للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة:
<TABLE style="WIDTH: 437px; HEIGHT: 54px" height=54 cellSpacing=0 cellPadding=0 width=437 border=0><TBODY><TR><TD style="HEIGHT: 23px" align=middle></TD></TR><TR><TD style="HEIGHT: 13px"> مقدمة الكتاب الحمد لله الذي كرم الإنسان، وميزه على كثير من خلقه بنعمة العقل والبيان، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان. أما بعد: فمرجع الشريعة الإسلامية إلى أصلين شريفين : القرآن الكريم، والسنة النبوية . والقرآن أصل الدين، ومنبع الصراط المستقيم، ومعجزة النبي العظمى، وآياته الباقية على وجه الدهر. والسنة بيان للقرآن، وشرح لأحكامه، وبسط لأصوله، وتمام لتشريعاته، والسنة متى تثبت عن المعصوم - صلوات الله وسلامه عليه - فهي تشريع وهداية، وواجبة الاتباع ولا محالة . والسنة بعضها بوحي جلي عن طريق أمين الوحي جبريل عليه السلام وبعضها بالإلهام والقذف في القلب وبعضها بالاجتهاد على حسب ما علم النبي من علوم القرآن، وقواعد الشريعة، وما امتلأ به قلبه من فيوضات الوحي والتعليم الإلهي الذي لا يتوقف على قراءة وكتابة وكسب وبحث، وصدق الله حيث يقول اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ فالتعليم بالقلم إشارة إلى العلم الكسبي، وما بعدها إشارة إلى العلم الوهبي الذي يضعه الله حيث شاء . ومتى اجتهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسكت الوحي عن اجتهاده اعتبر هذا إقرارا من الله - سبحانه وتعالى - له واكتسب صفة ما أوحى إليه به وبهذا المعنى يعتبر كل ما صدر عن النبي وحيا، وصدق الله حيث يقول : وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى وقد عنيت الأمة الإسلامية بتبليغ هذين الأصلين عناية فائقة لم تعهد في أمة من الأمم نحو ما أثر عن أنبيائها وملوكها وعظمائها، فقد حفظ الصحابة القرآن وتدبروه وفقهوه، وبلغوه كما أنزله الله إلى من جاء بعدهم من التابعين وحمله التابعون وبلغوه - كما تلقوه - إلى من جاء بعدهم، وهكذا تداوله الجم الغفير الذين لا يحصون في كل عصر إلى أهل العصر الذين يلونهم، وانضم إلى الحفظ والتلقي الشفاهي التقييد بالكتابة في عصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعد عصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى وصل إلينا لا تزيد فيه ولا اختلاق ولا تحريف ولا تبديل، مصداقا لقول الله سبحانه : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ . وكذلك عني الصحابة بالسنة المحمدية حفظا وفهما وفقها وبلغوها بلفظها - وهو الغالب والأصل - أو بمعناها إلى من جاء بعدهم من التابعين، وبلغها التابعون لتابعي التابعين وهلم جرا. ولم تكن السنن والأحاديث مدونة بصفة عامة في القرن الأول وذلك لما ورد من النهي عن ذلك خشية اختلاطها بالقرآن أو اشتغال الصحابة بها عن القرآن وبذلك انتهى القرن الأول والكاتبون للسنة قليلون وإن كان الحافظون لها المقيدون لها في الصدور مثيرين . ولم يكد يبدأ القرن الثاني حتى بدأ التدوين بصفة عامة، ونشط العلماء لهذا العمل المشكور نشاطا قويا، وقد اقترنت حركة التدوين بحركة النقد والتعديل والتجريح والتحري عن الحق والصدق والصواب، ووضع أئمة الحديث وصيارفته لهذا أدق قواعد النقد وآصلها وأعدلها سواء أكان ذلك يتعلق بنقد الأسانيد أم المتون وقد تمخضت هذه الحركة التدوينية عن كتب قيمة، وموسوعات ضخمة اشتملت على الأحاديث النبوية التي تصلح للاحتجاج، أو للتقوية والاستشهاد، ومن هذه الكتب ما هو خاص بالصحيح، ومنها ما هو مشتمل على الصحيح والحسن والضعيف، ومنها ما هو خاص بالحديث النبوي، ومنها ما يشتمل على أقوال الصحابة والتابعين. وقد مني الإسلام من قديم الزمان بأعداء لا ينامون . يضمرون له الكيد وينسجون الخيوط ويحيكون المؤامرات لذهاب دولته وسلطانه . وهؤلاء لما لم يتمكنوا من المجاهرة بالعداوة لجأوا إلى الدس والخديعة واتبعوا في سبيل ذلك وسائل متعددة : فطورا عن طريق إظهار الحب والتودد لآل بيت الرسول كما فعل السبئين وطورا عن طريق التأويل في النصوص الدينية تأويلا لا يشهد له لغة ولا شرع، ومحاولة إبطال التكاليف الدينية كما فعل الباطنية والقرامطة وأضرابهم . وقد حاول هؤلاء الأعداء أن يشككوا المسلمين في أساس دينهم وهو القرآن الكريم وذلك بالتشكيك في تواتره وإعجازه وسلامته من الاختلاف والتناقض وصلاحية إحكامه لكل عصر ولكل بيئة، وفي سبيل هذه الغاية اختلقوا الروايات وحرفوا معاني الآيات . وكذلك حاولوا أن يشككوا المسلمين في الأصل الثاني وهو السنة النبوية وقد اتخذوا للوصول إلى هذه الغاية الدنيئة أساليب متعددة، فتارة عن طريق التشكيك في ثبوتها، وأنها آحادية وليست متواترة . وتارة أخرى عن طريق اختلاق الروايات التي تظهر الأحاديث بمظهر السطحية والسذاجة في التفكير ومخالفة الواقع المحسوس أو العقل الصريح أو النقل الصحيح أو التجربة المسلمة إلى غير ذلك من الأساليب، وقد حمل لواء هذا التهجم من قديم الزمان " النظام " ومن على شاكلته من أعداء السنن النبوية، وقد عرض للكثير من مقالاتهم في الأحاديث العلامة " ابن قتيبة " في كتابه " تأويل مختلف الحديث " . وقد جاء القساوسة والمستشرقون في العصور الحديثة فأخذوا هذه الطعون والشبهات فنفخوا فيها وزادوا فيها ما شاء لهم هواهم أن يزيدوا وحملوها أكثر مما تحمل وطلعوا بها على الناس . ومما يؤسف له غاية الأسف أن بعض الذين يثقون بكل ما يرد عن الغربيين من آراء ومذاهب قد تلقفوا هذه الشبهات والطعون ونسبها بعضهم إلى نفسه زورا فكان كلابس ثوبي زور، والبعض الآخر لم ينتحلها لنفسه ولكنه ارتضاها وجعل من نفسه بوقا لتردادها، ومن هؤلاء من ضمن كتبه هذه الشبهات بل وقوى من أمرها وذلك كما فعل الأستاذ أحمد أمين - رحمه الله - في كتابيه " فجر الإسلام " و " ضحى الإسلام " وهو وإن كان جارى المستشرقين في كثير مما زعموا فقد خالفهم في بعض ما حدسوا، وكان عفيفا في عبارته، مترفقا في نقده. وبعض هؤلاء المتلقفين كانوا أشد من المستشرقين والمبشرين هوى وعصبية وعداء ظاهرا للسنة وأهلها وزاد عليهم الإسفاف في العبارة وأتى في تناوله للصحابة ولا سيما الصحابي الجليل " أبو هريرة " رضي الله عنه بألفاظ نابية عارية من كل أدب ومروءة، وذلك كما صنع الشيخ محمود أبو رية في كتابه " أضواء على السنة المحمدية ". وشتان ما بين صنيع الأستاذ أحمد أمين، وبين ما صنع أبو رية، والفرق بينهما فرق ما بين العالم والمدعي، والباحث الأصيل والمتعلق بأذيال الباحثين. والبحث في السنة وعلومها ليس هينا ولا سهلا، وإنما يحتاج إلى صبر وأناة، وإعمال روية وإطالة نظر، والنظر السطحي والبحث الخاطف لا يؤديان إلا إلى آراء مبتسرة ونتائج فاسدة . وقد تكشف لي أن بعض الأخطاء التي وقع فيها المستشرقون ومتابعوهم جاءت من أنهم لم يستكهنوا الأمور، ولم يصلوا إلى الأعماق والجذور، ولم يستشفوا ما وراء الظواهر، ولم يتمثلوا حق التمثل البيئة والعصر والملابسات التي جمعت فيها الأحاديث، والصفات التي كانت من ملازمات أئمة الحديث من دين، وعلم، وتثبت، وحذر بالغ، وأمانة فائقة، ومراقبة لله في السر والعلن . وقد قيَّض الله - سبحانه - للسنن والأحاديث من نافح عنها ورد كيد الكائدين لها، ولن يخلوا عصر من العصور من عالم ينفي عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين . ورحم الله الإمام " ابن قتيبة " فقد عرض لكثير من الشبه التي أوردها أعداء الأحاديث، وكان له في ردها جهاد مشكور مذكور بالإكبار والإعظام . ولا يزال في كل قطر من أقطار الإسلام من شغف بالسنن والأحاديث، وتعمق في دراستها، وجاهد في رد الشبهات عنها، وألفوا في هذا السبيل المؤلفات القيمة، من علماء الأزهر وغيرهم من علماء الحجاز والشام والهند والمغرب . وقد شاء الله سبحانه لي - ولله الحمد والمنة - أن أكون من المتشرفين بدراسة السنة والمدافعين عن ساحتها الطاهرة دفاعا عن علم وتثبت، ودراسة واقتناع، لا عن عصبية وعاطفة، وقد عرضت لبعض هذه الشبهات وردها ردا علميا صحيحا في كتابي الذي نلت به درجة الأستاذية " الدكتوراه " وسميته ": الوضع في الحديث، ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين " . ولما صدر كتاب " أضواء على السنة المحمدية " وجدت مؤلفه تلقف فيه كل ما قاله الأقدميون والمحدثون من طعون في الأحاديث، ورجالها، وما قاله المستشرقون والمبشرون، وأذنابهم، وحرص أشد الحرص على أن يظهر السنة بمظهر الاختلاف والتناقض، والتحريف والتبديل، والسذاجة والتخريف، وفي سبيل هذا الغرض زيف الصحيح، وصحح المختلق المكذوب، وقد رأيت أن الرد على هذا الكتاب يعتبر ردا لكل ما أثير حول السنة من طعون ولغط فمن ثم أسميته " دفاع عن السنة، ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين " . وقد بدأت الرد على صفحات مجلة الأزهر، وكتبت فيها سبع مقالات متوالية، ثم جدت أحوال وملابسات توقفت بسببها عن الرد على صفحات هذه المجلة، ثم أخذت في إكمال الردود وتفرغت لذلك، وقد يسر الله - وله الحمد والمنة - وأعان، فكان هذا الكتاب . ولا يفوتني أن أنوه بما قام به في هذا المضمار أخوان كريمان وشيخان جليلان، هما الأستاذان : عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، ومحمد عبد الرزاق حمزة . فقد أخرج كل منهما في ذلك كتابا حافلا، فلهما من الله سبحانه الجزاء الأوفى، ومن الناس الثناء والدعاء . وها أنذا أزف كتابي إلى قراء العربية، وعشاق السنة ومحبيها ذوي الغيرة عليها، وإلى طلاب الحقيقة، ومحبي المعرفة في كل قطر من أقطار الإسلام والعروبة، وسأقدم بين يدي الردود بحوثا في منزلة السنة من الدين، والاحتجاج بها، وموجزا في الأطوار التي مرت بها، والأصول والقواعد التي وضعها علماء الرواية وأئمة النقد في الإسلام. فإن كل ما قلته صوابا فمن الله، وإن كانت الأخرى فالحق أردت، والصواب قصدت " وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ". كتبه أبو محمد محمد بن محمد أبو شهبة من علماء الأزهر الشريف </TD></TR></TBODY></TABLE> |
