للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
السبيل الى الدراسات الادبية
لي زمن وانا احاول ان انشئ هذه المقالة، ولكن لليراعة احاولها و احكامها ، فتراها تلين وتوافق زمنا، و تحرن و تمتنع طورا .
عشت زمنا من حياتي ، اناظر و اجادل ، و قد تمخض عن هذه الرحلة راي ، و لست اقصد بالراي هنا ما تعارف عليه الناس من التعبير عن خواطرهم و مواقفهم ، حسب ما يستجد من احداث و ما يعرض من عوارض ، بقولهم : " هذا رايي " ، و انما اقصد بالراي ما لا تغيره صروف الزمن و احداث الدهر ، اقصد ذلك الذي يعقد عليه القلب من ايمان ، مفاده ان السبيل لصد العدوان و رد البهتان ، على من يهاجمون ديننا و تراثنا و علومنا ، هو علم من اشرف العلوم الباقية و اكثرها شمولية ، ثم رايت ان اهل زماننا ، و خاصة الجامعيين و المثقفين و من لهم اتصال بعوالم الراي و الفكر و النظر ، عن سبيله معرضين و لطلبته محتقرين ، ثم رايت ان السواد الاعظم من طلبته لا يمرون عليه الا مرور الكرام ، ليس لهم منه حظ الا القراءة و اخذ المعلومة المباشرة ، دون ما اي اطالة للنظر او اعمال الفكر فيه و في اساليب جهابذته و فحوله . كنت يوما اذاكر صديقا ، فقلت له ما معناه : " لو كان الامر بيدي لجعلت علم مصطلح الحديث فرض عين على كل طالب ، و في جميع الشعب و التخصصات ، من الاداب و العلوم الانسانية الى العلوم البحثة " ، و ذلك انه مذ استغنينا عن هذا المنهج النقدي بمناهج غربية، قاصرة مستحدثة لا اصل لها ، ونحن غارقون في الشبهات و الاشاعات و الفتن ، و لا نهتم الا بالشكل و المظهر ، مع الاغراق في التقلييد و التقييد ، فلم نقدم جديدا و لم نطمح لمزيد ، و العلوم ذات طبيعة تراكمية لا تقبل التقييد و التقليد ، و لما فهم اسلافنا هذا الامر و وعوه نتج عنه اكبر ارث ثقافي و حضاري في تاريخ الامم ، و هنا يحضرني كلام للعلامة الاديب عبد الله كنون _ رحمه الله _ قاله في مطلع بحث تحت عنوان " نحن و التراث " قدمه الى المجمع العربي ، قال فيه : "وهناك بالمقابل شعوب وأمم يظهر أنها أصيبت بتخمة التراث فجعلت تتخلص منه وتزهد فيه، وربما تنكرت له، واتخذت من تراث غيرها بديلا منه، وكثيرا ما يحدث ذلك من جهل بقيمة تراثها، أو بباعث الإعجاب بما هو أجنبي عنها مما يجعلها تستقى ماء أجاجا وعندها العذب والفرات... "، فقد اعرضنا عن منهجنا المتكامل، سواء من ناحية نقد الاخبار و تمحيصها وكشف زيفها من صحيحها ، او من ناحية البحث و طرقه ، و اقبلنا على مناهج غريبة علينا و على ثقافتنا و حضارتنا و تاريخنا ، و اردنا بها العزة ، و نسينا ان العزة لا تكون الا بما ارتضاه الله لنا من سنن ، و التاريخ خير شاهد . لا تجد علما من العلوم ، و لا فنا من الفنون ، الا و علم المصطلح حاكم عليه ، فلا يمكن دراسة الحديث او التفسير او العقيدة او اللغة او غيرهم من العلوم و الفنون المرتبطة بالاسلام، من دون اعمال علم المصطلح ، فكل هذه العلوم هي احوج الى علم المصطلح ، بينما هو غني عنها ، فمنزلته من هذه العلوم كمنزلة الرياضيات من الفيزياء و الكيمياء و الهندسة ، فلا يمكن لطالب هذه العلوم ان يستغني عن الرياضيات ، غير ان علم المصطلح اكثر شمولية ، و في هذا كلام يطول لكن موضعه ليس ما نحن فيه . و لم يكن الادب و الدراسات الادبية بدعا من تلك العلوم و الفنون التي يهيمن عليها علم المصطلح ، و لهذا تجد ان من عرضوا للدراسات الادبية ، بعيدا عن هذا العلم ، كانت كتاباتهم اما ضرب من التقرير و النسخ و اللصق ، و هذا لا يمكن اعتباره بحال دراسة ادبية و لا يمكن اعتبار صاحبه اديبا ، او كانت مملوءة بفحش الغلط و غاية الاساءة للاعلام و النصوص . اذا كان مجال الادب ، هو اللفظ و المعنى ، فان مجال الدرسات الادبية يسير وفق خطين متوازيين ، الاول هو الدراسة التاريخية ، و الثاني يقوم على دراسة الاساليب و المعاني و ما يتصل بهما من الولوج الى اسرار و وجدان النفس البشرية ، و لا يمكن لمن يعرض و يتصدر للدراسات الادبية ان يغفل هذا الامر ، و الا ستكون ابحاثه اما ضرب من الخبل او ضرب من التقرير. و لعلك تسألني ، يا صديقي ، ما علاقة ما تقوم عليه الدراسات الادبية بعلم مصطلح الحديث ؟؟ اقول لك : صبرا جميلا ، فجواب سؤالك هو ما سنخوض في بيانه الان و الكشف عنه و اعطاء الامثلة عليه ، عسى الله ان ينفعنا و اياك . يتبع
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
#2
|
|||
|
|||
رد: السبيل الى الدراسات الادبية
لا يمكن اهمال الدراسات التاريخية في مجال الدراسات الادبية ، و ذلك لانها هي الموصلة الى حياة الادباء و العلماء ، و خطبهم و نصوصهم ، و سبيلنا الى هذا هو كتب التاريخ ، و لهذا النوع من التصنيف منهج خاص ، يعلمه اهل هذا الفن و من قام بتتبع و استقراء مناهجهم التي نهجوها في كتبهم ، فاصحاب هذه الكتب يوردون فيها كل ما يصلهم عن المترجم له ، من منبث شعره الى اخمص قدمه ، دون ما اي نوع من النقد لهذه الاخبار الا الشيء اليسير ، و هذا ليس تقصيرا منهم و لا اخلالا بالامانة التي في اعناقهم، و التي تقتضي عليهم نقد الاخبار و تمحيصها لاجل بيان سقيمها من صحيحها و خطئها من صوابها ، و انما هو منهج خاص بكتب التاريخ ، علمه من علمه و جهله من جهله .
و دعني انقل لك شيئا من مساجلة ، جرت بيني و بين احد الاباضية ، حول كلام للحسن البصري – رضي الله عنه _ يطعن فيه في الصحابي الجليل عبد الرحمن بن ابي بكر _ رضي الله عنهما _ ، و يقول عنه انه خبيث ، و عمدته في ذلك ما نقله بعض التاريخية ، فلما بينت له حقيقة التعامل مع هذه الكتب ، و ان ليس كل ما يورده فيها اصحابها صحيح ، رماني بالطعن فيهم و انني اتهمم بمغالطة الناس ، و اضع بين يديك ردي على ما نحله اياه الشيطان مما رماني بي : " اما سؤالي له : و هل قولي ان ليس كل ما فيه صحيح يعني ان فيها مغالطات و اخطاء ؟؟ نعم / لا . الجواب : لا ، ستسالني اخي القارئ ، لماذا قلت لا ؟؟ اجيبك : ان لكل نوع من الكتب منهجه الخاص به ، فالكتب التي اشترطت الصحيح لها منهجها و كتب الثقات لها منهجها و كتب الضعفاء لها منجهما ، و كتب التاريخ و التراجم ( و هي التي نتكلم عنها ) لها ايضا منهجها الخاص بها ، و من منهجها ان مصنفيها يوردون في ترجمة العلم كل ما يصلهم من اخباره ، و تلكم الاخبار قد تكون صحيحة و قد تكون ( ضعيفة ) ، و هذا ليس من المغالطات او الاخطاء في شيء ، لانه لو قلنا انها مغالطات ، فهذا اتهام للمصنف انه دلس على القارئ ، فمثلا لو اشترط المصنف ان لي يوردو الا يخرج في كتابه الا الصحيح ، و وضع لنا