منتديات الجامع  

للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 Online quran classes for kids   online quran academy 
فور شباب ||| الحوار العربي ||| منتديات شباب الأمة ||| الأذكار ||| دليل السياح ||| تقنية تك ||| بروفيشنال برامج ||| موقع حياتها ||| طريق النجاح ||| شبكة زاد المتقين الإسلامية ||| موقع . كوم ||| مقالات ||| شو ون شو ||| طبيبة الأسرة |||

العودة   منتديات الجامع > القسم العام > الصوتيات والمرئيات الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #41  
قديم 2012-07-27, 02:00 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)


بيعة العقبة الثانية :
ثم كانت بعد ذلك بيعة العقبة الثانية وذلك في السنة الثالثة عشرة من البعثة حج من المسلمين من أهل المدينة بضع وسبعون نفسًا من المسلمين ضمن حجاج قومهم من المشركين[ لأن المدينة ما زال فيها من مشركون وفيها مسلمون، وكان المسلمون يقولون :حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخوف‏ صلوات الله وسلامه عليه؟
يقول كعب بن مالك :خرجنا إلى الحج، وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق أي في الثاني عشر من ذي الحجة، يقول: وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حَرَام سيد من ساداتنا، وشريف من أشرافنا، [وهذا والد جابر بن عبد الله الصحابي ] ، يقول:أخذناه معنا ـ وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا [ أي لا نظهر لهم أننا مسلمون وأننا مواعدون للنبي صلى الله عليه وسلم]، يقول: فكلمناعبد الله بن عمرو بن حرام فقلنا له‏:‏ يا أبا جابر، إنك سيد من ساداتنا، وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدًا‏.‏ ثم دعوناه إلى الإسلام، وأخبرناه بموعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبًا‏ من النقباء.‏
قال كعب‏:‏ فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتسلل تسلل القَطَا، مستخفين،[القطا يعني الطير الحمام]، حتى اجتمعنا في الشِّعْب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلًا، وامرأتان من نسائنا؛ نُسَيْبَة بنت كعب ـ أم عُمَارة ـ ،وأسماء بنت عمرو من بني سلمة‏.‏
يقول:فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا، ومعه عمه‏:‏ العباس بن عبد المطلب ـ والعباس يومئذ على دين قومه ـ [إنه عم النبي صلى الله عليه وسلم جاء فأراد أن يعرف ما هم صانعون بابن أخيه ] ، فلما اجتمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم وكان أول المتكلمين عم النبي صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد المطلب، فقال : يا معشر الخزرج [قال الخزرج لأن الخزرج أكثر من الأوس والعرب كانت تسمي الأوس الخزرج لكثرتهم] ، قال : يا معشر الخزرج إن محمدا منا حيث قد علمتم [ أي في النسب ، والمكانة ، والمحبة ] وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه[ يعني على الكفر] ، فهو في عز من قومه ، ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الإنحياز لكم ، واللحوق بكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك‏.‏ وإن كنتم ترون أنكم مُسْلِمُوه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه‏.‏ فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده‏.‏[ يريد أن يطمئن ما سيكون لابن أخيه صلوات الله وسلامه عليه].
فقال كعب‏:‏ فقلنا له‏:‏ قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله ، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت‏.‏
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تبايعوني. فقالوا‏:‏ يا رسول الله ، نبايعك على ماذا‏؟‏ قال‏:‏
على السمع والطاعة في النشاط والكسل‏.‏ وعلى النفقة في العسر واليسر‏.‏ وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏ وعلى أن تقوموا في الله ، لا تأخذكم في الله لومة لائم‏.‏ وعلى أن تنصرونى إذا قدمت إليكم، وتمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة‏‏‏.‏

قال كعب: فتلا القرآن، ودعا إلى الله ، ورغب في الإسلام، ثم قام البراء ابن مَعْرُور فأخذ بيده ثم قال‏:‏ نعم، والذي بعثك بالحق نبيًا، لنمنعنك مما نمنع أُزُرَنا منه، فبايعنا يا رسول الله ، فنحن والله أبناء الحرب وأهل الْحَلْقَة، ورثناها كابرًا عن كابر‏.‏
يقول: فقام أبو الهيثم بن التَّيَّهَان، فقال‏:‏ يا رسول الله ، إن بيننا وبين الرجال حبالًا[يعني اليهود ، عهود بيننا وبين اليهود]، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله إن ترجع إلى قومك وتدعنا‏؟‏[ يعني ترجع إلى مكة وتتركنا].
قال‏:‏ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال‏:‏ ‏بل الدَّمُ الدَّمُ، والهَدْمُ الْهَدْمُ، أنا منكم وأنتم منى، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم‏‏‏.‏
وفي رواية أن جابرا قال: فقمنا نبايع النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول: فأخذ بيده أسعد بن زرارة فقال: رويدا يا أهل يثرب ، إنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله . وإن إخراجه اليوم مفارقة للعرب كافة، وفيه قتل خياركم، وأن تعضكم السيوف فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه فهو أعذر لكم عند الله.
يريد أسعد بن زرارة أن يثير فيهم محبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم .فقالوا يا أسعد أمط عنا يدك ، فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها . فبايعوا النبي صلى الله عليه وسلم وصافخهم إلا الإمرأتين فإنه ما صافح امرأة أجنبية قط صلوات الله وسلامه عليه.
ثم جعل عليهم إثني عشر نقيبا، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس‏.‏

أما نقباء الخزرج :

1ـ أسعد بن زُرَارَة بن عدس‏.‏
2ـ سعد بن الرَّبِيع .
3ـ عبد الله بن رواحة ‏.‏
4ـ رافع بن مالك ‏.‏
5ـ البراء بن مَعْرُور ‏.‏
6ـ عبد الله بن عمرو بن حَرَام‏.‏
7ـ عبادة بن الصامت ‏.‏
8 ـ سعد بن عبادة ‏.‏
9ـ المنذر بن عمرو
‏.‏

وأما نقباء الأوس :


1ـ أُسَيْد بن حُضَيْر ‏.‏
2ـ سعد بن خَيْثَمَة ‏.‏
3ـ رفاعة بن عبد المنذر ‏.

ثم بعد ذلك أي بعد أن تمت هذه المبايعة بين النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين الذين بايعوه صاح الشيطان وقال‏:‏ يا أهل الجَبَاجب ـ المنازل ـ هل لكم في مُحمد والصباة ‏؟‏ قد اجتمعوا على حربكم‏.‏
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏هذا أزَبُّ العقبة، أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك‏.‏ ثم أمرهم أن ينفضوا إلى رحالهم‏.‏
لما سمعت قريش هذا الصوت جاءت إلى يثرب فقالت لهم:"يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا ، وتبايعونه على حربنا ، وإنه والله ما من خي من العرب أبغض إلينا من أن تنشب معه الحرب منكم.
فقام مشركوا أهل المدينة مشركوا يثرب فقالوا: والله ما وقع شيء من هذا ، ولا تم شيء من هذا . وصاروا يحلفون بالله ما وقع شيء من هذا. فأتى الناس عبد الله بن أبي بن سلول وكان سيدا من سادات الخزرج فجعل يقول: هذا باطل وما كان هذا ، وما كان قومي ليفعلوا مثل هذا إلا وأخبروني.
فاستمرت قريش تبحث وتستقصي الأخبار حتى تأكد لديهم أن الخبر صحيح، والبيعة قد تمت ،فلما نفر الحجيج ، فسارع فرسانهم لمطاردة أهل يثرب، ولكن بعد فوات الأوان، ولكنهم تمكنوا من رؤية سعد بن عبادة والمنذر ابن عمرو فطاردوهما، ففر منهم وأعجز المنذر بن عمرو،، وأمسكوا سعد بن عبادة، فربطوا يديه إلى عنقه ، وجعلوا يضربونه ويجرونه ويجرون شعره حتى أدخلوه مكة، فجاء المطعم بن عدى والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من أيديهم؛ وذلك أن سعد بن عبادة من سادات أهل المدينة‏.‏
رد مع اقتباس
  #42  
قديم 2012-07-28, 12:23 AM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)



طلائـع الهجـرة :


وبعد أن تمت بيعة العقبة الثانية بين النبي صلى الله عليه وسلم وأهل المدينة، أهل طيبة بدأ المسلمون يهاجرون ، وحاول المشركون صد المسلمين عن الهجرة ‏.‏

و كان أول المهاجرين أبو سلمة هاجر قبل العقبة الكبرى بسنة على ما قاله ابن إسحاق وغيره وأخذ معه زوجته وابنه(أي أخذ أمة سلمة وولدهما سلمة)، فجاءه أصهاره(أي أهل زوجته)‏:‏ فقالوا له أما نفسك لا نستطيعها (أي ما نستطيع أن نمنعك من الهجرة)، أرأيت صاحبتنا هذه‏؟‏ علام نتركك تسير بها في البلاد‏؟‏فوالله لا ندعها معك ،فأخذوا منه زوجته( ومن الطبيعي جدا أن ولده سلمة الصغير أرجع مع أمه)، فغضب آل أبي سلمة : كيف تأخذون من الرجل زوجته .فقالوا إذا فعلتم ذلك فنحن نأخذ إبننا . فأخذو سلمة من أمه فتشتت أمر هذه العائلة الصغيرة. أبو سلمة هاجر ، أم سلمة أخذها قومها ، وسلمة أخذه قوم أبيه.
وانطلق أبو سلمة وحده إلى المدينة ، وكانت أم سلمة بعد ذهاب زوجها وأخذ ابنها منها تخرج إلى الأبطح تبكى حتى تمسى، واستمرت على ذلك الأمر سنة كاملة وهي تبكي فراق زوجها وفراق ابنها، فرق لها أحد ذويها وقال‏:‏ ألا تخرجون هذه المسكينة‏؟‏ فرقتم بينها وبين زوجها وولدها، فقالوا لها‏:‏ الحقى بزوجك إن شئت، فذهبت إلى أهل زوجها فأعطوها ولدها ، ثم هاجرت خلف زوجها إلى المدينة ، ولكنها لما خرجت لم يكن معها أحد فلقيها في الطريق عثمان بن طلحة ، بعد أن عرف حالها شيعها (أي تابعها وسار معها يجاريها في السير )حتى وصل بها إلى المدينة، فلما وصل إلى المدينة ، قال‏:‏ زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله ، ثم انصرف إلى مكة‏.‏
هذه صورة من المهاجرين ، وكيف عانوا في خروجهم من مكة إلى المدينة فارين بدينهم.
وهذه صورة أخرى وهي هجرة صُهَيْب بن سِنان الرومى أبو يحيى رحمه الله تبارك وتعالى ورضي عنه ، وذلك أنه لما أراد الهجرة جاءه كفار مكة وقالوا: ‏:‏ أتيتنا صعلوكًا حقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت(أي من المال)، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك‏؟‏ والله لا يكون ذلك‏( سبحان الله ما سرق مالهم ولا غشهم ولا رباهم ، وإنما اشتغل بعرق جبينه ، ومع هذا قالوا لا تخرج أنت بمالك أبدا).‏ فقال لهم صهيب‏:‏ أرأيتم إن جعلت لكم مالى أتخلون سبيلى‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ فأني قد جعلت لكم مالى، فبلغ هذا الأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏‏ربح البيع ، ربح البيع‏‏.‏
ذكر بعض أهل العلم أن قول الله تبارك وتعالى :" ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد: أنها نزلت في صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه وأرضاه.
رد مع اقتباس
  #43  
قديم 2012-07-28, 08:51 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)



خطة قريش في قتل النبي صلى الله عليه وسلم والمر بالهجرة إلى المدينة:


وفي شهر صفر من السنة الرابعة عشر من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم،اجتمع أهل مكة على أمر عظيم ما اجتمعوا على مثله قط ، وذلك أنهم اجتمعوا دار الندوة‏ وتعاقدوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الرأي كان رأي أبي جهل رأس قريش في ذلك الوقت . فقال ابو جهل : والله إن لي فيه رأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد؟ قالوا : وما هو يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتا شابا جليدا نسبيا وسيطا فتيا، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ، ثم يعمدوا إليه (أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم)، فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه ، فنستريح منه ، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا ، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا فيرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم(يدفع لهم الدية بعد ذلك).
بعد هذا الأمر الخطير أرسل الله تبارك وتعالى جبريل عليه السلام وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى يأمره بالهجرة، فذهب النبي صلى الله عليه ويلم في الهاجرة(أي قبيل الظهر) إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليبرم معه مراحل الهجرة تقول عائشة ‏:‏ بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر‏:‏ هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعًا، في ساعة لم يكن يأتينا فيها، تقول عائشة:فقال أبو بكر‏:‏ فداء له أبي وأمى، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر(أي أمر مهم)‏.‏ قالت عائشة‏:‏ فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏، فاستأذن،فأذن له فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر‏:‏ ‏"أخرج مَنْ عندك"(يعني أريد أن أخبرك بأمر مهم سري لا يجوز أن يطلع عليه أحد)‏‏.‏ فقال أبو بكر‏:‏ إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله ‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فأني قد أذن لى في الخروج‏"، فقال أبو بكر‏:‏ الصحبة بأبي أنت يا رسول الله ‏؟‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏نعم‏‏‏.‏
فبقي النبي صلى الله عليه وسلم إلى عتمة الليل وكفار مكة عند باب النبي صلى الله عليه وسلم ساهرون يردون قتل النبي صلى الله عليه وسلم وفيه أنزل الله تبارك وتعالى :" وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين "الأنفال 30.
هذا مكرهم وهو أنهم قد اجتمعوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يقتله شباب أقوياء فيتفرق دم النبي صلى الله عليه وسلم في القبائل فيقبلوا بنو عبد مناف الدية ، هذا مكرهم، وللنظر إلى مكر الله تبارك وتعالى كف صنع الله تبارك وتعالى كيف صنع الله تبارك وتعالى بهم كما قال جل وعلا:"إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا"الطارق 15 16 17".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب : نم على فراشي وتَسَجَّ ببردي فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم . هذا تصبير من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب .
وقد أبقي النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ، وهذا يدلنا على أمرين اثنين وإن كانت أكثر من أمر ، ولكن نريد أن ننبه إلى أمرين اثنين أرى أنهما من أهم الأمور:
أولهما هو أن كفار مكة كانوا يقولون أن النبي صلى الله عليه وسلم كاذب، ساحر، شاعر ،مجنون ، كذَّاب وغير ذلك من الصفات التي اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم بها وهم في ذلك كاذبون ، هم لا يصدقون ما يقولون ولذلك كانوا يضعون أماناتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم فهل يجوز أن يعطي عاقل الأمانة إلى رجل يرى أنه كذاب ، أو أنه مجنون ، أو أنه ساحر ، أو شاعر ، هذا لا يمكن
أبدا . فدل هذا على أنهم لا يكذبونه . كما قال الله تبارك وتعالى :" فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون".
_أما الأمر الثاني فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمينا لما أرادوا قتله ما قالوا أنا آخذ أموالهم لأنهم يريدون قتلي فأنا أستحقها ، أبدا ولذلك قال صلوات الله وسلامه عليه :" أدّ الأمانة إلى من إئتمنك ولا تخن من خانك"(أي وإن خان هو فأنت لا تخن ) فالمؤمن من لا يخون أبدا فتبقى أخلاق المؤمن شامخة عالية شامخة وإن غدر من غدر من الكافرين . الشاهد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما عزم على الخروج من بيته صلوات الله وسلامه عليه ، وأولئك الشبان الأقوياء المسلحون ينتظرون عند باب النبي صلى الله عليه وسلم ، ينتظرون خروجه ليقتلوه ، خرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ألقى الله تبارك وتعالى عليهم النوم جميعا ، خرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم واخذ حفنة من البطحاء(يعني من التراب) فجعل يذره على رءوسهم(أي جعل التراب فوق رؤوسهم)، وكان الله قد أخذ بأبصارهم عنه فلا يرونه، والنبي يتلو صلوات الله وسلامه عليه‏:‏ ‏"‏وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ‏"‏ ‏[‏يس‏:‏9‏]‏‏.‏ فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه ترابًا، ومضى إلى بيت أبي بكر، فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلًا(خوخة الباب الصغير ) حتى لحقا بغار ثَوْر في اتجاه اليمن‏.‏هذا هو مكر الله تبارك وتعالى كيف هم مكروا وكيف الله جل وعلا مكر لنبيه صلى الله عليه وسلم.
وبقوا هكذا واقفين حتى جاءهم رجل ممن لم يكن معهم ورآهم ببابه فقال: ما تنتظرون؟ قالوا : محمدا. قال: خبتم وخسرتم قد والله مر بكم وذر على رؤوسكم . فوجدوا التراب وقاموا ينفضون وقالوا: والله ما أبصرنا.
ثم نظروا إلى داخل البيت فرأوا علا فقالوا : هذا والله محمد إنه نائم ، قلم يبرحوا كذلك حتى أصبح .
وقام علي عن الفراش فسقط في أيديهم فقالوا له: أين محمد؟ قال: لا علم لي .
رد مع اقتباس
  #44  
قديم 2012-07-28, 08:57 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)



الهجرة :(تابع)
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريشا ستجدُّ في الطلب ، وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار هو المدينة فكان من ذكائه صلوات الله وسلامه عليه أن سلك طريقا آخر يضاده تماما وهو طريق اليمن مشى خمسة أميال في اتجاه اليمن ، والعقول كلها تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم سيهاجر إلى المدينة.
وهكذا كان النبي صلوات الله وسلامه عليه ولكنه أراد أن يعمي عليهم الأمر، فذهب إلى جهة اليمن ومكث في مكان يقال له جبل ثور فمكث فيه ثلاثة أيام صلوات الله وسلامه عليه ، وكان يمشي متجها إلى جبل ثور على أطراف قدميه ، وذلك أن الطريق كلن وعرا فحفيت قدماه صلوات الله وسلامه عليه ، وطفق يشتد به حتى انتهي به إلى غار في قمة الجبل، وهو ما يسمى الآن بغار ثور معروف في جهة مكة من جهة اليمن خلف منطقة العزيزية هناك.
ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر‏:‏ والله لا تدخله حتى أدخل قبلك، فإن كان فيه شيء أصابني دونك، فدخل فكسحه(أي نظفه)، ووجد في جانبه ثقبًا فشق إزاره وسدها به(أي سد هذه الفتحة بإزاره)، وبقي منها اثنان(أي ثقبان آخران) فألقمهما رجليه، ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ادخل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع رأسه في حجر أبي بكر ونام، فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر، ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقطت دموعه(أي من شدة الألم) على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏ رسول الله له:‏ ‏"ما لك يا أبا بكر‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ لدغت، فداك أبي وأمي، فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان اللدغة فذهب ما يجده‏.‏
وهذا أيضا يبين لنا أمرين اثنين :
الأول : شدة محبته للنبي صلى الله عليه وسلم ، حتى أنه يلدغ فلا يتحرك حتى لا يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم .
الثاني :
هو بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، كيف أنه مجرد أن تفل في جرحه أذهب الله جل وعلا عنه ما يجد.
وظلا في الغار ثلاث ليال ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد‏.‏ وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما‏.‏ قالت عائشة‏:‏ وهو غلام شاب ثَقِف لَقِن، فيُدْلِج من عندهما بسَحَرٍ(أي في آخر الليل)، فيصبح مع قريش بمكة كبائت فيها، فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام،( يعني عبد الله بن أبي بكر الصديق كان يجلس مع النبي وأبي بكر إلى السحر يعني إلى قريب الفجر ثم يرجع إلى مكة حتى إذا أصبح أصبح مع الناس ، فيسمع كلام الناس ماذا يقولون --حيث أنهم لا يتكلمون إلا على خروج النبي صلى الله عليه وسلم -ثم إذا صار الليل ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واخبرهما الخبر وماذا يقوله الناس ). و ‏‏كان‏‏ يرعى عليهما عامر بن فُهَيْرَة مولى أبي بكر مِنْحَة من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رِسْل ( يعني أن عامر بن فهيرة يأتيهما باللبن قبل أن يناما رضي الله عن أبي بكر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ) .وكان يفعل ذلك(أي عامر بن فهيرة) كل ليلة من تلك الليالى ، وكان عامر بن فهيرة ماذا يفعل؟ يأتي إلى أثر عبد الله بن أبي بكر وهو راجع فيمشي بالغنم على مكان الأثر حتى تذهب أثره .
وأما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد لديها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أفلت قي صبيحة الليلة التي قد عزموا فيها على قتله صلوات الله وسلامه عليه ‏.‏ وحاولوا في علي رضي الله عنه وآذوه حتى يعلمهم بمكانه صلى الله عليه وسلم ، ولم يخبرهم بشيء حتى أيسوا منه. فذهب أبو جهل إلى بيت أبي بكر الصديق، فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر، فقال لها‏ أبو جهل:‏ أين أبوك‏؟‏ قالت‏:‏ لا أدرى والله أين أبي‏؟‏ فـرفع أبو جهل يـده فلطم خـدها لطمـة طـرح منها قرطها‏(أي ما يكون في الأذن مما تتزين به النساء).‏
وجعلت قربش مكافأة قدرها مائة ناقة لكل من يدلها على مكان النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان حيا أو ميتا.
وجدَّت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر في الطلب، لأن مائة ناقة شيء عظيم، وانتشروا في الجبال والوديان، يبحثون عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن دون فائدة.
روى البخاري عن أنس عن أبي بكر قال‏:"‏ كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسى فإذا أنا بأقدام القوم(الذين يبحثون عنهما)، فقلت‏:‏ يا نبي الله ، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا‏.‏ فقال‏:‏ ‏"اسكت يا أبا بكر، اثنان، الله ثالثهما‏"، وفي لفظ‏:‏ ‏
"ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما‏"
‏‏.‏
رد مع اقتباس
  #45  
قديم 2012-07-29, 12:49 AM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)


هجرة النبي صلى الله عليه وسلم: (تابع)
ولما هدأت قريش في الطلب ، وذلك أنهم شعروا بالعيب وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أفلت ، تهيأ النبي صلى الله عليه وسلم للخروج من الغار ، والإتجاه المرة الثانية إلى المدينة .
ولكن عبد الله بن أبي بكر كما قلنا كان يأتيهما بالأخبار ، وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل أجير عبد الله بن أُرَيْقِط وهذا كان دليلا للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر (يعني يدلهما على الطريق إلى المدينة)، وكان كافرا ومع هذا استعان به النبي صلى الله عليه وسلم . ولذلك قال أهل العلم تجوز الإستعانة بالكافر عند الحاجة إليه . وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطى عبد الله بن أريقط الراحلتين ووعده في غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما، كيف النبي صلى الله عليه وسلم قد استأمنه وهو كافر كان يمكن أن يخبر قريش بمكان النبي صلى الله عليه وسلم ويأخذ مائة ناقة ، ولكنه ماستأمنه النبي صلى الله عليه وسلم إلا لأنه كان أمينا، فلما كان ليلة الاثنين جاءهما عبد الله بن أريقط بالراحلتين، فقال أبو بكر للنبى صلى الله عليه وسلم ‏:‏ بأبي أنت يا رسول الله ، خذ إحدى راحلتي هاتين(أي لك)، وقرب إليه أفضلهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثمن‏.‏
وأتتهما أسماء بنت أبي بسُفْرَتِهما(يعني بالطعام)، ونسيت أن تجعل لها عِصَامًا(شيء تربط به)، فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة، فإذا ليس لها عصام، فشقت نطاقها قسمين، فعلقت السفرة بأحد هذين القسمين، وانتطقت بالآخر ولذلك سميت بذات النطاقين‏.‏
روى البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال‏:‏ أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق، لا يمر فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة، لها ظل لم تأت عليها الشمس، فنزلنا عندها، وسويت للنبي صلى الله عليه وسلم مكانًا بيدى، ينام عليه، وبسطت عليه فروة، فقلت‏:‏ نم يا رسول الله ، وأنا أنفض لك ما حولك، فنام، وخرجت أنفض ما حوله(ينفض ما حوله يعني ينظر إلى الطريق)،يقول: فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها مثل الذي أردنا(يريد أن ينام تختها)، فقلت له‏:‏ لمن أنت يا غلام‏؟‏ فقال‏:‏ لرجل من أهل المدينة أو مكة‏.‏ قلت‏:‏ أفي غنمك لبن‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قلت‏:‏ أفتحلب‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ يقول:فأخذ شاة، فقلت‏:‏ انفض الضرع من التراب والشعر والقَذَى، فحلب في كعب كُثْبة من لبن(يعني إناء صغير)،يقول: ومعى إداوة حملتها للنبي صلى الله عليه وسلم، يرتوى منها، يشرب ويتوضأ،يقول: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكرهت أن أوقظه، فوافقته حين استيقظ(أي انتظرته حتى استيقظ)، يقول:فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله، فقلت‏:‏ اشرب يا رسول الله ،يقول: فشرب حتى رضيت، ثم قال‏:‏ ‏"ألم يأن الرحيل‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ بلى، قال‏:‏ فارتحلنا‏.‏
وتابع النبي صلى الله عليه وسلم وأبا رجل يقال له سُرَاقة بن مالك بن جعشم‏.‏ قال سراقة‏:‏ بينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومى بني مُدْلج، أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال‏:‏ يا سراقة، إني رأيت آنفًا أسْوِدَة بالساحل، أراها محمدًا وأصحابه‏.‏ قال سراقة‏:‏ فعرفت أنهم هم، فقلت له‏:‏ إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا انطلقوا بأعيننا ، يقول: ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت، فأمرت جاريتى أن تخرج فرسى، وهي من وراء أكَمَة، فتحبسها عَلَىَّ(حتى لا يراها الناس)،يقول: وأخذت رمحى، فخرجت به من ظهر البيت، فخَطَطْتُ بزُجِّهِ الأرض، وخَفَضْتُ عاليه، حتى أتيت فرسي( يعني اختبأ حتى لا يراه أحد حتى وصل إلى الفرس) يقول:فخررت عليها، فقمت، فأهويت يدى إلى كنانتى، فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها، أضُرُّهُمْ أم لا‏؟‏ (هذا من جهلهم ) يقول: فخرج الذي أكره، فركبت فرسي وعصيت الأزلام ، يقول: حتى إذا اقتربت من النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سمعت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات (أي خوفا عن النبي صلى الله عليه وسلم من يأتيه أحد)، يقول :فسَاخَتْ يدا فرسى في الأرض(أي غرقت في الأرض)يقول: حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها(سقطت)، ثم زجرتها فنهضت، فلم تَكَدْ تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان، يقول: فاستقسمت بالأزلام مرة ثانية، فخرج الذي أكره(يعني تقول لا تتبعهما)، فناديتهم بالأمان(يعني ناديت أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم الأمان الأمان أي أريد أن أكلمكما)، يقول: فوقفوا، فركبت فرسى حتى جئتهم، ووقع في نفسى حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم (أي من الفرس منعة) أن سيظهر أمْرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له‏:‏ إن قومك قد جعلوا فيك الدية، يقول: وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يَرْزَأني(أي لم يتقبلا مني )، ولم يسألأني إلا أن قال‏:‏ ‏إَخْفِ عنا‏(أي الذي نريد أن تخفي عنا هذا الأمر)،يقول: فسألته أن يكتب لى كتاب أمْنٍ( يعني إذا فتح الله عليه)،يقول: فأمر عامر بن فُهَيْرة، فكتب لى في رقعة من أدم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏
ورجع سراقة بن مالك فوجد الناس في الطلب (يعني إلى الآن الناس عندها الأمل في أنها ستجد النبي صلى الله عليه وسلم )فجعل يقول‏:‏ قد استبرأت لكم الخبر(أي عندي الخبر اليقين)، قد كفيتم ما هاهنا‏(سبحان الله في أول الأمر يريد قتلهما يريد يريد الدية أو الثمن الذي جعله أهل مكة لهم وفي آخر النهار جعل يدافع عنهما ويخفي أمرهما فهذا من الله تبارك وتعالى كيف أنه يريد أن يحفظ نبيه صلى الله عليه وسلم .
رد مع اقتباس
  #46  
قديم 2012-07-29, 02:38 AM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)



النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى المدينة وأم معبد:

