للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#61
|
|||
|
|||
"[2]. ثم خرَجَت، فدخَلَتْ على سَوْدة بنت زمعة .
فقالت: ماذا أدخل الله عليكِ من الخير والبركة؟! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسَلَني رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- أخطبك عليه . قالت: وَدِدتُ، ادخلي إلى أبي، فاذكُرِي ذلك له، وكان شيخًا كبيرًا، قد أدرَكَه السِّنُّ، قد تخَلَّف عن الحج، فدخَلَتْ عليه، فحيَّتْه بتحيَّة الجاهلية . فقال: مَن هذه؟ قالت: خَوْلة بنت حكيم . قال: فما شأنُك؟ قالت: أرسَلَني محمَّد بن عبدالله؛ أخطب عليه سودة . فقال: كفءٌ كريم". وعن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت: "أتاني أبو سلمة يومًا من عند رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال: لقد سَمِعتُ من رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- قولاً سُرِرتُ به، قال: ((لا يُصيب أحدًا من المُسْلِمين مصيبةٌ فيسترجع عند مصيبته، ثم يقول: اللَّهم أْجُرْنِي في مصيبتي، واخلُفْ لي خيرًا منها، إلاَّ فُعِل ذلك به)). قالت أمُّ سلمة: فحفظتُ ذلك منه، فلما تُوفِّي أبو سلمة استرجعتُ، وقلتُ: اللهم أْجُرْني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منه، ثم رجَعْتُ إلى نفسي، فقلتُ: مِن أين لي خيرٌ من أبي سلمة؟ فقالت أمُّ سلمة بعدُ: أبدَلَني الله بأبي سلمة خيرًا منه، رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ صحيح. وعن أُمِّ حبيبة بنت أبي سفيان سيِّد قريش، قالت: "ما شَعرت وأنا بأرض الحبَشة إلاَّ برسول النَّجاشي، جارية يقال لها: أبرهة، كانت تقوم على ثيابه ودهْنِه، فاستأذنَتْ علَيَّ، فأذِنتُ لها . فقالَتْ: إنَّ المَلِك يقول لك: إنَّ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- كتب إلَيَّ أنْ أُزَوِّجَكِه . فقلتُ: بشَّرَك الله بالخير، وأعطيتُ أبرهة سوارين من فضة، وخدمتين من فضة كانتا علَيَّ، وخواتيمَ مِن فِضَّة كانت في كلِّ أصابع رجلي؛ سُرورًا بما بشَّرَتني به". فلَمَّا علم أبو سفيان قال: "هو الفَحْل لا يُجْدَع أنفه". وعن زينب بنت جحش- رضي الله تعالى عنها- أنها: "كانت تَفْخَر على أزواج النبي تقول: زَوَّجَكن أهاليكن، وزَوَّجني الله من فوق سبع سموات . وفي لفْظٍ: كانت تقول: إن الله أنكَحَني في السَّماء"؛ صحيح. وعن ميمونة بنت الحارث- رضي الله تعالى عنها-: "أنه لما انتَهَت إليها خِطْبة رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- لها وهي راكبة بعيرًا . قالت: الجملُ وما عليه لرسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم". • وبعد نُزول آية التَّخْيير لم تَبْق مع النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- من نِسائه إلاَّ مَن اختارت الله ورسوله والدَّار الآخِرةَ، وما رَضِيَتْ إحداهنَّ بالله ورسوله- صلَّى الله عليه وسلَّم- والدار الآخرة بدلاً. فجاء في "تفسير ابن كثير" لقول الله- تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 28- 29]. قال: "هذا أمْرٌ من الله لرسوله- صلوات الله وسلامه عليه- بأن يُخَيِّر نساءه بين أن يفارقهن، فيَذْهَبن إلى غيره ممن يَحصُل لهنَّ عنده الحياةُ الدُّنيا وزينتها، وبَيْن الصَّبر على ما عنده من ضيق الحال، ولهنَّ عند الله في ذلك الثواب الجزيل، فاختَرْنَ- رضي الله عنهنَّ وأرضاهن- الله ورسولَه والدَّار الآخرة، فجَمَع الله لهنَّ بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخِرة". ثم كان من فضائل عائشة- رضي الله تعالى عنها- أن أقرَأَها جبريلُ السَّلامَ؛ فعَن أمِّ المؤمنين عائشة: "أنَّ النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- قال لها: ((يا عائِشُ، هذا جبريل يُقرئك السَّلام)). فقلتُ: وعليه السَّلام ورحمة الله وبركاته، تَرى ما لا أرى؛ تريد رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ "صحيح البخاري". وإن كان النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- ليتعذَّر في مرضه: ((أين أنا اليوم؟ أين أنا غدًا؟))؛ استبطاءً ليومها- رضي الله تعالى عنها- حتىَّ كان يوم رحيله عن الدُّنيا- صلَّى الله عليه وسلَّم- فتقول أُمُّ المؤمنين عائشة: "إنَّ مِن نِعَم الله عليَّ: أنَّ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- تُوفِّي في بيتي، وفي يومي، وبين سَحْري ونَحْري، وأنَّ الله جمَع بين رِيقِي ورِيقِه عند موته؛ دَخل عليَّ عبدالرحمن، وبيده السِّواك، وأنا مُسْنِدة رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فرأيْتُه يَنظر إليه، وعرفتُ أنه يحبُّ السِّواك . فقلتُ: آخُذُه لك؟ فأشار برأسه أنْ نعَم، فتناولتُه، فاشتدَّ عليه، وقلتُ: أُليِّنُه لك؟ فأشار برأسه أنْ نَعم، فلَيَّنتُه، فأَمَرَّه، وبين يديه ركْوة أو علبة- يَشكُّ عُمر- فيها ماء، فجَعل يُدخِل يديه في الماء، فيمسح بهما وجهه، يقول: ((لا إله إلاَّ الله، إنَّ للموت سَكَرات))، ثم نصب يده . فجعل يقول: ((اللَّهم في الرَّفيق الأعلى))، حتى قُبِض ومالَتْ يدُه"؛ "صحيح البخاري". وإنِّي إذْ أَضْرِب عمَّا يقوله المُرْجِفون والمبطلون صفْحًا، أسأل كلَّ مَن كان له ذَرَّة من إنصاف وعقل وضمير: هل يُمكن لمِثْل أمِّ المؤمنين أن يَغزو الحسَدُ قلبَها على آل بيت رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- وزوجها سيِّدهم، وهي أحبُّ الناس إليه، ولم يُدانِها في الفضل واحدةٌ من النساء، فضْلاً عن مكانة أبيها من النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم؟! وهل يُمكن لمِثْل أُمِّ المؤمنين أن يَغزو الحسدُ قلْبَها على آل البيت، وحالُها معهم كحَال أبيها الصِّدِّيق وهي البَضْعَة منه، فيما رواه عنه شُعبة قال: "لَمَّا مَرِضَت فاطمةُ أتاها أبو بكر الصدِّيق، فاستأذن عليها، فقال عليٌّ: يا فاطمة، هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت: أتحبُّ أن آذن له؟ قال: نعَم، فأَذِنَت له، فدَخَل عليها يترَضَّاها، فقال: والله، ما ترَكْتُ الدَّار والمال، والأهلَ والعشيرة، إلاَّ ابتغاءَ مرضاة الله ومرضاة رسولِه، ومرضاتِكم أهْلَ البيت، ثم ترَضَّاها حتىَّ رَضِيَت |
#62
|
|||
|
|||
"[3]. وهل ما زال هُناك مجال للخوض في عَلاقة المسلمين الأُوَل بآل البيت- رضوان الله عليهم جميعًا- وهم الذين نزَل القرآنُ على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بينهم فصدَّقُوه ونَصَروه، وحمَلوا الدِّين بعده إلى الدُّنيا على أرواحهم ومهجات قلوبهم؟!
وهل مِثْلُ أُمِّ المؤمنين عائشة- رضي الله تعالى عنها- بالتي تُرمَى بالافتراءات دون دليل مِن نَقْل، أو حُجَّة من عقل، بعد أن بَرَّأها الله من فوق سبع سموات؟! أم أنَّه الحِقْد على الإسلام ورسوله، وكُلِّ مَن أحبَّه- صلَّى الله عليه وسلَّم- بدءًا من زَوْجِه وأحَبِّ الناس إليه، ثم أحبِّ الناس إليه من الرِّجال؛ صاحِبَيْه أبي بكر وعُمر، مرورًا بأبي هريرة الذي لازم النَّبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- ونقل سُنَّته ووَهَب لها حياته، بل وحتى آل النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- وذريته لم يَسْلَموا من الافتراءات- رضوان الله عليهم أجمعين- فضْلاً عمَّا في ذلك من قَدْح في النبيِّ ذاتِه- صلَّى الله عليه وسلَّم. • حبيبةُ حبيبِ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-:ولم تكن أُمُّ المؤمنين عائشة- رضي الله تعالى عنها- زوجةَ النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- وحَسْب، وإنما كانت حبيبتَه الطَّاهرة التي افتَرى عليها الأفَّاكون- بلا ذَنْب جنَتْه- لِعِلْمهم بِمَكانها من رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فأرادوا أن يَطْعنوا النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- ودعوتَه في مَقْتَل، ويُشعلوا نار الفتنة في قَلْب المجتمع المسلم النَّقيِّ، فَبرَّأها الله- تعالى- من فوق سبع سموات. وكانت تلميذتَه النَّجيبة التي شَهِد الله- تعالى- لها، كما شهد لسائر نساء النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- بالعدالة؛ إذْ أمَرَهن بذِكْر ما يُتلى عليهن في بيوتهن من آيات الله والحكمة، فوَفَّتْ وكَفَت، وما عرَفَتْ طعم الرَّاحة في نَقْل سُنَّته، والبلاغ عنه- صلَّى الله عليه وسلَّم- حتى لَقِيت رَبَّها- عزَّ وجلَّ. • فلو كان لِذي قَلْب يعقل أن يَصِف أُمَّ المؤمنين عائشة- رضي الله تعالى عنها- لَوَصَفها بالوَرَع والتَّواضع، مع ما منحها الله- عزَّ وجلَّ- من نِعَم، لو قُدِّر أن أُعطِيَت إحدى النساء بَعضَها، لكان لها أن تتباهى وتفخر ما شاءت أن تتَباهى وتفخر على النساء. ولِمَ لا؟ وآلُ البيت زوجُها- صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم- سيِّدُهم، ومكانها عنده أنها أحَبُّ الناس إليه. وأبوها أنسَبُ قريش لقريش، الَّذي عُرِف بمروءته في الجاهلية، فلمَّا أسلم كان ثانِيَ اثنين في الغار، وأحَبَّ الرِّجال إلى رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم. ولِمَ لا؟ والنبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- يُعلِن مكانهَا في قلبه على المَلأ، وهو القائد الأعلى لجيوش المسلمين وقْتَ أنْ دانَتْ له العرب، حين يَسأله عمرو بن العاص أحدُ قادة جيشه، عن أحبِّ الناس إليه، فيقول: ((عائشة))، فيقول له: ((مِن الرِّجال؟)) فيقول: ((أبوها))؛ "صحيح البخاري". فلم يُنَحِّها- صلَّى الله عليه وسلَّم- عن حديث الحبِّ في جوابه الثاني، فيَذكُرَ اسمَ أبي بكر مجرَّدًا؛ وإنما ذكَرَه بِنَسبه إليها- رضي الله عنهما. ولِمَ لا، وهي الكُفْءُ للثَّناء بِذاتها، مع شُيوع تفَرُّدها بمكانها في قَلْب رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- بين الناس، وإقرار النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- بذلك، حتى رُوي عن عمر- رضي الله عنه- في حديث اعتزال النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- لنسائه شهرًا: أنه دخَل على حفصة، فقال: "يا بُنيَّة، لا يَغرَّنك هذه التي أعجَبَها حُسنُها، وحُبُّ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- إيَّاها"؛ يريد عائشة، قال: "فقصَصْتُ على رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فتبَسَّم"؛ "صحيح البخاري". "... فلمَّا مضَتْ تسعٌ وعشرون، دخَل على عائشة فبدأ بها، فقالت له عائشةُ: إنَّك أقسَمتَ ألاَّ تدخل علينا شهرًا، وإنا أَصبَحنا لِتِسع وعشرين ليلة، أَعُدُّها عدًّا، فقال النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((الشهر تسع وعشرون))، وكان ذلك الشهر تسعًا وعشرين، قالت عائشة: فأُنزِلَت آية التَّخيير، فبدأ بي أوَّلَ امرأة، فقال: ((إنِّي ذاكِرٌ لكِ أمْرًا، ولا عليك ألاَّ تَعْجلي حتى تستأمري أبوَيْكِ)) قالت: قد أعلم أن أبوَيَّ لم يكونا يأمراني بِفِراقك . ثم قال: ((إن الله قال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ ﴾ [الأحزاب: 28]، إلى قوله: ﴿ عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 29]))، قلتُ: أَفِي هذا أستأمر أبويَّ؟! فإنِّي أُريد الله ورسولَه والدَّار الآخِرَة، ثم خَيَّر نساءه، فقُلْن مِثل ما قالت عائشة"؛ "صحيح البخاري". ولِمَ لا؟ وقد "كان الناس يتَحرَّوْن بهداياهم يومَ عائشة، قالت عائشة: فاجتَمَع صواحِبي إلى أمِّ سلمة، فقُلْن: يا أمَّ سلمة، والله إنَّ الناس يتحَرَّون بهداياهم يومَ عائشة، وإنَّا نُريد الخير كما تريده عائشة، فمُرِي رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يأمر الناس: أنْ يُهْدُوا إليه حيثما كان، أو حيثما دار . قالت: فذكَرَت ذلك أمُّ سلمة للنبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- قالت: فأعْرَضَ عنِّي، فلمَّا عاد إلَيَّ ذكَرْتُ له ذلك، فأعرض عني، فلمَّا كان في الثالثة، ذكرتُ له، فقال: ((يا أمَّ سلمة، لا تُؤذيني في عائشة؛ فإنَّه واللهِ ما نَزَل علَيَّ الوحْيُ وأنا في لِحاف امرأة منكنَّ غيرَها))؛ "صحيح البخاري" بل وقد رَوَت- رضي الله عنها- تقول: "أرسَلَ أزواج النبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- فاطمةَ بنتَ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فاستأذَنَت عليه وهو مضْطَجِع معي في مِرْطي، فأَذِن لها . فقالت: يا رسول الله، إنَّ أزواجك أرسَلْنَني إليك يَسْألنك العدل في ابنة أبي قُحافة، وأنا ساكتة، قالت: فقال لها رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((أيْ بُنيَّة، ألسْتِ تُحبِّين ما أحب؟))، فقالت: بلَى، قال: ((فأَحبِّي هذه))، قالت: فقامت فاطمة حين سمِعَت ذلك من رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فرجعَتْ إلى أزواج النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- فأخبرَتْهنَّ بالذي قالت، وبالذي قال لها رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فقُلْن لها: ما نراك أغنيتِ عنَّا من شيء، فارجعي إلى رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فقولي له: إنَّ أزواجك يَنْشُدنك العدل في ابنة أبي قحافة . فقالت فاطمة: والله، لا أكلِّمه فيها أبدًا"؛ "صحيح مسلم". ولِمَ لا؟ وهي التي روَتْ لنا تقول: "كان رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- إذا أراد سفَرًا أقرع بين نسائه، فأيَّتهن خرج سهمُها خرج بها معه، وكان يَقْسم لكلِّ امرأة منهنَّ يومَها وليلتها، غير أنَّ سودة بنت زَمْعة وهَبَت يومها وليلتها لعائشة زوجِ النَّبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- تَبْتغي بذلك رِضا رسولِ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم –"؛ "صحيح البخاري". فلم تكن أمُّ المؤمنين عائشة- رضي الله تعالى عنها- تجْهَل مكانتها عند حبيب الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- بل وهي التي قالت: "تزوَّجَني رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- في شوَّال، وبَنى بي في شوَّال، فأَيُّ نساء رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- كان أحْظَى عندَه منِّي؟"؛ رواه مُسلم والتِّرمذي. ولِمَ لا؟ يتبع |
#63
|
|||
|
|||
وقد أبَى الله- عزَّ وجلَّ- في زمن حادثة الإفك أن تكون براءتها كبَراءة أيِّ امرأة يكثر عليها الحاقدون، وإنما أُنزِلَت براءتها بكلام تَكلَّمَه ربُّ العِزَّة، وقرآنٍ يُتلى إلى يوم القيامة؛ حتى تكون براءتها دِينًا يُدان به لله.
إذْ يقول الله- تعالى-: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11]. فإنْ كانت الحبيبةُ لا بُدَّ وأن تَغار، فلم تكن غَيْرة أُمِّ المؤمنين- رضي الله تعالى عنها- كغَيْرة النِّساء من النِّساء، وإنَّما كانت غَيرتها لِعِظَم قَدْر النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- عندها، ومكانته في قَلْبها، مع تواضُعِها- رضي الله تعالى عنها. فعَن أُمِّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصِّدِّيق: "أنَّ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- خرَج من عندها ليلاً، قالت: فغِرُت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: ((ما لَكِ يا عائشة؟! أَغِرْتِ؟)) فقلت: وما لي لا يَغار مِثْلي على مثلك؟"؛ "صحيح مسلم". وعنها- رضي الله تعالى عنها- تقول: "كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا خرج، أَقرع بين نسائه، فطارَتِ القرعة على عائشة وحفصة، فخرَجَتا معه جميعًا، وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا كان بالليل، سار مع عائشة، يتحدَّث معها، فقالت حفصة لعائشة: ألاَ تَرْكبين اللَّيلة بعيري، وأركب بعيرك، فتنظرين وأنظر؟ قالت: بلى، فرَكِبَت عائشة على بعير حفصة، وركبت حفصة على بعير عائشة، فجاء رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى جمل عائشة، وعليه حفصة، فسَلَّم ثم سار معها، حتى نزلوا، فافتَقَدتْه عائشة، فغارت، فلمَّا نزَلُوا جعلت تجعل رِجْلها بينَ الإِذْخِرِ، وتقول: يا ربِّ، سَلِّط عليَّ عقربًا أو حيَّة تلدغني، رسولُك، ولا أستطيع أن أقول له شيئًا!"؛ "صحيح مسلم". فوالله إنَّ مَن يكره عائشة لَهُو المُكْثِر الحَسُود الحقود، الذي طالما أوذِيَت أمُّ المؤمنين- رضي الله تعالى عنها- مِنْه ومن أمثاله في حياة النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- وبعد مماته، وقد روَتْ لنا عائشة أمُّ المؤمنين في زمن حادثة الإفك تقول: "فقلتُ لأمي: يا أُمَّتاه، ماذا يتحَدَّث الناس؟ قالت: يا بُنيَّة، هَوِّني عليك، فوالله لقَلَّما كانت امرأة قطُّ وضيئة عند رجل يحبُّها، لها ضرائر، إلاَّ أكْثَرْن عليها. قالت: فقلتُ: سبحان الله! أو لَقَد تحَدَّث الناسُ بهذا؟ قالت: فبكَيْتُ تلك الليلةَ حتىَّ أصبَحْتُ، لا يَرْقَأ لي دمع، ولا أكتحل بِنَوم، ثم أصبحتُ أبكي"؛ "صحيح البخاري". فلا بكَتْ عيْنٌ أحبَّتْكِ يا أُمَّاه إلاَّ من خشية الله، ولا رقأ الله لِمُبغضك دمعًا حتى تجف عيناه! • • • • فضل عائشة على النساء:لقد جمَعَت السيِّدة عائشة- رضي الله تعالى عنها- من محاسن الهيئة والسِّمات والصِّفات الظاهرة والباطنة، ما قلَّ أن يَجتمع في امرأة واحدة، فكانت جديرة- ولا شكَّ- بثناء الصَّادق الذي لا ينطق عن الهوى؛ إذْ يقول: ((فضْلُ عائشة على النِّساء، كفَضْل الثَّريد على سائر الطعام))؛ "صحيح البخاري". وهذا واضح في مختَلِف مواقف حياتِها، التي تُخبرنا بعُلوِّ خلُقِها، وطيبِ نَفْسها، وحُسْن حديثها- رضي الله تعالى عنها- حتى تكون أوَّل مَن تُفرَّج عندها الهموم، وترْضَى بها القلوب. فعن أنَسِ بن مالك- رضي الله عنه- قال: "بُنِي على النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- بزينب بنت جحش بِخُبز ولَحْم، فأرسلت على الطَّعام داعيًا، فيَجِيء قوم فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوتُ حتى ما أجد أحدًا أَدْعوه . |
#64
|
|||
|
|||
فقلتُ: يا نبي الله، ما أجد أحدًا أدعوه، قال: ((ارفعوا طعامكم))، وبقي ثلاثةُ رَهْط يتحدَّثون في البيت، فخرج النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- فانطلق إلى حُجرة عائشة، فقال: ((السلام عليكم- أهلَ البيت- ورحمة الله))، فقالت: وعليكَ السَّلام ورحمة الله، كيف وجدتَ أهلك، بارك الله لك، فتقرَّى حُجَر نسائه كلهنَّ، يقول لهن كما يقول لعائشة، ويقلْنَ له كما قالت عائشة، ثم رجع النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدَّثون، وكان النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- شديد الحياء، فخرج منطلِقًا نحو حُجْرة عائشة، فما أدري؛ أخبرتُه أو أُخبر أنَّ القوم خرجوا، فرجع، حتى إذا وَضع رجله في أُسْكُفَّة الباب داخلة وأخرى خارجة، أرخى السِّتر بيني وبينه، وأُنزِلَت آية الحجاب"؛ "صحيح البخاري".
وعن عائشة، قالت: "دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على صفيةَ في بيتي، فقالت لي: ترضي رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم- عني، وأجعل يومي لك؟ فعمدتْ إلى خمارها مصبوغةً بالزعفران، فرشَّتْه بالماء ليفوح ريحها، ثم لبسته وقعدت إلى جنب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: إليك يا عائشة، يا عائشة عني، فإنه ليس بيومك . فقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، فأخبرته الخبر فرضي عنها"[4]. وبعد:فإنَّ أعظم ما يدهش المتأمِّل لما حبَاه الله لأُمِّ المؤمنين عائشة من نِعَم، هو شدَّة إنصافها، وزُهْدُها في الاستئثار بالثَّناء والتكريم وحْدَها، فكانت لا تألو سائر أُمَّهات المؤمنين- رضي الله تعالى عنهن- ثناءً وذِكْرًا لفضائلهن وفضلهن. حتى إنَّها هي نَفْسها التي رَوَتْ لنا غَيْرتهَا من زوجة رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- وحبِّه الأول السيِّدة خديجة- رضي الله تعالى عنها- كما ذكرَتْ فضائلها ومكانتها عند رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- وأنَّه كان له منها ما لم يَكُن له مِن غيرها، بل وتَذْكر وفاءه لِعَهدها، وتعهُّدَه بالخير صديقاتِها، ورفيع مَنْزلتها عند الله- تعالى. فعن السيدة عائشة- رضي الله تعالى عنها وأرضاها- قالت: "ما غِرْتُ على أحد من نساء النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- ما غرتُ على خديجة، وما رأيتُها، ولكن كان النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- يُكثِر ذِكْرَها، وربَّما ذبح الشَّاة، ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربَّما قُلتُ له: كأنَّه لم يكن في الدُّنيا امرأة إلاَّ خديجة، فيقول: ((إنَّها كانت، وكانت، وكان لي منها ولد))؛ "صحيح البخاري" وفي رواية: "... وأمره ربُّه- عزَّ وجلَّ- أو جبريلُ- عليه السَّلام- أن يُبشِّرها ببيت في الجنة من قصَب"؛ "صحيح البخاري". فأي قوة نفْسيَّة وإيمانية كانت لَدى أُمِّنا الطاهرة الطيِّبة، حتى تثني كلَّ هذا الثناء على ضرَّتها في مَعْرِض حديثها عن غيرتها منها، وما الذي يجعلها تُحدِّث بما يدور بينها وبين زوجها- صلَّى الله عليه وسلَّم- مما يرفع قَدْر ضرَّتها، ويُصبِح ترجمة خالدة لها يتَناقَلُها المسلمون في كلِّ زمن وجيل؟ إنه- ولا شكَّ- الامتثال لأمر الله- عزَّ وجلَّ- لها ولنساء النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- من أمهات المؤمنين؛ إذْ يَقول- تعالى-: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 34]. ولا يَخفى أنه في أمر الله- تعالى- لهنَّ بالرِّواية عن رسوله- صلَّى الله عليه وسلَّم- شهادةٌ مَن الله- عزَّ وجلَّ- بعدالتهنَّ وجَدارتهِنَّ بذلك، وأي شهادة كتلك الشهادة؟ وأي تشريف وأي تكريم يَحُوزه المرء بعد ذلك؟وأمر آخَر أستطيع أن أستنبطه من خلال القراءة في شرائع دين الإسلام الحنيف، ومِن خلال القراءة في تاريخ أُمِّ المؤمنين الطيِّبة المتواضعة لله- عزَّ وجلَّ- عائشة- رضي الله تعالى عنها- ألاَ وهو حُبُّها للسيِّدة خديجة حُبَّ المؤمنة لأختها في الله، ورغبتها في التعريف بفضلها ومآثرها التي لم يَشْهَدها ولم يعرفها الكثيرُ من المسلمين، وقد ماتت السيِّدة خديجة- رضي الله تعالى عنها- قبل الهجرة. وقبل ذلك كان حب المؤمنة لرسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- أكثرَ من نَفْسِها، فكان حبُّها وإقرارها بالفضل لِمَن أحبَّ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- وصدَّقه وواساه، مُتَعالية بذلك عن مشاعر النِّساء وخلجات نفوس البشر. وقريب من ذلك ما رواه أنس بن مالك في قصة إسلام أبي قحافة، قال: "فلما مَدَّ يده يبايعه، بكى أبو بكْر، فقال النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((ما يُبكيك؟)) قال: لأَنْ تكون يَدُ عمِّك مكان يَدِه ويُسْلِم ويُقِرّ الله عينك، أحبُّ إلَيَّ مِن أن يكون"؛ إسناده صحيح. بل ولم تكن السيِّدة خديجة- رضي الله تعالى عنها- هي وحْدَها التي حَظِيَت بإنصاف السيِّدة عائشة وطِيب نَفْسها. فلقد رُوي عن السيدة عائشة تُخبر عن السيِّدة زينب بنت جحش- رضي الله تعالى عنهما- تقول: "وهي التي كانت تُساميني منهنَّ في المَنْزلة عند رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- ولم أرَ امرأة قَطُّ خيرًا في الدِّين من زينب، وأتقى لله، وأصدَقَ حديثًا، وأوصل للرَّحِم، وأعظم صدقة، وأشدَّ ابتِذالاً لِنَفْسها في العمل الذي تصَدَّق به، وتقَرَّبُ به إلى الله تعالى، ما عدا سَوْرةً مِن حَدٍّ كانت فيها، تُسرِع منها الفَيْئة"؛ "صحيح مسلم". فلم تَجِدِ السيِّدة عائشة في نَفْسها الزَّكية ما يمنعها من الإنصاف وذِكْرِ فضائل زوج النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- التي عاصرَتْها، وكانت في غاية الشَّباب والجمال والتَّقوى والدِّين، مع صلة نسَبِها برسول الله، ومَنْزلتها منه- عليه الصَّلاة والسَّلام. بل وتُثني على أمٍّ أخرى من أُمَّهات المؤمنين، فتقول: "ما رأيتُ امرأة أَحبَّ إليَّ أنْ أَكُون في مِسْلاخها من سَوْدة بنت زمعة، من امرأة فيها حدَّة"؛ "صحيح مسلم". وعن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: "كانت صفيَّة من الصَّفِي" |
#65
|
|||
|
|||
[5]؛ صحيح. وتقول- رضي الله تعالى عنها-: "ما رأيتُ صانعةَ طعامٍ مثل صفيَّة، أهدَتْ إلى النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- إناءً فيه طعام، فما ملَكْتُ نفسي أن كسرتُهُ .
فقلتُ: يا رسول الله، ما كفَّارته؟ قال: ((إناءٌ كإناء، وطعامٌ كطعام))؛ إسناده حسَن. فسبحان الله، ما أسرع أن تتوب إلى رَبِّها، وتعيد الأمور إلى سابق صفائها ونقائها! ولا تزال أُمُّ المؤمنين عائشة تَذْكر بالفضل نساءَ النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- فتقول: "قسَم رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- سبايا بني المُصْطلق، فوقعت جُوَيرية بنت الحارث لثابت بن قَيْس بن شماس، أو لاِبْن عم له، كاتَبَتْه على نفسها، وكانت امرأةً حُلوةً مُلاَحَة، فأتتْ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- وقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، سيِّد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يَخْفَ عليك، وجئتُك أستعينك على كتابتي، فقال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((هل لَكِ في خير من ذلك؟))، قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: ((أقْضِي كتابَتَك وأتزوَّجك))، قالت: نعم يا رسول الله، قال: ((قد فعلت))، قالت: وخرَج الخبر إلى الناس أنَّ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- تزوَّج جُويرية بنت الحارث، فأرْسَلوا ما بأيديهم، قالت: فقد عتقَ بتزوُّجِه إيَّاها مائة أهل بيت من بني المصطلق، وما أعلم امرأةً كانت أعظم بركة على قومها منها". بل وهناك روايتان يتبيَّن لنا منهما، كيف كان عِلْم أُمِّ المؤمنين عائشة وعقلها ودينها وعدلها:أُولاهما: قال القاسم بن سلام في كتاب "الأموال": حدثنا أحمد بن يونس، عن أبي خيثمة، حدثنا أبو إسحاق، عن مصعب بن سعد أن عمر أول ما فرض الأعطية فرض لأهل بدر من المهاجرين والأنصار ستة آلاف، ستة آلاف، وفرض لنساء النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- ففَضَّل عليهن عائشة، وفرض لها اثني عشر ألفًا، ولسائرهن عشرة آلاف، عشرة آلاف، غير جويرية وصفية، فرض لهما ستَّة آلاف، ستة آلاف، وفرض للمهاجرات الأُوَل: أسماء بنت عميس، وأسماء بنت أبي بكر، وأُمِّ عبدٍ أُمِّ عبدالله بن مسعود ألْفًا، ألفًا. والثانية: عن ناشرة بن سميٍّ اليزَني قال: "سَمِعتُ عمر- رضي الله عنه- يقول يوم الجابية وهو يخطب: إنَّ الله جعلني خازِنَ هذا المال وقاسِمَه، ثم قال: بل الله قَسَمه، وأنا بادِئٌ بأهل النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- ثم أشرفهم، فقَسَم لأزواج النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- عشرة آلاف، إلا جويرية وصفية وميمونة ومارية . فقالت عائشة: إن رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- كان بيننا، فعَدَل عُمَر بينهنَّ، ثم فرض لأصحاب بدر المهاجرين خمسة آلاف، ولمن شَهِدها من غير المهاجرين أربعة آلاف، ولمن شهد أُحُدًا ثلاثة آلاف، وقال: من أبطأ في الهجرة أبطأ عنه العطاء، فلا يَلُومنَّ رجلٌ إلاَّ مناخ راحلته" |
#66
|
|||
|
|||
[6]؛ إسناده جيد. فكان لكلٍّ من أمير المؤمنين- رضي الله تعالى عنه- ولأم المؤمنين- رضي الله تعالى عنها- من الرَّأي وجهًا معتبَرًا. •
أمَّا خلاصة علاقة أُمَّهات المؤمنين ببعضهنَّ- رضوان الله عليهن- فالحُبُّ في الله، والحب لرسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- ومَن يحب، فإذا ما وقع بينهن في بعضِ أحيانٍ قليلة ما يقع بين النساء كثيرًا، فإنَّهن التوَّابات الوَرِعات المتسامحات . وبيان ذلك ما يُروَى عن السيدة عائشة- رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: "دعَتْني أمُّ حبيبة عند موتها، فقالت: قد يكون بيننا ما يكون بين الضَّرائر، فقلتُ: يَغفر الله لي ولك ما كان من ذلك كلِّه، وتجاوز وحلَّلك، فقالت: سررْتِني سرَّك الله، وأرسلت إلى أمِّ سلمة، فقالت لها مثل ذلك" [7]. أم المؤمنين الصِّدِّيقة الطيبة:ولم يقتصر فَضْل أمِّ المؤمنين في أيِّ منْحًى من مناحي الحياة على جانب دون آخَر، فإنْ سأَلْتَ عن الزَّوجة الصالحة وجدْتَها، وإن سألت عن التَّقيَّة الوَرِعة ذكرت لك، وإن سألتَ عن جُودها وحنانها حدَّثتك . فعن السيدة عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: "دخلَتِ امرأة معها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئًا غير تَمْرة، فأعطيتُها إيَّاها، فقسَمَتْها بين ابنتيها، ولم تأكل منها، ثم قامَتْ فخرَجَت، فدخل النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- علينا فأخبرته، فقال: ((مَن ابتُلِي من هذه البنات بشيء، كُنَّ له سِترًا من النار))؛ "صحيح البخاري". فإنْ نَعْجب من تلك المرأة التي أَعْطت لابنتيها التَّمرة ولم تأكل منها شيئًا، فعَجَبُنا أشدُّ من السيِّدة عائشة التي أعطت المرأة وابنتيها التمرة، ولم تُبْقِ ببيتها شيئًا؟ فلقد كانت السيِّدة عائشة- رضي الله تعالى عنها- خيرَ أمٍّ للمؤمنين وأبنائهم في حياة النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- وبعد وفاته؛ تُطعِم وتحمِل، وتَحْنو، وتعلِّم وتربِّي، وتزوِّج وتوجِّه، وليس بخير إلاَّ وحازَتْه، وكان لها فيه السَّبْق. حتى رُوي عنها أنَّها قسَمَت مائة ألف بين أزواج النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- بل وقسَمت ما يقارب الثمانين ومائة ألف بين الناس، فأمْسَتْ وما عندها درهمٌ تَشترِي به ما تُفطِر عليه وقد أصبحت صائمة، فقالت لها أمُّ ذرة: أما استطعت مما قسَمْت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحمًا نفطر عليه؟ فقالت لها: لا تُعنِّفيني، لو كنتِ ذكَّرتِني لفَعَلتُ. وعن عروة قال: لقد رأيتُ عائشة تقسم سبعين ألفًا، وهي تُرقِّع دِرْعها يتبع |
#67
|
|||
|
|||
[8]. وهي مع فضائلها وفَضْلها، كانت من أشدِّ الناس خشية لله، حتى رُوي أنها حدثت: "أن عبدالله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطَتْه عائشة: والله لتَنْتهينَّ عائشة، أو لأَحْجرنَّ عليها، فقالت: أهو قال هذا؟
قالوا: نعم، قالت: هو لله علَيَّ نذْر ألاَّ أكلِّم ابن الزُّبير أبدًا، فاستَشفع ابنُ الزُّبير إليها حين طالَت الهجرة، فقالت: لا والله، لا أشفع فيه أبدًا، ولا أتحنَّث إلى نَذْري، فلمَّا طال ذلك على ابنِ الزُّبير كلَّم المِسْوَر بن مَخْرمة وعبدالرحمن بن الأسود بن عبديغوث- وهما من بني زُهْرة- وقال لهما: أنشدكما بالله لمَا أَدْخلتُماني على عائشة؛ فإنَّها لا يحل أن تنذر قطيعتي، فأقبل به المسور وعبدالرحمن مُشْتَمِلين بأرديتهما حتىَّ استأذَنا على عائشة، فقالا: السَّلام عليك ورحمة الله وبركاته، أندخل؟ قالت عائشة: ادخلوا، قالوا: كلُّنا؟ قالت: نعم، ادخلوا كلُّكم، ولا تَعلَم أنَّ معهما ابْنَ الزُّبير، فلمَّا دخلوا دخل ابن الزبير الحِجَاب، فاعتنق عائشة وطَفِق يناشدها ويبكي، وطفق المسور وعبدالرحمن يُناشدانها إلاَّ ما كلَّمَتْه وقَبِلت منه، ويقولان لها: إنَّ النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- نهَى عمَّا قد عَلِمْت من الهجرة؛ فإنه لا يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، فلما أكثَروا على عائشة من التَّذكِرة والتَّحريج، طَفِقت تذكِّرهما وتَبكي، وتقول: إني نذَرْتُ والنَّذر شديد، فلم يزالا بها حتىَّ كلَّمَت ابن الزبير، وأعتَقَت في نذرها ذلك أربعين رقبة، وكانت تَذْكر نَذْرَها بعد ذلك، فتبكي حتى تبلَّ بدموعها خمارها"؛ أخرجه البخاري. وعن عروة عن أبيه أن عائشة- رضي الله عنها- كانت تَسْرد الصوم. وعن القاسم أن عائشة كانت تصوم الدَّهر، ولا تفطر، إلاَّ يوم أضحى أو يوم فطر ------------- [9]. وعن القاسم قال: كنتُ إذا غدوت أبْدَأ ببيت عائشة أسلِّم عليها، فغدوت يومًا فإذا هي قائمة تسبِّح، وتقرأ: ﴿ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ [الطور: 27]، وتدعو وتبكي وتردِّدها، فقُمتُ حتىَّ مَللْتُ القيام، فذهبت إلى السُّوق لحاجتي، ثم رجعتُ فإذا هي قائمة كما هي، تصلِّي وتبكي. وعن عامر قال: كتبتْ عائشة إلى معاوية: "أمَّا بعد، فإن العبد إذا عَمِل بمعصيَّة الله- عزَّ وجلَّ- عاد حامِدُه من النَّاس ذامًّا". وعن إبراهيم عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: "إنَّكم لن تَلْقوا الله بشيء خيرٍ لكم من قَلَّة الذُّنوب، فمَن سرَّه أن يسبق الدَّائب المجتهد، فليكُفَّ نفسه عن كثرة الذنوب". وقال عنها عروة: "ما رأيتُ أحدًا أعلم بفِقْه ولا طبٍّ ولا شِعْر، من عائشة".وقال عطاء بن أبي رباح: "كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامَّة".وقال الزُّهري: لو جُمِع علم عائشة إلى عِلم جميع أزواج النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- وعِلْم جميع النساء لكان عِلْم عائشة أفضل.وعن مسروق يقول: "رأيتُ مشيخة أصحابِ محمَّد الأكابر يَسألونها عن الفرائض".• بل ولم يَكن في النِّساء أعلم من تِلميذاتها؛ عمرة بنت عبدالرحمن، وحفصة بنت سيرين، وعائشة بنت طلحة. وكان مسروق إذا حدَّث عن عائشة قال: حدَّثَتني الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق، حبيبةُ حبيبِ الله، المبرَّأةُ من فوق سبع سموات. والحديث لا يَتَّسع لذِكْر جميع مناقب أُمِّ المؤمنين عائشة- رضي الله تعالى عنها- فلقد ظَلَّت طوال حياتها التي تجاوزت السِّتِّين عامًا، تبلِّغ عن رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- وتعلِّم الأُمَّة، وتَنصر الدِّين، ذَخيرتُها في ذلك بِضْع سنوات عاشَتْها مع رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- كانت وَقُود حياتها، ومَصْدَر عِلْمها. وبرغم عِظَم ما مرَّ بها من أحداث ومواقف، وأنَّها كانت كالشَّمس تحيط بها أنظارُ المؤمنين وقلوبهُم، فإنَّها لم تَبْرح تَذْكُر النبيَّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- فتُنشد تقول:ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ وَبَقِيتُ فِي خَلَفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ لقاء الأحبة:عن ذَكْوان مولى عائشة: "أنَّه جاء عبدالله بن عبَّاس يستأذن على عائشة، فجِئْتُ وعند رأسِها ابنُ أخيها عبدالله بن عبدالرحمن، فقلتُ: هذا ابن عبَّاس يَستأذن، فأكَبَّ عليها ابنُ أخيها عبدالله، فقال: هذا عبدالله بن عبَّاس يَستأذن، وهي تموت، فقالت: دَعْني من ابن عبَّاس، فقال: يا أُمَّتاه، إنَّ ابن عبَّاس من صالحِي بَنِيك، ليسلِّم عليك ويودِّعك، فقالت: ائذن له إن شِئت، قال: فأدخَلتُه، فلمَّا جلس قال: أبْشِري، فقالت: أيضًا، فقال: ما بينك وبين أن تَلْقي محمَّدًا- صلَّى الله عليه وسلَّم- والأحبَّة إلاَّ أن تخرج الرُّوح من الجسد؛ كُنتِ أحَبَّ نساء رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى رسول الله، ولم يكن رسول الله يحبُّ إلاَّ طيِّبًا، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء، فأصبح رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- حتى يصبح في المنزل وأصبح الناس ليس معهم ماء، فأنزل الله- عزَّ وجلَّ-: ﴿ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [النساء: 43]، فكان ذلك في سبَبِك، وما أنزل الله- عزَّ وجلَّ- لِهَذه الأُمَّة من الرُّخصة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات، جاء به الرُّوح الأمين، فأصبح ليس لله مَسْجدٌ من مساجد الله يُذْكَرُ اللهُ فيه، إلاَّ يُتلى فيه آناءَ الليل وآناء النهار، فقالت: دَعْني منك يا ابن عبَّاس، والذي نفسي بيده، لوَدِدتُ أنِّي كنتُ نسْيًا منسيًّا"؛ إسناده صحيح. ويَكفيها- رضي الله تعالى عنها- من الناس، شهادة سَليل آل البيت عبدالله بن عبَّاس، حَبْر الأُمَّة، وترجمان القرآن، الذي دعا له النبيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يُعلِّمه الله- تعالى- التأويل والفِقْه في الدِّين. وقد أوصَتْ- رضي الله تعالى عنها- عبدالله بن الزُّبير، فقالت له: "ادْفنِّي مع صواحبِي، ولا تدفنِّي مع النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- في البيت؛ فإني أَكره أن أُزكَّى"؛ "صحيح البخاري". وتُوفِّيَت أُمُّ المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- ليلة الثلاثاء لسبع عشرة من رمضان، سنة ثمانٍ وخمسين، وهي ابنة ستٍّ وستِّين سنة، وصلَّى عليها أبو هريرة، وكان خليفة مروان بالمدينة. وعن هشام بن عروة قال: ماتَتْ عائشة سنَة سبع وخمسين. وبينما ظلَّتْ أُمُّ المؤمنين المبرَّأةُ من السَّماء علَمًا خالِدًا من أعلام الإسلام المَجِيدة، بقي المُرْجِفون في غياهب ظُلمات نفوسهم، مدفونين في أحقادهم، يأكل أجسادَهم دودُ حسَدِهم لآل البيت وزوجةِ سيِّد الآل- صلَّى الله عليه وسلَّم. وظلَّت آياتُ القرآن تَصْدع بالحقِّ قلوبًا قاسية، وعقولاً متحجِّرة، أمَّا المؤمنون الصادقون فيَفْتؤون يقرؤون من كلام ربِّهم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11]. حتى إذا ما سَمِعوا من يُكذِّب الوحي المعصوم، ويتَطاول على مقام بيت النبوة، هَبُّوا كالجسد الواحد على قلب رجل واحد، يُنافِحون عن أمِّ المؤمنين المبرَّأة من فوق سبع سموات، ويَدْفعون عنها الإفك والبهتان. ولعلَّها أن تكون الصَّحوة التي لا نومة بعدها، والوَحْدة التي لا فُرْقة بعدها، حتى يُعِزَّ الله المؤمنين في كلِّ بقاع الأرض، وينصر بهم الدِّين. وكما قال أُسَيد بن حضير لأمِّ المؤمنين عائشة- رضي الله تعالى عنها- أقول: "جزاكِ الله خيرًا، فوالله ما نزل بكِ أمْرٌ قطُّ، إلاَّ جعل الله لك منه مخَرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة"؛ "صحيح البخاري". • • • • المراجع:• موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف- التفسير.