#2
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
منزلة السّنة من الدين
القرآن الكريم هو الأصل الأول للدين، والسنة هي الأصل الثاني، ومنزلة السنة من القرآن أنها مبينة وشارحة له تفصل مجمله، وتوضح مشكله، وتقيد مطلقه، وتخصص عامه، وتبسط ما فيه من إيجاز، قال تعالى : وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وقال وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ . وقد كان النبي صلوات الله وسلامه عليه يبين تارة بالقول وتارة بالفعل وتارة بهما، وقد ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه فسر الظلم في قوله سبحانه : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ بالشرك، وفسر الحساب اليسير بالعرض في قوله سبحانه : فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً وأنه قال : "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" رواه البخاري وأنه قال في حجة الوداع : "لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي أَنْ لَا أَحُجَّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ" وفي رواية "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" رواه مسلم وأبو داود والنسائي. وروى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عبادة بن الصامت في قوله تعالى : أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً . أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : "خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ" |
#3
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
مثل من بيان السنة للقرآن :
قال الله تعالى : وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ولكنه لم يبين عدد الصلوات ولا كيفيتها ولا أوقاتها ولا فرائضها من واجباتها من سننها فجاءت السنة المحمدية فبينت كل ذلك، وكذلك لم يبين متى تجب الزكاة ؟ وأنصبتها ومقدار ما يخرج فيها وفي أي شيء تجب؟ فجاءت السنة فبينت كل ذلك وكذلك قال الله تعالى : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ولم يبين ما هي السرقة ؟ وما النصاب الذي يحد فيه السارق ؟ وما المراد بالأيدي؟ ومن أي موضع يكون القطع ؟ فبينت السنة كل ذلك. وقال الله تعالى : إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ولم يبين الحد فجاءت السنة فبينته وقال الله تعالى : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ولم يبين لمن هذا الحكم فبينت السنة أن هذا الحكم للزاني غير المحصن أما المحصن فحده الرجم وقال تعالى : وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ .... ولم يبين قصتهم وجنايتهم فجاءت السنة فبينت قصتهم غاية البنيان، إلى غير ذلك من المثل الكثيرة التي تفوق الحصر، والتي لولا بيان السنة لها لاستعجم علينا القرآن وتعذر فهمه وتدبره، وقد كان الصحابة ومن جاء بعدهم يعلمون هذه الحقيقة روى ابن المبارك عن عمران بن حصين أنه قال لرجل : " إنك رجل أحمق أتجد الظهر في كتاب الله أربعا لا يجهر فيها بالقراءة، ثم عدد عليه الصلاة والزكاة ونحو هذا، ثم قال : أتجده في كتاب الله مفسرا ؟ إن كتاب الله أبهم هذا وإن السنة تفسره " . وروى الأوزاعي عن حسان بن عطية قال : كان الوحي ينزل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويحضره " جبريل " بالسنة التي تفسر ذلك وعن مكحول قال : " القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن " وقال الإمام أحمد : " إن السنة تفسر الكتاب وتبينه " |
#4
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
استقلال السنة بالتشريع :
وقد تستقل السنة بالتشريع أحيانا وذلك كتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، وتحريم سائر القرابات من الرضاعة - عدا ما نص عليه في القرآن - إلحاقا لهن بالمحرمات من النسب، وتحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، وتحليل ميتة البحر، والقضاء باليمين مع الشاهد إلى غير ذلك من الأحكام التي زادتها السنة عن الكتاب |
#5
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
<TABLE style="WIDTH: 437px; HEIGHT: 54px" height=54 cellSpacing=0 cellPadding=0 width=437 border=0><TBODY><TR><TD style="HEIGHT: 23px" align=middle></TD></TR><TR><TD style="HEIGHT: 13px"> حجية السنة :
وقد اتفق العلماء الذين يعتد بهم على حجية السنة، سواء منها ما كان على سبيل البيان أو على سبيل الاستقلال، قال الإمام الشوكاني : " إن ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف في ذلك إلا من لا حظ له في الإسلام " وصدق " الشوكاني " فإنه لم يخالف في الاحتجاج بالسنة إلا الخوارج والروافض، فقد تمسكوا بظاهر القرآن وأهملوا السنن، فضلوا وأضلوا، وحادوا عن الصراط المستقيم. وقد استفاض القرآن والسنة الصحيحة الثابتة بحجية كل ما ثبت عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال تعالى : قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وقال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ . قال ميمون بن مهران : الرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه، والرد إلى الرسول هو الرجوع إليه في حياته وإلى سنته بعد وفاته وقال سبحانه : فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً وما قضى به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشمل ما كان بقرآن أو بسنة، وقد دلت الآية على أنه لا يكفي في قبول ما جاء به القرآن والسنة الإذعان الظاهري بل لا بد من الاطمئنان والرضا القلبي وقال : مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ فقد جعل سبحانه وتعالى طاعة الرسول من طاعته، وحذر من مخالفته فقال - عز شأنه - : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فلولا أن أمره حجة ولازم لما توعد على مخالفته بالنار وقال : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ . وقال سبحانه : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا فقد جعل سبحانه أمر رسوله واجب الاتباع له، ونهيه واجب الانتهاء عنه وأما الأحاديث فكثيرة منها : ما رواه أبو داود في سننه عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَلَا إِنَّنِي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ : عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ" قال الإمام الخطابي : قوله : " أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ" يحتمل وجهين: أحدهما : أن معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أعطي من الظاهر المتلو والثاني : أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى، وأوتي من البيان مثله أي أذن له أن يبين ما في الكتاب فيعم ويخص، ويزيد عليه ويشرح ما في الكتاب، فيكون في وجوب العمل به ولزوم قبوله كالظاهر المتلو من القرآن " وقوله : " يوشك رجل شبعان ... " يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له من القرآن ذكر، على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض فإنهم تمثلوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا، وأراد بقوله : " متكئ على أريكته " أنه من أصحاب الترفه والدعة الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم من مظانه وقد دل الحديث على معجزة للنبي - صلى الله علي وسلم - فقد ظهرت فئة في القديم والحديث إلى هذه الدعوة الخبيثة وهي الاكتفاء بالقرآن عن الأحاديث، وغرضهم هدم نصف الدين أو إن شئت فقل : تقويض الدين كله ،لأنه إذا أهملت الأحاديث والسنن فسيؤدي ذلك - ولا ريب - إلى استعجام كثير من القرآن على الأمة وعدم معرفة المراد منه، وإذا أهملت الأحاديث واستعجم القرآن فقل : على الإسلام العفاء وفي حديث العرباض بن سارية مرفوعا : "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ" رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح وروى الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطب في حجة الوداع فقال : "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ، وَلَكِنْ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تَحْقِرُونَ مِنْ أَمْرِكُمْ فَاحْذَرُوا، إِنِّي تَرَكْتُ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا : كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ" وروى مثله الإمام مالك في الموطأ وهي صريحة في أن السنة كالكتاب يجب الرجوع إليها في استنباط الأحكام وقد أجمع الصحابة - رضوان الله عليهم - على الاحتجاج بالسنن والأحاديث والعمل بها ولو لم يكن لها أصل على الخصوص في القرآن ولم نعلم أحدا خالف ذلك قط فكان الواحد منهم إذا عرض له أمر طلب حكمه في كتاب الله، فإن لم يجده طلبه في السنة، فإن لم يجده اجتهد في حدود القرآن والسنة وأصول الشريعة وقد وضع لهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الأساس القويم بإقراره لمعاذ حين بعثه إلى اليمن فقد قال له : "بِمَ تَقْضِي إِنْ عَرَضَ قَضَاءٌ ؟ قَالَ : بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ : فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ : فَإِنْ لَمْ تَجِدْ ؟ قَالَ : أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلَا آلُو . فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ" . وقد فهم الصحابة رجوع جميع ما جاءت به السنة إلى القرآن من قوله تعالى : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال : " لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فقالت أم يعقوب : ما هذا ؟ فقال عبد الله : وما مالي لا ألعن من لعن رسول الله، وفي كتاب الله قالت : والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته فقال : والله لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه قال الله تعالى : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا . وهذه الآية تعتبر أصلا لكل ما جاءت به السنة مما لم يرد له في القرآن ذكر وعلى هذا الدرب والطريق الواضح من جاء بعد الصحابة من أئمة العلم والدين، روي عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى - أنه كان جالسا في المسجد الحرام يحدث الناس فقال : لا تسألوني عن شيء إلا أجبتكم فيه من كتاب الله، فقال الرجل : ما تقول في المحرم إذا قتل الزنبور ؟ فقال : لا شيء عليه، فقال الرجل : أين هذا من كتاب الله ؟ فقال : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ثم ذكر إسنادا إلى سيدنا عمر أنه قال : للمحرم قتل الزنبور وذكر ابن عبد البر في كتاب العلم له عن عبد الرحمن بن يزيد : أنه رأى محرما عليه ثيابه، فقال : ائتني بآية من كتاب الله تنزع ثيابي، قال : فقرأ عليه وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا </TD></TR></TBODY></TABLE> |
#6
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
<TABLE style="WIDTH: 437px; HEIGHT: 54px" height=54 cellSpacing=0 cellPadding=0 width=437 border=0><TBODY><TR><TD style="HEIGHT: 23px" align=middle></TD></TR><TR><TD style="HEIGHT: 13px"> حديث عرض السنة على القرآن مكذوب :
أما الحديث الذي يرويه القائلون بعدم استقلال السنة بالتشريع، وهو : "إذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله فما وافق فخذوه وما خالف فاتركوه " فقد بين أئمة الحديث وصيارفته أنه موضوع مختلق على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وضعته الزنادقة كي يصلوا إلى غرضهم الدنيء من إهمال الأحاديث , وقد عارض هذا الحديث بعض الأئمة فقالوا : عرضنا هذا الحديث الموضوع على كتاب الله فوجدناه مخالفا له، لأنا وجدنا في كتاب الله وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ووجدنا فيه قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ووجدنا فيه مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ . وهكذا نرى أن القرآن الكريم يكذب هذا الحديث ويرده. وقد حاول بعض المستشرقين وأتباعهم الذين صنعهم الاستعمار على يديه أن يحيوا ما ندرس من هذه الدعوة الخبيثة، ولكن الله سبحانه قيض لهؤلاء في الحديث - كما قيض لأسلافهم في القديم - من وضع الحق في نصابه، ورد كيدهم في نحورهم وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) </TD></TR></TBODY></TABLE> |
#7
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
<TABLE style="WIDTH: 437px; HEIGHT: 54px" height=54 cellSpacing=0 cellPadding=0 width=437 border=0><TBODY><TR><TD style="HEIGHT: 23px" align=middle></TD></TR><TR><TD style="HEIGHT: 13px"> عناية الصحابة بالأحاديث والسنن :
ولمكانة السنة من الدين، ومنزلتها من القرآن الكريم عُني الصحابة بالأحاديث النبوية عناية فائقة، وحرصوا عليها حرصهم على القرآن، فحفظوها بلفظها أو بمعناها وفهموها، وعرفوا مغازيها ومراميها بسليقتهم وفطرتهم العربية، وبما كانوا يسمعونه من أقوال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما كانوا يشاهدون من أفعاله وأحواله، وما كانوا يعلمونه من الظروف والملابسات التي قيلت فيها هذه الأحاديث، وما كان يشكل عليهم منها ولا يدركون المراد منه يسألون عنه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد بلغ من حرصهم على سماع الوحي والسنن من رسول الله أنهم كانوا يتناوبون في هذا السماع، روى البخاري في صحيحه عن عمر - رضي الله عنه - قال : " كنت أنا وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك ..... " الحديث وبذلك جمعوا بين خيري الدين والدنيا، فما شغلهم دينهم عن دنياهم ولا شغلتهم دنياهم عن دينهم وإذا علمنا أن القرآن والسنة استفاضا ببيان فضل العلم والعلماء، وأن الصحابة كانوا يعلمون أن السنة هي الأصل الثاني للدين، وأنهم كانوا يحبون رسول الله أكثر من حبهم لأنفسهم، وأنهم كانوا يجدون في الاستماع إليه لذة وروحا . وأنهم كانوا يعتقدون أنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وأنهم كانوا يجدون فيما يسمعونه منه غذاء الإيمان وزاد التقوى، وأنه سبيل إلى الجنة إذا علمنا كل هذا أدركنا مبلغ حرص الصحابة على استماع السنن والأحاديث وأن ذلك أمر يكاد يكون من المسلمات البدهيات وكذلك عنوا بتبليغ السنن لأنهم يعلمون أنها دين واجبة البلاغ للناس كافة، وكثيرا ما كان النبي - صلوات الله وسلامه عليه - يحضهم على الأداء لغيرهم بمثل قوله : "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ" وفي رواية بلفظ " فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ" روه الشافعي والبيهقي في المدخل وفي خطبته المشهورة في حجة الوداع قال: "لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى مِنْهُ" رواه البخاري في صحيحه وكان إذا قدم عليه وفد وعلمهم من القرآن والسنة أوصاهم أن يحفظوه ويبلغوه، ففي صحيح البخاري أنه قال لوفد عبد القيس : "احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ " وفي قصة أخرى قال : "ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ" وكثيرا ما كان يقرع أسماعهم بقوله : "مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فمن ثم كانوا جد حريصين على حفظ السنن والحفاظ عليها وتبليغها بلفظها أو بمعناها </TD></TR></TBODY></TABLE> |
#8
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
النهي عن كتابة الأحاديث في العصر النبوي :
