للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
وما أظن أن تبيد هذه أبدا
[align=center]
(( وما أظن أن تبيد هذه أبدا .. ظلال وأمثال )) الكـاتب : خميس النقيب . سأل رجل أحد الصالحين: ما رأيك في أهل هذا الزمان.؟ قال في حسرة: اعترفوا بالله، وتركوا أمره، وقرءوا القرآن ولم يعملوا به، وقالوا: نحب الرسول ولم يتبعوا سنته، وقالوا: نحب الجنة وتركوا طريقها، وقالوا: نكره النار وتسابقوا إليها، وقالوا: إبليس لنا عدو وأطاعوه، ودفنوا أمواتهم ولم يعتبروا بهم، واشتغلوا بعيوب إخوانهم ونسوا عيوبهم، وجمعوا المال ونسوا الحساب، وبنوا القصور ونسوا القبور. أما طغاة هذا الزمان فهم أنكي وأشد؛ أحبوا الدنيا ونسوا الآخرة، عشقوا الحياة وكرهوا الموت، عمروا دنياهم وخربوا آخرتهم، يحسبون أن دنياهم لا تبيد، وعزهم لا يحيد، وشمسهم لا تغيب، وملكهم لا يبلي! كصاحب الجنتين الذي جاء ذكره في سورة الكهف: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً)[الكهف: 35)] الطغاة هنا كصاحب الجنتين؛ لأنه ظلم نفسه قبل أن يظلم غيره، وصاحبه كالشعوب الفقيرة المتمسكة بربها وبدينها وبعقيدتها وهويتها. يقول الشهيد صاحب الظلال: قصة الرجلين والجنتين تضرب مثلا للقيم الزائلة والقيم الباقية، وترسم نموذجين واضحين للنفس المعتزة بزينة الحياة، والنفس المعتزة بالله. وكلاهما نموذج إنساني لطائفة من الناس: صاحب الجنتين نموذج للرجل الثري، تذهله الثروة، وتبطره النعمة، فينسى القوة الكبرى التي تسيطر على أقدار الناس والحياة. ويحسب هذه النعمة خالدة لا تفنى، فلن تخذله القوة ولا الجاه، ولن يخدعه السلطان ولن يضره الشيطان، وصاحبه نموذج للرجل المؤمن المعتز بإيمانه، الذاكر لربه، يرى النعمة دليلا على المنعم، موجبة لحمده وذكره، لا لجحوده وكفره: (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً)[الكهف: 31-33)]، وكان له ثمر. وها هو ذا صاحب الجنتين تمتلئ نفسه بهما، ويزيده النظر إليهما، فيحس بالزهو، وينتفش كالديك، ويختال كالطاووس، ويتعالى على صاحبه الفقير: (فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا). ثم يخطو بصاحبه إلى إحدى الجنتين، وملء نفسه البطر، وملء جنبه الغرور; وقد نسي الله، ونسي أن يشكره على ما أعطاه ; وظن أن هذه الجنان المثمرة لن تبيد أبدا، أنكر قيام الساعة أصلا، (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً)[الكهف: 35)]، وفوق ذلك: (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنقَلَباً)[الكهف: 36)] إنه الغرور يخيل لذوي الجاه والسلطان والمتاع والثراء، أن القيم التي يعاملهم بها أهل هذه الدنيا الفانية تظل محفوظة لهم حتى في الملأ الأعلى! (يقولون أن غني الدنيا هو غني الآخرة) أما الصاحب الفقير الذي لا مال له ولا نفر، ولا جنة عنده ولا ثمر.. فإنه معتز بما هو أبقى وأعلى. معتز بعقيدته وإيمانه. معتز بالله الذي تعنو له الجباه; فهو يوجه صاحبه المتبطر المغرور منكرا عليه بطره وكبره، يذكره بمنشئه المهين من ماء وطين، ويوجهه إلى الأدب الواجب في حق المنعم. وينذره عاقبة البطر والكبر. ويرجو عند ربه ما هو خير من الجنة والثمار: (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا * لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا * ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا * فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا * أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا). وهكذا تنتفض عزة الإيمان في النفس المؤمنة، فلا تبالي المال والنفر، ولا تداري الغنى والبطر، ولا تتلعثم في الحق، ولا تجامل فيه الأصحاب. وهكذا يستشعر المؤمن أنه عزيز أمام الجاه والمال، وأن ما عند الله خير من أعراض الحياة، وأن فضل الله عظيم وهو يطمع في فضل الله. وأن نقمة الله جبارة وأنها وشيكة أن تصيب الغافلين المتبطرين، "لكن المتبطرين أذن من طين وأذن من عجين" لم يفهموا ولم يسمعوا.. كانت النتيجة: (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) وفجأة ينقلنا السياق من مشهد النماء والازدهار إلى مشهد الدمار والبوار. ومن هيئة البطر، والاستكبار إلى هيئة الندم والاستغفار!. طغاة اليوم كونوا ثروات، وبنوا كروش، ومصوا دماء الشعوب المؤمنة بربها، الراضية بقدرها، لكنها لا ترضي بالظلم علي طول الطريق فانتفضت وثارت وتحررت وما عادت مستكينة، أما الطغاة وأعوان الطغاة قالوا مثل ما قال صاحب الجنتين: (مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً)[الكهف: 35)] لكن كلام القران نافذ، وظلال القران شاهد! وأبيدوا هم قبل أن تباد ثرواتهم: (.. وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً)[الكهف: 42)]، وانفك عنهم أعوانهم، وتخلي عنهم نصراءهم، وتبرأ منهم نظراءهم، وصدق الله: (وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِراً)[الكهف 43)]، وأمام هذا المشهد يضرب مثلا للحياة الدنيا كلها. فإذا هي كتلك الجنة المضروبة مثلا قصيرة قصيرة، مهما بقيت وظنها البعض طويلة! لكن لا بقاء لها ولا قرار لها: (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً)[الكهف: 45)]. فالمال يفني والملك لا يبقي، السلطان يزول وعز الدنيا لا يدوم ولا يبقي إلا ولاية الله: (هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً)[الكهف: 44)] هل يعي طغاة اليوم؟ هل يفهم طغاة اليوم؟ هل يتفهم طغاة اليوم وكل يوم إرادة الشعوب؟! تحي مصر بشبابها وبأبطالها، تحي مصر حرة أبية، يحي الشباب الصاعد الواعد، وتبقي ثورته الطاهرة النظيفة لكل مظلوم نصير، ولكل ضعيف ساعد لعلهم يتعلمون الدرس: (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) [الشعراء: 277)]. اللهم اجعل بلادنا وسائر بلاد المسلمين في أمن وسلام، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا اللهم اجعلنا مهاجرين إليك متوكلين عليك واثقين في معيتك، مستعينين بك. اللهم احشرنا مع المهاجرين والأنصار والصالحين والأخيار، والمرسلين الأطهار، والشهداء الإبرار، اللهم فقهنا في ديننا، وفهمنا شرعة ربنا، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي أهله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين. ########### [/align] |
أدوات الموضوع | |
|
|