• الدُّرر السَّنية الموسوعة الحديثية وإسلام ويب.• كتاب "البداية والنهاية" للحافظ ابن كثير- رحمه الله تعالى.• مناقب عائشة- رضي الله تعالى عنها- كتاب "صِفَة الصَّفوة" للإمام ابن الجوزي- رحمه الله تعالى.--------------------------------------------------------------------------------[1] عن القاسم بن محمد: "أن عائشة اشتَكَت، فجاء ابن عبَّاس فقال: يا أُمَّ المؤمنين، تَقْدَمِين على فَرطِ صِدْق، على رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- وعلى أبي بكر"؛ "صحيح البخاري".[2] عن "الدُّرر السَّنية" (وقد أضفْتُ رابطه إلى النصِّ)، وهذا هو العزو:الراوي: عائشة، المحدِّث: الهيثمي- المصدر: مجمع الزوائد- الصفحة أو الرقم: 9/228.خلاصة حكم المُحدِّث: رجاله رجال الصَّحيح، غير محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسَنُ الحديث.[3] عن "الدرر السَّنية" (وقد أضفت رابطه إلى النصِّ) وهذا هو العزو:الراوي: الشَّعبي، المحدِّث: ابن كثير- المصدر: البداية والنهاية- الصفحة أو الرقم: 5/252خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد قوي، والظاهر أن الشعبي سمعه من علي، أو ممن سمعه من علي.[4] الحكم المبدئي: إسناده ضعيف ويحسن إذا توبع، (عن "إسلام ويب"، وقد أضفت رابطه إلى النص).[5] الصَّفِي؛ أيْ: مما اصطفاه رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- واختصَّ به؛ "إسلام ويب".وعن الشعبي: "كان للنبيِّ- صلَّى الله عليه وسلَّم- سهمٌ يدعى الصَّفي، إن شاء عبدًا، وإن شاء أمَة، وإن شاء فرسًا، يختاره قبل الخمُس".الراوي: الشعبي، المحدِّث: أبو داود- المصدر: سنن أبي داود- الصفحة أو الرقم: 2991خلاصة حكم المحدِّث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة: كلُّ ما سكَتُّ عنه فهو صالح]؛ عن "الدرر السنية".[6] عن "الدرر السنية": (وقد أضفت رابطه إلى النص) وهذا هو العزو:الراوي: ناشرة بن سمي اليزني، المحدث: ابن كثير- المصدر: مسند الفاروق- الصفحة أو الرقم: 2/477خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد.[7] كتاب "البداية والنهاية"، لابن كثير، المجلَّد الرابع، الجزء الثاني، صفحة 16، ابن سعد (8/100) والواقدي: متروك.[8] كتاب "صِفَة الصَّفوة" للإمام ابن الجوزي- رحمه الله تعالى.[9] كتاب "صفة الصفوة" للإمام ابن الجوزي- رحمه الله تعالى.----------------------- |
#68
|
|||
|
|||
رسالة الى ام المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها قصيدة عبدالرحمن العشماوي
أمّـــــاه أمّـــــاه دمـــــع الـعــيــن ســيّـــال * وخــاطــري فــــي دروب الــحــزن رحّــــال أمّـــــــاه أمّـــــــاه مـــازالــــت تــؤرقــنـــي * هـمـوم عـصـري فـفـي الأعـمــاق زلـــزال قـصـائــدي لــــم تــــزل تــجـــري عــلـــى * نسـق مـن الـوفـاء لأسـلافـي ومــا نـالـوا وفـــاء مــــن فــــي حـنـايــا قـلـبــه أمــــل * عـــذب ,وفـــي نـفـسـه لـلـحـق إجــــلال بــيــنـــي وبــيــنـــك آكــــــــام وأوديــــــــة * مـــــــن الـــدهــــور وآثــــــــار iiوأطــــــــلال وبـيـنـنـا جــســر إيــمـــان عــبـــرت iiبـــــه * وفـــــي الـطــريــق مـــفـــازات iiوأهــــــوال أتــيــت أقــــرأ أمــجـــادي ,أعــبـــر iiعـــــن * نفـسـي ولــي فــي بـلـوغ القـصـد آمــال أتـيـت أحـمـل مـأسـاتـي عـلــى كـتـفـي * وفــــي يــــدي قــلــم بـالــحــب iiســيّـــال أمّـــــــاه أمّـــــــاه أخـــبــــاري iiمــنـــوّعـــة * وللـحـكـايـات عــنـــد الــنـــاس iiأشــكـــال فـــي عـصـرنـا لـجّــة الأحــــداث iiمـائـجــة * ومـالــنــا زورق فــــــي الــبــحــر جــــــوّال وأمـــة الـحــق فـــي أوطـانـهـا iiاشتـعـلـت * نـــار الـخــلاف وأهـــل الـبـاطـل iiواحـتـالـوا أيـــــا حـلـيـلــة خــيـــر الــنـــاس iiأمـتــنــا * تمشي وفي صدرها المكشوف سلسال تمـشـي وفــي يـدهــا البـيـضـاء أســـوره * تمـشـي وفــي رجلـهـا البيـضـاء iiخلـخـال تــبــرّجــت أمـــتـــي لـلـعـابـثـيـن iiبـــهــــا * وغــرّهـــا مـــــن فـــــم الـتّـنـيــن iiمـــــوّال لـو أنـهـا احتشـمـت مــا ذاب فــي iiفمـهـا * صـــــوت الإبـــــاء ولا أعــداؤهـــا iiطـــالـــوا الـظـالـمــون قــصـــار فـــــي حقـيـقـتـهـم * لـكـنـهــم بـتـغــاضــي أمـــتـــي iiطـــالـــوا إذا تــخــلّــى كـــريـــم عــــــن iiمــبــادئـــه * فـســوف يـرتــع فــــي الأوطــــان iiأنــــذال أمّـــاه أمّـــاه ضـــاع الـعــدل فــــي زمــــن * أدنـــــــى وســائــلـــه قـــيــــد وأغـــــــلال أيــــا حـلـيـلــة خــيـــر الــنـــاس إن بــنـــا * داء السكـوت عـلـى مــا تقتـضـي الـحـال تـشـكـو مـوائـدنـا أصـنــاف مـــا iiحـمـلــت * مـــن الـطـعـام ويـشـكــو لـهـونــا iiالــمــال أمّـــاه أمّـــاه لـــو أبـصــرت مــــن iiنـفـخــوا * أبـواقـهـم فـــي خـــداع الـنــاس iiاحـتـالـوا ومـــــن أراقـــــوا دمـــــاء الأبــريـــاء iiبــــــلا * ذنـــب فــكــم قـتـلــوا بـالـظّــن iiواغـتـالــوا ولــــو رأيــــت طــواويــس الــرجــال iiوقــــد * شــــدّوا مــآزرهــم بـالــوهــم iiواخـتــالــوا ولـــو رأيـــت رجـــال الـعـلـم كـيــف iiغـــدو * لـمّــا سقـتـهـم شـــراب الغـفـلـة الــــدال ولـــو رأيـــت نــســاء المسـلـمـيـن وقــــد * بــــدا لــهــنّ عــلـــى الأوهـــــام iiإقــبـــال إذاً لـعــانــيــت يـــاأمّــــاه مـــــــن iiألـــــــم * وكـــان لـلـدمــع فــــي عـيـنـيـك iiشــــلاّل أمّـــاه قــولــي لــمــن بــاعــت iiكـرامـتـهـا * وصــدّهـــا عـــــن دروب الـخــيــر iiطــبّـــال قـولــي لـمــن جـعـلـت أزيــاءهــا iiهــدفــاً * ومـــن دعــاهــا إلــــى الـتـحـريـر iiدجّــــال أهـــكـــذا تـركـبــيــن الـــمـــوج iiحـــائــــرة * ويـسـتـبــيــحــك بــــالأهـــــواء أنـــــــــذال تـنـسـيــن أنـــــك لـلأجــيــال iiمـــدرســـة * وكــــــــم تــــعــــز بــــعــــز الأم أجــــيــــال أيـــــا حـلـيـلــة خــيـــر الــنـــاس iiأمـتــنــا * لــهــا جـــــواد مـــــن الإعـــــلام iiصــهّـــال لــهــا ســيــوف مــــن الأبــــواق iiقـاطـعــة * لـــــهـــــا دروع وأبــــــــــواب iiوأقـــــفــــــال لــهــا شــعــوب تــســر الـعـيــن iiكـثـرتـهـا * فـــي كـــل قـطــر مـــن الـسـكـان iiأرتـــال لـهـا رجــال لـهــم فـــي الـقــول iiألـسـنـة * مــهــذارة ولــهــم فــــي الـبـنــك iiأمــــوال سلاحـهـم فــي لـقـاء الـخـصـم iiممـتـهـن * لـكــنــه فـــــي لــقـــاء الأهــــــل iiقـــتّـــال بـاعـوا فـمـا ربـحـوا ,قـالــوا فـمــا iiصـدقــوا * وفــــــــوق هــــذيــــن إخــــضـــــاع iiوإذلال أمّـــــاه أمّــــــاه أشــجــانــا ذوو iiنـــســـب * فينـا,ولـكـنـهـم عــــــن ديــنــنــا iiمـــالـــوا قـلـنـا لـهــم خـطــر يـــا قـــوم يـدهـمـكـم * فـالـسـيـف مـنـصـلـت والـسـهــم iiنــبّـــال ولـن تـروا مــن يكـيـل الظـلـم فــي iiزمــن * إلا بـــمــــا كـــالــــه لــلــنـــاس يــكــتـــال قـالــوا رويـــداً فــــإن الــوعــي ينـقـصـكـم * الـقــول مـــا قـــال جـــو زيـــف iiومـيـشـال مـــن أعـلــن الـحــق يــــا أمــــاه مـتّـهــم * فــــي عـصـرنــا ودعــــاة الــزيــف أبــطــال أيــــا حـلـيـلـة خــيــر الــنــاس iiقـافـيـتــي * يـتــيــمــة مــالــهـــا عـــــــمّ ولا iiخــــــــال أرسلـتـهـا وبـنــو قـومــي عـلــى iiجــــرف * مـــــن الـخــلافــات مــازالـــت iiومـــازالـــوا أمّـــاه قـولــي لـنــا مــــاذا نــقــدّم iiفــــي * عــصــر أحـــــاط بـــــه ضــعـــف iiوإخـــــلال تــاهـــت مـراكـبـنــا والــمـــوج iiمـلـتــطــم * وفــــي الـشـواطــئ يــــا أمّــــاه iiأدغــــال هـنــا رأيـــت خــيــوط الــنــور أسـعـدنــي * نـسـيـجـهـا ولــثـــوب الـفــجــر إســـبـــال تـحــدث الـفـجـر ,أنـهــار الـضـيــاء جــــرت * ولــلــشــعـــاع حـــكـــايـــات iiوأمـــــثـــــال يـــا أيـهــا المشـتـكـي عـيـنـاك مـنـطـقـة * لـلــحــزن فـيــهــا مــســافــات وأطــــــوال لا تنـسـى أن خـطـى هــذا الـوجـود iiلـهـا * فــي عـلـم خـالــق هـــذا الـكــون iiآجـــال نــريـــد شـيــئــا ونـنــســى أن iiخـالـقـنــا * لــمـــا يــريـــد بـــهـــذا الـــكـــون iiفـــعّـــال هذه القصيدة للشاعر عبد الرحمن العشماوى |
#69
|
|||
|
|||
لا حلت عن مدحتي لها أبدًا
وحق من بعلها النبي ومن *** والدها المرتضى أبو بكر لا حلتُ عن مدحتي لها أبدًا *** حتى أواري في ظلمة القبر وقد تيقنت أن والدهــــا *** يشفع لي في صيحة الحشر طـاهــرة تنتمي الى نسب *** شرفه الله منه بالفخر لمـا رمــوا لادر درهــم *** بالإفك والزور عصبة الشر برأها اللــه من مقالتهــم *** بغير شك في محكم الذكر فحالهـا مشبـه يساجلهــا *** وحق طه وليلة القدر وكم لها من فضيلة نطقــت *** بها وذكر يبقى على الدهر قالت توفى النبـي خالقــه *** مابين سحري وملتقى نحري فلا راعى الله من تنقصهـا *** فماله في المعاد من عذر وأي عـذر لمـبدع رجـس *** مذهبه شتم زوجة الطهر للشاعر : عاصم بن الحسن الأديب |
#70
|
|||
|
|||
شكرا لكم على هذا الموضوع الجميل
|
#71
|
|||
|
|||
ســلم لنا مرورك الرائع أُختي الغالية
تواجـــدك كرقــة الــورد دائما تعطر سماء متصفحنا باطلالتـــكـ فلا تحرمينا جميل عطاءك وتشريفكم لمتصفحنا دوما دمتم بالصحة والعافية جزاك الله ألف خير وبارك الله فيك |
#72
|
|||
|
|||
« مليكة الطهر » للشاعر محمد المقرن
مليكة الطُّهر ( أمّ المؤمنين عائشة -رضِي اللَّهُ عنها- ) بُشــراكِ يا أُمَّاهُ بُشـراكِ . . . هيهاتَ يخـلُدُ إفكُ أفَّـاكِ بُشــراكِ آياتٌ نرتِّلُها . . . تَجلو هُمـومَ البائسِ الباكـي أَفدي دُموعَكِ رِقَّـةً نَزَفَتْ . . . تُبدي المواجِعَ مِنْ حنايـاكِ في ثوبِ طُهـرِكِ عِشْتِ رافلةً . . . والنُّورُ يقطـرُ من مُحيَّاكِ نبـعُ الحياءِ وعذبُـه اجتمعا . . . تحويهما بالطُّهـرِ عينـاكِ هيهاتَ يمتـدُّ النِّفـاقُ له . . . كالنَّجـمِ عن يدِهم سجاياكِ هيهاتُ يدنسُ ثوبُ طاهرةٍ . . . هيهاتَ يُلْمَسُ غرسُها الزَّاكي يأبَـى العفـافُ بأن تُلامِسَـهُ . . . أطرافُ خوَّانٍ وشكَّـاكِ أمليكـةَ الطُّهرِ التوَى قلمي . . . عن وصـفِ مالكةٍ وأملاكِ أمليكـةَ الطُّهرِ انتشَـى عَبَقًا . . . تاريخُنا بشـذا حكايـاكِ خيرُ الأنـامِ حليلُكم وكفَـى . . . فخرًا بأنَّ يديه ترعـاكِ في حُبِّـه قد حُـزْتِ منـزلةً . . . ما حـازَها -واللهِ- إلاَّّكِ علمٌ وفضـلٌ عفَّةٌ وهـدًى . . . سـبحانه كالبدرِ سـوَّاكِ ما مُتِّ لا .. ما زِلْتِ عائشـةً . . . بالعلمِ كنتِ كما مُسمَّاكِ أُمَّـاه ما زال النِّفـاقُ بنـا . . . لو أبصَرَتْـهُ اليومَ عينـاكِ كم بيـننا من مُرجِـفٍ ولَكَمْ . . . من حـاقدٍ وَغْدٍ وأفَّاكِ وَقَفـوا لنا في دربِ عِفَّتِنا . . . بشِـراكِ عدوانٍ وأشـواكِ لا ليسَ شَـرًّا ما يُحاكُ لنا . . . فاللهُ فوقَ الحـائكِ الحاكي لا ليـس شـرًّا إنَّه لرُؤَى . . . خـيرٍ فبُشـرانا ببُشـراكِ |
#73
|
|||
|
|||
أُمّـاهُ صبْراً (قصيدة في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها)
