يوم الخندق
(جَاءَتْ "سَخِينَةُ" كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا ** وَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلّابِ)
شَكَرَ الإِلَهُ لِقَائِلٍ بِحُرُوفِهَا ** فَليَحْمَدَنَّ كَرَامَةَ الوَهَّابِ
وَمَقَالَةٌ كَانَ النَّبِيُّ بَشِيرَهَا ** لَعَزِيزَةٌ كَقِلادَةِ الأَحْبَابِ
أَنِعِمْ بِهَا "السَّلَمِيُّ" نُعْمَى شَاعِرٍ ** بَعُدَتْ جَزَالَتُهَا عَنِ الأَتْرَابِ
كَذِبَاً أَتَاهُ "الزَّبْعُرِيُّ" بِقَولِهِ ** جَبُنَ الصِّحَابُ بِخَنْدَقِ الأَحْزَابِ
فَازُوا بِقَولَتِهِم نُفَوَّضُ أَمَرْنَا ** وَعْدُ الإِلَهِ مُفَرِّقُ الأَحْزَابِ
هَذَا الَّذِي وَعَدَ الإِلَهُ نَبِيَّهُ ** نِعْمَ الوَكِيْلُ فَحَسْبُنَا مِنْ بَابِ
لَعِصَابَةٌ أَعْيَ الزَّمَانَ مَثِيلُهَا ** فَكَريْمَةٌ وعَزِيَزْةُ الأَنْسَابِ
وأَغْرُّ أَوحَدُ فِي الزَّمَانِ كَأَنَّهَا ** في ظُلْمَةِ الأهْوَاءِ ضَوْءُ شِهَابِ
غَرَّاءُ مُشْرِقَةُ الوُجُوهِ سِمَاتُهَا ** فِي السَّابِقِيْنَ كَثِيْرَةٌ لِمَتَابِ
عَجِبَتْ لَهُمْ كُتُبُ المَسِيْحِ كَزَرْعِهِمْ ** مِنْ بَعْدِ شِدَّتِهِ عَلَى الطُّــلَّابِ
يُغْذَونَ بِالدِّيْنِ المُهَيْمِنِ أَمْرُهُ ** ومُبَشِّرَاتٍ فِي الجِنَانِ ثَوَابِ
وبِأُسْوَةٍ مِثْلِ السِّرَاجِ أَتَى بِهَا ** عَمَلُ الرَّسُولِ صَفِيَّةً لِصِحَابِ
تَغْدُو إلى سَاحِ القِتَالِ كَأَنَّهُ ** فِي ظُلَّةِ الأَسْيَافِ لَهْوُ صِحَابَ
تَرِدُ القِتَالَ وصَفُّهَا مُتَقَارِبٌ ** مُتَرَاصَّةٌ كَكِتَابَةِ الكُتَّابِ
مِثْلُ الوُحُوشِ صَبُورَةٌ يَومَ الوَغَى ** عِنْدَ الطِّعَانِ تَبِيْرُ لِلأَجْنَابِ
بِصَوَارِمٍ خَضَبَ الدِّمَاءُ صَفِيْحَهَا ** وأَسِنَّةٍ شُهُبٍ عَلَى الأَطْنَابِ
تَدَعُ العَدُوَّ مُوَلِّيً أَدْبَارَهُ ** وُكِلَتْ عِمَامَتُهُ إِلَى الأَعْقَابِ
وتَخُوضُ عَادِيَةَ الحُرُوبِ فَوَارِسَاً ** ثُمَّ المَبِيْتُ وقِبْلَةُ المِحْرَابِ
تَأوِي مُمَلْمَلَةً كَأَنَّ مَقَامَهَا ** عِنْدَ التَّهَجُّدِ سَاعَةٌ لِحِسَابِ
جَمَعَتْ لَهَا الأَعْرَابُ مِنْ أَوبَاشِهَا ** مِنْ كُلِّ عَاكِفَةٍ عَلَى الأَنْصَابِ
شَفْعَا تُرَهَا مَعَ اليَهُودِ وقَدْ أَتَتْ** دَارَ النَّبِيِّ تَرُومُ لِلْأَسْلَابِ
غَدَرْتَ بِهِمْ شِيَعُ اليَهُودِ بِطَبْعِهَا ** مِنْ بَعْدِ عَهْدِ نَبِيِّنَا الأَوَّابِ
وَاذْكُرْ خَبِيئَةَ مَنْ مَضَى فِي قَولِهِ ** ولَمَضْرِبُ الغِيْطَانِ مَحْضُ سَرَابِ
ولِمُكْرِهِمْ مَكَرَ الإِلَهُ بِجُنْدِهِمْ ** عَادُوا وسَادَتُهُمْ مِنَ الخُيَّابِ
حَيِّ الرِّيَاحَ مَحَتْ مَعَالِمَ رَسْمِهِمْ ** فَوْقَ القُدُورِ وشُعْلَةِ الهَيَّابِ
شَهْرَاً ورَحَلُوا تَارِكِيْنَ مُحَمَّدَاً ** وَصِحَابَهُ والدِّينَ فَوْقَ سِحَابِ
ثمَّ الصًّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ ** نُورِ الهِدَايِةِ صَفْوَةِ الوَهَّابِ
يَدَعُ المُقَامَ مُسَاوِيَاً أَصْحَابَهُ ** قُبُّ الْبُطُونِ رَاجِيَا لِثَوَابِ
إِنْسَانُ كَالأَصْحَابِ يَحْمَلُ مِثْلَهُمْ ** شَنَّ التُّرَابِ مُشَمِّرَ الأَثْوَابِ
يَومَ الطَعَامِ مُبَاركٌ بِدُعَائِهِ ** رَدَّ المَئِيْنَ ثَقِيلَةَ الأَقْصَابِ
كَفَّانِ بِالتُّمْرَانِ أَصْبَحَ فِيهِمَا ** غَوْثَ الجُنُودِ قَوَامَةَ الأَصْلَابِ
عَرَضَ الكُدَا عَنْهُم فَأَبْرَقَ ضَوْؤُهَا ** عَرْشَ المُلُوكِ وسَائِرَ الأَقْطَابِ
يَا كعْبُ تِلْكَ قَصِيدَةُ مَنْ قَدْ رَجَى ** عَفْوَ الكَرِيْمِ إِلَهِنَا التَّوَّابِ
يَا كعْبُ تِلْكَ قَصِيدَةُ مَنْ قَدْ رَجَى ** كَفَّ الذُّنُوبِ ومُؤنِسَ المُرْتَابِ
يَا رَبُّ صَلّي عَلَى النَّبِيِّ وآلِهِ** أَرْجُ الثَّوَابَ بِعَشْرَةِ الحُسَّابِ
يَا رَبُّ صَلَّي عَلَى النَّبِيِّ وآلِهِ ** عَدَّ الخَلائِقِ دَائِمَ الأَحْقَابِ
|