ومر النبي صلى الله عليه وسلم في سيره ذلك حتى أتى خيمة امرأة يقال لها فسألها النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر‏:‏ هل عندك شيء‏؟‏ قالت‏:‏ والله ما عندنا شيء ما أعوزكم، القِرَى والشاء عازب( أي ما عندي شيء)، وكانت سَنَةٌ شَهْباء‏.‏ فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة(أي شاة صغيرة في مؤخرة الخيمة )، فقال‏:‏ ‏ما هذه الشاة يا أم معبد‏؟‏‏‏ قالت‏:‏ شاة خلفها الجهد عن الغنم( هي ضعيفة ما تصلح حتى أن تسير مع الغنم )، فقال‏:‏ ‏هل بها من لبن‏؟‏‏ قالت‏:‏ هي أجهد من ذلك‏(أي ما فيها شيء).‏ فقال‏:‏ ‏أتأذنين لى أن أحلبها‏؟‏‏‏ قالت‏:‏ نعم بأبي وأمي إن رأيت فيها حلبًا فاحلبها‏.‏ فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ضرعها، وسمى الله ودعا، فتَفَاجَّتْ عليه ودَرَّتْ، فدعا بإناء لها ، فحلب فيه حتى علته الرغوة(أي كثر اللبن)، فسقاها، فشربت حتى رويت، وسقى أصحابه(يعني عامر وعبد الله بن أريقط وأبا بكر) حتى رووا، ثم شرب، وحلب فيه ثانيًا، حتى ملأ الإناء، ثم غادر صلوات الله وسلامه عليه‏.‏
يعد ذلك جاء زوجها( زوج أم معبد) يسوق ماعزا عجافا ما فيها لبن فهي سنة شهباء كما قالت ، فلما رأى اللبن عجب، فقال‏:‏ من أين لك هذا‏؟‏ والشاة عازب، ولا حلوبة في البيت‏؟‏ فقالت‏:‏لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت، ومن حاله كذا وكذا(ذكرت له ما وقع)، فقال‏ زوجها :‏ إني والله أراه صاحب قريش الذي تطلبه، صِفِيه لى يا أم معبد، فوصفته بصفات ، فقال لها‏:‏ هذا والله من يبحث عنه أهل مكة.‏
وقيل أن الناس سمعت أشعارا وقيل أنها للجن، أنها قالت:
جزى الله رب العرش خير جزائه ** *رفيقين حَلاَّ خيمــتى أم مَعْبَــدِ
هـمـا نزلا بالبِـــرِّ وارتحلا به *** وأفلح من أمسى رفيق محمــد
فيا لقُصَىّ مــا زَوَى الله عنكــم *** به من فعال لا يُحَاذى وسُــؤْدُد
لِيَهْنِ بني كعـب مكــان فَتاتِهــم *** ومقعدُهـا للمؤمنـين بَمْرصَـد
سَلُوا أختكم عن شاتهـا وإنائهـا *** فإنكم إن تسألوا الشـاة تَشْـهَـــد

رد مع اقتباس
  #47  
قديم 2012-07-29, 10:06 AM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)


النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة

وفي يوم الاثنين الثامن من ربيع الأول من السنة الرابعة عشر من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قباء‏.‏
وذلك كما يقول عروة بن الزبير‏:‏ سمع المسلمون بالمدينة بمخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة( يعني بلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج لكن لم يعلموا متى يصل)، فكانوا يغدون كل غداة إلى الحَرَّة(وهي المكان الذي يقع بين مكة والمدينة)، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يومًا بعد ما أطالوا انتظارهم، فلما آووا إلى بيوتهم أَوْفى رجل من يهود على أُطُم من آطامهم لأمر ينظر إليه(الأطام هي المكان المرتفع)، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مُبَيَّضِين يزول بهم السراب( أي يراهم من بعيد )، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته‏:‏ يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون،يقول: فثار المسلمون إلى السلاح‏.‏ فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول‏.‏ فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتًا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء أبا بكر(يظنونه هو النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم لم يروا النبي ، ورأوا النبي )، يقول: حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو بكر حتى ظلل على نبي الله صلى الله عليه وسلم بردائه، فعرف الناس أن هذا هو الرسول صلى الله عليه وسلم ‏.

وبقي علي بن أبي طالب بمكة ثلاثة أيام أدى الأمانات عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم هاجر ماشيا على قدميه حتى أدرك النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة.
أقام النبي صلى الله عليه وسلم بقباء أربعة أيام على المشهور الإثنين ، والثلاثاء ، والأربعاء ، والخميس ‏.‏ وأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى ، ولما كان اليوم الخامس وهو يوم الجمعة ركب النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله له، وأردف أبا بكر ، وأرسل إلى بني النجار لأنهم أخوال جده عبد المطلب فجاءوا متقلدين سيوفهم، فسار جهة المدينة ، فأدركته الجمعة في قرية ببني سالم بن عوف، فجمع بهم في المسجد الذي ببطن الوادي، وهذه أول جمعة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة‏.‏
فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى الجمعة انطلق إلى داخل المدينة ، فكان لا يمر بدار من دور الأنصار إلا أخذوا خطام قافلته هلم إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة، فكان يقول لهم‏:‏ ‏خلوا سبيلها فإنها مأمورة‏، فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوى فبركت، فلم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلًا، ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزل عنها النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك في بني النجار أخواله وكان من توفيق الله لها، فإنه أحب أن ينزل على أخواله، وذلك ليكرمهم بذلك(وهذه من صلة الرحم)، فجعل الناس يكلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في النزول إليهم( كل واحد منهم يأتي يقول: يارسول الله تعال عندي ، أسكن عندي) ، فقام أبو أيوب الأنصاري وأخذ رحـل النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل به إلى بيته،فالتفت النبي إليه وقال‏:‏ ‏المرء مع رحله‏‏، فجـاء أسعد بن زرارة لما رأى أبو أيوب الأنصاري فأخـذ بزمام راحلة النبي صلى الله عليه وسلم فقال : والراحلة عندي (يعني أخدمها لك)، فكانت عنــده‏.‏
وبعد أيام وصلت زوجة النبي صلى الله عليه وسلم زوجته سَوْدَة، وابنتاه فاطمة وأم كلثوم، وكذلك أسامة بن زيد، وأم أيمن، وكل أولئك خرج معهم عبد الله بن أبي بكر ومعه كذلك أولاد أبي بكر، وبقيت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي العاص بن الربيع ، لم تستطع أن تهاجر معه وذلك أنه كان على دين قومه.
بناء المسجد النبوي:

بعد أن استقر بالنبي صلى الله عليه وسلم المقام قام ببناء المسجد النبوي، في المكان الذي بركت فيه الناقة ، وكان المكان لغلامين يتيمين، فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم وبناه المسلمون، وشارك النبي صلى الله عليه وسلم في البناء بيديه الكريمتين صلوات الله وسلامه عليه وكان يقول‏ وهو يبني معهم:
اللهم لا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخره *** فاغْفِرْ للأنصار والمُهَاجِرَه


فكان الأنصار يعملون مع النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون‏:‏
لئن قَعَــدْنا والنبي يَعْمَل *** لـذاك مِــنَّا العَمَــلُ المُضَلَّل
وكان في ذلك المكان الذي أراد أن يبن فيه النبي صلى الله عليه وسلم المسجد قبور للمشركين، وكان فيه خرب ونخل ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقبور فنبشت، وبالخَرِب فسويت، وبالنخل فقطعت، وصفت في قبلة المسجد، وكانت القبلة في ذلك الوقت إلى بيت المقدس لم يؤمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوجه إلى مكة.
وبني بجانب هذا المسجد بيوتًا وهي الحجر (أي بيوت أزواجه صلوات الله وسلامه عليه)، وبعد أن تكامل البنيان انتقل صلوات الله وسلامه عليه إلى تلك البيوت‏.‏
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:

ثم آخى الرسول صلى الله عليه وسلم ببين المهاجرين والأنصار وذلك في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلًا، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، أخي بينهم على المواساة، وأنهم يتوارثون بعد الموت دون ذوى الأرحام وذلك إلى أنزل الله تبارك وتعالى بعد بدر ‏:‏ ‏{‏وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 75‏]‏ فرجع التوارث إلى الأقارب ‏.‏
ومعنى هذا الإيخاء أن تذوب عصبيات الجاهلية، فلا حمية إلا للإسلام ، وأن تسقط فوارق النسب واللون والوطن ، فالقضية قضية تقوى واتباع.
روى البخاري‏ رحمه الله تعالى في صحيحه :‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة آخى بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، فقال سعد لعبد الرحمن‏ بن عوف:‏ إني أكثر الأنصار مالًا، فأقسم مالى نصفين، ولى امرأتان، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي، أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، فقال عبد الرحمن بن عوف‏:‏ بارك الله لك في أهلك ومالك، وأين سوقكم‏؟‏ فدلوه على سوق بني قينقاع، فما انقلب إلا ومعه فضل من أقِطٍ وسَمْنٍ، ثم تابع الغدو( أي من غد)، ثم جاء يومًا وبه أثر صُفْرَة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏مَهْيَمْ‏؟‏‏(أي ماحدث) قال‏:‏ تزوجت‏.‏ قال‏:‏ ‏كم سقت إليها‏؟‏‏ قال‏:‏ نواة من ذهب‏.‏
وروى البخاري أيضا عن أبي هريرة قال‏:‏ قالت الأنصار للنبى صلى الله عليه وسلم‏:‏ اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل‏.‏ قال‏:‏ ‏‏لا‏‏، فقالوا‏:‏ فتكفونا المؤنة ونشرككم في الثمرة‏.‏ قالوا‏:‏ نعم سمعنا وأطعنا‏.‏
وهذا يدلنا على أمرين اثنين :
الأول :فهو الأنصار كما قال الله تبارك وتعالى :"والذين تبوؤوا الدار والإيمان يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون"(الحشر 9).

الثاني :
هو موقف المهاجرين ، وذلك أنهم لم يستغلوا طيبة الأنصار ، ولذلك عبد الرحمن بن عوف عرض عليه سعد بن الربيع ، ولم يقبل المهاجرون عرض الأنصار أن يقاسموهم نخيلهم.
رد مع اقتباس
  #48  
قديم 2012-08-10, 11:28 AM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)

[FONT="Arial Black"
وبعد ذلك عقد النبي صلى الله عليه وسلم المعاهدات مع اليهود الذين كانوا يعيشون في المدينة وهم لم يدخلوا في دين محمد صلى الله عليه وسلم فعقد معهم النبي صلى الله عليه وسلم معاهدة ترك لهم فيها مطلق الحرية في الدين والمال ، ولم يتجه إلى سياسة الإبعاد(أي لم يبعدهم صلى الله عليه وسلم من المدينة بل تركهم فيها صلوات الله وسلامه عليه).

قريش تهدد المهاجرين:


في هذه الفترة أرسلت قريش إلى المسلمين تقول: لا يغرنكم أنكم أفلتم منا إلى يثرب فسنأتيكم ونستأصلكم ونبيد خضراءكم في عقر داركم . وذلك أنه روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : سهر الرسول صلى الله عليه وسلم مقدمه ليلة فقال :" ليت رجل صالح من أصحابي يحرسني " قالت: فبينما نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح(أي صوت سلاح) . فقال:[COLOR="rgb(0, 100, 0)"]"من هذا؟"
قال: سعد بن أبي وقاص. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :[COLOR="rgb(0, 100, 0)"]" ما جاء بك ؟"[/COLOR] فقال : وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه . فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نام.

وهذا من توفيق الله تبارك وتعالى له .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُحرس ليلا حتى
أنزل الله تبارك وتعالى :" والله يعصمك من الناس"فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة فقال : " يا أيها الناس انصرفوا عني فقد عصمني الله عز وجل ".
هذا يبين شدة اليقين بالله جل وعلا .


الإذن بالقتال:


حتى أذن الله سبحانه وتعالى بالقتال والدفاع في قوله تعالى :"أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير"الحج 39 .


سرية نخلة:



بعد هذا الإذن من الله تبارك وتعالى بالقتال بدأت السرايا وكانت من هذه السرايا سرية نخلة ، وذلك في السنة الثانية من الهجرة ، بعث صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش الأسدي إلى مكان يقال له نخلة في اثني عشر رجلا من المهاجرين ، كل اثنين يعتقبان على بعير من الفقر ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كتب له كتاباً، وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين، ثم ينظر فيه‏.‏ يقول: فسار عبد الله بن جحش ثم قرأ الكتاب بعد يومين، فإذا فيه‏:‏ "إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكلة والطائف، فترصد بها عير قريش(العير هي القافلة المحملة) [COLOR="rgb(0, 100, 0)"]وتعلم لنا من أخبارهم‏)‏‏.‏[/COLOR] فقال عبد الله بن جحش عندما قرأ الكتاب‏:‏ سمعاً وطاعة(يحدث نفسه بذلك)، ثم أخبر أصحابه بذلك، وأنه لا يستكرههم، فمن أحب الشهادة فلينهض، ومن كره الموت فليرجع، وأما أنا فناهض، فنهضوا كلهم، ولكن لما سار في أثناء الطريق أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه، فتخلفا في طلبه‏(أي وهم في الطريق إلى العير فقد سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غوان بعيرهم لأن كما قلنا كل اثنين على بعير فلما فقدا بعيرهما فصارا يطلبان البعير ) .‏وسار عبد الله بن جحش حتى نزل بنخلة، فمرت عير لقريش تحمل زبيباً (العنب)وأدماً (الإيدام)وتجارة، وفيها(أي العير ) عمرو بن الحضرمي، وعثمان ونوفل ابنا عبد الله بن المغيرة، والحكم ابن كيسان ‏. ‏يقول: فتشاور المسلمون وقالوا‏:‏ نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهم دخلوا الحرم،(يعني وقعوا في مشكلة، ما هي هذه المشكلة؟ يقولون : القتال في الشهر الحرام محرم ، والأشهر الحرم أربعة ثلاثة سرد وواحد فرد أما الثلاثة السرد هي : ذو القعدة ، وذو الحجة، ومحرم . والواحد الفرد هو رجب ، هذه أشهر محرمة منذ أن خلق الله السماوات والأرض إلى يومنا هذا ، وهناك عندنا أماكن محرمة ، في السابق كانت مكة ، وبعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حرم المدينة كما حرم الله تبارك وتعالى مكة فأصبح عندنا حرمان مكة والمدينة . المهم أنهم وقعوا في مشكلة وذلك أنهم أدركوا هذه العير في آخر يوم من رجب ، ورجب شهر حرام ، فإذا أتوا على العير وقاتلوهم وأخذوا ما عندهم من مال قاتلوا في الشهر الحرام ، وإن تركوهم يصلون إلى البلد الحرام إلى مكة ، فوقعوا في مشكلة فهم بين ثلاث حالات :
الحالة الأولى: أن يقاتلوهم في الشهر الحرام .
الحالة الثانية: يتركوهم يدخلوا مكة ويقاتلوهم من غد في شهر حلال ولكن في مكان الحرام .
والحالة الثالثة: وهي أن لا يقاتلوهم في الشهر الحرام ولا يقاتلوهم في البلد الحرام ، ولكن تفلت العير وتدخل إلى مكة وتنجو.
وكانت مكة كما هو معلوم قد أخذت أموال المسلمين ، بل وأخذت نساءهم ، وأخذت دورهم وأخذت أبناءهم ، وآذت من آذت ، وقتلت من قتلت ، فكان اخذ العير نوع من رد بعض الحقوق ، وللإنسان أن يرد حقه ممن ظلمه ولو وصل الأمر إلى القتال لو قاتله من أخذ حقه)، فلما تشاوروا فيما بينهم اجتمعوا على اللقاء(يعني القتال)، فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان والحكم وأفلت منهم نوفل، وقدموا بالعير والأسيرين إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد عزلوا من ذلك الخمس، وهو أول خمس كان في الإسلام(والخمس أي خمس الغنيمة)، وأول قتيل في الإسلام، وأول أسيرين في الإسلام‏.‏

