منتديات الجامع  

للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 Online quran classes for kids   online quran academy   Online Quran School 




فور شباب ||| الحوار العربي ||| منتديات شباب الأمة ||| الأذكار ||| دليل السياح ||| تقنية تك ||| بروفيشنال برامج ||| موقع حياتها ||| طريق النجاح ||| شبكة زاد المتقين الإسلامية ||| موقع . كوم ||| طبيبة الأسرة

العودة   منتديات الجامع > القسم العام > حوارات عامة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2009-11-04, 08:09 PM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
حكم العمليات الإستشهادية مع الشيخ العلامة حمود عقلاء الشعبي رحمه الله


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.





<!--[if !supportLineBreakNewLine]-->
<!--[endif]-->
<o:p> </o:p>
حكم العمليات الإستشهادية

[الشيخ العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله]



فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي - حفظه الله من كل سوء -

يقوم المجاهدون في فلسطين والشيشان وغيرهما من بلاد المسلمين بجهاد أعدائهم والإثخان بهم بطريقة تسمى العمليات الاستشهادية.
وهذه العمليات هي ما يفعله المجاهدون من إحاطة أحدهم بحزام من المتفجرات، أو ما يضع في جيبه أو أدواته أو سيارته بعض القنابل المتفجرة ثم يقتحم تجمعات العدو ومساكنهم ونحوها، أو يظهر الاستسلام لهم ثم يقوم بتفجير نفسه بقصد الشهادة ومحاربة العدو والنكاية به.

فما حكم مثل هذه العمليات؟

وهل يعد هذا الفعل من الانتحار؟

وما الفرق بين الانتحار والعمليات الاستشهادية؟
جزاكم الله خيرا وغفر لكم.


<!--[if !supportLineBreakNewLine]-->
<!--[endif]-->
* * *<o:p></o:p>

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

قبل الإجابة على هذا السؤال لابد أن تعلم أن مثل هذه العمليات المذكورة من النوازل المعاصرة التي لم تكن معروفة في السابق بنفس طريقتها اليوم، ولكل عصر نوازله التي تحدث فيه، فيجتهد العلماء على تنـزيلها على النصوص والعمومات والحوادث والوقائع المشابهة لها والتي أفتى في مثلها السلف، قال تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) وقال عليه الصلاة والسلام عن القرآن: (فيه فصل ما بينكم).

وان العمليات الاستشهادية المذكورة عمل مشروع وهو من الجهاد في سبيل الله إذا خلصت نية صاحبه وهو من انجح الوسائل الجهادية ومن الوسائل الفعّالة ضد أعداء هذا الدين لما لها من النكاية وإيقاع الإصابات بهم من قتل أو جرح ولما فيها من بث الرعب والقلق والهلع فيهم،ولما فيها من تجرئة المسلمين عليهم وتقوية قلوبهم وكسر قلوب الأعداء والإثخان فيهم ولما فيها من التنكيل والإغاضة والتوهين لأعداء المسلمين وغير ذلك من المصالح الجهادية.

ويدل على مشروعيتها أدلة من القرآن والسنة والإجماع ومن الوقائع والحوادث التي تنـزّل عليها وردت وأفتى فيها السلف كما سوف نذكره إن شاء الله.

أولا: الأدلة من القرآن:

1) منها قوله تعالى: (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد)، فإن الصحابة رضي الله عنهم أنزلوها على من حمل على العدو الكثير لوحده وغرر بنفسه في ذلك، كما قال عمر بن الخطاب وأبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة رضي الله عنهم كما رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم [1].

2) قوله تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون..) الآية، قال ابن كثير رحمه الله: حمله الأكثرون على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل الله.

3) قوله تعالى: (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة من رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)، والعمليات الاستشهادية من القوة التي ترهبهم.

4) قال تعالى في الناقضين للعهود: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون).

ثانيا: الأدلة من السنة:

1) حديث الغلام وقصته معروفة وهي في الصحيح، حيث دلهم على طريقة قتله فقتلوه شهيدا في سبيل الله، وهذا نوع من الجهاد، وحصل نفع عظيم ومصلحة للمسلمين حيث دخلت تلك البلاد في دين الله، إذ قالوا: آمنا برب الغلام.

ووجه الدلالة من القصة أن هذا الغلام المجاهد غرر بنفسه وتسبب في ذهابها من أجل مصلحة المسلمين، فقد علّمهم كيف يقتلونه، بل لم يستطيعوا قتله إلا بطريقة هو دلهم عليها فكان متسبباً في قتل نفسه، لكن أُغتفر ذلك في باب الجهاد، ومثله المجاهد في العمليات الاستشهادية، فقد تسبب في ذهاب نفسه لمصلحة الجهاد، وهذا له أصل في شرعنا، إذ لو قام رجل واحتسب وأمر ونهى واهتدى الناس بأمره ونهيه حتى قتل في ذلك لكان مجاهدا شهيدا، وهو مثل قوله عليه الصلاة والسلام:(افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر).

2) فعل البراء بن مالك في معركة اليمامة، فإنه اُحتمل في تُرس على الرماح والقوة على العدو فقاتل حتى فتح الباب، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، وقصته مذكورة في سنن البيهقي في كتاب السير باب التبرع بالتعرض للقتل [2]، وفي تفسير القرطبي [3]، "أسد الغابة" [4] تاريخ الطبري.

3) حمل سلمة ابن الأكوع والأخرم الأسدي وأبي قتادة لوحدهم على عيينة بن حصن ومن معه، وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (خير رجّالتنا سلمة) متفق عليه.

قال ابن النحاس: (وفي الحديث الصحيح الثابت: أدل دليل على جواز حمل الواحد على الجمع الكثير من العدو وحده وان غلب على ظنه انه يقتل إذا كان مخلصا في طلب الشهادة كما فعل سلمة بن الأخرم الأسدي، ولم يعب النبي عليه الصلاة والسلام ولم ينه الصحابة عن مثل فعله، بل في الحديث دليل على استحباب هذا الفعل وفضله فإن النبي عليه الصلاة والسلام مدح أبا قتادة وسلمة على فعلهما كما تقدم، مع أن كلاً منهما قد حمل على العدو وحده ولم يتأنّ إلى أن يلحق به المسلمون) [5] اهـ

4) ما فعله هشام بن عامر الأنصاري لما حمل بنفسه بين الصفين على العدو الكثير فأنكر عليه بعض الناس وقالوا: ألقى بنفسه إلى التهلكة، فرد عليهم عمر بن الخطاب وأبو هريرة رضي الله عنهما وتليا قوله تعالى: (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله... الآية) [6].

5) حمل أبي حدرد الأسلمي وصاحيبه على عسكر عظيم ليس معهم رابع فنصرهم الله على المشركين ذكرها ابن هشام في سيرته وابن النحاس في المشارع [7].

6) فعل عبدالله بن حنظلة الغسيل حيث قاتل حاسراً في إحدى المعارك وقد طرح الدرع عنه حتى قتلوه، ذكره ابن النحاس في المشارع [8].

7) نقل البيهقي في السنن [9] في الرجل الذي سمع من أبي موسى يذكر الحديث المرفوع: (الجنة تحت ظلال السيوف). فقام الرجل وكسر جفن سيفه وشد على العدو ثم قاتل حتى قتل.

8) قصة أنس بن النضر في وقعة أحد قال: واهاً لريح الجنة، ثم انغمس في المشركين حتى قتل [10].

ثالثا: الإجماع:

نقل ابن النحاس في مشارع الأشواق [11] عن المهلب قوله: (قد أجمعوا على جواز تقحم المهالك في الجهاد).

ونقل عن الغزالي في الإحياء قوله: (ولا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل وإن علم أنه يقتل).

ونقل النووي في شرح مسلم الاتفاق على التغرير بالنفس في الجهاد، ذكره في غزوة ذي قرد [12].

هذه الحوادث السبع السابقة مع ما نُقل من الإجماع هي المسألة التي يسميها الفقهاء في كتبهم مسألة حمل الواحد على العدو الكثير، وأحيانا تسمى مسألة الانغماس في الصف، أو مسألة التغرير بالنفس في الجهاد.

قال النووي في شرح مسلم باب ثبوت الجنة للشهيد [13] قال: (فيه جواز الانغمار في الكفار والتعرض للشهادة وهو جائز بلا كراهة عند جماهير العلماء) اهـ

ونقل القرطبي في تفسيره جوازه عن بعض علماء المالكية - أي الحمل على العدو - حتى قال بعضهم: إن حمل على المائة أو جملة العسكر ونحوه وعلم وغلب على ظنه أنه يقتل ولكن سينكي نكاية أو يؤثر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز أيضا، ونقل أيضا عن محمد بن الحسن الشيباني قال: (لو حمل رجل واحد على الألف من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو) [14].

