منتديات الجامع  

للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 Online quran classes for kids 
فور شباب ||| الحوار العربي ||| منتديات شباب الأمة ||| الأذكار ||| دليل السياح ||| تقنية تك ||| بروفيشنال برامج ||| موقع حياتها ||| طريق النجاح ||| شبكة زاد المتقين الإسلامية ||| موقع . كوم ||| مقالات ||| شو ون شو ||| طبيبة الأسرة |||

العودة   منتديات الجامع > القسم العام > حوارات عامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #21  
قديم 2013-07-13, 12:28 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وقد شهد له أهل العلم والفضل من أهل عصره ومن بعدهم أنه أظهر
توحيد الله، وجدد دينه ودعا إليه، واعترفوا بعلمه وفضله وهدايته ونصيحته لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، بل قد اعترف أعداء الإسلام والمسلمين من عقلاء النصارى وغيرهم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه أرادوا تجديد الإسلام وإعادته إلى ما كان عليه في الصدر الأول.
قال صاحب المنار محمد رشيد رضا في مقدمة كتاب (صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان): لم يخل قرن من القرون التي كثرت فيها البدع من علماء ربانيين يجددون لهذه الأمة أمر دينها بالدعوة والتعليم وحسن القدوة، وعدول ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، كما ورد في الأحاديث، ولقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده بما شرعه في كتابه، وعلى لسان رسوله خاتم النبيين r، وترك البدع والمعاصي، وإقامة شعائر الإسلام المتروكة، وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة، فنهدت لمناهضته واضطهاده القوى الثلاث: قوة الدولة والحكام، وقوة أنصارها من علماء النفاق، وقوة العوام الطغام . وتصدى للطعن في الشيخ محمد بن عبد الوهاب والرد عليه أفراد من أهل الأمصار المختلفة، ومنهم رجل من أحد بيوت العلم في بغداد، قد عهدناه يفتخر بأنه من دعاة التعطيل والإلحاد، وكان أشهر هؤلاء الطاعنين مفتي مكة المكرمة الشيخ أحمد زيني دحلان المتوفى سنة 1304 هـ، ألَّفَ رسالة في ذلك تدور جميع مسائلها على قطبين اثنين: قطب الكذب والافتراء على الشيخ،
وقطب الجهل بتخطئته فيما هو مصيب فيه، وكان نسمع في صغرنا أخبار الوهابية المستمدة من رسالة دحلان هذا ورسائل أمثاله، فنصدقها بالتبع لمشايخنا وآبائنا، ونصدق أن الدولة العثمانية هي حامية الدين، ولأجله حاربتهم وخضدت شوكتهم، وأنا لم أعلم بحقيقة هذه الطائفة إلا بعد الهجرة إلى مصر، والاطلاع على تاريخ الجبرتي، وتاريخ الاستقصاء في أخبار المغرب الأقصى، فعلمت منهما أنهم هم الذين كانوا على هداية الإسلام دون مقاتليهم، وأكده الاجتماع بالمطلعين على التاريخ من أهلها، ولا سيما تواريخ الإفرنج، الذي بحثوا عن حقيقة الأمر فعلموها، وصرحوا أن هؤلاء الناس أرادوا تجديد الإسلام وإعادته إلى ما كان عليه في الصدر الأول، وإذًا لتجدد مجده، وعادت إليه قوته وحضارته، وأن الدولة العثمانية ما حاربتهم إلا خوفًا من تجديد ملك العرب، وإعادة الخلافة الإسلامية سيرتها الأولى، على أن العلامة الشيخ عبد الباسط الفاخوري مفتي بيروت كان ألف كتابًا في تاريخ الإسلام ذكر فيه الدعوة التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وقال إنها عين ما دعا إليه النبيون والمرسلون، ولكنه قال: إن الوهابيين في عهده متشددون، وقد عجبنا له كيف تجرأ على مدحهم في عهد السلطان عبد الحميد، ورأيت شيخنا محمد عبده في مصر على رأيه في هداية سلفهم وتشدد خلفهم، وأنه لولا ذلك لكان إصلاحهم عظيمًا ورجي أن يكون عامًا، وقد ربى الملك عبد العزيز غلاتهم المتشددين منذ سنتين بالسيف تربية يُرجى أن تكون تمهيدًا لإصلاح عظيم، وإن علماء السنة في الهند واليمن قد بلغهم كل ما قيل في هذا الرجل، فبحثوا وتثبتوا وتبينوا كما أمر الله تعالى فظهر لهم أن الطاعنين فيه مفترون، لا أمانة لهم، وأثنى عليه فُحُولهم في عصره وبعد عصره، وعدّوه من أئمة المصلحين المجددين للإسلام ومن فقهاء الحديث كما نراه في كتبهم، ولا تتسع هذه المقدمة لنقل شيء من ذلك. انتهى ملخصًا.
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 2013-07-13, 12:29 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

قلت: التشدد الذي أشار إليه إنما وقع في بعض الأعراب في زمن يسير نحو عشر سنين، وذلك أنهم أقبلوا على الدين إقبالًا كليا مع الجهل الكثيف، وأقبلوا على العمل وأهملوا التعلم، فصار التشدد غالبًا عليهم، حتى آل الأمر ببعضهم إلى أن خلعوا أيديهم من الطاعة، وفارقوا الجماعة، وبغوا عليهم، وبدأوهم بالقتال، فقاتلهم الإمام ومن معه من الحاضرة والبادية في عدة وقعات؛ أولها في منتصف شوال سنة ألف وثلاثمائة وسبع وأربعين حتى أطفأ الله فتنتهم، وكفى المسلمين شرهم، فأما الحاضرة وكثير من البادية فكانوا على الطريقة السلفية ولله الحمد والمنة، ولم يكن فيهم تشدد كما يزعمه بعض الناس، فإطلاق التشدد على العموم متعقب على من ادعاه كما لا يخفي على من له أدنى إلمام ومعرفة بحال أهل نجد، والله الموفق.
وقال محمد رشيد رضا في هامش (صيانة الإنسان): من المعلوم بالتواتر أن الشيخ رحمه الله جدد الإسلام في نجد وغير نجد.
وقال أيضا في مقدمة رسائل العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: لا نعرف في تاريخ الإسلام شعبًا دخل في جميع الأطوار التي دخل فيها الإسلام في نشأته الأولى غربة وجهادًا وهجرة وحجاجًا وقوة غير هذا الشعب النجدي؛
فقد ظهر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في وقت كان حال أهله شرًا من حال المشركين وأهل الكتاب في زمن البعثة؛ من شرك وخرافات وبدع وضلالات وجهالة غالبة، فدعا إلى عبادة الله وحده، والرجوع إلى أصل الإسلام الذي كان عليه النبي r وأصحابه رضي الله عنهم، فعاداه في بلاده الأكثرون، ووالاه فيها الأقلون، فنصر الله تعالى أولياءه من أمراء آل سعود وأتباعهم على أعدائهم، ثم تصدى لعداوتهم الترك وأعوانهم فكانت الحرب سجالا بينهم، وعاقب الله السعوديين زمنا بما كان من تخاذل بينهم، وتقصير في إقامة بعض سنن الله في دولتهم، ثم كانت العاقبة الحسنى لهم عندما تابوا من ذنبهم ورجعوا إلى وحدتهم واعتبروا بقوله تعالى: }وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ{ [الشورى: 30]، وقوله في أصحاب رسول الله r عندما ظهر عليهم المشركون في غزوة أحد: }أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ{ [آل عمران: 165]، وقوله: }وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ{ [الأنفال: 46].
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 2013-07-13, 12:38 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

لنا تكملة أخى مسلم عادي صدقنى بلاد الحرمين الله يحفظها من كل حاسد وبلاد الخليج لا ترى فيها كما رأينا فى البلاد العربية من التوجهه للقبور والتوسل والطواف حول القبور فى بلاد العربية هذه حقيقة فعندنا لاتجد هذه الشركيات أبدا ولله الحمد .
أما الدول العربية يستغلون الغير المتعلمين التوحيد فى بلادهم لأخذ أموالهم بالباطل بسبب طلبهم الولد أو الشفاء من موتى لا ينفعون ولايضرون .
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 2013-07-13, 12:44 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

امتحن الله النجديين بتصدي الترك لعداوتهم، وتأليب العرب وشرفاء الحجاز والمصريين عليهم؛ لئلا يعيدوا ملك العرب وسلطانهم الذي سلبوه منهم، فحاربوهم باسم الإسلام، ونشروا الكتب والفتاوى في رميهم بالكفر والابتداع، وقد اغتر كثيرون بما فعلوه باسم الإسلام، وشايعهم عليه أفراد وجماعات هم دون الخوارج الذين خرجوا على الإمام أمير المؤمنين الخليفة الرابع للرسول r وكفَّروه وتبرؤوا منه، ودون الذين بغوا عليه وحاربوه مع معاوية، نعم هم دونهم علما بالدين وعملا به، بل كفَّرهم
وقاتلهم أخلاط؛ منهم المسلم والكافر، والزنديق والمنافق، وعسكر لا يقيم الصلاة، ولا يؤدي الزكاة، ولا يحرم ما حرم الله ورسوله من الخمر والزنا واللواط، وأكل أموال الناس بالباطل، والقتال لطاعة الرؤساء ولو في معصية الله تعالى، بهذا كله كان علماؤهم وأمراؤهم، في حالة تشبه حال مسلمي الصدر الأول في مقاومة المشركين؛ الذين يدعون غير الله، ويجعلون لله أندادًا كالذين جاهدهم النبي r، وفي مقارعة تاركي الصلاة ومانعي الزكاة كالذين قاتلهم أبو بكر الخليفة الأول t، وفي مجالدة البغاة كالذين قاتلهم الخليفة الرابع علي t، وفي مجادلة المبتدعين من الروافض والجهمية كالذين ناضلهم الإمام أحمد وإخوانه أئمة السنة بالحجة، فأعادوا نشأة الإسلام العملية سيرتها الأولى في الصدر الأول؛ من ولاية وبراءة، وهجرة وجهاد بالسيف والسنان وبالحجة والبرهان، على حين صارت النصوص الخاصة بهذه الأحوال منسية أو كالمنسية عند غيرهم من شعوب الإسلام ودوله؛ لا يتعلق بها عمل من الأعمال، ولا حكم من الأحكام.

وقال أيضا في مقدمة (مجموعة الحديث النجدية): وقد كان مما استعمل الله به الشيخ محمد بن عبد الوهاب -مجدد الدين في نجد وما حولها- أن أحيا مدارسة السنة النبوية فيها؛ للاهتداء بها، لا لمجرد التبرك بألفاظها، ولا لأجل الاستقلال فيها دون ما كتب المحدثون والفقهاء في شرحها والاستنباط منها، بل نرى مَن هداهم الله تعالى بدعوته، وأنقذهم من الجاهلية التي عادت إلى أكثر أهل جزيرة العرب، ما زالوا يحبون كتب فقه شيخ السنة الأكبر الإمام أحمد t مع خيار كتب التفسير والحديث
لغير الحنابلة من علماء السنة، فكانوا من أجدر المسلمين بلقب أهل السنة. انتهى.
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 2013-07-13, 12:46 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن سند في رده على الراوي العراقي: لقد نهض الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى نهضة أكرِم بها من نهضة، وقد بلغ من أمر تلك النهضة أن عرفها الباحثون في علل رقي الأمم وانحطاطها حتى من غير علماء الإسلام، وإليك نظرية أحد علماء الغرب في تلك النهضة الإصلاحية التي نهض بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ قال لوشروب ستودارد الأمريكي في كتابه (حاضر العالم الإسلامي) المترجم إلى اللغة العربية بقلم الأستاذ عجاج نويهض: الفصل الأول من الكتاب في اليقظة الإسلامية في القرن الثامن عشر؛ أي الميلادي: كان العالم الإسلامي قد بلغ من التضعضع أعظم مبلغ، ومن التدني والانحطاط أعمق دركة، فاربدّ جوّه، وطبقت الظلمة كل صقع من أصقاعه ورجاء من أرجائه، وانتشر فيه فساد الأخلاق والآداب، وتلاشي ما كان باقيًا من آثار التهذيب العربي، واستغرقت الأمم الإسلامية في اتِّباع الأهواء والشهوات، وماتت الفضيلة في الناس، وساد الجهل، وانطفأت قبسات العلم الضئيلة، وانقلبت الحكومات الإسلامية إلى مطايا استبداد وفوضى واغتيال، فليس يُرى في العالم الإسلامي في ذلك العهد سوى المستبدين الغاشمين؛ كسلطان تركيا وأواخر ملوك المغول في الهند؛ يحكمون حكمًا واهنًا فاشي القوة متلاشي الصبغة، وقام كثير من الولاة والأمراء يخرجون على الدولة التي هم في حكمها، وينشئون حكومات مستقلة ولكن مستبدة؛ كحكومة
الدولة التي خرجوا عليها، فكان هؤلاء الخوارج لا يستطيعون إخضاع من في حكمهم من الزعماء هنا وهناك، فكثر السلب والنهب، وفقد الأمن، وصارت السماء تمطر ظلمًا وجورًا، وجاء فوق جميع ذلك رجال الدين المستبدون يزيدون الرعايا إرهاقًا فوق إرهاق، فغُلَّت الأيدي، وقعد عن طلب الرزق، وكاد العزم يتلاشى في نفوس المسلمين، وبارت التجارة بورًا شديدًا، وأهملت الزراعة أي إهمال.
وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء، فألبست الوحدانية التي علمها صاحبُ الرسالة الناسَ سجفًا من الخرافات وقشور الصوفية، وخلت المساجد من أرباب الصلوات، وكثر عدد الأدعياء الجهلاء، وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان يحملون في أعناقهم التمائم والتعاويذ والسبحات، ويوهمون الناس بالباطل والشبهات، ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء، ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور، وغابت عن الناس فضائل القرآن فصار يشرب الخمر والأفيون في كل مكان، وانتشرت الرذائل، وهتكت ستر الحرمات على غير خشية واستحياء، ونال مكة المكرمة والمدينة المنورة ما نال غيرهما من سائر مدن الإسلام، فصار الحج المقدس الذي فرضه الله تعالى وفرضه النبي r على من استطاعه ضربا من المستهزءات، وعلى الجملة فقد بدل المسلمون غير المسلمين، وهبطوا مهبطًا بعيد القرار، فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر، ورأى ما كان يدهى الإسلام، لغضب وأطلق اللعنة على من استحقها من المسلمين كما يُلعن المرتدون وعبدة الأوثان.

