عرض مشاركة واحدة
  #87  
قديم 2013-04-12, 08:26 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

- وكذلك غيرة سارة زوجة إبراهيم عليه السلام من هاجر عليهم السلام.
- خامساً: الله عز وجل دعاهما إلى التوبة بقوله {إن تتوبا إلى الله}، فهما قد تابتا ورجعا إلى الله عز وجل، وهذا عتاب من الله لهما كما عاتب الله نبيه وحبيبه وصفيه محمداً – صلى الله عليه وسلم – {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك} هل يقول قائل نأخذ بمفهوم المخالفة لمن فطرته منكوسة وأفهامه معكوسة ويقول بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يبتغي مرضات الله، وإنما الله يربي نبيه ويربي أزواجه ويؤدبهم ويصطفيهم حتى يعلي قدرهم بين العالمين.
- وهذا نظير قوله تعالى (وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لأَذَقْناكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً) ونظير قوله تعالى {يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين} هل يقول عاقل بأن الرسول ليس من المتقين أو أنه كان يطيع الكافرين والمنافقين.
- وكقوله تعالى لنوح {إني أعظك أن تكون من الجاهلين} فهل كان نوح من الجاهلين.
- سادساً: عائشة وحفصة رضي الله عنهما، لو كان منهما ما يوجب الكفر لطلقهما النبي – صلى الله عليه وسلم – فلا يجوز للمسلم فضلاً عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يمسك الكوافر،قال تعالى {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} وأن يجعل في ذمته الكافرات المشركات لقوله تعالى {لا هن لهن حل لهن ولا هم يحلون لهن{.
- وهذا عند السنة والرافضة قال القمي في تفسيره (سورة الممتحنة) عند قوله تعالى {ولا تمسكوا بعصم الكوافر}: " عن أبي جعفر قال: من كانت عنده امرأة كافرة، يعني على غير ملة الإسلام وهو على ملة الإسلام، فليعرض عليها الإسلام، فإن قبلت فهي امرأته، وإلا فهي بريئة منه، فنهى الله أن يمسك بعصمتها ".( 2/344).
- فكيف يسمحون لأنفسهم بأن يقولوا أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – خالف قوله تعالى في هذه الآية، سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.
- سابعاً: عائشة وحفصة مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فقد أخرج الترمذي وحسنه وصححه الألباني (3/242) أن جبريل قال للنبي – صلى الله عليه وسلم -: " إن هذه زوجتك في الدنيا والآخرة " وكان عمار بن ياسر – رضي الله عنه – يحلف ويقسم بالله: " أن عائشة – رضي الله عنها – زوجة رسول الله في الدنيا والآخرة " (البخاري 7100).
- أن الله تعالى أخبر عباده أن ثوابهن على الطاعة والعمل الصالح ضعف أجر غيرهن، قال تعالى {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً {.
- ففي هذه الآية أن التي تطيع الله ورسوله منهن وتعمل صالحاً فإن الله يعطيها ضعف ثواب غيرها من سائر نساء المسلمين، وأعد الله لها في الآخرة عيشاً هنيئاً في الجنان.
- قال الحافظ ابن كثير: " {نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً} أي: في الجنة فإنهن في منازل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في أعلى عليين فوق منازل جميع الخلائق في الوسيلة التي هي أقرب منازل الجنة إلى العرش ".
- ثامناً: أهل البدع والزندقة يعمدون إلى نصوص القرآن التي فيها ذكر ذنوب ومعاصي بينة لمن نصت عنه من المتقدمين يتأولون النصوص بأنواع التأويلات، وأهل السنة يقولون: بل أصحاب الذنوب تابوا منها ورفع الله درجاتهم بالتوبة.
- بتقدير أن يكون هناك ذنب لعائشة وحفصة، فيكونان قد تابتا منه، وهذا ظاهر لقوله تعالى {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} فدعاهما الله تعالى إلى التوبة، فلا يظن بهما أنهما لم تتوبا، مع ما ثبت من علو درجتهما، وأنهما زوجتا نبيه في الدنيا والآخرة.
- تاسعاً: أنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة إيثاراً منهن لذلك على الدنيا وزينتها فأعد الله لهن على ذلك ثواباً جزيلاً وأجراً عظيما قال تعالى{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً {.
- ففي البخاري بإسناده إلى عائشة – رضي الله عنها – قالت: " لما أُمر رسول الله بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: " إني ذاكر لك أمرا، ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك.قالت: قد أعلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقك، ثم قال: " إن الله قال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً} قلت: أفي هذا أستأمر أبوي، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم خير نساءه، فقلن مثل ما قالت عائشة " (البخاري 2336).
- فأن الله خيرهن بين الحياة الدنيا وزينتها وبين الله ورسوله والدار الآخرة، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة.
- لذلك مات عنهن النبي وهن أمهات المؤمنين بنص القرآن، والذنب يغفر ويعفي عنه بالتوبة وبالحسنات الماحيات وبالمصائب المكفرة.
- عاشراً: أما ادعاؤهم بأن عائشة وحفصة قد سقتا السم لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإت الرد على مثل هذه الترهات عبث وإضاعة للأوقات، ومع ذلك نقول هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، ونطالبهم بإسناد صحيح إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأن عائشة وحفصة قتلتا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- والغريب أن المجلسي يقول بأن سند هذه الرواية معتبرة (حياة القلوب للمجلسي 2/700) والصراط المستقيم (3/168) والأنوار النعمانية (4/336-337).
- الحادي عشر: نقول أخيرا أن أهل السنة والجماعة لا يعتقدون أن الصحابي معصوم من كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر، ثم إذا كان صدر من أحدهم ذنب فيكون إما قد تاب منه، أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بسابقته، أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، وهم أحق الناس بشفاعته، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة، فكيف بالأمور التي هم مجتهدون فيها: إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور.
- ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نادر، مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من إيمان وجهاد وهجرة ونصرة وعلم نافع وعمل صالح.
- يقول الذهبي رحمه الله: " فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع بينهم، وجهاد محّاءٌ، وعبادة ممحصة، ولسنا ممن يغلو في أحد منهم، ولا ندعي فيهم العصمة ".( سير أعلام النبلاء 10 / 93، في ترجمة الشافعي ).

