للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الهدهد يتحدث / إعداد: د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
الهدهد يتحدث إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي القسم الأول من القضايا الجوهرية في الحكم على عظمة هذا القرآن، طريقة اختيار الحروف وخصائصها ومواضعها. فليس الأمر عشوائيًّا، أو شيئًا لا فائدة منه كما يتوهّم بعضهم. كما أن الأمر ليس مسألة تكرارات وترتيبها في قائمة الحروف الهجائية فحسب، بل إن موقع كل حرف من الحروف محدد بميزان الخبير العليم لا يتقدّم عنه ولا يتأخر.
وإن دائرة المنظومة الرقمية القرآنية أوسع مما يمكن أن يتصوّر العقل البشري، فهي على تشعُّبها وتنوُّعها تستوعب العديد من الأوجه. وإنَّ مواقع علامات التشكيل والتنقيط في القرآن ليست عشوائية.. وإنما هي محسوبة بدقة ووفق نظام رقمي معجز! وإن النظام الرقمي القرآني يقوم على حركة الحرف وحظّه من التنقيط! وإن المدلولات الرقمية للحرف الواحد في القرآن متشعّبة ومتعدّدة الوجوه، ومن عظمة البناء الرقمي للقرآن أنه يأخذها كلها في الحسبان.. في آن واحد، حتى تحتار من أي مدلول تبدأ! ومن أي مدلول تنطلق! فطوال الفترة التي انشغلت فيها بعلم العدد في القرآن العظيم ينتابني شعور عجيب! أشعر وكأني في قلب محيط لا ساحل له، ولا أدري كيف أبحر، وإلى أين أتوجَّه! وحتى تحس معي بهذا الشعور، وتعيش معي هذا الإحساس الذي لازمني سنوات مع عمري أدعوك لتشهد معي أحد أروع المشاهد القرآنية.. حديث الهدهد! فتأمّل هذه الآية من سورة النمل: { إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوْتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)} حرف الشين لم يرد منونًا بالضم (شٌ) إلا في هذا الموضع فقط في القرآن بالكامل! إنه في حديث الهدهد مع نبي اللَّه سليمان بن داوود -عليهما السلام-. لفظ { عَرْش } بالمفرد ورد في القرآن 26 مرّة. ولفظ { عَرْشٌ } في هذه الآية هو التكرار رقم 13 لهذا اللفظ من بداية المصحف. ورد لفظ { عَرْش } بعد هذه الآية وحتى نهاية المصحف 13 مرّة. مجموع الترتيب الهجائي لأحرف لفظ { عَرْش } = 41، وهذا العدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 13 وفي جميع الحالات فإن العدد 13 يشير إلى ترتيب حرف الشين في قائمة الحروف الهجائية! تأمّل.. لقد ورد ذكر { الْعَرْش } ومقصود به غير عرش الرحمن سبحانه وتعالى لأوّل مرّة في هذه الآية من سورة يوسف: { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)} العرش المشار إليه في هذه الآية هو عرش يوسف -عليه السلام-. والآن كم تتوقع أن يكون عدد حروف هذه الآية التي أمامك؟ لا تفكّر كثيرًا.. عدد حروفها 169 حرفًا، وهذا العدد = 13 × 13 تأمّل عظمة النسيج الرقمي القرآني، وكيف يجمع بين حروف القرآن وألفاظه مهما تباعدت المسافة بينها. نعود إلى عرش بلقيس ونتأمّل: { إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوْتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)} [النمل] حرف الشين الأخير في هذه الآية هو التكرار رقم 1296 لحرف الشين من بداية المصحف، وهذا العدد 1296 يساوي 9 × 9 × 16 الآية رقم 23 هي أوّل آية في سورة النمل يرد فيها حرف الشين مرّتين! بعد حرف الشين الأخير في هذه الآية حتى نهاية المصحف تكرّر حرف الشين 828 مرّة، وهذا العدد يساوي 9 × 23 × 4 حرف الشين الأخير في هذه الآية هو التكرار رقم 9 لحرف الشين من بداية سورة النمل! الآية رقمها 23، وهذا العدد أوّلي ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 9 حرف الشين في هذه الآية ترتيبه رقم 38 من بدايتها: وأوّل مرّة يرد في القرآن ورد في الآية السابعة من سورة البقرة وفي ترتيب الحرف رقم 38 أيضًا! { خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوْبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)} في الآية الأولى جاء حرف الشين بعد 9 كلمات من بداية الآية! في الآية الثانية جاء حرف الشين في الكلمة التي ترتيبها رقم 9 لماذا الرقم 9؟! وما هي علاقته بحرف الشين؟! الإجابة عن هذا السؤال تمثل دليلًا حاسمًا على أن موقع كل حرف من حروف القرآن محدد بطريقة معجزة! وللإجابة عن هذا السؤال، تأمّل أين جاء أكبر تكرار لحرف الشين في آية واحدة في القرآن: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ منْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُوْنَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيْرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)} [البقرة] تكرّر حرف الشين في هذه الآية، وهي آية الدين 9 مرّات! احتل حرف الشين في هذه الآية مواقع محسوبة بدقّة فائقة! فتأمّل أين جاء حرف الشين: جاء حرف الشين للمرّة الأولى في الكلمة التي ترتيبها رقم 35 من بداية الآية { شَيْئًا }. جاء حرف الشين للمرّة الثانية في الكلمة التي ترتيبها رقم 53 من بداية الآية { وَاسْتَشْهِدُوا }. جاء حرف الشين للمرّة الثالثة في الكلمة التي ترتيبها رقم 54 من بداية الآية { شَهِيدَيْنِ }. جاء حرف الشين للمرّة الرابعة في الكلمة التي ترتيبها رقم 66 من بداية الآية { الشُّهَدَاءِ }. جاء حرف الشين للمرّة الخامسة في الكلمة التي ترتيبها رقم 75 من بداية الآية { الشُّهَدَاءُ }. جاء حرف الشين للمرّة السادسة في الكلمة التي ترتيبها رقم 93 من بداية الآية { لِلشَّهَادَةِ }. جاء حرف الشين للمرّة السابعة في الكلمة التي ترتيبها رقم 109 من بداية الآية { وَأَشْهِدُوا }. جاء حرف الشين للمرّة الثامنة في الكلمة التي ترتيبها رقم 116 من بداية الآية { شَهِيدٌ }. جاء حرف الشين للمرّة التاسعة في الكلمة التي ترتيبها رقم 128 من بداية الآية { شَيْءٍ }. وكما ترى، فقد