رد: سلسلة كلمات في القرآن الكريم / د. عثمان قدري مكانسي
سلسلة كلمات في القرآن الكريم (19)
الدكتور عثمان قدري مكانسي
النظر
نجدُ في مختار الصحاح قوله : النَّظَر والنَّظَرَانُ بفتحتين : تَأَمُّل الشَّيْءِ بالعَيْن. وقد نَظَر إلى الشَّيْءِ… والنَّظَر أيضاً : الانتِظار يقال : نَظَره يَنْظُره بالضم نَظَراً. ويقال للعَين النَّاظِرة. والنَّاظِرُ الحافِظُ. والنَّظِرة بكسر الظاء التأخير. وأَنْظَرَه أَخَّرَه. واسْتَنْظَرَه اسْتَمْهَلَه. و تَنَظّره تَنَظُّراً انْتَظَره في مُهْلَةٍ.
وفي لسان العرب قوله : النَّظَر حِسُّ العين . نَظَره يَنْظُره نَظَراً ومَنْظَراً ومَنْظَرة ونَظَر إِليه وتقول نَظَرت إِلى كذا وكذا مِنْ نَظَر العين ونَظَر القلب .
ويقول القائل للمؤمَّل يرجوه إِنما نَنْظُر إِلى الله ثم إِليك أَي إِنما أَتَوَقَّع فضل الله ثم فَضْلك .
والنَّظَر تأَمُّل الشيء بالعين ، وقوله عز وجل في سورة البقرة : { وأَغرقنا آل فرعون وأَنتم تَنظُرون (50)} قال أَبو إِسحق قيل معناه وأَنتم تَرَوْنَهم يغرَقون . والنَّظَرُ الانتظار ويقال نَظَرْتُ فلاناً بمعنى انْتَظَرْتُه . و { انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } : انْتَظِرُونا .
وفي القرآن الكريم من هذه المعاني وغيرها أو مما يُشتق منها الوفر الكثير ، فهلم إلى القرآن .
من ذلك :
1 - الرؤية : في قوله تعالى :
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} (القيامة)
وهي نظرة حب وإجلال وتعظيم .
ومن الرؤية قوله سبحانه في وصف البقرة :
{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)} (البقرة) ،
وفي المعنى نفسه في سورتي الأعراف والشورى :
{ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ } ،
ومن الرؤية قوله عز وجل على لسان موسى عليه السلام في سورة الأعراف :
{ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ... (143)} .
2 - نظرة الخوف : في قوله تعالى في سورة التوبة :
{ وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُوا ... (127)}
فهم يخافون أن تنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم سورة تنبئه بما في قلوب المنافقين فتفضحهم ، وتفضح نفاقهم .
وكذلك في سورة الأحزاب :
{ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ ... (19)}
نظر الخائف المستسلم .
وفي سورة الشورى يصور القرآن خوفهم من النار :
{ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ ... (45)} ،
ونجد خوف المنافقين من القتال في سورة محمد (صلى الله عليه وسلم) :
{ ... رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ (20)} .
3 - نظرة الاستسلام والخضوع : في قوله سبحانه في سورة الصافات :
{ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ (19)} ،
وفي قوله عز وجلّ في سورة البقرة :
{ ... فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (55)} ،
ونرى الاستسلام واضحاً في سورة الواقعة :
{ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84)} ،
ونجد مع الخوف والفزع الاستسلام حين يرون النار من طرف أعينهم ، ولا يجرؤون على النظر إليها ، ويستسلمون لمصيرهم المرعب الذي يقذفهم في النار بين لحظة وأخرى ، إنها لحظات رهيبة والله رهيبة :
{ وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ ... (45)} (الشورى).
4 - نظرة التأمل والتدبر : في قوله جل ثناؤه في سورة الصافات يصف نظرة التفكر والتدبر :
{ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)} ،
وكذلك نجد هذه النظرة في قوله عز من قائل في سورة الحشر :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ... (18)}
والعاقل هو الذي يحسب حساب الغد الآتي . ونرى مثاله أيضاً في سورة عبس :
{ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) ... } ،
فمن تأمل وبحث وصل إلى وجود الله ووحدانيته ، وأنه سبحانه الآمر الناهي يفعل ما يشاء .