ولما وصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه بما حدث ،أنكر النبي صلى الله عليه وسلم ما فعلوه، وقال‏:‏ ‏‏"ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام" ثم أوقف النبي صلى الله عليه وسلم التصرف في العير والأسيرين‏.‏
طبعا هنا خطأ وقعوا فيه وهو أنهم قاتلوا في الشهر الحرام ،قريش وجدت فرصة كيف هذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي يدعي في قولهم هم أنه جاء ليعظم شعائر الله بنتهك الأشهر الحرم ، يقولون انهم لا يقاتلون في الشهر الحرام وهذا يدعي أنه نبي من عند الله ويقاتل في الشهر الحرام ، فبدأوا يتكلمون في النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقالوا إنه أحل ما حرم الله، وأكثروا في القيل والقال، حتى أنزل الله تبارك وتعالى الوحي يدافع به عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قال الله تبارك وتعالى:‏ ‏"يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ "
يقول تعالى:[COLOR="rgb(255, 0, 255)"]"يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه"[/COLOR] :أي هل لك أن تقاتل في الشهر الحرام ، كيف تقاتل في الشهر الحرام.
يقول :[COLOR="rgb(255, 0, 255)"]"قل قتال فيه كبير"[/COLOR]: يعني نعم نحن نقر أن القتال في الشهر الحرام من الكبائر كبير أي من الكبائر.
[COLOR="rgb(255, 0, 255)"]"قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ‏" """" "‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 217‏]‏‏[/COLOR].‏

الله أكبر!! يقول الله تبارك وتعالى للمشركين أنتم تنكرون على المسلمين أن قتلوا رجلا في الشهر الحرام ، ونحن نوافقكم ، هذا العمل لا يجوز[COLOR="rgb(255, 0, 255)"] "قتال فيه كبير "[/COLOR]، من فعل ذلك فقد أخطأ ، ولكن أنتم يا من تعيبونهم في هذا أنظروا ماذا تفعلون . يقول الله تبارك وتعالى:[COLOR="rgb(255, 0, 255)"]" وصد عن سبيل الله"[/COLOR] أي الذي تفعلونه ، [COLOR="rgb(255, 0, 255)"]" وكفر به"[/COLOR] أي الذي تفعلونه يا كفار مكة، [COLOR="rgb(255, 0, 255)"]" والمسجد الحرام"[/COLOR] أي وصد عن المسجد الحرام ، [COLOR="rgb(255, 0, 255)"]" وإخراج أهله منه "[/COLOR] طرد المسلمين من مكة ، واخراجهم بالتهديد ، وإخراجهم بالتعذيب ، [COLOR="rgb(255, 0, 255)"]"وإحراج أهله منه أكبر عند الله" "والفتنة"[/COLOR] أي فتنة الناس عن دينهم أكبر من قتلهم [COLOR="rgb(255, 0, 255)"]" والفتنة أكبر من القتل"[/COLOR].
فكانت هذه الآية مما طيب تبارك وتعالى بها قلوب المؤمنين،فكأن الله جل وعلا يقول لهم : ليس هؤلاء من لهم أن يعيبون عليكم ذلك؟ ، لأن فعلهم أكبر من فعلكم بشيء كثير فهم يصدون عن سبيل الله ، ويخرجون أهل المسجد منه ، ويكفرون بالله ، ويفتنون الناس عن دينهم ، ويخرجونهم من ديارهم ، وهذا كله أكبر عند الله من قتل رجل كافر في شهر حرام .
عند ذلك أطلق النبي صلى الله عليه وسلم سراح الأسيرين لما قال الله تبارك وتعالى:[COLOR="rgb(255, 0, 255)"]"قل قتال فيه كبير "[/COLOR] وأدى الدية عن المقتول إلى أوليائه.
][/FONT]
[/COLOR]
رد مع اقتباس
  #49  
قديم 2012-08-10, 11:44 AM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي السيرة النبوية (للشيخ عثمان بن محمد الخميس) (تابع)


تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام:

وفي هذه الأيام أي في السنة الثانية من الهجرة في شهر شعبان أمر الله تبارك وتعالى بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام.
وكان تحويل القبلة بأمر الله تبارك وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم :"قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " فحولت القبلة . والمشهور أنه لما تحولت القبلة أنها كانت في صلاة الظهر أو في صلاة العصر ، والأشهر أنها في صلاة العصر ، ويذكر أنه أول من صلى إلى القبلة أي مكة هو البراء بن معرور ، والبراء بن معرور كانت صلاته إلى مكة لما خرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية ، وذلك أنهم خرجوا إلى مكة فقبل وصولهم إلى مكة أدركتهم الصلاة ، فأرادوا أن يصلوا والمدينة معلوم موقعها بين مكة وبيت المقدس ، فمن أراد أن يصلي إلى بيت المقدس لا بد أن يعطي مكة ظهره ، ومن أراد أن يصلي إلى مكة لا بد أن يعطي بيت المقدس ظهره ، لأن المدينة بين بيت المقدس ومكة فأدركتهم الصلاة فصلوا إلى بيت المقدس كما هو معلوم ، فجاء البراء بن معرور رضي الله عنه فصلى إلى مكة قبل تحويل القبلة . هذا قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستغرب أصحابه منه فلما قضى الصلاة قالوا : ويحك ماذا فعلت؟ قال: والله إني كرهت أن اجعل هذه البنية في ظهري .فقالوا: ويحك ، النبي يصلي إلى بيت المقدس . قال: لا أدري. فتركوه ، فلما وصلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه فقالوا : يا رسول الله إن البراء بن معرور صلى إلى مكة وأعطى بيت المقدس ظهره. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد كنت على قبلة لو صبرت (أي كان من المفروض أن تصلي إلى بيت المقدس لو صبرت قليلا ) وكان النبي صلى اله عليه وسلم يتمنى أن تكون مكة هي القبلة ، وكان النبي يصلي إليها خلف الكعبة باتجاه بيت المقدس صلوات الله وسلامه عليه.

رد مع اقتباس
  #50  
قديم 2012-10-17, 05:42 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي





غزوة بدر الكبرى:
بعد تحويل القبلة كانت معركة بدر الكبرى ، وذلك أن عيرا لقريش أيضا جاءت من الشام بقيادة أبي سفيان ، ولما قرب رجوعها بعث النبي صلى الله عليه وسلم
طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد ليقوما باكتشاف خبرها، فوصلا إلى مكان يقال له الحوراء فمكثا حتى مر بهما أبو سفيان بالعير، فأسرعا إلى المدينة وأخبرا النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر‏.‏

وكانت العير تحمل ثروات طائلة لكبار أهل مكة ورؤسائها‏:‏ ألف بعير موفرة بأموال لا تقل عن خمسين ألف دينار ذهبي‏.‏ ولم يكن معها من الحرب إلا نحو أربعين رجلا‏(أي أن العير فعلا قادمة بقيادة أبي سفيان وأخبراه بالعدد وأخبراه بما في هذه العير من خير ).‏ عند ذلك أعلن النبي صلى الله عليه وسلم في المسلمين قائلا: ‏‏(‏هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها‏)‏‏ (أي يعطيكم الله تبارك وتعالى تلك الأموال .‏

ولم يعزم على أحد(أي ما أمر أحدا بالخروج بل من يريد أن يخرج فليخرج )، فاستعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج ومعه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ‏. ولم يتخذوا أهبة كاملة(أي لم يستعدوا استعدادا تاما)، ولكنهم خرج معهم فارسين بفرسين هما‏:‏ الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود الكندي(الذي هو المقداد بن عمرو)، وكان معهم سبعون بعيرا كل اثنين أو ثلاثة على بعير ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد على بعير واحد ، كل فترة يركب أحدهم وينزل اثنان . وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم لواء القيادة لمصعب بن عمير القرشي رضي الله تبارك وتعالى عنه . وأعطى كتيبة المهاجرين ، أعطى علمها لعلي بن أبي طالب. وأعطى كتيبة الأنصار أعطى علمها لسعد بن معاذ.
وجعل قيادة الميمنة للزبير بن العوام، وعلى الميسرة المقداد بن عمرو والقيادة العامة بيد النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
أبو سفيان قبل أن يسلم كان هو زعيم هذه العير وقائدها ، وكان يتحسس الأخبار ويخاف بعد وقعة بن الحضرمي ، وأخذ الأسيرين كانت قريش تخاف بعد ذلك ، وكان أو سفيان يتحسس الأخبار وينظر هل خرج أحد لملاقاته ، هل سيأتيه قطاع الطرق وغير ذلك من الأمور . وعلم أبو سفيان أن محمدا صلوات الله وسلامه عليه قد خرج لملاقاة العير فاستأجر أبو سفيان رجلا يقال له : ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة مستصرخاً لقريش بالنفير ليمنعوهم من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وخرج ضمضم إلى مكة سريعا، فصرخ ببطن الوادي و جدع أنف البعير ، وهذه كانت من عاداتهم ، وحول رحله وشق قميصه ، وهو يقول‏:‏ يا معشر قريش(يعني كل هذه الأشياء للإشارة كانت تستخدمها العرب في السابق ، يشق قميصه ، يجدع أنف البعير ، يحول الرحل ، كل هذه الأمور ليبين لهم أن الأمر جلل .ولهذا كانت العرب تقول النذير العريان ، يعني أن المسألة وصلت إلى حد لا يحتمل التراخي ، لا بد من السرعة، لا بد من التجهر وغير ذلك من الأمور ، المهم أن هذه التصرفات كانوا يستخدمونها لإشارة الناس ) فقال: اللطيمة، اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوث‏ الغوث‏.‏
يقول: فتحفز الناس سراعًا وقالوا‏:‏ أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي‏؟‏ (يعني أن يفعل بها كما فعل مع ابن الحضرمي)، كلا والله ليعلمن غير ذلك، فكانوا بين رجلين‏(أي أهل مكة ) :كانوا كلهم‏ إما خارج، وإما باعث مكانه رجلًا، وأوعبوا في الخروج(أي استعدوا) فلم يتخلف من أشرافهم أحد سوى أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل له عليه دين فقال : أسقط عنك ديني واخرج بدلي لقتال محمد وأصحابه ، وحشدوا من حولهم من قبائل العرب، ولم يتخلف من بطون قريش إلا بني عدى فإنهم لم يخرجوا معهم‏.‏
وكان هذا الجيش نحو ألف وثلاثمائة مقاتل ، معهم ستمائة فرس ، فلو عملنا مقارنة بسيطة لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ومن معهم ثلاثة مائة وبضعة عشر أي سبعة عشر ، خمسة عشر ، ستة عشر والمشركون ألف وثلاثمائة . المسلمون معهم فرسين بقائدين ، والمشركون ستمائة فرس. فهذا عدد المسلمين وعدتهم ، وتلك عدد المشركين وعدتهم . المسلمون خرجوا للعير، والكفار خرجوا للقتال ، حتى الإستعداد النفسي . إلى الآن المشركون متفوقون بثلاثة أمور : الأمر الأول : العدد . الأمر الثاني : العدة. الأمر الثالث: الإستعداد النفسي.
وكانت قيادة المشركين لأبي جهل عمرو بن هشام، وخرجوا من ديارهم كما قال الله تبارك وتعالى :"بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله"الأنفال 47‏.‏
وهناك استطاع أبو سفيان أن ينجو بالعير ، ولكنه لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج أرسل ذلك الرجل إلى مكة يحذرهم ، وغير طريقه عن الشام . وقصة تغيير طريقه تدل على ذكائه ، وذلك أن أبا سفيان كان يسير على الطريق الرئيسي المعروف من الشام إلى مكة ، ولكنه كان حذرا متيقظا ، ولما اقترب من بدر تقدم عيره حتى لقي مجدي بن عمرو وسأله عن جيش المدينة (يعني أن مجدي بن عمرو كان يعيش في ذلك المكان سأله هل مر بك جيش ، شيء، فقال‏ مجدي بن عمرو:‏ ما رأيت أحدًا أنكره إلا إني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل، ثم استقيا في شن لهما(أي ماء)، ثم انطلقا، فذهب أبو سفيان إلى مكان الرحيلتين، وأخذ من أبعار بعيرهما(البعر الذي يخرج البعير)، ففته فإذا فيه النوى، فقال‏:‏ هذه والله علائف يثرب(يعني أن النوى تمر يثرب)، فرجع وغير طريقه ونجا بالعير ، فأرسل إلى أهل مكة أن ارجعوا فقد نجت العير وإنكم إنما خرجتم لتحرزوا أموالكم وعيركم فإنها قد نجت فارجعوا. فقال : فقامت طاغية قريش أبو جهل فقال‏:‏ والله لا نرجع حتى نرد بدرًا، فنقيم بها ثلاثًا، فننحر الجَزُور، ونطعم الطعام، ونسقى الخمر، وتعزف لنا القِيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يـزالون يهابوننا أبدًا‏.‏

