للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
التحليل البلاغي لقوله تعالى : ( هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن ال
من أسرار البلاغة القرآنية
في قوله تعالى : ( هو الذي ينزل على عبده ءايات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم ) الآية التاسعة من سورة الحديد . من محمود محمد سيد علام الكردوسي إلى عشاق البلاغة القرآنية بسم الله الرحمن الرحيم هذه بعض الومضات البلاغية في آية من سورة الحديد المباركة تفكرت في بديع نظمها فأخرجت لي دررا ـ بفضل الله تعالى ـ فدونتها ، لأعرضها عليكم ، فإن يكن خيرٌ فلله الحمد والمنة ، وإن يكن غير ذلك ، فأستغفر الله وأتوب إليه . عند التأمل في هذه الآية نجد أنها سيقت لبيان عظمة رحمة الله ـ سبحانه وتعالى ـ ورأفته بعباده فقد أرسل لهم الرسل ، وأنزل الكتب ، حججا واضحات، ودلائل باهرات، وبراهين قاطعات، ليخرجهم من الظلمات إلى النور من ظلمات الجهل والكفر والآراء المتضادة إلى نور الهدى واليقين والإيمان، فالله ـ عز وجل ـ بهم رءوف رحيم في إنزاله الكتب ، وإرساله الرسل لهداية الناس، وإزاحة العلل وإزالة الشبه. تدبر جمال النظم القرآني وروعته في الآية : فقد جاء في مطلع الآية التعريف بالضمير المنفصل ( هو ) ، والاسم الموصول ( الذي ) ، والغرض البلاغي من ذلك ( التعظيمُ ) ، مما يشعر السامع بجلالة المنزِّل ، والمنزَّل ، وفيه تحذيرٌ للذين هم بآيات الله يجحدون ، لأن ما نزِّل على الأنبياء إنما هو وحي منه ـ تعالى شأنه ـ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذَّب بآياته ؟. وفي قوله : ( هو الذي ينزل ) فيه وقوع المضارع مرادا به الماضي بمعنى : ( هو الذي نَزَّل ) ، وفيها : الإطناب بقوله ( الذي ينزل ) ، إذ كان يقوم مقامها ( المنزِّل ) ، والعدول عن هذا إلى الفعل المضارع يفيد استحضار الصورة في الذهن ، والاتصاف الدائم بالصفة ، وفيها إشارة إلى أن القرآن معجزة خالدة أبد الدهر ، لا تقتصر على زمن الرسالة بل هو معجزة ربانية مستمرة في كل مكان وزمان . ومن إيجاز القصر عند البلاغيين ( تعريف الطرفين ) ، وهو يفيد التخصيص والتوكيد ، كأنه قال : لا ينزّل الآيات البينات أحد إلا الله ، وفي هذا دليل على صدق رسالة سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو لا ينطق عن الهوى إن إلا وحي يوحى . وقوله : ( ينزل ) فيه إشارة إلى تنجيم القرآن ـ أعني : نزوله مفرقا ـ ، وذلك مستفاد من التضعيف الذي في الفعل ، فلم يقل هنا : ( أنزل ) . وقوله : ( على عبده ) حرف الجر ( على ) معناه الأصلي الاستعلاء ـ وهنا الاستعلاء حقيقي ـ وقد أفاد صفة العلو لله ـ عز وجل ـ ، وأنه بائن عن خلقه ، وفيه ردٌّ على القائلين بالحلول والاتحاد كابن عربي وغيره . الإضافة في قوله : ( عبده ) إضافة محضة لأنها ليست على نية الانفصال ، ولأن الاتصال بين المضاف والمضاف إليه قوي ،وهي جاءت دالة على التشريف والتعظيم للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع ما في الكلمة من دلالة التخصيص ، وتوحي بقرب الصلة بين رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبين ربه ، فمقام العبودية أشرف المقامات ، وأعلاها . وتنكير ( آيات بينات ) للتعظيم من شأنها ، هذا مع جمال الإيقاع الصوتي الذي يسحر العقول ـ وإن من البيان لسحرا ـ ، فالمد تكرر مرتين في كلمة ( آيات ) تفخيمًا لها ، وإعلاءً لشأنها ، وجاء المد في كلمة ( بينات ) ليزيدها وضوحا لتكون أدعى لقيام الحجة عليهم . والآية في اللغة العبرة و الدلالة والعلامة والمعجزة ، وقوله : ( بينات ) مفردها ( بينة ) وهي صفة مشبهة زنة ( فعيلة ) تدل على قوة البيان ووضوح الدلالة ، وفائدة الوصف التوضيح ، والجمع هنا يفيد الكثرة والتعظيم . وفي قوله ( ليخرجكم ) تعليل لما قبله ، يبين العلة من إنزال الكتب ، وإرسال الرسل ، وهي إخراج الناس من الضلال إلى الهدى . ويحتمل أن يكون الضمير المستتر في قوله : ( يخرجكم ) عائدا على الله ـ عز وجل ـ ، وهو الفاعل الحقيقي لهداية من يهتدي أو يكون الضمير عائدا على الرسول صلى الله عليه وسلم ، باعتباره ـ المبلغ عن الله تعالى ـ وعلى هذا فالمعنى : يخرجكم عبدُه بما أنزل إليه ـ مع أنه بشر مثلكم، والجنس إلى جنسه أميل ومنه أقبل، ولا سيما إن كان قريباً ولبيباً أريباً ـ من الظلمات إلى النور . في الآية المجاز اللغوي في مواضع : 1. في قوله ( يخرجكم ) لأن المقصود : يمنعكم من الدخول فيها ابتداءً . 2. وفي إطلاق ( الظلمات ) على الكفر . 3. و في إطلاق ( النور ) على الإيمان . يقول الرازي : أجمع المفسرون على أن المراد ههنا من الظلمات والنور : الكفر والإيمان . و( الظلمات والنور ) فيه بديع معنوي وهو الطباق ليوضح المعنى ويقويه بالتضاد ، كما قالوا : وبالضد تتميز الأشياء ، والضد يظهر حسنه الضد . وبين من وإلى مقابلة ؛ لأن ( من ) لابتداء الغاية و ( إلى ) لانتهائها وهما متقابلان وقد أورد أهل البديع في المقابلة قول الشاعر : أزورهم وسواد الليل يشفع لي ..... وأنثني وبياض الصبح يغري بي وقالوا أن بين لي وبي مقابلة ، وبين الظلمات والنور . وفيها : استعارتان تصريحيتان :فقد صور الجهل والكفر والآراء المتضادة بالظلمات ، وحذف المشبه وصرح بالمشبه به ، وسر جمال هذه الاستعارة التجسيم ، وتوضيح الفكرة برسم صورة لها ، فمن ضل عن الصراط المستقيم كان كالذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنوره وتركه في الظلمات ليس بخارج منها . وفي ( النور ) : استعارة تصريحية ، حيث شبه الهدى والإيمان واليقين بالنور ، وحذف المشبه وصرح بالمشبه به ، وسر جمال هذه الاستعارة التجسيم وتوضيح الفكرة برسم صورة لها . وقال السيوطي : إن في قوله يخرجهم من الظلمات إلى النور استعارة مكنية تخييلية بأن يكون شبه المنتقل من الضلال إلى الهدى بمن كان قر في مكان مظلم فخرج منه إلى مكان نير فأثبت المشبه وحذف المشبه به ودل عليه بلازمه وهو الإخراج . وتأمل كلمتي : ( الظلمات ، والنور ) جاء الأولى بصيغة الجمع والثانية بالإفراد ، فما السر في ذلك ؟ قيل : لما كان المراد بالظلمات طرق الضلالة والغواية ـ وهي كثيرة لا تنحصر ـ جاء بالجمع ليناسب ذلك المعنى ، ولما كان طريق الهدى واحد ، ـ وهو الرضا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ـ جاء بالإفراد ، وهذا يسميه البلاغيون : ( التفنن )، فالإيمان شيء واحد وطريق الحق واحدة ، والكفر أنواع والضلالات والأهواء والبدع متفرقة ، وشاهده قوله تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } وقوله صلى الله عليه وسلم " تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة منها في الجنة وثنتان وسبعون في النار " . وفي الآية ( الإبداع ) وهو استعمال لفظ لم يسبق المتكلم إليه وذلك هنا في موضعين مجازيين وهما ( الظلمات والنور ) فإن استعمالها في الكفر والإيمان شرعي . وتأمل النظم الكريم في قوله : ( وإن الله بكم لرءوف رحيم ) فالوصل هنا لاتحاد الجملتين في الخبر ، والمسند إليه واحد ،وقد جاء مؤكدا لهذه الرحمة العامة والخاصة بـ ( إنَّ ) واللام ، والمسند إليه جاء معرفا للتعظيم ،) فالإتيان بالمسند إليه أولا بالعلمية لإحضاره في ذهن السامع أولا باسمه الخاص به ، وللتبرك بذكره الكريم . وذكر ذلك الاسم الكريم خاصة لأنه هو الاسم المتضمن معنى الربوبية والألوهية جميعا ، والربوبية تقتضي التربية والرعاية والهداية ، ومن كمال الرحمة والرأفة تبصير عباده إلى ما فيه صلاحهم ، في الدنيا والآخرة ، وذلك لا يكون إلا بإرسال الرسل المبشرين المنذرين ، وبإنزال الكتب ؛ حتى يعبدوا ربهم ويوحدوه ولا يشركوا به شيئا ، وفي هذا تحقيق الألوهية . فاسم الجلالة ( الله ) أصله ( الإله ) وهو مصدر بمعنى مفعول ، أي : ( إله ) بمعنى : ( مألوه ) ، والمقصود : المعبود حبًّا وتعظيما ، وهذا في اللغة كثير ، كقولهم : خَلْق بمعنى مخلوق ، وكتاب بمعنى مكتوب . وتفخيم اللام في اسم الجلالة أفاد التعظيم والتفخيم . وتقديم ( بكم ) فيه قصر للتخصيص ، والتوكيد ، وفيه تذكير للأنام بتمام الإنعام ، وعظيم الامتنان ، مع ما في ضمير المخاطبين ( كم ) من التكريم والتشريف ، كذلك حرف الجر ( الباء ) الذي من معانيه الإلــــصاق ، وهو يــوحي بقرب الله تعالى من عبادته ، وأنه يكتنفهم بعنايته فيرسل عليه فيوض الرحمات ، وينزل عليهم البركات ، ليتبعوا رسله ويؤمنوا بكتبه . وتأمل وصف الله تعالى نفسه بالرأفة والرحمة ، فقد جاء بصيغة المبالغة ( رءوف ) ليدل على عظيم رأفته وسعتها وتعدد رحماته ، مع أفاده الضم المشبع من معنى الحنو والعطف والإشفاق ، ومزيد عناية الله بعباده ، وجاء الوصف بـ ( رحيم ) ، وذلك لأن ( فعيل ) هنا تحتمل معاني كثيرة منها : 1ـ أن تكون( فعيل ) بمعنى فاعل ، فـيكون ( رحيم ) بمعنى راحم ، وهذا يقتضي أن رحمته واصلة للخلق لأن اسم الفاعل فيه معنى الفعل . 2ـ أو أن تكون (رحيم ) صفة مشبهة ، فتفيد ثبوت الوصف بمعنى أن رحمة الله صفة راسخة من صفاته الذاتية التي لا تنفك عنه . 3ـ أو أن تكون ( رحيم ) صيغة مبالغة فتفيد سعة الرحمة ، وشمولها لجميع الخلائق . والذي يبدو لي أن كل هذه المعاني مرادة ، وبذلك نعلم السر البلاغي في اختيار هذه الصيغة بالتحديد ، والعدول عن غيرها ، وندرك قيمة التنكير لهذه الصفة لتدل على ما سبق بيانه . هذا بالإضافة إلى إيقاع الكلمة ودلاتها الصوتية فالفتح في الراء يدل على أن الله يفتح أبواب رحمته للتائبين ، والراء من صفاتها التكرير ، وهذه التكرير يشعرنا بعفو الله الدائم ومغفرته المتكررة على عبده العاصي إذا تاب إلى ربه واتبع منهج الرسل فوحد ربه والتزم شريعته ، والكسر لحرف الحاء يدل على قرب الله من عباده ، والإشباع بهذا الكسر الطويل يدل على أن من لزم الانكسار لله تعالى وتذلل له نال رحمته الواسعة ، والميم حرف أغن يدل على مدى الحنان واللطف الرباني على الذين آمنوا وكانوا من الصالحين ، وبذلك يتضح جمال الإيقاع القرآني . قيل : أن الرأفة : عبارة عن السعي في إزالة الضرر، والرحمة عبارة عن السعي في إيصال النفع ، وفي ذلك تمام النعمة ، وكمال السعادة ، لحصول المطلوب مع زوال المرهوب . ويستفاد من هذا ـ أيضا ـ أن تحلية القلب بنور الإيمان لا تكون إلا بعد تخليته من ظلمات الكفر والشرك