خواتيم سورة المؤمنون ومفتتح سورة النور
1 ـ ذكر سبحانه في أواخر سورة المؤمنون عذاب الظالمين الكافرين في الآخرة :
{ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ (105)} .
وفي أول سورة النور ذكر عذاب من يستحق العذاب من المسلمين في الدنيا والآخرة وهو الزاني والزانية وعقاب القذف والإفك فقال :
{ ... وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)} .
2 ـ قال تعالى في أواخر سورة المؤمنون :
{ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117)} .
وقال في أول سورة النور :
{ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ ... (2)} .
والذي أنزل السورة وفرضها هو رب العرش الكريم .
والذي ينزل الأحكام ويفرضها إنما هو الملك الحق .
والذي يفرض الأحكام ويحدد العقوبات ويأمر بإقامة الحدود إنما هو الملك الحق .
ثم إن أول سورة النور مرتبطة بأول سورة المؤمنون فقد قال عزّ وجل في أوائل سورة المؤمنون :
{ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)} ،
قد ذكر في أول سورة النور من لم يحفظ ذلك وعقوبته فكان التناسب بين السورتين في المبدأ والختام .
جاء في روح المعاني (1) :
وجه اتصال هذه بسورة المؤمنون أنه سبحانه لما قال فيها :
{ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)} ،
ذكر في سورة النور أحكام من لم يحفظ فرجه من الزانية والزاني وما اتصل بذلك من شأن القذف وقصة الإفك والأمر بغض البصر الذي هو داعية الزنا ، والاستئذان الذي جعل من أجل النظر ، وامر فيها بالإنكاح حفظاً للفرج ، وأمر من لم يقدر على النكاح بالاستعفاف ونهى عن إكراه الفتيات على الزنى .
(1) روح المعاني 18/74 وانظر البرهان في تناسب سور القرآن لأحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي وتحقيق د. سعيد بن جمعة الفلاح ط1 ـ 1428 هـ ـ ص 133 .