[align=justify]حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 15
يقولون: عن حديث المرأة سفعاء الخدين بأنه ليس فيه ما يدل على أن النبي صلي الله عليه وسلم رآها كاشفة عن وجهها ، وأقرها على ذلك ، بل غاية ما يفيده الحديث أن جابرًا رأى وجهها ، وذلك لا يستلزم كشفها عنه قصدًا، وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد، فيراه بعض الناس في تلك الحال، فعلى المحتج بحديث جابر المذكور، أن يثبت أنه صلي الله عليه وسلم رآها سافرة، وأقرها على ذلك، ولا سبيل له إلى إثبات ذلك. وقد روى القصة المذكورة غير جابر، فلم يذكر كشف المرأة المذكورة عن وجهها، وقد ذكر الإمام مسلم في صحيحه ممن رواها غير جابر فذكر أبا سعيد الخدري، وابن عباس، وابن عمر، وذكرها غيره عن غيرهم. ولم يقل أحد ممن روى القصة غير جابر أنه رأى خدي تلك المرأة السفعاء الخدين ، وبذلك يُعلم أنه لا دليل على السفور في حديث جابر المذكور.
الجواب عن هذا:
1- وهذا هو عين في رد الثابت ، وتأويل الواضح الدلالة ، فالانصراف عما يدل عليه ظاهر اللفظ , أوسياق القصة , لا يكون جائزاً إلا بدليل عاضد. ووصف المرأة بهذا الوصف يقطع بأنها كانت سافرة. والرسول مضي حتي أتي النساء فوعظهن فقامت المرأة وكلمت النبي صلي الله عليه وسلم وكلمها ولم ينكر عليها كشف وجهها.
2- وأما قول: (وكم من امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد...) فهذا إحالة على جهالة ، وإذا تطرق الشك بطل الاستدلال ، ولو صح هذا الأمر لأمرها النبي صلي الله عليه وسلم بإصلاح شأنها، وستر وجهها ، فإنه صلي الله عليه وسلم لم يكن ليقع منكر أمامه ولا يغيره ، أو يأمر بتغييره.
3- إذا كان سيدنا جابر حريصًا على نقل القصة بتفاصيلها لدرجة أنه وصف المرأة التي سألت بأنها سفعاء الخدين ، فلو سقط خمارها فبان وجهها لذكر ذلك وبيَّنه.
4- وأما القول أن جابر انفرد بحكاية رؤية المرأة ، أليس هو صحابي عدل حجة ، ومن رواه عنه من العدول الثقات ، فهل إذا تفرد برواية ما لم يروه غيره توقف في خبره ، أم رُدَّ خبره؟!
وهذه روايات أخري لنفس القصة فيها وصف المرأة بنفس ما وصفها به جابر:
• عن أبى هريرة قال: ألا هل عست امرأة تخبر القوم بما يكون من زوجها إذا خلا بها؟! ألا هل عسى رجل أن يخبر القوم بما يكون منه إذا خلا بأهله؟! فقامت منهن امرأة سفعاء الخدين فقالت: والله إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن , قال: فلا تفعلوا ذلك , أفلا أنبئكم ما مثل ذلك؟ مثل شيطان أتى شيطانة بالطريق فوقع بها والناس ينظرون.(السلسلة الصحيحة للألبانى)
• عن أبي هريرة قال : دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم المسجد ، وفيه نسوة من الأنصار ،فوعظهن ، وذكرهن ، وأمرهن أن يتصدقن ، ولو من حليهن ، ثم قال :ألا هل عست امرأة أن تخبر القوم بما يكون من زوجها إذا خلا بها ؟ ألا هل عسى رجل أن يخبر القوم بما يكون منه إذا خلا بأهله ؟ فقامت منهن امرأة سفعاء الخدين فقالت : والله إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن قال : فلا تفعلوا ذلك أفلا أنبئكم ما مثل ذلك ؟ مثل شيطان أتى شيطانة بالطريق فوقع بها والناس ينظرون.(كتاب " مساوئ الاخلاق" للإمام ابي بكرالخرائطي وصححه للألباني)
• عن أبى سعيد الخدرى قال :ألا عسى أحدكم أن يخلو بأهله يغلق بابا ثم يرخى سترا ثم يقضى حاجته ثم إذا خرج حدث أصحابه بذلك ألا عسى إحداكن أن تغلق بابها وترخى سترها فإذا قضت حاجتها حدثت صواحبها فقالت امرأة سفعاء الخدين والله يا رسول الله إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون قال فلا تفعلوا فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقى شيطانة على قارعة الطريق فقضى حاجته منها ثم انصرف وتركها. (رواه المنذرى فى الترغيب والترهيب وحكمه: له شواهد قوية)
وقد ذهب بعضهم مذهبًا آخر في الجواب عن هذا الحديث فقال بأن هناك حرفًا مغيَّرًا في الحديث ورجَّح ما نقله القاضي عياض عن حذاق شيوخه من أن: لفظ (سطة النساء) غلط في صحيح مسلم، وأن الصواب: (امرأة من سفلة النساء) وكذا رواه ابن أبي شيبة في مسنده والنسائي في سننه, وفي رواية لابن أبي شيبة: (امرأة ليست من علية النساء). ثم قال: "قوله , أي في الحديث: (سفعاء الخدين) فمعناه: فيها تغير وسواد، فعلى هذا فقوله: (امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين) أي: ليست من علية النساء , بل هي من سفلتهم , وهي سوداء وهذا القول يُشعر ويشير إشارة قوية إلى أن المرأة كانت من الإماء وليست من الحرائر، وعليه فلا دليل في هذا لمن استدل به على جواز كشف وجه المرأة؛ إذ أنه يغتفر في حق الإماء ما لا يغتفر في حق الحرائر".
وقد أجاب عن هذا الإمام النووي في شرحه على مسلم فقال: "وهذا الذي ادعوه من تغيير الكلمة غير مقبول بل هي صحيحة، وليس المراد بها من خيار النساء بل المراد امرأة من وسط النساء جالسة في وسطهن، قال الجوهري وغيره من أهل اللغة : يُقال وسطت القوم أسِطُهم وسَطًا وسِطة أي: توسطتهم. قوله (سفعاء الخدين) بفتح السين المهملة أي فيها تغير وسواد".
وعلى فرض التسليم بأن الحرف مُغيَّر، فإن لفظ (سفلة) لا يدل دلالة قطعية على أنها كانت من الإماء , بل هو مجرد احتمال لا يخلو من نظر عند التحقيق , ففي القاموس وشرحه للزبيدي: "(وسِفْلَةُ النَّاسِ، بالكسْرِ)، على التَّخْفِيفِ بِنَقْلِ كَسْرَةِ الْفاءِ إِلَى السِّينِ، نَقَلَهُ ابنُ السِّكِّيتِ عن بعضِ العَرَبِ، (وكفَرِحَةٍ: أسافِلُهُمْ، وغَوْغَاؤُهُمْ)، وأَرَاذِلُهُم، وسُقَّاطُهُم، (و السَّفَالَةُ بالفتحِ: النَّذَالَة) ". فانظر إلى هذا فإن الشيخ مع تقصِّيه للمعاني الواردة في اللغة لم يذكر ولو إشارة إلى أن هذا اللفظ قد يستخدم مع الإماء.
ثم أن هذه المرأة معروفة وهي أسماء بنت يزيد من بني الأشهل من الأوس أحد القبيلتين العريقتين في المدينة وهما الأوس والخزرج وهي شابة في عصر الرسالة.ولم يرد ذكر في كتب التراجم أنها كانت من الإماء.وقد روت أصل هذه القصة فى حديث أخرجه البيهقى والطبرانى:
• عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله خرج إلى النساء وأنا معهن فقال يا معشر النساء إنكن أكثر حطب جهنم فناديت رسول الله وكنت عليه جريئة لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير.
وشهر بن حوشب مولى الصحابية أسماء بنت يزيد الأنصارية . كان من كبار علماء التابعين.
