للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
"... إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ " (يوسف 4)
"... إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ " (يوسف 4) هذا النص القرآني الكريم جاء في مقدمات سورة يوسف, وهي سورة مكية, وآياتها(111) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم لتفردها بذكر قصة نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ بتفاصيلها, والذي جاء ذكره أيضا في كل من سورتي الأنعام و غافر. وقد أنزلت سورة يوسف على خاتم الأنبياء والمرسلين في مكة المكرمة وسط سلسلة من الابتلاءات والشدائد والمحن التي تعرض لها من كفار و مشركي قريش لتروي له شيئا مما عاناه نبي من انبياء الله هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم( على نبينا وعليهم وعلى أنبياء الله أجمعين من الله السلام), وذلك من قبيل تثبيت كل من الرسول الخاتم ومن آمن معه, ومن آمن بعده إلي يوم الدين على أن الابتلاء من سنن الله في الأنبياء والمرسلين والصالحين من العباد. وتبدأ سورة يوسف بالحروف المقطعة الثلاثة( الر) وقد سبق لنا تفصيل قضية المقطعات, ولا أري حاجة إلي تكرار ذلك هنا. وتتبع السورة المباركة هذا الاستهلال بمدح القرآن الكريم فتقول:" الـر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِينِ. إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياًّ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ " يوسف:1 ـ3) . ثم تنتقل السورة الكريمة إلي استعراض قصة سيدنا يوسف ـ عليه السلام في ثمان وتسعين آية ( من الآية الرابعة إلي الآية (101) وتبدأ برؤيا رآها في حداثته لتقول:" إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين" ( يوسف:4) فأوصاه أبوه ألا يقص رؤياه علي إخوته ( غير الأشقاء) كي لا تثير في نفوسهم الحسد, فيغريهم الشيطان بتدبير الحيل والمكائد له, لأن الشيطان للإنسان عدو مبين.ويدعو له أبوه بالاصطفاء من الله ـ تعالى ـ, وبتعليمه تأويل الأحاديث, وإتمام النعمة عليه وعلى آل يعقوب كما أتمها الله سبحانه وتعالى ـ على أبويه إبراهيم وإسحاق من قبل, فإن الله عليم حكيم.ولقد كان في قصة يوسف وإخوته آيات للسائلين عنها وجاء القرآن الكريم ليفصلها في سلسلة من الابتلاءات المتتالية أولها دوافع إخوة يوسف للتآمر عليه, وتحايلهم على أبيهم للسماح له بالخروج معهم للرعي, وإخباره لهم بما سوف يفعلون به وهم لا يشعرون, ونفذوا كيدهم بأخيهم فألقوه في غور البئر, " وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ " ويدعون أنه قد أكله الذئب, وفي ذلك تقول الآيات:" قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ . وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ " (يوسف:18,17) ثم تنتقل الآيات إلي شرح كيف عثرت على يوسف في قاع البئر جماعة كانت تسرع في السير إلي مصر فأخذوه معهم, وباعوه في مصر" بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ "لخوفهم من أن يدركهم أهله وينتزعوه منهم. وكانت هذه هي محنته الثانية: أن يباع النبي سليل الأنبياء كما يباع الرقيق. وتعرض الآيات بعد ذلك إلي مرحلة أخرى من مراحل قصة نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ في بيت عزيز مصر الذي اشتراه وأوصي زوجته أن تحسن معاملته وتكرمه لعله أن يكون في خدمتهما أو أن يكون ولدا لهما بالتبني, وكان مباحا في شريعتهم . وانتقلت السورة الكريمة إلي المحنة الثالثة من المحن التي تعرض لها سيدنا يوسف ـ عليه السلام ـ في بيت عزيز مصر فتقول:" وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ . وَرَاوَدَتْهُ الَتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ. وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ " (يوسف:22 ـ24) . وانتهت هذه المحنة به إلي السجن, وكان السجن ـ دون ذنب ـ محنته الرابعة, وفي ذلك تقول الآيات:" ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ. وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المُحْسِنِينَ "(يوسف:36,35) . وقد استغل نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ حاجة كل من رفيقيه في السجن إلي تأويل رؤيا فبدأ بدعوتهما إلي الإسلام القائم على التوحيد الخالص لله ـ تعالى ـ( بغير شريك ولا شبيه ولا منازع ولا صاحبة ولا ولد), وعلي نبذ كل من الكفر والكافرين, والشرك والمشركين, وعلى الإيمان بيوم الدين, وفي ذلك تقول الآيات على لسان هذا النبي الصادق: " قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكـْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ . وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ . يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ. مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ " ( يوسف:37 ـ40). وبعد أداء هذه النصيحة الغالية إليهما قام بتأويل رؤيا كل منهما بأنأحدهما سيعمل خادما في قصر الملك يسقيه الخمر, وأما الآخر فسوف يموت مصلوبا, وطلب يوسف من الذي ظن أنه ناج منهما أن يحمل قضيته إلي الملك, ولكنه نسي ذلك فلبث يوسف في السجن بضع سنين. وبعد هذه السنوات رأي الملك في منامه رؤيا, وعجز الناس عن تعبيرها وظنوها من أضغاث الأحلام, وتذكر خادم الملك ذلك الرجل الذي عبر له رؤياه في السجن من قبل وجاءت حقا, فذهب إليه سائلا تأويل رؤيا الملك وفي ذلك تقول الآيات على لسانه: " يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ . قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ. ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ . ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ " ( يوسف:46 ـ49). ولما عاد الخادم إلي الملك, وأخبره بما قال يوسف في تأويل رؤياه, تنبه ملك مصر إلي قدرة يوسف في تعبير الرؤيا, وأمر بإحضاره إليه للاستفادة بهذه القدرة, فلما بلغه ذلك لم يستخفه الخبر, ولا لهفة السجين إلي الحرية, وآثر ألا يخرج من السجن حتى تثبت براءته, وفي ذلك تقول الآيات: " وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ. قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ العَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ . ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الخَائِنِينَ . وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ "(يوسف50 ـ53) . ونتيجة لهذا الاعتراف خرج يوسف من السجن, ومكن له الله ـ تعالى ـ في الأرض بتعيينه عزيزا لمصر, وفي ذلك تقول الآيات: " وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ. قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ . وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ. وَلأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ " (يوسف:54 ـ57) . وتنقلنا سورة يوسف ( في الآيات58 إلي101) إلي حدث كبير آخر في سيرة هذا النبي الكريم حين اشتد القحط بالمنطقة, فبعث يعقوب بأبنائه إلي مصر طلبا للطعام فعرفهم يوسف دون أن يعرفوه, وأمر بالمبالغة في إكرامهم, وبوفاء الكيل لهم, وبرد ما قدموه من ثمن بضاعتهم في أمتعتهم لعل ذلك يكون أرجي في عودتهم. شارطا عليهم إحضار شقيقه بنيامين الذي عبر عنه بتعبير( أخ لكم من أبيكم) في زيارتهم القادمة وإلا فلا كيل لهم عنده, فوعدوه بمراودة أبيهم في ذلك الأمر ورجائه أن يحققه لهم. وبالفعل رجوا أباهم عند وصولهم إلي ديارهم أن يرسل معهم