ووجه الاستشهاد في مسألة الحمل على العدو العظيم لوحده وكذا الانغماس في الصف وتغرير النفس وتعريضها للهلاك أنها منطبقة على مسألة المجاهد الذي غرر بنفسه وانغمس في تجمع الكفار لوحده فأحدث فيهم القتل والإصابة والنكاية.

وقائع وحوادث تنزل عليها العمليات الاستشهادية:

أولا مسألة التترس:

فيما لو تترس جيش الكفار بمسلمين واضطر المسلمون المجاهدون حيث لم يستطيعوا القتال إلا بقتل التُرس من المسلمين جاز ذلك.

قال ابن تيمية في الفتاوى [15] قال: (ولقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم...) اهـ

وقال ابن قاسم في حاشية الروض [16]: (قال في الإنصاف: وإن تترسوا بمسلم لم يجز رميهم إلا أن نخاف على المسلمين فيرميهم ويقصد الكفار وهذا بلا نزاع) اهـ

ووجه الدلالة في مسألة التترس لما نحن فيه أنه يجوز للتوصل إلى قتل الكفار أن نفعل ذلك ولو كان فيه قتل مسلم بسلاح المسلمين وأيدي المسلمين، وجامع العلة والمناط أن التوصل إلى قتل العدو والنكاية به إنما يكون عن طريق قتل التُرس من المسلمين فحصل التضحية ببعض المسلمين المتترس بهم من أجل التوصل إلى العدو والنكاية به، وهذا أبلغ من إذهاب المجاهد نفسه من العمليات الاستشهادية من أجل التوصل إلى العدو والنكاية به.

بل إن قتل أهل التُرس من المسلمين أشد لأن قتل المسلم غيره أشد جرما من قتل المسلم لنفسه، لأن قتل الغير فيه ظلم لهم وتعدٍ عليهم فضرره متعد.

وأما قتل المسلم نفسه فضرره خاص به ولكن اُغتفر ذلك في باب الجهاد وإذا جاز إذهاب أنفس مسلمة بأيدي المسلمين من أجل قتل العدو فإن إذهاب نفس المجاهد بيده من أجل النكاية في العدو مثله أو أسهل منه.

فإذا كان فعل ما هو أعظم جرما لا حرج في الإقدام عليه فبطريق الأولى ألا يكون حرجا على ما هو أقل جرما إذا كان في كليهما المقصد هو العدو والنكاية لحديث: (إنما الأعمال بالنيات).

وفي هذا رد على من قال في مسألة الانغماس والحمل على العدو أن المنغمس يُقتل بأيدي الكفار وسلاحهم! فنقول ومسألة التترس يقتل بأيدي المسلمين وسلاحهم ومع ذلك لم يعتبروا قتل المسلمين المتترس بهم من باب القتل الذي جاء الوعيد فيه.

ثانيا: مسألة البيات:

ويقصد بها تبيت العدو ليلا وقتله والنكاية فيه وإن تضمن ذلك قتل من لا يجوز قتله من صبيان الكفار ونسائهم.

قال ابن قدامة: (يجوز تبييت العدو)، وقال أحمد: (لا بأس بالبيات وهل غزو الروم إلا البيات)، وقال: (لا نعلم أحداً كره البيات) [17].

ووجه الدلالة أنه إذا جاز قتل من لا يجوز قتله من أجل النكاية في العدو وهزيمته، فيقال؛ وكذلك ذهاب نفس المجاهد المسلم التي لا يجوز إذهابها لو ذهبت من أجل النكاية جائز أيضا، ونساء الكفار وصبيانهم في البيات قتلوا بأيدي من لا يجوز له فعله لولا مقاصد الجهاد والنيات.

الخلاصة:

دل ما سبق على أنه يجوز للمجاهد التغرير بنفسه في العملية الاستشهادية وإذهابها من أجل الجهاد والنكاية بهم ولو قتل بسلاح الكفار وأيديهم كما في الأدلة السابقة في مسألة التغرير والانغماس، أو بسلاح المسلمين وأيديهم كما في مسألة التترس أو بدلالةٍ تسبب فيها إذهاب نفسه كما في قصة الغلام، فكلها سواء في باب الجهاد لأن باب الجهاد لما له من مصالح عظيمة اُغتفر فيه مسائل كثيرة لم تغتفر في غيره مثل الكذب والخداع كما دلت السنة، وجاز فيه قتل من لا يجوز قتله، وهذا هو الأصل في مسائل الجهاد، ولذا أُدخلت مسألة العمليات الاستشهادية من هذا الباب.

أما مسألة قياس المستشهد في هذه العمليات الاستشهادية بالمنتحر فهذا قياس مع الفارق، فهناك فروق بينهما تمنع من الجمع بينهما.

فهناك فرق بين المنتحر الذي يقتل نفسه جزعا وعدم صبر أو تسخطا على القدر أو اعتراضا على المقدور واستعجالا للموت أو تخلصا من الآلام والجروح والعذاب أو يأسا من الشفاء بنفس خائفة يائسة ساخطة في غير ما يرض الله.

وبين نفس المجاهد في العملية الاستشهادية بنفس فرحة مستبشرة متطلعة للشهادة والجنة وما عند الله ونصرة الدين والنكاية بالعدو والجهاد في سبيله لا يستوون.

قال تعالى: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون)، وقال تعالى: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون)، وقال تعالى: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون).

نسأل الله أن ينصر دينه ويعز جنده ويكبت عدوه.


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


أملاه فضيلة الشيخ؛ أ. حمود بن عقلاء الشعيبي
2 / 2 / 1422 هـ




[1] تفسير القرطبي 2 / 361
[2] 9 / 44
[3] 2 / 364
[4] 1 / 206
[5] مشارع الأشواق (1 / 540)
[6] مصنف ابن أبي شيبة (5 / 303، 322) سنن البيهقي (9 / 46)
[7] 1 /545
[8] 1 / 555
[9] 9 / 44
[10] متفق عليه
[11] 1 / 588
[12] 12 / 187
[13] 13 / 46
[14] تفسير القرطبي 2 / 364
[15] 20 / 52 و 28 / 537، 546
[16] 4 / 271
[17] المغني مع الشرح 10 / 503



منقول
<!--[if !supportLineBreakNewLine]-->
<!--[endif]-->
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #2  
قديم 2009-11-05, 07:24 AM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.




حكم العمليات الاستشهادية


فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله تعالى :



تعلمون ما يحصل للفلسطينيين في هذا الوقت من الإجرام اليهودي والسكوت العربي المخزي . فهل في العمليات الفدائية ضد اليهود مخالفة شرعية ؟











الجواب :



اليهود المرذولون مجمع النقائص والعيوب ومرتع الرذائل والشرور وهم أشد أعداء الله على الإسلام وأهله .

قال تعالى { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ ءَامَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ....} المائدة .



وقد أوجب الله قتالهم وجهادهم لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى .


وهذا حين يقبع أعداء الله في ديارهم ولا ينقضون العهد والميثاق ولا يسلبون أموال المسلمين و يغتصبون ديارهم قال تعالى { قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآْخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) } التوبة.


فأما حين يضع أعداء الله سيوفهم في نحور المسلمين ويرعبون الصغير والكبير ويغتصبون الديار وينتهكون الأعراض ففرض على أهل القدرة من المسلمين قتالهم وسفك دمائهم والجهاد الدائم حتى التحرير الشامل لفلسطين وعامة بلاد المسلمين .

ولا يجوز شرعاً التنازل لليهود عن أيّ جزء من أراضي المسلمين ولا الصلح معهم فهم أهل خديعة ومكر ونقض للعهود .

وأرى في وقت تخاذل المسلمين عن قتال اليهود والتنكيل بهم وإخراجهم عن الأرض المقدسة أن خير علاج وأفضل دواء نداوي به إخوان القردة والخنازير القيام بالعمليات الاستشهادية وتقديم النفس فداءً لدوافع إيمانية وغايات محمودة من زرع الرعب في قلوب الذين كفروا وإلحاق الأضرار بأبدانهم والخسائر في أموالهم .

وأدلة جواز هذه العمليات الاستشهادية كثيرة وقد ذكرت في غير هذا الموضع بضعة عشر دليلاً على مشروعية الإقدام على هذه العمليات وذكرت ثمارها والإيجابيات في تطبيقها .



قال تعالى { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) } البقرة .


وفي المنقول عن الصحابة وأئمة التابعين في معنى هذه الآية دليل قوي على أن من باع نفسه لله وانغمس في صفوف العدو مقبلاً غير مدبر ولو تيقن أنهم سيقتلونه أنه محسن في ذلك مدرك أجر ربه في الصابرين والشهداء المحتسبين .

وفي صحيح مسلم ( 3005 ) من طريق حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة ( الملك والساحر والراهب والغلام ... الحديث وفيه فقال الغلام الموّحد للملك الكافر "إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به" , قال : "وماهو ؟" . قال : "تجمع الناس في صعيد واحد , وتصلبني على جذع , ثم خذ سهماً من كنانتي , ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل باسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني" . فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال : "باسم الله رب الغلام" , ثم رماه فوقع السهم في صُدْغه فوضع يده في صُدْغه في موضع السهم فمات . فقال الناس : "آمنا برب الغلام , آمنا برب الغلام , آمنا برب الغلام " .