جاء حرف الشين في آية الدين 9 مرّات في 9 كلمات. أطول كلمة في هذه الكلمات التسع هي كلمة { وَاسْتَشْهِدُوا } عدد أحرفها 9 أحرف!! مجموع تراتيب هذه الكلمات التسع من بداية الآية 729، وهذا العدد = 9 × 9 × 9 جاء حرف الشين في آية الدين في 9 كلمات مجموع حروفها 54 حرفًا، وهذا العدد = 9 × 6 والآن تأمّل وتعجّب! تكرّر حرف الشين في آية الدين 9 مرّات، وهذا العدد = 3 × 3 ورد حرف الشين في آية الدين في 9 كلمات، وهذا العدد = 3 × 3 مجموع تراتيب الكلمات التي ورد بها حرف الشين هو 729، وهذا العدد = 3 × 3 × 3 × 3 × 3 × 3 مجموع حروف الكلمات التي ورد بها حرف الشين هو 54، وهذا العدد = 3 × 3 × 3 + 3 × 3 × 3 تأمّل.. فهل ترى غير الرقم 3!! الآن ما هي علاقة هذه الآية بآية الهدهد في سورة النمل؟! { إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)} سورة النمل ترتيبها في المصحف رقم 27، وهذا العدد = 3 × 3 × 3 تكرّر اسم { اللَّه } في سورة النمل 27 مرّة، وهذا العدد = 3 × 3 × 3 سورة النمل تبدأ بحرف الطاء، وهذا الحرف تكرّر في سورة النمل 27 مرّة، وهذا العدد = 3 × 3 × 3 حرف الواو ترتيبه الهجائي رقم 27 أي 3 × 3 × 3، وهذا الحرف تكرّر في سورة النمل 333 مرّة! تأمّل.. فهل ترى غير الرقم 3 بل هناك ما هو أعجب من ذلك! دعني استخرج لك الكلمات التسع، التي احتضنت حرف الشين في آية الدين: { شَيْئًا } - { وَاسْتَشْهِدُوا } - { شَهِيدَيْنِ } – { الشُّهَدَاءِ } - { الشُّهَدَاءُ } - { لِلشَّهَادَةِ } – { وَأَشْهِدُوا } - { شَهِيدٌ } - { شَهِيدٌ } - { شَيْءٍ } هذه هي الكلمات التسع ويمكنك أن تتأكد منها!! والآن تأمّل.. مجموع تكرار أحرف لفظ { الْهُدْهُد } الستة في الكلمات التسع 42 مرّة!! الآن ماذا يعني لك العدد 42؟! العدد 42 هو عدد حروف آية سورة النمل: { إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوْتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)} يمكنك أن تتأكد الآن!! وكما تلاحظ فإن جميع حروف الآية، وعددها 42 حرفًا من حديث الهدهد مع سليمان عليه السلام!! يتبع القسم الثاني |
#2
|
|||
|
|||
الهدهد يتحدث / إعداد: د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي ق2
الهدهد يتحدث إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي القسم الثاني حديث الهدهد..
هذا يدفعنا إلى التوقّف مليًّا عند حديث الهدهد في سورة النمل: { أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوْتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)} تأمّل جيِّدًا حديث الهدهد مع نبي اللَّه سليمان -عليه السلام-. جاء حديث الهدهد في 5 آيات مجموع أرقامها 120 جاء حديث الهدهد في 60 كلمة مجموع حروفها 240 حرفًا! جاء حديث الهدهد في 60 كلمة مجموع النقاط على حروفها 120 نقطة! تأمّل يا رعاك اللَّه.. جاء حديث الهدهد في 60 كلمة! مجموع أرقام الآيات التي جاء فيها حديث الهدهد هو 120 وهذا العدد = 60 + 60 جاء حديث الهدهد في 240 حرفًا، وهذا العدد = 60 + 60 + 60 + 60 مجموع النقاط على كلمات الهدهد 120 نقطة، وهذا العدد = 60 + 60 عجيب! مجموع أرقام الآيات التي تضمّنت حديث الهدهد (120) = ضعف مجموع كلماته (60)! مجموع الحروف التي نطق بها (240) = ضعف مجموع أرقام الآيات التي تضمّنت حديثه (120)! ما رأيك في هذا التناسق العجيب! أيظن أحدهم أنه جاء هكذا عرضًا من دون تدبير محكم! إذا تأملت نمط تكرار الحروف في حديث الهدهد ترى عجبًا! فتأمّلوا إذًا عجائب تكرار الحروف في حديث الهدهد.. تأمّل { قُرْآن }: تكرّرت أحرف لفظ { قُرْآن } في حديث الهدهد 60 مرّة!! ماذا تقول في ذلك! بل أعجب من ذلك!! ورد لفظ { نَبَأ } في حديث الهدهد: { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ }! و { النّبَأ } أحد أسماء القرآن! والآن تأمّل.. تكرّرت أحرف لفظ { نَبَأ } في حديث الهدهد 60 مرّة!! معلوم أن { الكِتَاب } هو أحد أسماء القرآن! والآن تأمّل.. تكرّرت أحرف لفظ { كِتَاب } في حديث الهدهد 60 مرّة!! الآن قف وتأمّل.. جاء حديث الهدهد في 60 كلمة! مجموع أرقام الآيات التي جاء فيها حديث الهدهد هو 120، وهذا العدد = 60 + 60 جاء حديث الهدهد في 240 حرفًا، وهذا العدد = 60 + 60 + 60 + 60 مجموع النقاط على الحروف التي نطق بها الهدهد 120 نقطة، وهذا العدد = 60 + 60 أحرف لفظ { قُرْآن } تكرّرت في حديث الهدهد 60 مرّة!! أحرف لفظ { كِتَاب } تكرّرت في حديث الهدهد 60 مرّة!! أحرف لفظ { نَبَأ } تكرّرت في حديث الهدهد 60 مرّة!! تأمّل اسم { اللَّه }: وردت أحرف اسم { اللَّه } في حديث الهدهد 112 مرّة!! ماذا يعني لك هذا العدد؟ العدد 112 هو ترتيب سورة الإخلاص في المصحف! في هذه السورة ورد اسم { اللَّه } للمرّة الأخيرة في المصحف! ولكن لماذا تجّلت سورة الإخلاص من نمط تكرار حروف حديث الهدهد؟! للإجابة عن هذا السؤال تأمّل الكلمات التي ختم بها الهدهد حديثه: { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)} والآن يمكنك أن تقارن هذه الكلمات مع موضوع سورة الإخلاص!! هذه الآية عدد كلماتها 8، ورقمها 26، ومجموعهما 34 34 هو عدد السجدات المفروضة في اليوم واللّيلة! ولا تنسَ أن هناك سجدة تلاوة في نهاية هذه الآية، أي في نهاية حديث الهدهد! الآن تأمّل الكلمات التي ختم بها الهدهد حديثه: { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)} هذه الكلمات تحمل مضمون سورة الإخلاص نفسها! بل إذا تأملت هذه الكلمات تجدها جاءت من 27 حرفًا! 27 هو تكرار اسم { اللَّه } في سورة النمل حيث جاء حديث الهدهد!! تأمّل (بلقيس)! تكرّرت أحرف اسم (بلقيس)، في حديث الهدهد 63 مرّة! احتفظ بهذا العدد وتابع.. تأمّل { سُلَيْمَان }! تكرّرت أحرف اسم { سُلَيْمَان } الستة