وفيما العالم الإسلامي مستغرق في هجعته، ومدلج في ظلمته، إذا بصوت قد دوى من قلب صحراء شبه الجزيرة مهد الإسلام، يوقظ المؤمنين، ويدعوهم إلى الإصلاح والرجوع إلى سواء السبيل والصراط المستقيم، فكان الصارخ هذا الصوت إنما هو المصلح المشهور محمد بن عبد الوهاب، الذي أشعل نار الوهابية، فاشتعلت واتقدت، واندلعت ألسنتها إلى كل زاوية من زوايا العالم الإسلامي، ثم أخذ هذا الداعي يحض المسلمين على إصلاح النفوس، واستعادة المجد الإسلامي القديم والعز التليد، فتبدت تباشير صبح الإصلاح، ثم بدت اليقظة الكبرى في عالم الإسلام.
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 2013-07-13, 12:48 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

ولد محمد بن عبد الوهاب في نجد الواقعة في قلب الصحراء العربية حوالي سنة ألف وسبعمائة ميلادي، وكانت نجد في ذلك العصر -على انحطاط العالم الإسلامي وتدليه- أنقى البلدان إسلامًا، وأطهر الأقطار دينًا، وإذ كان منذ أول شأنه شديد الميل إلى الاطلاع والتفقه في الدين لسرعان ما اشتهر ذكره، وذاع اسمه، فعرف بعلم وافر، قوامًا على التقوى، فحج إلى مكة في أوائل عمره، وطلب العلم في المدينة المنورة، وساح إلى كثير من البلاد المجاورة حتى فارس، ثم عاد إلى نجد مشتعلًا غضبا دينيًا لما رآه بأم عينه من سوء حالة الإسلام، فصحَّت عزيمته على القيام بدعوة الإصلاح، فقضى سنين عديدة راحلًا من بلاد إلى بلاد في شبه الجزيرة، فبشر بالدعوة موقظًا النفوس حتى استطاع بعد جهاد طويل أن يجعل محمد بن السعود -وهو أكبر أمراء نجد- وأعلى زعمائهم كعبًا وشأنًا يقبل الدعوة ويدخل فيها، فاكتسب ابن عبد الوهاب بذلك مكانة أدبية
عالية، ومنزلة اجتماعية رفيعة، وقوة حربية لا يستهان بها، فاستفاد من ذلك استفادة جليلة، قد مكنته من بلوغ غايته وإدراك غرضه.
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 2013-07-13, 12:49 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

فتكونت على التوالي وحدة دينية سياسية في جميع الصحراء العربية، شبيهة بتلك الوحدة التي أنشأها صاحب الرسالة r، وفي الواقع فإن المنهج الذي نهجه ابن عبد الوهاب يشبه شبها كبيرًا ذاك الذي نهجه الخلفاء الراشدون كأبي بكر وعمر، ولما مات سنة ألف وسبعمائة وسبعة وثمانين خلفه ابن السعود، فكان خير خليفة للمُصلح الإسلامي الكبير، واقتفى الوهابيون آثار خلافة الراشدين، وعلى ما كان في يد ابن السعود من القوى الحربية العظيمة، فإن ذلك ما كان ليصرفه عن أن يكون على الدوام نازلًا على رأي الجماعة وشوراها، فلم يمتهن حرية أتباعه وبني قومه، وكانت حكومته على عنفها مكينة عادلة فانقطع التعدي، وأمن الناس السرقات، وانتشر الأمن، وسادت الطمأنينة والراحة، وعكف على العلم والتهذيب، فكان في كل واحة مدرسة، وفي كل قبيلة بدوية عدد من المعلمين، وبعد أن أخضع ابن السعود نجدًا وتم له الأمر في كاملها أخذ يستعد ليقوم بعمل أكبر ألا وهو إخضاع جميع العالم الإسلامي ونشر الإصلاح فيه، فجعل نصب عينيه في المقام الأول تحرير الأماكن المقدسة الحجازية، فكرّ على الحجاز في صدر القرن التاسع عشر بمقاتلته الشجعان المشتعلين غيرة دينية، وكان له ما أراد من الاستيلاء على الأماكن المقدسة، فلم تستطع قوة الوقوف في وجه الوهابيين وهم يحملون على الترك، والترك في نظرهم أهل الارتداد والجحود، ومغتصبو الخلافة اغتصابًا، وحقها أن تكون أبدًا
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 2013-07-13, 12:50 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

في العرب، وبينما كان ابن السعود سنة ألف وثمانمائة وأربعة عشرة يعد العدة لفتح سوريا، وهمَّته متينة، كان يخيل إلى العالم منه أن الوهابيين متدفقون على الشرق تدفقًا، وصانعون ما شاء الله من الإصلاح في الإسلام، غير أن ذلك ما قدر ليكون، فلما أيقن سلطان تركيا أنه لا يستطيع القضاء على الوهابيين استصرخ بطلا من مشاهير الأبطال وهو محمد علي، واستكفاه أمر القضاء عليهم، وكان هذا المقدام الألباني سيد مصر وأميرها واقفا حق الوقوف على قدرة أوربة وشدة بأسها وتفوقها، فدعا إليه ضباط من أهل الغرب، فنظموا له جيشًا قويًا، ودربوه تدريبًا على الطراز الغربي، وجهزوه بمعدات الأسلحة الغربية، وكان غالب هذا الجيش مؤلفًا من المقاتلة الألبانيين الأشداء، فسرعان ما أجاب محمد علي نداء السلطان، فأيقن حينئذ أن الوهابيين على شدة غيرتهم الدينية وحماستهم لن يستطيعوا بعد الوقوف بوجه البنادق والمدافع الأوربية يطلق عيارها جنود مجربون، وما هي إلا مدة قصيرة حتى استردت الأماكن المقدسة الحجازية، ورد الوهابيون على أعقابهم فانقلبوا إلى الصحراء، فاختفت الإمبراطورية الوهابية الوليدة للحال اختفاء، وأرخى الستار على الدور السياسي الوهابي، بيد أن خاتمة هذا الدور السياسي كانت فاتحة الدور الديني، فقد ظلت نجد بؤرة تشتعل فيها نار الغيرة الدينية ومنبثق النور تنبعث منه الأشعة الوهاجة إلى كل ناحية من نواحي الأرض، وما فتئ الوهابيون منذ قضي على قوتهم السياسية يبثون روح الحركة الدينية في مئات الألوف من الحجيج الوافدين كل عام إلى مكة والمدينة من كل قطر من أقطار العالم الإسلامي، فيقتبس هؤلاء نارًا وهابية، ثم يعودون إلى أوطانهم يشعلون بها ما استطاعوا إشعاله
في سبيل الإصلاح، وهكذا قد استطاع الوهابيون أن يبذروا بذورًا تلاها الاختمار الشديد للثورة الدينية في كل فج إسلامي، حتى بلغت دعوتهم الدينية أقصى المعمور، فقام في شمال الهند الزعيم الوهابي المغالي السيد أحمد() مستنفرًا مسلمي بنجاب، وأنشأ وهابية، فكان هذا الزعيم يعد عدته لفتح سائر شمالي الهند، فحالت منيته بينه وبين ذلك، واضمحلت الدولة الوهابية الهندية سنة ألف وثمانمائة وثلاثين، غير أنه لما جاء الإنكليز يفتحون البلاد عانوا الأمرَّين من بقايا النار الوهابية الكامنة في الرماد، وظلت هذه النار مخبوءة إلى ما شاء الله، فكانت عاملًا من عوامل الثورة الهندية، ثم استطار من شررها ما تناول أفغانستان وسائر القبائل الهندية عند الحدود الشمالية والغربية فأشعلها أيما إشعال -إلى أن قال-: فالدعوة الوهابية إنما هي دعوة إصلاحية خالصة بحتة، غرضها إصلاح الخرق، ونسخ الشبهات، وإبطال الأوهام، ونقض التفاسير المختلفة والتعاليق المتضاربة التي وضعها أربابها في عصور الإسلام الوسطى، ودحض البدع، وعبادة الأولياء.
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 2013-07-13, 12:51 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وعلى الجملة هي الرجوع إلى الإسلام، والأخذ به على أوله وأصله ولبابه وجوهره؛ أي إنها الاستمساك بالوحدانية التي أوحى الله بها إلى صاحب الرسالة صافية ساذجة، والاهتداء والائتمام بالقرآن المنزل مجردًا، وأما ما سوى ذلك فباطل وليس في شيء من الإسلام، ويقتضي ذلك الاعتصام كل الاعتصام بأركان الدين وفروضه وقواعد الآداب؛ كالصلاة
والصوم وغير ذلك، والكون على السذاجة التامة في أحوال المعيشة، وتحريم اتخاذ الملابس الحريرية، والتأنق في الأطعمة وشرب الخمر والأفيون والتبغ -أي التتن- وغير ذلك مما بعضه من أسباب السرف، وبعضه الآخر من المضار المفسدة لسلامة العقل. انتهى ما يقتضي إيراده هنا مما كتبه ذلك الأجنبي عن الإسلام من الشهادة الصحيحة، والاعتراف بفضل نهضة الإصلاح الوهابية التي لم تحصر في قطر من أقطار الإسلام ولا شعب من شعوبه، بل عم أصل نفعها وهدايتها سائر الأقطار والشعوب الإسلامية.
فما أشبه ذلك بأمر هرقل -قيصر الروم- وأبي سفيان القرشي، حين اطَّلع قيصر على كتاب النبي r الذي دعاه به إلى الإسلام، وجرت قصة محادثة قيصر مع أبي سفيان، وقول قيصر لأبي سفيان: إن صدقت فسيملك محمد ما تحت قدمي، فيخرج أبو سفيان وهو يقول: لقد أَمِرَ أمرُ ابن أبي كبشة، فقد أصبح يخافه ملك بني الأصفر، فما أشبه الليلة بالبارحة، فقد اعترف بفضل الوهابية وإصلاح نهضتها أعداء الإسلام من العلماء كما اعترف قيصر بصحة الرسالة، وأنكر فضل الوهابية أدعياء العلم من المسلمين الجغرافيين كما جحد فضل الرسالة الأقربون من العرب، والفضل ما شهدت به الأعداء. انتهى باختصار من كتاب (البراهين الإسلامية على إبطال المزاعم الراويّة).
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 2013-07-13, 12:53 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