بنيامين في الرحلة التالية بعد أن قصوا عليه قصتهم مع عزيز مصر. فثارت في نفس يعقوب ذكريات ضياع ولده يوسف من قبل وخشي على شقيقه بنيامين من الضياع فأخذ عهد الله ـ تعالى ـ عليهم أن يحافظوا عليه حتى يردوه سليما إليه إلا أن يحاط بهم من نازلة أو عدو, فأشهد الله تعالى علي عهدهم بقوله"... الله علي ما نقول وكيل" وأوصاهم أبوهم أن يدخلوا مصر من أبواب متفرقة لكيلا يلفتوا الأنظار إليهم, ولا تترقبهم الأعين فيصيبهم شئ من الحسد وفي ذلك تقول الآيات على لسانه:" وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ. وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ " ( يوسف:68,67) . وفي الرحلة الثانية اصطحب إخوة يوسف أخاهم بنيامين معهم فأكرم يوسف نزلهم, وآوي إليه بنيامين مسرا إليه بأنه شقيقه, ومهونا عليه موقف إخوته منهما. وتحايل يوسف لإبقاء شقيقه معه بدس صواع( سقاية) الملك في رحله حتى يخول له ذلك أخذ شقيقه رقيقا( وهذا كان حكم السارق في شريعتهم), وانتهي الأمر إلي تفتيش الرحال, وتولي يوسف التفتيش بنفسه فبدأ بتفتيش أوعية إخوته العشرة غير الأشقاء, وانتهي بتفتيش رحل شقيقه بنيامين, فأخرج صواع الملك منه, واحتجز بذلك شقيقه عنده, وتضرع الإخوة إلي يوسف أن يأخذ أحدهم مكانه رفقا بأبيهم الشيخ الكبير فأبي, ولما يئسوا من تحقيق الرجاء, اختلوا بأنفسهم يتشاورون في موقفهم من أبيهم,فقال كبيرهم أنه سيبقي في مصر لا يفارقها حتى يفهم أبوهم الوضع على حقيقته ويحللهم من العهد الذي قطعوه له, ويسمح له بالرجوع إليه أو يحكم الله ـ تعالى ـ له وهو خير الحاكمين. وأمر إخوته بالعودة إلي ديارهم وإخبار أبيهم بما حدث. ورجع بقية الإخوة إلي أبيهم, وقصوا عليه قصتهم, فأحزنه ما حدث لبنيامين, وذكره ذلك بما حدث ليوسف من قبل وتروي الآيات ما وقع فيه من حزن علي لسانه فتقول في الرد على ما أخبره أبناؤه به:" قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ . وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الهَالِكِينَ . قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " (يوسف:83 ـ87). واستجاب إخوة يوسف لطلب أبيهم فرحلوا إلي مصر في طلب القوت للمرة الثالثة, وتصف الآيات لقاءهم بعزيز مصر هذه المرة فتقول:" فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا العَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي المُتَصَدِّقِينَ. قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ. قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ. قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ .قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ " (يوسف:88 ـ93). ورحل أبناء يعقوب إلي ديارهم ومعهم قميص أخيهم يوسف, وكان قلب يعقوب مترقبا ما تأتي به رحلة بنيه الثالثة إلي مصر من مفاجآت, لأنه ما تجاوزت قافلتهم أرض فلسطين في طريقها إلي مصر حتى ألهمه الله ـ تعالى ـ سلامة ولديه الشقيقين يوسف و بنيامين وفي ذلك تقول الآيات: " وَلَمَّا فَصَلَتِ العِيرُ قَالَ أَبُوَهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَن تُفَنِّدُونِ . فَلَمَّا أَن جَاءَ البَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ . قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ . قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ " (يوسف:94 ـ98). وفي رحلتهم الرابعة إلي أرض مصر اصطحب إخوة يوسف معهم أهلهم جميعا وعلى رأسهم كل من أبيهم نبي الله يعقوب ـ عليه السلام ـ وأمهم معهم, واستقبلهم يوسف ـ عليه السلام ـ في مدخل مصر, وقرب أبويه إليه, وطلب من أهله أن يدخلوا مصر إن شاء الله آمنين وأن يقيموا فيها سالمين, وسار الركب حتى بلغ دار يوسف فأجلس أبويه على العرش, وغمر نبي الله يعقوب وأهله شعور بما أكرم الله ـ تعالى ـ به ابنهم يوسف فحيوه بالسجود ( وكانت تحية مألوفة في زمانهم) فأثار ذلك في يوسف ـ عليه السلام ـ ذكري رؤياه وهو صغير, وتذكر الآيات ذلك بقول ربنا ـ تبارك وتعالى:- " فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ . وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقاًّ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ البَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ " ( يوسف99 ـ101) وهنا تنتهي قصة نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ بهذا الموقف الإيماني العميق, وهذا الدعاء الشمولي الرقيق الذي احتوي خيري الدنيا والآخرة, وما أشمله من دعاء.ثم تتجه الآيات بعد ذلك بالخطاب إلي خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مواساة رقيقة على كفر الكافرين, وشرك المشركين الذين لم يؤمنوا ببعثته الشريفة, وفي ذلك تقول:" ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ. وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ. وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ . وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ. وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ. أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ " ( يوسف:102 ـ107). وتختتم سورة يوسف بأمر من الله ـ تعالى ـ إلي خاتم أنبيائه ورسله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يعلن دعوته إلي الله على بصيرة, وأن يستمر بها المؤمنون برسالته, تبرئا من الشرك والمشركين, على خطي من سبقه من الأنبياء والمرسلين, منذرا بعاقبة المكذبين من السابقين واللاحقين, مؤكدا نصر الله لعباده المؤمنين, ومادحا قصص القرآن الكريم الذي أنزله الله ـ تعالى ـ تصديقا لما سبق وأنزل من وحي, وتبيانا لكل ما يحتاجه الناس من تفصيل في أمر الدين وهدي ورحمة للمؤمنين, وبذلك تقرأ الآيات: " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ . وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ القُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلاَ تَعْقِلُونَ . حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ . لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " (يوسف:108 ـ111). من ركائز العقيدة في سورة يوسف:(1) الإيمان بأن القرآن الكريم هو كلام الله, الموحي به إلي خاتم أنبيائه ورسله, بلسان عربي مبين, كي يفهمه العرب ويعقلوه, ويطبقوه نظاما كاملا شاملا للحياة, ويبلغوه إلي غيرهم من أصحاب اللغات الأخرى لأنه أنزل هداية للناس كافة, ولأنه الكتاب المبين عن الدين الحق. (2) اليقين بصدق القصص القرآني كله لأنه من كلام الله المنزل بعلمه, وإن تشابه مع غيره, فالفرق بين كلام الله وكلام البشر لا يمكن أن يخفي على عاقل. (3) التصديق بأن قصة نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ لم تكن معروفة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل الوحي إليه بها, ولم يكن أحد من العرب يعرف شيئا عنها سوي آحاد من أهل الكتاب, وعلى ذلك فورودها في القرآن الكريم بهذه الدقة الفائقة شهادة لهذا الكتاب المجيد بأنه كلام الله, وشهادة للرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة. (4) التسليم بأن رؤي الأنبياء حق, وأن تأويلها مما يعلمه الله ـ تعالي ـ لمن يشاء من عباده الصالحين. (5) الإيمان بأن الشيطان للإنسان عدو مبين, وأنه يترصد بوساوسه جميع بني آدم حتى أبناء الأنبياء كما حدث مع إخوة يوسف( عليه السلام). (6) التسليم بأن المساواة بين الأبناء ضرورة فطرية ولازمة تربوية لأن