فقام الأخْنَس بن شَرِيق فأمر بالرجوع فعصوه .فقال: أما أنا فراجع . فرجع الأخنس بن الشريق ورجع معه بنو زهرة وكانوا قريبا من ثلاثة مائة فبقي الكفار بألف رجل . رجع منهم كما قلنا ثلاثة مائة فصار عددهم بعد ذلك ألف رجل فقط بعد أن كانوا أل وثلاثمائة.
عند ذلك اجتمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن سمع بخروج مكة ، اجتمع بأصحابه يستشيرهم صلوات اله وسلامه عليه ، فقال: هؤلاء أهل مكة قد خرجوا فما ترون فقال أبو بكر الصديق فقال وقد أحسن. ثم قام عمر فقال وأحسن. ثم قام المقداد فقال وأحسن . وكان من مقولة المقداد بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى:‏ ‏{‏فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏24]‏، ولكن نقول :اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى بَرْك الغِمَاد(مكان في الجزيرة) لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا ودعا له به‏.‏
يقول عبد الله بن مسعود والله لتمنيت أن لي موقف المقداد هذا لو أني قلت هذه الكلمات للنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى فرح النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الكلمات ، ولكن هذه الكلمات ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يريد غيرها ، وذلك أن أبا بكر وعمر والمقداد كل هؤلاء من المهاجرين ، النبي صلى الله عليه وسلم كان يريد كلمة من الأنصار لماذا ؟ لأن الأنصار بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم على أنهم يدافعوا عنه في المدينة وينصرونه في المدينة ولم يبايعوه على القتال خارج المدينة ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم منهم كلمة هل هم موافقون ؟ هل هم راضون ؟ أم هم مصرون على ما هم عليه أنهم يدافعون عنه في المدينة ؟ عند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :" أشيروا علي أيها الناس". (طيب تكلم أبو بكر ، تكلم عمر ، تكلم المقداد وكلهم أحسنوا والنبي صلى الله عليه وسلم ما زال يقول : "أشيروا علي أيها الناس" عند ذلك تكلم سعد بن معاذ وكان قائد الأنصار في هذه المعركة فهو صاحب اللواء كما ذكرنا فقال سعد بن معاذ للنبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ كأنك تريدنا يا رسول الله‏؟‏
فقال‏ النبي صلى الله عليه وسلم:‏"‏أجل‏"(أنتم تكلموا ما أريد أن أجبركم على القتال ولا أن أكرهكم عليه).‏
فقال سعد بن معاذ مقولة أفرحت وأثلجت صدر النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله‏:‏ "قد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصُبُر في الحرب، صُدَّق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تَقَرَّ به عينك، فسِرْ بنا على بركة الله"‏.‏
وفي رواية أن سعد بن معاذ قال للنبي الله صلى الله عليه وسلم‏:‏" لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقًا عليها ألا تنصرك إلا في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم‏:‏ فاظعن حيث شئت، وصِلْ حَبْل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فهو الله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غِمْدان لنسيرن معك، ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك"‏.‏
فَسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشط بذلك، ثم قال‏:‏ ‏‏"‏سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدنى إحدى الطائفتين، والله كأني الآن أنظر إلى مصارع القوم‏".‏
ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نزل قريبا من بدر.

عند ذلك بعث النبي صلى الله عليه وسلم رجلين يستخبران ، وهذه قصة طريفة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر ، وذهبوا إلى ماء بدر فوجدوا غلامين يستقيان لجيش مكة . فقبضوا عليهما وجاءوا بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت في الصلاة يصلي ،فسألوا ذلك الرجلين فقال لهم من أنتم ؟ فقالا : نحن سقاة قريش، بعثونا نسقيهم من الماء،يقول: فكره القوم ذلك، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان (يعني الآن هم خرجوا للعير وسمعوا بخروج قريش فوجدوا رجلين أخذوهما قالوا لهما لمن أنتما . قالا : لأهل مكة . هم ما أرادوا أن يكونا لأهل مكة ، بل تمنوا أن يكونا لأبي سفيان حتى ينازلوا العير . فقالا لهم : نحن من أهل مكة تباع قريش . يقول : فضربوهما حتى يعترفا أنهما لأبي سفيان فلما زاد الضرب قالا الغلمان : نحن لأبي سفيان ، عند ذلك تركوهما وما زال النبي صلى الله عليه وسلم في الصاة ، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة التفت إلى أصحابه وقال: "إذا صدقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا والله، إنهما لقريش‏"(قالا لكم لقريش ضربتموهما، فلما قالا لأبي سفيان تركتموهما ، لما صدقا ضربتموهما ولما كذبا تركتموهما . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدقا إنهما لقريش‏‏.‏

ثم التفت إلى الغلامين وقال‏:‏ ‏‏"‏أخبراني عن قريش‏"‏، الرسول لا يعلم الغيب ولكن هذا وحي من الله تبارك وتعالى . قال : أخبراني عن قريش .قالا‏:‏ هم وراء هذا الكثيب (أشارا إلى المكان)، فقال لهما‏ النبي صلى الله عليه وسلم:‏ ‏‏"‏كم القوم‏؟‏‏" قالا‏:‏ كثير‏.‏ قال‏:‏ ‏‏"ما عدتهم‏؟‏‏" قالا‏:‏ لا ندرى، قال‏:‏ ‏‏"كم ينحرون كل يوم‏؟‏‏" قالا‏:‏ يومًا تسعًا ويومًا عشرًا(يعني من الإبل)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏القوم فيما بين التسعمائة إلى الألف‏"(يعني كل مائة على بعير)‏، ثم قال لهما‏:‏ ‏‏"‏فمن فيهم من أشراف قريش‏؟‏‏"‏ قالا‏:‏ عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو البَخْتَرىّ بن هشام، وحكيم بن حِـزام، ونَوْفَل بن خويلد، والحارث بن عامر، وطُعَيْمَة بن عدى، والنضر بن الحارث، وَزمْعَة بن الأسود، وأبو جهل بن هشام، وأميــة بن خلف وسمَّا له رجالا آخرون من مكة‏.‏
فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وقال‏:‏ ‏‏"هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها‏"‏‏.‏
_ثم اقترح سعد بن معاذ على النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون في عريش بعيدا عن المعركة حتى يكون هذا أحفظ للنبي صلوات الله وسلامه عليه وقال للنبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏

"يا نبى الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه، ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى(أي انتصرت قريش علينا) جلست على ركائبك فلحقت بِمَنْ وراءنا من قومنا، فإنه قد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبًا منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربًا ما تخلفوا عنك(يعني الذين في المدينة ما يدرون أنك خرجت للقتال ، خرجت للعير فارجع إليهم وينصرونك هم إن انهزمنا هنا)، يمنعك الله بهم، يناصحونك ويجاهدون معك"‏.‏
فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا ودعا له بخير، وكان في العريش صلوات الله وسلامه عليه.
ثم عبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه‏.‏ ومشى في موضع المعركة، وجعل يشير بيده‏ صلوات الله وسلامه عليه:‏ ‏‏"‏هذا مصرع فلان ، هذا مصرع ، هذا مصرع فلان" يشير إلى الأماكن التي سيقتلون فيها ‏‏.‏ وبات المسلمون تلك الليلة هادئي الأنفس قال الله تبارك وتعالى ‏:‏ ‏{‏إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ‏} [‏الأنفال‏:‏11‏]‏‏ يثبت به الأقدام ، الأرض التي نزل بها المسلمون كانت قاسية فأنزل الله تبارك وتعالى المطر فصارت لينة ، والأرض التي نزل بها المشركون كانت لينة فأنزل الله تبارك وتعالى بها المطر فصارت قيلة لا يستطيعون الوقوف عليها وكان ذلك في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة .‏

عند ذلك استعدت قريش للقتال ، واستعد النبي صلى اله عليه وسلم للقتال . وأرسلت قريش عُمَيْر بن وهب الجُمَحِى للتعرف على مدى قوة المسلمين،كما أن المسلمين ينظرون إلى قوة قريش كذلك قريش ترسل من ينظر في قوة المسلمين ، فدار عمير بفرسه حول عسكر المسلمين، ثم رجع إليهم فقال‏:‏ ثلاثمائة رجل، يزيدون قليلًا أو ينقصون قليلا(يعني أخبر قريش بعدد المسلمين فأصاب) ، قال: ولكن أمهلونى حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد‏؟‏
فضرب في الوادى حتى أبعد، فلم ير شيئًا، فرجع إليهم فقال‏:‏ ما وجدت شيئًا(يعني أنهم ثلاثمائة لا يزيدون عن ذلك ما في مدد لهم ما في ناس لابدين أي مختفين) ، يقول:ولكن يا معشر قريش لقد رأيت البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلًا منكم أبدا(يعني أنا رأيت أناسا لا وضعواكمينا ولا لهم مدد كما نقول بالعامية بايعينها بعنب أبدا يعني ما تقتلوا منهم إلا يقتلوا منكم رجلا أبدا لأنهم جاءوا وعزموا على القتال)،يقول:فإذا أصابوا منكم أعدادكم فما خير العيش بعد ذلك‏؟‏ فروا رأيكم‏.‏

_وقامت طبعا المعارضة بقيادة أبي جهل فأنكر عليه قوله وأمر الناس بالقتال والجلد والصبر فأطاعوا أبا جهل وعصوا أمر الجمحي.
رد مع اقتباس
  #51  
قديم 2012-10-17, 05:47 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

الجيشان يتراءان:
يقول وعدل النبي صلى الله عليه وسلم صفوفه ، وبينما هو يعدلها وقع أمر عجيب فقد كان في يده قدح يعدل به الصفوف صلوات الله وسلامه عليه ، وكان سواد بن غزية صحابي متقدما على الصف ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فضربه بالقدح على بطنه يقول له ارجع استو ياسواد . فقال سواد: يا رسول الله أوجعتني (يعني ضربتني فأوجعتني يا رسول الله ) فأقدني (أقدني يعني النفس بالنفس ، والعين بالعين ، والسن بالسن ، والأذن بالأذن ،والأنف بالأنف والجروح قصاص ، ضربتني أضربك) فقدني يا رسول الله(أريد القود). فكشف النبي صلى اله عليه وسلم على بطنه حتى يستقد ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : استقد. فقام سواد واعتنق النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بطنه . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما حملك على هذا يا سواد؟ لماذا فعلت هذا؟ فقال : يا رسول الله قد حضر ما ترى (يعني الموت ) قد حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك ، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم."
المبارزة:
اصطف المسلمون واصطف المشركون ثلاثمائة وبضعة عشر مقابل ألف من المشركين ، وكان من عادة العرب في قتالهم أن تكون هناك مبارزة قبل القتال ، فخرج من أهل مكة ثلاثة هم عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة فانفصلو من الصف أي من صف المشركين وطلبوا المبارزة فقالوا: من يبارزنا ؟ وهذا نوع من الإحماء للقتال كانت تستخدمه العرب . فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار عَوْف ومُعَوِّذ ابنا الحارث ـ وأمهما عفراء ـ وعبد الله بن رواحة،فلما التقوا قال المشركون عتبة وشيبة والوليد قالوا‏ للمسلمين:‏ من أنتم‏؟‏ قالوا‏:‏ رهط من الأنصار‏ جئنا نبارزكم ونحن من الأنصار.‏ فقالوا‏ لهم:‏ أكِِفَّاء كرام، ما لنا بكم حاجة، وإنما نريد بني عمنا، ثم نادى مناديهم‏:‏ يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، نريد أن نقاتل المهاجرين ، ما نريد أن نقاتل الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏قم يا عبيدة بن الحارث(هذا ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم يلتقي بالنبي صلى الله عليه وسلم في ابن عبد مناف هو من أبناء المطلب ، ابن عبد مناف والنبي من أبناء هاشم ابن عبد مناف)،فقال النبي صلى الله عليه وسلم :قم يا عبيدة بن عبد الحارث وقم يا حمزة، قم يا علي)‏، وهنا النبي صلى الله عليه وسلم اختار أقاربه صلوات الله وسلامه عليه . فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا‏ لهم:‏ من أنتم‏؟‏ فأخبروهم(علي وحمزة وعبيدة بن الحارث)، فقالوا‏:‏ أنتم أكفاء كرام(يعني أنتم الذين نريد أن نقاتلكم)، فتبارز عبيدة بن الحارث مع عتبة بن ربيعة، وحمزة تبارز مع شيبة، وعلي تبارز مع الوليد‏ بن عتبة.‏ فأما حمزة فقتل صاحبه ، وأما علي فقتل صاحبه، وأما عبيدة فاختلف هو وقرينه بضربتين كل واحد ضرب الثاني ضربة ، ثم كَرَّ علي وحمزة على عتبة فقتلاه، واحتملا عبيدة وهو مصاب فقد قطعت رجله. ومات بعد ذلك بثلاثة أيام رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه .

وانتهت هذه المبارزة وقد قتل ثلاثة من صناديد قريش.طريقهم إلى المدينة‏.‏ فغضبت قريش على ذلك وكرُّوا على المسلمين كرة رجل واحد (أي هجموا عليهم هجوما واحدا.
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 2012-10-17, 05:53 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

الرسول صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ونزول الملائكة:

فقام النبي صلى الله عليه وسلم يناشد ربه تبارك وتعالى . وذلك ذكرنا أن قريشا كان معهم سبعين فرسا والمسلمين لم يكن معهم إلا فرسين اثنين فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال:‏ ‏‏"‏اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدًا‏".‏ وبالغ في الابتهال (أي في الدعاء) ورفع يده حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فرده عليه الصديق، وقال‏:‏ حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك‏.‏
عند ذلك أوحى الله تبارك وتعالى إلى الملائكة‏:‏ ‏{‏أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 12‏]‏،وأوحى الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏9‏]‏ ـ أي إنهم ردف لكم يساعدونكم.
فأغفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة واحدة، ثم رفع رأسه فقال‏:‏ ‏‏"‏أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثَنَاياه النَّقْعُ‏" ‏على ثناياه النقع ‏يعني الغبار‏) .
ثم خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من باب العريش وهو يثب في الدرع ويقول‏:‏ ‏{‏سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ‏}‏ ‏[‏القمر‏:‏45‏]‏ ،ثم أخذ حَفْنَةً من الحَصْبَاء(أي الحصب التي في الأرض)، فاستقبل بها قريشًا وقال‏:‏ ‏‏"‏شاهت الوجوه‏"‏ فرمى بها
صلوات الله وسلامه عليه في وجوههم، فما من أحد إلا وأصابه ما رماه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا قول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللهَ رَمَى‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏17‏]‏‏.‏ وشدَّ المسلمون على الكفار فكان النصر.

