخر المدافعين عن الجمل عبد الله بن الزبير بن العوّام، وهو ابن أخت السيدة عائشة رضي الله عنها، فلما أُخبرت السيدة عائشة بذلك قالت: واثكل أسماء.

فقد ظنت رضي الله عنها أنه سيموت في هذا الموقف، وقد جُرح رضي الله عنه سبعة وثلاثين جرحًا، وكان من المقاتلين الأشداء، لكنه لم يقتل رضي الله عنه، بل استمرت حياته، وامتدت بعد ذلك مدة طويلة.

بعد قتال مرير أفلح فريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه في عقر الجمل، ولما وقع الجمل انهارت معنويات جيش السيدة عائشة رضي الله عنها وبدأ الناس يفرون، وأصبح النصر في جانب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ورُشق هودج السيدة عائشة رضي الله عنها- قبل أن يسقط- بالرماح من كل جانب حتى أصبح مثل القنفذ كما يقول الرواة، ويأمر علي رضي الله عنه الناس بالكف عن ضرب الهودج بالسهام، والسهام لا تفرق بين الجمل، والهودج منها ما يرمي به أهل الفتنة، ومنها ما هو غير مقصود.

واجتمع المسلمون على هودج السيدة عائشة، فرفعوه من على الجمل المعقور ووضعوه على الأرض، وأمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن تنصب على الهودج قبّة، فنُصبت عليه خيمة حتى يُحفظ سترها رضي الله عنها، وجاءها أخوها محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وكان مشاركًا في حصار عثمان رضي الله عنه، لكنه تاب، وندم، وبكى، وعاد إلى صف المسلمين وحاول أن يرد القتلة بسيفه عن عثمان رضي الله عنه، لكنه لم يستطع، وبعد ذلك بايع عليًا رضي الله عنه، وها هو الآن يقاتل في صف علي رضي الله عنه، ونحسبه على خير، فقال للسيدة عائشة: هل وصل إليك شيء من الجراح فقالت له: لا، وما أنت بذاك، مما يدل على عدم رضاها عنه لما فعله ابتداءً في حق عثمان رضي الله عنه.

ثم جاء عمار بن ياسر رضي الله عنه وكان عمره يومئذٍ تسعين سنة بينما كان عمر السيدة عائشة رضي الله عنها أربعًا وأربعين، أو خمسًا
وأربعين سنة، فقال لها رضي الله عنه: كيف أنتِ يا أم؟

فقالت: لست لك بأم.

فقال: بلى، أمي وإن كرهتِ.

يتبع
رد مع اقتباس