ومن أهم الشبهات التي تعرضت لها أم المؤمنين رضي الله عنها هي:
5) شبهة زواج النبي –صلى الله عليه وسلم- من عائشة وهي صغيرة السن:
إنها من أهم الشبهات التي تعرضت لها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على مر التاريخ وهي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم تزوجها وهي صغيرة السن لا تصلح للزواج وتكلم في هذا الأمر الكثيرون وغيروا الكثير من الحقائق
يروِّج النصارى وغيرهم لهذه الشبهة؛ طعنًا في عفة الحبيب المصطفي- صلى الله عليه وسلم– وتشكيكًا في طهارته، يقولون:
إن هذا الزواج هو زواج شهواني جمع بين الكهولة والطفولة، وإذا سقطت طهارة مُبلِّغ هذا الدين سقطت عفة وطهارة الدين الذي أُرسل به.
وهذه الشبهة حديثة نسبيًّا، فرغم تهجمهم المتواصل على الإسلام لم ينتقدوا أبداً النبي -صلى الله عليه وسلم- لزواجه من السيدة عائشة، بل كانوا ينتقدونه بسبب تعدد الزوجات، حتى جاء ما يسمى بعصر النهضة بمفاهيمه الحديثة فأضافوا هذه الشبهة التي تتلاءم مع توجهاتهم الثقافية!!
لذا وجب أن نشير لهذا الأمر في هذا الجزء من البحث والذي يُلقي الضوء علي أهم الشبهات التي تعرضت لها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
وفي هذه النقطة رجعت لكتاب جيد تكلم عن هذه الشبهة بالتفصيل وهو كتاب زواج السيدة عائشة ومشروعية الزواج المبكر والرد علي منكري ذلك.
لقد ثبتت مشروعية الزواج المبكر بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وعمل الصحابة رضوان الله عليهم وإجماع العلماء، وسوف نتعرض بإذن الله إلي هذه الأدلة علي نحو مختصر.
أولاً: الأدلة من القرآن الكريم:
{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}الطلاق4
لقد ذكر الله تعالى في سورة البقرة عدة المرأة المطلقة وهي من ذوات الأقراء، وعدة المتوفى عنها زوجها على الإطلاق ما لم تكن حاملاً.
فقال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ}البقرة228
وقال سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}البقرة234
بالنسبة لآية سورة الطلاق فقد حدد الله تعالى عدد الأصناف الثلاثة من النساء، وهن المتبقيات، وهن المرأة الكبيرة التي يئست من المحيض، والمرأة الصغيرة التي لم تحض بعد (واللائي لم يحضن) والمرأة الحامل.
فالتي لم يسبق لها الحيض هي من كانت دون البلوغ أصالة، حدد الله تعالى عدتها بعد الطلاق من زوجها ثلاثة أشهر، فإذا كانت العدة لا تكون إلا بعد طلاق أو فراق، وكلاهما لا يكون إلا بعمد زواج؛ فمعنى هذا أن الصغيرة قد أثبت الله تعالى لها زواجاً وطلاقاً وعدة.
2) الدليل الثاني من القرآن الكريم، فهو قوله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ}النساء3
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها في تفسير هذه الآية- عندما سألها ابن أختها عروة بن الزبير: يا ابن أختي هي اليتيمة، تكون في حجر وليها، تشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها، فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطي غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق..)) متفق عليه، ورواه البخاري في اثني عشر موضعاً من صحيحه.
فدل قولها رضي الله عنها: ((فيريد أن يتزوجها،..فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا)) على أ، النكاح مشروع للصغيرة التي لم تبلغ، خاصة إذا عرف أنه لا يُتْمَ بعد البلوغ وإنما اليتم ما كان قبل البلوغ، ويدل علي ذلك قوله تعالي: سورة النساء آية6
وهناك أدلة أخري من القرآن الكريم ولكن نكتفي بما ذكرناه.
ثانياً: الأدلة من السنة النبوية:
-عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((كنا مع النبي صلي الله عليه وسلم شباباً، لا نجد شيئاً، فقال لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) متفق عليه().ورواه غيرهما أيضاً.
فمن تزوج من الشباب في أول عمره وهو ابن خمسة عشر أو ستة عشر فقد بادر إلي تحقيق الأمر النبوي، وهو الزواج المبكر، خاصة وقد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم الشباب والفتية.
والأحاديث في هذا الباب كثيرة لا يتسع المجال لذكرها كلها.
ثالثاً: الأدلة من الإجماع:
لقد انعقد الإجماع علي جواز تزويج الصغيرة غير البالغة، والذي يتولى تزويجها أبوها، وزاد الشافعي وآخرون الجد من جهة الأب أيضاً.ومن الأقوال الدالة على الإجماع ما يلي:
1) قال الإمام النووي رحمه الله: وأجمع المسلمون على جواز تزويج الأب بنته البكر الصغيرة، لهذا الحديث (أي حديث زواج السيدة عائشة رضي الله عنها) وإذا بلغت فلا خيار لها في فسخه عند مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز، وقال أهل العراق: لها الخيار إذا بلغت.()
2) وذكر الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه اختلاف الحديث: وإنكاح الآباء الصغار قديماً، وإن لم يختلف عليه أحد أن ذلك جائز عليهن.()
وغيره الكثير من أقوال العلماء وإجماعهم على هذه المسألة.
رابعاً: الأدلة من فعل الصحابة:
1) لقد زوج علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، وقد ولدت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بقليل، وتزوجها عمر رضي الله عنه وهي صغيرة لم تبلغ بعد، في قصة معروفة ذكرها سعيد بن منصور، وعبدالرزاق وابن سعد وابن عبدالبر والبهقي وابن قدامة وابن حجر وغيرهم.()
2) إن الفارق بين عبدالله بن عمرو بن العاص وبين والده عمرو بن العاص اثنتي عشرة سنة كذا في التاريخ الكبير للبخاري، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء فقال: إحدي عشرة سنة () فمتى تزوج عمرو حتى جاءه عبدالله؟
وزوج غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته صغيرة.
وهذه الحوادث تدل على شيء واحد هو أن الزواج من الصغيرة عدا كونه جائزاً ليس خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم لزواجه من عائشة رضي الله عنها، بل هو عام له صلى الله عليه وسلم ولأمته، ويدل على أنه صار تشريعاً عاماً ما ورد في كتاب الله تعالى من عدة الصغيرة التي لم تحض مع أفعال الصحابة رضي الله عنهم هؤلاء وغيرهم، والله أعلم.
وهي شبهة واهية لعدة أسباب:
- لم يكن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هو أول الخاطبين لها، بل كانت مخطوبة "لجبير بن المطعم"، مما يدل على اكتمال النضج والأنوثة عندها، أو ظهور علاماتهما.-
- لم تكن خطبته صلى الله عليه وسلم لها ليست برغبة شخصية منه، وإنما كانت باقتراح "لخولة بنت الحكيم" على الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك لتوطيد الصلة مع أحب أصحابه وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وحينما اقترحتها كانت تعتقد أنها تصلح للزواج وسدّ الفراغ بعد موت السيدة خديجة رضي الله عنها.
- من المعروف طبيًّا أن البلوغ في المناطق الحارة يكون أسرع منه في المناطق الأقل حرارة.وقد يصل سن البلوغ عند الفتيات في المناطق الحارة إلى 8 أو 9 سنوات.
كما تقول الدكتورة "دوشني" -وهي طبيبة أمريكية-: "إن الفتاة البيضاء في أمريكا قد تبدأ في البلوغ عند السابعة أو الثامنة، والفتاة ذات الأصل الإفريقي عند السادسة.ومن الثابت طبيًّا أيضًا أن أول حيضة والمعروفة باسم (المينارك menarche) تقع بين سن التاسعة والخامسة عشرة".
- تزوج الرسول –صلى الله عليه وسلم- بعائشة، وهي بنت ست أو سبع سنوات، ودخل بها وهي بنت تسع سنوات، ففي الصحيحين -واللفظ لمسلم-: عن الأسود عن عائشة قالت: «تزوجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي بنت ست، وبنى بها، وهي بنت تسع، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة»، فلماذا انتظر ثلاث سنوات كاملة ليدخل بها؟!
هذا دليل على أنه لم يدخل بها أو يجامعها أبدًا، وهي غير قادرة أو مؤهَّلة لذلك.
- أن زواج الرجل من فتاة صغيرة ليس بدعًا في ذلك العصر، ولا في العصور التالية له، خاصة في البلاد التي تقوم على النظام القَبَلِيّ، ولا أدلّ على ذلك من زواج "عبد المطلب" الشيخ الكبير في السن من "هالة" بنت عمّ "آمنة" في اليوم الذي تزوّج فيه "عبد الله" أصغر أبنائه من صبيّة هي في سنّ هالة، وهي آمنة بنت وهب.
ومن التجني في الأحكام أن يُوزَن الحدث منفصلاً عن زمانه ومكانه وظروف بيئته، فكيف يحاكمونه بعد أكثر من ألف وأربعمائة عام من ذلك الزواج، فيُهدرون فروق العصر والإقليم، ويطيلون القول فيما وصفوه بأنّه الجمع الغريب بين الكهولة والطفولة، ويقيسون بعين الهوى زواجًا عُقد في مكّة قبل الهجرة بما يحدث اليوم في بلاد الغرب؛ حيث لا تتزوّج الفتاة عادة قبل سنّ الخامسة والعشرين، في الوقت نفسه الذي تمارس فيه الجنس دون العاشرة.
- ألم تكن قريش أَوْلَى بالطعن على رسول الله –صلى الله عليه وسلم– إذا كان ما فعله بالزواج من عائشة مستهجنًا في هذا الوقت، وهم الذين يعادونه ويسعون للقضاء عليه وإبعاد الناس عن الانخراط في دعوته، وينتظرون له زلة أو سقطة ليشنِّعوا عليه.
فمن أعظم الأدلة والبراهين على أن الزواج بعائشة كان أمرًا طبيعيًّا من الناحية الاجتماعية ولا عيب فيه، إقرار كفار قريش به وعدم التعرض له، مع حرصهم على رميه بكل بهتان ليس موجود فيه أصلاً مثل قولهم: شاعر أو مجنون.
- كانت عائشة -رضي الله عنها- في تلك السن التي يكون فيه الإنسان أفرغ بالاً، وأشد استعدادًا لتلقي العلم.فزوجات الحبيب المصطفي كنّ كبيرات في السن، ولا شك أن التعلم في الصغر كالنقش على الحجر، وهناك الكثير من الأمور الدينية الخاصة بالنساء، أو بعلاقة الرجل بزوجته وأهل بيته، والتي تحتاج لحافظة واعية تستطيع أن تبلِّغ هذا العلم لغيرها، وهذا ما حدث منها رضي الله عنها.
ويظهر ذلك جليًّا في قول الإمام الزُهري: "لو جُمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين، وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل"، ويقول عطاء بن أبي رباح: "كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة".