ولابأس أن نذكر بعض الحكايات هنا منها ما وقع لعمير بن الحُمام رضي الله عنه وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إليهم وقال‏:‏ ‏‏"‏والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلًا غير مدبر، إلا أدخله الله الجنة‏" . وكان يقول‏:‏ ‏‏"‏قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض‏"، فقام عُمَيْر بن الحُمَام‏ فقال: يا رسول الله ‏ بَخْ بَخْ(بخ بخ كلمة تعني طيب طيب أي شيء جيد)‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏ما يحملك على قولك‏:‏ بخ بخ‏؟‏‏"‏ فقال‏:‏ لا، والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها(أي من أهل هذه الجنة)، فقال‏ النبي صلى الله عليه وسلم مبشرا له:‏ ‏‏"‏فإنك من أهلها".فأخرج تمرات رضي الله عنه فجعل يأكل منهن، ثم قال‏:‏ لئن أنا حييت حتى آكل تمراتى هذه إنها لحياة طويلة، فرمى التمرات ثم دخل فقاتل حتى قتل رضي الله عنه وأرضاه .‏
يقول ابن عباس‏:‏ بينما رجل من المسلمين يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه(يعني يجري خلفه) إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول‏:‏ أقدم حَيْزُوم، فنظر إلى المشرك أمامه، فجاء الأنصارى فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏"صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة‏"(يعني رأى رجلا في السماء يقول أقدم حيزوم وهو ملك على فرس يقاتل مع المسلمين يقول فنظر إلى المشرك أمامه يعني صرع المشرك أمامه.‏

وقال أبو داود المازنى‏:‏ إني لأتبع رجلًا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي، فعرفت أنه قد قتله غيرى، وجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا،وذلك أن العباس خرج مع المشركين وكان كارها فخرج أسيرا أسير العباس ، فجاء هذا الأنصاري للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أسرت العباس. فقال العباس‏:‏ إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح، من أحسن الناس وجهًا على فرس أبْلَق(أبلق يعني أبيض)، وما أراه في القوم، فقال الأنصاري‏:‏ أنا أسرته يا رسول الله، فقال‏ النبي صلى الله عليه وسلم :‏ ‏‏"اسكت فقد أيدك الله بملك كريم" وذلك أن الملائكة نزلت تقاتل مع المسلمين في تلك المعركة‏‏.‏


هزيمة المشركين ومقتل أبي جهل:

وفي نهاية المعركة وهزيمة المشركين ، أخذ المشركونيسيرون وقتل منهم من قتل وكان ممن قتل أبو جهل ، قال عبد الرحمن بن عوف : إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت فإذا عن يميني وعن شمالي فتيان حديثا السن ، إذ قالا لي ياعم أرنا أبا جهل ، أين أبو جهل ؟فقال: فما تصنعان به ؟ قالا: أخبرنا أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم . هذه الغيرة شابان صغيران يغاران على عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقولان : سمعنا أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال عبد الرحمن بن عوف: والذي نفسي بيده ، لئن رأيته لأخبرتكم.
يقول : قالا : والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. فتعجببت لذلك . يقول: فلم أنشب أن رأيت أبا جهل يجول في الناس‏.‏ فقلت‏:‏ ألا تريان‏؟‏ هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه (أي هذا أبو جهل اذهبا إليه)، يقول‏:‏ فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فـقال‏:‏ ‏‏"‏أيكما قتله‏؟‏‏" فقـال كـل واحد منهما‏:‏ أنا قتلته، قال‏ النبي صلى الله عليه وسلم:‏ ‏‏"هل مسحتما سيفيكما‏؟" فـقالا‏:‏ لا‏.‏يقول فنـظر النبي صلى الله عليه وسلم إلــى السيفـين فقال‏:‏ "كلاكما قتله‏"‏ .
المهم أنه لما سقط أبو جهل جاءه عبد الله بن مسعود رضي الله تبارك وتعالى عنه فقال له‏:‏ قد أخزاك الله يا عدو الله‏. قال أبو جهل -على ما كان من كفره وعناده لأنه كان من شجعان العرب-‏:‏ هل فوق الرجل قتلتم ‏؟ (يعني أنا رجل قتلتم فبما تفرحون)‏ فقال أبو جهل لعبد الله بن مسعود‏:‏ لمن الدائرة اليوم‏؟‏ قال‏:‏ لله ورسوله، فقال ابن مسعود ـ ووضع رجله على عنق أبي جهل-. فقال أبو جهل لعبد الله بن مسعود‏:‏ لقد ارتقيت مرتقى صعبًا يا رُوَيْعِىَ الغنم (أنت تضع قدمك علي)، وكان ابن مسعود رضي الله عنه من رعاة الغنم ‏.‏
يقول لأبن مسعود رضي الله عنه:فاحتزت رأسه(يعني قطعت رأسه عند ذلك)، ثم ذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الرأس قال‏:‏ "هذا فرعون هذه الأمة‏"‏‏.‏
رد مع اقتباس
  #53  
قديم 2012-10-17, 05:55 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

من روائع الإيمان في هذه المعركة:

كان عبد الرحمن بن عوف صديقا لأمية بن خلف لما كانا في مكة، فلما كان يوم بدر مر عبد الرحمن بن عوف بأمية بن خلف، وهو واقف مع ابنه علي بن أمية، آخذًا بيده، ومع عبد الرحمن أدراع قد استلبها، وهو يحملها، فلما رآه قال‏:‏ هل لك في‏؟‏ فأنا خير من هذه الأدراع التي معك(يعني خذني أسيرا معك)، ما رأيت كاليوم قط، أما لكم حاجة في اللبن‏؟‏ ـ يريد أن من أسره يفتدي هو بنفسه بإبل كثيرة ـ يقول:فطرح عبد الرحمن بن عوف الأدراع، وأخذهما يمشى بهما(أي أمية وولده)، قال عبد الرحمن‏:‏ قال لي أمية بن خلف، وأنا بينه وبين ابنه‏:‏ من الرجل منكم المعلم بريشة النعامة في صدره‏؟‏ قلت‏:‏ ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال‏:‏ ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل‏.‏
قال عبد الرحمن‏:‏ فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي ـ وكان أمية هو الذي يعذب بلالًا بمكة ـ فقال بلال‏:‏ رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا‏.‏ فقال عبد الرحمن بن عوف‏:‏ أي بلال، أسيري‏.‏ قال‏:‏ لا نجوت إن نجا. ثم صرخ بأعلى صوته‏:‏ يا أنصار الله، رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا‏.‏ قال‏ عبد الرحمن بن عوف:‏ فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل الْمَسَكَة، وأنا أذب عنه، قال‏:‏ فأخلف رجل السيف، فضرب رجل ابنه فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط، فقلت‏:‏ انج بنفسك، ولا نجاء بك، فوالله ما أغني عنك شيئًا‏.‏ قال‏:‏ فَهَبَرُوهُمَا بأسيافهم حتى فرغوا منهما، فكان عبد الرحمن يقول‏:‏ يرحم الله بلالًا، ذهبت أدراعي، وفجعني بأسيري‏(أي كان يقول : كانا أسيرا عند عبد الرحمن بن عوفثم يفتديه بالإبل كما قال فيمون خير كسب عبد الرحمن بن عوف ولكن بلالا رضي الله عنه لما كان يعرف من أمية بن خلف إيذاءه للمسلمينفي مكة وهو أحد من آذاه فلذلك أصر على قتله وله ذلك).‏

رد مع اقتباس
  #54  
قديم 2012-10-17, 06:01 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

قتلى الفريقين:
وقد استشهد من المسلمين في هذه المعركة أربعة عشر رجلًا، ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار‏.‏

وأما كفار مكة فقتل منهم سبعون، وأسر منهم مثلهم أي سبعون‏.‏ وعامتهم من القادة والزعماء ‏.‏

وعن أبي طلحة‏:‏ أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش، فقذفوا في بئر يقال لها بدر ‏.‏ ثم مشى صلوات الله وسلامه عليه في اليوم الثالث وجاء إلى بدر، حتى قام على شفة الرَّكِىّ(أي على وجه البئر)، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم، ‏‏"يا فلان بن فلان، يا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله‏ ؟‏ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا ‏؟‏‏"‏ فقال عمر‏:‏ يا رسول الله، ما تكلم من أجساد لا أرواح لها‏؟‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ "‏والذي نفس محمد بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم‏‏ ، ولكن لا يجيبون‏".‏ وهذا الحديث متفق عليه ، والنبي صلى الله عليه وسلم أحيا الله له أولئك القوم وأسمعهم كلامه، وإلا المشهور عند أهل العلم أن الميت لا يسمع إلا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم :" إنه ليسمع قرع نعالهم". فأما بعد ذلك فمشغول بنفسه، وأهل الأرض كذلك مشغولون بأنفسهم.

مكة تتلقى نبأ الهزيمة
قال ابن إسحاق‏:‏ وكان أول من قدم بمصاب قريش رجل يقال له الحَيْسُمَان بن عبد الله الخزاعى، فقالوا‏:‏ ما وراءك‏؟‏(أي أهل مكة).قال‏:‏ قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام(يعني أبا جهل) ،وأمية بن خلف، في رجال من الزعماء سماهم‏.‏ فلما أخذ يعد أشراف قريش قال صفوان بن أمية وهو عند الحِجْر‏:‏ والله إن يعقل هذا، فاسألوه عنى(يعني الحجر يريد)‏.‏ قالوا‏:‏ ما فعل صفوان بن أمية‏؟‏ قال‏:‏ ها هو ذا جالس في الحجر، وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا‏.‏

هكذا تلقت مكة أنباء الهزيمة الساحقة في ميدان بدر.

ومن الطرائف أن رجلا يقال له الأسود بن المطلب أصيب ثلاثة من أبنائه يوم بدر، وكان يحب أن يبكي عليهم، وكان ضرير البصر، فسمع ليلًا صوت نائحة، فبعث غلامه، وقال‏:‏ انظر هل أحل النَّحْبُ‏؟‏(يعني هل أحل البكاء ؟ يريد هو أن يبكي لأنه عندهم ممنوع هذا الأمر حتى لا يذكر الناس بهذه المصيبة)قال: أنظر هل أحل النحب؟ هل بكت قريش على قتلاها‏؟‏ لعلي أبكي على أبي حكيمة ـ ابنه ـ فإن جوفي قد احترق، فرجع الغلام وقال‏:‏ إنما هي امرأة تبكى على بعير لها أضلته.
فقال‏ الأسود بن المطلب:‏
أتبكي أن يضل لها بعير*** ويمنعها من النوم السهود
فلا تبكي على بكر ولكن *** على بدر تقاصرت الجدود
على بدر سراة بني هصيص *** ومخزوم ورهط أبي الوليد
وبكى إن بكيت على عقيل *** وبكى حارثا أسد الأسود
وبكيهم ولا تسمى جميعا *** وما لأبي حكيمة من نديد
ألا قد ساد بعدهم رجال *** ولولا يوم بدر لم يسودوا




المدينة تتلقى أنباء النصر

قال أسامة بن زيد‏:‏ أتانا الخبر حين سوينا التراب على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان النبي خلفنى عليها مع عثمان وذلك أن خبر انتصار المسلمينفي بدر جاء وأسامة بن زيد قد فرغ مع عثمان رضي الله عنهما من دفن رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجة عثمان بن عفان‏.‏


قضية الأسرى:

إن النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين أسروا جمعا من أهل مكة من الكفار ، ولما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة استشار أصحابه في الأسرى ، فقال أبو بكر‏:‏ يا رسول الله، هؤلاء بنو العم والعَشِيرة والإخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار، وعسى أن يهديهم الله، فيكونوا لنا عضدًا‏.‏

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"ما ترى يابن الخطاب‏؟‏‏" قال‏:‏ قلت‏:‏ والله ما أرى ما رأى أبو بكر(يعني أخالف )، ولكن أرى أن تمكننى من فلان ـ وكان قريبا له ـ فأضرب عنقه، وتمكن عليًا من عَقِيل بن أبي طالب فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين‏.‏ وهؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم‏.‏

فهوى النبي أي اختار صلوات الله وسلامه عليه ما قال أبو بكر ، وأخذ منهم الفداء‏. فلما كان من الغد قال عمر‏:‏ غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فإذا هما يبكيان، فقلت‏:‏ يا رسول الله، أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك‏؟‏ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أبكى للذى عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، فقد عرض علىّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة". وأشار إلى شجرة قريبة‏.‏

وأنزل الله تعالى‏:‏ {‏مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏67، 68‏]‏‏.‏ حتى يثخن في الأرض أي لكي يثخن في الأرض.

أما الكتاب الذي سبق من الله تبارك وتعالى هو قول الله جل وعلا ‏:‏ {‏فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء‏}‏ ‏[‏محمد‏:‏ 4‏]‏‏.‏وذلك أن قائد الجيش إذا أسر المشركين فهو مخير بين أربعة أمور:إما أن يقتلهم ، وإما أن يفاديهم بمال أو مقابل أسرى أو بما شابه ذلك ، وإما أن يعفو عليهم ، وإما أن يسترقهم أي يصيرون عبيدا عند المسلمين.
و النبي صلى الله عليه وسلم قبل الفداء من بعضهم ومن على بعضهم صلوات الله وسلامه عليه.
رد مع اقتباس
  #55  
قديم 2012-10-17, 06:04 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

فرض الصيام:

وفي السنة الثانية من الهجرة فرض الله سبحانه وتعالى صيام رمضان في قول الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ183 أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(184)شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ(185)" البقرة
ففرض الله تبارك وتعالى صيام رمضان في هذه السنة وهي السنة الثانية من الهجرة .
رد مع اقتباس
  #56  
قديم 2012-10-17, 06:15 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

مؤامرة لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم :


بعد هذه الهزيمة المنكرة لأهل مكة تآمر رجلان من أهل مكة على قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن رجلا يقال له عمير بن وهب الجمحي جلس مع صفوان بن أمية في الحِجْر وكان لعمير ابن يقال له وهب وهو من الأسرى، أسر مع الأسرى في المدينة عند النبي صلى الله عليه وسلم. فجلس صفوان بن أمية مع عمير بن وهب فتذكرا المصيبة التي وقعت لأهل مكة بهذه الهزيمة المنكرة في بدر . فقال صفوان‏ بن أمية لعمير بن وهب:‏والله إن في العيش بعدهم خير(أي ليس في العيش بعدهم خير حيث إن هنا إن نافية كما في قول الله تبار وتعالى :"يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يخرجوكم عن دينكم إن استطاعوا"البقرة أي لن يستطيعوا‏.‏ فإن هنا نافية ، فقوول صفوان : ووالله إن في العيش بعدهم خير. أي ليس في العيش بعدهم خير.
فقال له عمير‏:‏ صدقت والله، أما والله لولا دَيْن على ليس له عندي قضاء، وعيال أخشي عليهم الضَّيْعةَ بعدي لركبتُ إلى محمد حتى أقتله، فإن لي قِبَلَهُمْ عِلَّةً، ابني أسير في أيديهم‏.‏
فقال له صفوان وقد استغل هذه الكلمات‏:‏ دينك علي، أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيإلى، أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم‏.‏
فقال له عمير وقد ألزم بما قال‏:‏ فاكتم عني شأني وشأنك‏.‏ قال‏:‏ أفعل‏.‏
ثم أخذ عمير سيفه ، ثم انطلق حتى قدم المدينة، فبينما هو على باب المسجد ينيخ راحلته في المدينة رآه عمر بن الخطاب ـ وهو في نفر من المسلمين _فقال عمر‏:‏ هذا عدو الله عمير ما جاء إلا لشر‏.‏ ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ يا نبي الله، هذا عدو الله عمير قد جاء متوشحاً سيفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏فأدخله علي‏"، فأقبل إلى عمير فلَبَّبَهُ بحَمَالة سيفه (ضمه ضما بحيث لا يستطيع أن يلمس سيفه)، وقال لرجال من الأنصار‏:‏ ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون، ثم دخل به، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه ـ قال‏:‏ "‏أرسله يا عمر، ادن يا عمير"، فدنا وقال‏:‏ أنْعِمُوا صباحاً(عمير يقول للنبي صلى الله عليه وسلم أنعموا باحا)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ "قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة"‏‏.‏_إذن لا ينبغي حقيقة إذا دخل رجل أو دخل على أحد أن نقوول له مرحبا أو نقول مساكم الله على خير ، أو غير هذه الكلمات ، وإن كان في أصلها هي جميلة وطيبة، ولكن بعد السلام . فالأولى أن يبدأ الإنسان بالسلام فيقول السلام عليكم ثم إن شاء قال مرحبا ، حياكم الله ، مساكم الله بخير وما شابه ذلك من الكلمات ، فأما البداية فالمسلم لا يبدأ إلا بالسلام.
ثم قال له النبي صلى اله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏ما جاء بك يا عمير ‏؟"‏ قال‏:‏ جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم، فأحسنوا فيه‏.‏
قال‏:‏ ‏‏"‏فما بال السيف في عنقك‏؟" قال‏:‏قبحها الله من سيوف، وهل أغنت عنا شيئاً ‏؟‏
قال‏:‏ ‏‏"‏أصدقني، ما الذي جئت له ‏؟‏‏" قال‏:‏ ما جئت إلا لذلك‏.‏
قال‏:‏ "‏بل قعدتَ أنت وصفوان بن أمية في الحِجْر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت‏:‏ لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمداً، فتحمل صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني، والله حائل بينك وبين ذلك‏"‏‏.‏
استغرب عمير كيف عرف النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر، فقال عمير‏:‏ أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم تشهد شهادة الحق‏ أي قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره".‏

فأما صفوان في مكة فكان ينتظر خبر قتل النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقول‏ لأهل مكة :‏ أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر‏.‏ وكلما جاء ركب قال لهم ما حال عمير ،حتى جاء ركب قال لهم ما حال عمير ؟ فقالوا له: أسلم. فحلف صفوان ألا يكلمه أبدًا ‏.‏
ورجع عمير إلى مكة وأقام بها يدعو إلى الإسلام، فأسلم على يديه ناس كثير‏.‏ سبحان الله خرج لكي يقتل النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع داعية إلى الله تبارك وتعالى يأمر الناس بالإسلام فأسلم على يديه كثير من الناس.



بنو قَينُقَاع ينقضون العهد‏:
إن النبي صلى الله عليه وسلم عقد معاهدات مع اليهود في المدينة ، وكان ممن عقد معهم المعاهدات بنو قينقاع ، وكانوا أشر الطوائف وأشجعهم ، وكانوا يسكنون داخل المدينة في حي باسمهم أي حي اسمه بنو قينقاع. وكانوا صاغا أي حدادا وحدادين وصناع الأواني وكان عدد المقاتلين فيهم سبعمائة وهم أول من نكث العهد والميثاق مع النبي صلى الله عليه وسلم.
روى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم بدر، وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع‏.‏ فقال‏:‏ "يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله تبارك وتعالى‏_مدافعا عن نبيه صلى الله عليه وسلم_:‏ ‏{‏قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ‏ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ‏}‏ ‏[‏آل عمران 12، 13‏]‏‏.‏
وقد روى ابن هشام في سيرته عن أبي عون‏:‏ أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها(جلب أي بضاعة)، فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ـ وهي لا تعلم ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحك عليها اليهود فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فقام اليهود وقتلوا المسلم ، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع بينهم شر (أي قتال داخل السوق ‏.‏
عند ذلك قام النب صلى الله عليه وسلم، فاستخلف على المدينة أبا لُبَابة بن عبد المنذر، وأعطى لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب، وسار بجنود الله إلى بني قينقاع، فلما رأوه _أي اليهود_ تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم أشد الحصار صلوات الله وسلامه عليه في حيهم الذي هم فيه، وذلك في شوالمن السنة الثانية للهجرة ، واستمر الحصار خمس عشرة ليلة ، وقذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فكتفوا‏.‏
وعند ذلك قام االخبيث عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، فألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعفو عنهم، فقال‏:‏ يا محمد، أحسن إلى موالي ـ وكـانوا حلفـاء الخزرج وهو سيد الخزرج من كبار ساداتهم ـ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فكرر مقالته فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم،فأمسك بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏أرسلني‏"‏، ثم قال‏:‏ "ويحك، أرسلني"‏‏.‏ فقال المنافق‏:‏ لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي أربعمائة حاسر وثلاثمائة دارع منعوني من الأحمر والأسود(أي لما كانوا من موالي)، وتحصدهم في غداة واحدة ‏؟‏ إني والله امرؤ أخشي الدوائر‏.‏
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هم لك فوهبهم له، ولكن أمرهم أن يخرجوا من المدينة وأن لا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام‏.‏
رد مع اقتباس
  #57  
قديم 2012-11-10, 07:21 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

قتل كعب بن الأشرف :
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل رجل من اليهود يقال له كعب بن الأشرف ، وكان من أشد اليهود أذى وحقدا على النبي صلى الله عليه وسلم، .وذلك أن هذا اليهودي كعب بن الأشرف صار يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويهجو أصحابه، ويمدح أعداء النبي صلى الله عليه وسلم ويحرضهم عليهم، حتى سافر إلى قريش، فنزل على المطلب بن أبي وَدَاعة السهمي، وجعل ينشد الأشعار يبكي فيها على أصحاب القَلِيب من قتلى المشركين،لكي يهيج أهل مكة من الإنتقام.
وهناك سأله أهل مكة قالوا له‏:‏ أديننا أحب إليك أم دين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه‏؟‏ وأي الفريقين أهدى سبيلاً‏؟‏ فقال‏:‏ أنتم أهدى سبيلا، وقام وسجد لأصنامهم فأنزل الله جل وعلا‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا ‏}‏ ‏[‏ النساء‏:51، 52‏]‏‏.‏
حينئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏من لكعب بن الأشرف ‏؟‏ فإنه آذى الله ورسوله‏"، فانتدب له محمد بن مسلمة، وعَبَّاد بن بشر، ورجل يقال له أبو نائلة فذهبوا إليه وقتلوه في قصة طويلة.


رد مع اقتباس
  #58  
قديم 2012-11-17, 06:08 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

غـزوة أحـد

بعد هذهالأحداث وانتهاء هذه السنة ، ألا وهي السنة الثانية من الهجرة. اجتمع أهل مكة في مكة، وجمعوا ثلاثة آلاف مقاتل من قريش والحلفاء والأحابيش، وقد ذكرنا أن الأحابيش هم الموزع من القبائل الذين يعيشون في مكة ، وليسوا من أهلها ، وأخذوا معهم حتى النساء ، وذلك أن أهل مكة أرادوا أن ينتقموا لهزيمتهم في بدر ، فجهزوا هذا الجيش للإنتقام ، وكانت القيادة لأبي سفيان بن حرب بعد مقتل أبي جهل ، فصارت القيادة لأبي سفيان بن حرب. وقيادة الفرسان كانت مع خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل ، وخرج هذا الجيش المكي بعد هذا الإعداد التام إلى المدينة يريدون الإنتقام لقتلاهم في بدر .
وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر ألا وهو خروج أبي سفيان في ثلاثة آلاف من مكة يريدون قتال النبي صلى الله عليه وسلم، فاستنفر النبي صلى الله عليه وسلم الناس ، وحمل الناس سلاحهم لا يتركون سلاحهم حتى وهم في الصلاة يخشون من دخول أهل مكة عليهم .
وكان أهل المدينة أي الأنصار كسعد بن معاذ وأسيد بن حضير ، وسعد بن عبادة يقومون بحراسة النبي صلى الله عليه وسلم ، وجمع النبي صلى الله عليه وسلم كبار أصحابه وأخبرهم برؤيا رآها صلوات الله وسلامه عليه ، فقال :‏ ‏‏"‏إني رأيت والله خيراً، رأيت بقراً يذبح، ورأيت في ذُبَاب سيفي ثُلْماً، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة‏"‏، فتأوّل البقر بنفر من أصحابه يقتلون، وتأول الثلمة في سيفه برجل يصاب من أهل بيته، وتأول الدرع بالمدينة‏.‏
ثم قال صلى الله عليه وسلم :"أرى أن نقاتلهم من المدينة " ، نتحصن في المدينة ونقاتلهم فإن أقاموا بمعسكرهم أقاموا بِشَرِّ مُقَام، وإن دخلوا المدينة قاتلناهم من الأزقة_يعني الطرق الضيقة_، ومن فوق البيوت ‏.‏ فوافقه على هذا كبار الصحابة وممن وافقه كذلك عبد الله بن أبي بن سلول ـ فهو كما قلنا كان من رأس الخزرج بل وكان الأوس والخزرج قد اتفقوا على أن يجعلوه ملكا عليهم ـ . فوافقوا على هذا الرأي وهو أن يتم القتال من داخل المدينة ، لكن قام جماعة من شباب الصحابة الذين فاتهم القتال في بدر فقالوا يا رسول الله نخرج إليهم إنا كنا نتمنى هذا اليوم ، وندعوا الله تبارك وتعالى أن يبلغنا إياه،نخشى أن يظنوا أنا جبنا عنهم (يعني نقاتلهم).
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم لابأس . ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ولبس أدراعه –أي أدراع القتال- صلوات الله وسلامه عليه ، وهذا من باب السبب .وكان الناس ينتظرونه صلوات الله وسلامه عليه حتى يخرج ،فقال لهم سعد بن معاذ ‏:‏ استكرهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج فردوا الأمر إليه،فندموا على ما صنعوا، فلما خرج قالوا له‏:‏ يا رسول الله ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما شئت،إنما هو رأي رأيناه إن أحببت أن تمكث في المدينة فافعل‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ "ما ينبغي لنبي إذا لبس لأْمَتَه ـ أي لباس الحرب ـ أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه‏"‏ ‏.‏ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى القتال ليواجه أهل مكة خارج المدينة صلوات الله وسلامه عليه، وهم في الطريق رجع المنافق عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الجيش ، وأنزل الله تبارك وتعالى في المنافقين: {‏وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 167‏]‏‏.‏
فعبد الله بن أبي بن سلول لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش وكانوا ألفا ، قبل وصولهم إلى جبل أحد رجع عبد الله بن أبي سلول بثلث الجيش ممن أطاعه من قومه فخرج وقال له لاأظن أن هناك قتال ، ونجح هذا المنافق في استدراج ثلاثمائة رجل من منافق وضعيف الإيمان وغيرهم ، ولكن أكثرهم كانوا من المنافقين ، وهمت طائفتان من المسلمين من الأنصار وهم بنو حارثة من الأوس ، وبنو سلمة من الخزرج هموا أن يرجعوا كذلك مع عبد الله بن أبي بن سلول ولكن الله ثبتهما وأنزل الله جل وعلا‏:‏ ‏{‏إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 122‏]‏‏.‏تفشلا أي بالرجوع فشل ذريع يرجعون عن النبي صلى الله عليه وسلم.
بعد أن وصل جيش المسلمين إلى أحد ، ووصل جيش الكفار كذلك ، وذكرنا أن عدد الكفار ثلاثة آلاف ، وعدد المسلمين في بداية الخروج ألف ، ثم نقص إلى أن صار سبعمائة .
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم الناس عن القتال حتى يأمرهم، ولبس صلوات الله وسلامه عليه الدرعين، وحرض أصحابه على القتال، وحضهم الصبر في اللقاء، وبث فيهم روح الحماسة صلوات الهر وسلامه عليه ثم رفع سيفه وقال‏:‏ ‏‏"من يأخذ هذا السيف بحقه؟"، فقام إليه رجال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي دُجَانة سِمَاك بن خَرَشَة:"خذه"، قال‏:‏ يا رسول الله ‏ وما حقه؟‏ قال‏:‏ "أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني"‏‏.‏ قال‏:‏ أنا آخذه بحقه يا رسول الله، فأعطاه إياه‏.‏
فلما أخذ السيف عصب على رأسه عصابة –خرقة ربطها على رأسه-، وجعل يتبختر بين الصفين(يمشي بفخر)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏"‏إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن‏" (لأنه يغيظ الأعداء)‏‏.‏
وتقارب الجمعان ، و تدانت الفئتان ، وبدأ القتال ، وكان لواء المشركين مع طلحة بن أبي طلحة العبدري . وكان من فرسان قريش يسميه المسلمون كبش الكتيبة لشجاعته ، خرج على جمل يدعو إلى المبارزة فتقدم إليه الزبير بن العوام ووثب إليه وثبة الليث حتى صار معه على جمله ، ثم اقتحم به الأرض –أي ألقاه إلى الأرض – وقام وذبحه رضي الله عنه وأرضاه ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر المسلمون وهنا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق الزبير :" لكل نبي حواري، وحواري الزبير‏".‏
واشتد القتال بين المسلمين وأهل مكة ، وقتلوا من أهل مكة كثيرا ، وقتل في هذه المعركة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وأرضاه قتله رجل يقال له وحشي بن حرب ويحدثنا وحشي بن حرب عن قتله لحمزة . قال وحشي : كنت غلاما لجبير بن مطعم ، وكان عمه –أي عم جبير بن مطعم- طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر ، فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جبير: إنك إن قتلت حمزة عم محمد صلى الله عليه وسلم بعمي فأنت عتيق – أي بدل عمي فأنت عتيق- . قال: فخرجت مع الناس وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة قلما أخطئ بها شيئا . فلما خرج الناس يقول : خرجت أنظر حمزة وأتبعه بصري حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق ، يَهُدُّ النَّاسَ هَدًّا، مَا يَقُومُ لَهُ شَيْء،يقول: فوالله إنِّي لَأَتَهَيَّأُ لَهُ، أُرِيدُهُ فأَسْتَتِرُ مِنْهُ بِشَجَرَةِ أَوْ حَجَرٍ لِيَدْنُوَ مِنِّي إذْ تَقَدَّمَنِي إلَيْهِ سِبَاعُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى-أي وصل إليه قبلي رجل يقال له سباع بن عبد العزى- ، فَلَمَّا رَآهُ حَمْزَةُ قَالَ لَهُ: هَلُمَّ إلَيَّ يَا بن مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ-وذلك أن أمه كانت تختن النساء-. قَالَ: فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً فكَأَنّمَا أَخَطَأَ رَأْسَهُ -يعني أصابه إصابة واحدة قطع رأسه بها كأنما أخطأ رأسه أي لم يخطئ رأسه-. قَالَ وحشي : هنا هَزَّزَتْ حَرْبَتِي، حَتَّى إذَا رَضِيتُ مِنْهَا، دَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَوَقَعَتْ فِي أحشائهِ، حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، وَذَهَبَ لِيَنُوءَ نَحْوِي (أي يأتيني)،يقول: فَغُلِبَ، فتَرَكْتُهُ وَإِيَّاهَا حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُ حَرْبَتِي، ثُمَّ رَجَعْتُ إلَى الْعَسْكَرِ، فَقَعَدْتُ فِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي في ِغَيْرِهِ حَاجَةٌ(أي ماجئت لأقاتل بل جئت لأعتق نفسي بقتل حمزة)، يقول: وَإِنَّمَا قَتَلْتُهُ لِأُعْتَقَ. فَلَمَّا قَدِمْتُ مَكَّةَ أُعْتِقْتُ (أي بقتل حمزة).
والعجيب أن وحشي بن حرب هذا بعد ذلك أسلم وتاب ، فكان أن وفقه الله تبارك وتعالى إلى قتل مسيلمة الكذاب فيقول : قتلت ولي الله وقتلت عدو الله (أي قتلت ولي الله حمزة عليه السلام وقتلت كذلك عدو الله مسيلمة الكذاب).

