للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
حديث: خيرت على زوجها
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- حديث:(( خيرت على زوجها )) عن عائشة - رضي الله عنه - قالت: كانت في بريرة ثلاث سنن: خيرت على زوجها حين عتقت، وأهدى لها لحم، فدخل على رسول الله - صلَّ الله عليه وسلم - والبرمة على النار، فدعا بطعام فأُتي بخبز وإدام من إدام البيت، فقال: "ألم أر البرمة على النار فيها لحم؟"، فقالوا: بلى يا رسول الله، ذلك لحم تصدق به على بريرة، فكرهنا أن نطعمك منه، فقال: "هو عليها صدقة، وهو لنا منها هدية"، وقال النبي - صلَّ الله عليه وسلم -: "إنما الولاء لمن أعتق". قولها: (كانت في بريرة ثلاث سنن)، وفي رواية: ثلاث قضيات، وفي حديث ابن عباس عند أحمد وأبي داود قضى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع قضيات، فذكر نحو حديث عائشة، وزاد: وأمرها أن تعتد عدة الحرة. قال القاضي عياض: معنى ثلاث أو أربع أنها شرعت في قصتها، وما يظهر فيها مما سوى ذلك، فكان قد علم من غير قصتها. قال الحافظ: (وقد تقدم أن العلماء صنَّفوا في قصة بريرة تصانيف، وأن بعضهم أوصلها إلى أربعمائة فائدة، ولا يخالف ذلك قول عائشة ثلاث سنن؛ لأن مراد عائشة ما وقع من الأحكام فيها مقصودًا خاصة، لكن لما كان كل حكم منها يشتمل على تقعيد قاعدة يستنبط العالم الفطن منها فوائدَ جمة، وقع التكثر من هذه الحيثية، وانضم إلى ذلك ما وقع في سياق القصة غير مقصود، فإن في ذلك أيضًا فوائد تؤخذ بطريق التنصيص أو الاستنباط)[1]. قولها: (خيرت على زوجها حين عتقت)، وفي رواية: أنها أعتقت، فخيرت في أن تقر تحت زوجها أو تفارقه، وفي رواية: فدعاها النبي - صلَّ الله عليه وسلم - فخيَّرها من زوجها، فاختارت نفسها. قال البخاري: باب لا يكون بيع الأمة طلاقًا. قال ابن بطال: اختلف السلف هل يكون بيع الأمة طلاقًا، فقال الجمهور: لا يكون بيعها طلاقًا، قال: وحجة الجمهور حديث الباب، وهو أن بريرة عتقت، فخيِّرت في زوجها، فلو كان طلاقها يقع بمجرد البيع، لم يكن للتخيير معنى، ومن حيث النظر أنه عقد على منفعة، فلا يبطله بيع الرقبة كما في العين المؤجرة؛ انتهى. وروى حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: إذا زوج عبدة بأمَته، فالطلاق بيد العبد، وإذا اشترى أمة لها زوج، فالطلاق بيد المشتري، وأخرج سعيد بن منصور من طريق الحسن قال: إباق العبد طلاقه. وقال البخاري أيضًا: باب خيار الأمة تحت العبد، وذكر حديث ابن عباس كان زوج بريرة عبدًا أسود يقال له مغيث، عبدًا لبني فلان، كأني أنظر إليه يطوف وراءها في سكك المدينة[2]. قال الحافظ: (اقتضت الترجمة بطريق المفهوم أن الأمة إذا كانت تحت حر فعُتقت، لم يكن لها خيار، وقد اختلف العلماء في ذلك، فذهب الجمهور إلى ذلك)[3]؛ انتهى. وقال البخاري أيضًا: باب شفاعة النبي - صلَّ الله عليه وسلم - في زوج بريرة، وذكر حديث ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي - صلَّ الله عليه وسلم - لعباس: "يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بُغض بريرة مغيثًا، فقال النبي - صلَّ الله عليه وسلم -: "لو راجعته"، قالت: يا رسول الله، تأمرني، قال: "إنما أنا أشفع"، قالت: لا حاجة لي فيه[4]. قولها: (والبرمة على النار)، في رواية: والبرية تفور بلحم، قولها: فكرهنا أن نطعمك منه في رواية: ذاك لحم تصدق به على بريرة، وأنت لا تأكل الصدقة، وعند أحمد وابن ماجه: ودخل على رسول الله - صلَّ الله عليه وسلم - والمرجل يفور بلحم، فقال: "من أين لك هذا"، قلت: أهدته لنا بريرة وتصدق به عليها. قوله: (هو عليها صدقة، وهو لنا منها هدية). وقال البخاري: باب إذا تحولت الصدقة[5]. قال الحافظ: أي فقد جاز للهاشمي تناولها، وفي حديث أم عطية الأنصارية - رضي الله عنها - قالت: دخل النبي - صلَّ الله عليه وسلم - على عائشة - رضي الله عنها - فقال: "هل عندكم شيء"، فقالت: لا إلا شيء بعثت به إلينا نسيبة من الشاة التي بعثت بها من الصدقة، فقال: "إنها قد بلغت محلها"[6]. قال الحافظ: (أي: إنها لَمَّا تصرَّفت فيها بالهدية لصحة ملكها لها، انتقلت عن حكم الصدقة، فحلَّت محلَّ الهدية، وكانت تحل لرسول الله - صلَّ الله عليه وسلم - بخلاف الصدقة، قال: واستنبط البخاري من قصة بريرة وأم عطية أن للهاشمي أن يتخذ من سهم العاملين إذا عمل على الزكاة، وذلك أنه إنما يأخذ على عمله، قال: فلما حل للهاشمي أن يأخذ ما يملكه بالهدية مما كان صدقة لا بالصدقة، كذلك يحل له أخذ ما يملكه بعمله لا بالصدقة)[7]. وقولها: (وقال النبي - صلَّ الله عليه وسلم -: "إنما الولاء لمن أعتق"). قال الحافظ: (يستفاد منه أن كلمة إنما للحصر، قال: ويؤخذ منه أنه لا ولاء للإنسان على أحد بغير العتق، فينتفي من أسلم على يده أحد، قال: وأنه لا ولاء للملتقط خلافًا لإسحاق، ولا لمن حالف إنسانًا خلافًا لطائفة من السلف، وبه قال أبو حنيفة، ويؤخذ من عمومه أن الحربي لو أعتق عبدًا ثم أسلما أنه يستمر ولاؤه له، وبه قال الشافعي)[8]. قال الحافظ: (وفي قصة بريرة من الفوائد غير ما تقدم: جواز كتابة أحد الزوجين الرقيقين، ويلحق به جواز به أحدهما دون الآخر، ويؤخذ منه أن المكاتب عبد ما بَقِيَ عليه شيء، فيتفرع منه أجراء أحكام الرقيق كلها في النكاح والجنايات والحدود وغيرها، قال: وإن بيع الأَمَة المزوَّجة ليس طلاقًا كما تقدم، وأن عتقها ليس طلاقًا ولا فسخًا لثبوت التخيير، وأن بيعها لا يبيح لمشتريها وطأها؛ لأن تخييرها يدل على بقاء علقة العصمة، قال: وفيه ثبوت الولاء للمعتق والرد على من خالفه. قال: وفيه ثبوت الولاء للمرأة المعتقة، فيستثنى من عموم الولاء لحمة كلحمة النسب، فإن الولاء لا ينتقل إلى المرأة بالإرث بخلاف النسب. قال: وفيه اعتبار الكفاءة في الحرية، وفيه سقوط الكفاءة برضا المرأة التي لا ولي لها، وأن من خير امرأته فاختارت فراقه، وقع وانفسخ النكاح بينهما؛ لأنها لو اختارت البقاء معه لم ينقص عدد الطلاق، قال: وفيه جواز دخول النساء الأجانب بيت الرجل، سواء كان فيه أم لا، وفيه أن المكاتبة لا يلحقها في العتق ولدها ولا زوجها، وفيه تحريم الصدقة على النبي - صلَّ الله عليه وسلم - مطلقًا، قال: وفيه جواز أكل الغني ما تصدق به على الفقير إذا أهداه له، وبالبيع أولى، وجواز قبول الغني هدية الفقير، وفيه الفرق بين الصدقة والهدية في الحكم، وفيه نُصح أهل الرجل له في الأمور كلها، وجواز أكل الإنسان من طعام من يسر بأكله منه، ولو لم يأذن له فيه بخصوصه، وبأن الأمة إذا عتقت جاز لها التصرف بنفسها في أمورها، ولا حجر لمعتقها عليها إذا كانت رشيدة، وأنها تتصرف في كسبها دون إذن زوجها إن كان لها زوج، وفيه جواز الصدقة على من يَمونه غيره؛ لأن عائشة كانت تمون بريرة ولم ينكر عليها قبولها الصدقة، وأن لمن أهدى لأهله شيء أن يشرك نفسه معهم في الأخبار عن ذلك؛ لقوله: "وهو لنا هدية"، وأن من حرمت عليه الصدقة، جاز له أكل عينها إذا تغيَّر حكمها، وأنه يجوز للمرأة أن تدخل إلى بيت زوجها ما لا يملكه بغير علمه، وأن تتصرف في بيته بالطبخ وغيره بأن له ووقوده، وجواز أكل المرء ما يجده في بيته إذا غلب الحل في العادة، وأنه ينبغي تعريفه بما يخشي توقفه عنه، واستحباب السؤال عما يستفاد به علم أو أدب أو بيان حكم، أو رفع شبهة، وقد يجب، وسؤال الرجل عما لم يعهده في بيته، وأن هدية الأدنى إلى الأعلى لا تستلزم الإثابة مطلقًا، وقبول الهدية، وأن نزر قدرها جبر للمهدي، وأن الهدية تملك بوضعها في بيت المهدي له، ولا يحتاج إلى التصريح بالقبول، وأن لمن تصدق عليه بصدقة أن يتصرف فيها بما شاء، ولا ينقص أجر المتصدق، وأنه لا يجب السؤال عن أصل المال الواصل إذا لم يكن فيه شبهة، ولا عن الذبيحة إذا ذبحت بين المسلمين، وأن من تصدق عليه قليل لا يتسخَّطه، قال: وفيه مشاورة المرأة إذا ثبت لها حكم التخيير في فراق زوجها أو الإقامة عنده، وأن على الذي يساور بذل النصيحة، وفيه جواز مخالفة المشير فيما يشير به في غير الواجب، واستحباب شفاعة الحاكم في الرفق بالخصم؛ حيث لا ضرر ولا إلزام ولا لوم على من خالف ولا غضب، ولو عظم قدر الشافع، قال: ويؤخذ منه أن التصميم في الشفاعة لا يسوغ فيما تشق الإجابة فيه على المسؤول، بل يكون على وجه العرض والترغيب، وفيه حسن أدب بريرة؛ لأنها لم تفصح برد الشفاعة، وإنما قالت: لا حاجة لي فيه، وفيه أن فرط الحب يذهب الحياء لِما ذكر من حال مغيث، وغلبة الوجد عليه، حتى لم يستطع كتمان حبها، وفيه استحباب الإصلاح بين المتنافرين، سواء كانا زوجين أم لا، وتأكيد الحرمة بين الزوجين إذا كان بينهما ولد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنه أبو ولدك"، قال: وفيه أن المرأة الثيب لا إجبار عليها ولو كانت معتوقة، وجواز خطبة الكبير والشريف لمن هو دونه، وفيه حسن الأدب في المخاطبة حتى من الأعلى مع الأدنى، وحسن التلطف في الشفاعة، وفيه أن للعبد أن يخطب مطلقته بغير إذن سيده، وأن خطبة المعتدة لا تحرم على الأجنبي إذا خطبها لمطلقها، وأن فسخ النكاح لا رجعة فيه إلا بنكاح جديد، وأن الحب والبغض بين الزوجين لا لوم فيه على واحد منهما؛ لأنه بغير اختياره، وفيه جواز بكاء المحب على فراق حبيبه، وعلى ما يفوته من الأمور الدنيوية ومن الدينية بطريق الأولى، وأنه لا عار على الرجل في إظهار حبه لزوجته، وأن المرأة إذا أبغضت الزوج لم يكن لوليها إكراهُها على عشرته، وإذا أحبته لم يكن لوليها التفريق بينهما، وجواز ميل الرجل إلى امرأة يطمع في تزويجها أو رجعتها، قال: وفيه أن العدة بالنساء لما تقدم من حديث ابن عباس أنها أمرت أن تعتد عدة الحرة، وفيه أن عدة الأمة إذا عتقت تحت عبد فاختارت نفسها ثلاثة قروء، قال: وفيه تسمية الأحكام سننًا، وإن كان بعضها واجبًا، وأن تسمية ما دون الواجب سنة اصطلاح حادث، قال: وفيه للمعتق أن يقبل الهدية من معتقه، ولا يقدح ذلك في ثواب العتق، وجواز الهدية لأهل الرجل بغير استئذانه، وقبول المرأة ذلك حيث لا ريبة[9]؛ انتهى والله أعلم. [1] فتح الباري: (9/ 405). [2] صحيح البخاري: (7/ 61). [3] فتح الباري: (9/ 407). [4] صحيح البخاري: (7/ 62). [5] صحيح البخاري: (2/ 158). [6] فتح الباري: (3/ 356). [7] فتح الباري: (3/ 357). [8] فتح الباري: (5/ 192). [9] فتح الباري: (9/ 411- 416). الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك. §§§§§§§§§§§§§§§§§ |
الكلمات الدلالية (Tags) |
حديث:, خيرت, زوجها |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
حديث: ما هبت الريح قط إلا جثا النبي | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | قسم السنة والحديث النبوي | 0 | 2020-12-12 01:34 PM |