عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 2012-05-11, 10:48 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 2,686
افتراضي سلسلة التحدي بالقرآن/محمد إبراهيم عبد الغني/يَحْفَظُونَهُ مِنْ أمْرِ اللّهِ

بسم الله الرحمن الرحيم
التحدي بالقرآن - ليس بكلام بشر
تدبر/محمد إبراهيم عبد الغني قطب
{ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أمْرِ اللّهِ }

الحمد لله رب العالمين الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. الحمد لله الذي انزل القرآن إعجازا على مر السنين والأيام ليكون آية لكل ذي عقل ليهدى الله به من يشاء ويعذب به من يشاء وأصلى وأسلم على سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحبه الكرام ومن اتبعه بإحسان إلى يوم القيامة.
يقول الله عز وجل في محكم آياته : بسم الله الرحمن الرحيم { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ (11)}(الرعد) ويقول سبحانه في سورةالطارق : { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)}.

اجتهد المفسرين في تفسير هذه الآيات الكريمة وسوف استعرض ما جاء ببعض التفاسير
فى تفسير "خواطر"الشيخ محمد متولي الشعراوى رحمه الله يقول ما نصه" وكلمة { لَهُ } تفيد النفعية، فإذا قلت " لك كذا " فهي عكس أن نقول " عليك كذا ". وحين يقول سبحانه: { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ... }(الرعد: 11).فكأنَّ المُعقِّبات لصالح الإنسان. و { مُعقِّبات } جمع مؤنث، والمفرد " مُعقِّبة " ، أي: أن للحق سبحانه وتعالى ملائكة يتناوبون على حراسة الإنسان وحِفْظه ليلاً ونهاراً من الأشياء التي لا يمكن الاحتراز منها. وفى تفسيره لتكملة الآية الكريمة { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ ...}الآية يقول فضيلته رحمه الله فيها " وهكذا نعلم أن الصيانة للإنسان والحفظ له والإمداد له من قبل أن يُولَد؛ كُلُّ ذلك لن يرجع عنه الله مادام الإنسان يمشي على صراط مستقيم؛ لكن إذا ما حَادَ الإنسان عن الصراط المستقيم؛ فيلفته الله ببعض من العِبَر والعظات ليعود إلى الصراط المستقيم.
تلك الجولة الهائلة في آفاق الكون الفسيحة، يعود منها السياق ليعجّب من قوم، هذه الآيات كلها في الآفاق لا توقظ قلوبهم، ولا تنبه عقولهم، ولا يلوح لهم من ورائها تدبير المدبر، وقدرة الخالق، كأن عقولهم مغلولة، وكأن قلوبهم مقيدة، فلا تنطلق للتأمل في تلك الآيات:

جاء فى تفسير جامع البيان في تفسير القرآن للإمام الطبري رحمه الله وهو من أمهات التفاسير"
قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن عبد الـملك، عن قـيس، عن مـجاهد، فـي قوله: { لَهُ مُعَقِّبـاتٌ مِنْ بـينِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَـلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ } قال: مع كلّ إنسان حفظة يحفظونه من أمر الله.قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { لَهُ مُعَقِّبـاتٌ مِنْ بـينِ يَديْهِ وَمِنْ خَـلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أمْرِ اللّهِ } فـالـمعقبـات هنّ من أمر الله، وهي الـملائكة.
في المراد بالمعقبات قولان. الأول: وهو المشهور الذي عليه الجمهور أن المراد منه الملائكة الحفظة وإنما صح وصفهم بالمعقبات، إما لأجل أن ملائكة الليل تعقب ملائكة النهار وبالعكس، وإما لأجل أنهم يتعقبون أعمال العباد ويتبعونها بالحفظ والكتب، وكل من عمل عملاً ثم عاد إليه فقد عقب، فعلى هذا المراد من المعقبات ملائكة الليل وملائكة النهار. روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك فقال عليه السلام: ( ملك عن يمينك يكتب الحسنات وهو أمين على الذي على الشمال فإذا عملت حسنة كتبت عشراً، وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال لصاحب اليمين أكتب؟ فيقول لا لعله يتوب فإذا قال ثلاثاً قال نعم أكتب أراحنا الله منه فبئس القرين ما أقل مراقبته لله تعالى واستحياءه منا، وملكان من بين يديك ومن خلفك فهو قوله تعالى: { لَهُ مُعَقّبَـٰتٌ مّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } وملك قابض على ناصيتك فإذا تواضعت لربك رفعك وإن تجبرت قصمك، وملكان على شفتك يحفظان عليك الصلاة علي، وملك علي فيك لا يدع أن تدخل الحية في فيك، وملكان على عينيك فهؤلاء عشرة أملاك على كل آدمي تبدل ملائكة الليل بملائكة النهار فهم عشرون ملكاً على كل آدمي ) ، وعنه صلى الله عليه وسلم: ( يتعاقب فيكم ملاكئة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ).

اجمع أهل التفسير على أن { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِه } : هم الملائكة التي تتعاقب على الإنسان فى مجموعتين حسب ما جاء به أهل التفسير مجموعة منهم بعد الفجر كما جاء فى تفسير الطبري ما نصه" والـمعقِّبـات التـي تتعقَّب علـى العبد وذلك أن ملائكة اللـيـل إذا صَعِدت بـالنهار أعقبتها ملائكة النهار، فإذا انقضى النهار صعدت ملائكة النهار ثم أعقبتها ملائكة اللـيـل،"

أو كما جاء فى تفسير للزمخشرى فى الكشاف "وقيل: المعقبات الحرس
لكن علينا أن نعود إلى السورة الكريمة ونتدبر ما قبل هذه الآية من معاني لكي نفسر الآية محل النقاش .
يقول الله تبارك وتعالى : بسم الله الرحمن الرحيم:
{ الۤمۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ * ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّـى يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ * وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
ثم قال عز وجل:- { ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ * سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ * هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ }
نجد فى سياق الآيات المذكورة أن الله عز وجل يستعرض آياته فى الكون التي نراها جميعا او نحسها او سنعرفها ويكشف لنا الله أسرارها.
يبدأ الله جل شأنه بقوله { الۤمۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }.
نرى أن الله عز وجل اقسم بالحروف المتقطعة " ألف ,لام,ميم,راء " وإن كان قد اختلف العلماء في تفسير هذه الحروف المتقطعة وسوف افرد لها موضوع خاص لتدبرها أن شاء الله –اقسم الله أن تلك آيات الكتاب وهو القرآن والذي انزل من ربك وهو قضية التوحيد لعبادة الله عز وجل التي أرسل الله بها رسوله وانزل بها القرآن هو حق من الله ولكن أكثر الناس لا يؤمنون بكل ذلك .
ثم يستعرض الله آيات خلقه في الكون في الآيات التالية:
{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّـى يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ * وَهُوَ ٱلَّذِي مَدَّ ٱلأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }.

هذه الآيات السابقة في السورة لا تخفى عن الإنسان ولكنه يراها ويحسها مثل رفع السماوات بغير عمد والشمس والقمر اللتان سخرهما الله والأرض التي مدها الله وليس لها آخر وقد اكتشف الإنسان أن الأرض كروية واكتشف العديد من الأنهار وهكذا يستعرض الله عز وجل بعض من خلقه التي ياراها الإنسان أو التي اكتشفها بنفسه أو التي سوف يكتشفها بإذن الله وليست هذه آيات لايراها ولا يحسها ولا يعرفها إلا نقلا أو خبرا .
{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ * سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ * لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ * هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ * هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ }

في هذه الآيات يخبرنا الله انه يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض به الأرحام وكل شئ خلقه بمقدار وكذلك يعلم من أسر القول من عباده أو جهر به ويعلم عن الإنسان كل شئ في جميع الأوقات وجميع الحالات .

نأتي إلى الآية التي هي محل النقاش { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }
ونرى معنى كلمة معقبات جاء في القواميس ( معقب: من يتابع أو يلاحق أوالجلاوزة حول السلطان ,أو وكلُّ طريقٍ يكون بعضُه فوقَ بعض فهي أَعْقاب) .

وجاء في تفسير العلماء الأجلاء أثابهم الله جميعا بان معقبات هي ملائكة الليل والنهار التي تتناوب على الإنسان ولكن :

أولا :-أن الملائكة هي مخلوقات خلقها الله عز وجل ولم يراها الإنسان العادي ولكن يراها بعض من الرسل ونحن لا تعلم عنها إلا ماأخبرنا بها الله ورسوله.

ثانيا:-أن وجود الملائكة أو عدم وجودها لا يدركه الإنسان ولا يتأثر وجودها ووظيفتها بعمل الإنسان .

ثالثا :- هذه الملائكة هي مخلوقات نورانية لايراها الإنسان ولا يمكن أن تخضع للمشاهدة والدراسة مثل الآيات التي سبقتها مثل الشمس والقمر والأرض والجبال فهذه المخلوقات أخضعها الله جل شانه للإنسان واظهر له بالعلم بعض من أسرارها والآيات التي بعدها في نفس السورة مثل البرق والسحاب وهذه أيضا من الآيات التي أخضعها الله للإنسان لدراستها وبيان بعض من إسرارها

رابعا:- أن وظيفة الملائكة التي اخبرنا بها الرسول والتي كلفها الله بها لا تتأثر بفساد الإنسان أو صلاحه فالملائكة تؤدي عملها الذي كلفه بها الله دون أن تتأثر بشئ وجاء في تفسير الإمام القرطبي في كتاب الجامع لأحكام القرآن في تفسيره للآية في سورة ق ما نصه" قال أبو أمامه: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ( وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك البصر، سبعة أملاك يذبون عنه، كما يذب عن قصعة العسل الذباب. ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين ).

خامسا:-أن هناك روايتان عن الرسول.
رواية عثمان والتي ورد فيها أن الله وكل عشرون ملكا على الإنسان وبين عملهم كما جاء في الحديث
رواية أبو يمامة والتي ورد فيها مائة وستون ملكا وبين عملهم كذلك
أي الروايتين هي الصحيحة والرسول لا يقول إلا ما اخبره به ربه ولا يمكن يكون هناك تضارب في مايقوله في أعداد الملائكة التي وكلت بالإنسان ولو أن هناك حديث عن الرسول متفق عليه لوقفنا عنده.

سادسا:- وظيفة الملائكة حددها الله في قوله تعالى: { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد (18)} (ق). فالملائكة تراقب الإنسان مراقبه صارمة لا تترك له عمل خير أو شر إلا أحصتها عليه (وهما الملكان اللذان يلازمان الإنسان ويكتبان كل ما يصدر عنه من خير أو شر) والملائكة يفعلون ما يؤمرون ولا يدافعون عن الإنسان من أمر الله اى لا يحفظون الإنسان من أمر الله.
الله أعلم بمراده ولكنه الاجتهاد والتدبر في آياته الذي أمرنا به ربنا تبارك وتعالى وعليه لا بد لنا من أن نبحث عن معقبات تتغير بفعل الإنسان مصدقا لقول الله { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم } وتتسق مع ما جاء في السورة من آيات كونية نراها ونحسها وتخضع للدراسة التي تكشف لنا كثيرا من أسرارها بإذن الله ْ
جاء فى القاموس:-معقب هو من يتابع أو يلاحق او الحرس الذي يكون حول السلطان

مما سبق يمكن القول أن الله جل شأنه جعل للإنسان مخلوقات في الكون تلازمه لحمايته من عوامل الهلاك منه ما بين يديه مثل أجهزة الممانعة(المناعة) التي خلقها الله في جسم اللانسان بدأ من الجلد الذي يحمى الإنسان من دخول الميكروبات إليه ومرورا باللعاب الذي في الفم والشعيرات التي توجد في الأنف والتي تمنع دخول كثيرا من الأتربة التي تضر الإنسان في رئتيه وكذلك الحامض الموجود في المعدة الذي يقتل كثيرا من الميكروبات التي تضره وجهاز المناعة مثل كرات الدم البيضاء والغدد الليمفاوية هذا مانعلم وخلق له مالا نعلم بعد من معقبات في جسمه تحميه من عوامل المرض والهلاك أما الذي من خلفه مثل غاز الأوزون الذي في الطبقات العليا في الجو وكذلك كثيرا من النباتات التي تكسب الإنسان ما ينفع جهاز المناعة لديه وكذلك ما خلقه الله عز وجل من المضادات الحيوية التي تقتل أو توقف عمل الميكروبات التي تضر بالإنسان والميكروبات التي تحلل الأجسام الميتة أو تحلل النبات والتي لولا وجودها ما استطاع الإنسان العيش في الدنيا أو الأشجار التي تحول غاز ثاني أكسيد الكربون إلي الأكسجين الذي بنفع الإنسان وكثيرا مما لا يحصي مما ينفع الإنسان وهي معقبات بين يديه ومن خلفه وهي منها ماهو اكتشف ودرس وعرف عنه الكثير ومنه ما زال في علم الغيب بعد إلي أن يشاء له الله وهذه معقبات تحفظ الإنسان بإذنه من عوامل الموت والهلاك التي خلقها الله وجعل لها.

أما قول الحق تبارك وتعالى { يحفظونه من أمر الله }:
الله خلق الخلق بأمره "كن فيكون" وحدد لكل خلقه وظيفته بأمره فالإنسان خلق بقول الله "كن فيكون" وهذا أمر , وجميع الخلق منه ما هو ينفع الإنسان ومنه ما هو عكس ذالك ولكل وظيفته بأمره فهذه المعقبات التي أوجدها الله لحماية الإنسان بأمره تحميه من خلقه الذي تضر الإنسان بأمره كذلك فهي تحميه من أمر الله بأمر الله.

أما قول الله جل شانه: { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } :
الله خلق المعقبات التي تحرس الإنسان وتهيئ له سبل حياته ولم يغيره إلا بعد أن تدخل الإنسان في نظام الكون فطبقة الأوزون أوجدها الله لتبقي لحماية الإنسان ولكن تدخل الإنسان في الطبيعة أو مايسمي الآن بالبيئة من عوادم المصانع والسيارات وغازات الفريون التي أحدثت تآكل في طبقة الأوزون ورفعت درجة حرارة الأرض والتي تسبب أضرارا بالغة بالإنسان غير الملوثات ألآخري من المبيدات وغيرها من عوامل التلوث والتي غيرت كثيرا في الحيوانات وكذلك النباتات التي يأكلها والتي أثرت بالسالب علي الإنسان في حياته كلها والأشجار التي قطعها الإنسان والتي تعتبر بمثابة الرئتين للإنسان وما كان ذلك ليحدث لولا أن غير الإنسان في الطبيعة بنفسه وبإرادته كذلك ما يفعله الإنسان بنفسه بان يشرب الخمر التي تدمر الكبد أو التدخين الذي يؤذيه أو الإفراط فى تناول الأكل والشرب وهذه كلها تسبب له مضار وكثير من الأفعال التي تدمر الجهاز المناعي للجسم والتي تجعله عرضة للأمراض التي تضر الإنسان.

أما قول الله جل شانه { وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال }
الله يخبرنا انه إذا أراد بقوم سوء فلا حاجة له من عوامل الفساد للإنسان في الطبيعة مثل البراكين والزلازل والأعاصير وغيرها من الكوارث الطبيعية التي لا دخل للإنسان فيها أو في سبب حدوثها ولا يمكن له أن يمنعها, وبعضها لا يمكن له أن يتنبأ بوقت حدوثها مثل الزلازل والبراكين وصدق الله إذ قال بسم الله الرحمن الرحيم" { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال } (الرعد) وقال سبحانه : { إِن كُلّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (4)} (الطارق).

اللهم أني قرأت وتدبرت في كتابك العزيز قدر علمي كما أمرتنا لترضي عني وتقبله مني خالصا لوجهك الكريم لا نريد به من غيرك جزاء أو شكورا وآخر دعواي أن الحمد لله رب العالمين .

يتبع
رد مع اقتباس