للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
الحكمة من نسخ آيةٍ و الإبقاء على حكمها: مثال حد الرجم
الحكمة من نسخ آيةٍ و الإبقاء على حكمها: مثال حد الرجم
قال الله سبحانه و تعالى ذكره: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}(سورة البقرة)؛ .... و قال: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)}(سورة العنكبوت)؛ .... و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ الدُّخَانِ ، يَمُوتُ مِنْهَا قَلْبُ الرَّجُلِ كَمَا يَمُوتُ بَدَنُهُ ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا ، وَيُمْسِي كَافِرًا ، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ فِيهَا أَقْوَامٌ دِينَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيلٍ"(اخرجه النيسابوري في مستدركه على الصحيحين)، ... فهذه النصوص من القرآن و السنة، و غيرها الكثير، تبين أن من بين طرق تمحيص سريرة المسلمين و امتحان مدى إيمانهم بالله هو تعَرضهم لابتلاءات من شتى الانواع ليعلم الله من يثبت على الايمان و من يُفتن بها و يزيغ قلبه فيتبع هواه! .... و لعل اعظم و اخطر الفتن التي قد يبتلى بها المسلم هي الفتنة في الدين، لذلك قال الرسول "يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا ، وَيُمْسِي كَافِرًا ، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا"! و قد ذكر القرآن بعض الاختبارات لإيمان المسلمين نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ، وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (143)}(سورة البقرة)، ... فمن كان مؤمنا إيمانا حقاً و يقينيا فقد امتثل دون تلكؤ لأمر رسول الله محمدٍ بتغيير وجهة القبلة من بيت المقدس الى الكعبة، أما مريضي القلب و اصحاب الهوى فيتخذون من ذلك الامر تشكيكا في الرسول و طعنا في الاسلام! .... و قد ابتلى الله من قبل قوم موسى في دينهم إذ جعل، مثلا، توبتهم في قتل انفسهم: {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)}(سورة البقرة)، ...... و إذ أمرهم موسى بذبح بقرة ليستفتيهم في جريمة قتل، فلم يدرك اصحاب القلوب الزائغة العلاقة بين القضاء في جريمة قتل و الامر بذبح بقرة فاستهزؤوا برسول الله {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا (67)}(سورة البقرة)، .... و الايمان يقتضي ان يمتثل المسلم لأمر الله و لو لم يدرك الحكمة في الامر، إذ الطاعة لله و الخضوع لأوامره هي في حد ذاتها اهم و اكبر مبتغى يختبر به الله المؤمن الحق من اصحاب الهوى الذين لا يتبعون من أوامر الله و رسوله إلا ما وافق منها هواهم و مصالحهم و لم تكن فيه مشقة للأنفس و لم تستلزم الطاعة صبرا و توطيدا للنفس {وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُّبِينٌ (33)}(سورة الدخان)! ... و لعل من بين الاختبارات للمسلمين في مدى حرصهم على إيمانهم بالله و برسوله محمد صلى الله عليه و سلم هو نسخ الله لأحكامٍ و نصوصٍ من القرآن و السنة ليمتحن من يثبت على الايمان ممن يزيغ به قلبه و يتبع الشبهات و الهوى! ... و لعل اعظم ابتلاء من ابتلاءات النسخ هو نسخ الله للفظ الآية فقط مع إبقاء حكمها و وجوب تطبيقها! ... و من بين هذا المنسوخ لفظا فقط هي آية الرجم، رجم الزاني الثيب حتى الموت، إذ نسخ الله لفظها من القرآن لكن أبقى على حكمها كما هو ثابت عن سنة رسول الله و صحابته الخلفاء الراشدين! و لعل من بين الحِكَمِ المحتملة التي نتعلمها من نسخ آية الرجم لفظا و إبقاء حكمها هو ليبين لنا الله ان السنة دليل شرعي واجب العمل بها مثلها مثل القرآن! فحد الرجم من بين احسن و أبلغ دليل على أن سنة رسول الله وحي وجب العمل به، و من بين اعظم اختبار للمسلمين و تمحيص الله لمدى صدق إيمانهم و فرز المؤمنين من الزائغين و المنافقين، و كَأنَّ الله يريد هنا أن يعطي درسا هاما و امتحانا و ابتلاءً لكل من فكر و يفكر أو سيفكر في رفض السنة، .... فيقول لهم الله، ها أنا نسختُ آية الرجم من قرآني و تركت لرسولي محمد عليه أزكى الصلوات و السلام أن يُبقي حكمها في سنته لانه ليس تمة اي فرق بين تشرعي و تشريع رسولي، فكلاهما وحي واجب الاتباع، و سنرى منكم من يحب الرسول و يطيعه و من يكفر به ...... و هذا ما تأكده أيضاً آيات كثيرة كقوله سبحانه و تعالى {من يُطعِ الرَّسولَ فقد أطاعَ الله ومن تَولَّى فما أرسلناكَ علَيهِم حفيظاً}(سورة النساء، 80)، {فلا ورَبِّكَ لا يؤمِنونَ حتَّى يُحكِّموكَ فيما شَجَرَ بينهم ثمَّ لا يَجدوا في أنفُسهِم حرَجاً ممَّا قضَيتَ ويُسلِّموا تَسليماً}(سورة النساء، 65)! ! ... و حَدُّ الرجم من بين الافعال، و ليس الأقوال فقط، المتواترة عن رسول الله، و لم يُكَذِّب قديما حد الرجم إلا بعض الخوارج و من تبعهم من الزنادقة، ... فأئمة كل المذاهب الاسلامية، من مالك و الشافعي و ابن حنبل و ابو حنيفة و غيرهم من المذاهب السنية، ... بل و حتى الشيعة، و الاباضية ، ... كلهم لم يكذبوا ما صح عن الرسول و صحابتهِ بعده من إقامة حد الرجم، ... اما اصحاب الهوى الذين زاغت قلوبهم و عَظُمَ عليهم أمر الرجم فينكرون كل ما لا يوافق أهوائهم من سنة الرسول و يصدون عنها عن طريق التلاعب ببعض الآيات القرانية، و بالاحتجاج بكلام عام مجمل عن علم الحديث و عن رواة الحديث، .... فصدق رسول الله، إذ تنبأ بانه سيكون من يكذب عليه، إذ رُوِي عنه صلى الله عليه و سلم: "إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى غَيْرِي , فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار"(مصنف بن ابي شيبة)، ... و الكذب على الرسول لا يكون بافتراء احاديث و نسبها للرسول فحسب، بل كذلك بتَكْذِيب احاديث صحيحة عن الرسول، فنَفْيُ قول صح عن الرسول هو تكذيب للرسول و هو شهادة زور {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا (2)}(سورة المجادلة)، {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)}(سورة الحج)، ... عن الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ، قال: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ أَشْيَاءَ، ثُمَّ قَالَ: "يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُكَذِّبَنِي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثِي ، فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ"(رواه أحمد)، ..... و قال صلى الله عليه و سلم: "أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، ...."(رواه أحمد) فحكم الرجم لا يخالف لا قرآناً و لا سنَّةً، بل يخالف وساوس الذين لا يؤمنون بالله و رسوله حق الايمان، و يضعون هم من عند انفسهم مقاييس للرحمة و العدل ... {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)}(سورة الجاثية)! .... اما عند المؤمن الحق فحيثما الحكم الشرعي فهناك الرحمة و العدل، و هناك الايمان و الطاعة المطلقة الغير مقيدة لأوامر الله! ...... {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}(سورة الأنفال). ... |
أدوات الموضوع | |
|
|