ومقالات علماء المسلمين وعقلاء أهل الكتاب وغيرهم في وصف هذه الدعوة وأهلها بما يشبه حال الصدر الأول، واعترافهم بهدايتهم وأنهم على منهج السلف الصالح كثيرة جدًا، وفيما ذكرناه هنا كفاية، ولله الحمد والمنة.
ولما كانت هذه الدعوة العظيمة مؤسسة على العلم بالكتاب والسنة،
والسير على منهاج السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، والغرض منها تجديد ما اندرس من أمور الإسلام، وإصلاح ما أفسده الناس من السنة النبوية، فقد أيدها الله تعالى بالجهابذة المحققين يجادلون من عارضها بالحجة والبرهان، وأيدها بالأبطال الشجعان يجالدون من عاندها بالسيف والسنان، فأصبح الإسلام بعد طول اغترابه ظاهرًا عزيزًا، وجعل الله للطائفة المنصورة بفضله ونعمته دولة عظيمة ذات شوكة قوية وبأس شديد بعد ما كانوا قليلًا غرباء مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس، فآواهم الله وأيدهم بنصره، ورزقهم من الطيبات لعلهم يشكرون.
فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضي، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، وقد قال الله تعالى: }وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{ [النور: 55]، وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ{ [محمد: 7]، وقال تعالى: }وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ{ [الحج: 40-41]، وقد جعل الله لأهل هذه الدعوة المباركة نصيبا وافرًا مما وعد به في هذه الآيات، والله المسؤول أن لا يغير ذلك عليهم إنه جواد كريم.
وما أحسن ما قاله قتادة عن حال أول هذه الأمة: إن المسلمين لما قالوا: لا إله إلا الله أنكر ذلك المشركون، وكبرت عليهم، وضاق بهم إبليس وجنوده، فأبى الله إلا أن يمضيها ويعليها وينصرها ويظهرها على من ناوأها، إنها كلمة من خاصم بها فلج، ومن قاتل بها نصر، إنما يعرفها أهل هذه الجزيرة من المسلمين التي يقطعها الراكب في ليال قلائل ويسير الدهر في فئام من الناس لا يعرفونها ولا يقرون بها.
قلت: وهكذا كان الأمر في ابتداء دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب قدس الله روحه سواء بسواء، فإنه لما دعا الناس إلى تجريد التوحيد وإخلاص العبادة بجميع أنواعها لله وحده، وتجريد المتابعة للرسول r، والسير على منهاج السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، وترك ما أحدث الخلوف من البدع والتقاليد المخالفة للكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها، أنكر ذلك المشركون وأهل البدع وكبر عليهم وضاقوا به ذرعًا، فأبى الله إلا أن يمضي هذه الدعوة ويظهرها ويفلجها وينصرها على من ناوأها كما قال تعالى في كتابه العزيز: }وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ {.
رد مع اقتباس
  #31  
قديم 2013-07-13, 12:54 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وقد قال الإمام أحمد t في خطبة كتابه في الرد على الزنادقة والجهمية: الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين،
وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدع، وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جُهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وهذه الخطبة تلقاها الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن عمر بن الخطاب t، وقد ذكرها محمد بن وضاح في أول كتابه في الحوادث والبدع فقال: حدثنا أسد، حدثنا رجل يقال له يوسف ثقة، عن أبي عبد الله الواسطي، رفعه إلى عمر بن الخطاب t أنه قال: الحمد لله الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بكتاب الله أهل العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وتائه ضال قد هدوه، بذلوا دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم، وما نسيهم ربك وما كان ربك نسيًا، جعل قصصهم هدى، وأخبر عن حسن مقالاتهم، فلا تقصر عنهم فإنهم في منزلة رفيعة، وإن أصابتهم الوضيعة.
وقد روي عن النبي r أنه قال: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».
وقد رُوي هذا الحديث من طرق متعددة، عن جماعة من الصحابة؛ منهم علي، ومعاذ، وابن عمر، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن مسعود،
وأبو أمامة الباهلي، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم.
ورواه الدارقطني وغيره من حديث إبراهيم بن عبد الرحمن العذري مرسلًا.
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 2013-07-13, 12:59 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

قال الخلال في كتاب (العلل): قرأت على زهير بن صالح بن أحمد، حدثنا مهنا، قال: سألت أحمد عن حديث معاذ بن رفاعة، عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال: قال رسول الله r: «يحمل هذا العلم من كل خَلَف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين» فقلت لأحمد: كأنه موضوع، قال: لا، هو صحيح، فقلت: ممن سمعته أنت؟ فقال: من غير واحد، قلت: من هم؟ قال: حدثني به مسكين، إلا أنه يقول عن معاذ، عن القاسم بن عبد الرحمن؟ قال أحمد: ومعاذ بن رفاعة لا بأس به.

قال أبو عبيد الهروي: (الخلف) بالتحريك والسكون؛ كل من يجيء بعد من مضى، إلا أنه بالتحريك في الخير، والتسكين في الشر يقال: خلَف صدق، وخلْف سوء؛ ومعناهما جميعا القرن من الناس، والمراد في هذا الحديث المفتوح، ومن السكون حديث «سيكون بعد ستين سنة خلْف أضاعوا الصلاة». انتهى.
وقد روى البخاري في الكنى، وابن ماجة في سننه، وابن حبان في صحيحه، عن أبي عنبة الخولاني -وكان قد صلى القبلتين مع رسول الله r- قال: سمعت رسول الله r يقول: «لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسًا يستعملهم في طاعته».

