عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 2010-07-15, 04:50 PM
زينب من المغرب زينب من المغرب غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-14
المكان: tangier morocco
المشاركات: 221
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
<<..... وحتى نستطيع الوصول إلى عالم ملحد بكل المقاييس فإننا نحتاج إلى مجهودات جبارة وسنوات من العمل الجاد لسد ثغرات العلم حتى لا نترك مجالا للدين ليقدم تفاسيره. ولنضع نصب أعيننا أن الإنسان عاش حياته -منذ انفصاله عن جده الأول- في ظل الأديان, لذلك فإن استئصال هذا الإيمان كمن يستأصل الإنسان من القرد>>.
كانت هذه آخر جملة ختمت بها كتابها الذي ألفته بعنوان "نحو عالم ملحد".قرأت هذه الجملة وأغلقت غلاف الكتاب الذي عقب تأليفها له تحولا كبيرا في مجرى حياتها.
عادت بها الذكريات إلى يوم خرجت من بلدها العربي لأنها أحست أنها لن تمارس إلحادها فيه بالشكل الذي تريده وانطلقت إلى أوروبا باحثة عن الحرية التي كانت تنشدها، تاركة وراءها أمّا منكسرة لفراق ابنتها الوحيدة بعد أن خُيرت بين أمها والإلحاد فاختارته عن كل شيء.
وحلت وسط ترحيب من كل الجهات وفي يدها كتابها الذي كان في الضفة الأخرى محل سخرية وازدراء وفي هذه الضفة جواز مرورها إلى العالم المثقف من أبوابه الواسعة.

يعني لها هذا الكتاب الشيء الكثير،فكل ورقة فيه تذكرها بحقل أمها حيث كانت تجد لذة الكتابة وهي جالسة تحت شجرة من أشجاره أو مرتمية بين الحشائش التي تغطي أرضه.
لذلك فكلما أخذها الحنين إلى صدر أمها فتحت هذا الكتاب لتقرأ فيه.
سنين مضت تجري كالرياح. وهي مأخوذة بهذا العالم الجديد الذي فتح لها ذراعيه ليحتضنها مع ما تحمل من فكر إلحادي.
وصفها البعض بأنها ملكة الإلحاد، والآخر بأنها امرأة لم يوجد في الأزمان مثلها، والآخر لم ير في كل ذلك سوى إضهاد وظلم دولتها - رغم أن خروجها جاء عن طواعية منها - وكتبت المجلات وأرخى صناع القصص لأقلامهم العنان وجُلب كل ذي حنكة في المسكنة الكاذبة ليؤلف ويسخر ويتظلم بالشكل الذي يخدم فيه مصالح لا يعرف كنهها حتى هو.
سهرات ومؤتمرات ولقاءات تلت تلك الرحلة، وملأت خزانتها جوائز وشهادات ووو.
كل ذلك فقط لأنها ألفت كتابا انطلق من بداية ظهور الإلحاد وختم بتبشير بأنه ستكون له السيادة.
فكرت في نفسها قائلة: لولا تلك الرحلة لكنت الآن زوجة أحدهم في بيت مليء بالأطفال، قالتها والتفتت إلى فراشها حيث ينام رضيعها في براءة، وتذكرت بأسى حين أخبرتها الطبيبة أنها لن تلد بغيره.
ابتسمت وهي تنظر إليه، وأحست بشيء داخلها لم تحسه يوما، حتى في وقوفها على المنصات لإستلام الجوائز ولا في قراءتها لمدح الجرائد لها. لا إن هذا النوع من النشوة اللذيذة تحسه فقط وهي تنظر إلى رضيعها.
وتمتمت: شتان بين سعادتي بما صنعت من مجد وسعادتي بوجودك في حياتي.
فكرت في هذا الإحساس بالأمومة الذي كان مجهولا عنها إلا بعد أن جربته بنفسها. وقالت في نفسها غريب حال الأديان كيف استطاعت إقناع الناس بإنتقاص المرأة رغم هذه المسؤولية الصعبة التي تحملها والتي هي ضمان استمرار النوع البشري على الأرض.
أتساءل هل يستطيع العلم توفير أرحام اصطناعية بدل هذه المشقة التي تتحملها النساء. ماذا لو استطاع؟؟
كيف سيكون حال الأديان آنذاك تجاه المرأة؟؟. لو فعلها العلم سنستطيع كسر شوكة الأديان.
أشاحت بهذه الخاطرة عن ذهنها وقامت إلى رضيعها وحملته بين ذراعيها وقبلته وفي داخلها ذلك الإحساس الذي لا تستطيع تفسيره ولا وصفه؛ مزيج غريب من السعادة والفرح والحنين.
رأت في عيني رضيعها كل أحلامها تتحقق بغد إلحادي بكل المقاييس.
وعدت نفسها أن تخلص له في التربية حتى يكون المثال العالمي لرجل ملحد.
أعدت كل الظروف الملائمة له ليكون كذلك؛ انها في بلد الحريات المطلقة ,ولديها زوج لا يحمل أي ذرة من الإنتماء الى العرب ولا إلى دينهم. وقد نظّرت في كتاباتها بما يكفي -ابتداء من الولادة حتى الوفاة- لحياة ملحد والآن لم يعد أمامها سوى الخروج من عالم التنظير إلى عالم التطبيق لتحقق النجاح المثالي لنظرياتها.
نظرت إلى رضيعها مجددا وقالت له من حسن حظك أنك ستعيش بدون أي ماض ديني. ستضرب للعالم صورة مثالية للملحد الذي حلمت به.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى

رد مع اقتباس