ولم تكن الأحاديث مدونة في عصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأمرين : 1) أحدهما : الاعتماد على قوة حفظهم وسيلان أذهانهم وعدم توفر أدوات الكتابة فيهم 2) ثانيهما : لما ورد من النهي عن كتابة الأحاديث والإذن في كتابة القرآن الكريم روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لَا تَكْتُبُوا شَيْئًا عَنِّي إِلّا الْقُرْآنَ، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي شَيْئًا فَلْيَمْحُهُ" ولهذا كره بعض السلف كتابة الحديث والعلم والظاهر أن نهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كتابة الأحاديث كان خشية أن يلتبس على البعض بالقرآن الكريم، أو أن يكون شاغلا لهم عنه ولا سيما أن القوم كانوا أميين، أو أن النهي كان بالنسبة لمن يوثق بحفظه، أما من أمن عليه اللبس بأن كان قارئا كاتبا، أو خيف عليه النسيان وعدم الضبط لما سمع فلا حرج عليه في الكتابة، وعلى هذا يحمل ما ورد من الروايات الثابتة الدالة على الإذن في الكتابة لبعض الصحابة روى أبو داود والحاكم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص " قال : قلت يا رسول الله : إني أسمع منك الشيء فأكتبه، قال : نعم، قلت : في الغضب والرضا ؟ قال: نعم، فإني لا أقول فيهما إلا حقاً" وروى البخاري عن أبي هريرة قال : " لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص فإنه كان يكتب وأنا لا أكتب " ومثل عبد الله ممن يؤمن عليه الالتباس، وروى الترمذي عن أبي هريرة قال : " كان رجل من الأنصار يجلس إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيسمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظه فشكا ذلك إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال : "اسْتَعِنْ بِيَمِينِكَ" . وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى اِلْخَطِّ وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما : " أن أبا شاه اليمني التمس من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يكتب له شيئا سمعه من خطبته عام الفتح فقال: " اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ". وروى البخاري في صحيحه : " أن عليا رضي الله تعالى عنه سئل : هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ سِوَى الْقُرْآنِ ؟ فَقَالَ : " لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ اللَّهُ عَبْدًا فَهْمًا فِي كِتَابِهِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، قُلْتُ : وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ ؟ قَالَ : العَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ" . وثبت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كتب كتاب الصدقات والديات والفرائض والسنن لعمرو بن حزم وغيره ومن العلماء من يرى أن أحاديث الإذن ناسخة لأحاديث النهي، إذ النهي كان في مبدأ الأمر حين خيف اشتغالهم عن القرآن بالأحاديث أو خيف اختلاط غير القرآن بالقرآن، ثم لما أمن ذلك نسخ النهي ولعل مما يؤيد القول بالنسخ أن بعض أحاديث الإذن متأخرة التاريخ، فأبو هريرة راوي حديث الكتابة أسلم عام سبع، وقصة أبي شاه كانت في السنة الثامنة عام الفتح ومهما يكن من شيء فقد انقضى العهد النبوي والذين كتبوا الحديث من الصحابة عدد غير كثير |
#9
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
كتابة الأحاديث بعد وفاة النبي:
وما أن توفي الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجاور الرفيق الأعلى حتى كثر عدد من كان يكتب الحديث من الصحابة، وكذلك كتب التابعون وأكثروا، روي عن سعيد بن جبير أنه كان يكون مع ابن عباس فيسمع منه الحديث فيكتبه في واسطة الرحل فإذا نزل نسخه، وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال : " كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس " وعن هشام بن عروة أنه احترقت كتبه يوم الحرة في خلافة يزيد بن معاوية وكان يقول : " لو أن عندي كتبي بأهلي ومالي " وقد هم الفاروق عمر - رضي الله عنه - أن يجمع الأحاديث ويقيدها بالكتابة واستشار أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأشاروا عليه بكتابتها، وطفق يستخير الله في ذلك مدة ولكن الله لم يرد له، روى البيهقي في المدخل عن عروة بن الزبير : أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستشار في ذلك أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأشاروا عليه فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا، ثم أصبح وقد عزم الله له فقال: إني أردت أن أكتب السنن وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني - والله - لا ألبس كتاب الله بشيء أبدا |
#10
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
تدوين الأحاديث تدوينا عاما :
واستمر الأمر على ذلك، البعض يكتب والبعض لا يكتب إلى أن كان عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - فرأى جمع السنن وتدوينها خشية أن يضيع منها شيء أو يلتبس الحق بالباطل، وكان ذلك على رأس المائة الأولى فكتب إلى بعض المبرزين من العلماء في الأمصار الإسلامية وأمرهم بجمع الأحاديث، وكتب إلى عماله في الأمصار يأمرهم بذلك، روى مالك في الموطأ - رواية محمد بن الحسن - أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم : أن انظر ما كان من حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو سننه أو حديث عمر أو نحو هذا فاكتبه فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء وأوصاه أن يكتب ما عند عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، والقاسم بن محمد بن أبي بكر وعلقه البخاري فقال : " وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم : أن انظر ما كان عندك أي في بلدك من حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاكتبه فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء " وأخرج أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أهل الآفاق : انظروا إلى حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاجمعوه وممن كتب إليه الخليفة العادل الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري المدني أحد الأئمة الأعلام، وعالم أهل الحجاز والشام المتوفى سنة 124 هـ |
#11
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
نشاط حركة التدوين :
وقد قام العلماء في كل من مصر بما ندبوا إليه خير قيام، وأقبلوا على جمع الأحاديث والسنن وتمحيصها، وتمييز صحيحها من سقيمها، ومقبولها من مردودها، ولم يعد أحد من السلف يتحرج من الكتابة، وبذلك ارتفع الخلاف الذي كان بينهم أولا في كتابة الأحاديث، واستقر الأمر، وانعقد الإجماع على جواز كتابته، بل على استحبابه، بل لا يبعد وجوبه على من خشي عليه النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم وقد أخذت الحركة العلمية التدوينية في الحديث في الإزدهار، وتجرد لهذا العمل الجليل قوم عرفوا بالأمانة والصدق والتحري والتثبت، وأخذوا أنفسهم بمجافاة المضاجع، ولازموا الدفاتر والمحابر، وحرصوا على لقاء الأشياخ، والأخذ من الأفواه، وسهروا في سبيل ذلك الليالي الطوال، وقطعوا الفيافي والقفار، وطوفوا في البلدان والأقاليم، وضربوا في سبيل العلم والرواية، على ما كانوا عليه من قلة المؤنة وعسر وسائل السفر والارتحال، مثلا عليا تجعلهم في عداد العلماء الخالدين وما زال العلماء يجمعون الأحاديث، وينقدون ويمحصون، ويؤلفون الصحاح والسنن والمسانيد حتى جمعت الأحاديث كلها تقريبا في القرن الثالث الذي يعتبر العصر الذهبي للأحاديث والسنن، وبانتهاء هذا القرن كاد ينتهي الجمع والابتكار في التأليف، والاستقلال في النقد والتعديل والتجريح، وبدأت عصور الترتيب والتهذيب، أو الاستدراك والتعقيب، وذلك في العصر الرابع وما تلاه من العصور وهكذا نخلص إلى هذه النتيجة : وهي أن السنة لم يطل العهد بعدم تدوينها، وأن التدوين بدأ بصفة خاصة في عصر النبي، وأنه قوي وغلظ عوده في عصر الصحابة وأوائل عصر التابعين، وأنه أخذ صفة العموم في أواخر عصر التابعين، ولم يزل يقوى ويشتد حتى بلغ عنفوانه واستوى على سوقه في القرن الثالث الهجري خاتمة القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية، خيرية الإيمان والعلم والعمل، والهدى والفلاح والاستقامة على الجادة |
#12
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
الرحلة في سبيل العلم :
لعل ما يتميز به أئمة العلم في الإسلام، ولا سيما أئمة الحديث وجامعوه كثرة الارتحال، وملازمة الأسفار، وقد جروا في ذلك على سنن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، لقد كان الواحد منهم يبلغه الحديث بطريق الرواة الثقات فلا يكتفي بهذا، بل يرحل الأيام والليالي حتى يأخذ الحديث عمن رواه بلا واسطة، وقد ثبت في صحيح البخاري تعليقا بصفة الجزم أن جابر بن عبد الله الأنصاري رحل مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد، والقصة بتمامها - كما أخرجها البخاري في : " الأدب المفرد " وأحمد وأبو يعلى في مسنديهما - من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : بلغني عن رجل حديث سمعه من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاشتريت بعيرا، ثم شددت رحلي فسرت إليه شهرا حتى قدمت الشام فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب : قل له : جابر على الباب، فقال : ابن عبد الله ؟ قلت : نعم، فخرج فاعتنقني فقلت : حديث بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخشيت أن أموت قبل أن أسمعه فقال : سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : "يُحْشَرُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً ...." الحديث وروي عن جابر أيضا أنه قال : كان يبلغني عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حديث في القصاص، وكان صاحب الحديث بمصر فاشتريت بعيرا فسرت حتى وردت مصر فقصدت إلى باب الرجل فذكر نحو القصة الأولى وأخرج الطبراني من حديث مسلمة بن مخلد قال: أتاني جابر فقال لي : حديث بلغني أنك ترويه في الستر على المسلم فذكره، والظاهر أنها قصص متعددة رحل فيها جابر - رضي الله عنه - مرات متعددة ورحل السيد الجليل أبو أيوب الأنصاري إلى عقبة بن عامر الجهني بسبب حديث يرويه في الستر على المسلم رواه أحمد بسند منقطع، وروى أبو داود في سننه من طريق عبد الله بن بريدة أن رجلا من الصحابة رحل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر في حديث وعلى هذا الدرب الواضح سار التابعون ومن جاء بعدهم من أئمة العلم والدين، روى الخطيب عن عبيد الله بن عدي قال: " بلغني حديث عند علي فخفت إن مات أن لا أجده عند غيره، فرحلت حتى قدمت عليه العراق" وروى الإمام مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: " إن كنت لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد " وأخرج الخطيب عن أبي العالية قال: " كنا نسمع عن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا نرضى حتى خرجنا إليهم فسمعنا منهم " وقال الشعبي في مسألة أفتى فيها : " أعطيناكها بغير شيء، كان يرحل فيما دونها إلى المدينة " وقد روى الدارمي بسند صحيح عن بسر بن عبيد الله قال: " إن كنت لأركب إلى المصر من الأمصار في الحديث الواحد " وقال أبو قلابة : " لقد أقمت بالمدينة ثلاثة أيام مالي حاجة إلا رجل يقدم عنده حديث فأسمعه" وقيل للإمام أحمد : " رجل يطلب العلم، يلزم رجلا عنده علم كثير أو يرحل ؟ قال : يرحل يكتب عن علماء الأمصار " وممن ارتحل في سبيل العلم والرواية الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم ومن المحدثين جم غفير، ويأتي في الرعيل الأول منهم الأئمة البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم، وإن منهم من لم يذق طعم الراحة والإقامة والاستقرار طوال حياته |
#13
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
الأطوار التي مر بها تدوين الحديث
قلنا إن التدوين العام بدأ في آخر القرن الأول من الهجرة وإن العلماء في الأمصار استجابوا لدعوة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، وتجرد لجمع الأحاديث في الأمصار أناس لهم قدم ثابتة في الدين والعلم، وتبارى العلماء في هذا المضمار الفسيح فألف الإمام مالك ( م 179) بالمدينة، وألف أبو محمد عبد العزيز بن جريج ( م 150) بمكة والأوزاعي ( م 156 ) بالشام، ومعمر بن راشد ( م 153 ) باليمن، وسعيد بن أبي عروبة ( م 156 ) وحماد بن سلمة ( م 176 ) بالبصرة، وسفيان الثوري ( م 161) بالكوفة، وعبد الله بن المبارك ( م 181 ) بخراسان، وهشيم بن بشير ( م 188 ) بواسط، وجرير بن عبد الحميد ( م 188 ) بالري وغير هؤلاء كثيرون، وكلهم من أهل القرن الثاني الهجري وكان منهج المؤلفين في هذا القرن جمع الأحاديث مختلطة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ويظهر ذلك بجلاء في موطأ الإمام مالك ثم حدث طور آخر في تدوين الحديث، وهو إفراد حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصة وكانت تلك الخطوة على رأس المائتين، وهؤلاء الذين خطوا هذه الخطوة، منهم من ألف على المسانيد، وذلك بأن يجمع أحاديث كل صحابي على حدة من غير تقيد بوحدة الموضوع فحديث صلاة بجانب حديث زكاة بجانب حديث في الجهاد وهكذا، وذلك كمسند الإمام أحمد وعثمان بن شيبة واسحق بن راهويه وغيرهم، وأصحاب المسانيد لم يتقيدوا بالصحيح بل خرجوا الصحيح والحسن والضعيف ومنهم من ألف على الأبواب الفقهية كأصحاب الكتب الستة المشهورة وهؤلاء منهم من تقيد في جمعه الأحاديث بالصحاح كالإمامين البخاري ومسلم ومنهم من لم يتقيد بالصحيح بل جمع الصحيح والحسن والضعيف مع التنبيه عليه أحيانا ومع عدم التنبيه أحيانا أخرى، اعتمادا على معرفة القارئ لهذه الكتب ومقدرته على النقد وتمييز الصحيح من الضعيف والمقبول من المردود وذلك مثل أصحاب السنن الأربعة: أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وقد كان القرن الثالث الهجري ( 200 - 300) أسعد القرون بجمع السنة وتدوينها ونقدها وتمحيصها، ففيه ظهر أئمة الحديث وجهابذته، وحذاق النقد وصيارفته، وفيه أشرقت شموس الكتب الستة وأمثالها التي كادت تشتمل على كل ما ثبت من الأحاديث، ولا يغيب عنها إلا النذر اليسير والتي يعتمد عليها الفقهاء والمستنبطون، والمؤلفون والمعلمون، ويجد فيها طلبتهم الهداة والمصلحون، والمتأدبون والأخلاقيون، وعلماء النفس والاجتماع |
#14
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
عناية المحدثين بالنقد والدارية :
إن أئمة الحديث كما عنوا به من ناحية جمعه في الكتب الجامعة لمتونه عنوا بالبحث عنه من نواح أخرى تتصل به من جهة سنده ومتنه مما يتوقف عليه قبوله أو رده، ولعمر الحق إن البحث عنه من هذه النواحي بحث جليل القدر، جم الفائدة إذ يتوقف عليه تمييز الطيب من الخبيث، والصحيح من العليل، وتطهير السنة مما عسى أن يكون دخلها من التزيد والاختلاق، وبذلك تسلم الشريعة من الفساد، وتلك النواحي التي بحثوا فيها مثل كون الحديث صحيحا أو حسنا أو ضعيفا وأحوال كل، وبيان أقسام الضعيف كالمنقطع والمعضل، والشاذ والمقلوب، والمنكر، والمضطرب، والموضوع، وما يتصل بذلك من البحث عن أحوال الرجال من الجرح والتعديل، وألفاظ كل، والرواية، وشروطها، والتحمل وكيفياته، والأداء وألفاظه، وبيان علل الحديث، وغريبه، ومختلفه، وناسخه ومنسوخه، وطبقات الرواة، وأوطانهم، ووفياتهم، إلى غير ذلك مما تجده مبسوطا في كتب علوم الحديث والرجال وقد علمت آنفا أن السنة لم تدون تدوينا عاما إلا في آخر القرن الأول، ولا يشكلن عليك أن مباحث الرواية وشروطها، والرواة وصفاتهم، والتعديل والتجريح، لم تكن مدونة آنئذ، لأنها كانت منقوشة في الحوافظ والأذهان، وعلى صفحات القلوب، شأنها في ذلك شأن متون الأحاديث، وما كان أئمة الحديث الجامعون له بغائبة عنهم هذه القواعد بل كانوا يعرفونها حق المعرفة، فكان وجودها في الأذهان وإن لم توجد في الأعيان، وكان من أثر هذه المعرفة ما نقل إلينا من التثبت البالغ والتحوط الشديد في قبول المرويات وتدوينها، وصيانتها عن أن يتطرق إليها الكذب، أو الغلط، أو الخطأ وإنك لتلمس هذا جليا في الكتب التي ألفت في القرون الأولى فقد مزجت فيها المتون بأصول علم النقد والرواية، ومن ذلك ما نجده في أثناء مباحث كتاب " الرسالة " للإمام الشافعي ( م 204) وما نقله تلاميذ الإمام أحمد ( م 241 ) في أسئلتهم له ومحاورتهم معه، وما كتبه الإمام مسلم ( م 161 ) في مقدمة صحيحه وما ذكره الإمام أبو داود ( م 275 ) في رسالته إلى أهل مكة في بيان طريقته في كتابه " السنن " المشهور، وما ذكره الإمام أبو عيسى الترمذي ( م 279) في كتابه " العلل " الذي هو في آخر جامعه من تصحيح وتحسين وتضعيف، وما ذكره الإمام البخاري ( م 256) في تواريخه الثلاثة، إلى غير ذلك ومن ثم يتبين لنا أن نقد المرويات، وتمييز صحيحها من زائفها قد كان ملازما لجمعها في الكتب والجوامع والمسانيد، وإذا كان بعض هذه الكتب الجامعة للمتون يوجد فيها الضعيف والمنكر والموضوع - على ندرة جدا - من غير تنبيه إليه، فمرجع ذلك اختلاف أنظار أئمة الحديث في الجرح والتعديل وشروطهم في التصحيح والتضعيف فمنهم المشدد، ومنهم المتساهل، ومنهم المتوسط في الجرح، وقد يخفى على بعضهم من العلل ما لا يخفى على الآخر وهذا شيء يدل على حرية البحث في الإسلام، حرية منشؤها الرغبة في إحقاق الحق وإزهاق الباطل، لا الهوى والشهوة |
#15
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
شروط الرواية المقبولة في الإسلام :
وقد وضع المحدثون شروطا للرواية المقبولة بحيث تكفل هذه الشروط الضمانات الكافية لصدق الرواة وسلامتهم من الكذب والخطأ والغفلة في النقل وإليك هذه الشروط 1) الإسلام: وهو الانقياد ظاهرا وباطنا، فيشمل التصديق بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وقبول شرائعه وأحكامه، والتزام ذلك علما وعملا، وإنما اشترطوا الإسلام وإن كان الكذب محرما في سائر الأديان لأن الأمر أمر دين والكافر يسعى في هدم غير دينه ما استطاع، وهو متهم فيما يتصل به، وما دام عنصر الاتهام موجودا كان من الحق والعدل عدم قبول روايته فيما هو دين، أما إن تحمل وهو كافر ولكن أدى وهو مسلم قبلت روايته 2) التكليف : وذلك يتحقق بالبلوغ والعقل فلا تقبل رواية الصبي والمجنون، أما الأول فلأنه لا وازع له عن الكذب لعدم مؤاخذته شرعا، وأما الثاني فلعدم إدراكه وتمييزه، نعم إن تحمل الصبي المميز قبل البلوغ وأدى بعده تقبل روايته، يدل على هذا إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - على قبول رواية جماعة من أحداث الصحابة كابن عباس وابن الزبير ومحمود بن الربيع وغيرهم وعلى هذا درج من جاء بعدهم، وقد حددوا سن التمييز بخمس سنين، واستأنسوا في هذا بحديث محمود بن الربيع " عقلت من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مجة مجها في وجهي وأنا ابن خمس سنين " رواه البخاري 3) العدالة : وهي ملكة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة . والتقوى امتثال المأمورات واجتناب المنهيات، وذلك بأن لا يفعل كبيرة ولا يصر على صغيرة، ولا يكون مبتدعا والمروءة : آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات وما يخل بالمروءة قسمان : أ) الصغائر الدالة على الخسة كسرقة شيء حقير مثلا ب) المباحات التي تورث الاحتقار وتذهب الكرامة كالبول في الطريق وفرط المزاح الخارج عن حد الأدب، ومرجع هذا إلى العادة والعرف والمراد من العدل عند المحدثين عدل الرواية فيدخل فيه الذكر والأنثى والحر والعبد والمبصر والكفيف، وقد كان المحدثون على حق في عدم اشتراط الذكورة أو الحرية أو الإبصار، لأن كثيرا من الأحاديث روتها أمهات المؤمنين وغيرهن من النساء، ورواها الموالي كزيد بن حارثة، والأكفاء كابن أم مكتوم 3) الضبط وهو قسمان : أ) ضبط صدر. ب) ضبط كتاب. فالأول : أن يحفظ ما سمعه من شيخه بحيث يتمكن من استحضاره والتحديث به متى شاء من حين سماعه إلى حين أدائه والثاني: هو محافظته على كتابه الذي كتب فيه الأحاديث وصيانته عن أن يتطرق إليه تغيير ما منذ سماعه فيه وتصحيحه إلى حين الأداء منه، ولا يعيره إلا لمن يثق فيه ويتأكد من أن لا يغير فيه وضبط الصدر مجمع عليه، وأما ضبط الكتاب فخالف في قبول الرواية به بعض الأئمة الكبار كأبي حنيفة ومالك رحمهما الله، والجمهور على قبول رواية من روى من كتابه بشرط التحفظ عليه فإذا اجتمع في الراوي هذه الشروط كان أهلا لقبول روايته، وليس من شك في أن من توفرت فيه هذه الشروط ترجح ترجحا قويا صدقه على جانب كذبه، بل من اطلع على منهج المحدثين في النقد وطريقتهم في التعديل والتجريح ومبالغتهم في التحري عن معرفة حقيقة الراوي وطوية نفسه، والأخذ بالظنة والتهمة في رد مروياته، يكاد يجزم بأن تجويز الكذب على الراوي المستجمع لهذه الشروط أمر فرضي واحتمال عقلي، وهذه الحقيقة قد تبدو لبعض من لم يدرس كتب الرجال والنقد عند المحدثين فيها شيء من المغالاة ولكن الحق ما ذكرت، ومن أبعد النجعة في كتب القوم عرف، ومن عرف اعترف وكذلك بعد اشتراطهم للضبط - على المعنى الذي قدمناه - يكون احتمال الغلط أو الخطأ في روايته احتمالا بعيدا، وقد ردوا رواية من كثر غلطه وغفلته وساء حفظه، وكذا من تساوى صوابه وغلطه واعتبروا حديثه منكرا، ومن ثم نرى أن المحدثين احتاطوا غاية الاحتياط في الرواية، ولم يأخذوا إلا عن العدل الفطن اليقظ، ونبذوا أحاديث المغفلين والغالطين وأصحاب الأوهام، ولم يتسامحوا إلا في الغلط أو الغفلة النادرين اللذين لا يسلم منها غالب البشر وكم من رجل من أهل الديانة والأمانة ولكنه في نظرهم ليس أهلا للرواية، وإليك بعضا مما روي عنهم في هذا صح عن ابن سيرين أنه قال: " إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم " وهذا هو إمام دار الهجرة مالك بن أنس - رحمه الله - يقول : " لقد أدركنا في هذا المسجد سبعين ممن يقولون : قال فلان : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإن أحدهم لو اؤتمن على بيت مال لكان أمينا عليه، فما أخذت عنهم شيئا، ولم يكونوا من أهل هذا الشأن " وقال يحيى بن سعيد القطان : " كم من رجل صالح لو لم يحدث لكان خيرا له " يريد من عنده غفلة وسوء حفظ، وقال الإمام أحمد : " يكتب الحديث عن الناس كلهم إلا عن ثلاثة : صاحب هوى يدعو إليه، أو كذاب، أو رجل يغلط في الحديث فيرد عليه فلا يقبل " وقال سليمان بن موسى : كانوا يقولون - يعني أئمة الحديث : لا تأخذوا العلم عن الصحفيين، يعني الذين يأخذون الأحاديث عن الصحف لا بالرواية لكثرة ما يقع لهم من الخطأ والتصحيف وعدم التمييز، والأئمة الذين جمعوا الأحاديث في كتبهم المشهورة كان الاعتماد عندهم فيها على الرواية، والتلقي شفاها من الرواة العدول الضابطين، وإنما كانت الكتابة زيادة في الوثوق والضبط، وحتى يرجع إليها من لم يكن في درجتهم من طالبي الحديث ممن سيأتي بعدهم |
#16
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
عناية المحدثين بنقد الأسانيد والمتون :
وقد عني المحدثون عناية فائقة بنقد الأسانيد بحيث لم يدعوا زيادة لمستزيد وقد خلفوا لنا في نقد الرجال ثروة هائلة ضخمة، منها ما ألف في الثقات، ومنها ما ألف في الضعفاء، ومنها ما ألف فيما هو أعم منهما، ولم يكتفوا في نقدهم للرجال بالتجريح الظاهري، بل عنوا أيضا بالنقد النفسي، وليس أدل على هذا من تفريقهم بين رواية المبتدع الداعية وغير الداعية، فردوا رواية الأول وقبلوا رواية الثاني، لأن احتمال الكذب في الأول قريب، ولا كذلك الثاني، وكذلك ردوا رواية المبتدع وإن كان غير داعية إذا روى ما يؤيد بدعته، لأن احتمال الكذب قريب لتأييد بدعته، وقبلوا رواية المبتدع الداعية إذا روى ما يخالف بدعته، لأن احتمال الكذب من الناحية النفسية بعيد جدا في هذا وكذلك اعتبروا من الجرح الذهاب إلى بيوت الحكام، وقبول جوائزهم ونحو ذلك مما راعوا فيه أن الدوافع النفسية قد تحمل صاحبها على الانحراف وكما عني المحدثون بنقد الأسانيد - النقد الخارجي - عنوا بنقد المتون - النقد الداخلي - وليس أدل على هذا أنهم جعلوا من أمارة الحديث الموضوع مخالفته للعقل أو المشاهدة والحس مع عدم إمكان تأويله تأويلا قريبا محتملا وأنهم كثيرا ما يريدون الحديث لمخالفته للقرآن أو السنة المشهورة الصحيحة أو التاريخ المعروف مع تعذر التوفيق، وأنهم جعلوا من أقسام الحديث الضعيف المنكر والشاذ، ومعلل المتن ومضطرب المتن إلى غير ذلك نعم لم يبالغ المحدثون في نقد المتون مبالغتهم في نقد الأسانيد لأمور جديرة بالاعتبار تشهد لهم بأصالة النظر وعمق التفكير والاتئاد في البحث الصحيح، وسأعرض لهذا بالتفصيل والتوضيح فيما بعد |
#17
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
عناية المحدثين بفقه الأحاديث ومعانيها :
وكذلك عنوا بفقه الأحاديث وفهمها، ولم يكونوا زوامل للأخبار لا يفقهون لها معنى كما زعم بعض المتخرصين على المحدثين، والرعيل الأول من أئمة الحديث الذين جمعوه وغربلوه ونخلوه حتى صار نقيا من الشوائب والغرائب، كانوا أهل فقه ودراية بالمتون، وذلك أمثال الأئمة مالك وأحمد والسفيانين الثوري وابن عيينة، والبخاري ومسلم، وباقي أصحاب الكتب الستة وغيرهم، قال أحمد بن الحسن الترمذي : سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول : " إذا كان يعرف الحديث ومعه فقه أحب إلي ممن حفظ الحديث ولا يكون معه فقه " وروى الحاكم في تاريخه عن عبد العزيز بن يحيى قال : قال لنا سفيان بن عيينة : " يا أصحاب الحديث تعلموا معاني الحديث، فإني تعلمت معاني الحديث ثلاثين سنة " . وإنك لتلمس أثر الفقه والفهم للأحاديث في صحيح الإمام البخاري في تبويبه الأبواب، وطريقته في التراجم، وتكراره أو تقطيعه للحديث الواحد في مواضع بحسب مناسباته الفقهية، وكثيرا ما يدلي برأيه في مسائل تكون موضع الخلاف وقد يترك المسألة من غير قطع إذا لما يترجح عنده شيء حتى لقد قيل : فقه البخاري في تراجمه، وكذلك طريقة مسلم في ترتيب كتابه، وطريقة أصحاب السنن ولا سيما الترمذي فقد عرض في سننه لكثير من الآراء الفقهية عرض رجل واع فاهم عارف نعم لقد وجد في العصور المتأخرة أناس - وهم قلة - جعلوا همهم الرواية والجمع دون الفقه والفهم للمتون، وهؤلاء إنما وجدوا بعد أن جمعت السنن والأحاديث في دواوينها المعتمدة ولعل هؤلاء هم الذين عناهم أبو الفرج بن الجوزي في كتابه " صيد الخاطر " ووصفهم بأنهم زوامل للأسفار يحملون ما لا يعلمون، وإلا فقد كان هناك من أمثاله كثيرون |
#18
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
الرواية باللفظ والمعنى :