فأتي الملك فقيل له : "أرأيت ما كنت تحذر ؟ قد والله نزل بك حذرُك . قد آمن الناس" .
فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخُدّت وأضرم النيران وقال : "من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا" .. حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام : "يا أمه اصبري فإنك على الحق" ) .

ففي هذا دليل على صحة هذه العمليات الاستشهادية اللتي يقوم بها المجاهدون في سبيل الله القائمون على حرب اليهود والنصارى والمفسدين في الأرض .
فإن الغلام قد دل الملك على كيفية قتله حين عجز الملك عن ذلك بعد المحاولات والاستعانة بالجنود والأعوان .

ففعلُ الغلام فيه تسبب في قتل النفس والمشاركة في ذلك , والجامع بين عمل الغلام والعمليات الاستشهادية واضح فإن التسبب في قتل النفس والمشاركة في ذلك حكمه حكم المباشرة لقتلها .
والغاية من الأمرين ظهور الحق ونصرته والنكاية باليهود والنصارى والمشركين وأعوانهم وإضعاف قوتهم وزرع الخوف في نفوسهم .

والمصلحة تقتضي تضحية المسلمين المجاهدين برجل منهم أو رجالات في سبيل النكاية في الكفار وإرهابهم وإضعاف قوتهم قال تعالى { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ...} الأنفال .
وقد رخص أكثر أهل العلم أن ينغمس المسلم في صفوف الكفار ولو تيقن أنهم يقتلونه والأدلة على ذلك كثيرة .

وأجاز أكثر العلماء قتل أسارى المسلمين إذا تترس بهم العدو الكافر ولم يندفع شر الكفرة وضررهم إلا بقتل الأسارى المسلمين فيصبح القاتل مجاهداً مأجوراً والمقتول شهيداً .

والله أعلم .

أخوكم
سليمان بن ناصر العلوان
10 / 7 / 1421هـ


__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #3  
قديم 2009-11-07, 01:29 AM
الشيخ عبدالله التميمي الشيخ عبدالله التميمي غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2009-07-28
المشاركات: 10
افتراضي

يا حفيد الصحابة جعلك الله كالذين انتسبت لهم
بالحق يعرف الرجال و ليس بالرجال يعرف الحق.
هذه الفتاوى التي أوردتها في هذا المقال كتبت رسالة خاصة في الرد عليها و نقدها تشرفني قراءتك لها و مناقشتك معي لهذه الرسالة لنصل معا بعون الله إلى ما فيه الصواب و العدل الذي شرعه الله تعالى شرط :
ألا نتحدث في الأشخاص و لا في الأعيان و الجماعات و إنما فقط في المصدرين "القرآن" و "السنة"
أخوك التميمي
  #4  
قديم 2009-11-07, 03:16 AM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشيخ عبدالله التميمي مشاهدة المشاركة
يا حفيد الصحابة جعلك الله كالذين انتسبت لهم

اولا

بدات الكلام بلا سلام

ثم ناديتني باسمي بدون استعمال اخ او حتى زميل.

و هذا مؤشر يدعو الى تساءل خصوصا إن كان هذا المحاور مشرف باعتباره هو النموذج و القدوة للاعضاء.


ثانيا


يا عبد الله ماذا تقصد بهذا الدعاء؟

من هؤلاء الذين دعوت لي الى الانتساب اليهم
؟


اريد توضيح ؟








اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشيخ عبدالله التميمي مشاهدة المشاركة
بالحق يعرف الرجال و ليس بالرجال يعرف الحق.

صحيح

كلنا نبحث عن الحق لكن بعيد عن الحق الذي يروج له الحكام و أعوانهم.

الحق الذي وصانا به الاسلام بعيدا عن الدعاية أو ترويج لبضاعة الحكام.
..







اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشيخ عبدالله التميمي مشاهدة المشاركة



هذه الفتاوى التي أوردتها في هذا المقال كتبت رسالة خاصة في الرد عليها و نقدها تشرفني قراءتك لها و مناقشتك معي لهذه الرسالة لنصل معا بعون الله إلى ما فيه الصواب و العدل الذي شرعه الله تعالى شرط :
ألا نتحدث في الأشخاص و لا في الأعيان و الجماعات و إنما فقط في المصدرين "القرآن" و "السنة"
أخوك التميمي


لم أفهم جيدا كلامك


على أي أنا أوردت فتاوى لكلام علماء ثقات مشهود لهم بالعلم و في قول الحق و لعل أحدهم لا يزال يقبع في سجون خادم آل سعود فك الله أسرى علماء الربانيين و انتقم الله من الظلمة و علماء البلاط و السلاطين.



على أي شيء تريدني ان أحاورك




انت شخص غير معروف و العلماء الذين أوردت فتاواهم معروفون


اذن على أي أساس سوف يكون هذا الحوار

و ما الداعي له؟

إن كنت تعارض العمليات الاستشهادية و تعتبرها انتحارية فهذا شأنك و أنت مسؤول عن قناعتك أمام الله.

كما هي شأني و أنا أيضا مسؤول عن قناعتي أمام الله .

و أفتخر بهؤلاء الابطال الذين يقومون بتلك العمليات الاستشهادية البطولية للتنكيل بالاعداء و بث الرعب في صفوفهم.

و هذه قناعتي مغروسة في دمي و لحمي و عظمي و منقوشة في عقلي و مخي و لن أتنازل عليها قيد أنملة.

و لست ملزما لأن أقنع غيري بها.

كل حر في قناعته و كل مسؤول عنها.



لذا فالحوار إن كان هدفه هو تغيير هذه القناعة فأقول لك بأنه سيكون مجرد جدال عقيم و مضيعة للوقت و الجهد.

لأني أؤمن بالعمليات الاستشهادية التي تكون فقط ضد الاعداء كالصهاينة و الامريكان و كل عدو يحارب الاسلام.


ارجو ان يكون كلامي واضح


ملحوظة:


لعلمك اني انسحبت من عدة منتديات لتطاول بعض اعضائها على المجاهدين و تقديسهم للحكام
و تبني إدارات تلك المنتديات لهكذا افكار مسمومة .

و المنتدى الذي يطعن في المجاهدين و يعظم الحكام أشك في أهدافه و في خلفياته السياسية .

و أعتبره مجرد منتدى للدفاع عن الحكام تحت ستار الاسلام و الدفاع عن الصحابة الكرام مستغلا عاطفة المسلمين لدينهم لترويج مشروعه و مصالحه الشخصية .

لهذا انا لا أحب أن يستغلني أحد لأهدافه او مآربه المشبوهة


هدفي الوحيد هو الدفاع عن الاسلام و الذب عن السنة و الصحابة فقط لغير .
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #5  
قديم 2009-11-07, 03:57 AM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.






سؤال

فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله تعالى ..

ذكر بعض أهل العلم أن العمليات الفدائية القائمة في فلسطين والشيشان محرمة وسماها بالعمليات الانتحارية فما هو قولكم في ذلك ؟<o:p></o:p>
<o:p></o:p>
بسم الله الرحمن الرحيم

<o:p></o:p>


الجواب :

حين نرجع إلى كتب اللغة وعلماء الشريعة وننظر في تعريف المنـتحر لغة وشرعاً لا نرى تشابهاً بين المنتحر الذي يقتل نفسه طلباً للمال أو جزعاً من الدنيا ، وبين الفدائي الذي بذل نفسه وتسبب في قتلها من أجل دينه وحماية عرضه .
<o:p></o:p>

والتسوية بين الانتحار المحرم شرعاً بالكتاب والسنة والإجماع وبين العمليات الاستشهادية تسوية جائرة وقسمة ضيزى . ومعاذ الله أن يستوي رجل قتل نفسه في سبيل الشيطان وآخر قدّم نفسه ودمه في طاعة الرحمن ، فو الله ما استويا ولن يتساويا ، فالمنتحر يقتل نفسه من أجل نفسه وهواه نتيجة للجزع وعدم الصبر وقلة الإيمان بالقضاء والقدر ونحو ذلك ، وذاك الفدائي يقتل نفسه أو يتسبب في قتلها بحثاً عن التمكين للدين وقمعاً للأعداء وإضعافاً لشوكتهم وزعزعة لسلطانهم وكسراً لباطلهم .
<o:p></o:p>

وأيّ فرق في الشرع بين العمليات الاستشهادية وبين الاقتحام على العدو مع غلبة الظن بالموت وقد تواترت الأدلة عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الاقتحام والانغماس في العدو وقتالهم وظاهر هذا ولو تحقق أنهم يقتلونه ويريقون دمه .
<o:p></o:p>

فإن قيل هذا المنغمس في العدو قُتل بيد العدو وذاك الفدائي بفعله فيقال ثبت في الشرع أن المتسبب في قتل النفس والمشارك في ذلك حكمه حكم المباشر لقتلها ، وهذا قول أكثر أهل العلم وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد فكلهم قالوا بوجوب القصاص على المتسبب بالقتل قصداً كأن يحفر بئراً ليقع فيها فلان ، فوقع فمات .