المبالغة في حب الوالدين ( أو أحدهما) لأحد الأبناء يدفع الآخرين من الأبناء إلي الكيد له والحقد عليه كما حدث من إخوة يوسف تجاهه وتجاه أخيه بنيامين. (7) اليقين بأن الله ـ تعالى ـ لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم, وإنه يلهم من يشاء من عباده الحق, ويمكن لمن يشاء من عباده في الأرض, وهو ـ سبحانه ـ ".. غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون" . (8) التصديق بوحدة رسالة السماء, وبالإخوة بين الأنبياء الذين دعوا جميعا إلي التوحيد الخالص لله ـ تعالى ـ وإلي تنزيهه ـ سبحانه وتعالى ـ عن جميع صفات خلقه وعن كل وصف لا يليق بجلاله. (9) الإيمان بأن الإسلام كما تكامل في رسالة الرسول الخاتم ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الدين القيم الذي رضيه الله لعباده المؤمنين. (10) اليقين بأن النفس الإنسانية أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي, وعلى كل عاقل ألا يتبع نفسه هواها, وأن يسلم بأن من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. (11) التسليم بأن العلم قيمة عليا في الإسلام العظيم, وأن فوق كل ذي علم عليم, فعلي العلماء ألا يغتروا بعلمهم مهما بلغ. (12) التصديق بأن الساعة آتية لا محالة, وأنها لا تأتي إلا بغتة, وأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون . من الإشارات الكونية في سورة يوسف : (1) الإشارة إلي عدد كواكب مجموعتنا الشمسية الأحد عشر بدقة بالغة, فليس من قبيل المصادفة أن يكون عدد إخوة يوسف ـ عليه السلام ـ أحد عشر, ويكون عدد الكواكب في مجموعتنا الشمسية بنفس العدد. وأن يري نبي الله يوسف في رؤياه أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين, وأن تتحقق هذه الرؤيا بسجود إخوته الأحد عشر وأبويه له يوم جمعهم الله علا أرض مصر بعد طول فراق . (2) الإشارة إلي واقعة تاريخية حدثت بمصر قبل بعثة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأكثر من ألفي سنة, ودونتها الآثار المصرية القديمة. وتفاصيل تلك الواقعة كانت سبع سنوات متتاليات من الخصب العام, تلتها سبع سنوات عجاف من الجدب والقحط, ثم زالت تلك الشدة, ونزل الغيث وعم الرخاء . (3) الإشارة إلي الطريقة المثلي في حفظ محاصيل الحبوب ذات السنابل من مثل القمح في سنابلها وقد أثبتت التجارب صحة ذلك. (4) الإشارة إلي أن الحزن من أسباب العمي الناتج عن تكون ما يعرف اليوم باسم الماء الأبيض أو مرض الساد (Cataract), وهو ما أثبتته الدراسات في مجال طب العيون. (5) الإشارة إلي أن بكل من السماوات والأرض من الآيات الحسية ما يشهد لله الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ بطلاقة القدرة, وعظيم الصنعة, وإحكام الخلق, وقد أثبتت الدراسات الكونية شيئا من ذلك. "... إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ " ( يوسف:4) هذا النص القرآني الكريم جاء على لسان نبي الله يوسف( عليه السلام) يروي به رؤيا رآها في منامه فقصها على أبيه نبي الله يعقوب( عليه السلام), ورؤيا الأنبياء حق لأنها وحي من الله ـ تعالى ـ كما قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما. وقد جاءت الرؤيا في مقدمات سورة يوسف بالنص القرآني التالي:" إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ" (يوسف:4) وقد تحقق تأويل هذه الرؤيا في ختام سورة يوسف حيث تقول: " فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ. وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقاًّ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ البَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ " ( يوسف:100,99). وكان تأويل رؤيا يوسف أن الشمس والقمر هما أبواه, والأحد عشر كوكبا هي إخوته الأحد عشر كما جاء في تفاسير القرآن الكريم, وكان ذلك السجود تعبيرا عن فرح والديه بلقائه بعد طول غياب, وعن خضوع إخوته له تكفيرا عن أخطائهم في حقه, وكان السجود تحية للملك ولكل من كان قريبا من منزلته كقاعدة كانت قديما متبعة في كل من مصر وفلسطين, وفارس, والهند, والصين وغيرها من دول العالم القديم. على ألا يتضمن أية لمسة تعبدية وإلا صار حراما, لأن السجود المقصود به العبادة لا يجوز لغير الله ـ تعالى ـ, ولذلك فإن الإسلام العظيم قد حرم السجود لغير الله تحريما مطلقا, وقد يكون المقصود بالسجود في الآية الكريمة هو مجرد التطامن بالانحناء نحو الأرض كما يفعل اليابانيون إلي اليوم عند استقبال إنسان ذي مقام عال تكريما له وتعظيما.. وهنا أثار بعض المتأملين في سورة يوسف ـ عليه السلام ـ من أمثال الأخ الكريم المهندس أحمد فاروق الدسوقي في بحثه المعنون الأحد عشر كوكبا بين القرآن والسنة وعلم الفلك الحديث سؤالا هاما كثيرا ما تردد في محاضراتي بالعديد من دول العالم, والسؤال مؤداه: هل هناك من علاقة بين اختيار رموز رؤيا نبي الله يوسف؟ وعدد كواكب مجموعتنا الشمسية؟ فقد اختار الله ـ وهو تعالي المحيط بكل شئ ـ أن يكون عدد إخوة نبيه يوسف أحد عشر, وأن يسجد له في رؤياه التي رآها في حداثته أحد عشر كوكبا, وأن يسجد له مع هذه الكواكب الأحد عشر كل من الشمس والقمر, وبعد سنوات من الفراق يلتئم شمل هذا البيت من بيوت النبوة على أرض مصر فيسجد الوالدان والأحد عشر أخا ليوسف ـ عليه السلام ـ إجلالا لما أفاء الله ـ تعالى ـ به على هذا الابن المفقود منذ سنوات من تمكين في الأرض, وحمدا لله من كل من الوالدين والأخ الشقيق أن جمعهم مع هذا الابن والشقيق بعد طول فراق, واعتذارا من الإخوة غير الأشقاء الذين سمحوا للشيطان أن ينزغ بينهم وبين أخيهم. وكان نبي الله يعقوب يري أحداث المستقبل بنور الله, وكانت دعوته لولده يوسف قد استجيبت حين أجابه بما جاء في كتاب الله: "قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ. وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " (يوسف:6,5).ودليل استجابة هذه الدعوة المباركة جاء في نفس السورة الكريمة وذلك بقول ربنا ـ تبارك وتعالي :".. وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ . وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ " (يوسف:22,21). ومن أدلة استجابة دعوة نبي الله يعقوب لولده يوسف ما جاء في نفس السورة من حديث هذا النبي الابن لرفيقي سجنه حين قال لهما: " قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكـْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ . وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ " (يوسف:38,37 ) . ومن أدلة استجابة الدعوة إنزال حب نبي الله يوسف في قلب ملك مصر إذ تقول عنه الآيات: " وَقَالَ المَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ. قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ . وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ . وَلأَجْرُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ " (يوسف:54 ـ57). ومن أدلة استجابة دعوة نبي الله يعقوب لولده يوسف تلك المعجزة الحسية التي أجراها الله ـ تعالى ـ على يديه برد بصر أبيه بعد أن ابيضت عيناه من الحزن بمجرد إلقاء قميص يوسف على وجهه كما أمرهم يوسف, وإحساس أبيه بمقدم القميص إليه وبه رائحة يوسف وفي ذلك تقول الآيات:" اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ . وَلَمَّا فَصَلَتِ العِيرُ قَالَ أَبُوَهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَن تُفَنِّدُونِ. قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ القَدِيمِ. فَلَمَّا أَن جَاءَ البَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " ( يوسف:93 ـ96). وفي ختام قصة نبي الله يوسف يأتي سجود أبويه وإخوته الأحد عشر له, ويرد يوسف هذه الواقعة إلي أنها تأويل رؤياه من قبل وفي ذلك تقول الايتان(100),(101) من سورة يوسف: "وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقاًّ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَبِكُم مِّنَ البَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ . رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ " (يوسف:101,100). فهذا النبي الصالح: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الذي علمه الله ـ تعالى ـ من تأويل الأحاديث قد أول سجود أحد عشر كوكبا له في رؤياه بسجود إخوته الأحد عشر, وأول سجود كل من الشمس والقمر في رؤياه بسجود أبويه له.ولما كان كل من الشمس والقمر من مكونات مجموعتنا الشمسية, وكذلك الكواكب وأقمارها, فهل يمكن أن يكون اختيار الكواكب كرمز لإخوة يوسف في رؤياه التي رآها في حداثته إشارة من الله ـ تعالى ـ إلي أن عدد كواكب مجموعتنا الشمسية مساو لعدد إخوة نبي الله يوسف الأحد عشر ؟ وللإجابة على ذلك السؤال لابد من استعراض سريع لتدرج اكتشاف الكواكب في مجموعتنا الشمسية. الكواكب في مجموعتنا الشمسية: (1) إلي سنة1781 م كان العدد المعروف من كواكب المجموعة الشمسية ستة فقط هي من الداخل إلي الخارج على النحو التالي: عطارد, الزهرة, الأرض, المريخ, المشتري, وزحل, وذلك لأن هذه الكواكب يمكن رؤيتها بالعينالمجردة لقربها النسبي منالأرض وكبرحجمها. (2) في1781/3/13 م تم اكتشاف كوكب يورانوس(Uranus)بواسطة الفلكي الألماني الأصل الانجليزي الجنسية وليام هيرشل (Wiliam Herschel) . (3) بدءا من1801/1/1 م تسلسلت الاكتشافات لعدد من الكويكباتAsteroids التي تجري في مدار محدد حول الشمس بين كوكبي المريخ والمشتري يعرف باسم حزام الكويكبات, ويضم آلافا من تلك الجسيمات التي يعتقد أنها ناتجة عن انفجار كوكب كان يجري في هذا المدار.وقد تم اكتشاف أول هذه الكويكبات في1801/1/1 م بواسطة الفلكي الصقلي جيوسيبي بيازي((GiuseppePiazzi وهي جسيمات متباينة الأحجام أكبرها لا يتعدي قطره300 كم( نحو ستة كويكبات), ونحو مائتي كويكب يزيد قطر الواحد منها عن100 كم, والبقية يقدر قطر الواحد منها بأقل من كيلومتر واحد, ومجموع هذه الكويكبات لا يشكل أكثر من واحد من الألف من كتلة الأرض. وهي في مجموعها تمثل الكوكب الثامن من كواكب المجموعة الشمسية. (4) في1846/9/23 م تم اكتشاف الكوكب نيبتيون(Neptune) بواسطة الفلكيين الألمانيين جال, داالرست(Johann Galleand Heinrichd Arrest)بناء على حسابات سابقة قام بها على انفراد كل من الفلكي الإنجليزي جون س.آدامز((John.CAdams والفلكــي الفرنســي إيربين لوفيريه(Urbain)Leverrier)على الرغم من القول بأن جاليليوGalileo قد رآه في سنة1612 م. واعتبر نيبتيون الكوكب التاسع في مجموعتنا الشمسية. (5) في1930/2/18 م تم اكتشاف الكوكب بلوتوPluto))وتم الإعلان عنه في1930/3/13 م بواسطة الفلكي الأمريكي كلايد تومباو(ClydeW.Tombaugh)بناء على عدد من الحسابات المستقلة من كل من بيرسيفال لويل1915 مPercival Lowel)l )وويليام يكرنجWilliamH.Pickering)1919), واعتبر بلوتو الكوكب العاشر في مجموعتنا الشمسية. (6) في2003/11/14 م تم اكتشاف الكوكب الحادي عشر الذي أطلق عليه اسم سيدناSedna, وتم الإعلان عنه في2004/3/15 م بواسطة مجموعة الفلكيين الأمريكيين براون, تروجيللو, رابينو فيتز((M.Browm,Chad Trujilloand David Rabinowitz وذلك بناء على حسابات للفلكيين الروس الذين أطلقوا عليه من قبل اسم بروسوبينا( أوبريينا) دون أن يروه, وحسابات الفلكي الأمريكي جوزيف برادي سنة1972 م التي كانت نظرية بحتة.