بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( بين الصحبة والاعتزال ))
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67]، قال صل الله عليه وسلم صاحب الصديق رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين: (ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما)، وقال: (يدُ الله على الجماعة)، وقال أيضًا: (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضًا)، وجاء في ذلك أيضًا قوله: (الشيطان أقربُ إلى الواحد وهو من الاثنين أبعد)، فصحبة الصالحين تحمِل على زيادة الإيمان الورع والتقوى واليقين، وتبعد الشيطان وتقرب إلى السداد، ومن ذلك أيضًا صلاة الجماعة وأجرها، ونحن نعيش زمانًا قلَّ فيه مَن يسحب إلى الخير، ولا يزال الخير في أمة محمد صل الله عليه وسلم من علماء ودعاة ومصلحين، هذا النور الذي يُتمه الله إلى قيام الساعة، وربما يكون الإنسان الجماعة ولو كان وحده إن لم يجد، ويأثم إن وجد، ولزِمه الكبر والعجب في التخلي، فصحبةُ الأخيار توصل إلى الخير، وصحبة الأشرار توصل إلى الشر، فإذا عمَّ الشر وساد، كنا للزمن الأضعف، وكان العسر في الحياة والمشقة لوصول الغايات والقيم السامية، إن كنا نبني وغيرنا مِعول هدمٍ ينشر دعوة الفتن ومسالك الخبث، فلا بد من قيام دعوة لذلك، وأشار الإسلامُ إلى العزلة في زمن الفتن، إن كانت الدعوة تواجه صدودًا يؤثر على النفس وحياة الفرد، فالهداية للدلالة والإرشاد والتوفيق من الله، والأصل في الإنسان أن يحفظ دينه وعقله؛ قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (العبادة في الفتن كهجرة إليَّ)، وجاء في الحديث قال: (تلزم جماعةَ المسلمين وإمامهم)، قال: (وإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمام)، قال: (فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضَّ بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)، وهنا المبالغة في الاعتزال لشدة الأمر، ولو بقي للمعتزل أن يعتزل بالعض بأسنانه، لما يعرفه من أصول الدين ليبتعد بذلك عن الفتن اجتهادًا وتمسكًا، خير له من الميل إلى الفتن واتباعها ليموت على ذلك، تحذيرًا من الخوض في الفتن، وقال الله تعالى: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35]، وقال: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 45، 46]، ولا تزال الآيات والأحاديث الدالة، فدعوة الإسلام بصحبة صالحة بعلم وصبرٍ، والنظر في أحوال الدنيا، ودفع الضرر، وإن لم يكن فاعتزال لحسن خاتمة.
§§§§§§§§§§§§§§§§