عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 2015-07-10, 01:15 PM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 2,686
افتراضي كتاب صور من تأذي النبي في القرآن/د.عثمان قدري مكانسي

كتاب صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
(من المشركين واليهود والنصارى وضعاف الإيمان من المسلمين)

الدكتور عثمان قدري مكانسي

سورة التوبة(2) / [ الآية 61 ]

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }.

من بين المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يدعى نبتل بن الحارث، وكان دميماً، مشوَّه الخلقة سِّيىء الأدب ،قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم من أراد أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث.
كان هذا المنافق يبسط لسانه في أذيَّة النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: إن عاتبني حلفت له بأني ما قلت هذا، فيقبله، فإنه أذن سامعة !!

إنها صورة من صور سوء الأدب مع الرسول الكريم في صورة أخرى غير صورة اللمز في الصدقات. ولماذا يؤذونه ؟!! إن الذي لا يستطيع أن يعيش إلَّا في الماء الآسن والوحل والقاذورات لن يطيب له العيش في الأرض المرتفعة حيث الهواء النقي والماء العذب والنظافة.. والذي يستمع إلى أدبٍ رفيع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعوده.. يستنكر هذا الأدب الرفيع.. ويصفه بغير حقيقته.

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع للصادق في صدقه حتى إذا فرغ شيَّعه بالدعاء وبشَّ في وجهه، ويستمع للكاذب في كذبه حتى إذا فرغ لم يجبهه بل شيَّعه بكلماتٍ تعلمه الأدب دون أن يجرح نفسه لأنه المربِّي.. القدوة.. وأصحاب الأدب الرفيع يحمدون له هذه الصفة، فلا يُجِّل الكريمَ الَّا الكريمُ.. أما اللئيم فيحسب لخساسةِ نفسه وسوءِ طبعه أن الرسول عليه الصلاة والسلام سمَّاعٌ لكل قولٍ، يصدٍّق كلَّ انسانٍ، يجوز عليه الكذب والخداع والبراعة ولا يفطن إلى غش القول وزوره، ومن حَلَفَ له صدَّقه، ومن دسَّ عليه قولاً قبله، يقولون هذا بعضهم لبعض تطميناً أن يكشف النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة أمرهم أو يفطن إلى نفاقهم، ويقولونه طعناً على النبي في تصديقه المؤمنين الخلص الذين ينقلون له ما يطلعون عليه من شؤون المنافقين وأعمالهم وأقوالهم عن الرسول والمسلمين.
ويأخذ القرآن كلامهم ليجعل منه ردا..

{ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ }(1) نعم.. ولكن:
{قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ } (2) أذن خير يستمع إلى الوحي ثم يبلغه لكم، وفيه خيركم، وصلاحكم، وأذنُ خير يستمع إليكم في أدب ولا يجبهكم بنفاقكم، ولا يرميكم بخداعكم، ولا يأخذكم بريائكم،
{ يُؤْمِنُ بِاللهِ } (3) فيصدق كل ما يخبره به عنكم وعن سواكم
{ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } (4) فيطمئن إليهم ويثق بهم، لأنه يعلم منهم صدقَ الإيمان الذي يعصمهم من الكذب والالتواء والرياء..
{ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ } (5) يأخذ بيدهم إلى الخير..
{ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(6) فالله يغار على رسوله أن يؤذى، وهو رسول الله..
"من ظلال القرآن بتصرف".

يقولون ما يقولون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يأتون إلى المسلمين يحلفون لهم أنهم ما ذكروا الرسول صلى الله عليه وسلم بسوء.. وهم كاذبون.. فكما يكذبون على صاحب الدعوة يكذبون على أتباعه .. {يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ (62)}(التوبة) .
لماذا يحلفون؟ أيريدون إرضاء الناس.. فرضاء الله أولى، وإرضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى،
{ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ (62)}(التوبة) وإني لأعجب من الأسلوب القرآني الوحيد الذي استعمل (الهاء المفردة) في يرضوه للدلالة على أنَّ إرضاء الرسول مِنْ إرضاءِ الله تعالى.
فلو كانوا مؤمنين، وهذه الصفة هم بعيدون عنها، ما أساءوا إلى رسول الله الذي بُعث رحمةً للعالمين، وماذا يكون الناس، مهما بلغوا من قوة وعظمة، إلى قوة الله؟! لكنَّ الكافر بالله لا يعرف مقدار الله
{ وَمَا قَدَرُواْ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ (91) }(الأنعام)/( 67)(الزمر) .
ولو كان الكافر يعرف قدر الله لآمن به وأحب الرسول، وذاب في العمل بشريعته. لكنه مادي، لا يرقى إلى الفهم الصحيح ، فيحسب حساب العباد، ولا يعنو للمعبود. يذل ويخضع للعباد، ويجهل مقدار رب العباد، ويعرض عنه جهلاً وسفاهة.
إنهم حين يؤذون رسول الله، يؤذون المؤمنين، وينسَون أن الله تعالى الذي أرسل رسوله، يغضب أن يساء إليه، وينصره، ويدافع عنه، فمقام الرسول من مقام من أرسله..
لذلك كان التوبيخ والتأنيب،.. لذلك كان التهديد والوعيد.
{ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)}(التوبة) .
إنَّ جهنم في انتظار هؤلاء، تستقبلهم بالويل والثُّبور وعظائم الأمور.. فليس لهم كرامة، وليس لهم سوى العذاب الشديد الأبدي، في نار وقودها الناس والحجارة.. نار تشويهم، وتحرق جلودهم.. كلما نضجت هذه الجلود بدَّلها اللهُ جلوداً أخرى، ليذوقوا العذاب..

يا رب إني مؤمنٌ * أرجوك أن تغفرَ لي
أحب أن تعفو عن * ما قد بدا من زللي
وحبُّ طه واتباعُ * الحق يحيي أملي
إنني إليه أنتمـي * فهبني حسن العمل(1)

(1) الأبيات للكاتب

يتبع


آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2015-08-18 الساعة 08:48 PM
رد مع اقتباس