للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الصحابي الجليل زيد بن ثابت
زيـد بن ثابت جامع القرآن هو زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري من المدينة ، يوم قدم الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينـة كان يتيمـا ( والده توفي يوم بُعاث ) و سنه لا يتجاوز إحدى عشرة سنة ، أسلـم مع أهلـه وباركه الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاء . العلم كانت شخصيته المسلمة المؤمنة تنمو نموا سريعا وباهرا ، فهو لم يبرع كمجاهد فحسب ، بل كمثقف متنوع المزايا أيضا ، فهو يتابع القرآن حفظا ، ويكتب الوحي لرسوله صلى الله عليه وسلم ، ويتفوق في العلم والحكمة ، وحين يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي كله ، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها ، أمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فتعلمها في وقت وجيز. يقول زيـد رضي الله عنه عن ذلك : ( أُتي بي النبـي صلى اللـه عليه وسلم مقدمه المدينة ، فقيل : ( هذا من بني النجار ، وقد قرأ سبع عشرة سورة ) فقرأت عليه فأعجبه ذلك ، فقال : " تعلم كتاب يهـود ، فإني ما آمنهم على كتابي " ففعلت ، فما مضى لي نصف شهـر حتى حَذِقته ، فكنت أكتب له إليهم ، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له ) وهكذا تألقت شخصية زيد بن ثابت رضي الله عنه وتبوأ في المجتمع مكانا عليا ، و صار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم.. الجهاد صحبه آباؤه معهم إلى غزوة بدر ، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم رده لصغر سنه وحجمه ، وفي غزوة أحد ذهب مع جماعة من أترابه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يحملون إليه ضراعتهم كي يقبلهم في أي مكان من صفوف المجاهدين ، وكان أهلوهم أكثر ضراعة وإلحاحا ورجاء. فألقى الرسول صلى الله عليه وسلم على الفرسان الصغار نظرة شاكرة ، وبدا كأنه سيعتذر عن تجنيدهم في هذه الغزوة أيضا. لكن أحدهم وهو رافع بن خديج ، تقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يحمل حربة ويحركها بيمينه حركات بارعة ، وقال للرسول عليه الصلاة والسلام : ( إني كما ترى رام ، أجيد الرمي فأذن لي ) وحيا الرسول صلى الله عليه وسلم هذه البطولة الناشئة ، النضرة ، بابتسامة راضية ، ثم أذن له ، وانتفضت عروق أترابه. وتقدم ثانيهم وهو سمرة بن جندب ، وراح يلوح في أدب بذراعيه المفتولين ، وقال بعض أهله للرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن سمرة يصرع رافعا ) وحياه الرسول صلى الله عليه وسلم بابتسامته الحانية ، وأذن له. كانت سن كل من رافع وسمرة قد بلغت الخامسة عشرة ، إلى جانب نموهما الجسماني القوي . وبقي من الأتراب ستة أشبال ، منهم زيد بن ثابت ، وعبدالله بن عمر ، ولقد راحوا يبذلون جهدهم وضراعتهم بالرجاء تارة ، وبالدمع تارة ، وباستعراض عضلاتهم تارة ، لكن أعمارهم كانت باكرة، وأجسامهم غضة ، فوعدهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالغزوة المقبلة. وهكذا بدأ زيد مع إخوانه دوره كمقاتل في سبيل الله بدءا من غزوة الخندق ، سنة خمس من الهجرة . حفظه للقرآن منذ بدأ الوحي يأخذ طريقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين ، والوحي يصاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ويخف إليه كلما ولى وجهه شطر الله راجيا نوره وهداه. وخلال سنوات الرسالة كلها ، حيث يفرغ النبي من غزوة ليبدأ بأخرى ، وحيث يحبط مكيدة وحربا ، ليواجه خصومة بأخرى وأخرى ، وحيث يبني عالما جديدا .. كان الوحي يتنزل ، والرسول صلى الله عليه وسلم يتلو ، ويبلغ ، وكان هناك ثلة مباركة تحرك حرصها على القرآن من أول يوم ، فراح بعضهم يحفظ منه ما استطاع ، وراح البعض الآخر ممن يجيدون الكتابة ، يحتفظون بالآيات مسطورة. وخلال إحدى وعشرين سنة تقريبا ، نزل القرآن خلالها آية آية ، أو آيات ، تلو آيات ، ملبيا مناسبات النزول وأسبابها ، كان أولئك الحفظة ، والمسجلون ، يوالون عملهم في توفيق من الله كبير.. وكان على رأسهم علي ابن ابي طالب، وأبي بن كعب، وعبدالله ابن مسعود ، وعبدالله بن عباس ، و زيد بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين.. وقد قرأ زيد رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفاه الله فيه مرتين ، وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابترضي الله عنه لأنه كتبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأها عليه ، وشهد العرضة الأخيرة ، وكان يُقرىء الناس بها حتى مات . وبعد أن تم نزولا ، وخلال الفترة