[align=justify]حوار مع المعارضين القائلين بوجوب ستر الوجه 28
يقولون : ورد عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت : كنا نغطي وجوهنا من الرجال, وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام. فإذا كانت الصحابيات الكريمات يغطين وجوههن من الرجال في الإحرام والأصل فيه الكشف , فالستر في غير الإحرام أولي ويقولون أيضا - بناء على حديث أسماء هذا وأحاديث أخرى مشابهة – إذا كان كشف المرأة وجهها في الإحرام واجبا كما يقرر أكثر أهل , والواجب لا يترك إلا لما هو أوجب منه , فلولا وجوب ستر الوجه عن الأجانب ما ساغ ترك الواجب وهو كشفه حال الإحرام.
الجواب عن هذا:
1- ينبغي أن يحمل تغطية الوجه هنا على الإسدال من طرف الثوب على الوجه , فرسول الله صلي الله عليه وسلم نهى عن الانتقاب , ولا يمكن أن تخالفه هؤلاء الصحابيات الجليلات فيفعلن ما نهى عنه. وفي جواز الإسدال جاء قول عائشة: "وتسدل (المحرمة) الثوب على وجهها إن شاءت".
2- وقول أسماء: "كنا نغطي وجوهنا" يحتمل أن التغطية كانت تقع عند مرور جماعة من الرجال من أخلاط الناس , وقد يكون فيهم من ينظر ويطيل النظر إلى النساء , فيسبب حرجاً للمرأة ولو لم تكن تألف الستر في حياتها العادية. أي أن هذا الفعل منها حياء فقط.
وهكذا يتبين أن قول أسماء ليس قاطعا في أن تغطية وجهها كان ديدنها في حياتها العادية أي في غير الإحرام
3- قول أسماء قد ورد للتدليل على جواز تغطية المرأة وجهها في الإحرام بطرف ثوبها , ولو فرضنا جدلا أنه كان من عادة أسماء أو غيرها ستر الوجه في غير الإحرام فهل يدل هذا على وجوب الستر على النساء وجوبا مطلقا؟ إن الفعل , أى مجرد الفعل , لايدل على الوجوب كما يقول الأصوليون , انما يدل على الجواز فحسب.
4. وإذا كانت هناك أحاديث مشابهة لحديث أسماء تفيد إسدال بعض النساء على وجوههن مـن أطراف أثوابهن , فهذه الأحاديث لا تفيد ترك المحرمات واجبا لما هو أوجب منه , لأن الواجب في حقهن عدم تغطية الوجه بنقاب ونحوه.وهذا الواجب حاصل مع الإسدال , لأن الإسدال لا يعني تغطية الوجه , بل هو بمثابة إقامة حاجز أو حجاب بين أبصار الرجال وبين وجه المرأة.
5. هناك نص آخر عن فاطمة بنت المنذر قالت :"كنا نخمر وجوهنا من الرجال ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر فلا تنكره علينا" رواه مالك في الموطأ في الحج.
وقولها "فلا تنكره علينا" يفيد أن أسماء نفسها ما كانت تغطي وجهها في الإحرام , إذ لو كانت تفعل ما كان هناك حاجة لذكر عدم إنكارها.وإن قيل: ربما كانت أسماء يوم صحبتها فاطمة بنت المنذر عجوزا يحق لها الكشف عن وجهها , بدليل أنه ورد عن أسماء نفساها : (كنا نخمر وجوهنا من الرجال في الإحرام). قلنا هذا محتمل ويحتمل أن أسماء كانت تغطي أحيانا وتكشف أحيانا. على كل حال فإن ذكر عدم الإنكار يفيد أن مسألة تغطية الوجه في الإحرام محصورة في الإباحة , ولا محمل للقول فيها بالوجوب , إذ مع الوجوب لا مجال لوقوع الإنكار , بل لو كانت أسماء ترى أن ستر الوجه مندوب للشواب دون العجائز لاستحسنته ولم تكتف بعدم الإنكار.
6- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلّم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها. فإذا جاوزونا كشفناه".
في إسناده يزيد بن أبي زياد , ضعفه العلماء وقالوا عنه لا يحتج بحديثه , لأنه ليس بالقوي ، وليس بالحافظ ، قال عنه الحافظ ابن: يزيد بن أبي زياد الهاشمي مولاهم ، الكُوفِيُّ، ضَعِيفٌ ، كَبِرَ فتغيَّرَ وصار يتلقن وكان شِيعيًّا. "تقريب التهذيب". وقال الإمام النووي في المجموع عن إسناد هذا الحديث: ضعيف.
وعلى فرض التسليم بصحته فلا يصح الاستدلال به على وجوب تغطية الوجه لسائر نساء الأمة ، فهو حديث عن أزواج النبي صلي الله عليه وسلم اللاتي يجب عليهن ستر وجوههن بلا خلاف بعد فرض الحجاب عليهن. وعلى فرض عدم اختصاصهن به , فغاية ما في الحديث مشروعية الإسدال في الإحرام.
[/align]
__________________
الشريعة الإسلامية في تقريرها لمعالم لباس المرأة وزينتها
إنما تبتغي تكريم المرأة المسلمة وصيانتها
|