عائشة أم المؤمنين زوجة سيد آل البيت الصديقة الطيبة حبيبة حبيب الله صلى الله عليه وعلى آله وسلمأم المؤمنين عائشة: زوجة سيد آل البيت - صلَّى الله عليه وسلَّم -:أكثَرَ المُرْجِفون والمبْطِلون في كلِّ زمن- وفي زمننا خاصَّة- على أمِّ المؤمنين عائشةَ بنتِ أبي بكر- رضي الله عنهما- الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق، الطَّاهرة الطَّيِّبة، حبيبة رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- إمَّا لحِقْدٍ في أنفسهم على النبيِّ وعلى آل البيت- صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم- وإمَّا طمَعًا في صرف الناس عن الحقِّ المبين. وما ضرَّ عائشةَ- رضي الله عنها- افتراءاتهُم، وقد قدمَتْ على فَرطِ صِدْق
[1]، زوجِها خاتم الأنبياء والمرسلين، وسَيِّد ولد آدم- صلَّى الله عليه وسلَّم- وأبيها إمام الهُدى أبي بكر الصدِّيق، الخليفة الرَّاشد- رضي الله تعالى عنه. فاللهم صلِّ وسلِّم وبارك على محمد النبيِّ، وأزواجِه أُمَّهات المؤمنين، وذُرِّيته وآل بيته أجمعين، ومن اتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، آمين. وبعد:
فعن ابن عباس في تفسير قوله- تعالى-: ﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [النور: 26].
قال: الخبيثات من القول للخبيثين من الرِّجال، والخبيثون من الرِّجال للخبيثات من القول، والطيِّبات من القول للطيِّبين من الرِّجال، والطيِّبون من الرجال للطيِّبات من القول.
قال: ونَزلت في عائشة وأهل الإفْك. وهكذا رُوي عن مُجاهد، وعطاء، وسعيد بن جُبَير، والشَّعبي، والحسَن بنِ أبي الحَسَن البصري، وحبيب بن أبي ثابت، والضَّحَّاك، واختاره ابنُ جرير، ووجَّهَهُ بأنَّ الكلام القبيح أولى بأهل القبح من الناس، والكلام الطيِّب أَولى بالطيِّبين من الناس، فما نسَبَه أهل النِّفاق إلى عائشة هم أَولى به، وهي أَولى بالبراءة والنَّزاهة منهم؛
ولهذا قال: ﴿ أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ﴾ [النور: 26].
وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: الخبيثات من النساء للخبيثين من الرِّجال، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النِّساء، والطيِّبات من النساء للطيبين من الرجال، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء. وهذا- أيضًا- يَرْجع إلى ما قاله أولئك باللاَّزم؛ أيْ: ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- إلاَّ وهي طيبة؛ لأنَّه أَطْيب من كلِّ طيِّب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صَلحت له، لا شرعًا ولا قدَرًا؛
ولهذا قال: ﴿ أُولَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ﴾ [النور: 26]؛ أيْ: هم بُعَداء عمَّا يقوله أهل الإفك والعدوان، ﴿ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ﴾؛ أيْ: بسبب ما قيل فيهم من الكَذِب، ﴿ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾؛ أيْ: عند الله في جنَّات النعيم، وفيه وعْدٌ بأن تكون زوجةَ النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- في الجنة.
• بل ولقد قال النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- لأُمِّ المؤمنين عائشة- رضي الله عنها-: ((أُريتُكِ قبل أن أتزوَّجك مرَّتين؛ رأيتُ الملَكَ يَحمِلُك في سَرَقة من حرير، فقلتُ له: اكْشِف، فكَشَف فإذا هي أنتِ، فقلتُ: إن يكن هذا من عند الله يُمْضِه، ثم أُرِيتُك يحملك في سَرَقة من حرير، فقلتُ: اكشف، فكشَف، فإذا هي أنت، فقلت: إن يَكُ هذا من عند الله يُمْضِه))؛ "صحيح البخاري".
• ولم يَكُن شرَفُ الزَّواج برسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- بالأمر الذي تناله أيُّ امرأة، وإنما كان مما لا تَطْمح إليه ذواتُ الدِّين والنَّسب والجمال والمال، إلاَّ أن يَمُنَّ الله- تعالى- عليهنَّ بمحض فضْلِه وكرمه سبحانه، ويَظهر ذلك واضحًا من خلال روايات حديث زواج أمَّهات المؤمنين:فعن أُمِّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر قالت: "لمَّا تُوفِّيت خديجة .
قالت خَوْلةُ بنتُ حكيمِ بنِ الأوقص امرأةُ عثمانَ بنِ مظعون، وذلك بمكَّة: يا رسول الله، ألاَ تزَوَّجُ؟
قال: ((مَن؟)) قالت: إنْ شِئتَ بِكرًا، وإن شِئتَ ثَيِّبًا .
قال: ((فمَن البِكْر؟))
قالت: ابنةُ أحَبِّ خلق الله إليك، عائشة بنت أبي بكر .
قال: ((فمَن الثَّيِّب؟)) .
قالت: سَوْدة بنت زَمْعة، آمنَت بك، واتَّبَعتْك على ما أنت علي.
قال: ((فاذهبي، فاذْكُريها علَيَّ))، فجاءَتْ، فدخلَتْ بيت أبي بكر، فوجَدَت أُمَّ رومان أُمَّ عائشة .
فقالت: يا أمَّ رومان، ماذا أَدخَل اللهُ عليكم من الخير والبرَكة؟! أرسَلَني رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم – أَخْطُب عليه عائشة .
قالَتْ: وَدِدتُ، انتَظِري أبا بكر؛ فإنَّه آتٍ، فجاء أبو بكر .
فقالت: يا أبا بكر، ماذا أَدخل الله عليكم من الخير والبركة؟! أرسلني رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- أَخْطب عليه عائشة .
يتبع خطبة سَوْدة بنت زمعة رضي الله عنه
|