كذلك في سورة الطارق :
{ فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) ... } ،
وهناك دعوات في المسير في الأرض والنظر المتأمل المتفكر في سور الحج ،ويوسف ، والروم ، وفاطر، وغافر ، ومحمد ، تبدأ بقوله تقدست أسماؤه : { أََوَلَمْ يَسِيرُوا } أو { أََفَلَمْ يَسِيرُوا } ؟ مثالها في سورة يوسف:
{ ... أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109)} .
5 - نظرة المعاينة : في قوله تعالى في سورة البقرة :
{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (50)} ،
يرون الأمر ويشاهدونه . ونجد في سورة يونس المعاينة وتقليب الأمر :
{ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)} ،
ونجد المعاينة للأدلة في قوله سبحانه يخاطب موسى عليه السلام :
{ ... قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي .. (143)} (الأعراف) ،
وقول سليمان عليه السلام للهدهد حين بعثه برسالته إلى مملكة سبأ وملكتها :
{ اذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)} (النمل) ؟ ،
وكذلك نرى المعاينة في قوله عز وجلّ في سورة يونس :
{ قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...(101)} ،
إنها نظرات ولمسات لا يراها إلا القلب السليم .
6 - نظرة التعجب : وغالب التعجب من كفر الكافرين واستكبارهم عن الحق ،مثال ذلك في سورة الإسراء في قوله جلّ وعلا:
{ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48)} ، فالكفار يتهمون النبي صلى الله عليه وسلم تارة بالكهانة وتارة بالسحر وأخرى بالكذب ورابعة بالشعر ، وكلامهم عجيب لا ينبغي أن يصدر عن رجال يعقلون .
وفي سورة المائدة تعجب واضح من فسادهم وكفرهم :
{ ... انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (75)} ،
والتعجب من ضرب الأمثال مرة أخرى في سورة الفرقان :
{ انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (9)} ،
ثم انظر متعجباً من الاستمرار على ضلالهم بعدما رأوا الآيات في سورة الأنعام :
{ ... انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46)} ،
{ ... انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) .
7 - نظرة الانتظار : قوله تعالى في سورة الذاريات في نهاية ثمود قوم صالح :
{ فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ (44)} ،
وَذَلِكَ أَنَّهُم اِنْتَظَرُوا العَذَاب ثلاثة أَيَّام فَجَاءَهُمْ فِي صَبِيحَة الْيَوم الرَّابِع بُكرَةَ النَّهَار. وكان انتظارهم تحدياً ، فنالوا عقاباً يستحقونه على كفرهم وعنادهم . ونجد هذا المعنى في قوله سبحانه في سورة البقرة :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُواَ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)} .
بعض المفسرين قالوا هي من الرؤية والانتظار والتأني كذلك . وكقوله عز وجلّ في سورة الحديد على لسان المنافقين يخاطبون المؤمنين :
{ ... انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ ... (13)}
ولا نور في ذلك اليوم إلا للمؤمنين ، ونرى معنى الانتظار في قوله تقدست أسماؤه في سورة فاطر :
{ ... فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ... (43)}
وهي عقوبة الله لهم على تكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره .
ومن معنى الانتظار قوله تعالى في سورة الأحزاب :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ... (53)} ،
لا دخول إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم إلا إجابة لدعوة أو وليمة ، ولا بأس أن ينتظر المسلمون في بيته نضج الطعام واستواءه، ثم يأكلون وينصرفون غير منتظرين ، ولا يتأخرون .
8 - نظرة الاختبار : كقوله تعالى في سورة النمل :
{ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)} ،
فسليمان عليه السلام يختبر الهدهد حين جاءه بخبر ملكة سبأ وقومها .