قال الحافظ الذهبى مختلف فيه وحديثه حسن
من كتاب (المرأة العالمة في عهد النبوة تأصيل وتميُّز) د.أميرة بنت علي الصاعدي/أستاذ مساعد بجامعة أم القرى:
((أسماء بنت يزيد العالمة المحدثة الفقيهة , ثالث امرأة راوية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة وأم سلمة رضى الله عنهما ... من ذوات العقل الراجح والدين السليم , عُرفت بحسن المنطق وقوة البيان , كانت حريصة على تعلم أموردينها والسؤال عنها.
وكانت تسمي بخطيبة النساء لانها كانت تبادر وتسأل النبي صلي الله عليه وسلم في أكثر من موضع ومن أهم تلك المواضع ما جاء في قصة العيد عندما قال النبي للنساء أنتن أكثر حطب جهنم فقالت امرأة كما في رواية مسلم من سطة النساء سفعاء الخدين لم يا رسول الله ؟قال لأنكن تكفرن العشر وتكثرن الشكاة الخ.وقال ابن حجر في أحد المواضع في الفتح هي أسماء بنت يزيد ,اعتمد في ذلك على بعض الروايات لها، وهي المرأة التي جاءت تسأل النبي صلي الله عليه وسلم عن غسل الحيض كما في صحيح مسلم.وهي المرأة التي جاءت تطلب أن يخصص النبي للنساء لتعليمهن كما في الصحيحين ولم يذكر اسمها , قال ابن حجر في الفتح :لم أقف على اسمها لكن يحتمل أنها أسماء بنت يزيد))
وأما قولهم : ربما تكون هذه المرأة من القواعد , فيناقش هذا بأن أسماء قد ماتت في خلافة يزيد بن معاوية في حدود السبعين هجرية. أي بعد ستين عاما من وفاة النبي صلي الله عليه وسلم , مما يعني أنه يستبعد ان تكون من القواعد في عصر الرسالة.
وأما قولهم : أن ذلك محتمل أن يكون قبل فرض الحجاب , غير صحيح , بل الواقعة حدثت بعد فرض الحجاب لأن آية الحجاب إنما نزلت سنة خمس، حين بنى صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش , وزمن ورود هذة الواقعة كان بعد صلح الحديبية, في يوم عيد من الأعياد.
• عن بن عباس قال: شهدت الفطر مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، يصلونها قبل الخُطبة ، ثم يخطب بعد ، خرج النبي صلى الله عليه وسلم ، كأني أنظر إليه حين يجلس بِيده ، ثم أقبل يشقهم ، حتى جاء النساء معه بلال، فقال: { يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} الآية ، ثم قال حين فرغ منها : أنتن على ذلك. قالت امرأة واحدة منهن لم يجِبه غيرها: نعم. لا يدري حسن (من الرواة) من هي ، قال: فتصدقن. فبسط بلال ثوبه، ثم قال : هلم لكن فداء أبي وأمي. فيلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلالٍ.(رواه البخارى)
أولا: انتقل ابن عباس مع أبويه إلى دار الهجرة سنة الفتح وذلك فى العام الثامن من الهجرة وهذا لا يكون إلا بعد فرض الحجاب.
ثانيا: النبى صلى الله عليه وسلم قرأ على النساء آية المبايعة وهي في آخر سورة الممتحنة, وفي صحيح البخاري عن المسور أن آية الامتحان نزلت في يوم الحديبية, وكان ذلك سنة ست فى شهر ذى القعدة, فيكون النبي صلى الله عليه وسلم أعاد قراءتها على النساء في عيد الفطر, كما في الحديث, وهو عيد الفطر الذي بعد صلح الحديبية, وهو إمّا في فطر السنة السابعة أو التاسعة أو العاشرة.أمّا فطر السنة الثامنة فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة , بل كان بمكّة في غزوة الفتح فقد فتحها الله عليه في شهر رمضان وبقي بها حتى قدم عيد الفطر ودخل شوال.
إذَنْ القصة وقعت إما فى فى فطر السنة التاسعة أو العاشرة
[/align]
__________________
الشريعة الإسلامية في تقريرها لمعالم لباس المرأة وزينتها
إنما تبتغي تكريم المرأة المسلمة وصيانتها
|