للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
لا يحزن قارئ القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:- (( لا يحزن قارئ القرآن )) أيها الأخوة الكرام، ورد في بعض الآثار: (( لا يحزن قارئ القرآن )) [ الجامع الصغير عن أنس بسند فيه مقال ]. كيف يحزن قارئ القرآن الكريم وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ ( سورة طه ). ﴿ فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ ( سورة البقرة ). كيف يحزن قارئ القرآن الكريم وهو يتلو قوله تعالى: ﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ ( سورة الحجر الآية: 42 ). كيف يحزن قارئ القرآن الكريم وهو يتلو قوله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ ( سورة النحل الآية: 97 ). كيف يحزن قارئ القرآن الكريم وهو يتلو قوله تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ﴾ ( سورة التوبة الآية: 51 ). كيف يحزن قارئ القرآن الكريم وهو يتلو قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 257 ). على الإنسان ألا يفصل بين القرآن الكريم وبين الحياة التي يحياها: ما لم يكن هذا القرآن الكريم كتاب حياتك، فيه التوجيهات التي تجعلك تسلك سبل السلام، السلام مع نفسك، والسلام مع من حولك، والسلام مع ربك، لا تعد من قراء القرآن الكريم، إياك أن تفصل بين القرآن الكريم وبين الحياة التي تحياها، مرة بلد عربي أرسل بضع مئات من كبار الضباط ليتلقوا تدريبات عسكرية على أسلحة حديثة في بلاد غربية، والمشكلة أنهم عادوا جميعاً على طائرة واحدة أسقطوا هذه الطائرة، يعني مئات الخبراء العسكريين على أحدث الأسلحة انتهوا بإسقاط طائرتين ماذا قال القرآن الكريم ﴿ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ﴾ ( سورة يوسف الآية: 67 ). ينبغي أن يعود كل واحد برحلة، لو أنهم قرؤوا القرآن الكريم، كتاب يومي، كتاب الحياة، والله أيها الأخوة، أتمنى أنكم إذا قرأتم القرآن الكريم أن تسقطوا الآيات على واقعنا، يعني مثلاً خلاف بين المؤمنين طرف من المؤمنين يستدعي قوات أجنبية كالذي حدث في حياتنا خلاف بين دولتين إسلاميتين استدعى أن يأتي الغرب بكل جيوشه إلى المنطقة، أين قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا (9) ﴾ ( سورة الحجرات ). أين قوله تعالى ؟ القرآن الكريم الحل الأمثل لكل مشكلاتنا: أقول لكم بصدق إن كل ما نعانيه من مشكلات لو استلهمنا القرآن الكريم في حلّها لكان الحل الأمثل لهذه المشكلات، لكن القرآن عندنا كتاب تراثي، كتاب تتبارك به، تتعبد الله بقراءته هذا هو المطلوب ؟ المطلوب أن تأخذ آياته على أنها حلول لمشكلاتك، بيان لحجم المشكلة، لذلك قال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) ﴾ ( سورة ق). (( الصلاة نور )) [ رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري ]. (( الصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو حجة عليك )) [ رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري ]. زرت بلداً بعيداً جداً فوجدت أنهم يأكلون الفاكهة قبل الطعام، شيء طبيعي جداً، شيء مألوف جداً أنهم يقدمون الفاكهة أولاً ثم الطعام ثانياً، وأنا أعلم علم اليقين أن السكريات الطبيعية أي سكر الفواكه أسرع مادة غذائية تنتقل من الفم إلى الدم في عشر دقائق، أنت إذا دخلت إلى البيت وأنت جائع تناولت تمرة أو تمرتين، تفاحة أو تفاحتين، شيء سكري، وصليت الظهر تجلس إلى الطعام بوضع طبيعي جداً من دون شعور بالجوع الشديد، لأن الله عز وجل قال: ﴿ وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ(21) ﴾ ( سورة الواقعة ). لما قدم الفاكهة على اللحم هذه إشارة. القرآن الكريم إن طبقت أحكامه قادك إلى الجنة وإن لم تطبقها ساقك إلى النار: والله أيها الأخوة، يمكن أن نستنبط آلاف التوجيهات، بل عشرات آلاف التوجيهات من القرآن الكريم، هناك أمراض وبيلة تصيب من يأكل الفاكهة قبل أن تنضج: ﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ ﴾ ( سورة الأنعام الآية: 141 ). لذلك ابن مسعود يقول: (( يجيء القرآن يوم القيامة فيشفع لصاحبه فيكون قائداً إلى الجنة أو يشهد عليه فيكون سائقاً إلى النار )) [ رواه الدارمي عن ابن مسعود ]. القرآن الكريم إن طبقت أحكامه قادك إلى الجنة، وإن لم تطبق أحكامه ساق الإنسان العاصي إلى النار، يقول أبو موسى الأشعري : (( إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَائِنٌ لَكُمْ أَجْراً، وَكَائِنٌ عَلَيْكُمْ وِزْراً، فَاتَّبِعُوا الْقُرْآنَ، وَلا يَتَّبِعْكُمْ، فَإِنَّهُ مَنْ اِتَّبِعْ الْقُرْآنَ هَبَطَ بِهِ عَلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ اتَّبَعَهُ الْقُرْآنُ زَخَّ بِهِ فِي قَفَاهُ، فَقَذَفَهُ فِي النَّارِ. )) [أخرجه الدارمي و البيهقي عن أبي موسى الأشعري]. (( ورب تال للقرآن و القرآن يلعنه )) [ ورد في الأثر]. (( ما آمن بالقرآن من استحل محارمه )) [ أخرجه الترمذي عن صهيب ] . القرآن الكريم حجة للإنسان أو حجة عليه: بعض السلف يقول: ما جالس أحد القرآن فقام عنه سالماً إما أن يربح وإما أن يخسر، ثم تلا قوله تعالى: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) ﴾ ( سورة الإسراء). والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (( الصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو حجة عليك )) [ رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري ]. ابن عمر يقول: كل حرف في القرآن الكريم ينادي أنا رسول الله إليك لتعمل بي وتتعظ بالمواعظ. يقول الله عز وجل: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) ﴾ ( سورة محمد ). حقّ تلاوة القرآن الكريم أن يتلوه الإنسان وفق قواعد اللغة العربية الصحيحة: أيها الأخوة الكرام، القرآن ينبغي أن تتلوه حقّ تلاوته قال تعالى يصف المؤمنين فيقول: ﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 121 ). قال بعض العلماء: حقّ التلاوة أن تتلوه وفق قواعد اللغة العربية الصحيحة، يعني الله عز وجل في آيات كثيرة من هذه الآيات يقول: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (28) ﴾ ( سورة فاطر). لأن ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ ﴾ الفتحة على لفظ الجلالة جعلت هذه الكلمة مفعولاً به، والعلماء الفاعل، لو أنما قرأت إنما يخشى اللهُ، المعنى فيه فساد كبير جداً، إذاً لابدّ من أن تتبع قواعد اللغة في قراءته ثم لابدّ من أن تراعي أحكام التجويد، ثم لابدّ من أن تفهمه، أحياناً شخص يسمع قرآناً ولا ينتبه وسيق الذي كفروا إلى جهنم زمراً، يا رب تجعلنا منهم، لا يعرف ما يسمع، لابدّ من أن تقرأه وفق قواعد اللغة، وفق أحكام التجويد، وفق المعنى. التدبر هو مطابقة حالتك النفسية على ما تقرأ من آيات القرآن الكريم: بقي التدبر وهو محور درسنا، التدبر غير الفهم، والتدبر غير التلاوة الصحيحة، التدبر غير القراءة المجودة، التدبر أن تعرض هذه الآية وأن تعرض نفسك عليها أين أنت منها ؟ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (2) ﴾ ( سورة الأنفال). هل تضطرب نفسك إذا قرأت القرآن الكريم ؟ هل يقشعر جلدك ؟ هل تشعر بنشوة إيمانية ؟ فإن لم تشعر بشيء إذاً يوجد عندك مشكلة، الآن موضوع مطابقة حالتك النفسية على ما تقرأ هو التدبر، هناك سؤال دقيق جداً ؛ أين أنا من هذه الآية ؟ هل أنا مطبق لها ؟ ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ﴾ ( سورة النور الآية: 30 ). هل أنا مطبق لها ؟ ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) ﴾ ( سورة الفرقان). هل أنت مطبق لها، أنت حينما تفكر في كل آية تتلوها ما موقفك منها هذا هو التدبر، وبعد ذلك عليك أن تطبق، فالتلاوة حق التلاوة أن تتلوه وفق قواعد اللغة، وأن تتلوه وفق أحكام التجويد، وأن تفهم تفسيره الدقيق، وأن تتدبر آياته، أي أن تعرض نفسك عليها أين أنت منها ؟ ثم عليك أن تطبق أحكامه، فإذا فعلت هذه الأشياء الخمسة تكون تلوته حقّ تلاوته، لذلك قال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ (29) ﴾ ( سورة الفرقان). هذه لام التعليل، أي علة هذا الكتاب أن تتدبر آيات القرآن الكريم، قال بعض العلماء: إن كنت تزعم حبي فلما هجرت كتابي أما تأملت ما فيه من مزيد خطابي إنسان في حياته: أيها الأخوة الكرام، الذي أتمنى أن يكون واضحاً إليكم في هذا اللقاء الطيب أن القرآن الكريم ليس كتاب تاريخ، وأن الدين ليس تراثاً، وإنما الدين منهج نحتاجه في أي عام من أعوامنا، نحتاجه في إدارة شؤوننا، نحتاجه في أسرنا، في اختيار زوجاتنا، في تربية أولادنا، في اختيار أعمالنا، نحتاجه في الرخاء، نحتاجه في الشدة، نحتاجه في الصحة، في المرض، في إقبال الدنيا، في إدبارها، يحتاجه الكبار والصغار، الذكور والإناث، يحتاجه كل إنسان، أنت حينما تفهم القرآن الكريم على أنه كتاب فيه منهج لحياتك تبتعد عن فهم تقليدي سقيم على أنه كتاب مقدس تاريخي، لا، في حلّ مشكلاتك وكذلك النبي عليه الصلاة والسلام، شخص التحق بالصلاة خلف النبي عليه الصلاة والسلام وأحدث جلبة حينما التحق بهذه الصلاة، فلما انتهى النبي من صلاته قال له: زادك الله حرصاً، ولا تعد، أثنى عليه، هذا منهج لأي إنسان، للأب منهج، للأم منهج، ابنك تأخر، تعرفه ابنك باراً، تعرفه صادقاً، تعرفه أميناً، يا بني أنا معجب بصدقك، بأمانتك، لكن تأخرت أين كنت ؟ عندما قلت له: أنا معجب بصدقك وأمانتك طمأنته، تعرفه بإيجابياته ثم تلفت نظره، هذا توجيه هذا منهج، أقسم لكم بالله بإمكانكم جميعاً في كل شؤون حياتكم، في إدارة بيتكم، في علاقتكم بزوجاتكم، في علاقاتكم بأعمالكم، بمن هو فوقكم، بمن هو دونكم، لمن حولكم، أن تجعلوا من كلام الله منهجاً لكم، عندئذ يكون كلام الله هو المنهج وليس كتاب تاريخ وعندئذ يكون الدين حلاً لمشكلاتنا وليس تراثاً نعتز به. لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي. ********* |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
شبهات حول القرآن د. محمد عمارة | عادل محمد عبده | كتب إلكترونية | 0 | 2020-03-12 06:47 AM |