في حديث الهدهد 126 مرّة! تأمّل وتعجب مع الهدهد! أحرف اسم (بلقيس) تكرّرت في حديث الهدهد 63 مرّة! أحرف اسم { سُلَيْمَان } تكرّرت في حديث الهدهد 126 مرّة، وهذا العدد = 63 + 63 لاحظ أن الهدهد لم ينطق باسم أيٍّ من { سُلَيْمَان } أو بلقيس! وكقاعدة عامة في النظام الرقمي القرآني، فإن كل ما سكتت عنه الألفاظ أفصحت عنه الأرقام! تأمّل { سَبَأ }! تكرّرت أحرف لفظ { سَبَأ } الثلاث في حديث الهدهد 51 مرّة! الآن اكتملت الصورة فتأمّل.. أحرف اسم ملكة سبأ (بلقيس) تكرّرت في حديث الهدهد 63 مرّة! أحرف لفظ { سَبَأ } تكرّرت في حديث الهدهد 51 مرّة! مجموع العددين 63 + 51 يساوي 114 وهذا هو عدد سور القرآن! الآن ما رأيك في حديث الأرقام!! تأمّل أوّل كلمة نطق بها الهدهد { أَحَطتُ }! تكرّرت أحرف { أَحَطتُ } في حديث الهدهد 54 مرّة! ماذا يعني لك هذا العدد؟ العدد 54 هو عدد آيات سورة سبأ! وهذه الحقيقة ما رأيك فيها؟! يتبع القسم الثالث والأخير |
#3
|
|||
|
|||
الهدهد يتحدث / إعداد: د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي ق3
الهدهد يتحدث إعداد: الدكتور أحمد مُحمَّد زين المنّاوي القسم الثالث والأخير بعدما انتهى الهدهد من حديثه رد عليه سليمان -عليه السلام- بهذه الكلمات: { قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)} فتلقت بلقيس كتاب سليمان عليه السلام الذي جاء فيه: { إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوْا عَلَيَّ وَأْتُوْنِي مُسْلِمِينَ (31) ولنا هنا وقفة مهمة! الآية الأولى عدد كلماتها 8 كلمات، بما يماثل تكرار اسم { اللَّه } في سورة سبأ! الآية الأولى عدد حروفها 34 حرفًا، بما يماثل ترتيب سورة سبأ في المصحف! النصف الثاني من الآية الأولى هي البسملة: { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ }! ولم ترد البسملة كآية في القرآن إلا في هذا الموضع، وفي سورة الفاتحة فقط! الآن نتأمّل معًا كلمات البسملة الأربع في حديث الهدهد: تكرّرت أحرف لفظ { بِسْمِ } في حديث الهدهد 35 مرّة. تكرّرت أحرف اسم { اللَّه } في حديث الهدهد 112 مرّة. تكرّرت أحرف صفة { الرَّحْمَن } تكرّرت في حديث الهدهد 111 مرّة. تكرّرت أحرف صفة { الرَّحِيْم } تكرّرت في حديث الهدهد 113 مرّة. مجموع تكرار حروف كلمات البسملة الأربع هو 371، وهذا العدد = 7 × 53 7 هو عدد آيات سورة الفاتحة (السبع المثاني)! 53 هو مجموع تكرار أحرف اسم { اللَّه } في سورة الفاتحة! تأمّل كيف تتحدث الأرقام!! وهذا واحد من آلاف الأدلّة التي تؤكد أن البسملة آية من الفاتحة! تأمّل ملخص كتاب سليمان -عليه السلام- إلى ملكة سبأ: { أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُوْنِي مُسْلِمِينَ (31)} 23 حرفًا بعدد أعوام الوحي!! أود أن أعرض عليك أمرًا عجيبًا! فدعني إذًا أحضر لك مجمل ما قاله الهدهد مرّة أخرى: { أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوْتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)} { إِنِّي وَجَدتُّ }! الهدهد وهو يخاطب سليمان عليه السلام ويقول له: { إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ }! تأمّل أوّل كلمتين.. { إِنِّي وَجَدتُّ }! تكرّرت أحرف لفظ { إِنِّي وَجَدتُّ } في حديث الهدهد 114 مرّة! بعدد سور القرآن! وقد رأيت قبل قليل كيف تكرّرت أحرف لفظ { سَبَأ } في حديث الهدهد 51 مرّة. وكيف تكرّرت أحرف اسم (بلقيس) في حديث الهدهد 63 مرّة! ومجموع العددين 63 + 51 يساوي 114 عدد سور القرآن! { امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ }! الآن دعني أعرض عليك أهم من ذلك كله! فتأمّل كيف تكرّرت أحرف الكلمة الأولى { امْرَأَةً } في حديث الهدهد: هذه هي أحرف { امْرَأَةً } تكرّرت في حديث الهدهد 102 مرّة، وهذا العدد = 34 × 3 والآن تأمّل كيف تكرّرت أحرف الكلمة الثانية { تَمْلِكُهُمْ } في حديث الهدهد: تكرّرت أحرف { امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ } في حديث الهدهد 102 مرّة، وهذا العدد = 34 × 3 يكفي أن أشير فقط إلى أن المرأة التي يعنيها الهدهد بحديثه { امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ } هي ملكة سبأ، وأن سورة سبأ هي السورة رقم 34 في ترتيب المصحف! سبحانك ربي.. كل شيء محسوب بدقة! الآيات والكلمات والحروف وكل شيء! هل تعجّبت من ذلك؟! الآن دعني أبيّن لك أمرًا مهمًّا جدًّا أخفيته عنك! تعمّدت أن أخفيه عنك طوال الرحلة، وذلك حتى لا أشوّش عليك الاستمتاع بحديث الهدهد! فانتبه جيِّدًا.. الإملائي والعثماني.. إن العديد من المشاهد التي توقّفت عندها وتعجبّت منها تتلاشى تمامًا مع الرسم العثماني للمصحف، ويمكنك أن تقارن بين هذه الكلمات من حديث الهدهد بالرسم العثماني: { ٱلشَّيطَٰنُ } ـ { أَعمَٰلَهُم } ـ { ٱلسَّمَٰوَٰتِ }! وهذه الكلمات نفسها بحسب قواعد الإملاء الحديثة: { الشَّيْطَانُ } ـ { أَعْمَالَهُمْ } ـ { السَّمَاوَاتِ }! هذا لا يعني أن نظم حديث الهدهد بحسب الرسم العثماني للمصحف غير معجز، بل هو على ذات الدرجة من الروعة والإتقان ولكن بوجه آخر غير الوجه الذي عرضته عليك! وليس هنا مكانه! والآن ما رأيك في الذين يطالبون المسلمين بالنظر للقرآن من خلال الرسم العثماني وحده؟! هؤلاء فات عليهم أن القرآن الكريم نزل ملفوظًا ولم ينزل مكتوبًا، والحكمة من ذلك حتى يكون مُعجزًا في لفظه ونظمه لكل الأزمنة والأجيال، وحتى يتفوَّق على أفضل ما توصل إليه البشر، في كل عصر. وقواعد الإملاء الحديثة هي أفضل ما توصّل إليه علماء اللغة في رسم الكلمة العربية! وكون نظم القرآن معجزًا بحسب قواعد الإملاء الحديثة فهو أبلغ حجة وأثبت برهانًا من كونه معجزًا بحسب الرسم العثماني، لأن قواعد الإملاء الحديثة جاءت بعد قرون من انقضاء الوحي، وفي ذلك الحجّة البالغة والدليل الحاسم على أن نظم هذا القرآن لا يمكن أن يكون إلا من عند عالم الغيب وحده سبحانه وتعالى. المنقوط وغير المنقوط.. تأمّل حديث الهدهد للمرّة الأخيرة: { أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوْتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26)} تذكّر.. حرف الشين لم يرد منونًا بالضم (شٌ) في القرآن كله إلا في حديث الهدهد فقط!! حرف الشين المنوّن بالضم (شٌ) جاء ترتيبه رقم 28 بين الحروف المنقوطة من بداية حديث الهدهد! الحروف المنقوطة في حديث الهدهد 78 حرفًا! 28 هو عدد الحروف الهجائية! 