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: غرس الله تعالى هم أهل العلم والعمل، فلو خلت الأرض من عالم خلت من غرس الله، وأخبر النبي r: «أنه لا تزال طائفة من أمته على الحق، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى قيام الساعة»، فلا يزال غرس الله الذين غرسهم في دينه يغرسون العلم في قلوب من أهَّلهم الله لذلك وارتضاهم، فيكونوا ورثة لهم كما كانوا هم ورثة لمن قبلهم، فلا تنقطع حجج الله والقائم بها من الأرض، وكان من دعاء بعض من تقدم: اللهم اجعلني من غرسك، الذين تستعملهم بطاعتك. ولهذا ما أقام الله لهذا الدين من يحفظه ثم قبضه إليه إلا وقد زرع ما علمه من العلم والحكمة إما في قلوب أمثاله، وإما في كتب ينتفع بها الناس بعده، وبهذا وبغيره فَضلَ العلماءُ العُبّادَ، فإذا العالم إذا زرع علمه عند غيره ثم مات جرى عليه أجره وبقي له ذكره، وهو عُمْر ثان وحياة أخرى، وذلك أحق ما تنافس فيه المتنافسون، ورغب فيه الراغبون. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

ومن أعظم نعم الله تعالى التي أمتن بها علينا في هذه الأزمان الحالكة بظلام الشرك والكفر والنفاق والبدع والشكوك والشبهات أنه سبحانه وتعالى أقام لنا الأئمة الأعلام ومصابيح الظلام، يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويجاهدون فرق الزيغ والضلال، ولا يخافون في الله لومة لائم، وأعني بهم شيخ الإسلام أبا العباس أحمد بن تيمية وأصحابه وأصحاب أصحابه، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأصحابه وأصحاب أصحابه، ومن سار على منهاج الجميع
في الدعوة إلى الله تعالى والذب عن دينه، والنصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، إلى يومنا هذا وقليل ما هم، والله المسؤول أن يتم نعمته علينا، وعلى جميع المسلمين، ويصلح أحوالنا وأحوالهم، ويوفقنا وإياهم للتمسك بكتابه وسنة رسوله محمد r، والسير على منهاج سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، وأن يصلح أئمتنا وولاة أمورنا ويوفقهم لما وفق له الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، إن ربي لسميع الدعاء قريب مجيب.


==============================================


لنا تكملة الفصل إنشاء الله عسا يستفيد مسلم عادي ويعلم ماقدمه لنا آل سعود يحفظهم الله والشيخ محمد عبدالوهاب والمجاهدين معه رحمة الله عليهم أجمعين من خير لهذه البلاد من التوحيد تعرف أنت بارك الله فيك مسلم عادى طبعا ماهو التوحيد .
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 2013-07-13, 09:44 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

فصل


إذا عُلم أن الإسلام الحقيقي قد عاد غريبا كما بدأ، وأن سبب اغترابه طغيان الشرك الأكبر، والكفر الأكبر، والنفاق الأكبر، والزندقة والإلحاد، والبدع المضلة في أكثر الأقطار الإسلامية، وغلبة ذلك على الأكثرين.
فليعلم أيضًا أن المنكرات التي فشت في المسلمين، وظهرت بين ظهراني الأكثرين منهم ولم تُغير، قد زادت الإسلام وهنا على وهن، وغربة على غربته، وكذلك ما انتقض من عرى الإسلام أو كاد ينتقض في هذه الأزمان، كل ذلك قد أثَّر في الإسلام ضعفًا، وزاده وهنًا وغربة، وأنا أذكر من ذلك ما هو أكثر وقوعًا وأشد خطرًا؛ نصيحة لإخواني المسلمين، وإنذارًا لهم من شؤم المعاصي وسوء عاقبتها، لعلهم يحذرون غضب الله، ويبتعدون عما يدعو إلى نقمته وأليم عقابه في الدنيا والآخرة.
فمن ذلك الشرك الأصغر، والكفر الأصغر، والنفاق الأصغر، وكل من هذه الثلاثة قد فشا وظهر وانتشر، وقلّ من سلم من التلطخ بأدرانها، أو درن بعضها.
فأما النفاق الأصغر فقد مضى الكلام فيه مع النفاق الأكبر بما أغنى عن إعادته ههنا فليراجع.

وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء، والتصنع للخَلق، والحلف بغير الله، وقول الرجل للرجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وإنا بالله وبك، ومالي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا الله وأنت
لم يكن كذا وكذا. قرر ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى، ثم قال: وقد يكون هذا شركًا أكبر بحسب حال قائله ومقصده. انتهى.
وروى الحافظ أبو يعلى، وابن المنذر، عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- عن أبي بكر t، عن النبي r قال: «الشرك أخفى من دبيب النمل»، قال أبو بكر: يا رسول الله، وهل الشرك إلا ما عُبد من دون الله، أو ما دُعي مع الله؟ قال: «الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل...» الحديث، وفيه: «أن تقول: أعطاني الله وفلان، والند أن يقول الإنسان: لولا فلان قتلني فلان».

وروي الحاكم في مستدركه، وأبو نعيم في الحلية، عن عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا: «الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب على شيء من الجور، أو تبغض على شيء من العدل، وهل الدين إلا الحب في الله والبغض في الله، قال الله عز وجل: }قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ {» صححه الحاكم، وفي إسناده عبد الأعلى بن أعين، قال الدارقطني: ليس بثقة.

