للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
ملخص أقوال بعض أهل العلم في في باب عصمة الأنبياء من الكبائر دون الصغائر
[align=center][align=center]ملخص ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في باب عصمة الأنبياء :[/align]
أنهم معصومون في التبليغ والرسالة والإخبار عن الله ، لا يجوز عليهم الخطأ في ذلك . قال رحمه الله : " الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مَعْصُومُونَ فِيمَا يُخْبِرُونَ بِهِ عَنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَفِي تَبْلِيغِ رِسَالَاتِهِ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (10 /289) . - أنهم معصومون عن الكبائر دون الصغائر ، فيجوز أن تقع منهم الصغائر ، ولكن لا يقرون عليها ولا يستمرون فيها ، وإنما يوفقون إلى التوبة والإنابة إلى الله . قال رحمه الله : " الْقَوْلَ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ عَنْ الْكَبَائِرِ دُونَ الصَّغَائِرِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَجَمِيعِ الطَّوَائِفِ ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ ، بَلْ هُوَ لَمْ يَنْقُلْ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ إلَّا مَا يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ . وَعَامَّةُ مَا يُنْقَلُ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ : أَنَّهُمْ غَيْرُ مَعْصُومِينَ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ ، وَلَا يُقَرُّونَ عَلَيْهَا ، وَلَا يَقُولُونَ إنَّهَا لَا تَقَعُ بِحَالِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (4 /319) . وقال : " وَالْقَوْلُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ النَّاسِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْآثَارِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ السَّلَفِ إثْبَاتُ الْعِصْمَةِ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الذُّنُوبِ مُطْلَقًا ... " إلى أن قال : " فَالتَّوْبَةُ النَّصُوحُ الَّتِي يَقْبَلُهَا اللَّهُ يَرْفَعُ بِهَا صَاحِبَهَا إلَى أَعْظَمِ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ التَّوْبَةِ خَيْرًا مِنْهُ قَبْلَ الْخَطِيئَةِ ، وَقَالَ آخَرُ: لَوْ لَمْ تَكُنْ التَّوْبَةُ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إلَيْهِ لَمَا اُبْتُلِيَ بِالذَّنْبِ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَيْهِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (10 /293) ملخص أقوال بعض أهل العلم قال الشنقيطي في "أضواء البيان" (4/ 119):" وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: عِصْمَتُهُمْ مِنَ الْكُفْرِ ، وَفِي كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّبْلِيغِ، وَمِنَ الْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَتَطْفِيفِ حَبَّةٍ ، وَأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْأُصُولِ عَلَى جَوَازِ وُقُوعِ الصَّغَائِرِ ، غَيْرَ صَغَائِرِ الْخِسَّةِ ، مِنْهُمْ ... والَّذِي يَظْهَرُ لَنَا أَنَّهُ الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ مَا يُزْرِي بِمَرَاتِبِهِمُ الْعَلِيَّةِ ، وَمَنَاصِبِهِمُ السَّامِيَةِ ، وَلَا يَسْتَوْجِبُ حطّا مِنْهُمْ ، وَلَا نَقْصًا فِيهِمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ ، وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُمْ بَعْضُ الذُّنُوبِ ، لِأَنَّهُمْ يَتَدَارَكُونَ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ بِالتَّوْبَةِ ، وَالْإِخْلَاصِ ، وَصِدْقِ الْإِنَابَةِ إِلَى اللَّهِ ، حَتَّى يَنَالُوا بِذَلِكَ أَعْلَى دَرَجَاتِهِمْ فَتَكُونُ بِذَلِكَ دَرَجَاتُهُمْ أَعْلَى مِنْ دَرَجَةِ مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ " انتهى . وقال علماء اللجنة : " الأنبياء والرسل قد يخطئون، ولكن الله تعالى لا يقرهم على خطئهم ، بل يبين لهم خطأهم ؛ رحمة بهم وبأممهم ، ويعفو عن زلتهم ، ويقبل توبتهم ؛ فضلا منه ورحمة ، والله غفور رحيم " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (3 /264) . فتبين بذلك أن القول بجواز وقوع الصغيرة التي لا تزري بمنصب صاحبها ، من الأنبياء ، ليس هو قول شيخ الإسلام وحده ، إنما هو قول جمهور أهل العلم ، ولكن لا يُقر النبي على الخطأ ولا يستمر على فعله ، وإنما يوفق إلى التوبة النصوح ، وهذا لا مطعن فيه على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام – والعياذ بالله – لأن حال التائب الصادق من عموم الناس بعد الذنب ، قد يكون أحسن من حاله قبل الذنب ، فكيف بأنبياء الله ورسله ؟ قال ابن بطال ( ت : 449هـ) : (( ذكر الأنبياء صلى الله عليه وسلم فى حديث الشفاعة لخطاياهم ، فإن الناس اختلفوا هل يجوز وقوع الذنوب منهم ؟ فأجمعت الأمة على أنهم معصومون فى الرسالة ، و أنه لا تقع منهم الكبائر ، و اختلفوا فى جواز الصغائر عليهم فأطبقت المعتزلة و الخوارج على أنه لا يجوز وقوعها منهم ، و زعموا أن الرسل لا يجوز أن تقع منهم ما ينفر الناس عنهم و أنهم معصومون من ذلك . و هذا باطل لقيام الدليل مع التنزيل و حديث الرسول : ( أنه ليس كل ذنب كفرًا ) . وقولهم : إن البارى تجب عليه عصمة الأنبياء ، عليهم السلام ، من الذنوب فلا ينفر الناس عنهم بمواقعهم لها هو فاسد بخلاف القرآن له ، و ذلك أن الله تعالى قد أنزل كتابه وفيه متشابه مع سابق علمه أنه سيكون ذلك سببًا لكفر قوم، فقال تعالى : ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ﴾ [ آل عمران : 7] ، و قال تعالى: ﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ ﴾ [ النحل: 101] فكان التبديل الذى هو النسخ سببًا لكفرهم كما كان إنزاله متشابهًا سببًا لكفرهم، وقال أهل السنة: جائز وقوع الصغائر من الأنبياء، واحتجوا بقوله تعالى مخاطبًا لرسوله: ﴿ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ [الفتح : 2] فأضاف إليه الذنب، وقد ذكر الله فى كتابه ذنوب الأنبياء فقال تعالى : ﴿ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ﴾ [طه : 121] ، وقال نوح لربه : ﴿ إِنَّ ابُنِى مِنْ أَهْلِى ﴾ [ هود: 45] ، فسأله أن ينجيه، وقد كان تقدم إليه تعالى فقال: ﴿ وَلاَ تُخَاطِبْنِى فِى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ﴾ [هود: 37] ، وقال إبراهيم: ﴿ وَالَّذِى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الشعراء: 82] ، وفى كتاب الله تعالى من ذكر خطايا الأنبياء ما لا خفاء به )) [1] . قال ابن عبد البر ( ت : 463هـ) : (( معْلُومٌ أَنَّهُ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) لَمْ يُكَفِّرْ عَنْهُ إِلَّا الصَّغَائِرُ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي كَبِيرَةً أَبَدًا لَا هُوَ و َلَا أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنَ الْكَبَائِرِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ))[2] قال القاضي عياض ( ت : 544هـ) : (( وَأَمَّا الصَّغَائِر فَجَوَّزَهَا جَمَاعَة مِن السَّلَف وَ غَيْرِهِم عَلَى الْأَنْبِيَاء وَهُو مَذْهب أبي جَعْفَر الطَّبَرِيّ وَ غَيْرُه مِن الْفُقَهَاء وَ الْمُحَدّثِين وَ الْمُتَكَلّمِين ))[3] . قال الآمدي (ت : 631 هـ ) : (( اتفقت الأمة سوى الحشوية ومن جوز الكفر على الأنبياء على عصمتهم عن تعمده من غير نسيان ولا تأويل وإن اختلفوا في أن مدرك العصمة السمع كما ذهب إليه القاضي أبو بكر والمحققون من أصحابنا أو العقل كما ذهب إليه المعتزلة وأما إن كان فعل الكبيرة عن نسيان أو تأويل خطإ فقد اتفق الكل على جوازه سوى الرافضة أما ما ليس بكبيرة فإما أن يكون من قبيل ما يوجب الحكم على فاعله بالخسة ودناءة الهمة وسقوط المروءة كسرقة خبة أو كسرة فالحكم فيه كالحكم في الكبيرة وأما ما لا يكون من هذا القبيل كنظرة أو كلمة سفه نادرة في حالة غضب فقد اتفق أكثر أصحابنا وأكثر المعتزلة على جوازه عمدا وسهوا خلافا للشيعة مطلقا وخلافا للجبائي والنظام وجعفر بن مبشر في العمد ))[4]. وقال النووي ( ت : 676هـ ) : (( و اختلفوا في وقوع غيرها من الصغائر منهم فذهب معظم الفقهاء والمحدثين والمتكلمين من السلف والخلف إلى جواز وقوعها منهم ))[5] . و قال الذهبي ( ت: 748هـ): (( وَقد يَقع مِنْهُم الذَّنب وَلَا يقرونَ عَلَيْهِ وَلَا يقرونَ على خطأ وَلَا فسق أصلا فهم منزهون عَن كل مَا يقْدَح فِي نبوتهم وَعَامة الْجُمْهُور الَّذين يجوزون عَلَيْهِم الصَّغَائِر يَقُولُونَ إِنَّهُم معصومون من الْإِقْرَار عَلَيْهَا ))[6] [1] - شرح ابن بطال لصحيح البخاري 10/439 – 440 [2] - الاستذكار لابن عبد البر 3/266 [3] - الشفا بتعريف حقوق المصطفى 2؟144 [4] - الإحكام في أصول الأحكام 1/226 [5]- شرح صحيح مسلم للنووي 3 / 54 [6] - المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال ص 50[/align]
__________________
قال الإمام البربهاري رحمه الله : اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلَّا بالآخَر... وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع. « شرح السنَّة » للبربهاري (1/ 35) قال أبو بكر المَرُّوْذِي قلت لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- " يا إمام من مات على الإسلام و السنة ، مات على الخير ؟ " قال : ( اسكت ، بل مات على الخير كله ) سير أعلام النبلاء » للذهبي (11/296) |
#2
|
|||
|
|||
فصل : الحكمة من عصمة الأنبياء من الكبائر دون الصغائر
فصل : الحكمة من عصمة الأنبياء من الكبائر دون الصغائر عصم الله عز وجل الأنبياء من الكبائر دون الصغائر لحكم عديدة منها : 1- ليعرف الناس الفرق بين الرب والعبد ، فلا يفضي بالناس الغلو بتعظيم أنبيائهم والإعجاب بفضائلهم ونزاهتهم إلى عبادتهم مع الله تعالى . 2- الدلالة على أن الكمال المطلق لله تعالى وحده فالأنبياء ليسوا آلهة منزهون عن جميع ما يقتضيه الضعف البشري من التقصير في القيام بحقوق الله تعالى على الوجه الأكمل ، و من الخطأ في الاجتهاد في بعض المصالح و المنافع و دفع المضار . 3- أخذ الناس العبرة والعظة لأنفسهم ، فإذا كان الرسل الكرام الذين اختارهم الله واصطفاهم عاتبهم الله ولامهم على أمور كهذه ، فإنّه يجب أن نكون على حذر وتخوف من ذنوبنا وآثامنا . 4- التأسي بالأنبياء عند الوقوع في المعصية بالإسراع في التوبة ، وعدم التسويف . 5- أن يرى الله من أنبيائه عبادة الاستغفار و التوبة و الدعاء . 6- أن يرفع الله أنبيائه بالتوبة أعظم مما كانوا عليه فالعبد في كثير من الأحيان يكون بعد توبته من معصيته خيراً منه قبل وقوع المعصية، و ذلك لما يكون في قلبه من الندم والخوف والخشية من الله تعالى ، و لما يجهد به نفسه من الاستغفار و الدعاء ، و لما يقوم به من صالح الأعمال، يرجو بذلك أن تمحو الصالحات السيئات .
__________________
قال الإمام البربهاري رحمه الله : اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلَّا بالآخَر... وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع. « شرح السنَّة » للبربهاري (1/ 35) قال أبو بكر المَرُّوْذِي قلت لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- " يا إمام من مات على الإسلام و السنة ، مات على الخير ؟ " قال : ( اسكت ، بل مات على الخير كله ) سير أعلام النبلاء » للذهبي (11/296) |
#3
|
|||
|
|||
فصل : أدلة عصمة الأنبياء من الصغائر و مناقشتها
[align=center]فصل : أدلة عصمة الأنبياء من الصغائر و مناقشتها
[/align] الدليل الأول : الرسل و الأنبياء هم القدوة و المبلغين عن الله و الله أمر باتباعهم والتأسي بهم قال تعالى : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ [1]، و هذا شأن كل رسول ، والأمر باتباع الرسول يستلزم أن تكون اعتقاداته وأفعاله وأقواله جميعها طاعات لا محالة، لأنه لو صدر منه ذنبٌ ، لزم اجتماع الضدين . لأنه من باب يجب إطاعته لأن مقامه يقتضي هذا ، و من باب يجب عصيانه لأن ما جاء به ذنب ، و لا يمكن أن يأمر الله عبداً بشيء في حال أنه ينهاه عنه، و لو صدر منهم الذنب لما عم الأمر باتباعهم و اتباعهم عام و الاقتداء بالناسي و المخطيء محال أما الاقتداء بالمتعمد القاصد فجائز . مناقشة الدليل : هذا القول يكون صحيحاً، لو بقيت معصية الرسول خافية غير ظاهرة، بحيث تختلط علينا الطاعة بالمعصية، أمّا وأنّ الله ينبه رسله وأنبياؤه إلى ما وقع منهم من مخالفات ويوفقهم إلى التوبة منها، من غير تأخير فإنّ ما أوردوه لا يصلح دليلاً بل يكون التأسي بهم في هذا منصباً على الإسراع في التوبة عند وقوع المعصية، وعدم التسويف في هذا، تأسياً بالرسل والأنبياء الكرام في مبادرتهم بالتوبة من غير تأخير[2] . الدليل الثاني : قال تعالى : ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ فجعل الله رقة القلب وحسن الخلق في النبي صلى الله عليه وسلم كي لا ينفض الناس عنه فكيف باقتراف بعض الذنوب كي لا ينفض الناس عنه ؟!! مناقشة الدليل : هذا الكلام يصح مع البقاء على الذنب وعدم الرجوع إلى الله بالتوبة ، وإلا؛ فالتوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع بها صاحبها إلى أعظم مما كان عليه ، وإذا وقع ذنب من الأنبياء يعاتبهم الله تعالى عليه و يغفره لهم ويأمرهم بتبليغ ذلك لأمتهم ليعرفوا الفرق بين الرب والعبد، فلا يفضي بهم الغلو بتعظيم أنبيائهم والإعجاب بفضائلهم ونزاهتهم إلى عبادتهم مع الله تعالى[3] إذ الأنبياء لا يتحولون بنبوتهم إلى آلهة و هذه هي الذنوب التي تقع منهم ويغفر لهم ولا يقرون عليها [4] . الدليل الثالث : يقبح عقلاً أن يبعث الله تعالى أو يوسط بينه و بين خلقه مذنب . إذن إن مدَّعي الوساطة لا بد أن يكون خالياً من كل رذيلة وذنب وكذلك كل منفِّر يجب أن يتصف به الوسيط رعاية من الله تعالى لنا ليقربنا إلى الطاعة أكثر ويبعدنا عن المعصية ،و النفس تسكن و تطمئن لمن لم تصدر منه ( المعصية ) أصلاً أكثر ممن صدرت منه سواء تاب عنها ، أم لا . مناقشة الدليل : غاية هذا الدليل أن التائب من الذنب يكون مذمومًا ناقصًا لا يستحق النبوة و لو صار من أعظم الناس طاعة. وهذا هو الأصل الذي نوزعوا فيه. والكتاب والسنة يدلان على بطلان قولهم فيه فإنهم سلبوهم ما أعطاهم الله من الكمال وعلو الدرجات بحقيقة التوبة والاستغفار و الانتقال من كمال إلى ما هو أكمل منه، وكذبوا ما أخبر الله به من ذلك، وحرفوا الكلم عن مواضعه، وظنوا أن انتقال الآدمي من الجهل إلى العلم ومن الضلال إلى الهدى ومن الغي إلى الرشاد تنقصًا، ولم يعلموا أن هذا من أعظم نعم الله وأعظم قدرته حيث ينقل العباد من النقص إلى الكمال، وأنه قد يكون الذي يذوق الشر والخير ويعرفهما يكون حبه للخير وبغضه للشر أعظم ممن لا يعرف إلا الخير، كما قال عمر رضي الله عنه: «إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية»[5] . الدليل الرابع : لو صدر من الأنبياء الذنب لكانوا أسوأ حالا من عصاة الأمة إذ يضاعف لهم العذاب إذ الأعلى رتبة يستحق أشد العذاب لمقابلته أعظم النعم بالمعصية ، وإذا كان الصالحين و العلماء يستنكر عليهم فعل الذنوب و إن كانت صغائر لشدة علمهم بالله و إبصار الله بهم فكيف بالأنبياء والرسل ؟!! مناقشة الدليل : هذا القول فيه توهم أن الذنوب تنافي الكمال، وأنها تكون نقصاً وإن تاب التائب منها، وهذا غير صحيح، فإنّ التوبة تغفر الحوبة، ولا تنافي الكمال، ولا يتوجه إلى صاحبها اللوم، بل إنّ العبد في كثير من الأحيان يكون بعد توبته من معصيته خيراً منه قبل وقوع المعصية ، و ذلك لما يكون في قلبه من الندم والخوف والخشية من الله تعالى، ولما يجهد به نفسه من الاستغفار والدعاء، ولما يقوم به من صالح الأعمال، يرجو بذلك أن تمحو الصالحات السيئات، وقد قال بعض السلف: ( كان داود عليه السلام بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة ) ، و قال آخر : ( لو لم تكن التوبة أحبّ الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه ) . وقد ثبت في الصحاح (أن الله أشد فرحاً بتوبة عبده من رجل أضلته ناقته بأرض فلاة ، و عليها طعامه وشرابه، فنام نومة فقام فوجد راحلته فوق رأسه فقال : اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح ) [6] . الدليل الخامس: لو صدر من الأنبياء الذنب لما نالوا عهده تعالى فقد قال تعالى : ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ أي : واذكر-أيها النبي- حين اختبر الله إبراهيم بما شرع له من تكاليف, فأدَّاها وقام بها خير قيام. قال الله له: إني جاعلك قدوة للناس. قال إبراهيم: ربِّ اجعل بعض نسلي أئمة فضلا منك , فأجابه الله سبحانه أنه لا تحصل للظالمين الإمامةُ في الدين . فكيف ينال النبوة ظالم ، و من يقترف الصغائر من الذنوب يعتبر ظالما لظلمه نفسه باقتراف بعض الذنوب ؟!! مناقشة الدليل : غاية هذا الدليل أن الأنبياء إذا أصروا على ذنب لا ينالون عهد الله و الأنبياء إذا صدرت منهم صغائر فإنهم سرعان ما يتوبون إلى الله و ينيبون إليه، فتكون كأن لم تكن ، و ينالون بذلك منزلة أعلى من منزلتهم السابقة قال ابن تيمية : (( الذم والعقاب الذي يلحق أهل الذنوب لا يلحق التائب منها شيء أصلاً ، لكن إن قدم التوبة ؛ لم يلحقه شيء ، و إن أخر التوبة ؛ فقد يلحقه ما بين الذنوب والتوبة من الذم والعقاب ما يناسب حاله و الأنبياء صلوات الله عليه وسلامه كانوا لا يؤخرون التوبة ، بل يسارعون إليها ، و يسابقون إليها ، لا يؤخرون و لا يصرون على الذنب ، بل هم معصومون من ذلك )) [7] . الدليل السادس : إذا أذنب نبي كان فاسقاً لأن الفسق الخروج عن طاعة الله و يلزم منه رد الشهادة وَ إِذا لم تقبل شَهَادَته فِي هَذِه الْأَشْيَاء الحقيرة فبأن لَا تقبل فِي إِثْبَات الْأَدْيَان الْبَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كَانَ أولى وَهَذَا بَاطِل فَذَاك بَاطِل . مناقشة الدليل : الأنبياء معصمون من الكبائر و من الإصرار على الصغائر و من ارتكاب الصغائر المخلة بالمروءة و الفسق يحصل بارتكاب الكبيرة، أو بالإصرار على الصغيرة[8] ، و إذا صدر من نبي صغيرة فإنه سرعان ما يتوب منها و ينيب إلى الله ، فتكون المعصية كأن لم تكن و الذنب كلما استعظمه العبد كان عند الله أصغر ،و عليه فالنبي إذا اذنب لا يسمى فاسقا . الدليل السابع : أن النبي إذا أذنب يشمله التوهين لقوله تعالى : ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾[9] . مناقشة الدليل : غاية ما في الآية الذم على ترك البر و ليس الذم على الأمر بالبر مع تركه ، فإن الأمر بالمعروف معروف فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب، لا يسقط أحدهما بترك الآخر و الصحيح أن العالم يأمر بالمعروف، وإن لم يفعله، وينهى عن المنكر وإن ارتكبه، قال مالك عن ربيعة: سمعت سعيد بن جبير يقول له: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر. وقال مالك: وصدق من ذا الذي ليس فيه شيء؟[10] ، و كل بني آدم خطاء و إذا ابتلي بعض الأكابر بما يتوب منه فذلك لكمال النهاية لا لنقص البداية، كما قال بعضهم لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه[11] قال ابن عثيمين : أينا الذي لم يسلم من المنكر ! لو قلنا: لا ينهى عن المنكر إلا من لم يأت منكراً لم يَنهَ أحد عن منكر؛ ولو قلنا: لا يأمر أحد بمعروف إلا من أتى المعروف لم يأمر أحد بمعروف؛ ولهذا نقول: مُرْ بالمعروف، وجاهد نفسك على فعله، وانْهَ عن المنكر، وجاهد نفسك على تركه [12] ، و النبي ليس ممن يأمر بالمعروف و لا يفعله و ينهى عن المنكر و يفعله مادام يستغفر و لا يصر على فعل الذنب ، و أسوأ ما يكون منه هو خطأ في اجتهاد أو شيء دفعت إليه الجبلة الإنسانية ، لولاه لكان الإنسان ملكاً و لا يقر على الذنب ، و لا يؤخر التوبة ، فالله عصمه من ذلك وتصير حالته بعد التوبة من الذنب أحسن منها قبله . الدليل الثامن : لو صدر عن الأنبياء الذنب لكانوا غير مخلصين ؛ لأن فعل الذنوب يكون بإغواء الشيطان و الشيطان لا يغوي المخلصين لقوله تعالى : ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّه ُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ و اللازم باطل و بطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم . مناقشة الدليل : الأنبياء لا يضلون عن سبيل الحق و لا يفتتون بزينة الدنيا فهم ممن استثناهم الشيطان من الغواية و ليس معنى الآية أن من يقترف ذنب لا يكون من المخلصين و إنما معناها أن من ضل عن الهدى وفتن بالدنيا و اتبع الشيطان و ظل في ضلاله ليس من المخلصين فهذه الآية في حق من يقترف الذنب و يصر عليه و لا يتوب منه جمعا بينها و بين قوله تعالى : ﴿إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ ﴾[13] ولو فرضنا وقوع نبي في ذنب فإنه يتدارك ما وقع منه بالتوبة، والإخلاص، حتى ينال بذلك أعلى درجاته فتكون بذلك درجاته أعلى من درجة من لم يرتكب شيئا من ذلك. ومما يوضح هذا قوله تعالى: ﴿ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴾ فانظر أي أثر يبقى للعصيان والغي بعد توبة الله عليه، واجتبائه أي: اصطفائه إياه، وهدايته له، ولا شك أن بعض الزلات ينال صاحبها بالتوبة منها درجة أعلى من درجته قبل ارتكاب تلك الزلة[14] . الدليل التاسع : عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : ( بعث علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين الأربعة الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي وعيينة بن بدر الفزاري وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب فغضبت قريش والأنصار قالوا يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا قال إنما أتألفهم فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية محلوق فقال اتق الله يا محمد فقال : من يطع الله إذا عصيت أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني فسأله رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد فمنعه فلما ولي قال إن من ضئضئ هذا أو في عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد )[15] . مناقشة الدليل : ليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعصي الله مطلقا و لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه أنه لا يعصي الله مطلقا بل الثابت أنه كان يكثر من الاستغفار و التوبة و الاستغفار و التوبة لا تكون إلا من ذنب حقيقي لذا يجب أن ننزل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من يطع الله إذا عصيت ) على سبب هذا الحديث وهو طعن الرجل في عدالة قسمة النبي صلى الله عليه وسلم و في تقواه إذ قال الرجل مغضبا اتق الله يا محمد أي اعدل و لا تظلم و هذه كلمة في غاية الشناعة في حق النبي صلى الله عليه وسلم خير البرية المؤتمن على وحي الله ، وتبليغ رسالاته، وبيان شرعه، وحلاله وحرامه الأنبياء أيغرّه شيء من متاع الدنيا الزائل فينقض عهده مع ربه ويجرح أمانته، ويخالف رسالته، و الأنبياء منزهون عن الجور و الظلم و الفجور لذلك كان لتلك الكلمات الجائرة صدى عنيفاً على سمع الصحابة فأشعلت فتيل الغضب في نفوسهم، وتبادروا لقتله فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن منعهم من ذلك، واكتفى بالتأنيب والعتاب المؤثر فقال : من يطع الله إذا عصيت أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني . [1] - سورة الأحزاب الآية 21 [2]- الرسل والرسالات لعمر سليمان الأشقر ص 110 [3] - مجلة المنار 5/ 49 [4] - منهج الشيخ محمد رشيد رضا في العقيدة لتامر محمد محمود متولي ص 712 [5] - آل رسول الله وأولياؤه لمحمد عبد الرحمن قاسم 35 [6]- الرسل والرسالات لعمر سليمان الأشقر ص 110 [7] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 10/309 [8] - دستور العلماء للقاضي عبد النبي بن عبد الرسول 3/243 ، معجم لغة الفقهاء لمحمد رواس قلعجي ص 346 ، القاموس الفقهي الدكتور سعدي أبو حبيب ص 286 ، تفسير الألوسي 1/210 [9] - البقرة الآية 44 [10] - انظر تفسير ابن كثير 1/247 [11] - التوضيح عن توحيد الخلاق لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ص 341 [12] - تفسير الفاتحة والبقرة لابن عثيمين 1/159 [13] - البقرة من الآية 222 [14] - انظر أضواء البيان 4/119 [15] - رواه البخاري
__________________
قال الإمام البربهاري رحمه الله : اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلَّا بالآخَر... وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع. « شرح السنَّة » للبربهاري (1/ 35) قال أبو بكر المَرُّوْذِي قلت لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- " يا إمام من مات على الإسلام و السنة ، مات على الخير ؟ " قال : ( اسكت ، بل مات على الخير كله ) سير أعلام النبلاء » للذهبي (11/296) |
#4
|
|||
|
|||
فصل : أدلة جواز وقوع الأنبياء في الصغائر