6) شبهة فلما انصرف قال أخذك شيطانك يا عائشة:
الرواية بأكملها: قال الحافظ في التلخيص الحبير (1 / 121 ):
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ مِنْ حَدِيثِ عُمْرَةَ، عَنْ {عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُلْتُ: إنَّهُ قَامَ إلَى جَارِيَتِهِ مَارِيَةَ،فَقُمْتُ أَلْتَمِسُ الْجِدَارَ، فَوَجَدْتُهُ قَائِمًا يُصَلِّي، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي شَعْرِهِ لِأَنْظُرَ اغْتَسَلَ أَمْ لَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: أَخَذَكِ شَيْطَانُكِ يَا عَائِشَةُ}- الحديث-
قال الحافظ بعدها:
فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَوُهَيْبٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ
أما أصل الرواية فذكرها مسلم في صحيحه كالتالي:
7288 - حَدَّثَنِى هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِى أَبُو صَخْرٍ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النبي -صلى الله عليه وسلم- حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلاً.قَالَتْ فَغِرْتُ عَلَيْهِ فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ فَقَالَ «مَا لَكِ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ».فَقُلْتُ وَمَا لِى لاَ يَغَارُ مِثْلِى عَلَى مِثْلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ».قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ مَعِىَ شَيْطَانٌ قَالَ «نَعَمْ».قُلْتُ وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قَالَ «نَعَمْ».قُلْتُ وَمَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «نَعَمْ وَلَكِنْ رَبِّى أَعَانَنِى عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ».
يتمثل طعن الرافضة على أم المؤمنين عائشة في غيرتها و قوله عليه الصلاة والسلام " أقد جاءك شيطانك " والرد كالتالي:
أولا: الغيرة: فالغيرة فطرة في النساء وإذا كان الغيرة لا تكون على خير البشر عليه الصلاة والسلام فعلى من تكون وحتى فاطمة المعصومة – بزعم القوم – تغار فقد روى الصدوق في علل الشرائع ج1 ص 185 العلة رقم 149
عن عمرو ابن أبى المقدام وزياد بن عبدالله قالا: أتى رجل أبا عبدالله " ع " فقال له: يرحمك الله هل تشيع الجنازة بنار ويمشي معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يضاء به؟ قال فتغير لون أبى عبدالله " ع " من ذلك واستوى جالسا ثم قال: انه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة بنت رسول الله (ص) فقال لها: أما علمت إن عليًا قد خطب بنت أبى جعل فقالت: حقا ما تقول؟ فقال: حقا ما أقول ثلاث مرات فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها وذلك أن الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة وكتب على الرجال جهادا وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله، قال: فاشتد غم فاطمة من ذلك وبقيت متفكرة هي حتى أمست وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن والحسين على عاتقها الأيسر وأخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت إلى حجرة أبيها
ثانيا: قوله عليه الصلاة والسلام " أقد جاءك شيطانك ":
نقول: في الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال إن مع كل إنسان شيطان وجاء ذلك في الكافي ج2 ص 266:
عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما من قلب إلا وله أذنان، على إحداهما ملك مرشد وعلى الأخرى شيطان.
قال المجلسى في المرآة ج9 ص 377: حسن كالصحيح
بل حتى فاطمة رضي الله عنها- المعصومة- كان يأتيها شيطان فقد روى القمى في تفسيره ج2 ص 355، 356 وقد وثق الخوئى روايات تفسير القمى:
في تفسير قوله تعالى " إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا " في رواية طويلة آخرها " فنزل عليه جبرئيل (ع) فقال: يا محمد هذا شيطان يقال له (الرهاط)، وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا ويؤذي المؤمنين في نومهم "
بل حتى جعفر الصادق رضي الله عنه – المعصوم- وسوس له الشيطان فقد روى الكلينى في الكافي ج6 ص 335: وقال المجلسى في المرآة 22/166 صحيح:
عن حماد بن عثمان قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فكلمه شيخ من أهل العراق فقال له: مالي أرى كلامك متغيرا فقال له: سقطت مقاديم فمي فنقص كلامي فقال له أبو عبدالله عليه السلام: وأنا أيضا قد سقط بعض أسناني حتى أنه ليوسوس إلي الشيطان فيقول لي: إذا ذهبت البقية فبأي شئ تأكل؟ فأقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال لي: عليك بالثريد فإنه صالح واجتنب السمن فإنه لا يلائم الشيخ.