وروى ابن أبي حاتم، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قول الله عز وجل: }فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا {قال: الأنداد هو الشرك، أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن يقول: والله، وحياتك يا فلان، وحياتي، ويقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص البارحة، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل لصاحبه: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلان، هذا كله به شرك.
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 2013-07-13, 09:46 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع رجلًا يقول: والكعبة، فقال: لا تحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله r يقول: «من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك» رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وفي رواية للحاكم، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله r يقول: «كل يمين يحلف بها دون الله شرك» قال الحاكم: على شرط مسلم، وأقره الحافظ الذهبي في تلخيصه.
وروى الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، عن ابن عمر، عن عمر t أنه قال: لا وأبي، فقال رسول الله r: «مه! إنه من حلف بشيء دون الله فقد أشرك».
وفي المسند أيضا عن سعد بن عبيدة قال: كنت مع ابن عمر -رضي الله عنهما- في حلقة، فسمع رجلا في حلقة أخرى وهو يقول: لا وأبي، فرماه ابن عمر -رضي الله عنهما- بالحصى وقال: إنها كانت يمين عمر t فنهاه النبي r عنها وقال: «إنها شرك».
وعن ابن عمر أيضا -رضي الله عنهما- أن رسول الله r أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه فقال: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت» رواه مالك، وأحمد، والشيخان، وأهل السنن.
وفي رواية: قال عمر t: فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله r نهى عنها ذاكرًا ولا آثرًا.
وعنه t قال: قال رسول الله r: «من كان حالفًا فلا يحلف إلا بالله»، وكانت قريش تحلف بآبائها فقال: «لا تحلفوا بآبائكم» رواه الإمام أحمد، ومسلم، والنسائي.
وعن عبد الرحمن بن سمرة t قال: قال رسول الله r: «لا تحلفوا بالطواغي، ولا بآبائكم» رواه الإمام أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن ماجة، ولفظ النسائي: «لا تحلفوا بآبائكم، ولا بالطواغيت».
قال أبو موسى المديني وغيره: «الطواغي»؛ جمع طاغية وهي ما كانوا يعبدونه من الأصنام وغيرها.
قال ابن الأثير: ومنه الحديث: «هذه طاغية دوس وخثعم»؛ أي صنمهم ومعبودهم.
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 2013-07-13, 09:47 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون» رواه أبو داود، والنسائي.
وعنه t عن النبي r قال: «من حلف فقال في حلفه: باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق» رواه الشيخان، وأهل السنن، واللفظ للبخاري.
قال الخطابي رحمه الله تعالى: اليمين إنما تكون بالمعبود المعظم، فإذا
حلف باللات ونحوها فقد ضاهى الكفار، فأمر أن يتدارك بكلمة التوحيد.
وقال ابن العربي: من حلف بها جادًا فهو كافر، ومن قالها جاهلًا أو ذاهلًا يقول: لا إله إلا الله، يكفر الله عنه، ويرد قلبه عن السهو إلى الذكر، ولسانه إلى الحق، وينفي عنه ما جرى به من اللغو. انتهى.
وعن سعد بن أبي وقاص t قال: حلفت باللات والعزى فقال أصحابي: قد قلت هجرًا، فأتيت النبي r فقلت: إن العهد كان قريبًا، وإني حلفت باللات والعزى، فقال رسول الله r: «قل لا إله إلا الله وحده ثلاثًا، ثم انفث عن يسارك ثلاثًا، وتعوذ ولا تعد» رواه الإمام أحمد، والنسائي، وابن ماجة.
وفي رواية لأحمد والنسائي: «وتعوذ بالله من الشيطان ولا تعد».
وللنسائي أيضا: «وتعوذ من الشيطان ثلاث مرات، واتفل عن يسارك ثلاث مرات، ولا تعد له».
وعن ثابت بن الضحاك t قال: قال رسول الله r: «من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا فهو كما قال» رواه الإمام أحمد، والشيخان، وأهل السنن إلا أبا داود.
وعن أنس t قال: سمع النبي r رجلًا يقول: أنا إذا اليهودي، فقال رسول الله r: «وجبت» رواه ابن ماجة.
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «من حلف على يمين فهو كما حلف، إن قال: هو يهودي فهو يهودي، وإن قال: هو نصراني
فهو نصراني، وإن قال: هو بريء من الإسلام فهو بريء من الإسلام، ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم» قالوا: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟ قال: «وإن صام وصلى» رواه الإمام الحاكم في مستدركه وصححه، وفي إسناده ضعف.
وعن بريدة t قال: قال رسول الله r: «من حلف فقال: إني برئي من الإسلام، فإن كان كاذبا فهو كما قال، وإن كان صادقًا فلن يرجع إلى الإسلام سالمًا» رواه الإمام أحمد، وأهل السنن إلا الترمذي، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
رد مع اقتباس
  #36  
قديم 2013-07-13, 09:48 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وعنه t قال: قال رسول الله r: «من حلف بالأمانة فليس منا» رواه الإمام أحمد، وأبو داود، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وعن زياد بن حدير قال: كان عمر بن الخطاب t ينهى عن الحلف بالأمانة أشد النهي. رواه أبو نعيم في الحلية.
وروى أيضا عن زياد بن حدير أنه قال: لئن تحك أحشائي حتى تدمى؛ أحب إلي من أن أحلف بالأمانة.
وعن قتيلة بنت صيفي -رضي الله عنها- أن يهوديًا أتى النبي r فقال: إنكم تنددون، وإنكم تشركون؛ تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي r إذا أرادوا أن يحلفوا يقولوا: ورب الكعبة، ويقول أحدهم: ما شاء الله ثم شئت. رواه الإمام أحمد، والنسائي، والحاكم في
مستدركه وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- أن رجلًا من المسلمين رأى في النوم أنه لقي رجلًا من أهل الكتاب فقال: نِعم القوم أنتم، لولا أنكم تشركون؛ تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، وذكر ذلك للنبي r فقال: «أما والله إن كنت لأعرفها لكم، قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد» رواه ابن ماجة.
وله أيضا عن الطفيل بن سخبرة -أخي عائشة رضي الله عنها لأمها- عن النبي r بنحوه، ولم يسبق لفظه، وساقه ابن مردويه مطولًا في تفسير قوله تعالى: }فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ{ [البقرة: 22].
وروى الإمام أحمد، والبخاري في الأدب المفرد، والنسائي، وابن ماجة، كلهم من حديث الأجلح بن عبد الله الكندي، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال رجل للنبي r: ما شاء الله وشئت، قال: «جعلت لله ندًا، ما شاء الله وحده» هذا لفظ البخاري، ولفظ أحمد نحوه.
ولفظ ابن ماجة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله r: «إذا حلف أحدكم فلا يقل: ما شاء الله وشئت، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شئت».
وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- عن النبي r قال: «لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان» رواه أبو داود، والنسائي.
وقد كثرت هذه الأمور الشركية في زماننا، وخفّت على ألسن الأكثرين،
ولا سيما الحلف بغير الله تعالى، كالحلف بالرسول والكعبة والأمانة.
وكثير من الجهال يحلف بالأمانة، ويستحلف غيره بها، ولا يرضى إذا حلف له بالله، وهذا من تلاعب الشيطان ومكره بهم، حيث زين لهم الشرك، وكرّه إليهم التوحيد.
وقد روى ابن ماجة في سننه، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمع النبي r رجلا يحلف بأبيه فقال: «لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حُلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله».
وكثيرًا ما سمعناهم يحلفون بالأمانة في أشرف البقاع وأحبها إلى الله تعالى، وما رأينا أحدًا أنكر عليهم هذا المنكر القبيح، فالله المستعان.
وكذلك حَلِف كثير من الجهال بحياته وحياة أبيه أو من يعظمه قد كثر أيضًا، وكذلك الحلف بغير ملة الإسلام قد كثر جدًا؛ كقول كثير من الجهال: إنه يهودي أو نصراني أو مجوسي إن كان قد فعل كذا، أو إن لم يفعل كذا، فهو يهودي أو نصراني أو مجوسي ونحو ذلك.
وكذلك قول: ما لي إلا الله وأنت، وأنا بالله وبك، وأنا متوكل على الله وعليك، ونحو هذه الألفاظ التي تقتضي التشريك بين الخالق والمخلوق، كل ذلك قد كثر جدًا.
وقد سمعت بعض الجهال يقول ذلك لبعض القضاة، فلا ينكر عليهم، عياذا بالله من الجهل.
ومن أهم الأمور إنكار هذه الشركيات وما في معناها، وهو واجب على كل أحد بحسب قدرته؛ لقول النبي r: «من رأى منكم منكرًا فليغيره
بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأهل السنن من حديث أبي سعيد الخدري t، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 2013-07-13, 09:49 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وفي رواية للنسائي: «من رأى منكرًا فغيره بيده فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بيده فغيره بلسانه فقد برئ، ومن لم يستطع أن يغيره بلسانه فغيره بلقبه فقد برئ، وذلك أضعف الإيمان».
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود t أن رسول الله r قال: «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل».
وأما الرياء، والتصنع للخلق، فأكثر ما يكون وقوعًا في صلاة النافلة، وصدقة التطوع، والذكر والاستغفار، وقراءة القرآن والخطب والوعظ والتذكير، ونحو ذلك، وكثيرًا ما يظهر أثره على صفحات الوجوه، وفلتات الألسن ومن أفعال المرائين وشمائلهم.
وقد روى الإمام أحمد، وابن ماجة، عن أبي سعيد الخدري t قال: خرج علينا رسول الله r ونحن نتذاكر المسيح الدجال فقال: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟» قال: قلنا: بلى، فقال: «الشرك الخفي؛ أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل».
وقد رواه الحاكم في مستدركه مختصرًا ولفظه: «الشرك الخفي أن يعمل الرجل لمكان الرجل» قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وروى ابن خزيمة في صحيحه، عن محمود بن لبيد t قال: خرج علينا رسول الله r فقال: «أيها الناس، إياكم وشرك السرائر» قالوا: يا رسول الله، وما شرك السرائر؟ قال: «يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه، فذلك شرك السرائر».
وروى أبو نعيم في الحلية، عن إبراهيم بن الأشعث قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ترك العمل من أجل الناس هو الرياء، والعمل من أجل الناس هو الشرك.
وروى أبو نعيم أيضًا، عن أبي روح المروزي قال: قال عبد الله بن المبارك: لو أن رجلين اصطحبا في الطريق، فأراد أحدهما أن يصلي ركعتين، فتركهما لأجل صاحبه، كان ذلك رياء، وإن صلاهما من أجل صاحبه فهو شرك.
وروى الإمام أحمد، وابن ماجة، والطبراني من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده t أن رسول الله قال: «لا يَقُصُّ على الناس إلا أمير، أو مأمور، أو مراء».
وفي سنن أبي داود، عن عوف بن مالك الأشجعي t قال: سمعت رسول الله r يقول: «لا يَقُصُّ إلا أمير أو مأمور أو مختال».
وقد رواه البخاري في (التاريخ الكبير) عن ذي الكلاع قال: كان كعب يقص في إمارة معاوية، فقال عوف بن مالك لذي الكلاع: يا أبا شراحيل، أرأيت ابن عمك أبأمر الأمير يقص؟ فإني سمعت النبي r يقول: «القُصاص ثلاثة: أمير أو مأمور أو مختال» فمكث كعب سنة لا يقص حتى أرسل إليه معاوية يأمره أن يقص.
وقال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام، حدثنا عبد الجبار الخولاني قال: دخل رجل من أصحاب النبي r المسجد فإذا كعب يقص، فقال: من هذا؟ قالوا: كعب يقص، فقال: سمعت رسول الله r يقول: «لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال» قال: فبلغ ذلك كعبًا فما رُئي يقص بعد. إسناده حسن.
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 2013-07-13, 09:51 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وقال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوام، حدثنا عبد الجبار الخولاني قال: دخل رجل من أصحاب النبي r المسجد فإذا كعب يقص، فقال: من هذا؟ قالوا: كعب يقص، فقال: سمعت رسول الله r يقول: «لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال» قال: فبلغ ذلك كعبًا فما رُئي يقص بعد. إسناده حسن.
قال الخطابي رحمه الله تعالى: بلغني عن ابن سريج أنه كان يقول هذا في الخطبة، وكان الأمراء يلون الخطب، فيعظون الناس، ويذكرونهم فيها، فأما المأمور: فهو من يقيمه الإمام خطيبًا، فيعظ الناس ويقص عليهم، وأما المختال: فهو الذي نصب نفسه لذلك من غير أن يؤمر به، ويقص على الناس طلبا للرياسة، فهو يرائي بذلك ويختال، وقد قيل: إن المتكلمين على الناس ثلاثة أصناف؛ مذكر، وواعظ، وقاص؛ فالمذكر: الذي يذكر الناس آلاء الله ونعماءه، ويبعثهم بها على الشكر له، والواعظ: يخوفهم بالله وينذرهم عقوبته، فيردعهم به عن المعاصي، والقاص: هو الذي يروي لهم أخبار الماضين ويسرد عليهم القصص، فلا يؤمن أن يزيد فيها أو ينقص، والمذكِّر والواعظ مأمون عليهما هذا المعنى. انتهى.
قلت: لكن لا يؤمن على المذكر والواعظ الخيلاء والرياء، فإن ذلك هو الغالب على كثير ممن ينصب نفسه ابتداء، من غير أن يؤمر به.
وظاهر الحديث يشمل الأصناف الثلاثة، وقد روي عن علي، وعابد بن عمر، وابن عباس، وغيرهم -رضي الله عنهم- ما يدل على ذلك.
فروى حنبل بن إسحاق، من طريق أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس قال: مرّ علي t على قاص، فقام إليه فقال: هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هل تعرف المحكم من المتشابه؟ قال: لا، قال: هل تعرف الزجر من الأمر؟ قال: لا، قال: فأخذ بيده فرفعها وقال: إن هذا يقول: اعرفوني، اعرفوني.
وروى حنبل أيضًا، عن عابد بن عمر أنه قال لقاص: هل تعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: فعلام تقص على الناس وتغرهم عن دينهم، وأنت لا تعرف حلال الله من حرامه!
فهذا علي وعابد، أطلقا اسم القاص على من ينصب نفسه لإرشاد الناس وتعليمهم، فهو أعم من رواية الأخبار وسرد القصص.
وروى البخاري في (التاريخ الكبير)، عن جبير بن نفير قال: أرسلتني أم الدرداء رضي الله عنها -يعني إلى نوف البكالي- قالت: يا جبير، اذهب إلى أنيف، وفلان لم يسمه -قاصين كانا بحمص- فقل لهما: يجعلان من موعظتهما للناس في أنفسهما.
فهذه أم الدرداء -رضي لله عنها- أطلقت اسم القاص على من يعظ الناس ويذكرهم.
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 2013-07-13, 09:57 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وروى الإمام أحمد، والنسائي، عن أبي أمامة t قال: جاء رجل إلى النبي r فقال: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ قال: «لا شيء له» فأعادها ثلاث مرات، يقول رسول الله r: «لا شيء له» ثم قال: «إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغي به وجهه». إسناده جيد.
وفي مستدرك الحاكم، عن طاوس قال: قال رجل: يا نبي الله، إني أقف المواقف ابتغي وجه الله، وأحب أن يُرى موطني؟ قال: فلم يرد عليه رسول الله r حتى نزلت: }فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا {الآية.
وروى البزار، والطبراني، والدارقطني، والبيهقي، عن أنس t قال: قال رسول الله r: «يُجاء يوم القيامة بصحف مختمة، فتنصب بين يدي الله عز وجل، فيقول الله عز وجل لملائكته: ألقوا هذا، واقبلوا هذا، فتقول الملائكة: وعزتك ما رأينا إلا خيرًا، فيقول -وهو أعلم-: إن هذا كان لغيري، ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما ابتغي به وجهي».
وروى البزار، والدارقطني، والبيهقي، عن الضحاك بن قيس الفهري قال: قال رسول الله r: «إن الله عز وجل يقول: أنا خير شريك، فمن أشرك معي شريكًا فهو لشريكي، يا أيها الناس، أخلصوا أعمالكم لله عز وجل، فإن الله لا يقبل إلا ما أخلص له، ولا تقولوا: هذا لله وللرحم، فإنها للرحم، وليس لله منها شيء، ولا تقولوا: هذا لله ولوجوهكم، فإنها لوجوهكم وليس لله منها شيء».
وفي صحيح مسلم، من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه».
ورواه ابن ماجة في سننه، من حديث العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة t، عن النبي r قال: «قال الله عز وجل: أنا أغني الشركاء عن الشرك فمن عمل لي عملًا أشرك فيه غيري فأنا منه بريء، وهو للذي أشرك».
وهكذا رواه الإمام أحمد في مسنده، من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة t، عن النبي r بنحو رواية ابن ماجة.
وروى الإمام أحمد أيضًا، والترمذي، وابن ماجة، والبخاري في الكُنى، وابن حبان في صحيحه، عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري -وكان من الصحابة رضي الله عنهم- أنه قال: سمعت رسول الله r يقول: «إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى منادٍ: من كان أشرك في عمل عمله لله أحدًا فليطلب ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك».
رد مع اقتباس
  #40  
قديم 2013-07-13, 09:59 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 692
افتراضي

