لله درك لم تأنس بدنيانا .. ولم تسر خلف طيف الزيف خُذلان
ولم تُعفر جبين العز مبتذلاً .. تستمطر الذل إصغاءً وإذعان
بل عشت مُسعِر حرب في كتائبنا .. تُرغي وتُزبد إعصاراً وبركان
واليوم ألقى جواد المجد راكبه .. وخَرَّ مؤتلق الأحداق فرحان
اليوم زُفَّ إلى الحوراء عاشقها .. وبات في خِدرها المأنوس ريَّان
وغنَّت الحور لحن الحُب مطربة .. اهنأ بعيشك محبوراً وجذلان
فعاد يهتز في عطفيه مؤتلقاً .. يميد بين بنات الحُسن نشوان
هذا الذي كان يرجوه وينشده .. فناله وحباه الله رضوان
فاربأ بدمعك لا تحزن على سفر .. قد حطَّ في جنبات العدن مرساه
فالدمع ليس على الأبطال نسبله .. ولا على من سرت للمجد رجلاه
ولا على من علت في الزحف صيحته .. وخطَّ بالسيف وسط الحرب مثواه
الدمع أحرى بمن تُغريه لذته .. ويلعق الذل لهثاً خلف دنياه
هذي الشهادة يا أبطال ملحمة .. من البطولة والأمجاد نرويها
فانقش على وجنة الجوزاء قولتنا .. نيل الشهادة عِزٌّ عَزَّ مُعطيها
فالله قد وعد الشهداء منزلة .. مع النبيِّين في أعلى أعاليها
رباه رباه ذابت مهجتي شوقاً .. إلى الجنان فبلِّغها أمانيها
__________________
قال ابن عدي حدثنا الحسين بن بندار بن سعد سنة اثنتين وتسعين ومئتين،أخبرني الحنبلي الحسن بن أحمد الإسفرائيني، قال: قال أحمد بن حنبل سمعت ابن عيينة يقول "إذا اختلفتم في أمر فانظروا ما عليه أهل الجهاد، لأن الله تعالى قال{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}" (الكامل 185/1).
قال شيخ الإسلام:"ولهذا كان الجهاد موجبا للهداية التي هي محيطة بأبواب العلم. كما دل عليه قوله تعالى {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} فجعل لمن جاهد فيه هداية جميع سبله تعالى؛ ولهذا قال الإمامان عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما: إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ماذا عليه أهل الثغر فإن الحق معهم" (مجموع الفتاوى 442/28).
|