عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 2012-05-03, 06:53 PM
صابر عباس صابر عباس غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-20
المشاركات: 430
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الإسلام وشباب الأمة


الباب الثاني : أهمية العمل لدى الشباب

وينقسم إلى ثمان فصول.

الفصل الأول : كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.
الفصل الثاني : تدعيم التخصص لدى الشباب.
الفصل الثالث : التكامل بين جميع التخصصات وأهميته.
الفصل الرابع : تشجيع المهارات الفردية في كل التخصصات.
الفصل الخامس : الإهتمام بالزراعة ودعمها.
الفصل السادس : الإهتمام بالتربية الحيوانية وتدعيمها .
الفصل السابع : الإهتمام باسطول الصيد ودعمه.
الفصل الثامن : الإهتمام بالتعليم والبحث العلمي كمقدمة ضرورية لهذه المنظومة المتكاملة.

**********

العمل الجاد والمتقن

إهتم الإسلام بالعمل الجاد والمتقن كضرورة إيمانية في المجتمع المسلم. وكذلك ضرورة حضارية للنهوض بالأمم.

ورد في الحديث الشريف الذي روته السيدة عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال :

إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه.

الراوي: عائشة المحدث المصدر: صحيح الجامع : الألباني- الصفحة أو الرقم: 1880
خلاصة حكم المحدث: حسن


وبهذا المبدأ سادت جميع الحضارات وعلى رأسها الحضارة الإسلامية في عصرها الذهبي .. ولن نعود إلى تلك السيادة إلا إذا عدنا لذلك المنهج ( إتقان العمل )

وقد ورد نموذج على إتقان العمل في القرآن العظيم . قال تعالى في سورة سبأ :

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ -10

أَنْ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ –11

ولقد آتينا داود نبوة, وكتابًا وعلمًا, وقلنا للجبال والطير: سبِّحي معه, وألنَّا له الحديد, فكان كالعجين يتصرف فيه كيف يشاء .

وياخذنا الحديث هنا عن أهمية صناعة الوسائل الدفاعية للجنود والأفراد لإتقاء إعتداءات العدو . قال تعالى:
وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ – 80 الأنبياء

والسابغات الدروع . روي أنها كانت تعمل قبل داود - عليه السلام - صفائح . الدرع صفيحة واحدة فكانت تصلب الجسم وتثقله .
فألهم الله داود أن يصنعها رقائق متداخلة متموجة لينة يسهل تشكيلها وتحريكها بحركة الجسم , وأمر بتضييق تداخل هذه الرقائق لتكون محكمة لا تنفذ منها الرماح . وهو التقدير في السرد . وكان الأمر كله إلهاماً وتعليماً من الله تعالى .

واعملوا صالحاً إني بما تعملون بصير. .

لا في الدروع وحدها بل في كل ما تعملون , مراقبين الله الذي يبصر ما تعملون ويجازي عليه , فلا يفلت منه شيء , والله به بصير . .

والقطر النحاس . وقد يكون ذلك بأن فجر الله له عيناً بركانية من النحاس المذاب من الأرض . أو بأن ألهمه الله إذابة النحاس حتى يسيل ويصبح قابلاً للصب والطرق . وهو فضل من الله كبير.

وندرك من الآيات السابقة مدى أهمية الإتقان في العمل والدقة في التصنيع الذي يرقى بالشعوب والأمم.

هذا عن العمل المطلوب من الشباب من حيث الجودة لكي ينافس في السوق العالمية ..أو حتى الإكتفاء الذاتي والتصدير ..

وبدون ذلك مهما بلغنا من ثروات نكون معرضون للإستغلال والتبعية للدول التي ترتقي بصناعاتها وتصدر إلينا ما تريد في حدود عدم التفوق عليهم ..

وجدير بالذكر أن العمل هنا يشمل جميع التخصصات .
وسواء كان عملا جماعيا كالشركات والمؤسسات والمصانع أو عملا فرديا يقوم به شخص واحد كالطبيب في عيادته والمهندس في مكتبه والمحامي في مكتبه والعامل في ورشته والتاجر في متجره.

**********

الأجواء التي تساعد على العمل

لابد للعمل الجاد من عناصر يجب توفرها :

أولا - الأهتمام بإدارة واعية تخطط وتدير هذه المنظومة التي يقوم عليها إقتصاد الدولة , وتحديد أولويات العمل والإنتاج. وتحديد أولويات المناهج العملية التي يحتاجها سوق العمل والأطلاع المستمر على السوق العالمية وأخر التطورات في المنتج .. ثم البحث الجاد عن سبل التسويق سواء في الداخل أو الخارج..


ثانيا - الخبرة الازمة لعمل معين ويأتي ذلك بالدراسة الجادة والمتخصصة أو التدريبات العملية داخل الورش والمصانع لطلبة الكليات والمعاهد.
أما إن كان التعليم في وادي والعمل في وادي أخر فسوف يحدث بطالة مقنعة حيث يتخرج الطالب لايجيد العمل .. وكثير من الأحيان يلتحق الاف الشباب في كليات نظرية لا يحتاجها سوق العمل..وتعد هذه من كوارث التخطيط الفاشل لمنظومة التعليم والعمل..فيعد هذا إهدار للمال الذي ينفق على تعليم ليس له طلب في سوق العمل . وكذلك إضاعة عمالة ومهارات مطلوبة يمكن توجيهها إلى أعمال تفيد في التنمية والبناء.

ثالثا - التشجيع المادي وذلك ليتفرغ العامل لذلك العمل دون السعي وراء مورد أخر ليسد حاجاته وحاجات أهله .
إن عدالة العائد المادي من أهم الضرورات التي تنهض بالأمم , فلا تكون هناك أعمال محتقرة لها عائد بسيط لا يكفي لسد حاجة الفرد , وهناك أعمال يجني أصحابها الملايين .. فإن ذلك يحدث فجوات إجتماعية وخلل ينعكس على الجميع.

رابعا - تهيئة المناخ المناسب للعمل من حيث السعة والهدوء والوصول إلى مقر العمل بيسر وراحة , بحيث يستثمر أكثر الوقت في العمل , وكثيرا ما يضيع الوقت في الدول المتخلفة في مجرد الوصول إلى العمل , ثم بعد ذلك في العودة من العمل.. وينعكس ذلك على منظومة العمل بالكلية . ولذلك حرصت الدول الصناعية الكبري أن تنشئ مجمعات سكنية للعاملين بها حرصا على الوقت والجهد .


********

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا

نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ – 58 العنكبوت

*******
وإلى الفصل الأول إن شاء الله تعالى
وكيفية توجيه الشباب إلى الحرف
رد مع اقتباس