وخالف في ذلك بعض أهل العلم فقال بتحريم التسبب بالقتل ووجوب الدية ولكنه لا يوجب قصاصاً .. وفيه نظر .

فقول الجمهور أقوى دلالة وأظهر حجة وهو الذي أفتى به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأدلته كثيرة يمكن مراجعتها في كتب الفقهاء فليس هذا مجال الاستطراد في تقريرها فالقليل يرشد إلى الكثير والأصل دليل على الفرع .
<o:p></o:p>
وخلاصة الأمر أن من ألقى بنفسه في أرض العدو أو اقتحم في جيوش الكفرة المعتدين أو لغم نفسه بمتفجرات بقصد التنكيل بالعدو وزرع الرعب في قلوبهم ومحو الكفر ومحق أهله وطردهم من أراضي ومقدسات المسلمين فقد نال أجر الشهداء الصابرين والمجاهدين الصادقين . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( منْ خير مَعَاش الناس لهم رجل ممسكُُ عِنَان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل والموت مظانّه .. ) . رواه مسلم ( 1889 ) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن بعجة بن عبد الله عن أبي هريرة رضي الله عنه .
<o:p></o:p>

فيا أهل الجهاد ويا أهل الاستشهاد ويا أهل الغيرة على حرمات المسلمين ومقدساتهم صبراً فهي موتة واحدة فلتكن في سبيل الله قال تعالى { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) } .
<o:p></o:p>

وروى الإمام مسلم في صحيحه ( 1915 ) من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ... ) . <o:p></o:p>
والمقصود أن العمليات الاستشهادية القائمة في فلسطين والشيشان وبلاد كثيرة من بلاد المسلمين هي نوع من الجهاد المشروع وضرب من أساليب القتال والنكاية بالعدوقال تعالى { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) } .

<o:p></o:p>

وقد أثبتت هذه العمليات فوائدها وآتت ثمارها وعمتّ مصلحتها وأصبحت ويلاً وثبوراً على اليهود المغتصبين وإخوانهم النصارى المفسدين ، وهي أكثر نكاية بالكفار من البنادق والرشاشات وقد زرعت الرعب في قلوب الذين كفروا حتى أصبح اليهود وأعداء الله يخافون من كل شيء وينتظرون الموت من كل مكان ، زيادة على هذا هي أقل الأساليب الشرعية خسائر وأكثر فعّالية .

<o:p></o:p>

وقد ذكرت بعض الدراسات أن هذه العمليات كانت سبباً في رحيل بعض اليهود من أراضي المسلمين في فلسطين وأدت هذه العمليات إلى تقليل نسبة الهجرة إلى أرض فلسطين والإقامة فيها .

<o:p></o:p>

وهذا دليل على تحقق المصالح الكثيرة في هذه العمليات الشريفة .
<o:p></o:p>
وقد بحثت هذه المسألة في غير موضع وذكرت عشرات الأدلة على جواز مثل هذه العمليات ومشروعيتها فلا حرج في الإقدام عليها في سبيل قهر اليهود والنصارى ولا سيما الإسرائيليون المعتدون الذين يعتقدون أنهم لا يقهرون وأن دولتهم خلقت لتبقى .
<o:p></o:p>

قاله <o:p></o:p>
سليمان بين ناصر العلوان
فكَّ الله تعالى أسره.

7 / 2 / 1422 هـ

<!-- / message --> <!-- sig --> __________________
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #6  
قديم 2009-11-07, 04:13 AM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.



حكم العمليات الإستشهادية للشيخ محمد حسان

http://www.youtube.com/watch?v=gOxKwlIbZy4




الشيخ حسان يقول على الذي يصف الاستشهادي ب "الانتحاري" بانه كذاب و يكذب على الله.



فاتقوا الله يا من تطعنون في المجاهدين

اتقوا الله يا من بعتم دنياكم بدنيا غيركم.



و لا حول و لا قوة الا بالله العظيم


__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #7  
قديم 2009-11-07, 04:39 AM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.




حكم العمليات الفدائية التي يقوم بها المجاهدون في فلسطين




رقم الفتوى ( 5580)

<table dir="rtl"><tbody><tr><td valign="top">
</td><td> سؤال: فيما يخص العمليات الفدائية التي يقوم بها إخواننا في <sindex stype="أماكن" svalue="فلسطين" معياري="فلسطين"> فلسطين </sindex> ما حكمها؟ وهل هي عملية استشهادية أم انتحارية؟ علمًا بأني قرأت أن سماحة شيخنا المفتي <sindex stype="فقهاء معاصرون" svalue="عبد العزيز آل الشيخ" معياري="عبد العزيز آل الشيخ "> عبد العزيز آل الشيخ </sindex> حفظه الله ـ لم يجز هذا العمل. أرجو التوضيح. </td></tr></tbody></table>


الاجابـــة

هذا السؤال له إجابة مُشابهة وهي: ـ
<!---رقم الفتوى> (4406) </رقم الفتوى--->


سؤال: كثيرًا ما يقوم إخواننا في <sindex stype="أماكن" svalue="فلسطين" معياري="فلسطين"> فلسطين </sindex> بوضع مواد مُفجرة في أجسادهم ثم يلقون بأنفسهم في جمع من اليهود ليقتلوا بعضهم، فهل هذا العمل الانتحاري جائز؟ وهل يُعتبر فاعل ذلك شهيد؟






<!--hr dir=right align=right color=red width=250-->
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد عُرف ما يقوم به اليهود أعداء الله ورسوله وأعداء الإسلام والمسلمين من الاضطهاد والإذلال والإهانة للمسلمين في <sindex stype="أماكن" svalue="فلسطين" معياري="فلسطين"> فلسطين </sindex> من قتل وهدم للمنازل وإذلال للمُسلمين وإيذاء لهم بحيث أنهم يتمنَّون مع هذا الإذلال ما يُريحهم ويُريح أولادهم وذراريهم من هذا العذاب، فلأجل ذلك يعملون هذه الأعمال الانتحارية رجاء أن يُخفف اليهود من هذه الأعمال الشرسة على المُسلمين، فنرى أن هذا الانتحار جائز وأن فاعل ذلك يُرجى أن يكون شهيدًا لأنه قتل كثيرًا من اليهود وأذلَّهم وأخافهم، فيدخل في قول الله تعالى: <sindex stype="آيات" svalue="وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل" معياري="وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم "> وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ </sindex> فهذا الإرهاب لأعداء الله داخلٌ في هذه الآية الكريمة، وقد كان المسلمون إذا تقابلوا مع الكُفَّار يدخل أحدهم في صفوف العدو ومعه سيفه وهو يعلم أنه سوف يُقتل ولكنه قبل قتله يقتل منهم عددًا ويجرح آخرين، فهكذا وضع هؤلاء المواد المُتفجرة في أجسادهم ثم تفجيرها في صفوف العدو فيقتلون ويُقتلون ولعلهم يدخلون في الشُهداء الذين قال الله فيهم: <sindex stype="آيات" svalue="إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم" معياري="إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة "> إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ </sindex> .
<table width="100%" align="center" border="0" cellpadding="1" cellspacing="1"><tbody><tr><td width="45%" valign="top"> </td> <td width="10%" valign="top"> </td> <td width="45%" align="center" valign="top">
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
</td></tr></tbody></table>



رابط الشيخ رحمه الله

http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?vie...80&parent=4164
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #8  
قديم 2009-11-07, 05:03 AM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.




حكم العمليات الاستشهادية




سؤال

س7- أثيرت مؤخرا مسألة حكم العمليات الاستشهادية في فلسطين، فهل لكم أن تلخصوا لنا اجتهادكم في هذه المسألة النازلة؟


الجواب


العمليات الاستشهادية جائزة بشرط أن تنكى في العدو، حتى لا تكون مفسدة قتل المجاهد نفسه لاتقابلها مصلحة أرجح منها، وأرى أن المسألة ليست نازلة، فعلماء الإسلام وفق ما نقلت من فتاواهم كما نشرته في الجواب على سؤال وارد من قبل، أفتوا بجواز أن يعرض المجاهد نفسه للموت المحقق في مواجهة العدو حتى ولو كان هو لايرجو نجاة، إذا كان في ذلك مصلحة جهادية كإرهاب العدو أو فتح نقب للمسلمين في الحصن يمكنهم من فتحه، أو القضاء على عقبة كبيرة أمام الجهاد، مثل ذلك المجاهد الذي ضحى بنفسه وهو يعلم، لقتل الفيل الذي كانت تفر منه خيول المسلمين
في إحدى الغزوات، وهذا الحكم الشرعي مبني على ما يلي :

أولا : أن قتل النفس محرم إذا كان إزهاقا للنفس يأسا من روح الله تعالى، فالمنتحر إذا قتل نفسه جزعا من مصيبة يائسا من الحياة، فهذا يعني أنــــه :

ــ إما لايثق بقدرة الله تعالى على إخراجه من البلاء، فكأنه لايؤمن بالتوكل على الله تعالى .

ــ وإما أن يعتقد أن ذنوبه تمنع من استجابة الله له، فهو يائس من قبول الله تعالى لتوبته، وهذان أمران محرمان أشد التحريم، ولهذا كان المنتحر بقتل نفسه يأسا مستوجبا لدخول النار .ومن هنا فإذا كان المجاهد يريد قتل نفسه من أجل أن يتوصل بذلك إلى قتل أعداء الله تعالى ونصر دينه وإعلاء كلمته، فإنه راغب فيما عند الله تعالى أشد الرغبة، مشتاق إلى لقائه، فهو ضد المنتحر تماما، فكيف يكون له حكمه .

ثانيا : أن الجهاد أصلا مبني على التسامح في حصول مفسدة قتل النفس من أجل تحصيل مصلحة إعلاء كلمة الله تعالى، فالجهاد أصلا يعني أصلا التعرض للقتل، ويدل على هذا قصة الغلام مع الملك، فإن الغلام دل الملك على ما يمكنه من قتل الغلام ورجح مصلحة علو أمر الدين على مفسدة تسببه في قتل نفسه، ولهذا يشرع للمجاهد أن يتمنى الشهادة، ويضع نفسه في الجهاد مواضعا يطلبها، لأن الله تعالى يحب أن يرى المؤمن يطلب الموت لمرضاته، لأن ذلك غاية الإيمان وذروة سنامه، فإذا قتل المجاهد نفسه بغية أن يجعل ذلك سببا لقتل الأعداء معه أو زعيما من زعمائهم أو إفساد سلاح فتاك يقتل المسلمين ونحو ذلك مما فيه تحقيق مصلحة عامة للجهاد، داخل في نفس القاعدة الشرعية التي بني عليها مشروعية الجهاد .

ثالثا : أن العلماء لما أجازوا أن ينغمس المجاهد في صف العدو طالبا للموت المحقق وهو لايرجو نجاة من أجل إرهابهم وتقوية المسلمين وتشجيعهم على الموت في سبيل الله، فيكون سببا في إتلاف نفسه لله، فذلك يدل على تجويز أن يقتل نفسه لقتل الأعداء معه بأن يكون مباشرا لقتل نفسه لله تعالى، لأن السبب والمباشرة في حكم القتل سواء في أحكام القصاص، فكذلك هنا في مسألتنا هذه .وينبغي أن نتذكر أن هذا السلاح اليوم أعني العمليات الاستشهادية مهم وخطير جدا، ويعين المسلمين في ظل الضعف العسكري على تكوين توازن الرعب مع عدوهم، لاسيما وفي إيمان المسلم من اليقين بما عند الله ما يحمله على طلب الموت في سبيل الله مالا يوجد مثله عند أي أمة أخرى، فلماذا ننزع هذا السلاح المؤثر والمهم من أيدي المسلمين، في وقت هم في أمس الحاجة إليه ؟!هذه هي الأصول الشرعية التي بنيت عليها الفتوى، والمسألة اجتهادية على أية حال،

والله أعلم




فضيلة الشيخ حامد العلي
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #9  
قديم 2009-11-07, 05:17 AM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.













حكم العمليات الاستشهادية



السؤال


فضيلة الشيخ سلمان العودة حفظه الله,, آمين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

فضيلة الشيخ كثر الحديث والجدل حول العمليات الاستشهادية, وأقيمت ندوات وحوارات وكتبت مقالات وطبعت نشرات.. مابين مؤيد ومعارض ومتحمس ومندفع ومتحفظ ومتردد... ولكلٍ آرائه وأنصاره.. وأصبحنا نرى ونسمع العجب..!!

وفي هذه الأيام صدرت أقوال من بعض أهل العلم كــان لها مــاكــان من أثر.... فضيلة شيخنا الكـــريم نرجوا منكم وفقكم الله وأعانكم أن توضحوا لنا ما يلـــي:

1ـــ الحكم في هذ المسألة على ضوء الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة رحمهم الله تعالى
2ــــ حدود ومجال تنفيذها بمعنى هل تكون ضد الكفار في بلادهم فقط أو تكون ضدهم خارج حدودهم في بلاد لهم نفوذ ومصالح فيها؟
3ــــ هل تقام ضد الأهداف العسكرية فقط أو على كل مايؤثر على العدو؟!
4ـــ هل تشمــل المدنيين أو الحربيين فقط؟؟
5ــــ حد الإثخان فيها.. فإذا كان المقصود بهذه العملية رجل واحد ولكنه مهم بالنسبة للعدو كأن يكون قائداً كبيراً مثلاًً أو بارجةً... بخلاف لو كان الهدف عدداً كبيراً من العامة أو الأشياء التي لاتشكل أهمية للعدو فما هو المقياس في ذلك؟
6ـــ هل يشترط إذن الوالدين فيها إذا كانت جائزة شرعاً؟
7ـــ هل تجوز في بلاد المسلمين ضد غيرهم؟
8ــــ هل يعتبر شهيداً من يقوم بها أم منتحراً؟ وهل ندعوا له ونترحم عليه؟
9ـــ ماهو الاسم الشرعي والصحيح لها؟
10ـــ هل يصرف على تخطيطها والإعداد لها من الزكاة أم من بيت مال المسلمين؟؟

أفتونا جزاكم الله خيـــــــــــــــــراً.

والســــــــــــلام علـــــــــيكم ورحمة الله،،،





الجواب:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته مسألة ما يسمى بـ (العمليات الاستشهادية) من المسائل الحديثة التى لا تكاد تجد نصاً عليها في كتب الفقهاء المتقدمين، وذلك لأنها من أنماط المقاومة الحديثة التى طرأت بعد ظهور المتفجرات وتقدم تقنيتها.

وهي في الغالب جزء مما يسمى بـ "حرب العصابات" التى تقوم بها مجموعات فدائية سريعة الحركة، وقد برزت أهمية مثل هذا اللون من المقاومة في الحرب الأهلية الأمريكية، وفي الحرب العالمية الثانية وما بعدها، وصارت جزءاً من نظام الحروب الذي يدرس في المعاهد والأكاديميات الحربية.

وقد احتاج إليها المسلمون على وجه الخصوص لأسباب عديدة:

أ. منها ماجبلوا عليه من الفدائية والتضحية وحب الاستشهاد، ورخص الحياة عليهم إذا كانت ذليلة، فالموت العزيز لديهم خير من الحياة الذليلة.

لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ.

ب. ومنها مايتعرضون له في عدد من بلادهم من سطوة أعدائهم وجراءتهم عليهم نظراً لتخلفهم العلمي والتقني والحضاري، وتفوق أعدائهم في هذا المضمار، فصارت بعض البلاد الإسلامية كلأً مباحاً للمستعمرين والمحتلين، وهذا مانشاهده في أرض فلسطين المباركة، وفي كشمير، وفي أرض الشيشان، ومن قبل في أفغانستان، إضافة إلى الجمهوريات الإسلامية التي كانت تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي من قبل.

ج. ومنها ضيق الخيارات لديهم، فإن من عوامل قوة الإنسان أن تعدم الخيارات لديه أو تقل، وبهذا تطيب له الحياة، لأنه لا شيء لديه يخسره، وهذا يمنحه طاقة جديدة.

ولهذا كثر التساؤل عن مثل هذه العمليات التي يسميها بعضهم "بالعمليات الاستشهادية" إيذاناً بمشروعيتها، ويسميها آخرون بـ "العمليات الانتحارية" إيذاناً بمنعها أو تقليداً لوسائل الإعلام.

وقد اختلف فيها الفقهاء المجتهدون منعاً أو إذناً بحسب ماظهر لهم من النظر والترجيح.

وبمراجعة الحالات المشابهة في النصوص الشرعية، و الوقائع التاريخية نجد مايمكن الاستئناس به في أمر هذه المسألة:

1. ففي مصنف ابن أبي شيبة عن محمد بن إسحاق (وهو صدوق مدلس) عن عاصم بن محمد بن قتادة قال: قال معاذ بن عفراء: يا رسول الله، مايضحك الرب من عبده؟ قال: غمسه يده في العدو حاسراً.
قال: فألقى درعاً كانت عليه، فقاتل حتى قتل.
وصححه ابن حزم في المحلى (7/294)
وذكره الطبري في تاريخه (2/33) عن عوف بن الحارث، وهو ابن عفراء، وهكذا في سيرة ابن هشام (3/175).