الأخيرة من فترات تنزيله ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرؤه على المسلمين ، مرتبا سوره وآياته. بداية جمع القرآن اذا حملت المصحف بيمينك ، واستقبلته بوجهك ، ومضيت تتأنق في روضاته اليانعات ، سورة سورة ، وآية آية ، فاعلم أن من بين الذين يدينونك بالشكر والعرفان على هذا الصنع العظيم ، رجل كبير اسمه : زيد بن ثابت رضي الله عنه . وإن وقائع جمع القرآن في مصحف ، لا تذكر إلا ويذكر معها هذا الصحابي الجليل. وحين تنثر زهور التكريم على ذكرى المباركين الذين يرجع إليهم فضل جمع القرآن وترتيبه وحفظه ، فان حظ زيد بن ثابت من تلك الزهور ، لحظ عظيم . فبعد وفاته صلى الله عليه وسلم شغل المسلمون من فورهم بحروب الردة ، وفي معركة اليمامة كان عدد الشهداء من قراء القرآن وحفظته كبيرا. فما كادت نار الردة تخبو وتنطفئ حتى فزع عمر إلى الخليفة أبي بكر رضي الله عنهما راغبا إليه في إلحاح أن يسارعوا إلى جمع القرآن قبلما يدرك الموت والشهادة بقية القراء والحفاظ. واستخار الخليفة ربه وشاور صحبه ، ثم دعا زيد بن ثابت رضي الله عنهما وقال له : ( انك شاب عاقل لا نتهمك ) وأمره أن يبدأ بجمع القرآن الكريم ، مستعينا بذوي الخبرة في هذا الموضوع. ونهض زيد رضي الله عنه بالعمل الذي توقف عليه مصير الإسلام كله كدين.. وأبلى بلاء عظيما في إنجاز أشق المهام وأعظمها ، فمضى يجمع الآيات والسور من صدور الحفاظ ، ومن مواطنها المكتوبة ، ويقابل ، ويعارض ، ويتحرى ، حتى جمع القرآن مرتبا ومنسقا. ولقد زكى عمله إجماع الصحابة رضي الله عنهم الذين عاشوا يسمعونه من رسولهم صلى الله عليه وسلم خلال سنوات الرسالة جميعها ، لا سيما العلماء منهم والحفاظ والكتبة. وقال زيد رضي الله عنه وهو يصور الصعوبة الكبرى التي شكلتها قداسة المهمة وجلالها : ( والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه ، لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن ) كما قال : ( فكنت أتبع القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال ) وأنجز المهمة على أكمل وجه وجمع القرآن في أكثر من مصحف ، وكان توفيق الله معه ، وكان معه كذلك وعده القائل : (( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )) فنجح في مهمته ، وأنجز على خير وجه مسؤوليته وواجبه. المرحلة الثانية في جمع القرآن في خلافة عثمان رضي الله عنه ، والمسلمون يواصلون فتوحاتهم وزحوفهم ، مبتعدين عن المدينة ، مغتربين عنها. في تلك الأيام ، والإسلام يستقبل كل يوم أفواجا تلو أفواج من الداخلين فيه ، المبايعين إياه ، ظهر جليا ما يمكن أن يفضي إليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة الأقدمين والأولين. هنالك تقدم إلى الخليفة عثمان رضي الله عنه فريق من الأصحاب رضي الله عنهم على رأسهم حذيفة بن اليمان مفسرين الضرورة التي تحتم توحيد المصحف. وكما استنجد أبو بكر الصديق رضي الله عنه من قبل بزيد بن ثابت رضي الله عنه ، استنجد به عثمان رضي الله عنه أيضا . فجمع زيد رضي الله عنه أصحابه وأعوانه ، وجاؤوا بالمصاحف من بيت حفصة بنت عمر رضي الله عنها ، وكانت محفوظة لديها ، وباشر وصحبه مهمتهم العظيمة الجليلة. كان كل الذين يعاونون زيدا من كتاب الوحي ، ومن حفظة القرآن ، ومع هذا فما كانوا يختلفون ، وقلما كانوا يختلفون ، إلا جعلوا رأي زيد رضي الله عنه وكلمته هي الحجة والفيصل. فضله تألقت شخصية زيد وتبوأفي المجتمع مكانا عاليا ، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم ، فقد ذهب زيد رضي الله عنه ليركب ، فأمسك ابن عباس رضي الله عنهما بالركاب ، فقال له زيد رضي الله عنه : ( تنح يا بن عم رسول الله ) فأجابه ابن عباس رضي الله عنهما : ( لا ، فهكذا نصنع بعلمائنا ) كما قال ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما : ( ما رأيت رجلا أفكه في بيته ، ولا أوقر في مجلسه من زيد ) وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستخلفه إذا حج على المدينة ، وزيد رضي الله عنه هو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك ، وهو أحد أصحاب الفَتوى الستة : عمر وعلي وابن مسعود وأُبي وأبو موسى وزيد بن ثابت رضي الله عنهم ، فما كان عمر ولا عثمان رضي الله عنهما يقدمان على زيد رضي الله عنه أحدا في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة ، وقد استعمله عمر رضي الله عنه على القضاء وفرض له رزقا . قال ابن سيرين رحمه الله : ( غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين ، بالقرآن والفرائض ) وفاته توفي رضي الله عنه سنة ( 45 هـ ) في عهد معاوية رضي الله عنه . |
أدوات الموضوع | |
|
|