لا خلاف بين العلماء أن المحافظة على ألفاظ الحديث وحروفه أمر من أمور الشريعة عزيز، وحكم من أحكامها شريف، وأنه الأولى بكل ناقل والأجدر بكل راو المحافظة على اللفظ ما استطاع إلى ذلك سبيلا، بل قد أوجبه قوم ومنعوا نقل الحديث بالمعنى والذين أجازوا الرواية بالمعنى إنما أجازوها بشروط وتحوطات بالغة فقالوا : نقل الحديث بالمعنى دون اللفظ حرام على الجاهل بمواقع الخطاب ودقائق الألفاظ، أما العالم بالألفاظ الخبير بمعانيها، العارف بالفرق بين المحتمل وغير المحتمل، والظاهر والأظهر، والعام والأعم، فقد جوزوا له ذلك، وإلى هذا ذهب جماهير الفقهاء والمحدثين وقد كان السلف الصالح يحرصون على الرواية باللفظ ويرون أن الرواية بالمعنى رخصة تتقدر بقدرها، وكان منهم من يتقيد باللفظ ويتحرجون من الرواية بالمعنى، قال وكيع : " كان القاسم بن محمد وابن سيرين ورجاء بن حيوة - رحمهم الله - يعيدون الحديث على حروفه " وممن كان يشدد الألفاظ الإمام مالك - رحمه الله - فقد منع الرواية بالمعنى في الأحاديث المرفوعة وأجازها فيما سواه، رواه البيهقي عنه في المدخل ومن السلف من كان يرى جواز الرواية بالمعنى، قال ابن سيرين : " كان إبراهيم النخعي والحسن والشعبي - رحمهم الله - يأتون بالحديث على المعاني " ومما ينبغي أن يعلم أن جواز الرواية بالمعنى في غير ما تضمنته بطون الكتب، فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ويثبت بدله لفظا آخر بمعناه، فإن الرواية بالمعنى رخص فيها من رخص لما كان عليهم في ضبط الألفاظ والجمود عليها من الحرج والنصب، وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق والكتب ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره كما قال ابن الصلاح ومما ينبغي أن يعلم أيضا أنهم استثنوا من الأحاديث التي جوزوا روايتها بالمعنى الأحاديث التي يتعبد بلفظها كأحاديث الأذكار والأدعية والتشهد ونحوها كجوامع كلمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرائعة فإذا علمنا أن التدوين الخاص وجد في القرن الأول، وأن التدوين العام كان في أول القرن الثاني، وأن الرواية بالمعنى لا تجوز في الكتب المدونة، والصحف المكتوبة، وأن الذين نقلوا الأحاديث ورووها منهم من التزم اللفظ ومنهم من أجاز الرواية بالمعنى، وهؤلاء المجيزون كانوا عربا خلصا غالبا، وأنهم كانوا أهل فصاحة وبلاغة، وأنهم قد سمعوا من الرسول أم ممن سمعوا من الرسول وشاهدوا أحواله، وأنهم أعلم الناس بمواقع الخطاب ومحامل الكلام، وأنهم يعلمون حق العلم أنهم يروون ما هو دين، ويعلمون حق العلم حرمة الكذب على رسول الله، وأنه كذب على الله فيما شرع وحكم إذا علمنا كل ذلك - وقد دللنا فيما سبق - أيقنا أن الرواية بالمعنى لم تجن على الدين، وأنها لم تدخل على النصوص التحريف والتبديل كما زعم بعض المستشرقين ومن لف لفهم، وأن الله الذي تكفل بحفظ كتابه قد تكفل بحفظ سنة نبيه من التحريف والتبديل، وقيض لها في كل عصر من ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فذهب الباطل الدخيل، وبقي الحق موردا صافيا للشاربين قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ والآن لنشرع في الردود والدفاع، ومن الله أستمد العون والتوفيق |
#19
|
|||
|
|||
رد: كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين للدكتور محمد أبي شهبة
نقد إجمالي لكتاب أبي رية
في رمضان من عام 1364 هـ ( أغسطس عام 1945 ) نشر الأستاذ " محمود أبو رية " مقالا بالرسالة العدد " 633" تحت عنوان " الحديث المحمدي " ضمنه آراءه في بعض مباحث الحديث، وذكر أنها خلاصة كتاب سينشر، فلما قرأته وجدت فيه عزوفا عن الحق والصواب في بعض ما كتب، فأخذت بالقلم وكتبت ردا أرسلت به إلى " الرسالة " فنشر بالعدد " 642 " وقلت في ختام الرد " وحيث إن المقال خلاصة كتاب سينشر، فإني لأهيب بالأستاذ أن يراجع نفسه في بعض الحقائق التي تكشفت له، وليكر على الكتاب من جديد بالتمحيص والتدقيق، وعلم الحديث ليس بالأمر الهين، والبحث فيه يحتاج إلى صبر وأناة وتمحيص وتدقيق " وقد أبى الكاتب أن يسلم بكل ما أخذته عليه، فكتب ردا على ردي نشر بالرسالة العدد " 654 " وذكر في مقدمة رده أن مقالي " ينزع إلى الحق ويطلبه، وأنه يستحق العناية ويستأهل الرد " ثم تريث الأستاذ في نشر ما عن له من فصول هذا الكتاب فقلت: لعله راجع نفسه وفي عامنا هذا ( 1377 هـ - 1958 م ) طلع علينا الأستاذ " أبو رية " بكتاب تحت عنوان : " أضواء على السنة المحمدية " فقرأت الكتاب قراءة باحث متثبت مستبصر، فإذا هو صورة مكبرة لما أوجز في مقاله القديم، وإذا بالمؤلف لم يغير من أفكاره إلا في القليل النادر، فعزمت على الرد عليه ردا مسهبا ولا سيما أن الكتاب أحدث بلبلة في الأفكار عند من لم يتعمقوا في دراسة السنة، وقوى عزمي على الرد رغبات الكثيرين من الفضلاء الذين لا يزالون يذكرون ردي الموجز القديم، وحسن ظنهم بي وقد رأيت أن أنشر هذه الردود على صفحات مجلة الأزهر " الزهراء "، وأي مجلة أحق بمثل هذه البحوث من مجلة الأزهر ؟ وهي لسان الأزهر وحاملة لواء الإسلام والتعريف به والذب عنه، وإليها يسكن المسلمون في جميع أقطار الأرض وقد آثرت أن أقدم بين يدي النقد التفصيلي للكتاب صورة موجزة، وإن شئت فقل خطوطا عريضة تعطينا فكرة عن الكتاب وطريقة مؤلفه ومنهجه في البحث، وإليك البيان: 1- إن المؤلف يدعي دعاوى عريضة ولا يدلل عليها، أو يحاول أن يدلل عليها، فيعوزه الدليل، أو يستدل فيأتي الدليل قاصرا عن الدعوى .. وذلك مثل ما ذكره في ص (5) من: " أن علماء الحديث قد بذلوا أقصى جهدهم في دراسة علم الحديث من حيث روايته .. على حين أهملوا جميعا أمرا خطيرا كان يجب أن يعرف قبل النظر في هذا العلم ودرس كتبه - ذلك هو البحث عن حقيقة النص الصحيح لما تحدث به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهل أمر بكتابة هذا النص بلفظه عند إلقائه أو تركه ونهى عن كتابته ؟ وهل دونه الصحابة ومن بعدهم أو انصرفوا عن تدوينه؟ وهل ما روي منه قد جاء مطابقا لحقيقة ما نطق به النبي - لفظا ومعنى - أو كان مخالفا له ؟ .. ويعلم الله والراسخون في العلم أن كل ما ادعي أنهم أهملوه جميعا قد قتلوه بحثا وبذلوا فيه غاية الوسع ومثل ما ذكره في ص (7) من : " أنه وجد أنه لا يكاد يوجد في كتب الحديث كلها - مما سموه صحيحا أو حسنا - حديث قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه ..." ومثل قوله في ص ( 13) : " ولما كان هذا البحث لم يعن به أحد من قبل ... رأيت أن أسوي منه كتابا مبوبا جامعا أذيعه على الناس حتى يكونوا على بينة من أمر الحديث المحمدي " وفي الحق أنه ما من بحث عرض له إلا قد أشبع العلماء فيه القول، ولندع التدليل إلى مقام التفصيل 2- أن المؤلف اعتمد في التدليل على بعض ما ذهب إليه على كلام المستشرقين !! وأي والله المستشرقين، وذلك كما فعل في ص 81، 171، 172 وكيف خفى على المؤلف الحصيف أن المستشرقين - إلا القليل منهم - يحملون الضغن للإسلام والمسلمين، وأنهم نفثوا سمومهم في بحوث ادعوا أنها حرة نزيهة - وما هي من النزاهة في شيء - وأن من مقاصدهم تقويض صرح الإسلام الشامخ، وذلك بتقويض دعامتيه القرآن والسنة ؟ وأنهم لما عز عليهم التشكيك في القرآن - على كثرة ما حاولوا - ركزوا معظم جهودهم في السنة بحجة عدم تواترها في تفصيلها، فلبسوا الأمر على بعض الناس حتى كان من أثر ذلك ما يطلع علينا بعض الباحثين في الأحاديث النبوية بين الحين والحين - ومنهم الأستاذ المؤلف - من آراء مبسترة جائرة، ويشهد الله أنها مصنوعة في معامل المستشرقين، ثم استوردوها هؤلاء فيما استوردوا من أفكار وادعوها لأنفسهم زورا وبهتانا 3- إن المؤلف أفاض في بعض المباحث وأكثر من النقول وذلك لكي يرتب عليها ما يريد من نتائج هي أبعد ما تكون مترتبة عليها، وذلك كما صنع في مبحثي الرواية بالمعنى وضررها الديني واللغوي والأدبي، بينما أوجز إيجازا مخلا في بعضها كما فعل في مبحثي العدالة والضبط وهل تعلم أن هذين المبحثين اللذين يقوم عليهما علم الرواية ونقد المرويات في الإسلام لم يحظيا من الكتاب إلا ببضعة أسطر؟ والذي يظهر لي أنه أمر مقصود من المؤلف، ذلك أنه لو ذكر شروط العدالة والضبط على ما أصلها وقعدها أئمة الحديث وصيارفته، لعاد ذلك بالنقض على كثير مما ذكره المؤلف في كتابه من استنتاجات لا تسلم له ولا أكون مغاليا أو متعصبا إذا قلت : إن الأصول التي وضعها علماء أصول الحديث لنقد المرويات، هي أرقى وأدق ما وصل إليه العقل البشري في القديم والحديث وسأفيض في بيان ذلك عند النقد الموضوعي إن شاء الله 4- من عجيب أمر هذا المؤلف أنه يستشهد بأحاديث موضوعة، ما دامت تساعده على ما يريد ويهوى من آراء وذلك مثل ما فعل في ص 29 من استشهاده بما روي أن عمر حبس ابن مسعود وأبا موسى وأبا الدرداء في المدينة على الإكثار من الحديث فإنه خبر ظاهر الكذب والتوليد - كما قال ابن حزم - نسبة روايته إلى ابن حزم ليس من الأمانة العلمية في النقل ومثل حديث عرض السنة على القرآن فهو موضوع باتفاق الأئمة على حين حاول أن يشكك في أحاديث صحيحة ثابتة مثل حديث " ألا إنني أوتيت الكتاب ومثله معه " فقد نقده من ناحية متنه موهما اختلافه ص 252 وطعن في حديث " الإسراء والمعراج " وحمل موسى محمدا - عليهما الصلاة والسلام - على مراجعة ربه، واعتبر ذلك من الإسرائيليات ص 123 كما اعتبر ذكر المسجد الأقصى في حديث " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " من الإسرائيليات ص 129، والإمام ابن تيمية وهو من أئمة المنقول والمعقول وينقل عنه المؤلف كثيرا في كتابه، احتج بهذا الحديث ولم يبد عليه أي مأخذ من المآخذ، وهو من الأحاديث التي اتفق عليها الشيخان البخاري ومسلم، إلى غير ذلك مما ستعلم الكثير منه عندما نتعرض للنقد التفصيلي ولا أكاد أعلم للمؤلف سلفا في الطعن في هذه الأحاديث من الأئمة، اللهم إلا أن يكون السادة المستشرقون وهي شنشنة نعرفها من أخزم وإن مما يؤسف ويدهش أنه اعتبر حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي رواه البخاري وغيره " إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن " خرافة من خرافات كعب الأحبار امتدت إلى تلميذه عبد الله بن عمرو ( ص 114) ولا أدري كيف يتفق هذا وقول الحق تبارك وتعالى : الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ الآية ... الأعراف 157 5- جارى المؤلف المستشرقين حينما تكلم عن العصبية المذهبية والسياسية في فصل " الوضع " فحكم على كل ما يدل على فضيلة لصحابي أو يشهد لفكرة أو رأي أنه موضوع، وهو تصرف لا يرتضيه المنصفون المتثبتون ولا ترتضيه قواعد البحث النزيه المستقيم، فمن ثم طعن في كثير من الأحاديث الصحيحة في الفضائل، وغير معقول ألا يكون لصحابة النبي الذين مثلهم في التوراة والإنجيل - فضائل في جملتهم، وألا يكون لبعضهم من الفضيلة والميزة ما ليس للآخر، فادعاء أن كل ما ورد في الفضائل، أو كل ما يشهد لفكرة أو رأي موضوع إفراط وإسراف في الحكم بغير دليل، وكذلك ادعاء أن كل ما ورد في الفضائل ونحوها صحيح تفريط وتقصير في البحث، فلم يبق إلا الطريق الوسط العدل، وهو الطريق الذي يهتدي فيه الباحث بصحيح النقد وصريح العقل إلى التمييز بين الصحيح وغير الصحيح، وبيان المقبول من المردود، وهذا هو ما صنعه جهابذة الحديث وأئمة النقد في موقفهم من أحاديث الفضائل ونحوها 6- لقد تحامل المؤلف تحاملا لا يرتضيه المنصفون لذي دين وخلق على صحابي من صحابة رسول الله وهو أبو هريرة رضي الله عنه، ونحن لا ندعي العصمة لأحد من البشر، حاشا الأنبياء، ولكنا نريد أن ننزل للناس منازلهم في الفضل والعلم، ولا نحجر على العقول، فلكل باحث أن ينتقد ويبدي ما يشاء من آراء في حدود قواعد النقد الصحيحة، ولكنا نحب للناقد أن يأخذ نفسه بأدب النقد، وأن يراعي النصفة، وأن يكون عفيف القول، كريم التعبير، مترفعا عن الإسفاف، كما هو الشأن في العلماء، وقد كان سلفنا الصالح يختلفون ويتجادلون، ولكنهم كانوا يحلقون في سماوات من العفة والترفع عن الهجر من القول، والإنصاف وعدم التجني ولا أدري كيف استباح المؤلف لقلمه، فضلا عن أدبه، أن يرمي أبا هريرة بكل جارحة من القول تعليقا على كلمة لسيدنا أبي هريرة قالها تحدثا بنعمة الله، قال المؤلف ما نصه ص 187 : " ولقد استخفه أشره وزهوه - يعني أبا هريرة - ونم عليه أصله، ونحيزته، فخرج عن حدود الأدب والوقار ! مع هذه السيدة الكريمة فكان يقول بعد هذا الزواج الذي ما كان يحلم به : إني كنت أجيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني، فكنت إذا ركبوا سقت بهم، وإذا نزلوا خدمتهم والآن تزوجتها، فأنا الآن أركب فإذا نزلت خدمتني ... إلخ " ومما أخرجه ابن سعد أنه قال: أكريت نفسي من ابنة غزوان على طعام بطني وعقبة رجلي، فكانت تكلفني أن أركب قائما وأورد حافيا، فلما كان بعد ذلك زوجنيها الله، فكلفتها أن تركب قائمة وأن تورد حافية ويعلق الباحث الأديب على هذه العبارة، فيقول بالهامش ما نصه : انظر إلى هذا الكلام الذي تعرى عن كل مروءة وكرم، واتسم بكل دناءة ولؤم، فتجده يباهي بامتهان زوجه والتشفي منها، وهل يفعل مثل ذلك رجل كريم خرج من أصل عريق وبحسبي أن أضع هذه العبارات، التي نضحت بها نفس المؤلف الأديب بين يدي القراء، وسأدع الحكم عليه، لمحكمة الأدب السامي، والضمير الإنساني، وسيكون الحكم - لا ريب - قاسيا هذا إلى ما جاء في تضاعيف كتابه من رمي المنتصرين للسنة، المخالفين له في آرائه بالحشوية حينا، وبالمقلده والجامدين حينا آخر، إلى غير ذلك مما ينبغي أن ينزه التأليف والنقد عنه هذا وليطمئن المؤلف أبو رية، أني لن أتعرض لعقيدته ومذهبه ونشأته، ولا لكرم أصله أو عدم كرمه، ولا لمروءته أو عدم مروءته، إلى غير ذلك مما تناول به السيد الجليل أبا هريرة، فقد أخذت نفسي منذ أمسكت بالقلم أن أترفع عن مثل هذه السفاسف ....! والسباب والشتم إنما هي بضاعة العاجز الذي لا يسعفه المنطق السليم والحجة الدامغة ولن يرى مني إلا النقد الموضوعي للكتاب ومن الله أستمد العون والتوفيق، فاللهم أعن وسدد |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
أبرز علماء الإسلام | معاوية فهمي إبراهيم مصطفى | قسم السيرة النبوية | 0 | 2019-11-13 01:54 PM |
*** مواقع صديقة *** للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
شركة عزل فوم بالرياض شركة عزل اسطح بالرياض شركة عزل شينكو بالرياض شركة عزل خزانات بالرياض شركة كشف تسربات المياه yalla shoot يلا شوت yalla shoot سوريا لايف kooralive اشتراك hulk يلا شوت اهم مباريات اليوم يلا شوت يلا كورة تطبيقات تسويقية مناديل بيلا سطحة شمال الرياض سطحة بين المدن سطحة ظهرة لبن شحن السيارات سطحة هيدروليك نقل السيارات بين المدن ارخص شركة شحن بين المدن شركة شحن سيارات سطحة غرب الرياض سطحة السويدى شركة صيانة افران بالرياض شركة مكافحة الحشرات شركة سياحة في روسيا بنشر متنقل شركة تصميم مواقع Online Quran Classes صيانة غسالات خميس مشيط صيانة غسالات المدينة صيانة مكيفات المدينة صيانة ثلاجات المدينة صيانة غسالات الطائف صيانة غسالات الرياض صيانة غسالات مكة المكرمة صيانة ثلاجات مكة المكرمة صيانة مكيفات مكة صيانة مكيفات جدة صيانة مكيفات المدينة صيانة مكيفات تبوك صيانة مكيفات بريدة سباك المدينة المنورة ساندوتش بانل دعاء القنوت شركة تنظيف بجدة شركة تنظيف فلل بجدة شركة مكافحة حشرات بجدة شركة تنظيف المنازل بجدة شركة مقاولات اقرب شركة تنسيق حدائق شركة تنظيف اثاث بالرياض كشف تسربات المياه مجانا لحام خزانات فيبر جلاس بالرياض شركة تخزين عفش بالرياض برنامج ارسال رسائل الواتساب شركة تسليك مجاري بالرياض كشف تسربات المياه بالخرج اشتراك hulk iptv شات قطر اشتراك كاسبر أكثر مشاهير السناب في السعودية مشاهير السناب شات سنابات نجوم السعودية شنطة مكياج كاملة تنظيف خزانات بمكة شركة تنظيف خزانات بجدة شركة تنظيف منازل بالرياض خدمة مكافحة الصراصير بالرياض شدات ببجي شدات ببجي اقساط شدات ببجي شدات ببجي تابي شدات ببجي اقساط شدات ببجي اقساط شدات ببجي اقساط شدات ببجي شدات ببجي تابي مجوهرات يلا لودو شحن يلا لودو ايتونز امريكي بطاقات ايتونز امريكي شدات ببجي تمارا شدات ببجي اقساط شركة تنظيف بخميس مشيط تشليح الرياض شركة تنظيف افران صيانة غسالات الدمام صيانة غسالات ال جي صيانة غسالات بمكة شركة صيانة غسالات الرياض صيانة غسالات سامسونج تصليح غسالات اتوماتيك شركة مكافحة حشرات شركة عزل خزانات بجدة دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة شركة نقل عفش بالرياض شركة نقل عفش بالرياض اشتراك كاسبر مكسرات لوز فستق مظلات وسواتر تركيب مظلات سيارات في الرياض تركيب مظلات في الرياض مظلات وسواتر موسوعة kora live social media free online tools تطبيق الكابتن تمارين كمال اجسام و فيتنس كشف تسربات المياه بالرياض و شركة عزل خزانات المياه بالرياض شركة صيانة افران بالرياض كشف تسربات المياه شركة تنظيف منازل نقل اثاث بالرياض شراء اثاث مستعمل بالرياض نقل اثاث كشف تسربات المياه شركة تنظيف بالرياض شركة عزل اسطح عزل اسطح بالرياض شركة عزل اسطح بجدة كشف تسربات المياه بالرياض شركة عزل خزانات بالرياض كشف تسربات المياه بالخرج تنظيف خزانات بالرياض شركة مكافحة حشرات بالرياض شركة عزل اسطح بالرياض كشف تسربات المياه بالرياض شركة عزل فوم بالرياض شركة عزل خزانات بالرياض شركة عزل فوم بالرياض كشف تسربات المياه عزل خزانات بالاحساء شركة نقل اثاث بالرياض نقل عفش بالرياض عزل اسطح شركة تنظيف بالرياض شركات نقل الاثاث شركة عزل فوم بالرياض شركة عزل فوم بالرياض شركة عزل خزانات بالرياض شركة تنظيف خزانات بالرياض شركة تخزين اثاث بالرياض شركة تسليك مجاري بالرياض شركة نقل اثاث بالرياض شركة عزل اسطح كشف تسربات المياه بالرياض شركة كشف تسربات المياه شركة نقل اثاث بالرياض شركة عزل اسطح بجدة شركة عزل اسطح عزل خزانات شركات عزل اسطح بالرياض شركة عزل خزانات المياه شركة تنظيف فلل بالرياض كشف تسربات المياه بالدمام شركة عزل اسطح بجدة عزل خزانات بالاحساء عزل فوم بالرياض عزل اسطح بجدة عزل اسطح بالطائف |