78 هو مجموع تكرار الحروف المقطّعة في القرآن! 78 هو مجموع حروف أوّل ما نزل من القرآن! تأمّل.. الحروف المنقوطة في حديث الهدهد 78 حرفًا، وهذا العدد = 13 × 6 مجموع النقاط على الحروف التي نطق بها الهدهد 120 نقطة، وهذا العدد = 114 + 6 13 هو ترتيب حرف الشين في قائمة الحروف الهجائية! 6 هو ترتيب العدد 13 في قائمة الأعداد الأوّلية! تأمّل أوّل أحرف كلمة { يَسْجُدُونَ } وهو حرف الياء! هذا الحرف ترتيبه رقم 34 بين الحروف المنقوطة من بداية حديث الهدهد! 34 هو بالفعل عدد السجدات المفروضة في اليوم والليلة! 34 هو أيضًا ترتيب سورة سبأ في المصحف! تأمّل أوّل أحرف كلمة { يَسْجُدُوا } وهو حرف الياء! هذا الحرف ترتيبه رقم 54 بين الحروف المنقوطة من بداية حديث الهدهد! 54 هو عدد آيات سورة سبأ!! كلمة { يَسْجُدُونَ } تبدأ بحرف الياء، وكذلك كلمة { يَسْجُدُوا }! حرف الياء تكرّر في حديث الهدهد 17 مرّة، وحاصل جمع 17 + 17 يساوي 34 عدد السجدات المفروضة في اليوم واللّيلة! تأمّل وتعجب مع الهدهد! ورد لفظ السجود في حديث الهدهد مرّتين { يَسْجُدُونَ } ـ { يَسْجُدُوا }. أوّل أحرف { يَسْجُدُونَ } ترتيبه رقم 34 بين الحروف المنقوطة من بداية حديث الهدهد! أوّل أحرف { يَسْجُدُوا } ترتيبه رقم 54 بين الحروف المنقوطة من بداية حديث الهدهد! 34 هو ترتيب سورة سبأ في المصحف، و54 هو عدد آياتها!! قف وتأمّل.. تأمّل هذه العلاقات المتشابكة والمذهلة، على مستوى السورة والآية والكلمة والحرف وحركته وحظه من النقاط، يأخذها القرآن العظيم كلها في الاعتبار مع الانتباه إلى أن هناك متغيّرات أخرى عديدة ومتعددة لم نتطرَّق لها.. وأخرى أكثر منها لا نعلم بها! بل أكاد أجزم بأننا لا نعلم من النسيج الرقمي القرآني شيئًا! ولا نرى من هذا النسيج الرقمي المذهل إلا بقدر ما نرى من ملكوت اللَّه بأعيننا المجرّدة! فما هو إحساسك وأنت ترى بصيصًا من هذا الوجه من وجوه إعجاز القرآن؟! ألا تزداد سعادتك بأن اللَّه عزّ وجلّ قد خصّك أنت دون غيرك في هذا الزمان بهذا الوجه من وجوه إعجاز القرآن؟! هذا الذي تراه يُعرض لأوّل مرّة لك أنت أيها المسلم لتزداد إيمانًا على إيمانك! فقد رأيت في هذا المشهد كيف أن حروف القرآن وحظها من النقاط تشكِّل منظومة رقمية غاية في الدقة والإتقان! وكيف تتناغم هذه الحروف في إيقاع رقمي قمّة في الروعة والجمال! وهدفنا من ذلك كلّه أن نزيد من حبك للقرآن، وأن نزيد من اعتزازك وتمسّكك به. --------------------------------------------------------------------- المصدر: مصحف المدينة المنوّرة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة). انتهى القسم الثالث والأخير بتصرف بسيط عن موقع طريق القرآن |
#4
|
|||
|
|||
حديث الهدهد / إعداد: د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي
حديث الهدهد إعداد: الدكتور أحمد محمد زين المنّاوي في زمن بعيد.. في القرن العاشر قبل الميلاد.
أراد الله تعالى الهداية لقوم يسجدون للشمس من دونه.. فسخّر لهم طائرًا ذكيًّا.. نعم.. مجرد طائر! { ... وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ... (31)} [المدثر]! إنه الهدهد الذي نقل إلى نبي الله سليمان –عليه السلام- ما شاهده بدقّة الأمر الذي جعل سليمان –عليه السلام- يعدّ لكل شيء عدّته، فتكون النتيجة إسلام بلقيس ملكة سبأ وقومها. فقد أخبرنا القرآن كيف أن الله عزّ وجلّ أراد الهداية لملكة سبأ وقومها، قبل ثلاثة آلاف عام من الآن، فسخّر لهم طائر الهدهد فعرف على الوجه الأكمل مكانهم وحالهم وما هم عليه من ضلال. وقد ترتّب على عمل الهدهد في ذلك الزمان الغابر تحوّل مجتمع بأكمله من الكفر إلى الإسلام. فهل يا ترى سوف ينجح الهدهد في هذا الزمان في أداء ذلك الدور نفسه؟! في هذا الزمان الذي لا يؤمن أهله إلا بما هو مدرك محسوس من الأمور! فكم غافل عن الحق خادع نفسه بالظنون والأوهام في هذا الزمان.. وكم نفس بشرية تموت كل يوم على غير هُدى الإسلام. حقيقة مؤلمة أن يموت في كل يوم، بل وفي كل ساعة، آلاف البشر وهم على غير دين الحق! عشرات الملايين يرحلون من هذه الدنيا في كل عام وهم كافرون مكذبون بهذا القرآن العظيم! فهل يا ترى يستطيع أن يفعل الهدهد شيئًا للحد من هذا النزيف البشري المستمر؟! سوف نعود بعقارب الساعة إلى الوراء ثلاثة آلاف عام، وسوف نحاول استنطاق هذا الطائر العجيب مرّة أخرى، ليس من خلال منطق الطير، ولكن عبر منطق علمي ورقمي مزدوج يناسب أهل هذا الزمان واهتمامهم. ولذلك سوف يكون الهدهد هو ضيف الشرف في هذا المشهد القرآني العظيم، ليقدّم لنا الدليل الحاسم على أن هذا القرآن هو وحي من عند الله عزّ وجلّ! يقول الله تعالى في محكم تنزيله: { وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) (26)} [النمل] تحكي هذه الآيات الكريمات جانبًا من قصة سليمان –عليه السلام- وهو أحد أنبياء بني إسرائيل عاش في القرن العاشر قبل الميلاد، وقد آتاه الله ملكًا عظيمًا لم يكن ولن يكون لأحد من بعده، وسخّر له الجن والريح والدواب والطيور. وبينما لا يزال علماء اليوم يتوقون في إلحاح إلى إدراك لغة