فائدة اليوم 15 / 5 / 1436 بعنوان ( علي قدر تبكيرك الي صلاة الجمعة يكون قربك من الله يوم القيامة )
عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : { سَارِعُوا إلَى الْجُمُعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْرُزُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فِي كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ فَيَكُونُونَ فِي قُرْبٍ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ تَسَارُعِهِمْ إلَى الْجُمُعَةِ فِي الدُّنْيَا }
قال شيخ الاسلام ابن تيمية (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه فِي سُنَنِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ { عَلْقَمَةَ قَالَ : خَرَجْت مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ إلَى الْجُمُعَةِ فَوَجَدَ ثَلَاثَةً قَدْ سَبَقُوهُ فَقَالَ : رَابِعُ أَرْبَعَةٍ وَمَا رَابِعُ أَرْبَعَةٍ بِبَعِيدِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إنَّ النَّاسَ يَجْلِسُونَ مِنْ اللَّهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى قَدْرِ رَوَاحِهِمْ إلَى الْجُمُعَةِ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ ثُمَّ قَالَ : رَابِعُ أَرْبَعَةٍ وَمَا رَابِعُ أَرْبَعَةٍ بِبَعِيدِ } . وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ إلَى الْجُمُعَةِ وَقَدْ ذَكَرُوا هَذَا الْمَعْنَى مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِي قَوْلِهِ : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ } قَالَ بَعْضُهُمْ : السَّابِقُونَ فِي الدُّنْيَا إلَى الْجُمُعَاتِ هُمْ السَّابِقُونَ فِي يَوْمِ الْمَزِيدِ فِي الْآخِرَةِ أَوْ كَمَا قَالَ ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْضُرْنِي لَفْظُهُ وَتَأْيِيدُ ذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُخَرَّجِ فِي الصَّحِيحَيْنِ : { نَحْنُ الآخرون السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ قَبْلَنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَهَذَا يَوْمُهُمْ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ : الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَد } فَإِنَّهُ جُعِلَ سَبْقُنَا لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ لِأَجْلِ أَنَّا أُوتِينَا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ فَهُدِينَا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ حَتَّى صِرْنَا سَابِقِينَ لَهُمْ إلَى التَّعْبِيدِ فَكَمَا سَبَقْنَاهُمْ إلَى التَّعْبِيدِ فِي الدُّنْيَا نَسْبِقُهُمْ إلَى كَرَامَتِهِ فِي الْآخِرَةِ . وَأَمَّا " حَدِيثُ أَنَسٍ " - وَهُوَ أَشْهَرُ الْأَحَادِيثِ - فِيمَا يَكُونُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْآخِرَةِ مِنْ زِيَارَةِ اللَّهِ وَرُؤْيَتِهِ وَإِتْيَانِ سُوقِ الْجَنَّةِ فَأَصَحُّ حَدِيثٍ عَنْهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُوا فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ : وَاَللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا فَيَقُولُونَ : وَأَنْتُمْ وَاَللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا } . .. ) .
__________________
«ولو أنّا كلّما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفورًا له، قمنا عليه، وبدّعناه، وهجرناه، لما سلم معنا لا ابنُ نصر، ولا ابنُ منده، ولا من هو أكبرُ منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحقّ، وهو أرحمُ الراحمين، فنعوذُ بالله من الهوى والفظاظة»
[ الذهبي «سير أعلام النبلاء»: (14/ 40)]
|