وسائر المعتقدات الباطلة . وهذا يدل على القاعدة الأصولية التي تقول : دفع المضار مقدم على جلب المصالح . وقيل : والرأفة: شدة الرحمة، فقدم الأبلغ فيقال فيه ما قيل في {الرحمن الرحيم} فالمعنى أنه يرحمهم أعلى الرحمة بإسباغ جلائل النعم ودفع جلائل النقم، ويرحمهم أيضاً بإسباغ دقائق النعم ودفع دقائق النقم، وقيل: الرأفة: إزالة الضر، والرحمة: إيصال النفع، ومادة ( رأف ) تدور مع السعة على شدة الوصلة والقرب . فالرأفة عطف العاطف على من يجد عنده منه وصلة، فهي رحمة ذي الصلة بالراحم، والرحمة تعم من لا صلة له بالراحم ، وعلى هذا يكون التقديم من باب تقديم الخاص على العام . وقد يقال :تقديم ( رءوف ) على ( رحيم ) لمراعاة الفاصلة . وفي الآية ( الانسجام ) وهو أن يكون الكلام لخلوه من العقادة كالماء المنسجم في انحداره ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه يسيل رقة والآية كذلك بل والقرآن كله . وفيها ( ائتلاف اللفظ ) وهو أن يؤتى بألفاظ مناسبة له إن فخما فخمه وإن ترقيقا فرقيقة وألفاظ الآية كذلك فإن اسم الجلالة منها مفخمة لعظم الذات المقدسة ، وكذا لفظ ( الظلمات ) ، مع ما في المفرد من الخفة التي ليست في الجمع . وفيها ( التمكين ) وهو أن تكون الفاصلة متمكنة مستقرة في محلها غير قلقة ولا مستدعاة ولا مستجلبة وفاصلة ( رحيم ) كذلك . وفيها ( التسهيم ) وهو أن يكون ما قبل الفاصلة يدل عليها ولا شك أن تنزيل الآيات البينات يدل على الفاصلة ( الرأفة والرحمة ) . وفيها ( التسريع ) وهو أن يكون في أثناء الآية ما يصلح لأن يكون فاصلة وذلك هنا في قوله في الجملة الأولى إلى ( النور ) ،فالفاصلة قبل هذه الآية ـ سوى الآية التي قبلها مباشرة ـ معتمدة على حرف الراء (أجر كبير ـ الصدور ـ ترجع الأمور ـ بصير ) . وفيها ( التهذيب ) وهو أن يكون الكلام مهذبا منقحا بحيث لا يكون للاعتراض فيه مجال والآية والقرآن كله كذلك . وفي الآية من علم النحو : أن جمع القلة قد يستعمل مكان جمع التكثير فإن ( آيات بينات ) من جموع القلة لأن الكلمتين جمع مؤنث سالم .. ومع ذلك أريد بهما الكثرة . |
#2
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6 كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين |
#3
|
|||
|
|||
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . مقل أكثر من رائع واستفدت منه الكثير
__________________
قـلــت : [LIST][*]من كفر بالسـّنـّة فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله تعالى يقول : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )). [*]ومن كذّب رسولَ الله ، فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ،لأن القرآن يقول : (( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى )). [*]ومن كذّب أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو كافر بالسنة وكافر بالقرآن ، لأن الله سبحانه يقول فيهم : (( رضى الله عنهم ورضوا عنه )). [*]ومن كذّب المسلمين فهو على شفا هلكة ، لأن القرآن يقول : (( يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) والنبي - صلى الله عليه وسلم يقول : ( من قال هلك الناس فهو أهلكهم ). [/LIST]
|
#4
|
|||
|
|||
رد: التحليل البلاغي لقوله تعالى : ( هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإ
سلمت يداك و جزاك الله خيراً.
|
أدوات الموضوع | |
|
|