التواصل والتخاطب بين الطيور، فقد سخّر الله عزّ وجلّ لنبيه سليمان –عليه السلام- الطير وعلّمه منطقها، حيث كان يفهم ما تقوله وما تريده بأصواتها إذا ما صوّتت، وكان يحاورها ويتفقّدها. والهدهد أحد هذه الطيور، وهو طائر متوسط الحجم يبلغ طوله في المتوسط نحو30 سنتيمتراً، ويتميّز بأرجله القصيرة وأقدامه العريضة، ومخالبه القوية، وتاجه الريشي الجميل وذيله المربّع، وريشه المزخرف، ومنقاره الطويل الرقيق المعقوف قليلًا إلى الأسفل، وجناحيه العريضين المدورين، وصوته الموسيقي الناعم. وقد حُشر لسليمان –عليه السلام- جنوده من الجن والإنس والطير، ولكنه عندما تفقد الطير لم يجد الهدهد، فتوعده بعذاب شديد، حيث تقدّم لنا الآيات الكريمة التي افتتحنا بها هذا المشهد شخصية نبي الله سليمان –عليه السلام- كنموذج للقائد التقيّ العابد الذي جمع بين السماحة في التديُّن والصرامة في قول الحقّ؛ فهو يتفقّد جيشه الضخم الذي قوامه الإنس والجن والطيور، فيلاحظ غياب طائر صغير دون إذن منه، فيتوعّده بعقاب شديد إن لم يأتِ بمبرّر مقنع لغيابه؛ فالهدهد هنا هو جندي مسؤول يجب عليه أن يرابط في الموقع الذي وضع فيه، ولا يغادره دون إذن مسبق، حتى لا تعمّ الفوضى ويختلّ النظام. ولكن لم تطل غيبته، فجاء يتقدّمه مبرّر غيابه: { أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ }. فتأمّل كيف استهل الهدهد خطابه! هكذا يخاطب الهدهد النبي الزاهد الشاكر سليمان –عليه السلام- بهذا الأسلوب المباشر، وهو النبي الذي آتاه الله علمًا وملكًا وحكمًا لم يؤته أحدًا غيره من البشر. وفي ذلك إشارة صريحة واضحة إلى عدم مداهنة المرؤوس وتملّقه للرئيس، فلكل وظيفته، ولكل عمله، ولكل علمه، ومهما أوتي الإنسان من العلم فقد تكون هناك مخلوقات لديها من العلم ما لم يحط به الإنسان. لقد اطّلع الهدهد على ما لم يطّلع عليه سليمان –عليه السلام- ولا جنوده، ففاجأه بنبأ يقين جاءه به من مملكة سبأ، في أقصى جنوب الجزيرة العربية، حيث وجد امرأة تحكمهم، وقد أوتيت من كل شيء، ولها عرش عظيم، وأنها كانت وقومها يسجدون للشمس من دون الله، وانتقد الهدهد بفطرته السليمة ذلك السلوك، كما جاء في الآيات التي افتتحنا بها هذا المشهد القرآني العظيم. كما أنه لم يكن فقط مجرد وسيلة أمينة لنقل الخبر وإعلامه، بل لعب الهدهد دوره كإعلامي حصيف صادق يستخدم كل أدوات الاستمالة العقلية والعاطفية التي تمكّنه من إيصال رسالته بسهولة ويسر، بل استخدم أسلوب الحبكة القصصية المشوق ليجذب نبي الله سليمان -عليه السلام- ويجبره على سماع الخبر، بل ويلفت انتباهه إلى خطورة أمر عظيم، عبر التحليل العلمي السليم، والنقد البنّاء الهادف، ومن ثم يقدّم الحل الأمثل لما ينبغي أن يكون عليه واقع الأمر، وذلك كلّه واضح من الآيات التي افتتحنا بها هذا المشهد. ولكن هل سارع القائد الحكيم إلى تصديق الهدهد، بعد أن سمع بهذا النبأ العظيم؟! لم يشأ وهو النبي الحكيم الذي سخّر الله له ما لم يسخّر لأحد غيره من البشر، أن يتصرّف دون أن يتبيّن ويتحقّق من الأمر، وفي ذلك رسالة بليغة إلى كل من يستمع إلى الدجالين الذين يدّعون علم الغيب. فيردّ على الهدهد: { قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)} [النمل] ويذهب الهدهد هذه المرّة إلى قصر ملكة سبأ مكلفًا من قبل النبي سليمان –عليه السلام- بمهمة استخباراتية دقيقة وحساسة تحتاج إلى الحصافة والدقّة في استطلاع حقيقة الأمر عن كثب، وينفذ الهدهد المهمة بحكمة وإحكام، فيلقي كتاب سليمان –عليه السلام- إلى بلقيس ملكة سبأ، فيختفي عن أنظار الملكة وقومها، ولكنه يراقب الموقف في خفاء من دون أن ينتبه إليه أحد، ليرى ما سيكون منهم، عملًا بأمر سليمان –عليه السلام-: { ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ }. وقد بحث الهدهد في نفوذ هذه الملكة أوّلًا قبل البحث والتقصّي عن جاهها الشخصي، لأن معيار القوة الأول يتمثل في ما يملك الإنسان من نفوذ وليس في ما يملك من جاه، ولذلك نجد أن الهدهد قد أعطى الأولوية القصوى في مهمته الاستطلاعية لنفوذ تلك الملكة قبل جاهها، فيا له من منطق رائع وتصريف حكيم. ولم يغفل الهدهد صاحب الإدراك والذكاء واليقظة والإيمان، القضايا التي يوليها سليمان –عليه السلام- أهمية خاصة، وفي مقدّمتها موضوع العقيدة والدّين، ولذلك فقد أدرك أن هذه ملكة، وأن هؤلاء رعية، وأنهم يسجدون للشمس من دون الله، وهو يدرك بفطرته السليمة أن السجود لا يكون إلا لله عزّ وجلّ. وإذا كانت الحكمة تُساق في آيات القرآن الكريم على لسان الطير، الذي يؤدّي الأمانة، فكيف بالإنسان موضع العناية من الله عزّ وجلّ، الذي كرّمه وفضّله على كثير ممن خلق؟! هل يكون أقل من هذا الطير الذي يتعجّب من الإنسان الذي منحه الله العقل وسخّر من أجله كل شيء، ومع هذا يسجد لغير الله؟! { أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25)} [النمل] تأمّل كيف جاء الهدهد بالدليل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى من مجال هو بارع فيه. فالهدهد له قوة إبصار ثاقبة جدًّا، كما أنه يحسّ بالماء ويعلم بوجوده تحت الأرض. وقد ذكر ابن عباس -رضي الله عنهما- وغيره أن سليمان –عليه السلام- وجنده كانوا إذا أعوزوا الماء في القفار في حال الأسفار يجيء الهدهد فينظر لهم هل بهذه البقاع من ماء، وفيه من القوة التي أودعها الله فيه أن ينظر إلى الماء تحت تخوم الأرض، فإذا دلهم عليه حفروا عنه واستنبطوه وأخرجوه واستعملوه لحاجتهم. ولذلك كانت حجّته قويّة عندما قال: { الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ }! ومن هنا تتجلّى آيات الله سبحانه وتعالى في مخلوقاته. لقد نقل الهدهد إلى نبي الله سليمان –عليه السلام- ما شاهده بدقّة، والحوار الذي دار بين الملكة وقومها، وما اعتزمت