2. وقد روى ابن حزم في المحلى (نفسه) عن أبي اسحاق السبيعي قال: سمعت رجلاً سأل البراء بن عازب: أرأيت لو أن رجلاً حمل على الكتيبة، وهم ألف، ألقى بيده إلى التهلكة؟
قال البراء: لا، ولكن التهلكة أن يصيب الرجل الذنب فيلقي بيده، ويقول: لا توبة لي.
قال: ولم ينكر أبو أيوب الأنصاري، ولا أبو موسى الأشعري أن يحمل الرجل وحده على العسكر الجرار، ويثبت حتى يقتل.

3. وقصة أبي أيوب في القسطنطينية معروفة مشهورة، وفيها أن رجلاً من المسلمين حمل على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس، وقالوا: سبحان الله يلقي بيديه إلى التهلكة؟
فقام أبو أيوب.
فقال: أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل إنما نزلت فينا معشر الأنصار، لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه فقال بعضنا لبعض سراً، دون رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أموالنا ضاعت وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ماضاع منها فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم الآية… إلى آخر الحديث.

وهو في سنن الترمذي (2898) وقال: حسن صحيح غريب.
ورواه أبو داود (2151).

4. كما روى أهل السير، وابن المبارك في كتاب الجهاد (1/134) قصة البراء بن مالك وإلقاءه نفسه بين المرتدين من بني حنيفة.

وفي بعض المصادر كالسير (1/196) وغيرها أنه أمر أصحابه أن يحملوه على ترسٍ على أسنة رماحهم، ويلقوه في الحديقة، فاقتحم إليهم، وشد عليهم، وقاتل حتى افتتح باب الحديقة، وجرح يومئذٍ بضعةً وثمانين جرحاً، وأقام عليه خالد بن الوليد يومئذٍ شخصاً يداوي جراحه.

ونحو هذا في ثقات ابن حبان ( 2/175 ) وتاريخ الطبري (2/281) وغيرهما.
وقريب منه قصة البراء رضي الله عنه بتستر.

5. وروى أحمد عن أبي إسحاق، قلت للبراء: الرجل يحمل على المشركين، أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟
قال: لا. لأن الله عز وجل بعث رسول الله صلى عليه وسلم فقال: « فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك » إنما ذاك في النفقة.

6. وقد جاء في صحيح مسلم رحمه الله من حديث صهيب الطويل المعروف، قول الغلام ـ الذي عجزوا عن قتله ـ للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك
قال: وماهو؟
قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني… الحديث، وفيه أن الملك فعل ما أمره به، فمات الغلام
فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام.. الحديث.
والحديث في المسند(22805) وغيره.

فهذا الغلام قد أرشد الملك إلى الطريقة التي يتحقق بها قتله، ثم نفذها الملك، وتحقق بها ما رمى إليه الغلام من المصلحة العظيمة العامة من إيمان الناس كلهم بالله بعدما بلغهم خبره، وما أجرى الله له من الكرامة.

7. وفي حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله: « الذين يلقون في الصف الأول فلا يلفتون وجوهم حتى يقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة، ويضحك إليهم ربك، إن ربك إذا ضحك إلى قومٍ فلا حساب عليهم ».

رواه ابن أبي شيبة (4/569) و الطبراني، وأبو يعلى، وابن المبارك في الجهاد، وأبو نعيم في الحلية، وغيرهم.
وقال المنذري: رواته ثقات.

8. كما روى ابن أبي شيبة عن مدرك بن عوف الأحمسي قال: كنت عند عمر رضي الله عنه فقال... وفيه: يا أمير المؤمنين، ورجل شرى نفسه، فقال مدرك بن عوف: ذاك والله خالي يا أمير المؤمنين، زعم الناس أنه ألقى بيده إلى التهلكة فقال عمر: كذب أولئك، ولكنه ممن اشترى الآخرة بالدنيا.

9. وقال محمد بن الحسن الشيباني في السير (1/163)
أما من حمل على العدو فهو يسعى في إعزاز الدين، ويتعرض للشهادة التي يستفيد بها الحياة الأبدية، فكيف يكون ملقياً نفسه إلى التهلكة؟ ثم قال: لابأس بأن يحمل الرجل وحده، وإن ظن أنه يقتل، إذا كان يرى أنه يصنع شيئاً، فيقتل أو يجرح أويهزم، فقد فعل ذلك جماعة من الصحابة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ومدحهم على ذلك، وقيل لأبي هريرة : ألم ترى أن سعد بن هشام لما التقى الصفان حمل فقاتل حتى قتل، وألقى بيده إلى التهلكة
فقال: كلا، ولكنه تأوّل آيةً في كتاب الله { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ } [البقرة: 207]

فأما إن كان يعلم أنه لا ينكي فيهم ، فإنه لا يحلُّ له أن يحملَ عليهم، لأنه لا يحصل بحملته شيء مما يرجع إلى إعزاز الدين، ولكنه يقتل فقط، وقد قال تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } [النساء: 29]

فإذا كان لا ينكي لا يكون مفيداً فيما هو المقصود، فلا يسعه الإقدام عليه.

10. وقد ذكر الحافظ ابن حجر في مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو أن الجمهور صرحوا بأنه إذا كان لفرط شجاعته، وظنه أنه يرهب العدو بذلك أو يـجرئ المسلمين عليهم أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن.

ومتى كان مجرد تـهورٍ فممنوع، لا سـيما إن ترتب على ذلك وهن المسلمين. ( انظر: سبل السلام 2/473 )

11. وقيده في حاشية الدسوقي (2/208) بأمرين:

أ- أن يكون قصده إعلاء كلمة الله.

ب-وأن يظن تأثيره فيهم.

12. وذكر ابن العربي (1/166) أن الصحيح جواز إقدام الرجل الواحد على الجمع الكثير من الكفار: لأن فيه أربعة وجوه:

الأول: طلب الشهادة.
الثاني: وجود النكاية.
الثالث: تجرئة المسلمين عليهم.
الرابع: ضـعف نفوس الأعداء، ليروا أن هذا صنع واحد منهم، فما ظنك بالجميع؟

13. وقال ابن تيمية كما في الأنصاف (4/116): يسن الانغماس في العدو لمصلحة المسلمين، وإلا نهي عنه، وهو من التهلكة.

ويلحظ في غالب هذه النصوص والأخبار أنها في رجل أو رجال انطلقوا من جماعة المسلمين وعسكرهم صوب العدو.

ولكن في بعضها كما في قصة الغلام المؤمن، ما ليس كذلك.

والذى يترجح من مجموعها ـ و الله أعلم ـ أنه يجوز القيام بعملية من هذا النوع المسؤول عنه بشروط تستخرج من كلام الفقهاء ، ومن أهمها:
1) أن يكون ذلك لإعلاء كلمة الله.
2) أن يغلب على الظن، أو يجزم، أن في ذلك نكاية بالعدو، بقتل أو جرح أو هزيمة أوتجريءٍ للمسلمين عليهم أو إضعاف نفوسهم حين يرون أن هذا فعل واحد فكيف بالجماعة.

وهذا التقدير لا يمكن أن يوكل لآحاد الناس وأفرادهم، خصوصاً في مثل أحوال الناس اليوم، بل لابد أن يكون صادراً عن أهل الخبرة والدراية والمعرفة بالأحوال العسكرية والسياسية من أهل الاسلام وحماته وأوليائه.

3) أن يكون هذا ضد كفار أعلنوا الحرب على المسلمين، فإن الكفار أنواع:
منهم المحاربون، ومنهم المسالمون، ومنهم المستأمنون، ومنهم الذميون، ومنهم المعاهدون، وليس الكفر مبيحاً لقتلهم بإطلاق بل ورد في الحديث الصحيح كما في البخاري (2930) عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما » ورواه النسائي وأحمد وابن ماجه وغيرهم.

والأصل إجراء عقود المسلمين على الصحة وعدم التأويل فيها، وهذا يفضي إلى الفوضى والفساد العريض.

4) أن يكون هذا في بلادهم، أوفي بلادٍ دخلوها وتملكوها وحكموها، وأراد المسلمون مقاومتهم وطردهم منها، فاليهود في فلسطين والروس في الشيشان ممن يمكن تنفيذ هذه العمليات ضدهم بشروطها المذكورة.

5) أن تكون بإذن الأبوين، لأنه إذا اشترط إذن الأبوين في الجهاد بعامته، فإذنهما في هذا من باب أولى، والأظهر أنه إذا استأذن والديه للجهاد فأذنا له، فهذا يكفي، ولا يشترط الإذن الخاص والله أعلم.

ومن يقوم بهذه العمليات وفق الشروط المعتبرة شرعاً فهو بإذن الله شهيد إذا صحت نيته، إنما الأعمال بالنيات، يدعى له ويترحم عليه.

ويجوز الصرف على هذه العمليات من بيت المال، أومن الزكاة لأنها من سبيل الله، أو من غيرها.