وروى الإمام أحمد أيضًا، عن محمود بن لبيد t أن رسول الله r قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر» قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: «الرياء؛ يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟!».
وروى ابن ماجة في سننه، والطبراني في الصغير، والحاكم في مستدركه، والبيهقي في شعب الإيمان، عن معاذ بن جبل t قال: سمعت رسول الله r يقول: «إن يسير الرياء شرك» قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وفي الصحيحين، عن جندب بن عبد الله البجلي t قال: قال النبي r: «من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به».
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي نحوه. رواه الإمام أحمد، ومسلم.
ولأحمد أيضا، وابن ماجة، عن أبي سعيد الخدري t عن النبي r نحو ذلك.
وكذا عن أبي بكرة t، عن النبي r. رواه الإمام أحمد.
وقد ذكر العلماء في معنى هذه الأحاديث أقوالا كثيرة؛ ومن أحسنها ما قاله الخطابي رحمه الله تعالى: إن معناها: من عمل عملًا على غير إخلاص، وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه، جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه، ويظهر ما كان يبطنه.
وقيل: من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس، ولم يرد به وجه الله، فإن الله يجعله حديثا عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم، ولا ثواب له في الآخرة.
وقيل: معنى «سمع الله به»: شهره، أو ملأ أسماع الناس بسوء الثناء عليه في الدنيا، أو في يوم القيامة؛ بما ينطوي عليه من خبث السريرة. انتهى.
وحاصل هذه الأقوال الثلاثة يرجع إلى شيء واحد؛ وهو شهر المرائي وفضيحته عند الناس؛ بإظهار سريرته لهم، وما كان يقصده بعمله من طلب المحمدة والتعظيم والإكرام منهم، كما جاء في الحديث: «ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله ردائها، إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرا فشر» رواه الطبراني من حديث جندب بن سفيان البجلي t.
وقد روى الإمام أحمد، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله r يقول: «من سمَّع الناس بعمله سمَّع الله به مسامع خلقه وصغَّره وحقَّره».
قال أبو عبيد الهروي: يقال: سمَّعت بالرجل تسمعًا وتسمِعة؛ إذا شهرته ونددت به، أراد أن الله يسمع به أسماع خلقه يوم القيامة. انتهى.
وروى الإمام أحمد أيضا، والدارمي، عن أبي هند الداري t، أنه سمع النبي r يقول: «من قام مقام رياء وسمعة، راءى الله به يوم القيامة وسمَّع به».
وروى الطبراني من حديث عوف بن مالك الأشجعي t عن النبي r نحوه.
وله من حديث معاذ t، عن رسول الله r قال: «ما من عبد يقوم في الدنيا مقام سمعة ورياء إلا سمَّع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة».
وروى البخاري رحمه الله تعالى في تاريخه الصغير، عن ابن عقربة الجهني t قال: سمعت النبي r يقول: «من قام بخطبة لا يلتمس إلا رياء وسمعة، وقفه الله يوم القيامة موقف رياء وسمعة».
وروى ابن وهب، عن عبد الله بن قيس الخزاعي أن رسول الله r قال: «من قام رياء وسمعة لم يزل في مقت الله حتى يجلس».
وروى أبو نعيم في الحلية، عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن عدي بن حاتم t قال: قال رسول الله r: «يؤمر يوم القيامة بناس من الناس إلى الجنة، حتى إذا دنوا منها ونظروا إليها، واستنشقوا رائحتها وإلى ما أعد الله لأهلها، نودوا أن اصرفوهم لا نصيب لهم فيها، قال: فيرجعون بحسرة ما رجع الأولون بمثلها، قال: فيقولون: يا ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما
أريتنا من ثوابك وما أعددت فيها لأوليائك كان أهون علينا، قال: ذاك أردت بكم، كنتم إذا خلوتم بارزتموني بالعظائم، وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين، تراؤون الناس بخلاف ما تعطوني من قلوبكم، هبتم الناس ولم تهابوني، أجللتم الناس ولم تجلوني، وتركتم للناس ولم تتركوا لي، فاليوم أذيقكم أليم العذاب، مع ما حرمتكم من الثواب».
وروى أبو نعيم أيضًا، عن الأوزاعي قال: بلغني أنه ما وعظ رجل قومًا لا يريد به وجه الله إلا زلَّت عنه القلوب كما زال الماء عن الصفاء.
وروى الإمام أحمد في الزهد عن مالك بن دينار قال: إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلَّت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا.
وروى أبو نعيم، عن سفيان بن عيينة أنه قال: من تزين للناس بشيء يعلم الله تعالى منه غير ذلك شانه الله.
إذا علم هذا، فليعلم أيضا أن الرياء والسمعة من أكثر ما يكون وقوعًا، فينبغي للمسلم الناصح لنفسه أن يحذر من ذلك أشد الحذر ويحاسب نفسه على الدقيق والجليل من أعماله؛ فما كان منها خالصًا فليمضه، وما كان فيه شائبة لغيره فليتركه، وليجتهد في إتقان العمل وإخلاصه لله وحده لا شريك له، قال الله تعالى: }فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا {، قال سعيد بن جبير في هذه الآية: لا يرائي بعبادة ربه أحدًا. رواه أبو نعيم في الحلية، وقال الله تعالى: }إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ {.
وعن معاذ بن جبل t أنه سئل: من المتقون؟ قال: قوم اتقوا الشرك،
وعبادة الأوثان، وأخلصوا العبادة. رواه ابن أبي حاتم.
ورُوي عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى أنه قال في قوله تعالى: }لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا{ [الملك: 2] قال: أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا؛ والخالص: أن يكون لله، والصواب: أن يكون على السنة.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما، ومتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد، فمتى فقد الإخلاص كان منافقًا وهم الذين يراءون الناس، ومتى فقد المتابعة كان ضالًا جاهلًا، ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم. الآية. انتهى.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 مكيفات الهواء بالمدينة   شركه تنظيف فلل في العين   أكثر مشاهير السناب في السعودية   مشاهير السناب شات   سنابات نجوم السعودية   شنطة مكياج كاملة   كل حصري   لعبة استراتيجية   تركيب اثاث ايكيا   yalla shoot   شركة سياحة في روسيا   بنشر متنقل   شركة تصميم مواقع   المساج في مدينة الرياض   تنظيف خزانات بمكة   شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة تنظيف منازل بالرياض   خدمة مكافحة الصراصير بالرياض   شدات ببجي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   مجوهرات يلا لودو   شحن يلا لودو   ايتونز امريكي   بطاقات ايتونز امريكي   شدات ببجي تمارا   شدات ببجي اقساط 
 شركة تنظيف بخميس مشيط   تشليح الرياض   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   تصليح غسالات اتوماتيك   شركة مكافحة حشرات   شركة عزل خزانات بجدة   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   تنظيف منازل   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   زيادة متابعين تيك توك حقيقيين   دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة   يلا شوت   يلا شوت   يلا لايف   yalla shoot 
 الحلوى العمانية   Yalla shoot   شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   اشتراك كاسبر   مكسرات لوز فستق 
 اسعار مظلات وسواتر في الرياض   ساندوتش بانل   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 
 موسوعة   kora live   social media free online tools   تطبيق الكابتن تمارين كمال اجسام و فيتنس   كشف تسربات المياه بالرياض و شركة عزل خزانات المياه بالرياض  شركة صيانة افران بالرياض || اشتراك rk tv
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة عزل اسطح بجدة   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 


Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd