بسم الله الرحمن الرحيم
الإسلام وشباب الأمة
الباب الثاني : أهمية العمل لدى الشباب
تكلمنا في اللقاءات السابق عن كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.
ثم تدعيم التخصص لدى الشباب.
ثم التكامل بين جميع التخصصات .
وتشجيع المهارات الفردية في كل التخصصات .
ثم تحدثنا عن أهمية أهمية الزراعة.
ثم الإهتمام بالتربية الحيوانية.
ونتناول اليوم بعون الله تعالى الإهتمام باسطول الصيد ودعمه.
الفصل السابع : الإهتمام باسطول الصيد ودعمه.
الثروة السمكية من أعظم النعم التي من الله بها على البشرية, حيث أنها غنية بالعناصر الهامة في بناء جسد الإنسان , ولذلك حرصت الدول على الإهتمام بعمل الأساطيل البحرية لصيد الأسماك فإن لم يكن لها سواحل كافية فإنها تستأجر سواحل من بلاد قريبة أو بعيدة للسماح لهم بالصيد..
والصيد هنا ليس فرديا أو قوارب صغيرة للصيد , ولكن تعبأ له الأساطيل مجهزة بثلاجات ضخمة للحفظ ..
تصور معي لو عمدت الدول الفقيرة إلى دعم إسطول للصيد كيف تكون النتيجة ؟؟
النتيجة المنطقية هي الرخاء والغنى لتلك الشعوب, للأسباب الأتية :
أولا – عرض سلعة غذائية ذات قيمة عالية من البروتين والفسفور بسعر رخيص لسهولة الحصول عليها عبر البحار والأنهار والمزارع السمكية , دعما للفقراء.
ثانيا – يترتب على توفير الأسماك بسعر منخفض أن تنخفض بالضرورة كل السلع الغذائية . حيث إذا توافر البديل في أي سلعة إنعكس ذلك على بقية السلع ... بشرط تنحية الفساد والإحتكار..
ثالثا – إتاحة فرص عمل للشباب في مصانع تعليب الأسماك وتصديرها .
وإتاحة الفرصة للشباب في العمل لدى الترسانات البحرية لتشيد تلك السفن العملاقة للصيد..
*******
قال تعالى في سورة النحل :
وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ – 14
أي: هو وحده لا شريك له ﴿ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ ﴾ وهيأه لمنافعكم المتنوعة. ﴿ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا ﴾ وهو السمك والحوت الذي يصطادونه منه، ﴿ وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ﴾ فتزيدكم جمالا وحسنا إلى حسنكم، ﴿ وَتَرَى الْفُلْكَ ﴾ أي: السفن والمراكب ﴿ مَوَاخِرَ فِيهِ ﴾ أي: تمخر في البحر العجاج الهائل بمقدمها حتى تسلك فيه من قطر إلى آخر، تحمل المسافرين وأرزاقهم وأمتعتهم وتجاراتهم .
﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ الذي يسر لكم هذه الأشياء وهيأها وتثنون على الله تعالى الذي منَّ بها ، فلله تعالى الحمد والشكر والثناء ، حيث أعطى العباد من مصالحهم ومنافعهم فوق ما يطلبون ، وأعلى ما يتمنون ، وآتاهم من كل ما سألوه ، لا نحصي ثناء عليه بل هو كما أثنى على نفسه.
********
وقال تعالى في سورة فاطر :
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ - 12
فالأنهار عذبة فراتا ، سائغا شرابها ، لينتفع بها الشاربون والغارسون والزارعون ، وأن يكون البحر ملحا أجاجا ، لئلا يفسد الهواء المحيط بالأرض بروائح ما يموت في البحر من الحيوانات ولأنه ساكن لا يجري.
فملوحته تمنعه من التغير، ولتكون حيواناته أحسن وألذ ، ولهذا قال : ﴿ وَمِنْ كُلٍ ﴾ من البحر الملح والعذب ﴿ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا ﴾ وهو السمك المتيسر صيده في البحر ، ﴿ وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ﴾ من لؤلؤ ومرجان وغيرهما ، مما يوجد في البحر، فهذه مصالح عظيمة للعباد.
ومن المصالح أيضا والمنافع في البحر، أن سخره اللّه تعالى يحمل الفلك من السفن والمراكب .
﴿ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
ونتعلم من الآيات أن نعم الله على البشر كثير وخيره وافر ولكن الإنسان قد يظلم نفسه حين لا يلقي إهتماما بتلك الثروات العظيمة والتي يهملها عن عمد أو غير عمد .. فالذين ذهبوا إلى بحيرة السد العالي في جنوب مصر يصفون الأسماك في تلك البحيرة بأنها كبيرة الحجم جدا وكثير جدا ولا تجد من يأخذها ليعرضها بأثمان رخيصة للفقراء .. هذا فضلا عن البحيرات الداخلية المتفرعة من نهر النيل , ثم ساحل البحر الأحمر من الشرق , ومن الشمال ساحل البحر الأبيض المتوسط..
إن المشاريع الناجحة هي التي تعتني بالثروة الحقيقية في أي أرض , وتستغل شباب الأمة في العمل بتلك المشاريع..
ولو أنك تركت إستغلال الموارد الهامة للإنسان من طعام ودواء ومسكن .. واكتفيت فقط بإستجلاب العملات من النقود بأي مشاريع .. قد تحقق مكسبا عاجلا لبعض الفئات ولكن سيعم الفقر على المجتمع كله الذي أهمل نعم الله والثروة الحقيقية للإنسان..
ياشباب المستقبل يجب أن نعي جيدا كيف ننهض ببلادنا وأن نضع نصب أعيننا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . وفي كل خير . احرص على ما ينفعك واستعن بالله . ولا تعجز .
وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا . ولكن قل : قدر الله . وما شاء فعل . فإن لو تفتح عمل الشيطان
الراوي: أبو هريرة - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2664
خلاصة حكم المحدث: صحيح
*********
وإلى الفصل الثامن إن شاء الله تعالى
الإهتمام بالتعليم والبحث العلمي كمقدمة ضرورية لمنظومة العمل المتكاملة.