السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابتسم هو الآخر وقال لها: تعلمين أنني لا أحب كتم البسمة في قلبك ولكني أفضل تأجيل المزاح. على كل دعينا نتم الحديث.
بسطت راحة كفها لتقول له تفضل دون أن تتكلم.
فاستطرد قائلا: لا تتصوري أنني تابعت الأحداث متابعتي للتجارب داخل المختبر، لا، إنما قلصت من حدة التجاهل لأخبار العالم، رغم أن إلحادنا جعلنا ننزوي بعيدا عنه.
طرحت أسئلة عديدة من أمثال: ماذا بعد التصديق بالتطور؟ كيف تصمد نظرية كهذه أمام واقع علمي ينسفها كليا؟؟ ما هي المصلحة التي ترتجى من جيل يقول في كلامه كان جدي القرد؟؟
وأسئلة أخرى كثيرة أفضت بي إلى التعمق أكثر في أحداث العالم التي تفسر بوضوح تام سبب هذا التحصين المتين لخرافة داروين.
عزيزتي إن الإنتساب إلى القرد يعني ببساطة نفي كل الصفات والمشاعر الإنسانية الجميلة لتبرر كل الجرائم ويصبح العالم في فوضى عارمة لا يحدها قانون.
يريدون منا أن ندير أظهرنا للإبداع في الكائنات الحية لأننا لن نمدح الصدفة على أية حال، ونقف في متاحف الرسم لنصفق لأحدهم ونمدحه بعد أن جمع الألوان وصنع خربوطية لا معنى لها ونسميها إبداعا بإسم الفن التشكيلي. هذا ما أسميه قمة السخف.
التصديق بالداروينية يعني وداعا لما توارثناه من أخلاق.
ثم ألم يتعب الإنسان الأول ليكون دساتير الأخلاق سواء حشرها في أوامر الآلهة أو قوانين الملوك فهي شيء لا يمكن أن نطمسه كليا لنبدأ من الصفر في إستجماع مبادىء الأخلاق.
لا زلت على قولك على ما أعتقد في أن الملحد يجب أن يلتزم بأخلاقه التي ورثها إلا ما كان منها مبالغا فيه. فهل سيصدق من جده قرد بأنه مضطر إلى الإلتزام بالأخلاق.
إن تكسير الإلتزام الأخلاقي الذي كان يسود العالم ما كان ليتحقق لولا الضربة القاضية التي منحتها النظرية.
والذي لا أجد جوابا له هو مادمنا كملاحدة إختاروا الحرية في التفكير, غير مضطرين للتصديق بأية معلومة لا إثبات مادي عليها فلماذا نصدق بهذه النظرية؟ بل إن كل من يختار الإلحاد معتقدا أول ما يفعل هو تقديم الولاء للنظرية بتبنيها والإستماتة في الدفاع عنها. وهذا التعلق بها ما هو إلى دليل قوي على الرعب الذي يختزنه الملاحدة في قلوبهم من نقيض النظرية الذي هو الخلق.
هل فكرت في الذين أنجبتهم النظرية من العلماء؟؟ كماركس وفرويد وسارتر وغيرهم؟؟ هل شممت رائحة الحقد وروح الجريمة في كتاباتهم ونظرياتم هم أيضا؟؟ فلمزيد من أمثال هؤلاء تحظى النظرية بكل هذا الحرص والصون والتشهير وضمانا لمستهلك يحافظ على غنى رجال السياسة من خلال بحثه الحيواني في ثلاثية الغاية من وجوده " السكن والغداء والجنس".
فأية دفعة تلك التي تريدين من إبننا أن يتشربها؟؟
وعند تلفظه لهذه الجملة تذكر إبنه فبدأ ينظر يمينا ويسرة ليراه ولكن لم يره فسألها: لا أرى الإبن هل رأيته؟؟
انتفضت من مكانها وقالت له: لا, اعتقدت أنك تراقبه في خلال الحديث.
نزلت الأدراج لا تكاد تبصر الطريق، جرت إلى قفص القرد ولم تجد إبنها هناك، فبدأت تنادي بإسمه بأعلى صوتها انتفض الناس من حولها وبدأ الجميع يسألها وهي لا تكاد توضح الكلام تجري في كل الإتجاهات بدأ الجميع ينادي عليه بإسمه ولكن لا فائدة، كانت تتنقل بين الأقفاص وتنظر داخلها وكأنه يمكن أن يكون في الداخل، أرادت أن تبكي ولكن الخوف الشديد كان يمنعها.
لم تهتم بأين يمكن أن يكون زوجها ولكنها تريد إبنها الآن تريد أن تضمه إليها، إستمرت في جريها وبدأ الدمع ينزل فيمسحه الهواء المصطدم بوجهها صرخت وصرخت لكن دون جدوى، لا تعرف كيف تذكرت نظرة أمها إليها وهي تودعها رفضت أن تضمها لكن في عينيها كانت ترتسم آلام الفراق. أحست غصة في قلبها لم تكذب عليها أمها حين قالت لها: ستحسين بآلامي يوم تصبحين أما. ثم تلفظت عن غير سيطرة منها وقالت: آه يا أمي كم أشتاق إليك؟؟
شدها زوجها بقوة وقال لها: تعالي معي.
خلصت دراعها من يده بقوة وقالت له: اتركني لقد فقدت ولدي، قالتها والدموع تخنقها.
فقال لها: تعالي لقد وجدته إنه في السيارة.
لم تكد تسمع آخر عبارة حتى قفزت تسابق الريح إليه ضمت بقوة حتى قال لها: أمي أكاد أختنق.
فابتسمت وهي تمسح الدمع عن عينيها وقالت: حبيبي لقد كدت أموت بحثا عنك أين كنت؟؟
فرد عليها: لقد قرفت من النظر إلى ذلك القرد المقزز بحركاته.
أراد الوالد أن يأخذه من يدها لكنها رفضت فقال: من يشعر بالجوع؟؟
قالت: أنا وولدي الحبيب
لكنه رد قائلا: لا أريد أن آكل فأنا أشعر بالغثيان.
فقالت له:لا تقلق, سنأكل شيئا تحبه جدا.
ولم تنتظر موافقته، فحملته بسرعة وجرت به إلى مطعم الحديقة
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
|