وكذلك نجد معنى الاختبار في السورة نفسها :
{ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ (41)} ،
وسألها سليمان عليه السلام عن عرشها بعد أن أراها إياه وقد جاء به مَن عنده علم من الكتاب يختبر ذاكرتها وذكاءها.
ونجد اختبار الصبر والإيمان لبني إسرائيل على لسان موسى في قوله سبحانه في سورة الأعراف:
{ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)} .
9 - نظرة الدهشة والانبهار : نجدها في قوله تعالى في سورة الزمر يصف المشركين حين يُنفخ في الصور :
{ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68)}
فيعلمون الحقيقة إذ ذاك ويندمون حين لا ينفع الندم . ونجد المعنى نفسه في سورة الصافات في قوله سبحانه:
{ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ (19)}
وقد عقدت المفاجأة ألسنتهم ، وعلموا أنهم خسروا أنفسهم إذ كذّبوا بآيات الله .
10 - نظرة التهديد والتوبيخ : من أمثلة ذلك قوله تعالى يوبخ الكافرين الصادّين عن سبيل الله في سورة المائدة:
{ ... انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (75)} ،
وقوله سبحانه في سورة الأنعام :
{ انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24)}
وقوله تعالى في السورة نفسها :
{ ... انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46)} ،
بيان للآيات وتصريف واضح للأمور ، والكافرون صادون عن سبيل الله كافرون برسالاته . وأشد من ذلك أن الله جلّ وعلا يغضب على الكافرين غضباً شديداً والدليل على هذا في سورة آل عمران أن الجليل يخزيهم :
{ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّـهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَـٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّـهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)} .
11 - نظرة التأخير : كما في قوله تعالى في سورة الأحزاب :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ ... (53)}
فلا تتأخروا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأكل .
ومن التأخير قوله تعالى في إنظار المعسر في سورة البقرة :
{ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (280)}
فيؤخر الدائن المدين المعسر في السداد إلى وقت اليسر والمقدرة .
12 - نظرة البهجة والسرور :كما في قوله تعالى في سورة المطففين يصف وجوه المؤمين السعداء في الجنة:
{ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)} ،
وانظر معي إلى المؤمنين يتمتعون وبيتهجون في جنة الرحمن في السورة نفسها :
{ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (35)} .
13 - نظرة المعرفة واليقين بالأمر : كما في قوله تعالى في سورة النبأ :
{ ... يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ... (45)}
ويعلم علم اليقين أنه هالك لا محالة . ومن نظرة العلم واليقين كذلك قوله سبحانه في سورة البقرة :
{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّـهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّـهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210)}
والمعنى نفسه نجده في سورة الأنعام في قوله عز وجلّ :
{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ... (158)}
فيعلمون أن تكذيبهم للرسل وصدهم عن دعوة الحق قد أرداهم في جهنم ، فلا نجاة ولا محيص عن ذلك ... ونجد نظرة العلم واليقين في سورة الأنفال ، فبعض المسلمين لا يرغبون بالقتال وبجادلون في ذلك ، فعبر القرآن عن هذا بقوله عزّ من قائل :
{ ... كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6)} ،
ولم يكن هذا لائقاً بهم .
14 - نظرة الاحتقار للكفر وأهله : كما في قوله تعالى في سورة طه على لسان موسى عليه السلام للسامري :
{ ... وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)}
وتصور درجة الاحتقار بتحريق الإله المزعوم ونسف رماده في البحر أمام أعين عابديه ، ونجد معنى الاحتقار نفسه في قوله سبحانه يصف إغراق قوم فرعون بكلمة (النبْذ) :
{ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40)} (القصص) .
{ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)}(الذاريات) .
15 - وأخيراً نظرة الاستشارة والاستئمار : كما في سورة الصافات بين إبراهيم وولده إسماعيل حين أمره الله تعالى في المنام بذبحه :
{ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ... (102)} ؟ .
إنها كلمة قالها لإعلامه فقط ، ولن يأخذ برأيه إن خالف ، فأمر الله لا بد منه .
آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2020-09-26 الساعة 12:29 AM
|