ما هو ضعيف و ما هو موضوع متعمدا ذلك فهذه هي المخالطة ، او وضع لنا حديثا ضعيفا ظنه هو صحيح فهذا هو الخطا ، اما في كتب التراجم، فنقول ليس كل ما تتضمنه صحيحا ، لان من منهجها ان يورد فيها مصنفوها كل ما يصلهم ، و قد يبينون حكمه و قد لا يبينون . لكن المحاور و بجهله غفل عن هذا و حمل كلامي ما لا يحتمل " انتهى كلامي ، و قد عمدت فيه الى بعض التصرف اليسير ، تصحيحا و اضافة ، و مثل ما نقل عن الحسن البصري في صحابي جليل ، و غيره من الاخبار ، يحتاج رده او قبوله ، لمنهج النقد الحديثي ، و ذلك لتتبع اسانيد هذه الاقوال لمعرفة صحة نسبتها الى قائلها من عدم صحته ، و كشف زيفها و ما خالطها من اوهام ، ثم تذوقها تذوقا حديثيا لكشف عللها ، سواء على مستوى السند او المتن . فاذا كان هذا هو السبيل الى الدراسة التاريخية في الدراسات الادبية ، فلعلك تسألني ما علاقة علم مصطلح الحديث بالشق الثاني و الذي هو : دراسة الاساليب و المعاني و ما يتصل بهما من الولوج الى اسرار و وجدان النفس البشرية ؟؟ . يتبع
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
#3
|
|||
|
|||
رد: السبيل الى الدراسات الادبية
علم المصطلح يتكون اجمالا من علمين ، كل واحد منها لا يستغني عن الاخر ، و هما : علم الرجال و ما يتصل به من علم الجرح و التعديل ، و علم العلل ، و هذا الاخير ( اي علم العلل ) ، و الذي يقوم على تتبع اقوال و استقرائها، و ذلك لسبر اغوارها و الولوج الى اسرارها ، و هذا يمكن لنا معرفة اسلوب كل كاتب او اديب ، و به نتمكن من نسبة الكلام اليه او نفيه عنه .
و علم العلل هو نفسه الذي سماه الاستاذ الاديب محمود احمد شاكر _ رحمه الله _ " منهج التذوق " ، و حاول التقعيد له في كتابيه الماتعين " اباطيل و اسمار " و " رسالة في الطريق الى ثقافتنا " ، و هو نفسه الذي استعمله في دراسته لشعر ابي العلاء و شعر ابي الطيب المتنبي ، فقد عاش رحمه الله مع شعر هاذين الشاعرين زمنا ، حتى تكونت له ملكة ، سماها التذوق ، مكنته من ان ينسب البيت الشعري الى احد منهما او نفيه عنه ، من اول لحظة يسمعه فيها ، كما مكنته من معرفة غرض كل شاعر او كاتب . و لازيدك من الشعر بيتا و من الامر بيانا ، ساضع بين يديك مقالة كتبتها قبل حين ، حاولت فيها كشف ما اخفاه الاستاذ الاديب في ثنايا كلامه في ما قعده لهذا المنهج، و لكن قبل ذلك فقد وجب علي ان اكشف لك عن امر ، حتى لا تختلط عليك الاشياء ، و هو ان المحدثين من قبل و الاستاذ شاكر من بعد ، حين طبقوا هذا المنهج و حين قعدوا له ، لم يكن قصدهم من هذا المنهج ما يعمد اليه بعض الزنادقة و العلمانيين و يدعون اليه من ازالة القدسية عن النصوص الشرعية و تفكيك اجزائها ، فتتم دراستها بعيدا عن سياقها التاريخي ، لا يا صاحبي ، لم يكن هذا قصدهم ، و انما قصدهم و منهجهم التذوقي كان يقوم على النقيض من هذا ، و سيتبين لك ذلك بعد حين. و اما مقالتي التي حدثك عنها و التي كتب كتبتها تحت عنوان " مقالة في الطريق الى التذوق" ، فهذا نصها : " السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله كتب احد الاخوة _ جزاه الله خيرا _ مقالا حاول فيه الكشف عن منهج التذوق الذي جاء به الاستاذ الامام محمود شاكر _ رحمه الله _ و بين في ما كتب ان مقصود الشيخ بمنهج التذوق هو تحليل النص و تفكيك اجزائه و العيش مع الفاظه و معانيه ، و هذا ما عبر ما عبر عن الامام بقوله : " بدات باعادة قراءة الشعر العربي ، او ما وقع تحت يدي منه على الاصح ، قراءة متأنية طويلة الاناة عند كل لفظ و معنى ، كاني اقلبها بعقلي و اروزهما ( اي : ازنهما مختبرا ) بقلبي ، و اجسهما جسا ببصري و بصيرتي ، و كاني اريد ان اتحسسهما بيدي ، و استنشي ( اي : اشم ) ما يفوح منهما بانفي ، و اسمع دبيب الحياة الخفي فيهما باذني ، ثم اثذوقهما تذوقا بعقلي و قلبي و بصيرتي و اناملي و انفي و سمعي و لساني "1 وبين الاستاذ ان ما يجري على ألسنة الكتاب من قولهم " يتذوق الشعر " و " يتذوق الفن " ليس من مقصوده في شيء . و انا الان احاول عن اكشف لك ماهية هذا المنهج الذي يقصده الشيخ ، و الذي لم يبتدعه ابتداعا بلا سابقة و لا تمهيد ، و انما كان معمولا به عند اسلافنا ، و الشيخ انما اراد التاصيل لهذا المنهج و التقعيد له . هذا المنهج كان يستخدمه السلف في جميع العلوم و الفنون المرتبطة بالاسلام و العربية ، و لكن لم يقعدوا له و انما كان عندهم سليقة ، لان تقعيد العلوم و تدوينها و كشف مناهجها لا يتم الا بعد ان تستوي هذه العلوم على سوقها ، و هذا ما سعى اليه الاستاذ _ رحمه الله _ . ان جميع العلوم الاسلامية ، كانت مرتبطة _ كما اسلفت _ بهذا المنهج ، و لكنه كان من الامور الخفية ، لانه و كما اسلفت كان يعمل به سليقة ، لكن هناك علم و هو من اهم العلوم الاسلامية العربية ، كان يستخدم هذا المنهج بشكل واضح ، و ان لم يقعد له ، و هذا العلم هو (( علم مصطلح الحديث )) ، فكان المنهج الذي يسميه الشيخ ب ( التذوق ) هو المنهج الذي يتم من خلاله التوصل الى علل الحديث ، و لذلك نجد ان علماء الحديث يشيرون الى علل في المتن ، و انه ليس من كلام رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ ، و ذلك من اول لحظة يسمع فيها الحديث ، و عند دراسته يتبين ان الحديث فعلا ضعيف او موضوع . فالجهابدة من المحدثين كانوا يستطيعون كشف العلل و نفي ما ينسب الى رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ انطلاقا من طول معاشرتهم لكلام رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ و كثرة تعاملهم معه ، فنمت لديهم ملكةيستطيعون من خلالها ان يحكموا على المتن الذي يسمعونه ، و انه دون كلام رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ ، و انه منحط عنه في اللفظ و المعنى . و هذا هو نفسه الذي يعبر عنه ما نقله لنا الاستاذ محمود شاكر من كلام عبد القاهر الجورجاني : " و ان الشاعر يسبق في كثير منها الى عبارة يعلم ضرورة انها لا يجيئ في ذلك الا ما هو دونها و منحط عنها " و رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ افصح ولد ادم ، فاذا كلام معين يمكن ان يؤمتي بمثله او ابلغ و اجود منه في اللفظ و المعنى فاعلم انه ليس من كلام رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ في شيء . و ان كنت ، و لابد ، معارضا كلامي ، فانظر _ رحمك الله _ قول الاستاذ : " ففي كل كلام و في ألفاظه ، ولابد ، اثر ظاهر او وسم خفي من نفس قائله ، و ما تنطوي عليه من دفين العواطف و النوازع و الاهواء ........ " 2و هذا مكمل لما قلته لك سابقا ، فالمحدثون يبحثون في المتن بما اوتوا من ملكةالتذوق ، و التي اكتسبوها من طول معاشرتهم لكلام رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ و من كثرة تعاملهم معه و مما علموا من بلاغته _ صل الله عليه و سلم _ و انه لا يمكن ان يؤتى بمثل الفاظه و معانيه ، عن اثر ظاهر او وسم خفي ، ينسبون من خلاله الكلام اليه او ينفونه عنه . ______________________ (1)الرسالة ص : 6 (2) الرسالة ص :15 كتبه عمر أيوب غفر الله له و لوالديه ، يوم السبت29 صفر 1439 ( 18/11/2017)" انتهت المقالة و هي موجودة بقسم اللغة العربية في منتدى انصار السنة يتبع
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين آخر تعديل بواسطة ايوب نصر ، 2018-09-23 الساعة 03:01 AM |
#4
|
|||
|
|||
رد: السبيل الى الدراسات الادبية
علم المصطلح يتكون اجمالا من علمين ، كل واحد منها لا يستغني عن الاخر ، و هما : علم الرجال و ما يتصل به من علم الجرح و التعديل ، و علم العلل ، و هذا الاخير ( اي علم العلل ) ، و الذي يقوم على تتبع اقوال و استقرائها، و ذلك لسبر اغوارها و الولوج الى اسرارها ، و هذا يمكن لنا معرفة اسلوب كل كاتب او اديب ، و به نتمكن من نسبة الكلام اليه او نفيه عنه .
و علم العلل هو نفسه الذي سماه الاستاذ الاديب محمود احمد شاكر _ رحمه الله _ " منهج التذوق " ، و حاول التقعيد له في كتابيه الماتعين " اباطيل و اسمار " و " رسالة في الطريق الى ثقافتنا " ، و هو نفسه الذي استعمله في دراسته لشعر ابي العلاء و شعر ابي الطيب المتنبي ، فقد عاش رحمه الله مع شعر هاذين الشاعرين زمنا ، حتى تكونت له ملكة ، سماها التذوق ، مكنته من ان ينسب البيت الشعري الى احد منهما او نفيه عنه ، من اول لحظة يسمعه فيها ، كما مكنته من معرفة غرض كل شاعر او كاتب . و لازيدك من الشعر بيتا و من الامر بيانا ، ساضع بين يديك مقالة كتبتها قبل حين ، حاولت فيها كشف ما اخفاه الاستاذ الاديب في ثنايا كلامه في ما قعده لهذا المنهج، و لكن قبل ذلك فقد وجب علي ان اكشف لك عن امر ، حتى لا تختلط عليك الاشياء ، و هو ان المحدثين من قبل و الاستاذ شاكر من بعد ، حين طبقوا هذا المنهج و حين قعدوا له ، لم يكن قصدهم من هذا المنهج ما يعمد اليه بعض الزنادقة و العلمانيين و يدعون اليه من ازالة القدسية عن النصوص الشرعية و تفكيك اجزائها ، فتتم دراستها بعيدا عن سياقها التاريخي ، لا يا صاحبي ، لم يكن هذا قصدهم ، و انما قصدهم و منهجهم التذوقي كان يقوم على النقيض من هذا ، و سيتبين لك ذلك بعد حين. و اما مقالتي التي حدثك عنها و التي كتب كتبتها تحت عنوان " مقالة في الطريق الى التذوق" و قد سبق لي نشرها بقسم اللغة العربية في منتدى انصار السنة بتاريخ : السبت29 صفر 1439 ( 18/11/2017) ، فهذا نصها : " السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله كتب احد الاخوة _ جزاه الله خيرا _ مقالا حاول فيه الكشف عن منهج التذوق الذي جاء به الاستاذ الامام محمود شاكر _ رحمه الله _ و بين في ما كتب ان مقصود الشيخ بمنهج التذوق هو تحليل النص و تفكيك اجزائه و العيش مع الفاظه و معانيه ، و هذا ما عبر ما عبر عن الامام بقوله : " بدات باعادة قراءة الشعر العربي ، او ما وقع تحت يدي منه على الاصح ، قراءة متأنية طويلة الاناة عند كل لفظ و معنى ، كاني اقلبها بعقلي و اروزهما ( اي : ازنهما مختبرا ) بقلبي ، و اجسهما جسا ببصري و بصيرتي ، و كاني اريد ان اتحسسهما بيدي ، و استنشي ( اي : اشم ) ما يفوح منهما بانفي ، و اسمع دبيب الحياة الخفي فيهما باذني ، ثم اثذوقهما تذوقا بعقلي و قلبي و بصيرتي و اناملي و انفي و سمعي و لساني "1 وبين الاستاذ ان ما يجري على ألسنة الكتاب من قولهم " يتذوق الشعر " و " يتذوق الفن " ليس من مقصوده في شيء . و انا الان احاول عن اكشف لك ماهية هذا المنهج الذي يقصده الشيخ ، و الذي لم يبتدعه ابتداعا بلا سابقة و لا تمهيد ، و انما كان معمولا به عند اسلافنا ، و الشيخ انما اراد التاصيل لهذا المنهج و التقعيد له . هذا المنهج كان يستخدمه السلف في جميع العلوم و الفنون المرتبطة بالاسلام و العربية ، و لكن لم يقعدوا له و انما كان عندهم سليقة ، لان تقعيد العلوم و تدوينها و كشف مناهجها لا يتم الا بعد ان تستوي هذه العلوم على سوقها ، و هذا ما سعى اليه الاستاذ _ رحمه الله _ . ان جميع العلوم الاسلامية ، كانت مرتبطة _ كما اسلفت _ بهذا المنهج ، و لكنه كان من الامور الخفية ، لانه و كما اسلفت كان يعمل به سليقة ، لكن هناك علم و هو من اهم العلوم الاسلامية العربية ، كان يستخدم هذا المنهج بشكل واضح ، و ان لم يقعد له ، و هذا العلم هو (( علم مصطلح الحديث )) ، فكان المنهج الذي يسميه الشيخ ب ( التذوق ) هو المنهج الذي يتم من خلاله التوصل الى علل الحديث ، و لذلك نجد ان علماء الحديث يشيرون الى علل في المتن ، و انه ليس من كلام رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ ، و ذلك من اول لحظة يسمع فيها الحديث ، و عند دراسته يتبين ان الحديث فعلا ضعيف او موضوع . فالجهابدة من المحدثين كانوا يستطيعون كشف العلل و نفي ما ينسب الى رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ انطلاقا من طول معاشرتهم لكلام رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ و كثرة تعاملهم معه ، فنمت لديهم ملكةيستطيعون من خلالها ان يحكموا على المتن الذي يسمعونه ، و انه دون كلام رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ ، و انه منحط عنه في اللفظ و المعنى . و هذا هو نفسه الذي يعبر عنه ما نقله لنا الاستاذ محمود شاكر من كلام عبد القاهر الجورجاني : " و ان الشاعر يسبق في كثير منها الى عبارة يعلم ضرورة انها لا يجيئ في ذلك الا ما هو دونها و منحط عنها " و رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ افصح ولد ادم ، فاذا كلام معين يمكن ان يؤمتي بمثله او ابلغ و اجود منه في اللفظ و المعنى فاعلم انه ليس من كلام رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ في شيء . و ان كنت ، و لابد ، معارضا كلامي ، فانظر _ رحمك الله _ قول الاستاذ : " ففي كل كلام و في ألفاظه ، ولابد ، اثر ظاهر او وسم خفي من نفس قائله ، و ما تنطوي عليه من دفين العواطف و النوازع و الاهواء ........ " 2و هذا مكمل لما قلته لك سابقا ، فالمحدثون يبحثون في المتن بما اوتوا من ملكةالتذوق ، و التي اكتسبوها من طول معاشرتهم لكلام رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ و من كثرة تعاملهم معه و مما علموا من بلاغته _ صل الله عليه و سلم _ و انه لا يمكن ان يؤتى بمثل الفاظه و معانيه ، عن اثر ظاهر او وسم خفي ، ينسبون من خلاله الكلام اليه او ينفونه عنه . ______________________ (1)الرسالة ص : 6 (2) الرسالة ص :15 " يتبع
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
#5
|
|||
|
|||
رد: السبيل الى الدراسات الادبية
و ما يزيدني اطمئنانا لرايي الذي انشأت هذا البحث لاجله ، هو كلام وجدته لامام من ائمة الشأن و فحل من فحولته ، و هو الامام الذهبي _ رحمه الله _ ، و الذي قال في ترجمة الجاحظ ، و هو علم اخر من اعلام اللغة و الادب ، : ( وله كتاب " الحيوان " سبع مجلدات ، وأضاف إليه كتاب " النساء " وهو فرق ما بين الذكر والأنثى ، وكتاب " البغال " وقد أضيف إليه كتاب سموه كتاب " الجمال " . ليس من كلام الجاحظ ، ولا يقاربه . )، وانظر قوله " ليس من كلام الجاحظ و لا يقربه " ، فهذا هو الذي يقصده الاستاذ محمود شاكر ، و يسميه " منهج التذوق " ، و الذي اصل له و قعد في كتابيه " اباطيل و اسمار " و " رسالة في الطريق الى ثقافتنا " ، و طبقه على الشعر الجاهلي و شعر المتنبي و ابي العلاء ، فهو كان معمولا به عند القدماء من علمائنا ، و خاصة المحدثين منهم ، و لكن لكن لم يقعدوا له و انما كان عندهم سليقة ، لان تقعيد العلوم و تدوينها و كشف مناهجها لا يتم الا بعد ان تستوي هذه العلوم على سوقها.
و اما ما حدثك به من ان جهابدة المحدثين و الاستاذ محمود شاكر _ رحمة الله عليهم اجمعين _ لم يكن قصدهم ما يحاول بعد المتهوكين المتنطعين اليوم الدعوة اليه ، من دراسة النصوص الشرعية بعد ازالة القدسية عنها و تفكيك اجزائها و عزلها عن سياقها ، و انما كان قصدهم و منهجهم على طرف النقيض معه ، فان دليله ما نقله الاستاذ رحمه الله من قول الامام الجرجاني: " و ان الشاعر يسبق في كثير منها الى عبارة يعلم ضرورة انها لا يجيئ في ذلك الا ما هو دونها و منحط عنها "، و هذا يستحيل معرفته بتفكيك النص و عزله عن سياقه ، بل ان النص ، شعرا كان او نثرا ، اذا قمنا بتفكيك اجزائه و عزلناه عن سياقه ، لاصبح كله باطلا و لو كان كله حقا ، و ارجع الى تعليقي على كلام الامام الجرجاني _ رحمه الله _ حتى تظهر لك الصورة و تعلم المراد مما اصطلح عليه ب " منهج التذوق " و زيادة في البيان ، انظر قول الاستاذ نفسه: " ففي كل كلام و في ألفاظه ، ولابد ، اثر ظاهر او وسم خفي من نفس قائله ، و ما تنطوي عليه من دفين العواطف و النوازع و الاهواء ........ " انتهى فهل بعد تفكيك اجزاء النص و عزله عن سياقة ، يبقى فيه اثر ظاهر او وسم خفي من نفس قائله و ما يضطرب في صدره مما يمكن ان يدل عليه ؟؟؟ هذا ، و قد حاولت ان ابين لك عما يخالج نفسي و يضرب في صدري ، مما يتصل بهذا الموضوع ، و قد حرصت جهدي في البيان ، و بقيت اشياء كثيرة اجد معانيها في صدري ، اما لعجز مني منعني من الافصاح عنها او لضيق الوقت ، و اقول قولي هذا و استغفر الله لي و لك . امين ، امين ، امين انتهيت منه يوم السبت 6 ذو الحجة 1439 (18/08/2019)
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
أدوات الموضوع | |
|
|