7) شبهة: "فقلت له إني حائض..."
حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد قال: حدثني عمارة بن غراب، أن عمة له حدثته، أنها سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فقالت: إن زوج إحدانا يريدها فتمنعه نفسها، إما أن تكون غضبى أو لم تكن نشيطة، فهل علينا في ذلك من حرج؟ قالت: نعم، إن من حقه عليك أن لو أرادك وأنت على قتب لم تمنعيه، قالت: قلت لها: إحدانا تحيض، وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد أو لحاف واحد، فكيف تصنع؟ قالت: لتشد عليها إزارها ثم تنام معه، فله ما فوق ذلك، مع أني سوف أخبرك ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم: إنه كان ليلتي منه، فطحنت شيئا من شعير، فجعلت له قرصا، فدخل فرد الباب، ودخل إلى المسجد - وكان إذا أراد أن ينام أغلق الباب، وأوكأ القربة، وأكفأ القدح، وأطفأ المصباح - فانتظرته أن ينصرف فأطعمه القرص، فلم ينصرف، حتى غلبني النوم، وأوجعه البرد، فأتاني فأقامني ثم قال: «أدفئيني أدفئيني»، فقلت له: إني حائض، فقال: «وإن، اكشفي عن فخذيك»، فكشفت له عن فخذي، فوضع خده ورأسه على فخذي حتى دفئ
فيه عبد الرحمن بن زياد الأفريقي: قال البخاري: في حديثه مناكير
قال النسائي: ضعيف، قال الداراقطني: ضعيف لا يحتج به
وقد ضعفه العلامة الألباني رحمه الله في الأدب المفرد حديث رقم 120.

8)شبهة: فقال " يا رسول الله أقصد":
أخرجه الديلمي عن عائشة:
أنها خاصمت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر؛ فقالت: يا رسول الله ! اقصد ! فلطم أبو بكر خدها؛ وقال: تقولين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقصد؟! وجعل الدم يسيل من أنفها على ثيابها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل الدم من ثيابها بيده
قال الألباني رحمه الله في الضعيفة: ضعيف رقم 4966
وقد رواه بن سعد في الطبقات قال الألباني: إسناده واه فيه محمد بن عمر وهو الواقدي كذاب.

9) شبهة: ألست تزعم أنك رسول الله:
عن عائشة أنها قالت وكان متاعي فيه خف وكان على جمل ناج وكان متاع صفية فيه ثقل وكان على جمل ثفال؟؟؟ بطئ يبطئ بالركب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حولوا متاع عائشة على جمل صفية وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضى الركب قالت عائشة فلما رأيت ذلك قلت يالعباد الله غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم سلمة إن متاعك كان فيه خف وكان متاع صفية فيه ثقل فأبطأ بالركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها قالت فقلت ألست تزعم أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فتبسم فقال أو في شك أنت يا أم عبدالله قالت قلت ألست تزعم أنك رسول الله فهلا عدلت وسمعني أبو بكر وكان فيه غرب أي حدة فأقبل على ولطم وجهي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلا يا أبا بكر فقال يا رسول الله أما سمعت ما قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الغيرة لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 322: رواه أبو يعلى وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس.

10) شبهة أن عائشة رضي الله عنها أرت مولاها سالم كيف يتوضأ:
- أخبرنا الحسين بن حريث قال أنبأ الفضل بن موسى عن جعيد بن عبد الرحمن قال أخبرني عبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب قال أخبرني أبو عبد الله سالم يعني سبلان قال وكانت عائشة تستعجب بأمانته وتستأجره: فأرتني كيف كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتوضأ قال فتمضمضت واستنثرت ثلاثا وغسلت وجهها ثلاثا ثم غسلت يدها اليمنى ثلاثا واليسرى ثلاثا ووضعت يدها في مقدم رأسها ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره ثم مرت بيديها بأذنيها ثم مرت على الخدين قال سالم كنت آتيها مكاتبا فتجلس بين يدي وتتحدث معي حتى جئتها ذات يوم فقلت أدعي لي بالبركة يا أم المؤمنين قالت وما ذاك قلت أعتقني الله قالت بارك الله لك وأرخت الحجاب دوني فلم أرها بعد ذلك اليوم
يبدو إن القوم يجهلون فقه آل البيت:
روى الكلينى في الكافي ج5 ص 531
عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله قال: سألت أبا عبدالله رضي الله عنه المملوك يرى شعر مولاته؟ قال: لا بأس
قال المجلسى في المرآة ج20 ص 367 موثق كالصحيح ويدل على محرومية المملوك لمالكته
وروى الكلينى في الكافي ج5 ص 531
عن معاوية بن عمار قال: كنا عند أبي عبدالله رضي الله عنه نحوا من ثلاثين رجلا إذ دخل عليه أبي فرحب به أبو عبدالله رضي الله عنه وأجلسه إلى جنبه فأقبل عليه طويلا ثم قال أبو عبدالله رضي الله عنه: إن لأبي معاوية حاجة فلو خففتم، فقمنا جميعا فقال لي أبي: ارجع يا معاوية فرجعت، فقال أبو عبدالله رضي الله عنه: هذا ابنك؟ قال: نعم وهو يزعم أن أهل المدينة يصنعون شيئا لا يحل لهم، قال: وما هو؟ قلت: إن المرأة القرشية والهاشمية تركب وتضع يدها على رأس الأسود وذراعيها على عنقه، فقال أبو عبدالله رضي الله عنه: يا بني أما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قال: أقرء هذه الآية " لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن - حتى بلغ - ولا ما ملكت أيمانهن " ثم قال: يا بني لا بأس أن يرى المملوك الشعر والساق
قال المجلسى في المرآة" ج 20، ص: 368: صحيح
و يدل على جواز نظر المملوك إلى الوجه و اليدين و الشعر و الساق لا سائر الجسد، و لعله يفهم منه الساعد و العنق أيضا."

11) شبهة: فقال أبي بكر أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ قَالَتْ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا
و حَدَّثَنَاه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو كُرَيْبٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَفِيهِ جَارِيَتَانِ تَلْعَبَانِ بِدُفٍّ.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم " قَالَ الْقَاضِي: إِنَّمَا كَانَ غِنَاؤُهُمَا بِمَا هُوَ مِنْ أَشْعَار الْحَرْب وَالْمُفَاخَرَة بِالشَّجَاعَةِ وَالظُّهُور وَالْغَلَبَة، وَهَذَا لَا يُهَيِّج الْجَوَارِي عَلَى شَرٍّ وَلَا إِنْشَادهمَا لِذَلِكَ مِنْ الْغِنَاء الْمُخْتَلِف فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ رَفْع الصَّوْت بِالْإِنْشَادِ، وَلِهَذَا قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ أَيْ لَيْسَتَا مِمَّنْ يَتَغَنَّى بِعَادَةِ الْمُغَنِّيَات مِنْ التَّشْوِيق وَالْهَوَى وَالتَّعْرِيض بِالْفَوَاحِشِ وَالتَّشْبِيب بِأَهْلِ الْجَمَال وَمَا يُحَرِّك النُّفُوس وَيَبْعَث الْهَوَى وَالْغَزْل كَمَا قِيلَ: ( الْغِنَاء فِيهِ الزِّنَا) وَلَيْسَتَا أَيْضًا مِمَّنْ اِشْتُهِرَ وَعُرِفَ بِإِحْسَانِ الْغِنَاء الَّذِي فِيهِ تَمْطِيط وَتَكْسِير وَعَمَل يُحَرِّك السَّاكِن وَيَبْعَث الْكَامِن، وَلَا مِمَّنْ اِتَّخَذَ ذَلِكَ صَنْعَة وَكَسْبًا، وَالْعَرَب تُسَمِّي الْإِنْشَاد غِنَاء، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْغِنَاء الْمُخْتَلَف فِيهِ بَلْ هُوَ مُبَاح، وَقَدْ اِسْتَجَازَتْ الصَّحَابَة غِنَاء الْعَرَب الَّذِي هُوَ مُجَرَّد الْإِنْشَاد وَالتَّرَنُّم، وَأَجَازُوا الْحُدَاء وَفَعَلُوهُ بِحَضْرَةِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي هَذَا كُلّه إِبَاحَة مِثْل هَذَا وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَهَذَا وَمِثْله لَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا يَخْرُج الشَّاهِد"
ونسأل كيف يكون الأمر منكرا ولا ينكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أم هؤلاء أغير من النبي عليه الصلاة والسلام؟

12) شبهة: خذ هذا السيف؛ فانطلق، فاضرب عنق ابن عم مارية حيث وجدته:
قال الألباني رحمه الله: رواه الحاكم في المستدرك وهو ضعيف جدا برقم 4964 في الضعيفة

13) شبهة: لعلنا نصطاد بها شباب قريش:
رواه بن أبى شيبة في مصنفه 3/ 461
"حدثنا أبو بكر قال لنا وكيع عن العلاء بن عبد الكريم اليامي عن عمار بن عمران رجل من زيد الله عن امرأة منهم عن عائشة أنها شوفت جارية وطافت بها وقالت: لعلنا نصطاد بها شباب قريش"
عمار بن عمران: قال الذهيى في الميزان: لا يصح حديثه (3/166) & وقال ذكره البخاري في الضعفاء
كذلك الحديث فيه جهالة هذه المرأة – عن امرأة منهم –

14) شبهة: لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني:
روى البخاري في صحيحه ما يلى:
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَزَادَ قَالَتْ عَائِشَةُ
لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لَا تَلُدُّونِي فَقُلْنَا كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي قُلْنَا كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ فَقَالَ لَا يَبْقَى أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ إِلَّا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَّا الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ
قال الرافضة أن عائشة رضي الله عنها وضعت السم للنبي عليه الصلاة والسلام !!!!!!!
قلنا هذا منهج من في قلوبهم مرض وزيغ:
أولا: في الحديث: " لا يبقى في البيت أحد إلا لد " بل هناك زيادة عند الحاكم في المستدرك " فلد الرجال أجمعون وبلغ اللدود أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فلددن امرأة امرأة حتى بلغ اللدود امرأة منا" فلماذا مات النبي عليه الصلاة والسلام ولم يمت من لد أيضا؟
ثانيا: لماذا لم ينتقم على بن أبى طالب رضي الله عنه منهم.
ثالثا: قال الحافظ في فتح الباري:
لددناه: أي جعلنا في جانب فمه دواء بغير اختيار منه ثم قال وإنما أنكر التداوي لأنه غير ملائم لدائه لأنهم ظنوا به ذات الجنب فداووه بما يلائمها ولم يكن به ذلك.
قاعدة عامة
قال الذهبى في سير أعلام النبلاء (2/167): إن كل حديث فيه يا حميراء لا يصح
وقال بن القيم في المنار المنيف ص 51: وكل حديث فيه " يا حميراء " أو ذكر " الحميراء " فهو كذب مختلق
قال الشيخ شعيب الارنؤوط في تحقيقه لسير أعلام النبلاء ما يلى:
في هذه الكلية نظر، فقد أخرج النسائي في " عشرة النساء " ورقة 75 / 1 من حديث يونس ابن عبدالاعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني بكر بن مضر، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون، قال لي: يا حميراء، أتحبين أن تنظري إليهم؟ فقلت: نعم، فقام بالباب، وجئته، فوضعت ذقني على عاتقه، فأسندت وجهي إى خده، قالت: ومن قولهم يومئذ: أبا القاسم طيبا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبك، قلت: يا رسول الله لا تعجل، فقام لي ثم قال: حسبك فقلت: لا تعجل يا رسول الله، قالت: وما بي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه، قال الحافظ في " الفتح " 2 / 355: إسناده صحيح، ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا، وقال الزركشي في المعتبر 19 / 2، و 20 / 1: وذكر لي شيخنا ابن كثير، عن شيخه أبي الحجاج المزي أنه كان يقول: كل حديث فيه ذكر الحميراء باطل إلا حديثا في الصوم في سنن النسائي.
قلت: وحديث آخر في النسائي...دخل الحبشة المسجد...وذكر الحديث السابق."
والله أعلم.

وبهذا أكون قد انتهيت بفضل الله تعالى مما استطعت جمعه من شبهات حول أم المؤمنين رضي الله عنها المبرأة من فوق سماوات.

باب: الفوائد والآثار الإيجابية لحادثة الإفك القديمة والمعاصرة.

نص حديث الإفك من كتاب الرحيق المختوم:
حديث الإفك
وفي هذه الغزوة كانت قصة الإفك، وملخصها: أن عائشة رضي الله عنها كانت قد خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في هذه الغزوة بقرعة أصابتها، وكانت تلك عادته مع نسائه، فلما رجعوا من الغزوة نزلوا في بعض المنازل، فخرجت عائشة لحاجتها، ففقدت عقداً لأختها كانت أعارتها إياه، فرجعت تلتمسه في الموضع الذي فقدته فيه في وقتها، فجاء النفر الذين كانوا يرحلون هَوْدَجَها فظنوها فيه فحملوا الهودج، ولا ينكرون خِفَّتَه؛ لأنها رضي الله عنها كانت فَتِيَّةَ السن لم يَغْشَهَا اللحم الذي كان يثقلها، وأيضاً فإن النفر لما تساعدوا على حمل الهودج لم ينكروا خفته، ولو كان الذي حمله واحداً أو اثنين لم يخف عليهما الحال، فرجعت عائشة إلى منازلهم، وقد أصابت العقد، فإذا ليس به داع ولا مجيب، فقعدت في المنزل، وظنت أنهم سيفقدونها فيرجعون في طلبها، والله غالب على أمره، يدبر الأمر من فوق عرشه كما يشاء، فغلبتها عيناها، فنامت، فلم تستيقظ إلا بقول صفوان بن المُعَطَّل: إنا لله وإنا إليه راجعون، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكان صفوان قد عَرَس في أخريات الجيش؛ لأنه كان كثير النوم، فلما رآها عرفها، وكان يراها قبل نزول الحجاب، فاسترجع وأناخ راحلته، فقربها إليها، فركبتها، وما كلمها كلمة واحدة، ولم تسمع منه إلا استرجاعه، ثم سار بها يقودها، حتى قدم بها، وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة، فلما رأي ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته، وما يليق به، ووجد الخبيث عدو الله ابن أبي متنفساً، فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه، فجعل يستحكي الإفك، ويستوشيه، ويشيعه، ويذيعه، ويجمعه ويفرقه، وكان أصحابه يتقربون به إليه، فلما قدموا المدينة أفاض أهل الإفك في الحديث، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم، ثم استشار أصحابه ـ لما استلبث الوحي طويلاً ـ في فراقها، فأشار عليه علي رضي الله عنه أن يفارقها، ويأخذ غيرها، تلويحاً لا تصريحاً، وأشار عليه أسامة وغيره بإمساكها، وألا يلتفت إلى كلام الأعداء.فقام على المنبر يستعذر من عبد الله ابن أبي، فأظهر أسيد بن حضير سيد الأوس رغبته في قتله فأخذت سعد بن عبادة ـ سيد الخزرج، وهي قبيلة ابن أبي ـ الحمية القبلية، فجري بينهما كلام تثاور له الحيان، فخفضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سكتوا وسكت.
أما عائشة فلما رجعت مرضت شهراً، وهي لا تعلم عن حديث الإفك شيئاً، سوي أنها كانت لا تعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كانت تعرفه حين تشتكي، فلما نَقِهَتْ خرجت مع أم مِسْطَح إلى البَرَاز ليلاً، فعثرت أم مسطح في مِرْطِها، فدعت على ابنها، فاستنكرت ذلك عائشة منها، فأخبرتها الخبر، فرجعت عائشة واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لتأتي أبويها وتستيقن الخبر، ثم أتتهما بعد الإذن حتى عرفت جلية الأمر، فجعلت تبكي، فبكت ليلتين ويوماً، لم تكن تكتحل بنوم، ولا يرقأ لها دمع، حتى ظنت أن البكاء فالق كبدها، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فتشهد وقال: (أما بعد يا عائشة، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب إلى الله تاب الله عليه).
وحينئذ قَلَص دمعها، وقالت لكل من أبويها أن يجيبا، فلم يدريا ما يقولان.فقالت.والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم، وصدقتم به، فلئن قلت لكم: إني بريئة ـ والله يعلم أني بريئة ـ لا تصدقونني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر ـ والله يعلم أني منه بريئة ـ لتُصَدِّقنِّي، والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف، قال:}فصبر جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ{ يوسف18
ثم تحولت واضطجعت، ونزل الوحي ساعته، فَسُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها: (يا عائشة، أما الله فقد برأك)، فقالت لها أمها: قومي إليه.قالت عائشة ـ إدلالاً ببراءة ساحتها، وثقة بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله.
والذي أنزله الله بشأن الإفك هو قوله تعالى:}إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ{ العشر الآيات.النور 11-20
وجُلِد من أهل الإفك مِسْطَح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحَمْنَة بنت جحش، جلدوا ثمانين ثمانين، ولم يُحَدّ الخبيث عبد الله بن أبي مع أنه رأس أهل الإفك، والذي تولي كبره؛ إما لأن الحدود تخفيف لأهلها، وقد وعده الله بالعذاب العظيم في الآخرة، وإما للمصلحة التي ترك لأجلها قتله.
وهكذا وبعد شهر أقشعت سحابة الشك والارتياب والقلق والاضطراب عن جو المدينة، وافتضح رأس المنافقين افتضاحاً لم يستطع أن يرفع رأسه بعد ذلك، قال ابن إسحاق: وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: (كيف ترى يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله، لأرعدت له آنف، ولو أمرتها اليوم بقتله لقتلته).قال عمر: قد والله علمتُ، لأمْر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري.

أما عن الفوائد والآثار الإيجابية لحادثة الإفك القديمة والمعاصرة، فنبدأها بالفوائد التي استخلصها العلماء من حادثة الإفك القديمة وهي كثيرة جداً، نلخصها فيما يلي:
1) إنها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها المبرأة من فوق سبع سماوات، والآيات التي نزلت في تبرئتها رضي الله عنها دفاع سماوي عن عرضها وشرفها رضي الله عنها وعرض النبي وشرفه صلى الله عليه وسلم، أبداً مادامت الدنيا إلي قيام الساعة؛ بالرغم من أي افتراءات أو شبهات أو أكاذيب.
2) بيان بشرية الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم، وحبه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها.
3) بيان أن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم الغيب حتى يعلمه الله، فكيف إذاً بغيره ممن يدعون علم الغيب والمكاشفة تغريراً بالمسلمين وتضليلاً لهم لاستغلالهم.
4) بيان ما تعرضت له أم المؤمنين من البلاء وصبرها عليه حتى كشف الله غمتها، وفرج كربها وهكذا يتحقق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أشدكم بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل).()
5) من تأمَّل قول الصديقة وقد نزلت براءتها، فقال لها أبواها: قومي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: "والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله" علم معرفتها، وقوة إيمانها، وتوليتها النعمة لربِّها، وإفراده بالحمد في ذلك المقام، وتجريدها التوحيد، وقوة جأشها، وإدلالَها ببراءة ساحتها، وأنها لم تفعل ما يُوجب قيامَها في مقام الراغب في الصُّلح، الطالب له، وثقتها بمحبة رسولِ اللهِ لها قالت ما قالت، إدلالاً للحبيب على حبيبه، ولا سيما في مثل هذا المقام الذي هو أحسنُ مقامات الإدلال، فوضعتهُ موضِعَه، ولِلِه ما كان أحبَّها إليه حين قالت: لا أحمد إلا الله، فإنه هو الذي أنزل براءتي، ولله ذلك الثبات والرزانةُ منها، وهو أحبُّ شيء إليها، ولا صبرَ لها عنه، وقد تنكر قلبُ حبيبها لها شهراً، ثم صادفت الرضي منه والإقبال، فلم تبادر إلى القيام إليه، والسرور برضاه وقربه مع شده محبتها له، وهذا غايةُ الثبات والقوة.
رد مع اقتباس