أما حد الإثخان فهو خاضع لتقدير أهل الشأن والخبرة كما ذكرنا، بحيث يتحقق العلم، أو يغلب على الظن أنها ستوجع فيهم قتلاً أو جرحاً، أو تحدث فيهم ضرراً بليغاً، أو تنشر فيهم رعباً، أوتحملهم على الرحيل إلى ديارهم، دون أن يكون لها مردود سيء أكثر من ذلك مثل الانتقام من الأبرياء، أو تهديم المدن والقرى، أو الانجرار إلى حرب شاملة لايقوى عليها المسلمون، ولم يستعدوا لها، وما أشبه هذا مما يملك النظر فيه من آتاه الله الفهم وبعد النظر وقوة الإدراك.

والاجتهاد في هذا الباب وارد وهو عرضة للخطأ والصواب، ولكن يتقي المسلمون ربهم ما استطاعوا والله أعلم.

كتبه/ سلمان بن فهد العودة
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #10  
قديم 2009-11-07, 05:35 AM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.







حكم العمليات الاستشهادية




السؤال


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

قال بعض العلماء: "إن العمليات الاستشهادية تعد انتحاراً ولا أصل لها في الإسلام"؛ فنرجو أن تخبرونا بالصواب.

وإذا كان الوضع كذلك، فماذا عن الذين قاموا بتلك العمليات من قبل، ألا يعدون شهداء؟!





الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم المعاصرون في حكم العمليات الاستشهادية؛ فحرمها البعض واعتبرها انتحاراً وقتلاً للنفس؛ واستدلوا بقوله تعالى: {
وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29]، وذهب آخرون إلى أنه عمل مشروع، ومن الجهاد في سبيل الله، وصاحبه شهيد في أعلى درجات الشهادة؛ واحتجوا بأدلة كثيرة منها:

- أن التغرير بالنفس في الجهاد جائز باتفاق أهل العلم، وأنه من الوسائل الجهادية الفعّالة ضد أعداء الدين وأنها تُحدِث النِكايَة بأعداء الإسلام؛ فيدخل صاحبه في قوله تعالى: {
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَاد} [البقرة:207].

- ومنها قصة الغلام الواردة في تفسير سورة أصحاب الأخدود؛ حيث دلهم على طريقة قتله، ولم يكن ذلك انتحاراً وإنما بذلٌ للنفس في سبيل الله، قال الغلام للملك الكافر: "خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني؛ فإنك إذا فعلت ذلك، قتلتني"؛ (رواه مسلم)؛ ووجه الدلالة من القصة أن هذا الغلام المجاهد غرر بنفسه، وتسبب في ذهابها من أجل مصلحة المسلمين؛ لأنهم لم يستطيعوا قتله إلا بتلك الطريقة التي دلهم عليها، واغْتُفِر ذلك في باب الجهاد، ومثله المجاهد في العمليات الاستشهادية؛ حيث تسبب في ذهاب نفسه لمصلحة الجهاد؛
قال شيخ الإسلام – تعقيباً على تلك القصة -: "وهذا حصل فيه نفع كبير للإسلام".

- ونقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" وابن النحاس في "مشارع الأشواق" عن المهلب قال: " وليس من أهلك نفسه في طاعة الله ظالما ولا معتديا؛ وقد أجمعوا على جواز تقحم المهالك في الجهاد ".

- وقال أبو حامد الغزالي في "الإحياء": "فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: {
وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195]؟ قلنا: لا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل، وإن علم أنه يُقْتَل، وهذا ربما يُظَن أنه مخالف لموجب الآية وليس كذلك،

فقد قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "ليس التهلكة ذلك، بل ترك النفقة في طاعة الله تعالى، أي: من لم يفعل ذلك، فقد أهلك نفسه"، وقال البراء بن عازب: "التهلكة هو أن يذنب الذنب، ثم يقول: لا يتاب عليَّ"، وقال النووي في "شرح مسلم": "وقد اتفقوا على جواز التغرير بالنفس في الجهاد"،

وقال القرطبي في "تفسيره": "قال محمد بن الحسن الشيباني: لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين، وهو وحده، لم يكن بذلك بأس؛ إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو؛ فإن لم يكن كذلك، فهو مكروه؛ لأنه عرَّض نفسه للتلف في غير منفعة للمسلمين".

أما القول بأن العمليات الاستشهادية انتحار، فغير صحيح؛ فالفارق بينهما ظاهر، ويكفي أن المنتحر يقتل نفسه جزعاً وقنوتاً من رحمة الله، واعتراضاً على قضاء الله وقدره، أو مستعجلاً للموت؛ ظناً منه الخلاصَ بنفسه أو متخلصاً من آلامه وجراحه، بخلاف العمليات الاستشهادية التي يفعلها صاحبها صابراً محتسباً موقناً بقدر الله، حسن الظن به – سبحانه – باذلاً نفسه رخيصة في سبيل الله؛ راجياً النصرةَ لأمته والنكايةَ لأعداء الله وكسر شوكتهم،

وقد أجابالعلامة الألباني على من وصم العمليات الاستشهادية بالانتحار؛ فقال: "لا يعد هذا انتحاراً؛ لأن الانتحار هو أن يقتل المسلم نفسه خلاصاً من هذه الحياة التعيسة
أما هذه الصورة التي أنت تسأل عنها، فهذا ليس انتحاراً؛ بل هذا جهاد في سبيل الله، إلا أن هناك ملاحظة يجب الانتباه لها، وهي أن هذا العمل لا ينبغي أن يكون فردياً أو شخصياً، إنما يكون هذا بأمر قائد الجيش ... فإذا كان قائد الجيش يستغني عن هذا الفدائي، ويرى أن في خسارته ربحا كبيرا من جهة أخرى، وهو إفناء عدد كبير من المشركين والكفار، فالرأي رأيه ويجب طاعته، حتى لولم يرض هذا الإنسان فعليه طاعته.

والانتحار من أكبر المحرمات في الإسلام، من يفعله فهو غضبان على ربه، ولم يرض بقضاء الله، أما هذا فليس انتحاراً، كما كان يفعله الصحابة، يهجم على جماعة كردوس – جماعة من الخيول - من الكفار بسيفه ، ويعمل فيهم بالسيف حتى يأتيه الموت صابراً؛ لأنه يعلم أن مآله الجنة؛ فشتان ما بين من يقتل نفسه بهذه الطريقة الجهادية، وبين من يتخلص من حياته بالانتحار.

هذا؛ وأجاز مجمع الفقه الإسلامي - في الدورة الرابعة عشرة المنعقدة بدولة قطر - تلك العمليات، واعتبر صاحبها شهيداً في سبيل الله، وممن أجازها أيضا الشيخ نصر فريد واصل - مفتي جمهورية مصر العربية السابق.

والظاهر - والعلم عند الله - أن تلك العمليات جائزة؛ إن غلب على الظن أنها تحدث النكاية في الكافرين، أو تقوي شوكة المسلمين، أو تخفف عنهم وطأة الأعداء، ولاسيما إذا لم يكن هناك سبيل غيرها.

ويجب أن نعلم أن تعريض الإنسان نفسه للقتل لا يُعدُّ انتحاراً في بعض الأحيان؛ لما ذكره أهل العلم من أنه لو كان ثَمَّة جماعةٌ في سفينة معرضون للغرق، ولو طرحوا واحداً منهم لنجوا؛حتى لا يغرقوا بجملتهم؛ فتطوع رجل منهم بطرح نفسه في الماء؛ إنقاذاً للباقين -: لم يكن بذلك منتحراً بل هو مأجور – إن شاء الله - لرفعه الحرج عن الباقين،،

والله أعلم.




خالد عبد المنعم الرفاعي



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #11  
قديم 2009-11-07, 11:24 AM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.










<table style="border-collapse: collapse;" id="AutoNumber1" width="95%" bgcolor="#fffffd" border="3" bordercolor="#fff2d2" cellpadding="0" cellspacing="0"><tbody><tr><td width="100%" align="justify">
حكم العمليات الاستشهادية
</td> </tr> <tr> <td width="100%" align="justify">




السؤال


السلام عليكم ..


فضيلة الشيخ ..ارجو من فضيلتك أن تتحمل أسئلتي ..وتقبلها بصدر رحب ..وما وجدنا منك الا ذلك
حتى العمليات الاستشهادية ..حاربوا فرحتنا بها ..


هل هي بالفعل انتحار لا علاقة له بالاستشهاد


ولو كان كذلك ..فماذا يفعل اهل الارض المحتلة اذا ..هل يخرجوا من ديارهم وأرضهم


ارجو من فضيلتك التوضيح ..هذا واني اريد ان اطلعك على بعض الاقوال التي يستدلون بها على ما يدعون ..


ارسلها لك ان شاء الله






الجواب :

يجب أن نَزِن الأمور بموازين الشرع لا بموازين العاطفة
وبالنسبة للعمليات الاستشهادية كثُر الكلام حولها بين مؤيد ومُعارض
ولكن بالنظر في الأدلة وعمل الصحابة فمن بعدهم يتبيّن الحُـكم .

سأل معاذ بن عفراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده ؟ قال : غمسه يده في العدو حاسرا . قال : وألقى درعا كانت عليه فقاتل حتى قُـتِل . رواه ابن أبي شيبة .


