أولا: تفرد شبيب بن سعيد بها كما قاله الطبراني، وشبيب بن سعيد هذا لخص الحافظ ابن حجر كلام أهل الجرح والتعديل فيه فقال: "لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه، لا من رواية ابن وهب" اهـ من التقريب.
وهذا السند من طريق ابن وهب عنه. وقد قال ابن عدي في ترجمة شبيب: "وحدث عنه ابن وهب بأحاديث مناكير..." ثم قال: "وكأن شبيبا إذا روى عنه ابنه أحمد بن شبيب نسخة يونس عن الزهري إذا هي أحاديث مستقيمة، ليس هو شبيب بن سعيد الذي يحدث عنه ابن وهب بالمناكير الذي يرويها عنه، ولعل شبيبا بمصر في تجارته إليها كتب عنه ابن وهب من حفظه فيغلط ويهم، وأرجو أن لا يتعمد شبيب هذا الكذب" اهـ
كلام ابن عدي من الكامل 4/1347 وما أحسنه من كلام وما أدقه من حكم ويتلخص منه أمران هامان:
أحدهما: أن رواية أحمد بن شبيب عن أبيه مستقيمة بشرط أن يكون شيخ أبيه يونس فقط وأما روايته عن أبيه شبيب عن غير يونس فتبقى على الجادة وهي عدم الإحتجاج بها. وتعليل هذا: أن شبيبا عنده كتب يونس وكان يحدث منها فلذا جاءت أحاديثه عنه مستقيمة كما تقدم في كلام ابن عدي.
وبهذا يعلم ما في عبارة الحافظ ابن حجر من الإطلاق الموهم حيث قال: "لا بأس به من رواية ابنه أحمد عنه" فيزاد قيدا وهو "إذا كان شيخه يونس بن يزيد" والله تعالى أعلم.
ثانيهما: أن أحاديث ابن وهب عن شبيب منكرة جميعها، وهذا الحديث منها.
فإن قيل: قد روى البيهقي هذا الحديث من طريق أحمد بن شبيب بن سعيد عن أبيه عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف قال: ... فذكره "6/167 من دلائل النبوية". فهذه متابعة لابن وهب من رواية أحمد عن أبيه وهي جيدة.
قلنا: تقدم أن قبول رواية أحمد عن أبيه مشروطة بكونها عن "يونس بن يزيد" وهذا منتف هنا، فإن السند من رواية شبيب عن روح.
ومما يدل على أن هذه الرواية ليست بمحفوظة: أنه تارة يذكر القصة، وتارة يهملها كما عند البيهقي في الدلائل6/167ـ168 بالوجهين. وعند شيخه الحاكم في المستدرك 1/526 بالوجه الثاني وكذا عند ابن السني في عمل اليوم والليلة ص 170. وقد رواه الحاكم في مستدركه من طريق: عون بن عمارة البصري ثنا روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان..به بدون ذكر القصة وهذا هو المحفوظ لموافقته رواية الأثبات
فهذا الاختلاف يوجب رد هذه القصة واطراحها وهذا هو الوجه الثاني من أوجه ردها ـ وسيأتي له مزيد بحث ـ
الوجه الثالث: أن المتفرد بهذه القصة "شبيبا" قد خالف الثقات الأثبات الذين رووا الحديث مجردا عن القصة في السند والمتن.
قال شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ كما في مجموع الفتاوى 1/268: فرواية شبيب عن روح عن أبي جعفر الخطمي خالفت رواية شعبة وحماد بن سلمة في الإسناد والمتن، فإن في تلك أنه رواه: أبو جعفر عن عمارة بن خزيمة، وفي هذه أنه رواه عن أبي أمامة.
وفي تلك الرواية أنه قال: "فشفعه في، وشفعني فيه" وفي هذه: "وشفعني في نفسي" لكن هذا الإسناد له شاهد آخر من رواية هشام الدستوائي عن أبي جعفر" اهـ.
|