على فعله تلك الملكة، من تقديم الهدايا إلى سليمان –عليه السلام-، الأمر الذي جعل سليمان –عليه السلام- يعدّ لكل شيء عدّته، فتكون النتيجة إسلام الملكة بلقيس وقومها جميعهم. وإذا استعرضنا خصائص الطيور وبمختلف فصائلها وأجناسها، وفقًا لما توصلت إليه أحدث الدراسات العلمية، نستطيع أن نستنتج بسهولة أن الهدهد هو أكفأ من يقوم بعملية استطلاع استخباراتية، وبرغم أن الملوك في الماضي اعتادوا على استخدام الحمام في نقل الرسائل، فقد بيّنت الدراسات الحديثة أن الهدهد أكفأ من الحمام الزاجل في أداء هذه المهمّة، فهو أسرع طيرانًا، وله قوة ومهارات خاصة في دفاعه عن نفسه، كما أنه أكثر تحمّلًا للجوع والعطش لفترات أطول، فضلًا عن مهاراته في التخفي عن أنظار الأعداء، وذكائه ومكره المشهور بهما. والهدهد يمشي على الأرض بخطى سريعة، ويجري بسرعة ملحوظة، ويعيش عادة في المناطق المفتوحة، ويُرى أفرادًا، وفي بعض الأحيان يرُى أزواجًا، ولكنه نادرًا ما يُرى في جماعات، كما هو الأمر بالنسبة إلى فصائل الطيور الأخرى. والهدهد يطير بقوة وبمباشرة فيها فُجائية ومباغتة، ويحط على الأرض باندفاع وفجائية واضحة كذلك، يلاحظها كل من راقب حركاته. وللهدهد قابلية ملاحية متميزة في معرفة الاتجاهات، وتحديد الوجهة الصحيحة بفضل الحقل المغناطيسي لكوكب الأرض، ومن خلال حواسه المميزة يستطيع رسم خرائط سمعية وبصرية وشمية للموقع الذي يمر به، فضلًا عن امتلاكه حبيبات مغناطيسية في منقاره حاله في هذا الشأن حال أغلبية الطيور المهاجرة. وللهدهد ملكات خاصة في طلب الماء والكشف عن وجوده تحت الأرض، فإذا رفرف على موضع علم أن فيه ماءً، ولذلك فإن العرب يضربون المثل بقوة إبصار الهدهد فيقولون: أبصر من هدهد. والأمر الأهم هو أن مهمّة الهدهد التي كُلّف بها من قبل سليمان –عليه السلام- مهمّة أخطر بكثير من مجرد نقل الرسائل وإيصالها فقط، ولذلك كان الهدهد هو الاختيار الأمثل من بين جميع الطيور لأداء مهمّة استطلاعية استخباراتية محفوفة بالمخاطر مع ضمان فرصة كبيرة لبقائه على قيد الحياة. ولعل تلك المميزات وغيرها هي التي أهّلت الهدهد لينال ثقة نبي الله سليمان –عليه السلام- ويكلفه القيام بهذه المهمة الاستخباراتية الدقيقة من داخل قصر الملكة، برغم ما سخّر الله له من الدواب والطيور بأجناسها المختلفة والمتعددة، والجن والريح. ومن هنا يمكننا أن نفهم السبق القرآني في مجال اختيار هذا الطائر دون غيره لهذه المهمة، لأن خصائص هذا الطائر والعديد من الحقائق العلمية التي أوردناها في هذا الخصوص لم يتوصّل إليها العلم إلا حديثًا جدًّا، كما أن قصة الهدهد مع نبي الله سليمان –عليه السلام- تفرّد بها القرآن وحده دون غيره من الكتب السماوية السابقة، ما يؤكد أن هذا القرآن الكريم هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلّم-. هذا هو منطق العلم، ورأينا سابقا منطق الأرقام؟ علينا أن نتوقّف قليلًا ونتأمّل حالنا في هذا الزمان، وفي ظل تطور العلوم والإعلام والاستخبارات، فهل يعجز الهدهد عن القيام بالدور نفسه الذي قام به بجدارة واقتدار قبل نحو ثلاثة آلاف عام من الآن، فكان سببًا في هداية دولة بأكملها وإخراجها من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام. والآن تأمّلوا .. لفظ (هدهد) يتضمن حرفين فقط من الحروف الهجائية: الهاء والدال. حرف الهاء ورد في سورة النمل 227 مرّة. وحرف الدال ورد في سورة النمل 98 مرّة. والآن ما هي العلاقة بين هذين العددين؟ العدد 98 يساوي 49 + 49 والعدد 227 أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 49 والآن إليكم هذه الحقيقة الباهرة: حرف الهاء ترتيبه الهجائي رقم 26 وتكرّر في سورة النمل 227 مرّة. السورة رقم 26 هي سورة الشعراء وهي السورة الوحيدة التي عدد آياتها 227 آية! والعجيب.. حرف الدال ورد في سورة النمل 98 مرّة. حرف الدال ورد في سورة مريم 98 مرّة. والعجيب أن عدد آيات سورة مريم 98 آية! وباستثناء سورتي مريم والنمل لا توجد أي سورة أخرى تكرّر فيها حرف الدال 98 مرّة! والأعجب من ذلك.. ورد حرف الهاء في سورة مريم 148 مرّة، وهذا العدد = 114 + 34 114 هو عدد سور القرآن و 34 هو تكرار اسم { مَرْيَم } في القرآن! ولا ننسى أن ننتبه إلى أن 34 هو أيضًا ترتيب سورة سبأ في المصحف! لا تزال رحلة العجائب مستمرّة.. فتأمّلوا مرّة أخرى لفظ (هدهد) فهو يتضمن حرفين فقط من الحروف الهجائية: الهاء والدال. ورد حرف الهاء في سورة مريم 148 مرّة وورد في سورة النمل 227 مرّة، ومجموعهما 375 ورد حرف الدال في سورة مريم 98 مرّة وورد في سورة النمل 98 مرّة، ومجموعهما 196 وبذلك يمكنكم أن تستنتجوا أن مجموع تكرار حرفي الهاء والدال في سورتي مريم والنمل = 571 تأمّلوا العدد 571 جيِّدًا فإنه عام الفيل الذي ولد فيه رسول الله مّحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-. وأنتم تعلمون أن هذا العدد (571) أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 105 والعجيب أن السورة التي أرّخت لحادثة الفيل وهي سورة الفيل ترتيبها في المصحف رقم 105 تأمّلوا هذا النظم القرآني المحكم.. رقمًا وحرفًا.. عددًا وكلمة! تفكّروا في هذا النسيج الرقمي الباهر هل يستطيعه بشر؟ قبل ثلاثة آلاف عام وقفت ملكة سبأ أمام الملأ لتعلن إسلامها بهذه الكلمات: { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) }[النمل} لم تجادل ولم تعاند ولم تكابر، بل أسلمت على الفور عندما تبيّن لها طريق الحق! برغم أنها ملكة وسيدة قومها، فإن ذلك كلّه لم يمنعها من اتباع الحق. وأنتم يا من تكذِّبون بهذا القرآن إلى متى ستظلون ظالمين لأنفسكم؟! وإلى متى في هذه الحياة الفانية؟ مليارات من البشر ارتحلوا من هذه الدنيا وهم الآن يتمنون لو تتاح لهم هذه الفرصة. يتمنون لو يعودوا إلى هذه الحياة ليتّبعوا طريق الحق. لقد كان الهدهد رسول سليمان –عليه السلام- إلى ملكة سبأ فأسلمت وأسلم قومها جميعهم. والآن يعود ذلك الهدهد نفسه رسولًا إليكم أنتم أيضًا.. لقد كان نبي الله سليمان –عليه السلام- يعلم منطق الطير فحدثه الهدهد بلغة يفهمها.. وأنتم الآن في العصر الرقمي وقد أتى الهدهد إليكم ليحدّثكم بلغة تفهمونها.. فلا تضيّعوا الفرصة فتندموا وحينها لن ينفعكم الندم. فقد استمعتم إليه وهو يخاطب عقولكم.. ويؤكد لكم بالأدلة الحاسمة والحقائق الرقمية الثابتة حقيقة هذا القرآن.. إنه كلام الله لا ريب. --------------------------------------------------- المصادر: أوّلًا: القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة). ثانيًا: المصادر الأخرى: أحمد، يوسف الحاج (2007)؛ موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ دمشق: مكتبة ابن حجر. الطبري، محمد بن جرير (1405 هـ)؛ جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري)؛ بيروت: دار الفكر. القرطبي، أبو عبداللَّه مُحمَّد (1988)؛ الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي)؛ بيروت: دار الكتب العلميّة. بتصرف عن موقع طريق القرآن آخر تعديل بواسطة Nabil ، 2022-09-06 الساعة 07:41 AM |
#5
|
|||
|
|||
الإعجاز الإعلامي العجيب في قصة الهُدهد / د. علي الصلابي
الإعجاز الإعلامي العجيب في قصة هُدهُد سليمان عليه السلام الدكتور علي الصلابي تتجلى آيات الله سبحانه وتعالى في مخلوقاته التي سخرها للإنسان لتلبي حاجاته ومتطلباته ولتكون له عوناً ونصيراً على أعداءه، فلو تأملنا اهتمام القرآن الكريم بالطيور وتطرقنا تحديداً إلى قصة الهدهد مع نبي الله سليمان عليه السلام, لوجدنا إعجازاً واضحاً وجلياً وخصوصاً استخدام هذا المخلوق في مجال الاتصالات السلمية, لسرعته وذكاءه وطريقته المذهلة في تنقلاته.
ولقد بينت الدراسات الحديثة أن الهدهد أكفأ من الحمام في استخدامات النقل والاتصال، فهو أسرع طيراناً ولا يحتاج للجماعة في طيرانه وقوة دفاعه عن نفسه أكفأ وتحمله للجوع والعطش أكثر فضلاً عن ذكاءه ومكره المشهور بهما، لذلك والله أعلم كان الاختيار الأفضل للهدهد من بين بقية الطيور فهو يحمل خصائص فريدة من نوعها. قال تعالى: { وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ * لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } [النمل: 20 ـ 28]. لعل ما ذكرناه من الآيات الكريمة من سورة النمل تحكي لنا قصة هدهد سليمان عليه السلام، وتروي لنا العجيب من خبره مع هذا النبي العظيم، و وابتداء لا بد أن ندرك أن هذا الهدهد لم يكن هدهداً من عامة الهداهد، وإنما هو هدهد معين خاص. ويتجلى الإعجاز الإعلامي في النواحي التالية: * نرى في قصة الهدهد تنوعاً في أبطال القصة، فمرة نجد نبي الله سليمان يتفقد الطير فلا يجد الهدهد، ومرة نجد الهدهد يقف بين يدي نبي الله سليمان متحدياً { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ }، ومرة ثالثة نجد ملكة سبأ وقد عبدت الشمس من دون الله 1. استخدام المقدمة المشوقة حيث نرى الهدهد في هذه القصة استخدم أسلوب التشويق في بداية القصة حينما قال: { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ }. – فالهدهد، أحاط أي رأى وشاهد وسمع وفهم وحلل فهو قد أحاط الموقف علماً ولذلك { فَقَالَ أَحَطتُ }. – وهو يعلم ويجزم أن سليمان لم يحط به: { بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ }. إن الهدهد يعرف حزم الملك وشدته، ولذلك بدأ حديثه بمفاجأة تطغى على موضوع غيبته، وتضمن إصغاء الملك له.. وأي ملك لا يستمع وأحد رعاياه يقول له: { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ }. – وهو قد تحرى ودقق وبحث وعرف أن القرية اسمها سبأ وهي في بلاد اليمن. – وهو قد جاء منها بنبأ يذاع لأول مرة عند سليمان فكلمة { جِئْتُكَ } تدل على إحضار بيانات وعلم من مكان خارج عن المكان الذي أنت فيه الآن. إذن فالهدهد استخدم أسلوب التشويق؛ لأنه يعرف أنه جاء بسبق صحفي يذاع لأول مرة خاصة لنبي الله سليمان عليه السلام، وهو واثق من نفسه ومن النبأ الذي جاء به، فيصفه بأنه نبأ يقين، وقد عاجل الهدهد سليمان بهذه المقدمة المشوقة لكي يمتص غضبه بسبب غيابه، ولكي يستثيره، فقول سليمان الذي توعده بالعذاب الشديد أو الذبح استثنى أن جاء الهدهد بسلطان مبين. 2. التناسب يؤكد علماء الصحافة أن كل خبر صحفي ينبغي أن يتكون من عنوان ومقدمة وجسم للخبر وخاتمة، وعندما ننظر إلى قصة الهدهد مع نبي الله سليمان نجد أن الهدهد يبتكر شيئاً جديداً في عالم الصحافة حيث رآه يقسم جسم الخبر المؤكد الذي جاء به إلى نبي الله سليمان عليه السلام إلى نوعين: – معلومات يراها الإعلامي، وترصد حواسه عن أشياء معلنة يراها بعينه ويسمعها بأذنيه ويمسكها بيديه وهي أربعة: – إني وجدت امرأة تملكهم، عرف أنها امرأة، فالهدهد له عقل ويعرف الفرق بين الذكر والأنثى. – تملكهم عرف العلاقة الإدارية بينها وبين قومها، فهي لا ترأسهم ولا تقودهم ولا تؤمهم فحسب، وهي ليست فقط ملكتهم، ولكنها تملكهم. – { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } ومعنى هذا أن الهدهد اطلع على ملكها وقيّمه، كما أن لديه خبرة في الأشياء عرف بها كيف يقيم هذا الملك. – { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيم }، هو يقيم عرضها ويقدر أنه عظيم، فمن الذي علمه هذا؟ لا شك أنه الله رب العالمين ولا جدال أن كل هذه الأمور الأربعة محسوسة ومدركة بالحواس الخمس أو ببعضها. – أنباء عن أشياء مخفية عن الحواس فهي أشياء في عقل أو قلب بعض الناس فلا تدرك بالحواس الخمس وإنما بالعقل منها. – { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ }، وأنت لا تستطيع من رؤيتك لقوم يسجدون أن تعرف أهم يسجدون لله أم للشمس، أم نفاقاً؟ فذلك في نيتهم التي لا يمكن الاطلاع عليها من الظاهر، ولكن الهدهد عرف ما في عقولهم. – { فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ } فهي أخبار لا تدرك بالحواس ولكن بالاطلاع على مخبوء العقل. – { لَا يَهْتَدُونَ }، وهذه معناها أن الهدهد يعرف الهدى من الضلال، وهكذا نرى أن الهدهد في قصته الخبرية استخدم الألفاظ المناسبة التي تدل على المعنى المراد. 3. التنوع في طريقة عرض الأبطال والأحداث وهذه سمة مهمة في قصة سليمان مع الهدهد، فنحن نرى تنوعاً وتعدداً في أبطال القصة، فمرة نجد نبي الله سليمان يتفقد الطير فلا يجد الهدهد، ومرة نجد الهدهد يقف بين يدي نبي الله سليمان متحدياً { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ }، ومرة ثالثة نجد ملكة سبأ وقد عبدت الشمس من دون الله مع قومها، وهكذا التنوع في طريقة عرض الأبطال والأحداث. 4. التدرج في الاتهام فعند التأمل الدقيق لهذه القصة نجد أن نبي الله سليمان تدرج في الاتهام، فنحن نراه اتهم نفسه أولاً: { مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ }، ثم اتهم الهدهد: { أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ }، ثم تدرج في العقوبة من الأشد على الأخف، فمن العذاب الشديد إلى الذبح، ثم إلى العفو الشامل، لو يأتي بسلطان مبين، ولا شك أن هذا التدرج من علامات الإيمان، حيث لا يترك الإنسان احتمالاً لا لإدانة نفسه قبل إدانة غيره، وألا يترك نفسه للانفعال الشديد ولكنه يهدأ حتى يصل إلى العفو. * الإيجاز سمة مهمة في قصة هدهد سليمان عليه السلام توضح الإعجاز الإعلامي في القرآن الكريم الذي يتجلى لنا في استخدام أقل الكلمات للتعبير عن أكبر عدد من الأفكار 5. براعة الدفاع عن النفس وقد تمثل في قول الهدهد معتذراً لنبي الله سليمان عليه السلام: { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } فهنا نجد الهدهد بدأ بمقدمة يسميها علماء الصحافة المقدمة القنبلة حيث نراها تطغى على مسألة غيابه، وتضمن إصغاء نبي الله سليمان له. 6. حسن اختيار الألفاظ حيث تم اختيار الألفاظ في قصة هدهد سليمان عليه السلام بطريقة رائعة تدل على فهم عميق، فكانت الألفاظ تحمل معنى واحداً هو المعنى الذي قصده وأراده القائم بالاتصال، ومن أمثلة ذلك: { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } فالإحاطة هنا شاملة لجميع جوانب الحدث أو الخبر الذي جاء به دون أن يترك ثغرة فيه، وكذلك عند اختياره لجملة { بِنَبَإٍ يَقِينٍ } فلقد ذكر الهدهد لفظ { نَبَأ } بدلاً من { خَبَر } لأن النبأ أصدق من الخبر، ولأنه يروي الأحداث الهامة والعظيمة والتي تهم المستمع وكذلك يدل استخدام النبأ اليقين على شدة تيقن الهدهد من صحة الأخبار والمعلومات والمتابعات الإخبارية، وتتجلى براعة الهدهد أيضاً في استخدامه للفظ { الْخَبْءَ } في حديثه حيث أظهر قدرة وعظمة الله وكذلك اختياره للفظ السجود في قوله { يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ }.فهذا دليل على أن العبادة لا تتم إلا بالسجود لله الخالق الوهاب، فالسجود أصل العبادة. 7. براعة تصوير الأحداث فالمتأمل لهذه الآيات القرانية التي تتحدث عن قصة هدهد سليمان يكتشف براعة في تصوير الأحداث وكأنه يرى الأحداث حية أمامه، فنبي الله سليمان عليه السلام يبحث عن الهدهد في مشهد رائع والهدهد يأتي من سبأ بنبأ يقين في مشهد يشعر وكأن الأحداث تجري حية أمام عينه فهو يحس بانفعال الهدهد، وحزنه على قوم سبأ الذين يسجدون للشمس من دون الله، وهو أيضاً يحس بني الله سليمان وهو يتفقد أحوال رعيته ويبحث عن الهدهد. 8. الإيجاز وهذه سمة مهمة في قصة هدهد سليمان عليه السلام توضح الإعجاز الإعلامي في القرآن الكريم الذي يتجلى لنا في استخدام أقل الكلمات للتعبير عن أكبر عدد من الأفكار، ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ }. 9. انتقاء الأحداث وتتجلى لنا سمة انتقاء الأحداث وهي إعجاز إعلامي رائع في قول الهدهد: { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ }. قال سليمان: وما ذاك الخبر؟ قال:{ إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ }، فقد تم انتقاء الحدث، فلم يذكر لنا سؤال سليمان وجيء بجواب الهدهد مباشرة، ولعل تلك المميزات هي التي أهلته ليكون بتلك المنزلة والثقة التي أوليت له من قبل سيدنا سليمان عليه السلام، على أن ذلك قد يوحي بأن ذلك الهدهد كان من نوع خاص وتم تربيته وتدريبه بعناية فائقة. ————————————————————————- مراجع البحث: د. علي محمَّد محمَّد الصَّلابي، المعجزة الخالدة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، براهين ساطعة وأدلة قاطعة، دار المعرفة، بيروت . لبنان، 2013م، ص.ص (166 – 170). د.محمد وهدان، الإعجاز الإعلامي في القصص القرآني : دراسة تطبيقية على سورة النمل، أزمنة للنشر والتوزيع، عمان ، الأردن، 2006 ، ص. ص 89 : 93 |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | الأقسام الرئيسية | مشاركات | المشاركة الاخيرة |
التحدِّي بــ { غَيْرُ أُوْلِيْ الضَّرَرِ } / إعداد د: أحمد مُحمَّد زين المنّاوي | Nabil | الإعجاز فى القرآن والسنة | 1 | 2022-08-25 09:43 PM |
سجود المخلصين / إعداد: د. أحمد مُحمَّد زين المنّاوي | Nabil | الإعجاز فى القرآن والسنة | 2 | 2022-08-22 01:53 PM |
حديثا على موقع ارشيف يمكنك السماع لاي مصحف بالحدر اونلاين مع تسريع حدر | الحج الحج | مصاحف صوتية | 0 | 2018-12-26 01:44 PM |
لاول مرة مصحف محمود عبد العال أحمد _المصحف المرتل 43 سورة -من موقع إسلام ويب__برابط__1 | الحج الحج | مصاحف صوتية | 0 | 2018-12-16 02:47 PM |