للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
|
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
أهمية التوحيد للشيخ عثمان الخميس
أهمية التوحيد الحمدُ لله نحمدُه و نستعينُه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله منْ شُرورِ أنفسِنا ومنْ سيِّئاتِ أعمالِنا ، مَنْ يَهْدِهِ الله فهو المهتدي ، ومَنْ يُضْلِلْهُ فلنْ تجدَ له وَليّاً مُرشداً ، أما بعد : وقالَ تباركَ و تعالى عن إبراهيم عليه السلام و أتباعهِ : " قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ .... (4)" سورة الممتحنة .فإنَّ خيرَ الكلامِ كلامُ الله ، وخيرَ الهدي هديُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ، و إنَّ شَرَّ الأمور محدثاتها ، وكلُّ محدثةٍ بدعةٌ ، أما بعد : عبادَ الله... فإنَّ الإنسانَ بفطرتهِ عابدٌ ، هكذا خلقَ الله تباركَ وتعالى الإنسانَ فجعلَه سبحانه وتعالى عابداً بفطرته ، فكلُّ مَنْ لم يعبدِ الله تباركَ وتعالى عبدَ غيرَ الله رغماً عنه ، فهذه الفطرةُ فطرَ الله تباركَ وتعالى الناسَ عليها . حتى قيلَ إنَّ في الهندِ في القرنِ السَّادسِ كانَ للناس أكثر منْ ثلاثين مليون إله هكذا ، لأنهم اتَّبعوا أهوائهم ، فكلُّ مَنْ رأى شيئاً أعجبَه اتخذَه إلهاً ، حتى قالَ الله جَلَّ و عَلا" : أَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ....(43)" سورة الفرقان، حتى الهوى يُتَّخَذُ إلهاً منْ دون الله تبارك و تعالى ، بل إنَّ العربَ الذين تركوا دينَ إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، ذلك الدين .. تلك الحنيفية السَّمْحَة التي جاءَ بها إبراهيمُ عليه الصلاة والسلام ؛ لما بنى بيتَ الله تباركَ وتعالى على تلك الحنيفيةِ جاءَ العربُ في مَكَّةَ فغيَّروا هذا الدينَ ؛ حتى جعلوا ذلك البيتَ الذي هو بيتُ الله جَلَّ وعلا الذي بُنِيَ على الحنيفيةِ السَّمْحَةِ جعلوا في ذلك البيتِ و فوقَه و حولَه أكثرَ منْ ثلاث مئة صنمٍ . فهُمْ لما تركوا عبادةَ الله تباركَ وتعالى هل بَقُوا هكذا أحراراً كما يزعمون ؟ لا .. عَبدوا غيرَ الله . عبدوا ماذا ؟ عبدوا الأصنامَ منْ دون الله جَّلَّ و علا . و لذلك لما بُعِثَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وجدَ أنَّ أهلَ مَكَّةَ يعبدون الأصنامَ منْ دون الله تباركَ وتعالى ؛ حتى قالَ أبو رجاء العُطارديّ ، يقول : لما بُعِثَ محمَّدٌ صلَّى الله عليه و سلَّم ، يقول : كنا نعبدُ الحجرَ ، فإذا وجدنا حَجَراً هو خيرٌ منه ألقياناه و أخذنا الحجرَ الآخرَ فعبدناه منْ دون الله. هكذا كانوا . بل حتى الأديان السماوية لم تسلمْ منْ ذلك الشِّرك كما قالَ الله تباركَ وتعالى : " وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ...(30) "سورة التوبة . فأشركوا بالله جَلَّ و علا فعبدُوا غيرَه ، اليهودُ عبدوا العزيزَ و اتخذوه إلهاً مع الله ، و النصارى عبدوا المسيحَ ابنَ مريمَ عليه السلام و اتخذوه إلهاً ثانياً مع الله جَلَّ و علا . بل منَ الناس مَنْ عبدَ بوذا ، و مَنْ عبدَ كريشنا ، و مَنْ عبدَ الشَّمسَ و القمرَ و الشجرَ و الحجرَ ، بل و الله إننا أحياناً نسمعُ أشياءَ أغربَ منْ هذا بكثيرٍ ممنْ يُعَبْدُ منْ دون الله جَّل و علا ، و الله سبحانه و تعالى يقول : "وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ "سورة البقرة 163. إنَّ التوحيدَ هو الأمرُ الذي منْ أجلهِ بعثَ الله تباركَ وتعالى الرُسُلَ ، و منْ أجلهِ أنزلَ الله جَّلَ و علا الكُتُبَ ، بل و منْ أجلهِ خَلَقَ الله الثقلين ، قالَ الله جَلَّ و علا :" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ(58)"سورة الذاريات و معنى قول الله تباركَ و تعالى : ( إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) أي إلا ليوحِّدون ، أي ليقيموا توحيدَ الله تباركَ وتعالى . و معنى توحيدُ الله جَلَّ و علا هو أنْ يُوَحَّدَ الله تبارك وتعالى بأنه هو الخالقُ وحدَه ، و أنه تبارك وتعالى هو الباريءُ ، وهو المصوِّر ، وهو المدبِّر ، وبالتالي فهو الذي يستحقُّ العبادةَ دون غيرهِ سبحانه وتعالى ، كما قال جَلَّ و علا : " ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102)"سورة الانعام والتوحيدُ ينقسمُ إلى نوعين اثنين : *- توحيد المعرفة و الاثبات . *- توحيد القصد و الطَّلَب . أما توحيدُ المعرفة و الإثبات فإنَّ الله جَلَّ و علا لا يقبلُ منْ عبدٍ إيماناً ما لم يُوَحَّد الله تباركَ و تعالى ذلك التوحيد ، و هو توحيد الربوبية ، بأنْ نؤمنَ أنَّ الله تبارك و تعالى هو الخالقُ وحدَه ، و أنَّ الله تبارك وتعالى ما أرادَه كانَ و ما لم يُرِدْهُ لم يكنْ ، و أنَّ الله تبارك وتعالى واحدٌ في أسمائه ، واحدٌ في صفاته ، واحدٌ في أفعاله جَلَّ و علا ، و أنْ نُثْبِتَ لله جَلَّ و علا ما أثبته لنفسهِ منْ أسماءَ و صفاتٍ سبحانه وتعالى ، فهذا هو توحيدُ المعرفةِ و الإثباتِ . و التوحيد الثاني و هو توحيدُ القصد و الطلب. وكذلك الله تبارك وتعالى لا يقبلُ إيماناً منْ عبدٍ حتى يُوَحِّدَ الله تبارك وتعالى توحيدَ القصد والطلب ، وهو أنْ يُفْرَدَ الله تبارك و تعالى بالعبادة .. أنْ يُفْرَدَ الله تبارك و تعالى بالدُّعاء ..أنْ يُفْرَدَ الله تبارك و تعالى بالخشيةِ .. أنْ يُفْرَدَ الله تبارك و تعالى بالاستعانة .. بالاستغاثة .. بالإنابة .. بالتوكُّل ..بالذَّبح.. بالنذر بالحلف ، لا يُعْبَدُ إلا الله جَلَّ و علا ، و هذا هو دينُ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم و دينُ جميع الأنبياء . إنَّ كلمةَ التوحيدِ التي بعثَ الله تباركَ وتعالى بها الرُّسُلَ كلَّهم هي ( لا إله إلا الله ) ، هذه الكلمةُ الطيبةُ هي كلمةُ التوحيدِ ، و هي كلمةُ الإخلاصِ ، وهي كلمةُ التقوى التي ذكرَها الله جَلَّ و علا في كتابه ، قالَ جَلَّ و علا : " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ(62)"سورة الحج. يقولُ شيخُ الإسلام ابنُ تيمية : " لا إله إلا الله " الله هو الذي تَأْلَهُهُ القلوبُ بحبِّها ، وتخضعُ له ، وتذلُّ له ، وتخافُه ، وترجوه ، و تُنيبُ إليه في شدائدِها ، و تتوكَّل عليه في جميعِ مصالحها . هذا هو الإلهُ ، هذا هو المعبودُ ، هذا معنى لا إله الا الله . قالَ موسى عليه الصلاةُ و السَّلامُ : يا رَبّ ، علِّمني كلمةً أدعوك بها و أُناديك بها . قالَ الله تباركَ و تعالى : يا موسى ، قلْ لا إله إلا الله . قالَ موسى عليه الصلاةُ و السَّلامُ : يا رَبّ ، كلُّ عبادِك يقولونها . كلُّ الناسِ يقولون لا إله إلا الله . قالَ : يا موسى ، لو أنَّ السَّموات السبع و عامرُهنَّ غيري و الأرضين السبع في كَفَّةٍ و لا إله إلا الله في كفَّة مالتْ بهنَّ لا إله إلا الله . هذه الكلمةُ الطيبةُ كما جاءَ في حديثِ النبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : أنه يُؤتى بعبدٍ يومَ القيامةِ فتُوضعُ له سِجِلَّاتهُ ؛ فإذا هي تسعةٌ و تسعون سِجِلاًّ مَدَّ البَصَرِ منَ المعاصي ، و العياذُ بالله . فيُقالُ له : هل تُنكر شيئاً منها ؟ فيقولُ : لا . فيُقالُ له : هل ظلمناكَ ؟ فيقولُ : لا . فيقولُ الله تباركَ و تعالى : و إنَّ لكَ عندنا حسنةً . فيقولُ الرَّجلُ : و ماذا تفعلُ هذه الحسنةُ مع هذه السِّجِلَّاتِ ؟ فيقولُ الله تبارك و تعالى له : إنك لا تُظْلَمُ ، إنه لا ظُلْمَ اليومَ . فيُؤتى بهذه الحسنةِ ، فإذا هي شهادةُ أنْ لا إله إلا الله و أنَّ محمَّداً رسولُ الله . فتُوضعُ هذه الشهادةُ في كَفَّةٍ و السِّجِلَّاتُ تلك في كَفَّةٍ ، فتطيشُ السِّجِلَّاتُ ، تثقُلُ بهنَّ لا إله إلا الله . فقالَ النبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " فلا يثقلُ مع لا إله إلا الله شيءٌ أبداً ". هذه الكلمةُ الطيِّبةُ التي مَنْ ماتَ عليها دخلَ الجنةَ ، و مَنْ ماتَ بدونها دخلَ النارَ . هذه الكلمةُ الطيِّبةُ هي التي يَستقبلُ العبدُ الحياةَ بها ، فأوَّل ما يُوْلَدُ يُؤذَّن في أُذُنِ الصَّبيِّ ( أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله و أشهدُ أنَّ محمَّداً رسولُ الله ) ، ثم إذا ماتَ العبدُ قيلَ له : لا إلهَ إلا الله عند موتهِ ، عند احتضارهِ. فهي بدايتُه و هي نهايتُه ( مَنْ كانَ آخرُ كلامهِ لا إلهَ إلا الله دخلَ الجنة ) . هذه الكلمةُ الطيبةُ التي دعا إليها النبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم في مَكَّةَ ثلاثَ عشرةَ سنةً ، جلسَ في مَكَّةَ صلواتُ الله و سلامهُ عليه ثلاثَ عشرةَ سنةً لا يدعو إلا لهذه الكلمةِ ، ما أمرَ الله بصلاةٍ ، و لا أمرَ الله بصيامٍ ، و لا أمرَ الله بزكاةٍ ، و لا بحَجٍّ ، و لا بجهادٍ ، بل أمرَ الله تباركَ و تعالى أنْ يقولوا لا إلهَ إلا الله فقط . ما فرضَ الله الصلاةَ على الصحيح إلا قبلَ الهجرةِ بسنةٍ و شهرين فقط ، و ما أُمِرَ الناسُ بصيامٍ و لا أُمِرُوا بزكاةٍ و لا أُمِرُوا بحَجٍّ ، و لا أُمِرُوا بغيرها .. إلا بلا إلهَ إلا الله . هكذا جلسَ صلواتُ الله و سلامهُ عليه يدعو إلى هذه الكلمةِ الطيِّبةِ ، قولوا لا إلهَ إلا الله تُفلحوا. و لما هاجرَ صلواتُ الله و سلامهُ عليهِ إلى المدينةِ شُرِعَتِ الصَّلاةُ ، شُرِعَ الصِّيامُ ، شُرِعَتِ الزَّكاةُ ، شُرعَ الحَجُّ ، شُرِعَ الجهادُ ، و مع هذا ما زالَ يدعو إلى لا إلهَ إلا الله . إلى يومِنا هذا إذا أرادَ الإنسانُ أنْ يدخلَ في الإسلام نقولُ له قلْ : لا إلا إلا الله ، بهذه الكلمةِ يدخلُ و بدونها يخرجُ و العياذُ بالله . و لذلك كُفَّارُ مَكَّةَ فهموا معنى هذه الكلمةِ التي لم يفهمْ معناها كثيرٌ منَ الناسِ . هذه الكلمة التي معناها " لا معبودَ بحقٍّ إلا الله " أو " لا يستحقُّ العبادةَ إلا الله جَلَّ و علا " . هذه الكلمةُ فهمَ معناها كُفَّارُ مَكَّةَ ، و لذلك قالَ الله عنهم : " وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ(4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)" سورة ص ، عَلِمُوا أنَّ معنى لا إلهَ إلا الله أنْ يُتْرَكَ كلُّ ما دون الله تباركَ و تعالى .. أنْ تُتركَ الأصنامُ .. أنْ لا يُدْعَى إلا الله .. ألَّا يُخاف إلا منَ الله .. ألَّا يُسجدَ إلا لله ، ألَّا يُطاعَ إلا الله جَلَّ و علا ، و أنْ يُطاعَ نبيُّه فِيمَا أمرَ لأنه المُبَلِّغ عن الله جَلَّ و علا . فهموا معنى هذه الكلمةِ الطيبةِ التي غابَ معناها الصحيحُ عن كثيرٍ منَ المسلمين ، فتجدُ المسلمَ اليومَ يقولُ : لا إله إلا الله و يخافُ منْ غيرِ الله يقولُ : لا إله إلا الله و يدعو غيرَ الله يقولُ : لا إله إلا الله و يحلفُ بغير الله يقولُ : لا إله إلا الله و يذبحُ و ينذرُ و يتوكَّل و يخشى غيرَ الله تباركَ و تعالى . كلّ هذا جاءَ منْ ماذا ؟؟ كلّ هذا جاءَ منْ عَدَمِ فَهْمِنَا لهذه الكلمةِ الطيبةِ . ولذلك لما جاءَ أبو جهل للنبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فقالَ له : يا محمَّد ماذا تريدُ ؟؟ سَفَّهْتَ أحلامَنا .. سَبَبْتَ آلهتنا .. آذيتَنا في أنفسِنا.. في أزواجِنا .. في أموالِنا .. في أولادِنا .. ماذا تريدُ ؟؟ تريدُ مُلْكاً ؟ مَلَّكْنَاكَ . تريدُ جَاهاً ؟ وَجَّهْنَاكَ . تريدُ زوجةً ؟ زَوَّجْنَاكَ . تريدُ مالاً ؟ جمعْنا لكَ منَ المالِ حتى تكونَ أغنانا .. فماذا تريدُ ؟؟ قالَ : أريدُ كلمةً . فاستغربَ أبو جهل منْ هذا الجوابِ الغريبِ منَ النبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم . قالَ : كلمة ؟؟!! قالَ : كلمة . قالَ : و أبيكَ أُعطيكَ مئةَ كلمةٍ . قالَ : قولوا لا إلهَ إلا الله . قالَ : أمَّا هذه فلا . لماذا ؟ لأنه عرفَ معنى هذه الكلمةِ الطيبةِ .. عرفَ أنه إذا قالَ : لا إلهَ إلا الله أنه لنْ يعبدَ إلا الله جَلَّ و علا . و هذه الدعوةُ هي دعوةُ جميعِ الرُّسُلِ صلواتُ الله و سلامُه عليهم . و لذلكَ قالَ الله جَلَّ و علا : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) " سورة الأنبياء. هي دعوةُ جميع الرُّسُلِ ، دَعَوا إلى لا إلهَ إلا الله . و التَّوحيدُ هو حَقُّ الله على عبادهِ كما قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لمعاذ بنِ جبل ؛ و كانَ رديفَ النبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم على حمارهِ ، فالتفتَ إليه النبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم فقالَ : " يا معاذُ ، أتدري ما حَقُّ الله على العبادِ ؟ " قالَ معاذ : قلتُ : الله و رسولُه أعلمُ . قالَ : " حَقُّ الله على العبادِ أنْ يعبدوه و لا يُشركوا به شيئاً " قالَ : " يا معاذ ، أتدري ما حَقُّ العبادِ على الله ؟ " قالَ : قلتُ : الله و رسولُه أعلمُ . قالَ : " حَقُّ العبادِ على الله إنْ هم قالوها و عَبَدُوا الله تعالى أنْ يُدخلَهم الجنةَ " بهذه الكلمةِ . بتلكَ الكلمةِ الطيبةِ التي نسألُ الله تباركَ و تعالى أنْ يُحيينا و إيَّاكم عليها و أنْ يُميتَنا و إيَّاكم عليها . و لذلك لما أرسلَ النبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم الرُّسُلَ إلى الملوكِ يدعوهم إلى الله تباركَ و تعالى كانَ يُرسلُ معهم قولَ الله تباركَ و تعالى : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ...(64)" سورة آل عمران. هكذا كانتْ دعوةُ النبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم . و لذلك لما دخلَ رِبعيّ بنُ خِراش رضيَ الله تبارك و تعالى عنه على رستم قائد الفرس قالَ له رستم : ما جاءَ بكم ؟ قالَ : (جئنا وقد بعثنا الله تبارك وتعالى لنُخرجَ العبادَ منْ عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ رَبِّ العبادِ ) هكذا دعاهم الله تباركَ و تعالى إلى أنْ يُوَحِّدُوا الله جَلَّ و علا فلا يُعبد إلا الله . كيفَ نُحَقِّقُ توحيدَ الله جَلَّ و علا ؟ نُحَقِّقُ هذا التَّوحيدَ أولاً / بإخلاصِ العبوديةِ لله جَلَّ و علا ، أنْ نخلصَ العبوديةَ لله جَلَّ و علا . قالَ الله جَلَّ و علا : " قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ..... (164)" سورة الأنعام . وقالَ تباركَ و تعالى : " وَمِنَ النَّاسٍ مَن يَتَّخِذ من دُونِ اللهِ أندَادَاً يُحبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله وِالَّذيِنَ آمنوا أشَدُّ حُباً لله.... (165) "سورة البقرة . وقالَ تباركَ و تعالى : " ....إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ(40)" سورة يوسف . إخلاصُ العبودية لله هذا أوَّلها . وأمَّا الأمرُ الثاني فهو تجنُّب الشِّرْكِ بجميعِ صُوَرِهِ . قالَ تباركَ و تعالى : " ....إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ(72)" سورة المائدة . وقالَ تباركَ و تعالى :" إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ....( 48)"سورة النساء . أمَّا الأمرُ الثالثُ فهو تحقيقُ قضيةِ الولاءِ و البراءِ و الكفر بالطاغوت . بهذه الأمور الثلاثة يتحقَّق التَّوحيدُ الصَّحيحُ . قالَ الله تباركَ و تعالى :" ....فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا ....(256)"سورة البقرة . بهذه الأمور يتحقَّق توحيدُ الله تباركَ و تعالى . *- باجتناب الشِّرك *- بإخلاص العبادة *- بالكفر بالطاغوت والولاء والبراء. لا بُدَّ منْ هذه الأمور ، أنْ نواليَ مَنْ أحبَّ الله تباركَ وتعالى وأطاعه ، و أنْ نعاديَ مَنْ كفرَ بالله تباركَ : " لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ...(22)"سورة المجادلة . القصدُ أنه لا بُدَّ منْ تحقيقِ هذه الأمورِ الثلاثةِ ، فإذا حقَّقناها حقَّقنا العبادةَ لله تباركَ و تعالى . حقَّقنا هذه العبادة ، فماذا يكونُ لنا بعد ذلك ؟ إنَّ مَنْ حقَّق العبادةَ لله تباركَ و تعالى أولاً يُكَوِّنُ شخصيةً متزنة .. يُكَوِّنُ الإنسانُ إذا حقَّق العبادةَ الصَّادقةَ لله جَلَّ و علا يُكَوِّنُ بعد ذلك شخصيةً مُتَّزِنَةً ، قالَ الله تباركَ و تعالى : " ... ءَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ الله الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)"سورة يوسف . سبحانه و تعالى . ثم كذلكَ إنَّ تحقيقَ العبادةِ لله مصدرٌ للأمنِ النفسيِّ ، و ذلكَ أنَّ الإنسانَ يعيشُ في أمنٍ نفسيٍّ إذا حقَّق العبادةَ لله تباركَ و تعالى . قالَ جَلَّ و علا عن إبراهيم : " وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) "سورة الأنعام . إنه يحقِّق الأمنَ النفسيَّ .. لماذا ؟ لأنه عبدَ الله تباركَ و تعالى وحدَه ، كذلكَ تحقيقُ العبادةِ لله تباركَ و تعالى يُعطي المؤمنَ قوَّةً ويقيناً. قالَ الله جلَّ و علا : ( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ....) ، و ذلكَ لما تابعَ فرعونُ ومَنْ معه موسى ومَنْ معه يريدون قَتْلَهُمْ ، هربَ موسى بمَنْ معه صلواتُ الله وسلامُه عليه فتابعَه فرعونُ والذين معه ، يقولُ تباركَ و تعالى : " فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ(61) "سورة الشعراء. فماذا كانَ جوابُ موسى ؟ ( قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)" سورة الشعراء . يقينٌ بالله جَلَّ و علا .. لماذا ؟ لأنه حقَّق التَّوحيدَ و حقَّق العبادةَ لله تباركَ و تعالى . ولذلكَ قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم لعبد الله بن عباس : " يا غلامُ ، احفظِ الله يحفظْك ، احفظِ الله تجدْه تجاهكَ ، إذا سألتَ فاسألِ الله ، و إذا استعنتَ فاستعنْ بالله ، و اعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أنْ يضرُّوك بشيءٍ لم يضرُّوك إلا بشيءٍ قد كتبَه الله عليكَ " . يشعرُ المؤمنُ بالقوَّة ، يشعرُ المؤمنُ بالعِزَّة ، يشعرُ المؤمنُ باليقين ؛ إذا حقَّق العبادةَ لله لأنَّ الله تباركَ و تعالى يكونُ بعد ذلك معه . ثم كذلك يحقِّق المساواةَ ما بين الناس كما قالَ الله جَلَّ و علا : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ...(64)"سورة آل عمران . بهذه الأمورِ يستفيدُ الإنسانُ منَ التَّوحيدِ . أسألُ الله تباركَ و تعالى أنْ يُحييَنا و إيَّاكم على هذه الكلمةِ الطيبةِ و أنْ يُميتَنا و إيَّاكم على هذه الكلمةِ . تم تفريغ الدرس بواسطة الأخوات فاعلة خير ونازك وعبقشبكة المنهج[/URL]
__________________
قال أيوب السختياني رحمه الله: من أحب أبابكر فقد أقام الدين، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله، ومن أحب علياً فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الحسنى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد برئ من النفاق. [align=center][/align] آخر تعديل بواسطة أبو جهاد الأنصاري ، 2023-07-22 الساعة 09:55 PM |
#2
|
|||
|
|||
رد: أهمية التوحيد للشيخ عثمان الخميس
قال تعالى: أَلا لله الدين الخالص |
#3
|
|||
|
|||
رد: أهمية التوحيد للشيخ عثمان الخميس
سلمت يداك و بارك الله لك على جهدك.
|
#4
|
|||
|
|||
رد: أهمية التوحيد للشيخ عثمان الخميس
جزاكم الله خيرا
|
#5
|
|||
|
|||
رد: أهمية التوحيد للشيخ عثمان الخميس
وربنا يوفقكم انشا الله
|
#6
|
|||
|
|||
رد: أهمية التوحيد للشيخ عثمان الخميس
خالص التوفيق لكم
|
أدوات الموضوع | |
|
|