أُمّـاهُ صبْراً فإن الحقَّ مُنتصرُ ... وعـابدُ النارِ في إيـرانَ يُحْتَضَرُ أنتِ اجتَنَيتَ ثِمارَ المَجدِ عاليةً ... من دَوحةٍ لم يُسامِتْ فَرْعَها بَشَرُ حِبُّ الرّسولِ ومَن أهدى لهُ مَلَكاً ... في سَرقةٍ حَسُنَتْ غَرّاءَ تَخْتَمِرُ(1) لَمْ يَنَْزلِ الوحيُ يوماً عندَ واحدةٍ ... من النّساءِ سواها وهي تَنْتَظِرُ لكنّه أنـزلَ الآياتِ تذكـرةً ... تحتَ الغطـاءِ وفي آيـاتِهِ عِبَرُ(2) وأَقْرأَ الروحُ يوماً وهي قائمةٌ ... لها السّلامَ مع المختارِ إذْ حَضَروا(3) وأنزلَ اللّـهُ قرآنـاً يُبَرِّئهـا ... ممـا رمـاها بِهِ الأفّـاكُ والزُمَرُ أَنتِ التي دونَ خَلْقِ اللهِ مَسْكَنُهُ ... أنتِ التي في عَونِهِ للحَقِّ إذ نَفَروا حَتّى قضى في وِسادٍ أنتِ جَوْهَرُهُ .. ومازجَ الريقَ ريقٌ وهو يُحتَضَرُ(4) في بيتِها دونَ أرْضِ اللهِ مَسْكَنُهُ ... وروضةٌ من ريـاضِ اللهِ تَزْدَهِرُ كَمْ قَدْ نَقَلْتِ لنـا من قَولِهِ جُمَلاً ... دُرّاً فيُغْضي حيـاءاً دونَها القَمَرُ بنتَ الكريمِ الذي صاخَتْ مسامعُهُ . للوحي يومَ جميعُ النّاسِ قد كَفَروا وخَصَّهُ اللهُ دونَ الخلقِ منْـزلةً ... حينَ اصطفاهُ رفيقاً عندما هَجروا سائِلْ عفيفاً وبَرّاً عن فضـائِلِها ... يكـادُ يَبْرُقُ عن مكنونِها النَظَرُ ذاعَتْ منـاقِبُها في كُلِّ نـاحيةٍ ... كالشّمسِ بـازغةً بالنّـورِ تَزْدَهِرُ إذْ أعْجَزَ الكُلَّ أدْراكاً لِمَنْزِلِهـا ... كَأَنَّهـا الغيـثُ سَحّاءاً وتَنْهَمِرُ حتّى سَمِعْنـا بِخنزيـرٍ تُعـاوِنُهُ... شَرُّ الخنـازيرِ لادِينٌ ولابَصَرُ إنّ الرّوَيْفِضَ خِنزيـرٌ ستَمْحَقُهُ ... حُمّى الخَنازيرِ يَوماً حينَ تَنْتَشِرُ الآكلـونَ لُحومَ الصَحبِ تَأكُلُهُمْ ... نـارٌ تَلَظّى شُواظاً وهْيَ تَسْتَعِرُ الطاعنـونَ خيارَ النّاسِ وَيْحَهُمُ ... لا باركَ اللهُ فيهم إَيْنَما حَضَروا أشْياخُهُمْ شَرُّ من يَحيى وأَكْفرُه ... والأرضُ تَكرهُ موتاهَم إذا قُبِروا والرافِضِيُّ إذا تَمّـتْ ضَلالَتـُهُ ... بَغْلٌ يُساقُ بِثَوبِ الكُفْرِ مُؤْتَزِرُ جـاءَ النبيُّ بِدِينِ اللهِ فانْكَفَـأوا ... على قُبُورٍ لَهُمْ تُدْعى وتُنْتَظَرُ فَهَلْ تُضيرُ أبا بكرٍ ضَلالَتَهُم ... أمْ هلْ يُساءُ رسولُ اللهِ إن كَفَروا ياعِلْجَ رفضٍ أدامَ اللهُ خِزيَكُمُ ...مـادامَ في قُمِّكُـم كَلْبٌ ومُعْتَجِرُ الشاتميـنَ نَبِيَّ اللهِ في صَلَفٍ ... الهاربينَ إلى الأنفاقِ إن حُصِروا تلقى الرُويفضَ مُعْتَماً فَتَحْسَبُهُ ... شَيـئاً ولكِنّهُ كالرَّوثِ يَنْدَثِــرُ تَهجونَ أُمّاً لنا شاهَتْ وجوهَُكُمُ ... فالبحرُ ما ضرّهُ من قاذفٍ حَجَرُ إِنْ تَرجُموا فارجُموا خابَتْ ظُنونُكُمُ ...إذْ ليسَ يُرجَمُ إلا مَن بِهِ ثَمَرُ مُوتوا مِنَ الغيظِ غماًً لا أباً لَكُمُ ... لَسْتُمْ إليـها ولا أَنتُم لهـا خَطَرُ يا ابنَ الرُّوَيفِضِ قد جاءَتْكَ داهيةٌ ... منِ الدواهي الّتي للآلِ تَنْتَصِرُ هَلاّ سَكَتُّم فَتَخفى بَعضُ سوأتِكِم ... هيهاتَ هيهاتَ إنَّ الغيظَ يَستَعِرُ ياوَيحَهُم طَعَنوا زَوجَ النّبيِّ وَهُم ... بالطّعنِ أولى وما في طَعْنِهِم ضَرَرُ لَو جَهَّزوا في أَذاها كُلَّ بـاغِيَـةٍ ... وكُـلَّ نـاعقةٍ كُفـراً سَتَنْدَحِرُ ياصاحبَ الإفْكِ والبهتـانُ مَشْرَبُهُ ... دَجِّل فعَمّـا قَليـلٍ يُعْلَمُ الخَبَـرُ 1. عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَأَكْشِفُهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ" رواه البخاري. 2. عن عائشة، رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا أُمَّ سَلَمَةَ لا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا 3. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلامَ فَقَالَتْ وَعَلَيْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ تَرَى مَا لا أَرَى تُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، رواه البخاري. 4. عن َعائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :ُ فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي" رواه البخاري. أُمّـاهُ صبْراً فإن الحقَّ مُنتصرُ : أبو عبد الله الجبوري |
#74
|
|||
|
|||
قصيدة عبدالله غالب الحميري
عذراً أم المؤمنين أمَّاهُ طبتِ شذا الأَنفاسِ والنَّسَمِ ***وطبتِ لحنَ الشَّدا في نبسِ كلِّ فَمِ وطبتِ أنشودةَ التأريخِ خَالدةً ***وقصةَ الطُّهرِ للأَجيالِ والأُممِ وطبتِ أصلاً، وطابَ الفرعُ ''عائشةً'' ***زكيةَ الثوبِ والأَردانِ والشِّيَمِ يا بنتَ أفضل بعدَ المرسلينَ أباً ***وخيرَ زوجٍ لخيرِ الرسْلِ كلِّهمِ ما حامَ حولَ خِباكِ الشكُّ، معذرةً ***أماهُ، كلُّ الخنا والفُحشِ في الزنِمِ اختاركِ اللهُ للمختارِ صاحبةً ***وليسَ بعدَ اصطفاءِ اللهِ من عِظَمِ وأنزلَ الحقَّ فيكِ الوحيُ، فانتحرَتْ ***أمامَ طهركِ جندُ الإفكِ والتُّهمِ فأنت في الذِّكرِ أمُّ المؤمنينَ، ومَن ***يأباكِ فالنارُ أمُّ الكافرِ الخَصِمِ قد طهَّرَ اللهُ للمعصومِ سَاحتَهُ ***فيما تَلا فيكِ مِن طهرٍ ومِن قِيَمِ مَصونةٌ من عثارِ السوءِ، محصنةٌ ***من ريبةِ الهمِّ بالفحشاءِ واللَّمَمِ أمينةُ المصطفَى الهادِي، وحاملةٌ ***نورَ النبوَّةِ من آيٍ ومِن حِكمِ زَفَّت إلى المصطفى البُشرى بمَقدَمها ***من قبلِ أن تستتِمَّ الست في الحُلمِ وما تزوجَ بكراً غيرَ "عائشةٍ" ***وذاك في سابقِ التقديرِ بالقَلمِ وجاءهُ الوحيُ في أَكنافِ معطفِها ***ولم تفارقهُ في حلٍّ ولا حَرمِ سارَت بأخبارِها الرُّكبانُ واشتهرَتْ ***بعِلمها الجمِّ بينَ السهلِ والأَكمِ ما استشكَلتْ بين جمعِ الصَّحبِ مَسألةً ***إلاَّ رأَوا عندَها إرواءَ كلِّ ظَمِي أَحبُّ أزواجِ خيرِ الخَلقِ قاطبةً ***لقلبهِ مِن نساءِ العُربِ والعَجَمِ وكيف لا؟ ورفيقُ الغارِ والدُها ***صِدِّيقُ أحمدَ، رمزُ الصدقِ والشمَمِ فلا أحبَّ من الصدِّيقِ وابنتهِ ***ولا يدانيهِما في القربِ ذو رَحِمِ وماتَ في حِجرها الهادي وحُجرَتِها ***ولم يبِت ليلةً منها على وظمِ وتلكَ واحدةٌ من ألفِ مَنقبةٍ ***مِن دُونها ذِروةُ العلياء والقممِ وكيف يَجحدها القالي مَفاخرَها ***وتلكَ أشهرُ من نارٍ على علمِ؟! وما عسى تُوقظُ الأشعارُ أفئدةً ***أصحابُها عن سماعِ الوَحي في صَممِ لكنَّهُ واجبُ الإدلاءِ سيِّدَتي ***في بحرِ ما خصَّ هذا البيت مِن كرمِ وصيحةٌ من لِواءِ الشعرِ أرفعُها ***في الذَّودِ عَن بيضةِ الإسلامِ والحرمِ تطاولَ الرفضُ حينَ اشتدَّ ساعدُهُ ***وغابَ عن دَحرِ هذا الرجسِ كلُّ كَمِيْ فلا غرابةَ إن عادَتْ أَوافكُهمْ ***وأظهرَ اللهُ منهمْ كلَّ منكتمِ حتى يَفيءَ إلى الإسلام ناصرُهُ ***وللنفاقِ يفيءُ اليومَ كلُّ عَمِي أخزاهمُ اللهُ ماذا يحلمونَ بهِ ***إن صارَ عرضكِ ديناً غير مُحترمِ؟ وأيُّ جرمٍ أتاهُ الصحبُ واجترَحوا؟ ***ما أشبهَ الرفضَ بالخُفَّاشِ والظُّلَمِ أماهُ، دونكِ جندُ اللهِ شاهرةً ***سيوفَها، ألفُ مِليُونٍ كما الرجمِ يَفدونَ عرضكِ، والأعراضُ هينةٌ ***إن نيلَ عِرضُ رسولِ اللهِ بالذَّممِ ودونَ ما يشتهي الأعداءُ ملحَمةٌ ***تشيبُ فيها النَّواصي قبلَ سَفكِ دَمِ عليكِ ما ذُكر المختارُ تَرضيةُ المَولى ***إلى أنْ يقومَ الخَلقِ للحَكَمِ. |
#75
|
|||
|
|||
نصرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها / ترجمة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها / حادثة الإفك
حديث الإفك الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل الأحاديث الطوال (6) حديث الإفك الحمد لله رب العالمين، مالك الملك ومدبر الأمر، لا يقضي قضاءً لمؤمن إلا كان خيرًا له، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط، نحمده في السراء والضراء، والعافية والبلاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كريم النوال، شديد المحال، سريع العقاب، عزيز ذو انتقام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أخيف في الله تعالى وما يخاف أحد، وأُوذي فيه - سبحانه - وما يُؤذي أحد، ومرت عليه ليالٍ يبيت جائعًا لا يجد طعامًا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أن عظيم الأجر في شدة البلاء مع الرضا والصبر والاحتساب؛ ولذا كان الأنبياء أشد الناس بلاءً، ثم الأمثل فالأمثل، وقد أوذي نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أشد الأذى حتى آذاه المنافقون في عِرضه الشريف، واتَّهموا زوجه الطاهرة العفيفة عائشة - رضي الله عنها - فبرَّأها الله تعالى في قرآن يتلى إلى آخر الزمان، وفضح المنافقين شر فضيحة، وهذا حديثها عما أصابها. قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، دَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قَالَتْ: وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ فَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَوَالله مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ، وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ، قَالَتْ: فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدُ الله بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، قَالَ عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ، وَقَالَ عُرْوَةُ أَيْضًا: لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلَّا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، فِي نَاسٍ آخَرِينَ لاَ عِلْمَ لِي بِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى... قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: «كَيْفَ تِيكُمْ»، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَلِكَ يَرِيبُنِي وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ، وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا... قَالَتْ:... فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا؟ فَقَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ وَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قَالَتْ: وَقُلْتُ: مَا قَالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، قَالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «كَيْفَ تِيكُمْ»، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قَالَتْ: وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقُلْتُ لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهُ، مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَالله لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ الله، أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، قَالَتْ: وَدَعَا رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلَكَ، وَلاَ نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، لَمْ يُضَيِّقِ الله ُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَرِيرَةَ، فَقَالَ:«أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟». قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ الله بْنِ أُبَيٍّ، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ:«يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَالله مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي» قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ الله أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، قَالَتْ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ الله لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ الله لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، قَالَتْ: فَثَارَ الحَيَّانِ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخَفِّضُهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلَّهُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ، إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ»، قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِّي فِيمَا قَالَ: فَقَالَ أَبِي: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا قَالَ: قَالَتْ أُمِّي: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقُلْتُ -وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لاَ أَقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرًا- إِنِّي وَالله لَقَدْ عَلِمْتُ: لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ، لاَ تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَالله يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَالله لاَ أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18] ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَالله يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَالله مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ الله مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِيَّ بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا، فَوَالله مَا رَامَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَجْلِسَهُ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ» قَالَتْ: فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَالله لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّي لاَ أَحْمَدُ إِلَّا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَتْ: وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ﴾ [النور: 11] العَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَالله لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ الله: ﴿ وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ ﴾ [النور: 22] - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 5]، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَالله إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَالله لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَيْنَبَ: «مَاذَا عَلِمْتِ، أَوْ رَأَيْتِ». فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَالله مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَصَمَهَا اللهُ بِالوَرَعِ، قَالَتْ: وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ، فِيمَنْ هَلَكَ...