رد: معجم طبقات المتكلمين في الرجال _ الطبقة الاولى نمودجا _
* المبحث الثاني : تعقبات الذهبي
امتاز الذهبي في تصانيفه بالابتعاد عن الجمود و التقليد ، فتجده يرد أقوالا و يقبل أخرى ، و يعترض ، يتعقب على أراء من سبقه فينكرها ثارة و يرضاها ثارة أخرى ، حسب ما أوصله اليه اجتهاده ، و سنذكر هنا بعض تعقباته على بعض الأقوال و مناقشته لبعض ما تكلم به في الرجال .
اولا : تعقبه على الامام أحمد في ترجمة ابن أبي ذئب ، فبعدما نقل الذهبي قول أحمد : " بلغ ابن أبي ذئب أن مالكا لم يأخذ بحديث (( البيعان بالخيار ))(1) فقال يستتاب ، فان تاب ، و الا ضربت عنقه ...و هو أروع و أقول بالحق من مالك "(2).
فقال الذهبي متعقبا على أحمد بن حنبل : " لو كان ورعا كما ينبغي ، لما قال هذا الكلام القبيح في حق إمام عظيم . فمالك إنما لم يعمل بظاهر الحديث ; لأنه رآه منسوخا . وقيل : عمل به وحمل قوله : " حتى يتفرقا على التلفظ بالإيجاب والقبول ، فمالك في هذا الحديث ، وفي كل حديث ، له أجر ولا بد ، فإن أصاب ، ازداد أجرا آخر ، وإنما يرى السيف على من أخطأ في اجتهاده الحرورية . وبكل حال فكلام الأقران بعضهم في بعض لا يعول على كثير منه ، فلا نقصت جلالة مالك بقول ابن أبي ذئب فيه ، ولا ضعف العلماء ابن أبي ذئب بمقالته هذه ، بل هما عالما المدينة في زمانهما - رضي الله عنهما - ولم يسندها الإمام أحمد ، فلعلها لم تصح "(3).
و اريد ان أنبه على شيء جاء في كلام الذهبي و هو قوله : " كلام الأقران لا يعول عليه كثيرا " و هذه القاعدة ليست على اطلاقها ، بل هي مجرد عارض و انما الاصل هو قبول كلام الأقران حتى يعرض له ما يرده ، كأن يثبت ان الكلام لعداوة ، او لمصلحة دنيوية ، او لعصبية مذهبية ، او يكون المتكلم فيه من المعروفين بالعلم و ان يكون ثقة كمالك و الشافعي و غيرهما ، و هذا خاص بكل كلام في الرجال و ليس فقط بالاقران . و الان اتركك مع شيء كتبته قديما حول هذه القاعدة :
_________________________________
(1) اخرجة مالك ، كتاب البيوع ، باب بيع الخيار ، رقم 79
(2)انظر ترجمة ابن ابي ذئب
(3) انظر ترجمة ابن ابي ذئب و السير (7/142_143)
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6
كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين
|