خواتيم سورة التغابن ومفتتح سورة الطلاق
1 ـ قال سبحانه في أواخر سورة التغابن :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14)} .
وقال في أول سورة الطلاق :
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ... (1)} .
اذا ربما كانت العداوة تؤدي الى الانفصال بين الزوجين .
2 ـ قال تعالى في أواخر سورة التغابن :
{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)}
وقال في أول سورة الطلاق :
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} .
فقال في سورة التغابن :
{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } .
وقال في سورة الطلاق :
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ } .
وقال في سورة التغابن :
{ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا } .
وقال في سورة الطلاق :
{ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } .
ومن يتعد حدود الله لم يسمع ولم يطع .
3 ـ قال عزّ وجل في آخر سورة التغابن :
{ ... وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17)}
وقال في أوائل سورة الطلاق :
{ ... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ... (3)}
وقال أيضا :
{ ... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)}
فكانت المناسبة من أكثر من وجه .
جاء في روح المعاني (1) :
لما ذكر سبحانه في ٍسورة التغابن : { إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ } ،
وكانت العداوة قد تفضي إلى الطلاق ، ذكر جلّ شأنه هنا الطلاق وأرشد سبحانه الى الانفصال منهن على الوجه الجميل .
وذكر أيضا ما يتعلق بالأولاد بالجملة .
وجاء في البرهان في تناسب سور القرآن (2) :
لما تقدم قوله تعالى في سورة المنافقون :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9)}،
وقوله في سورة التغابن : { إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ...(14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15)} ،
والمؤمن قد يعرض له ما يضطره إلى فراق من نبه على فتنته وعظيم محنته ، وردت سورة الطلاق منبهة على كيفية الحكم في هذا الافتراق ، وموضحة أحكام الطلاق ، وأن هذه العداوه وإن استحكمت ، ونار الفتنة وإن اضطرمت لا توجب التبري بالجملة وقطع المعروف وذلك في قوله تعالى :
{ ... لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} .
وجاء في البحر المحيط (3) :
مناسبة سورة الطلاق لما قبلها لما ذكر سبحانه الفتنة بالمال والولد أشار الى الفتنة بالنساء وأنهن قد يعرضن الرجال للفتنة حتى لا يجد مخلصا إلا بالطلاق ، فذكر أنه ينفصل منهن بالوجه الجميل بأن لا يكون بينهن اتصال لا بطلب ولد ولا حمل .
الهوامش :
(1) روح المعاني 28/128
(2) البرهان في تناسب سور القرآن لأحمد بن إبراهيم بن الزبير ص 189
(3) البحر المحيط 8/281