[align=center]فصل : أدلة جواز وقوع الأنبياء في الصغائر [/align]دلت نصوص الكتاب و السنة على أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين تقع منهم بعض الصغائر مع عدم الإقرار وعدم الإصرار عليها و سرعة التوبة منها و الله يحب التوابين و يحب المتطهرين و من هذه النصوص : النص الأول : قوله تعالى : ﴿ و َيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَ نَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَاأَنفُسَنَا وَ إِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَ تَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾[1] . وجه دلالة النص على وقوع المعصية من آدم عليه السلام : 1- أكل آدم عليه السلام من الشجرة التي نهاه الله عن الأكل منها و مخالفة النهي معصية . 2- تصريح آدم عليه السلام أنه ظلم نفسه و الظلم لا يتأتى إلا من فعل معصية حقيقية . 3- استغفار آدم عليه السلام ، و الاستغفار عند الإطلاق لا يكون إلا من فعل معصية حقيقية . النص الثاني : قال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْما وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَ ا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴾[2] . وجه دلالة النص على وقوع المعصية من آدم عليه السلام : 1- أكل آدم عليه السلام من الشجرة التي نهاه الله عن الأكل منها و مخالفة النهي معصية . 2- التصريح بعصيان آدم عليه السلام و لفظ عصى عند الإطلاق يقصد به العصيان الحقيقي أي الوقوع في الذنب حقيقة . 3- توبة الله سبحانه وتعالى على آدم و التوبة عند الإطلاق لا تكون إلا عن ذنب حقيقي . النص الثالث : قال تعالى : ﴿ وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [3] . معنى الآيات : أن نوح عليه السلام دعا ربه في ابنه الكافرفلامه ربه على مقالته هذه ، وأعلمه أنّه ليس من أهله ، وأن هذا منه عمل غير صالحفاستغفر ربّه من ذنبه وتاب وأناب وجه دلالة النص على وقوع المعصية من نوح عليه السلام : 1- عتاب الله لنوح عليه السلام و العتاب لا يكون إلا عن خطأ حقيقي فعله . 2- استغفار نوح عليه السلام ، و الاستغفار عند الإطلاق لا يكون إلا من فعل معصية حقيقية . النص الرابع : قال تعالى : ﴿ و َدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾[4] . معنى الآيات : أراد موسى عليه السلام نصرة الذي من شيعته ، فوكز خصمه فقضى عليه و اعترف موسى عليه السلام بظلمه لنفسه ، وطلب من الله أن يغفر له ، وأخبر الله بأنه غفر له . وجه دلالة النص على وقوع المعصية من موسى عليه السلام : 1- ضرب موسى عليه السلام للقبطي ضربة أدت إلى موته و هذا خطأ و معصية . 2- اعترف موسى عليه السلام بأن ضربه القبطي كان من تهيج الشيطان لغضبه و الشيطان لا يهيج الإنسان إلا على فعل المعاصي الحقيقة . 3- تصريح موسى عليه السلام أنه ظلم نفسه و الظلم لا يتأتى إلا من فعل معصية حقيقية . 4- استغفار موسى عليه السلام ، و الاستغفار عند الإطلاق لا يكون إلا من فعل معصية حقيقية . 5- غفران الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام و الغفران عند الإطلاق لا يكون إلا عن ذنب حقيقي . النص الخامس : قال تعالى : ﴿ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾[5] . معنى الآية : والذي أطمع أن يتجاوز عن ذنبي يوم القيامة . وجه دلالة النص على وقوع المعصية من إبراهيم عليه السلام : 1- طمع إبراهيم عليه السلام في أن يغفر الله له و لا يكون هذا إلا من فعل معصية حقيقية . 2- أضاف إبراهيم عليه السلام الخطيئة لنفسه مما يدل أنها خطيئة حقيقية . النص السادس : قال تعالى : ﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾[6] . وجه دلالة النص على وقوع المعصية من يونس عليه السلام : 1- خروج يونس عليه السلام من قومه دون إذن ربه و هذا خطأ . 2- تصريح يونس عليه السلام أنه كان من الظالمين ، و الظلم لا يتأتى إلا من فعل معصية حقيقية . النص السابع : قال تعالى : ﴿ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ﴾[7] . وجه دلالة النص على وقوع المعصية من محمد صلى الله عليه و سلم : تجاوز الله عن وزره صلى الله عليه و سلم و لفظ الوزر عند الإطلاق لا يكون إلا عن ذنب حقيقي . النص الثامن : عن أَبُي هُرَيْرَةَ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة »[8] . وجه دلالة النص على وقوع المعصية من محمد صلى الله عليه و سلم : 1- استغفار النبي صلى الله عليه وسلم ، و الاستغفار عند الإطلاق لا يكون إلا من فعل معصية حقيقية . 2- توبة النبي صلى الله عليه وسلم ، والتوبة عند الإطلاق لا تكون إلا من فعل معصية حقيقية . [1]- الأعراف الآيات 19 - 23 [2] - طه الآيات 115 - 122 [3] - هود الآيات 45- 47 [4] - القصص 15 -16 [5] - الشعراء الآية 82 [6] - الأنبياء 87 [7] - الشرح الآية 2 [8] - رواه البخاري في صحيحه رقم 5948
__________________
قال الإمام البربهاري رحمه الله : اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلَّا بالآخَر... وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع. « شرح السنَّة » للبربهاري (1/ 35) قال أبو بكر المَرُّوْذِي قلت لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- " يا إمام من مات على الإسلام و السنة ، مات على الخير ؟ " قال : ( اسكت ، بل مات على الخير كله ) سير أعلام النبلاء » للذهبي (11/296) |
#5
|
|||
|
|||
السلف و عصمة الأنبياء من الصغائر
السلف و عصمة الأنبياء من الصغائر عن عائشة رضي الله عنها : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة : لم تصنع هذا يا رسول الله ، و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر؟ قال: « أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا فلما كثر لحمه صلى جالسا، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع»[1] فقد تعجبت السيدة عائشة رضي الله عنها من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إعمار وقته بالعبادة و الطاعة مع أن الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر و استفهمت عن السبب قائلة : لم تصنع هذا يا رسول الله ، و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر؟ و لم تقل لم تصنع هذا يا رسول الله و أنت معصوم من الذنوب ؟ و أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الفهم و أنه رغم أن ذنوبه مغفورة إلا أنه يحب أن يكون عبدا شكورا . وعن المغيرة رضي الله عنه ، قال : قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه، فقيل له: غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: «أفلا أكون عبدا شكورا»[2] و هذا الحديث مثل الذي يسبقه و هو دال على أن الفهم الذي كان مستقرا عند الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تقع منه صغائر و لكن الله قد غفرها له . و في قول موسى عليه السلام : ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ﴾ قال ابن جريج ( ت : 150 هـ ): ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ﴾ بقتلي من أجل أنه لا ينبغي لنبيّ أن يقتل حتى يؤمر، ولم يُؤمر[3] ، و هذا العالم السلفي فسر الآية على معناها الحقيقي و أن موسى عليه السلام قد فعل ذلك و ما كان ينبغي له أن يفعله و في قوله تعالى : ﴿ يَامُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴾ قال ابن جريج : لا يخيف الله الأنبياء إلا بذنب يصيبه أحدهم ، فإن أصابه أخافه حتى يأخذه منه[4] . و في قوله تعالى : ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابا ﴾[5] قال مقاتل ( ت : 150 هـ ): أكثر ذكر ربك وَاسْتَغْفِرْهُ من الذنوب إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً للمستغفرين[6] و هذا العالم السلفي فسر الآية على معناها الحقيقي و أن الله يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذكره و الاستغفار من الذنوب . قال الطبري ( ت: 310ه) : (( وقوله ﴿ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ﴾ يقول: وخالف أمر ربه، فتعدّى إلى ما لم يكن له أن يتعدّى إليه، من الأكل من الشجرة التي نهاه عن الأكل منها، وقوله (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) يقول: اصطفاه ربه من بعد معصيته إياه فرزقه الرجوع إلى ما يرضى عنه، والعمل بطاعته ، و ذلك هو كانت توبته التي تابها عليه، وقوله (وَهَدَى) يقول: و هداه للتوبة ، فوفَّقه لها ))[7] و هذا العالم السلفي فسر الآية على معناها الحقيقي و أن آدم عليه السلام قد خالف ما أمره الله به فوقع في المعصية و استغفر و تاب الله عليه . نخلص مما سبق أنه كان من المستقر عند السلف أن الأنبياء قد يقعون في الصغائر فيسارعون في التوبة فيغفر الله لهم . [1] - رواه البخاري في صحيحه رقم 4837 [2] - رواه البخاري في صحيحه رقم 4836 [3] - تفسير الطبري 19/541 [4] - تفسير الطبري 19/432 [5] - النصر الآية 3 [6] - تفسير مقاتل 4/905 [7]- تفسير الطبري 18/388
__________________
قال الإمام البربهاري رحمه الله : اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلَّا بالآخَر... وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع. « شرح السنَّة » للبربهاري (1/ 35) قال أبو بكر المَرُّوْذِي قلت لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- " يا إمام من مات على الإسلام و السنة ، مات على الخير ؟ " قال : ( اسكت ، بل مات على الخير كله ) سير أعلام النبلاء » للذهبي (11/296) |
#6
|
|||
|
|||
فصل : ليس في تجويز وقوع الأنبياء في الصغائر انتقاصا منهم
[align=center]فصل : ليس في تجويز وقوع الأنبياء في الصغائر انتقاصا منهم
[/align] ليس في تجويز وقوع الأنبياء في الصغائر انتقاصا منهم إذ الخطأ من طبع البشر جبلوا عليه ،و الأنبياء بشر غير مجردين من الطبيعة الانسانية وما يعتريها من الشهوات ، و هذه الذنوب التي وقعت منهم هي أمور صغيرة ومعدودة غفرها الله لهم ، وتجاوز عنها ، وطهرهم منها و كفى المرء نبلا أن تعد معايبه .
__________________
قال الإمام البربهاري رحمه الله : اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلَّا بالآخَر... وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع. « شرح السنَّة » للبربهاري (1/ 35) قال أبو بكر المَرُّوْذِي قلت لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- " يا إمام من مات على الإسلام و السنة ، مات على الخير ؟ " قال : ( اسكت ، بل مات على الخير كله ) سير أعلام النبلاء » للذهبي (11/296) |
#7
|
|||
|
|||
فصل : بين تكريم الإسلام للأنبياء و إهانة أهل الكتاب لهم
فصل : بين تكريم الإسلام للأنبياء و إهانة أهل الكتاب لهم إن الناظر لكتب أهل الكتاب يجد أن الأنبياء قد اتصفوا فيها بصفات لا تليق إلا بالفجار و الكفار و قد رموا بكبائر الفواحش المنافية لحسن الأسوة، بل المجرئة على الشرور و المفاسد فنبي الله نوح عليه السلام يسكر و يتعرى : (( وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجاً. فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَتَرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا إِلَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَقَالَ: مَلْعُونٌ كَنْعَانُ. عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِهِ))[1] . وموسى عليه السلام يأمر بني إسرائيل بسرقة ذهب المصريين عند خروجهم من مصر : (( وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ ))[2] . و سليمان عليه السلام يعبد غير الله : (( فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، وَأَوْصَاهُ فِي هَذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبِعَ آلِهَةً أُخْرَى. فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ ))[3] ، وحزقيال عليه السلام يمشي عاريا لأمر الرب : (( فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ: اذْهَبْ وَحُلَّ الْمِسْحَ عَنْ حَقَوَيْكَ وَاخْلَعْ حِذَاءَكَ عَنْ رِجْلَيْكَ. فَفَعَلَ هَكَذَا وَمَشَى مُعَرًّى وَحَافِيا ً))[4] و على الجانب الآخر نجد أن دين الإسلام يحوي ما يليق بالأنبياء و الرسل و لا يحوي ما ينتقص منهم ، و يدعو إلى الإيمان بجميع الرسل و الأنبياء وعدم التفريق بينهم قال تعالى : ﴿ قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾[5] . و قال تعالى : ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُون َ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾[6] . و هذه الصغائر التي جوزها الإسلام على الأنبياء مع عدم إقرارهم عليها لا تزري بمراتبهم ، و لاتقدح فيهم فما وصفهم الإسلام إلا بما فيه كمالهم ، و إذا ابتلي بعض الأكابر بما يتوب منه فذلك لكمال النهاية لا لنقص البداية و العبرة بالخواتيم . [1] - التكوين إصحاح 9 عدد 21 - 25 [2] - الخروج إصحاح 12 عدد 35 - 36 [3] - الملوك ( 1 ) إصحاح 11 عدد 9 - 10 [4] - حزقيال إصحاح 20 عدد 2 [5] - البقرة الآية 136 [6] - البقرة الآية 285
__________________
قال الإمام البربهاري رحمه الله : اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلَّا بالآخَر... وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع. « شرح السنَّة » للبربهاري (1/ 35) قال أبو بكر المَرُّوْذِي قلت لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- " يا إمام من مات على الإسلام و السنة ، مات على الخير ؟ " قال : ( اسكت ، بل مات على الخير كله ) سير أعلام النبلاء » للذهبي (11/296) |
#8
|
|||
|
|||
نتائج البحث
نتائج البحث - الأنبياء معصومون من الكبائر بالإجماع . - جواز وقوع الأنبياء في الصغائر مع عدم الإقرار عليها عند أهل السنة و هو قول معظم الفقهاء و المحدثين والمتكلمين من السلف والخلف . - عصمة الأنبياء من الصغائر هو قول الشيعة و بعض العلماء المتأخرين و المتكلمين كابن عطية و ابن حجر . - غاية أدلة مثبتي عصمة الأنبياء من الصغائر لا تدل على وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء . - عدم لحوق الذم و العقاب بنبي فعل صغيرة و تاب منها فالله يحب التوابين و يحب المتطهرين و من يخالف في هذا فمخالته تستلزم كون النبي لا يتوب إلى الله . - الأنبياء ليسوا ممن يأمرون بالمعروف و لا يفعلونه و ينهون عن المنكر و يفعلونه ماداموا يستغفرون و لا يصرون على فعل الصغائر . - دلالة نصوص الكتاب و السنة على وقوع صغائر من الإنبياء و استغفارهم منها و توبتهم منها و غفران الله لهم . - المستقر عند السلف أن الأنبياء قد يقعون في الصغائر فيسارعون في التوبة فيغفر الله لهم . - عصم الله عز وجل الأنبياء من الكبائر دون الصغائر لحكم عديدة كعدم غلو الناس فيهم و لتأسي الناس بهم في سرعة التوبة عند اقتراف خطيئة . - ليس في تجويز وقوع الأنبياء في الصغائر انتقاصا منهم . - وصفت كتب أهل الكتاب الأنبياء بصفات لا تليق بهم و تزري بمراتبهم بخلاف الإسلام الذي دعى إلى الإيمان بهم جميعا وعدم التفريق بينهم . هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و كتبه ربيع أحمد الخميس 9/12/2010 ميلاديا
__________________
قال الإمام البربهاري رحمه الله : اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلَّا بالآخَر... وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع. « شرح السنَّة » للبربهاري (1/ 35) قال أبو بكر المَرُّوْذِي قلت لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- " يا إمام من مات على الإسلام و السنة ، مات على الخير ؟ " قال : ( اسكت ، بل مات على الخير كله ) سير أعلام النبلاء » للذهبي (11/296) |
#9
|
|||
|
|||
رابط البحث كاملاً مع رابط التحميل لمن أراد >>>> النظر في أدلة عصمة الأنبياء من الصغائر و ترجيح مذهب أهل السنة و الأثر - كتبه الشيخ ربيع أحمد الخميس
__________________
قال الإمام البربهاري رحمه الله : اعلموا أن الإسلام هو السنَّة، والسنَّة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلَّا بالآخَر... وذلك أنَّ السنَّة والجماعة قد أحكما أمر الدين كلِّه وتبيَّن للناس، فعلى الناس الاتِّباع. « شرح السنَّة » للبربهاري (1/ 35) قال أبو بكر المَرُّوْذِي قلت لأبي عبدالله -يعني الإمام أحمد بن حنبل- " يا إمام من مات على الإسلام و السنة ، مات على الخير ؟ " قال : ( اسكت ، بل مات على الخير كله ) سير أعلام النبلاء » للذهبي (11/296) |
أدوات الموضوع | |
|
|