وهذا الكوكب الحادي عشر( سيدنا) يوجد علي بعد تسعين وحدة فلكية من الشمس( أي90 150 مليون كم=13,500 مليون كم وبذلك تقدر سنته بعشرة آلاف وخمس سنوات أرضية, بينما لا يزيد بعد الكوكب العاشر( بلوتو) عن الشمس عن(39,53) وحدة فلكية( أي نحو5914 مليون كم), وبذلك تقدر سنته نحو248,54 سنة أرضية . (7) في سنة1950 م اقترح الفلكي الهولندي أوورت(JanH.Oort )وجود غيمة من المذنبات(Comets )تحيط بمجموعتنا الشمسية علي هيئة قشرة كروية على مسافة تقدر بنحو خمسين ألف وحدة فلكية(50.000 150 مليون كم=7,5 مليون مليون كم) وتعرف هذه الغيمة باسم غيمة أوورت للمذنبات(The Oort)(Comet Cloud)ومجموع كتلة المادة في هذه الغيمة أقل من كتلة الأرض, وتوزيعها في هذه القشرة الكروية الهائلة يشير إلي قلة كثافتها بشكل ملحوظ. وأغلب المادة فيها قادمة من خارج نظام مجموعتنا الشمسية.وفي سنة1951 م وصف الفلكي الأمريكي كويبر (Kuiper) حزاما آخر من المذنبات أقرب كثيرا من غيمة أوورت, على بعد أربعين وحدة فلكية من الشمس عرف من بعد باسم حزام كويبر للمذنبات (The Kuiper Comer Belt). ويعتقد بأن كلا من حزام كويبر وغيمة أوورت يندمجان في بعضهما ليكونا إطارا لمجموعتنا الشمسية من أحزمة المذنبات تقل فيه كثافة المادة بشكل ملحوظ.من هذا الاستعراض يتضح أن عدد كواكب المجموعة الشمسية هو أحد عشر كوكبا كما جاء في رؤيا نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ والكوكب هو كل جسم كروي من أجرام السماء يدور حول ذاته ويجري في مدار محدد له حول الشمس, وبعض الكواكب لها قمر واحد أو أكثر من قمر على هيئة تابع أو توابع. أما الشهب والنيازك فهي أجسام صغيرة جدا لا تدور حول ذاتها وتدخل إلي نطاق المجموعة الشمسية من أطرافها أو من خارج حدودها, وكذلك المذنبات. هذه الحقيقة لم تتأكد إلا باكتشاف كوكب سيدنا في2003/11/14 م, وسبق القرآن الكريم بالإشارة إلي عدد كواكب المجموعة الشمسية ولو بطريقة ضمنية في رؤيا منامية لنبي من أنبياء الله يعتبر آية من آيات الإعجاز العلمي في كتاب الله ـ تعالى ـ وقد يحذر دارس من إمكانية اكتشاف كوكب جديد, ولكن على بعد أكثر من تسعين وحدة فلكية ( وهي المسافة الفاصلة بين الكوكب الحادي عشر والشمس). يتعذر على جاذبية الشمس الإمساك بأحد أجرام السماء الذي ينطبق عليه وصف الكوكب. وعلى ذلك فإن قول ربنا ـ تبارك وتعالى ـ على لسان عبده ونبيه يوسف( عليه السلام): " إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ "( يوسف:4) فيه سبق زمني بأكثر من أربعة عشر قرنا بحقيقة علمية لم تصل إليها العلوم المكتسبة إلا في سنة2003 م, وبعد مجاهدة استغرقت آلاف العلماء لمئات من السنين. وهذا السبق العلمي لا يمكن لعاقل أن يتصور له مصدرا غير الله الخالق.فالحمد لله الذي أنزل القرآن الكريم بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله, وتعهد بحفظه إلي ما شاء, في نفس لغة وحيه( اللغة العربية), حتى يبقي هذا الكتاب المجيد شاهدا على جميع الخلق إلي يوم الدين. والحمد لله على بعثه خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي تلقي هذا الوحي الخاتم فبلغ الرسالة, وأدي الأمانة, ونصح الأمة, وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين, فنسأل الله ـ تعالى ـ أن يجزيه خير ما جازي به نبيا عن أمته, ورسولا على حسن أداء رسالته, وأن يؤتيه الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة من الجنة إن ربي لا يخلف الميعاد, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. |
#2
|
|||
|
|||
لمن يريد التعمق ومعرفة مزيد من التفسيرات اليكم مقال الدكتور زغلول النجار
|
أدوات الموضوع | |
|
|