للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
وحشي بن حرب الحبشيّ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- (( وحشي بن حرب الحبشيّ )) من هذا الذي أدمى فؤاد رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ). من هذا الذي أدمى فؤاد رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) حين قتل عمه حمزة بن عبد المطلب يوم (( أُحُد ))؟! ثم شفى قلوب المسلمين حين قتل مسيلمة الكذاب يوم (( اليمامة ))؟. إنه وحشي بن حرب الحبشيّ ، المكنّى (( بأبي دَسْمَة ))… وإن له قصة عنيفة حزينة دامية … فأعره سمعك ليروي لك مأساته بنفسه … قال وحشي : كنت غلاما رقيقا (عبدا) لجُبَيْر بن مُطْعَم ( كان من علماء قريش وساداتهم ؛أسلم وصحب الرسول عليه الصلاة والسلام ) ، وكان عمه ( طُعيمة ) قد قُتل يوم بدر على يد حمزة بن عبد المطلب ، فحزن عليه أشد الحزن ؛ وأقسم باللات والعزّى ( صنمان كبيران من أصنام العرب في الجاهليّة ) ليثأرنّ لعمه وليقتلنّ قاتله … وجعل يتربّص بحمزة الفرص . لم يمض على ذلك وقت طويل حتى عقدت قريش العزم على الخروج الى (أحد) للقضاء على محمد بن عبد الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) ، والثأر لقتالها في (بدر) … فكتّبت كتائبها (اي أعدّت ونظّمت) ، وجمعت أحلافها وأعدّت عدّتها ثم أسلمت قيادها الى أبي سفيان بن حرب … فرأى أبو سفيان أن يجعل مع الجيش طائفة من عقيلات قريش (اي سادتها ) ؛ ممن قُتل آباؤهنّ أو أبناؤهنّ أو إخوتهنّ أو أحد من ذويهنّ في (بدر) ، ليحمّسن الجيش على القتال ، ويحلن دون الرجال ودون الفرار ، فكان من طليعة من خرج معه من النساء زوجه ( هند بنت عتبة ) … وكان أبوها وعمها وأخوها قد قُتلوا جميعا في (بدر). ولما أوشك الجيش على الرحيل ، التفت إِلَيَّ ( جبير بن مطعم ) وقال : هل لك يا أبا دسمة في أن تنقذ نفسك من الرقّ ؟ قلت : ومن لي بذلك ؟! … قال : أنا لك به …. قلت : وكيف ؟! …. قال : إن قتلت حمزة بن عبد المطلب عمِّ محمد بعمِّي ( طعيمة بن عدي ) فأنت عتيق ( اي أنت حرّ)…. قلت : ومن يضمن لي الوفاء بذلك ؟ … قال : من تشاء ، ولأُشهدنّ على ذلك الناس جميعا … قلت : أفعل ، وأنا لها … قال وحشي : وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحَبَشَة ، فلا أخطئ شيئا أرميه بها …. فأخذت حربتي ومضيت مع الجيش ، وجعلت أمشي في مؤخرته قريبا من النساء فما كان لي أرب ( رغبة ) بقتال … وكنت كلما مررت بهند زوج أبي سفيان أو مرّت بي ورأت الحربة تلتمع في يدي تحت وهج الشمس تقول : أبا دسمة ؛ اشفِ واستشفِ … فلما بلغنا (أُحُداَ َ) والتقى الجمعان ، خرجت ألتمس حمزة بن عبد المطلب وقد كنت أعرفه من قبل ، ولم يكن حمزة يخفى على أحد ، لأنه كان يضع على رأسه ريشة نعامة ليدل الأقران عليه كما كان يفعل ذوو البأس من شجعان العرب . وما هو إلا قليل حتى رأيت حمزة يهدر بين الجموع كالجمل الأورق (جمل لونه من لون الرماد وهو من أقوى الجمال) وهو يهدّ الناس بسيفه هدّا (يقطعهم قطعا) ، فما يصمد أمامه أحد ولا يثبت له شيء … وفيما كنت أتهيّأ له وأستتر منه بشجرة أو حجر متربّصا أن يدنو مني ، إذ تقدّمني اليه فارس من قريش يدعى ( سِباع بن عبد العزَّى ) وهو يقول : بارزني يا حمزة .. بارزني … فبرز له حمزة وهو يقول : هلمّ إليّ يا بن المُشركة …هلمّ إليّ ..ثم ما أسرع أن بادره حمزة بضربة من سيفه ؛ فخرّ صريعا يتخبّط بدمائه بين يديه … عند ذلك وقفت من حمزة موقفا أرضاه ؛ وجعلت أهزّ حربتي حتّى إذا اطمأننت إليها دفعت بها نحوه ، فوقعت في أسفل بطنه وخرجت من بين رجليه . فخطا متثاقلا نحوي خطوتين ثم ما لبث أن سقط والحربة في جسده ، فتركتها فيه حتى أيقنت أنه مات ، ثم أتيته وانتزعتها منه ورجعت إلى الخيام وقعدت فيها ، إذ لم تكن لي حاجة بغيره ؛ وإنما قتلته لأُعتق … ثم حمي وطيس المعركة ( أي اشتدّت) وكثر فيها الكرّ والفرّ ، غير أن الدائرة ما لبثت أن دارت على أصحاب محمد ؛ وكثر فيهم القتل …. عند ذلك غدت هند بنت عتبة على قتلى المسلمين ومن ورائها طائفة من النساء ، فجعلت تمثّل بهم : فتبقر بطونهم ( تشق بطونهم ) ، وتفقأ عيونهم ، وتجدع أنوفهم وتصلم آذانهم (أي تقطعها) … ثمّ صنعت من الأنوف والآذان قلادة وأقراطا ( أي طوقا وحلقا) فتحلّت بها ، ودفعت قلادتها وقرطيها الذهبيّين إليّ وقالت : هما لك يا أبا دسمة ….هما لك … احتفظ بهما فإنهما ثمينان . ولما وضعت المعركة أوزارها ، عدت مع الجيش إلى مكّة ، فبرّ لي جبير بن مطعم بما وعدني به وأعتق رقبتي فغدوت حرّا … لكن أمر محمد جعل ينمو يوما بعد يوم ، وأخذ المسلمون يزدادون ساعة بعد ساعة ، فكنت كلما عظم أمر محمد ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم )عظم عليّ الكرب ، وتمكّن الخوف والجزع من نفسي …وما زلت على حالي هذه ، حتى دخل محمد مكّة بجيشه الجرّار فاتحا . عند ذلك ولّيت هاربا الى الطائف ألتمس فيها الأمن ، لكن أهل الطائف ما لبثوا كثيرا حتى لانوا للإسلام ، وأعدّوا وفدا منهم للقاء محمد وإعلان دخولهم في دينه . عند ذلك سُقط في يدي (اشتدّ ندمي وازدادت حيرتي ) وضاقت عليّ الأرض بما رحبت وسدّت في وجهي الطرق ، فقلت : ألحق بالشام أو باليمن أو ببعض البلاد الأخرى … فوا لله إني لفي غمرة همّي هذه ؛ إذ رقّ لي رجل ناصح وقال : ويحك يا وحشي ، إن محمدا –والله- ما يقتل أحدا من الناس إذا دخل في دينه ، وتشهّد بشهادة الحق . فما إن سمعت مقالته حتى خرجت ميمّما وجهي شطر (يثرب) أبتغي محمدا ، فلما بلغتها تحسّست أمره فعلمت أنه في المسجد … فدخلت عليه في خفّة وحذر ، ومضيت نحوه حتى صرت واقفا فوق رأسه وقلت : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا الله وَأَنَّ مُحَمَّدَاَ َعَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ فلما سمع الشهادتين رفع بصره إليّ ، فلما عرفني ردّ بصره عنّي وقال : أوحشيّ أنت ؟! قلت : نعم يا رسول الله .. فقال : اقعد وحدّثني كيف قتلت حمزة … فقعدت فحدّثته خبره ، فلما فرغت من حديثي ، أشاح عنّي بوجهه (أمال وجهه) وقال : ويحك يا وحشي ، غيّب وجهك عنّي فلا أرينّك بعد اليوم … فكنت منذ ذلك اليوم أتجنّب أن يقع بصر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عليَّ ، فإذا جلس الصحابة قبالته أخذت مكاني خلفه . وبقيت على ذلك حتى قُبض رسول الله ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) إلى جوار ربّه . وعلى الرغم من أني علمت أن الإسلام يجبّ ما قبله ( يمحو ما قبله من الذنوب) ، فقد ظللت أستشعر فداحة الفعلة التي ارتكبتها ، وأستفظع الرّزء الجليل الذي رزأت به الإسلام والمسلمين (المصيبة التي أصبت بها الإسلام بقتل حمزة ) ، وطفقت أتحيّن الفرصة التي أُكفّر بها عما سلف منّي . فلما لحق الرسول عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى ، وآلت خلافة المسلمين إلى صاحبه أبي بكر ، وارتدّت بنو (حنيفة) أصحاب مسيلمة الكذّاب مع المرتدّين ، جهّز خليفة رسول الله صل الله عليه وسلم جيشا لحرب مُسيلمة ؛ وإعادة قومه بني حنيفة إلى دين الله . فقلت في نفسي : إنّ هذه-والله- فُرصتك يا وحشيّ فاغتنمها ، ولا تدعها تُفلت من يديك … ثم خرجت مع جيوش المسلمين ، وأخذت معي حربتي التي قتلت بها سيّد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، وآليت على نفسي أن أقتل بها مسيلمة أو أظفر بالشهادة . فلما اقتحم المسلمون على مسيلمة وجيشه حديقة الموت (( الحديقة الكبيرة التي لجأ إليها مسيلمة وأتباعه ، وسميت بذلك لكثرة من مات بها من المرتدّين ) ، والتحموا بأعداء الله ، جعلت أترصّد مُسيلمة ؛ فرأيته قائما والسيف في يده ، ورأيت رجلا من الأنصار يتربّص به مثلما أنا أتربّص به : كلانا يريد قتله … فلما وقفت منه موقفا أرضاه ، هززت حربتي حتى إذا استقامت في يدي دفعت بها نحوه ؛ فوقعت فيه …وفي نفس اللحظة التي أطلقت بها حربتي على مُسيلمة كان الأنصاري (( قيل أن هذا الأنصاري هو عبد الله أخو حبيب بن زيد ) يثب عليه ويكيل له ضربة بالسيف … فربّك يعلم أيّنا قتله . فإن كنت أنا الذي قتله ؛ أكن قد قتلت خير الناس بعد ( صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) وقتلت شرّ الناس أيضا . §§§§§§§§§§§§§§§§ |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
ادب و حرب | ايوب نصر | ملتقى اللغة العربية | 2 | 2020-01-23 01:55 AM |