اشتد القتال في هذه المعركة العظيمة معركة أحد وأنزل الله نصره على المسلمين وصدقهم وعده سبحانه وتعالى، فكشفوهم (أي كشف المسلمون المشركين عن المعسكر ) وكانت الهزيمة . قال الزبير بن العوام : والله لقدرأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب(خدم أي السوق السيقان) يقول ما دون أخذهن قليل ولا كثير (يعني يستطيع أن يمسك بهن )، وفي حديث البراء عند البخاري : فلما لقيناهم هربوا حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل يرفعن سوقهن قد بدت خلاخيلهن ، فتبع المسلمون المشركين يضعون فيهم السلاح وينهبون الغنائم.
رد مع اقتباس
  #59  
قديم 2012-11-17, 06:15 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

غلطة الرماة
نصر الله المسلمين في هذه المعركة أي في أولها ، عند ذلك قام الرماة بترك أماكنهم وذلك أنهم أخطأوا في هذه المسألة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرهم أن لا يتركوا مكانهم أبدا ، ولكنهم لما رأوا الهزيمة ورأوا النساء تفرن ، ورأوا الرجال يفرون ظنوا أن المعركة قد انتهت، فنزلوا عن أماكنهم ، وكان عبد الله بن جبير بن المطعم قائد الرماة ، فأمرهم أن لا يتحركوا ، وأن يبقوا في أماكنهم كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم فردوا عليه بأن القتال قد انتهى ونزلوا عن أماكنهم.

خالد بن الوليد يقوم بخطة تطويق الجيش الإسلامي‏:
وقد ذكرنا في البداية أن خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل كانا قائدي الفرسان ، ولم يشاركا في هذه المعركة لأنهم ما كان لهم دور(أي فرسان قريش) لأن المسلمين كانوا قد أخذوا الأماكن الصحيحة في هذه المعركة . فلما رأى خالد بن الوليد الناس قد تركوا مكانهم أي الرماة قام خالد بن الوليد والتف خلف الجبل وأخذ مكان الرماة ، فصار المسلمون يتبعون كفار قريش فجاء خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل من خلف المسلمين ، ثم صاح في كفار قريش يناديهم، وصار يرمي هو ومن معه المسلمين في ظهورهم ، فوقع المسلمون بين فكي الكماشة ، فرجع كفار مكة فصار المسلمون في الوسط ، فوقع فيهم القتل (أي وقع القتل في المسلمين)، وصارت الفوضى لا يعلمون ماذا يفعلون في هذه المفاجأة التي ما كانوا يتوقعونها ، وفر من فر من المسلمين بعد هذه الفوضى التي رأوها وأن الكفار صاروا يقتلون منهم قتلا ذريعا لا يتركون أحدا إلا قتلوه ممن قالوهم بأيديهم أو بسهامهم . فمر أنس بن النضر بالمسلمين فقال‏ لهم:‏ ما تنتظرون ‏؟‏ قالوا‏:‏ قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم(وذلك أنه أشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل فيمن قتل من المسلمين) ، فقالوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لهم أنس‏:‏ ما تصنعون بالحياة بعده ‏؟‏ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال‏:‏ اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني المسلمين، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين، ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذ، فقال‏:‏ أين يا أبا عمر ‏؟‏ فقال أنس‏:‏ واها لريح الجنة يا سعد، إني أجده دون أحد، ثم مضي فقاتل القوم حتى قتل، فلم يعرفه أحد إلا أخته ببنانه، وذلك أنه وجد به بضع وثمانون طعنة أوضربة بسيف رضي الله عنه وأرضاه‏.‏

قال أنس بن مالك أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه(أي يريدون قتله) قال‏:‏ "من يردهم عنا وله الجنة ‏؟‏ أو هو رفيقي في الجنة ‏؟"‏ فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ثم قام الثاني فقاتل حتى قتل ، حتى قتل السبعة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رَبَاعِيَته(أي أسنانه)، وشُجَّ في رأسه، فجعل يَمسح الدم صلوات الله وسلامه عليه ويقول‏:‏ ‏‏"‏كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم" صلوات الله وسلامه عليه، فأنزل الله عز وجل‏:‏ ‏{‏لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏128‏]‏ ‏.‏
وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" .
رد مع اقتباس
  #60  
قديم 2012-11-17, 06:18 PM
آية.ثقة آية.ثقة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2012-01-30
المشاركات: 203
افتراضي

البطولات النادرة‏:
وكانت أيضا بطولات في هذه المعركة ، منها بطولات لطلحة بن عبيد الله ، وذلك أنه دافع عن النبي صلى الله عليه وسلم بيده حتى شلت، وذلك أنه قال قيس بن أبي حازم‏:‏ رأيت يد طلحة شلاء، وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد‏.‏
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏‏(‏من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله‏)‏ ‏.‏

وكان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد يقول‏:‏ ذلك اليوم كله لطلحة‏.‏

-وقد رمي النبي صلى الله عليه وسلم في وَجْنَتِهِ ودخل المِغْفَر في وجنته(أي غطاء الرأس من حديد دخل في خد النبي صلى الله عليه وسلم)، فجاء أبو بكر مع طلحة بن عبيد الله فأراد أبو بكر أن ينزع هذا عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم(أي المغفر) فقال أبو عبيدة‏:‏ نشدتك بالله يا أبا بكر، إلا تركتني(أي أنا أقوم بهذا العمل)، فأخذ بفيه(أي فمه) فجعل ينَضِّـضه (يعني يحركه يسيرا) كراهية أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استل السهم بفمه، فسقطت ثنيته (أي أسنانه رضي الله عنه وأرضاه) ، ولما سقطت أسنان أبو عبيدة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏‏‏"دونكم أخاكم، فقد أوجب‏"(أي الجنة بما فعل للنبي صلى الله عليه وسلم).

-وكذلك هذا أبو طلحة رضي الله عنه. قال أنس‏:‏ لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو طلحة بين يديه مجوب عليه بحجفة له(يعني مفرس للنبي صل الله عليه وسلم)، وكان أبو طلحة رجلاً راميا شديد النزع (يعني يصيب إذا رمى )، فكان يمر عليه الرجل ومعه الجَعْبَة (فيها السهام) فيقول‏ النبي صلى الله عليه وسلم:‏ ‏‏"انثرها لأبي طلحة‏"، قال‏:‏ ويشرف النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة يرمي ثم يسد عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: نَحْرِي دون نحرك يا رسول الله بأبي أنت وأمي ‏.‏

-وقام كذلك أبو دجانة فترس على النبي صلى الله عليه وسلم بظهره(أي احتضن النبي صلى الله عليه وسلم وجعل ظهره للرمي)، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مقصودا صلوات الله وسلامه علي، لا شك فهو القائد صلوات الله وسلامه عليه‏.‏
-وقاتل كذلك مصعب بن عمير رضي الله عنه حتى قتل ، ومصعب بن عمير كان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك الذي قتل مصعب بن عمير رجل يقال له ابن قمئة ، لما قتل مصعبا ظن أنه قتل النبي فأشاع بين الناس :قتلت محمدا ، قتلت محمدا.
وقد أنزل الله تبارك وتعالى في هذه المعركة سورة آل عمران فالكثير من هذه السورة في هذه المعركة ومنها قول الله تبارك وتعالى" وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ (152) " . فهذه المعركة ذكرها الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز.

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب


 اشتراك falcon iptv   جهاز كشف الذهب   تأمين زيارة عائلية   Best Advocate in Dubai   خبير تسويق الكتروني   اشتراك القنوات المشفرة   سطحة شمال الرياض   سطحة بين المدن   سطحه شرق الرياض   شحن السيارات   سطحة هيدروليك   شركة نقل السيارات بين المدن   أرخص شركة شحن سيارات   شركة شحن سيارات   شراء سيارات تشليح   بيع سيارة تشليح 
 شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   شركة عزل شينكو بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة كشف تسربات المياه 
 yalla shoot   يلا شوت   yalla shoot   سوريا لايف 
 kooralive   اشتراك hulk   يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   يلا كورة 
 تطبيقات تسويقية   شركة صيانة افران بالرياض   شركة مكافحة الحشرات   شركة سياحة في روسيا   بنشر متنقل   شركة تصميم مواقع   Online Quran Classes 

 صيانة غسالات خميس مشيط   صيانة غسالات المدينة   صيانة مكيفات المدينة   صيانة ثلاجات المدينة   صيانة غسالات الطائف   صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات مكة المكرمة   صيانة ثلاجات مكة المكرمة   صيانة مكيفات مكة   صيانة مكيفات جدة   صيانة مكيفات المدينة   صيانة مكيفات تبوك   صيانة مكيفات بريدة   سباك المدينة المنورة 
 ساندوتش بانل   دعاء القنوت   شركة تنظيف بجدة   شركة تنظيف فلل بجدة   شركة مكافحة حشرات بجدة   شركة تنظيف المنازل بجدة 
 شركة مقاولات   اقرب شركة تنسيق حدائق   شركة تنظيف اثاث بالرياض   كشف تسربات المياه مجانا   لحام خزانات فيبر جلاس بالرياض   شركة تخزين عفش بالرياض   برنامج ارسال رسائل الواتساب   شركة تسليك مجاري بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   اشتراك hulk iptv   اشتراك كاسبر   أكثر مشاهير السناب في السعودية   مشاهير السناب شات   سنابات نجوم السعودية   شنطة مكياج كاملة   تنظيف خزانات بمكة   شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة تنظيف منازل بالرياض   خدمة مكافحة الصراصير بالرياض   شدات ببجي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   مجوهرات يلا لودو   شحن يلا لودو   ايتونز امريكي   بطاقات ايتونز امريكي   شدات ببجي تمارا   شدات ببجي اقساط 
 شركة تنظيف بخميس مشيط   تشليح الرياض   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   تصليح غسالات اتوماتيك   شركة مكافحة حشرات   شركة عزل خزانات بجدة   دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   اشتراك كاسبر   مكسرات لوز فستق   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 
 موسوعة   kora live   social media free online tools   تطبيق الكابتن تمارين كمال اجسام و فيتنس   كشف تسربات المياه بالرياض و شركة عزل خزانات المياه بالرياض  شركة صيانة افران بالرياض
 كشف تسربات المياه    شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   شركة مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم بالرياض   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تسليك مجاري بالرياض   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة عزل اسطح بجدة   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 


Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd