عرض مشاركة واحدة
  #100  
قديم 2009-07-08, 07:12 AM
صابر عباس صابر عباس غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-20
المشاركات: 430
افتراضي مبدأ التوحيد في القرآن العظيم -الجزء الثلاثون (4)

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الثلاثون من القرآن العظيم ومبدأ التوحيد
( 4 )
سورة التكوير

هذه السورة ذات مقطعين اثنين في كل مقطع منهم تقرير حقيقة ضخمة من حقائق العقيدة : الأولي حقيقة القيامة ومايصاحبها من انقلاب كوني هائل كامل ، يشمل الشمس والنجوم والجبال والبحار ،والأرض والسماء ، والأنعام والوحوش ، كما يشمل بني الإنسان .

والثانية حقيقة الوحي ، وما يتعلق بها من صفة الملك الذي يحملة . وصفة النبي الذي يتلقاه ، ثم شأن القوم المحاطين بهذا الوحي معه ، ومع المشيئة الكبرى التي فطرتهم ونزلت لهم الوحي .

والمشاهد الأولى للسورة تهز النفس البشرية هزاً عنيفاً طويلا ، يخلعها من كل مااعتادت أن تسكن إليه ، فإذا هي في عاصفة الهول المدمر والجارف ريشة لا وزن لها ولا قرار ولا ملاذ لها ولا ملجأ إلا في حمي الواحد القهار ، الذي له وحده البقاء والدوام ، وعنده وحده القرار والاطمئنان .
ومن ثم فالسورة بإيقاعها العام تخلع النفس من كل ما تطمئن إليه وتركن ، لتلوذ بكنف الله ، وتأوي إلى حماه ، وتطلب عندة الأمن والطمأنينة والقرار.

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14)

إذا الشمس لُفَّت وذهب ضَوْءُها, وإذا النجوم تناثرت, فذهب نورها, وإذا الجبال سيِّرت عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثًا, وإذا النوق الحوامل تُركت وأهملت,
وإذا الحيوانات الوحشية جُمعت واختلطت؛ ليقتصَّ الله من بعضها لبعض,

وإذا البحار أوقدت، فصارت على عِظَمها نارًا تتوقد,
فتفجير عناصرها وانفصال الأيدروجين عن الأكسوجين فيها. أو تفجير ذراتها على نحو ما يقع في تفجير الذرة، وهو أشد هولاً. أو على نحو آخر.
وحين يقع هذا فإن نيراناً هائلة لا يتصور مداها تنطلق من البحار. فإن تفجير قدر محدود من الذرات في القنبلة الذرية أو الأيدروجينية يحدث هذا الهول الذي عرفته الدنيا؛ فإذا انفجرت ذرات البحار على هذا النحو أو نحو آخر، فإن الإدراك البشري يعجز عن تصور هذا الهول؛ وتصور جهنم الهائلة التي تنطلق من هذه البحار الواسعة!

وإذا النفوس قُرنت بأمثالها ونظائرها,

وإذا الطفلة المدفونة حية سُئلت يوم القيامة سؤالَ تطييب لها وتبكيت لوائدها : بأيِّ ذنب كان دفنها؟
وقد كان من هوان النفس الإنسانية في الجاهلية أن انتشرت عادة وأد البنات خوف العار أو خوف الفقر.
قال تعالى: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم. يتوارى من القوم من سوء ما بشر به. أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون – 16 النحل
فهذه كانت نظرة الجاهلية إلى المرأة على كل حال. حتى جاء الإسلام. يشنع بهذه العادات ويقبحها. وينهى عن الوأد ويغلظ فعلته. ويجعلها موضوعاً من موضوعات الحساب يوم القيامة .

وإذا صحف الأعمال عُرضت, إن هذا النشر والكشف لون من ألوان الهول في ذلك اليوم ؛ نسأل الله الستر في الدنيا والأخرة .

وإذا السماء قُلعت وأزيلت من مكانها,
وإذا النار أوقدت فأضرِمت,

وإذا الجنة دار النعيم قُرِّبت من أهلها المتقين, إذا وقع ذلك, تيقنتْ ووجدتْ كلُّ نفس ما قدَّمت من خير أو شر.
كل نفس تعلم، في هذا اليوم الهائل ما معها وما لها وما عليها .

*****

فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِي الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)


أقسم الله تعالى بالنجوم المختفية أنوارها نهارًا, الجارية والمستترة في أبراجها, والليل إذا أقبل بظلامه, والصبح إذا ظهر ضياؤه,

وجدير بالذكر أن نذكر أراء العلماء المحدثين في تفسير النجوم المختفية والتي تسمى بالثقوب السوداء .

الثقب الأسود هي منطقة في الفضاء، عبارة عن كتلة كبيرة في حجم صغير تسمى الحجم الحرج بالنسبة لهذه الكتلة، حيث تبدأ المادة بالانضغاط تحت تأثير جاذبيتها الخاصة ويحدث فيها انهيار من نوع خاص هو الانهيار بفعل الجاذبية ،و ذلك ينتج عن القوة العكسية للانفجار حيث أن هذه القوة تضغط النجم و تجعله صغيرًا جدًا وذا جاذبية قوية خارقة، ويزداد تركيز الكتلة أي كثافة الجسم نتيجة تداخل جسيمات ذراته وإنعدام الفراغ البيني بين الجزيئات ، وتصبح قوّة جاذبيته قوّية إلى درجة لا يمكن لأي جسم يمر بمسافة قريبة منه أن يفلت من جاذبيتهُ مهما بلغت سرعته وبالتالي يزداد كمّ المادة الموجودة في الثقب الأسود ،

إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)

وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25)

إن هذا القرآن، وهذا الوصف لليوم الآخر.. لقول رسول كريم.. وهو جبريل الذي حمل هذا القول وأبلغه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذِي قوة في تنفيذ ما يؤمر به, صاحبِ مكانة رفيعة عند الله, تطيعه الملائكة, مؤتمن على الوحي الذي ينزل به.
فأما الرسول الذي حمله إليكم فهو صاحبكم .. عرفتموه حق المعرفة عمراً طويلاً . فما لكم حين جاءكم بالحق تقولون فيه ما تقولون . وتذهبون في أمره المذاهب، وهو صاحبكم الذي لا تجهلون . وهو الأمين على الغيب الذي يحدثكم عنه عن يقين : وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ .
وما محمد الذي تعرفونه بمجنون, ولقد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالة في الأفق العظيم, وما هو ببخيل في تبليغ الوحي. وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم, مطرود من رحمة الله, ولكنه كلام الله تعالى ووحيه .

فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)

فأين تذهب بكم عقولكم في التكذيب بالقرآن بعد هذه الحجج القاطعة ؟

إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ

ذكر يذكرهم بحقيقة وجودهم، وحقيقة نشأتهم، وحقيقة الكون من حولهم.. للعالمين.. فهو دعوة عالمية
لمن شاء منكم أن يستقيم على الحق والإيمان,

وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
وذلك كي لا يفهموا أن مشيئتهم منفصلة عن المشيئة الكبرى، التي يرجع إليها كل أمر. فإعطاؤهم حرية الاختيار، ويسر الاهتداء ، إنما يرجع إلى تلك المشيئة. المحيطة بكل شيء كان أو يكون .

*******

وقبل أن نختم تعالوا نتعرض لأنوار الصفات والأسماء الحسنى
لله سبحانه وتعالى

الصبور


الصبور : ملهم الصبر لجميع خلقه , الصابر على ما لا يرضاه منهم .
فلا تستفزه المعاصي .. ولا يعجل بالعقوبة على من عصاه
والصبور أيضا هو الذي لا يسارع إلى الفعل قبل أوانه .. بل ينزل الأمور بقدر معلوم بحيث تأتي على الوجه الذي يجب أن تكون
وكل ذلك من غير معاناة أو معارض يعترض إرادته سبحانه .

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول :
ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله ، يدعون له الولد ، ثم يعافيهم ويرزقهم .
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 7378
خلاصة الدرجة: [صحيح]

سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا

وقد مدح الله تعالى من يتصف بصفة الصبر في مواضع كثيرة
قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصابرين – 153 البقرة
يكفي ان يستشعر المؤمن الذي يتحلى بتلك الصفة وهي الصبر , يستشعر بمعية الملك – إن الله مع الصابرين
ولذلك قال تعالى بعدها : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون

وقال تعالى :
وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا

وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ – 146 ال عمران

سبحان الله الصبور المطلق

هو الله .

********

وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس