عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 2012-05-10, 10:54 PM
صابر عباس صابر عباس غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-20
المشاركات: 430
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الإسلام وشباب الأمة

الباب الثاني : أهمية العمل لدى الشباب
تكلمنا في اللقاء السابق عن كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.
واليوم بعون الله نتكلم في تدعيم التخصص..


الفصل الثاني : تدعيم التخصص لدى الشباب.

والأصل في ذلك الموضوع ( أن يوسد الأمر لأهله ) ..

فحين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة قال :

فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة . قال السائل : كيف إضاعتها ؟ قال :

إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة .

الراوي:أبو هريرةالمحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:59
خلاصة حكم المحدث:[صحيح]


وتدعيم التخصص هو أساس التطور والتقدم على هذه الأرض ولذلك كان اهتمام الإسلام بذلك الأمر واضح وصريح .

قال تعالى في سورة الإسراء :

وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً - 36

هذه دعوة إلى التأكد والتثبت في أي أمر يعمله أو يقوله الإنسان .
فالإنسان مسؤول عما استعمَل فيه سمعه وبصره وفؤاده، فإذا استعمَلها في الخير نال الثواب، وإذا استعملها في الشر نال العقاب.

******

أمثلة لبعض التخصصات

إن تدعيم التخصص ذكر في كثير من الآيات وذلك لأهميته..

قال تعالى في سورة البقرة الآية282:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ,
وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ....

فالكتابة أمر مفروض بالنص , غير متروك للاختيار في حالة الدين إلى أجل .
وليكتب بينكم كاتب بالعدل..
وهذا تعيين للشخص الذي يقوم بكتابة الدين . ( فهو كاتب متخصص..(
وهذه إشارة إلى التخصص القانوني للكاتب وإشارة أيضا لذلك العلم الخاص بالشريعة والقانون..

ولم تترك الكتابة لأي شخص غير متخصص بدليل الآية التالية لها

قال تعالى:

وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ....

فجعل الرهن عوضا عن الكتابة في توثق صاحب الحق..
وهكذا نرى أهمية التخصص في كل المجالات .. وأهمية تدعيمها بالدراسة والخبرات...

*******

ولا تقاس الخبرة بكثرة المال ولكن تقاس بالقدرة الفعلية والموهبة التي أختص الله به بعض الناس ..

قال تعالى في سورة البقرة الآية 247:

وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا, قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ,

قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ,

وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ .

أي: كيف يكون ملكا وهو دوننا في الشرف والنسب ونحن أحق بالملك منه. ومع هذا فهو فقير ليس عنده ما يقوم به الملك من الأموال ، وهذا بناء منهم على ظن فاسد ، وهو أن الملك ونحوه من الولايات مستلزم لشرف النسب وكثرة المال ،
ولم يعلموا أن الصفات الحقيقية التي توجب القيادة مقدمة عليها ، فلهذا قال لهم نبيهم: ﴿
إن الله اصطفاه عليكم ﴾ فلزمكم الانقياد لذلك ﴿ وزاده بسطة في العلم والجسم ﴾ أي : فضله عليكم بالعلم والجسم،
أي : بقوة الرأي والجسم اللذين بهما تتم أمور الملك ، لأنه إذا تم رأيه وقوي على تنفيذ ما يقتضيه الرأي المصيب ، حصل بذلك الهدف من القيادة ،
ومتى فاته واحد من الأمرين اختل عليه الأمر، فلو كان قوي البدن مع ضعف الرأي ، حصل في الملك خرق وقهر ومخالفة للمشروع ، قوة على غير حكمة ، ولو كان عالما بالأمور وليس له قوة على تنفيذها لم يفده الرأي الذي لا ينفذه شيئا..

*******

والتدعيم للتخصص تخطى حتى السن إذا كان الإنسان مؤهل لذلك ..ففي الحديث :
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد ، فقال : اغد على بركة الله ، والنصر والعافية ، ثم أغر حيث أمرتك أن تغير...
الراوي: عائشة رضي الله عنها
المصدر دلائل النبوة للبيهقي

ودل الحديث على إسناد قيادة الجيش في تلك الغزوة لإسامة بن زيد وهو الشاب , ولكن لديه كل المؤهلات لتحمل تلك القيادة...

*******
ومما تقدم ندرك مدى إهتمام الإسلام بالتخصص ودعمه في كافة مجالات الحياة على العلم والخبرة ..

قال تعالى في سورة يوسف :

قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ – 108

قل لهم أيها الرسول : هذه طريقتي , أدعو إلى عبادة الله وحده , على حجة من الله ويقين وعلم , أنا ومن اقتدى بي , وأنزِّه الله سبحانه وتعالى عن الشركاء , ولستُ من المشركين مع الله غيره.

*********

وقال تعالى في سورة فاطر :

وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ,

إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ - 28


أي أن العلماء يخشون الله تعالى بسبب ما يرونه من دلائل قدرته تعالى على كل شيء , ومنها اختلاف هذه المخلوقات مع اتحاد سببها , ويتدبرون ما فيها من عظات وعبر . إن الله عزيز قويٌّ لا يغالَب , غفور يثيب أهل الطاعة , ويعفو عنهم .

وقد حرصت النظم الحديثة على الأخذ بذلك المبدأ الهام وأنشأت المعاهد والكليات المتخصصة في كل علم بحيث يتخرج الشباب وقد تخصص في فرع معين من العلم يجيده ويعمل به في مجال الحياة.

********

وجدير بالذكر أن نشير هنا إلى خصائص العلماء في الإسلام .. فرغم أنهم كانوا متخصصون في مجال معين إلا أنهم موسوعيون الثقافة مما تعلموه من كتاب الله تعالى .

فإن من أهم المبادئ التي أتى بها الإسلام مبدأ التدبر والعلم في كل ما يحيط بنا , سواء في الأرض أو في السماء , والبحث العلمي المبني على الأدلة ( هو منهج الإسلام (

وهناك مدن امتلأت بالعلم والعلماء ، ومعاهد العلم ، في العصر الذهبي للدولة الإسلامية مثل : القاهرة ، وبغداد ، ودمشق ، وقرطبة ، وغرناطة ، وإشبيلية ، وبخارى ، وغيرها من العواصم التي كانت تزخر بكل ألوان الحضارة.

وكل هذا بفعل الاتجاهات القرآنية التي غرسها الإسلام في قلوب الناس، والتي أدت إلى تنمية القوى العقلية في الإنسان المسلم ، ففتحت أمامه آفاقا واسعة لا حدود لها .

فالمنهج الإسلامي كان أعمق بكثير من الحضارة المادية البحتة , حيث أن الإسلام استوعب تلك الحضارة وتجاوزها وجعلها طريقا للتقرب إلى رب العالمين , الذي وهبنا الحياة وخلق لنا ما في السموات والأرض جميعا منه. وجعل كل ما حولنا مادة للتعلم , نتعلم ولا ننسى الخالق الأعظم..
وبهذا المنهج تتحقق الغاية التي يهدف إليها العلم في الإسلام..

قال تعالى في سورة يونس:

هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ -5
إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ – 6


******

قال تعالى في سورة الأنعام :

وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ,
مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ
ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ - 38

وقال تعالى في سورة النحل الآية 89 :

وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ..

******

وإلى الفصل الثالث إن شاء الله تعالى
التكامل بين جميع التخصصات وأهميته.
رد مع اقتباس