خواتيم سورة القصص ومفتتح سورة العنكبوت
1 ـ قال سبحانه في أواخر سورة القصص :
{ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ... (85)} .
قيل إن هذه الآية نزلت بالجحفة بعد أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا (1) .
وقال في أول سورة العنكبوت :
{ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)} .
والهجرة إنما كانت من أثر الفتنة عليه صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين فقد فتن أهل مكة المؤمنين وآذوهم .
2 ـ قال تعالى في أوائل سورة العنكبوت :
{ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} .
وذكر في أواخر سورة القصص فتنة قارون وعاقبته بقوله :
{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ ... (76)} إلى أن قال : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ ... (81)} .
فكانت قصة قارون مثلاً في الفتنة .
3 ـ ذكر عزّ وجل في آخر سورة القصص من جاء بالحسنة ومن جاء بالسيئة فقال :
{ مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (84)} .
وذكرهما في أوائل سورة العنكبوت فقال :
{ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ (4) } ،
وقال :
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7)} .
وقد ذُكر أكثر من مناسبة في تتاليهما ، جاء في روح المعاني :
وجه اتصال سورة العنكبوت بما قبلها أنه تعالى أخبر في أول سورة القصص عن فرعون أنه :
{ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)} .
وافتتح سورة العنكبوت بذكر المؤمنين الذين فتنهم الكفار وعذبوهم على الإيمان بعذاب دون ما عذب به فرعون بني إسرائيل بكثير تسلية لهم بما وقع لمن قبلهم وحثّاً على الصبر ، ولذا قيل هنا :
{ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ... (3)} .
وأيضا لما كان في خاتمة سورة القصص الإشارة إلى هجرة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في قوله تعالى :
{ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ... (85)}
على بعض الأقوال . وفي خاتمة سورة العنكبوت الإشارة إلى هجرة المؤمنين بقوله تعالى :
{ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56)} ،
ناسب تتاليهما (2) .
الهوامش
(1) انظر روح المعاني 20/128
(2) روح المعاني 20/132