رواه البخاري ومسلم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب:58]. وأقول قولي هذا وأستغفر الله... الخطبة الثانية الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين. أما بعد، فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة:281]. أيها المسلمون، كشَفت حادثة الإفك سوء النفاق، وأظهرت قذارة المنافقين، ودلَّت على أن المنافق لا يتورَّع عن شيء في أذيَّة المؤمنين، فحين عجز المنافقون عن النَّيل من النبي - صلى الله عليه وسلم - رموه في عرضه الشريف، وطعنوا في أحب أزواجه إليه مُبالغة في أذاه. ومنافقو عصرنا لم يتورَّعوا عن فعل ما فعل السابقون منهم، وهم يفترون الأكاذيب، ويختلقون التُّهم في الأبرياء، ويسعون بكل قوة في حرب الإسلام وإسقاط حملته ومبلغيه من العلماء والدعاة، والمصلحين المحتسبين، فالله حسيبهم، ولن ينالوا من دين الله تعالى شيئًا كما لم ينل أسلافهم. وكشفت حادثة الإفك شدة الابتلاء الذي حاق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وببيته، وبأحب زوجاته إليه، وبأحب أصحابه إليه، ابتلاء يغور ألَمه في القلوب حتى يصدعها، فذلك عرضه، وتلك زوجه، وذاك صاحبه، فماذا يفعل؟! وماذا يقول؟! وكل ابتلاء يهون عند العرض؟ وكل اتهام أهون من الاتهام فيه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظر الوحي ولا وحي إلا بعد شهر من المحنة والابتلاء. ثلاثون ليلة كيف نام فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ وكيف أكل وشرب؟ وهل هَنِئ بشيء؟ وكيف نام فيها أبو بكر وأهل بيته؟ وهل هَنِئوا فيها بطعام وشراب؟ ثلاثون يومًا بكت فيها عائشة - رضي الله عنها - حتى جفَّ دمعها، وذهب صوتها، واعتل جسدها. ثلاثون يومًا ولا حيلة للنبي ولا لعائشة ولا لأبي بكر وأهل بيته، ولا حيلة للمهاجرين والأنصار وهم يرون الألم في وجه النبي - عليه الصلاة والسلام - وفي وجه أبي بكر وآل بيته. والمنافقون يفيضون في الإفك، ويشيعونه في الناس، ويتلذَّذون بأذية النبي في عرضه، ما أعظمه من ابتلاء! وما أشده من امتحان! وهكذا الأصفياء يبتلون، حتى إذا كُشِف الغطاء، ورُفِع البلاء، وزالت الغمة، وذهبت الكربة، ظهر الحق، وثبت الأجر، وفُضِح النفاق، وما زاد عائشة ما رميت به من الإفك إلا رِفعة عند الله تعالى، ومحبة في قلوب المؤمنين، وما زادت أذية المنافقين للنبي - عليه الصلاة والسلام - في عرضه ولأبي بكر وآل بيته في ابنتهم، إلا أجرًا عند الله تعالى، وعزًّا في الدنيا والآخرة. وحين نقرأ حديث الإفك أو نسمعه، فلا بد أن نستحضر أن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وأن الأجر ينال بالصبر واليقين والثبات، مهما عظُم البلاء، ومهما كثُر المتساقطون، وتخلى المنتكسون عن دين الله تعالى، فإن للدين أعوانًا، وللحق أنصارًا، يبتلون، فيصبرون، فيُنصرون، والعاقبة للمتقين. وصلوا وسلموا على نبيِّكم. |
#76
|
|||
|
|||
أُمُّنَا عاَئِشَة رضي الله عنها وأرضاها
للكاتبة الأخت / شيماء بنت علي الله يجزاها ألف خير تضم هذه الرسالة ترجمة ميسرة لأم المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله عنها وأرضاها -، حيث تناولت جزءً من سيرة حياتها - رضي الله عنها - وشمائلها وأخلاقها وفضلها في بيان العلم الذي حفظته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد جعلت الكاتبة رسالتها في عدة أبواب مجملة على النحو التالي: • باب: فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. • باب: جوانب يجهلها الكثيرون من حياة أم المؤمنين رضي الله عنها من غير الفضائل. • باب: إيضاح العلاقة الحسنة بين أم المؤمنين عائشة وبين علي وفاطمة وذريتهما وأئمة آل البيت رضي الله عنهم جميعاً على ضوء الأحاديث والأقوال والأفعال من خلال كتب السنة وروايات الشيعة. • باب: عرض افتراءات مختلقة وأباطيل لا وجود لها عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها. • باب: عرض أهم وأقوى الشبهات حول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، والرد عليها. • باب: الفوائد والآثار الإيجابية لحادثة الإفك القديمة والمعاصرة. |
#77
|
|||
|
|||
أُمُّنَا عاَئِشَة رضي الله عنها وأرضاها
جمع وكتابة وتقديم/ شيماء بنت علي مقدمة: إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}آل عمران102. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}النساء1. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً} {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}الأحزاب70-71. باب فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أحببت أن أبدأ البحث بكلمات رائعة كتبها الصحابي الجليل حسان بن ثابت في قصيدة للذب عن عرض السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها؛ وكأنها إشارة لأن المُدافعين عن عِرض رسول الله صلي الله عليه وسلم وعِرض أمهات المؤمنين والصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين؛ هؤلاء المدافعون لن يتوقفوا أبداً عن الدفاع بأقلامهم وبأرواحهم مادامت الحياة عسي الله أن يجمعنا بالنبي الكريم صلي الله عليه وسلم وأزواجه وذريته وصحابته أجمعين في الفردوس الأعلى.. وأُشهد الله جلّ في علاه أني ما كتبت هذه الكلمات، وأقحمت نفسي الضئيلة وسط كبار العلماء الذين دافعوا عن عِرض رسول الله؛ إلا طمعاً في أن يجمعني الله بهم في دار كرامته ومستقر رحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه. وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله: أحب الصالحين ولست منهم = لعلي أن أنال بهم شفاعة قصيدة حسان بن ثابت رضي الله عنه: رأيتك وليغفر الله لك حرة من المحصنات غير ذات غوائلِ حصان رزان ما تظن بريبة وتصبح غرثي من لحوم الغوافلِ وإن الذي قد قيل ليس بلائق بك الدهر بل قِيلُ امرئ متماحلِ فإن كنت أهجوكم كما بلغوكمُ فلا رفعتْ سوطي إليّ أناملي وكيف وودي ما حييت ونصرتي لآل رسول الله زين المحافلِ وإن لهم عزًّا يرى الناس دونهم قصاراً وطال العز كل التطاولِ عقيلة حي من لؤي بن غالب كرام المساعي مجدهم غير زائلِ مهذبة قد طيب الله خيمها وطهرها من كل سوء وباطلِ رضي الله عن أمنا عائشة أم المؤمنين ورضي الله عن حسان بن ثابت شاعر النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان ينافح عن النبي صلى الله عليه وسلم. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: إنها الصديقة بنت أبي بكر الصديق، القرشية، التيمية، المكية، رضي الله عنها وعن أبيها، أم المؤمنين، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته، وهي أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبوها: هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، من بني تيم بن مرة بن كعب، واسمه عبد الله بن أبي قحافة، واسمه عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة. وأمها: أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية. كان مولدها في الإسلام قبل الهجرة بثمان سنين أو نحوها. نزل جبريل عليه السلام، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرئها منه السلام. عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشُ هذا جبريل يقرئك السلام " فقلت وعليه السلامُ ورحمة الله وبركاته.() كانت خير زوجة اهتمت بالتلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغت من العلم والبلاغة ما جعلها تكون معلمة للرجال، ومرجعاً لهم في الحديث والسنة والفقه. إنها أعلم النساء، كان الأكابر من الصحابة يرجعون إليها في الفتوى. قال الإمام الزهري رحمه الله: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل. قالت عائشة رضي الله عنها، لقد أُعطيت تسعاً ما أعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران: 1ـ لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني. 2ـ ولقد تزوجني بكراُ، وما تزوج بكراً غيري. 3ـ ولقد قُبض ورأسه في حجري. 4ـ ولقد قبرته في بيتي. 5ـ ولقد حفت الملائكة بيتي. 6ـ وإني لابنة خليفته وصديقه. 7ـ ولقد نزل عذري من السماء. 8ـ ولقد خلقت طيبة عند طيب. 9ـ ولقد وُعدت مغفرة ورزقاً كريماً.() أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: يبلغ سندها ألفين ومائتين وعشرة أحاديث روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبيها وعن عمر وفاطمة رضي الله عنها وروى عنها الكثير، كان مسروق وهو من كبار المحدثين التابعين إذا حدث عن عائشة قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله، المبرأة من فوق سبع سماوات، توفيت في الليلة السابعة عشر من رمضان بعد الوتر، لسنة سبع وخمسين للهجرة صلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، وأمرت أن تدفن من ليلتها. حبيبة الحبيب صلى الله عليه وسلم وفي فضيلة قربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعظيم محبته عليه الصلاة والسلام لها، قال إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، عن إسماعيل بن أبي خالد،عن قيس بن أبي حازم، عن عمرو بن العاص أنه قال: "قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قِيلَ مِنْ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا".() فكانت هي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال الذهبي بعد إيراده هذا الحديث تعليقاً عليه قال: وهذا حديث ثابت صحيح رغم أنوف الروافض، وما كان عليه الصلاة والسلام ليحب إلا طيباً وقد قال: "لو كنت متخذاً خليلاً من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام أفضل ".يقول الذهبي: فأحب عليه الصلاة والسلام أفضل رجل وأفضل امرأة من أمته، فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حري أن يكون بغيضاً إلى الله ورسوله. فضلها للأمة...ومقارنة العلماء لها بالسيدة خديجة أن عائشة قالت (( أن رسول الله قال يا عائشة أو يا عائشُ إن جبريل يقرئكِ السلام قالت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى مالا أرى)) تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تحدث العلماء عن هذا الحديث وهم يقارنون بين السيدة خديجة والسيدة عائشة رضي الله عنهما وأن السيدة خديجة كانت أجود لأن في حالة السيدة خديجة رضي الله عنها كان السلام من الله عز وجل وجبريل عليه السلام وهذا يعتبر من فضل السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها. أما بالنسبة للأمة فالسيدة عائشة أفضل للأمة حيث أنها عاشت بعد رسول الله أربعين سنه وقد جزم الحافظ ابن حجر أنها عاشت خمسين سنة. وقد توفت رضي الله عنها سنة 58هـ وقد توفي الرسول عنها وهى ابنة ثمانية عشرة عاما وصلى عليها الإمام أبو هريرة رضي الله عنه. وكانت رضي الله عنها فقيهة الأمة وكان يرجع إليها الصحابة رضوان الله عليهم بدأً بأبيها أبو بكر الصديق رضي الله عنه. زوجته في الدنيا والآخرة قال مُعَلًّى، قال حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا " أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ وَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَاكْشِفْ عَنْهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ".() عندما بعث عمارا والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها وذلك عند حدوث المحنة وقد كانت رضوان الله عليها تبكى عندما تقرأ قول الله تعالى ((وقرن في بيوتكن)) حتى تبل خمارها. فضل السيدة عائـــشة على نســاء النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي موسى رضي الله عنه، عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال: " إنَ فَضْلُ عَائِشَة عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَام"ِ() وروى البخاري (( أن عائـــشة اشتكت أن ابن عباس قال لها يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أبــى بكر.. فــرط: كــل مــن سبقــك. فضلها رضي الله عنها في التيـمم عن عائــشة رضي الله عنها أنها استعارت من أســماء قلادة فأهلكت فأرسل من أصحابه في طلبها فأدركتم الصلاة بغير وضـوء فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيــمم فقال أسيد بن حضير جزاك الله خيرا فو الله ما نزل بكِ أمــر قط إلا جعل الله لكِ منه مخرجاً وجعل للمسلمين فيــه بركه. وورد هذا الحديث بشــكل آخر في كتــاب التيــمم عن عائشة ((قالت خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا فوتنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي قالت فأقام رسول صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس وليس معهم ماء فأتى الناس أبو بكر الصديق وقالوا ألا ترى ماذا صنعت عائشة أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليــسوا على ماء وليـــس معهم ماء فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخدي قد نام فقال: حبستِ رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ما ماء وليس معهم ماء فقالت: فعاتبني أبى بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعنني بيده في خاصري قالت فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخدي.. وقولها أبو بكر وليس أبى لأنهــا كانت واجسة وهى تتكلم. اهتمامه الرسول صلى الله عليه وسلم بوقت رضاها عليه قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لعائشة رَضي الله عنها ذات يومٍ: "إنِّي لأعلم إذا كُنتِ عنِّي رَاضيةً، وَإِذا كُنتِ عليَّ غَضبى"، فقالت: وكيف تعرف ذاك، بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كُنتِ عنِّي راضيةً؛ قلت: لا وَرَبِّ مُحَمِّدٍ، وإذا كنت عليَّ غَضبى؛ قلتِ: لا وَرَبِّ إبراهيم"، فقال: أجل والله، ما أهجر إلِّا اسمك. حرصــه صلى الله عليه وسلم على وجوده في بيتها عند موته وعن الرسول صلى الله عليه وسلم لما كان في مرضه جعل يدور في نسائه ويقول أين أنا غدا أين أنا غدا حرصا على بيت عائشة فلما كان يومها سكن. وسكــــن: أي لم يقل أين أنا غدا وقالت رضي الله عنها مات رسول الله وقد اختلط ريقي بريقه، وكما ورد في الصحيح انه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتها. لا تؤذيني في عائشة؟ "قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قال حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَاجْتَمَعَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ وَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ وَإِنَّا نُرِيدُ الْخَيْرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَةُ فَمُرِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُرَ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا إِلَيْهِ حَيْثُ مَا كَانَ أَوْ حَيْثُ مَا دَارَ قَالَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَلَمَّا عَادَ إِلَيَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَاكَ فَأَعْرَضَ عَنِّي فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ ذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا".() وهذه فضيلة لها عن باقي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. أحبي هذه ثم أنهن رضوان الله عليهن تحدثوا إلى فاطمة رضي الله عنها حيث أنها دخلت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كان في لحاف عائشة وقالت إن نساءك ينشدنك العدل في بنت أبى قحافة فقال صلى الله عليه وسلم أتحبينني فقالت أجل قال فأحبي هذه.. وأخيرا فنشهد الله عز وجل أنا نحب أمنا عائشة رضي الله عنها كثيراً...وما أوردنا من فضائلها أقل بكثير مما ينبغي علينا قوله، إنما كانت إشارة فقط لبعض فضائلها رضي الله عنها، وسيرد ذكر بعض مما قلنا بشيء من التفصيل في باقي أبواب البحث.. |
#78
|
|||
|
|||
جوانب يجهلها الكثيرون من حياة أم المؤمنين رضي الله عنها
من غير الفضائل ألقاب ميّزتها رضي الله عنها: تميّزت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأن ظفرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بألقاب أطلقها عليها، لم تطلق على غيرها من أمهات المؤمنين ولا يعلمها الكثير من الناس، فقد ناداها بقوله: (يا عائش) على الترخيم من العيش، وكثيراً ما ناداها (يا بنت الصديق، ويا بنت أبي بكر)، ومن الألقاب التي أطلقها الرسول صلى الله عليه وسلم عليها: (يا حميراء) تصغير الحمراء، يريد البيضاء، لأن العرب تطلق على الأبيض أحمر لغلبة السمرة على لون العرب.() وكانت تُكنّى رضي الله عنها بأم عبد الله، وقد أطلق الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الكنية عليها، فقد روى عروة عنها أنها قالت: (كل صواحبي لهن كنى، قال فاكتنّي بابنك عبدالله() –يعني ابن أختها-قال: فكانت تكنّى بأم عبدالله).() ذكر تسميتها رضي الله عنها ((مُوَفًّقة)): عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من كان له فرطان() من أمتي أدخله الله الجنة، قالت عائشة رضي الله عنها: فمن كان له فرط من أمتك؟ قال: ومن كان له فرط من أمتي يا ((مُوَفًّقة))؛ قلت: ممن لم يكن له فرط من أمتك؟ قال: أنا فرط لأمتي لن يصابوا بمثلي- خرجه الترمذي في الشمائل.() ومن الجوانب التي خفيت على كثير من الناس أن ينتبهوا إليها في سيرة أم المؤمنين رضي الله عنها؛ وهو دورها القوي في المجتمع، ومن ذلك ما يلي: عائشة رضي الله عنها وقضية المرأة كانت عائشة رضي الله عنها زعيمة الآخذين بناصر المرأة، والمنافحين عنها بلا منازع.وإليها كانت تتطلع أبصار المستضعفات لما تمّ لها من المكانة الكبيرة في العلم والأدب والدين.وإليها يرجـع الفضـل الأكبر - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - في إعظام الناس المرأة الإعظام اللائق، حتى ظهر كثير من اللائي طمحن إلى اقتفاء أثرها في الشجاعة الأدبية والجرأة. فإذا أحبت النساء أن يسألن من علم..أو يبحثن عن مسألة..توجهن إلى عائشة..وإذا أحست المرأة بظلم زوجها..جاءت عائشة تستفتيها وتطلب نصرتها.. في الحديث عن عبد الواحد بن أيمن قال: حدثني أبي قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها وعليها درع قِطْر ثمنه خمسة دراهم فقالت: (ارفع بصرك إلى جاريتي فإنها تُزهى أن تلبسه في البيت، وقد كان لي منه درع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كانت امرأة تُقَيَّنُ بالمدينة إلا أرسلت إليّ تستعيره). عائشة رضي الله عنها والسياسة شاركت السيدة عائشة رضي الله عنها في أحداث عصرها السياسية. كان لها رأيها الواضح المؤيد أو المعارض.ففي عهد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما اقتصر دورها على الناحية العلمية والاجتماعية.. وفي عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، سارت السيدة عائشة في الشطر الأول من خلافته سيرتها على زمن صاحبيه..أما في الشطر الثاني..فقد قرّب عثمان أقاربه فولاّهم الأمصار وفضّلهم على غيرهم من كبار رجال المسلمين..وبسببهم أقصى الكثير من صحابة الرسول..ويقال أنه أساء إلى رجال كانت لهم يد وسابقة..وأغضبت هذه التصرفات الكثير من الناس..وحاولت عائشة كما حاول الآخرون أن يسدوا النصح إلى عثمان، مبينين له فساد ما يتبع من سياسة.فكان يستمع إليهم، ثم لا يلبث أن يغلبه مستشاروه من ذوي رحمه فيعود إلى ما كان ينهج من تصرف. كان من ذلك أن ازداد غضب الكثيرين عليه.في هذه المرحلة مارست السيدة عائشة حقها في النصح والتسديد وأصبحت زعيمة للمعارضة بلا منازع. فعندما غضب الخليفة عثمان على عمّار بن ياسر رضي الله عنهما ويقال بأنه ضربه وشتمه..نددت السيدة عائشة بفعله هذا وقالت على الملأ: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم، وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد.وحينما عزل عثمان عبد الله بن مسعود عن بيت مال الكوفة..ونال منه وشتمه..غضبت عائشة وقالت: أي عثمان، أتقول هذا لصاحب رسول الله..؟ وولىّ عثمان على الكوفة أخاه من أمه الوليد بن عقبة، فبرم به أهلها وكرهوه، وأتى وفد منهم إلى عثمان يشكونه.. وحدث أمر مشابه مع ولاة عثمان في مصر والبصرة..وفي كل ذلك كانت السيدة عائشة تعلن رأيها صراحة على الملأ..تندد بالخطأ، وتأخذ جانب أصحاب رسول الله، وتطالب عثمان التزام جانب الصواب.. وفي أوج الأزمة حضرت وفود من البصرة والكوفة ومصر، وحاصرت المدينة وهم يطالبون بخلع الخليفة أو قتله. وبعث عثمان بعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما يستمع إلى شكايتهم، ويعدهم بإزالة أسبابها.وقام علي بمهمته خير قيام.فانصرف القوم وهم راضون مطمئنون. ولم يمض على هذا الأمر غير أيام قليلة حتى عاد الثائرون، فحاصروا المدينة من جديد، فقد اكتشفوا أن كتابا ممهورًا بخاتم عثمان أرسل إلى والي مصر يطالبه بقتل هؤلاء بمجرد عودتهم..وانفجر الموقف..بين خليفة لا علم له بالكتاب..وبين شكوك حامت حول مروان بن الحكم مستشاره وحامل ختمه..وبين ثوار لم يعودوا يرضون بغير خلع الخليفة أو قتله.. في هذه الظروف تأهبت نساء النبي ومعهن السيدة عائشة لمغادرة المدينة إلى مكة يبغين الحج..ولربما للبعد عن هذه الفتنة التي تعصف بالخلافة والخليفة. وحملت الأخبار إلى مكة نبأ مقتل الخليفة عثمان... تأثر الناس لهذا الحدث الجلل وأنكره جميع الصحابة بلا استثناء ومنهم بالطبع أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها..فالمعارضة ونصح الحاكم شيء والاعتداء المسلح على الخليفة شيء آخر..الأسلوب الأول واجب شرعي يقوم به كل مسلم، والأسلوب الثاني خروج على الله ورسوله وخليفته.وكما كانت عائشة تطالب عثمان بالاستقامة على منهج رسول الله في سياسته..فهي اليوم تطالب بالضرب بيد من حديد على أيدي الجناة القتلة..وعندما سئلت في هذا قالت: رأيتهم استتابوه، فلما تاب، قتلوه وهو صائم في الشهر الحرام، والبلد الحرام، وأخذوا المال الحرام..والله لأصبع عثمان خير من طباق الأرض من أمثالهم.. - هذا الموقف، فهمه بعضهم على أن عائشة غيّرت موقفها من عثمان..وهو فهم غريب..فعائشة العالمة الفقيهة تفرق بين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وبين قتل رجل صحابي جليل وخليفة عظيم مثل عثمان. - وفهم البعض أيضا أن عائشة هي التي أوقدت نيران الحرب بين المسلمين أنصار علي الذي بويع بالخلافة وأنصار عثمان الذين يطالبون بمحاكمة ومقاضاة القتلة.. أما عائشة فقد أعلنت بأبلغ بيان..بأنها إنما خرجت للإصلاح بين الناس، (وأرجو فيه الأجر إن شاء الله).() إيضاح العلاقة الحسنة بين أم المؤمنين عائشة وبين علي وفاطمة وذريتهما وأئمة آل البيت رضي الله عنهم جميعاً على ضوء الأحاديث والأقوال والأفعال من خلال كتب السنة وروايات الشيعة. أبدأ بكلام منقول نصاً دون تصرف للإمام بن القيم رحمه الله عن فضل عائشة وفضل فاطمة رضي الله عنهما. ( الخلاف في كون عائشة أفضل من فاطمة أو فاطمة أفضل، إذا حرر محل التفضيل صار وفاقًا، فالتفضيل بدون التفصيل لا يستقيم. فإن أريد بالفضل كثرة الثواب عند الله عز وجل، فذلك أمر لا يطلع عليه إلا بالنص لأنه بحسب تفاضل أعمال القلوب، لا بمجرد أعمال الجوارح، وكم من عاملين أحدهما أكثر عملًا بجوارحه والآخر أرفع درجة منه في الجنة. وإن أريد بالتفضيل التفضل بالعلم، فلا ريب أن عائشة أعلم وأنفع للأمة وأدت إلى الأمة من العلم ما لم يؤد غيرها، واحتاج إليها خاص الأمة وعامتها. وإن أريد بالتفضيل شرف الأصل وجلالة النسب، فلا ريب أن فاطمة أفضل، فإنها بضعة من النبي وذلك اختصاص لم يشركها فيه غير إخوتها.وإن أريد السيادة، ففاطمة سيدة نساء الأمة. وإذا ثبتت وجوه التفضيل وموارد الفضل وأسبابه صار الكلام بعلم وعدل.وأكثر الناس إذا تكلم في التفضيل لم يفصل جهات الفضل ولم يوازن بينهما، فيبخس الحق وإن انضاف إلى ذلك نوع تعصيب وهوى لمن يفضله تكلم بالجهل والظلم. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن مسائل عديدة من مسائل التفضيل فأجاب فيها بالتفصيل الشافي. فمنها إنه سئل عن تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر أو العكس.فأجاب بما يشفي الصدور.فقال: أفضلهما أتقاهما لله، فإن استويا في التقوى استويا في الدرجة. ومنها أنه سئل عن عشر ذي الحجة والشعر الأواخر من رمضان، أيهما أفضل فقال: أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة. وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيًا كافيًا، فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة، وفيهما يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية.وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الأحياء التي كان رسول الله يحييها كلها وفيها ليلة خير من ألف شهر.فمن أجاب بغير هذا التفصيل لم يمكنه أن يدلي بحجة صحيحة. ومنها أنه سئل عن ليلة القدر وليلة الإسراء بالنبي أيهما أفضل، فأجاب بأن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي وليلة القدر أفضل بالنسبة إلى الأمة، فحظ النبي الذي اختص به ليلة المعراج منها أكمل من حظه من ليلة القدر، وحظ الأمة من ليلة القدر أكمل من حظهم من ليلة المعراج، وإن كان لهم فيها أعظم حظ، لكن الفضل والشرف والرتبة العليا، إنما حصلت فيها لمن أسرى به. ومنها أنه سئل عن يوم الجمعة ويوم النحر فقال: يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ويوم النحر أفضل أيام العام.وغير هذا الجواب لا يسلم صاحبه من الاعتراض الذي لا حيلة له في دفعه. ومنها أنه سئل عن خديجة وعائشة أم المؤمنين أيهما أفضل.فأجاب بأن سبق خديجة وتأثيرها في أول الإسلام ونصرها وقيامها في الدين لم تشركها فيه عائشة ولا غيرها من أمهات المؤمنين، وتأثير عائشة في آخر الإسلام وحمل الدين وتبليغه إلى الأمة وإدراكها من العلم ما لم تشركها فيه خديجة ولا غيرها مما تميزت به عن غيرها.فتأمل هذا الجواب الذي لو جئت بغيره من التفضيل مطلقًا لم تخلص من المعارضة).() في البداية إذا نظرنا إلي التاريخ نظرة عامة دون البدء في الخوض في التفاصيل لوجدنا أدلة واضحة وضوح الشمس على حسن العلاقة بين أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وبين علي وفاطمة وذريتهما وأئمة آل البيت رضي الله عنهم جميعاً، لذا آثرت أن أبدأ بإلقاء النظرة على أسماءهم وكيف أنهم تسموا بأسماء بعضهم البعض، فمن أين ياتُرى أتى هذا الكره الذي يدّعيه البعض؟؟!! أسماء الأعلام من أهل البيت من العلويين والهاشميين الذين تسمُّوا بأسماء الصحابة رضوان الله عليهم: أبو بكر بن علي بن أبي طالب: قتل مع الحسين في كربلاء، وأمه ليلي بنت مسعود النهشلية، ذكره: الإرشاد للمفيد ص 248 – 186، تاريخ اليعقوبي في أولاد علي، ومنتهى الآمال للشيخ عباس القمي 1/261 وذكر أن اسمه محمداً وكنيته أبو بكر قال: و (( محمد يكنى بأبي بكر...)) 1/544، وبحار الأنوار للمجلسي 42/120. |
#79
|
|||
|
|||
أبو بكر بن علي بن أبي طالب:
قتل مع الحسين في كربلاء، وأمه ليلي بنت مسعود النهشلية، ذكره: الإرشاد للمفيد ص 248 – 186، تاريخ اليعقوبي في أولاد علي، ومنتهى الآمال للشيخ عباس القمي 1/261 وذكر أن اسمه محمداً وكنيته أبو بكر قال: و (( محمد يكنى بأبي بكر...)) 1/544، وبحار الأنوار للمجلسي 42/120. أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب: قتل مع عمه الحسين في كربلاء، ذكره: الشيخ المفيد في قتلى كربلاء في الإرشاد 248، وتاريخ اليعقوبي في أولاد الحسن، ومنتهى الآمال لعباس القمي 1/544 في استشهاد فتيان بني هاشم في كربلاء. أبو بكر علي زين العابدين: كنية علي زين العابدين بن الحسين هي أبو بكر وذكر ذلك العديد من علماء الشيعة الإمامية، راجع الأنوار النعمانية للجزائري. أبو بكر علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق: كانت كنية علي الرضا أبو بكر ذكر ذلك: النوري الطبرسي في كتابه النجم الثاقب في ألقاب وأسماء الحجة الغائب قال: (( 14- أبو بكر وهي إحدى كُنى الإمام الرضا كما ذكرها أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين. أبو بكر محمد المهدي المنتظر بن الحسن العسكري: إحدى أسماء المهدي المنتظر الذي يعتقد الشيعة بولادته قبل أكثر من 1100 عام أبو بكر، ذكر ذلك النوري الطبرسي في الكتاب السابق ذكره وراجع اللقب رقم (14 ). قُلتُ تُرى لماذا يُكنى أو ويلقب المهدي المنتظر لدى الشيعة الإمامية بأبي بكر؟!! أبو بكر بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: ذكره صاحب أنساب الأشراف ص 68 قال: (( ولد عبد الله بن جعفر...وأبا بكر قُتِلَ مع الحسين وأمهم الخوصاء من ربيعة...))، وذكره خليفة بن خياط في تاريخه ص 240 في تسمية من قُتِلَ يوم الحرة من بني هاشم. وممن اسمه عمر: عمر بن الأطرف بن علي بن أبي طالب: أمه أم حبيب الصهباء التغلبية من سبي الردة، راجع: سر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري الشيعي ص 123 في نسب عمر الأطرف، ومنتهى الآمال لعباس القمي 1/261 قال: (( عمر ورقية الكبرى التوأمان )) وبحار الأنوار للمجلسي 42/120. عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب: أمة أم ولد استشهد مع عمه الحسين في كربلاء، راجع: عمدة الطالب لابن عنبه هامش ص 116، تاريخ اليعقوبي ص 228 في أولاد الحسن. وقال اليعقوبي في تاريخه (( وكان للحسن ثمانية ذكور وهم...وزيد...وعمر والقاسم وأبو بكر وعبد الرحمن لأمهاتٍ شتى وطلحة وعبد الله...)). عمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الحسين: أمة أم ولد ولقب بـ الأشرف، لأن عمر الملقب بـ الأطرف، وهو عمر بن علي بن أبي طالب، راجع: الإرشاد للمفيد ص 261، عمدة الطالب لابن عنبه ص 223، ولقب بالأشرف لأنه من حسيني وحسنية أما عمر الأطرف أخذ بطرف واحد هو الأب علي بن أبي طالب. عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: ذكر اسمه محمد الأعلمي الحائري في تراجم أعلام النساء تحت ذكر اسم بنت الحسن بن عبيد الله بن جعفر الطيار..ص 359. عمر بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق: ذكره ابن الخشاب في أولاد موسى الكاظم. قال ابن الخشاب: (( عشرون ابناً زاد فيهم عمراً وعقيلاً وثماني عشرةَ بنتاً )) راجع: تواريخ النبي والآل لمحمد تقي التستري. |
#80
|
|||
|
|||
وممن اسمه عثمان:
عثمان بن علي بن أبي طالب: قُتِلَ مع الحسين في كربلاء وأمة أم البنين بنت حزام الوحيدية ثم الكلابية، راجع الإرشاد للمفيد ص186 – 428، أعيان النساء للشيخ محمد رضا الحكيمي ص 51، تاريخ اليعقوبي في أولاد علي، منتهى الآمال 1/544، التستري في تواريخ النبي والآل ص115 في أولاد أمير المؤمنين. عثمان بن عقيل بن أبي طالب: ذكره البلاذري في أنساب الأشراف ص70 قال: (( ولد عقيل مسلماً...وعثمان )). طلحة رضي الله عنه: وممن تسموا باسم طلحة: طلحة بن الحسن بن علي بن أبي طالب: ذكره اليعقوبي في تاريخه في أولاد الحسن ص 228، والتستري في تواريخ النبي والآل ص 120. معاوية رضي الله عنه: وممن تسموا باسم معاوية: معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: هو أحد أولاد عبد الله سماه باسم معاوية بن أبي سفيان ولمعاوية هذا عقب راجع: أنساب الأشراف ص60 – 68، وعمدة الطالب لابن عنبه ص 56. أما في ذكر من سمّي بناته عائشة وهو ما يهمنا في بحثنا هذا: عائشة رضي الله عنها: عائشة بنت أبي بكر الصديق زوج رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ والملاحظ أن هناك من أهل البيت ولد له بنين وبنت واحدة فسمى البنت عائشة.تُرى لماذا هذه الرغبة الشديدة في التسمية باسم عائشة رضوان الله عليها !!؟ وممن اسمهن عائشة: عائشة بنت موسى الكاظم بن جعفر الصادق: هي من بنات موسى الكاظم وذكر ذلك الكثير من علماء الشيعة أنفسهم بما فيهم الشيخ المفيد نفسه في الإرشاد ص 303، وعمدة الطالب لابن عنبه هامش ص 266، والأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري 1/380. قُلتُ: ودليل شدة محبة أهل البيت لأم المؤمنين عائشة أن موسى الكاظم له من الولد سبعه وثلاثون ذكراً وأنثى واحدة سماها عائشة. قال في الأنوار النعمانية 1/380 (( وأما عدد أولاده فهم سبعة وثلاثون ولداً ذكراً وأنثى: الإمام علي الرضا و...و...و...وعائشة )). وإن كان هناك خلاف في عدد أولاده لكن الذي لا خلاف فيه أن له ابنة اسمها: عائشة، قال أبو نصر البخاري (( ولد موسى من ثمانية عشر ابناً واثنتين وعشرين بنتاً )) سر السلسلة العلوية ص 53. وأورد التستري في تواريخ النبي والآل سبع عشرة بنتاً هًن (( فاطمة الكبرى وفاطمة الصغرى ورقية ورقية الصغرى وحكيمة وأم أبيها وأم كلثوم وأم سلمة وأم جعفر ولبانة وعلية وآمنة وحسنة وبريهة وعائشة وزينب وخديجة )) تواريخ النبي والآل 125 – 126. عائشة بنت جعفر بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق: قال العمري في المجدي: (( ولد جعفر بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق يقال له الخواري، وهو لأم ولد ثماني نسوة وهي: حسنة وعباسة و عائشة وفاطمة الكبرى وفاطمة (أي الصغرى) وأسماء وزينب وأم جعفر...)) سر السلسلة العلوية ص 63 الهامش الذي كتبه المحقق. عائشة بنت علي الرضا بن موسى الكاظم: ذكرها ابن الخشاب في كتابه مواليد أهل البيت قال: ولد الرضا خمسة بنين وابنة واحدة هم محمد القانع والحسن وجعفر وإبراهيم والحسين، والبنت اسمها عائشة.تواريخ النبي والآل ص 128. عائشة بنت علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا: ذكرها الشيخ المفيد في الإرشاد ص 334 قال: (( وخلف من الولد أبا محمد الحسن ابنه هو الإمام من بعده والحسين ومحمد وجعفر وابنته عائشة...)). أحاديث ومواقف تؤيد المحبة بين عائشة رضي الله عنها وعلي وفاطمة وذريتهما رضي الله عنهم أجمعين: - ثم كيف تكره أم المؤمنين عائشة فاطمة رضي الله عنها وهي التي تروي فضائلها !!؟ فقد روت عائشة رضي الله عنها حديث الكساء في فضل علي وفاطمة والحسن والحسين (رواه مسلم). وقد قَالَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: كُنَّ أَزْوَاجُ النبي صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ لَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِى مَا تُخْطِئُ مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ بِهَا فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِى». ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا فَلَمَّا رَأَى جَزَعَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ فَضَحِكَتْ.فَقُلْتُ لَهَا خَصَّكِ رَسُولُ اللهِ ص مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ بِالسِّرَارِ ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ ص سَأَلْتُهَا: «مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم»، قَالَتْ: «مَا كُنْتُ أُفْشِى عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ». قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: «عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِى عَلَيْكِ مِنَ الْحَقِّ لَمَا حَدَّثْتِنِى مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم». فَقَالَتْ: «أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، أَمَّا حِينَ سَارَّنِى في الْـمَرَّةِ الأُولَى فَأَخْبَرَنِى «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ الْقُرْآنَ في كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَإِنَّهُ عَارَضَهُ الآنَ مَرَّتَيْنِ وَإِنِّى لاَ أُرَى الأَجَلَ إِلاَّ قَدِ اقْتَرَبَ فَاتَّقِى اللَّهَ وَاصْبِرِى فَإِنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ». قَالَتْ: «فَبَكَيْتُ بُكَائِى الذي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِى سَارَّنِى الثَّانِيَةَ فَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ أَمَا تَرضي أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْـمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ».قَالَتْ فَضَحِكْتُ ضَحِكِي الَّذِى رَأَيْتِ».(رواه البخاري ومسلم). - أما عن افتراء أنها كانت تكره عليًّا رضي الله عنه وأنها سجدت يوم قُتِل، وأنها رمَتْ سهمًا في جنازة الحسن رضي الله عنه: الجواب: هذا من الكذب الواضح، كيف تكره أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبناءه وهي تروي فضائلهم !!؟ • فقد روت حديث الكساء في فضل علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم (رواه مسلم). • وأخبرت عن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما (رواه مسلم). • وكانت تحيل السائل على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليجيبه عندما سُئِلَتْ عن المسح على الخفين.(رواه مسلم). • وطلبت من الناس بعد استشهاد عثمان رضي الله عنه أن يلزموا عليًا رضي الله عنه بالبيعة فقد أخرج ابن أبي شيبة، أن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي سأل عائشة من يبايع؟ فقالت له: إلزم عليًّا (). لا يصح ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه أن عائشة لا تطيب لعلي نفسًا بخير»، فهذه زيادة شاذة لا تصح. وهناك الكثير من الأقاويل المنافية للحقيقة بأن عائشة رضي الله عنها تكره علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ونرد على هذه الافتراءات موضحين العلاقة الطيبة التي كانت بينهما فيما يلي: - وذكروا حديث البخاري – باب مرض النبي ووفاته -: " لما ثقل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – واشتد به وجعه خرج وهو بين رجلين تخط رجلاه في الأرض – بين عباس بن عبد المطلب – ورجل آخر – قال الراوي وهو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود – هل تعرف من الرجل الذي لم تسم عائشة هو علي بن أبي طالب " |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
حِكمة زواج النبي بأم سلمة | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | قسم السنة والحديث النبوي | 0 | 2019-10-21 06:20 PM |