السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرت الأيام والأشهر والإبن متذبذب بين مستهجن أفكار أمه وبين تائه باحث عن أجوبة أحسن عند زملائه ومدرسته
كان يقضي معظم وقته داخل البيت بالمطالعة في موسوعة الحيوانات، ذلك الكتاب الذي لا يفارقه في جميع تنقلاته.
قالت له في مرة:هل تريد أن ترى هذه الحيوانات حية؟؟
كانت بالنسبة له تحقيق لأغلى أمنية، ظل طيلة اليوم ينتظر والده ليذهبوا جميعا إلى حديقة الحيوانات الموجودة في مدينته.
وحل في الحديقة أخيرا.
طارت دهشته الممتزجة بقليل من الخوف سريعا وبدأ بالجري بين الأقفاص يرمي الأكل لهذه ويقلد صراخ هذه. كان في قمة السعادة وهو يعانق بعينيه عالمه الجميل بعد أن تحول من مجرد صور على كتاب إلى حياة تدب.
كاد يضيع بين الناس من كثر تنقله بين الأقفاص.
قال لأمه: أتمنى لو استطعت أن أسكن هنا فوق شجرة لأكون دائما قريبا من هذه الحيوانات الجميلة.
ابتسمت له وهي ترى فرحة طفلها تتحول إلى بريق دافىء في عينيه. تنهدت من أعماقها والتفتت إلى زوجها الواقف بجانبها وقالت: منذ متى فقدت عيوننا هذا البريق من الفرحة؟؟
فقال لها ضاحكا: يوم خطوتنا الأولى في الإلحاد.
فردت وهي مغضبة:ما بالك تتهجم على هذا المعتقد الذي أنقذنا من أوهام لم تفعل شيئا سوى حقننا بالأحقاد والأحزان والتوجس والخوف من ماذا ؟؟ من وهم.
فأجابها: دعينا نستمتع بهذه اللحظات ولا نكدرها بحواراتنا الفارغة.
لم تشأ التعليق على كلمة "فارغة" حتى لا يتحول الموقف إلى خصام
التفتت إلى طفلها الذي قادته قدماه إلى قفص الشمبانزي. تعلقت عيناه به بشدة وهو يراقب حركاته وطريقة أكله للفستق وطريقة جلوسه.ظل يحدق فيه مدة طويلة قبل أن يلتفت لأمه التي كانت تراقبه مراقبة كيميائي لنتيجة تفاعل مخبري ويقول: انظري حركات هذا القرد، تكاد تكون كالإنسان.
فابتسمت وقالت له: بل هو إنسان عجز أن يكمل نموه.
لم يلق لجملتها بالا إذ لم تكن الظرفية للسرد ولكن كانت للمشاهدة الصامتة.
علمت أنه تفادى جملتها عمدا.
دار تساؤل في خاطرها: ترى كيف سيتعامل مع نظرية التطور؟؟ إنها كل الموجود للرد على أسئلته.
وأخيرا عادوا إلى البيت بعد أن اقتلع منهم الإبن وعدا بالعودة قريبا
......
في مرة عاد من المدرسة وبعد أن ظل طيلة طريق العودة صامتا قال لأمه: هل صحيح أن أول إنسان كان قردا؟؟
فقالت في نفسها: من حسن حظك أنك تدرس حيث لم يقولوا لك أن أصله إنسان كان في السماء. ثم ردت عليه قائلة: ما رأيك أنت؟؟
ظل صامتا مدة من الزمن وقال لها: لا أدري لأنني لم أفهم الدرس الذي كانت تشرح المدرسة جيدا .
فربتت على كتفه وقالت له: حسنا حبيبي في البيت سأشرح لك ذلك بالتفاصيل.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى لنلتقي بتلقين التطور للفطرة
|