ولقاء العدو أو الانغماس فيهم شبيه بالعمليات الاستشهادية
ومثله أو أشد منه المبايعة على الموت .


وفي الصحيحين عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وقد سُئل : على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ؟ قال : على الموت .


بل كانت المبايعة على الموت منقبة لأصحابها
قال الحاكم : وشهد أبو دجانة بدراً وأحداً ، وثبت يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعه على الموت .


وقال مثل ذلك في شأن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه .
ومثله في ترجمة سهل بن حنيف رضي الله عنه .


وقد بايع عليٌّ رضي الله عنه يوم صفّين على الموت ، كما عند الحاكم .

وترك الجهاد هو الهلاك وليس الانغماس في صفوف العدو ولو كان لشخص واحد فقط ، وهذا ما فهمه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .


حَدّث أبو عمران التجيبي قال : كنا بمدينة الروم فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر وعلى أهل مصر عقبة بن عامر وعلى الجماعة فضالة بن عبيد ، فَحَمَلَ رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم فصاح الناس وقالوا: سبحان الله ! يُلقي بيديه إلى التهلكة ، فقام أبو أيوب رضي الله عنه فقال : يا أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل وإنما أُنزِلت هذه الآية فينا معشر الأنصار ؛ لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه فقال بعضنا لبعض سراً دون رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أموالنا قد ضاعت وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يَرد علينا ما قلنا ( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو ، فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم . رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما .

كم نحن اليوم بحاجة إلى هذا الفقه الدقيق من أبي أيوب رضي الله عنه ؟؟

وقد سُئل البراء بن عازب رضي الله عنه : الرجل يَحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة ؟ قال : لا ؛ لأن الله عز وجل بعث رسوله صلى الله عليه وسلم فقال : ( فقاتل في سبيل الله لا تُكَلّف إلا نفسك ) إنما ذاك في النفقة . رواه الإمام أحمد .

ولما أحاط المسلمون بحديقة الموت وحاصروا مسيلِمة ومن معه ، صرخ بهم البراء بن مالك فقال : يا معشر المسلمين احملوني على الجدار حتى تطرحوني عليه ففعلوا فلما وضعوه على الحائط اقتحم عليهم فقاتلهم على الباب حتى فتحه للمسلمين وهم على الباب من خارج فدخلوا فأغلق الباب عليهم ثم رمى بالمفتاح من وراء الجدار فاقتتلوا قتالا شديدا لم يروا مثله وأبير من في الحديقة منهم وقد قتل الله مسيلمة .


هذا اقتحامٌ لحديقة الموت .

واقتحام على العدو ، حتى جاء في بعض الروايات أنه سقط وفيه أكثر من ثمانين جُرحا .

ومما يُمكن أن يُستأنس به في هذا المقام قوله صلى الله عليه وسلم : سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قال إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله . رواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وحسّنه الألباني .

ومما يُستأنس به أيضا في هذا المقام
قصة غلام الأخدود وكيف أنه دلّ الملك على كيفية قتله في سبيل تحقيق مصلحة أعظم .


وقصته في صحيح مسلم .

غير أن العمليات الاستشهادية لا بُـدّ فيها من غلبة الظن على إلحاق الضرر والإثخان في العدو .
ولا شك أن القاعدة تنص على أن : الأمـور بمقاصدها
ولا يقصد بذلك الانتحار أو التخلّص من هذه النفس وإزهاقها .


والله أعلم .
</td> </tr> <tr> <td width="100%" align="justify">
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله بن صالح السحيم
assuhaim@al-islam.com
</td></tr></tbody></table>
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #12  
قديم 2009-11-07, 01:51 PM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.







فتوى المحدث ابو اسحاق الحويني في جواز العمليات الاستشهادية





http://www.youtube.com/watch?v=_BTYI...om=PL&index=25

__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #13  
قديم 2009-11-07, 03:03 PM
أبومحمد أبومحمد غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-07-11
المشاركات: 490
افتراضي

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
وجزيت الجنة ونعيمها
[/align]
__________________
اللهمّ صلّ على محمد
عدد ماذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون

سلفي سني وهابي وأفتخر
  #14  
قديم 2009-11-07, 03:13 PM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومحمد مشاهدة المشاركة
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
وجزيت الجنة ونعيمها
[/align]


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.

اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

جزاك الله خيرا اخي العزيز ابو محمد.

اظلك الله في ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله.

في امان الله
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #15  
قديم 2009-11-07, 03:18 PM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.

اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.





ما حكم العمليات الاستشهادية؟ وما حكم الاقتحام في العدو؟:



السائل: عند أبي داود ــ رضي الله عنه ــ: "عَجِبَ ربُّنا لرجل ــ أو كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ــ قاتل الجيش، وانهزم الجيش، وعاد وحده، وقاتل حتى قُتِل".

ما مدى صحة هذا الحديث؟ وهل هو دليل لجواز العمليات ضد اليهود الفرضية، يعني: الأشخاص الذين يذهبون مُدَرَّبين بالسلاح، وجاهزين بالسلاح، وانتقاماً لحُرمات الله تبارك وتعالى، جزاك الله خيراً؟


الجواب

الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: وأنت جزاك الله خيراً، أما عن الحديث فأنا لا أستحضره الآن هل هو صحيح أو ضعيف (1)، وسنن أبي داود كما تعلمون فيه من هذا وفيه من هذا، ولكن إذا كان المقصود من سؤال عن صحة الحديث أو ضعفه هو الناحية الفقهية منه، فممكن الوصول إلى الجواب عن الناحية الفقهية، ولو توقفنا الآن عن الجواب عن ثبوت الحديث أو ضعفه، لكن لعلَّ بعض إخواننا يذكر شيئاً.... تذكر شيئاً....
المهم، العمليات الانتحارية التي تقع اليوم، أنا أقول في مثلها تجوز ولا تجوز، وتفصيل هذا الكلام المتناقض ظاهراً: تجوز في النظام الإسلامي، في الجهاد الإسلامي، الذي يقوم على أحكام الإسلام، ومن هذه الأحكام ألا يتصرف الجنديُ برأيه الشخصي، وإنما يأتمر بأمر أميره، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم كان يقول: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني". فإذا كان هناك ونرجو أن يكون هذا قريباً جهاد إسلامي قائم على النظام الإسلامي، وأميره لا يكون جاهلاً إنَّما يكون عالماً بالإسلام، خاصة الأحكام المتعلقة بالجهاد في سبيل الله، هذا القائد أو هذا الأمير (أمير الجيش) المفروض أنَّه هو الذي يعرف وأخذ مخطط ساحة المعركة وتصورها في ذهنه تماماً، فهو يقال في مثله يعرف كيف تُأكل الكتف، يعرف مثلاً إذا كان هناك طائفة من الجيش لـه نكاية شديدة في الجيش الإسلامي، ويرى أن يُفادي بجندٍ من جنوده ويختار، - هذا مثال وأنا لستُ عسكرياً لكن الإنسان يستعمل عقله - كلنا يعلم أنَّ الجنود ليسوا في البسالة بنسبةٍ واحدة والشجاعة، وليسوا بنسبة واحدة في معرفة القتال وأحكام القتال وأصول القتال وإلى آخره.... فأنا أتصور أنَّ هذا القائد الخبير الخِرِّيت يأخذ رجل من الساقة، يعني من الذين يصلحون للطبخ والنفخ مش يصلحون للقتال لأنَّه لا يحسن القتال، وليس عنده شجاعة بيقوله: تسلح بالقنابل واركب الطائرة وروح ارمِ فيها هــ الجماعة الموجودين في الأرض الفلانية، هذا انتحار يجوز، أمَّا يجي واحد من الجنود كما يفعلون اليوم، أو من غير الجنود أنَّه ينتحر في سبيل قتل اثنين ثلاثة أربعة من الكفار، فهذا لا يجوز لأنَّه تصرف شخصي ليس صادراً من أمير الجيش، هذا التفصيل هو معنى قولنا يجوز ولا يجوز، ولعلَّ الجواب واضح إن شاء الله، أما الحديث فأرجو أن تتابعني ب السؤال هاتفياً إذا كان بإمكانك حتى أُراجعه وأستفيد أنا أولاً ثمَّ نفيد غيرنا ثانياً.


__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #16  
قديم 2009-11-07, 03:50 PM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.

اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.






ما هو حكم العمليات الانتحارية؟


الشيخ مشهور حسن سلمان





السؤال 315: ما هو حكم العمليات الانتحارية؟




الجواب: العمليات الانتحارية إن كان هكذا اسمها، وكان اسمها يناسب حقيقتها، فهي ليست بمشروعة، فالعمليات الانتحارية والعمليات الاستشهادية ألفاظ غير موجودة في كتب فقهائنا وعلمائنا.

والسؤال يحتاج إلى صياغة شرعية، ما ينبغي أن يكون الجواب في السؤال، فإن كان الجواب في السؤال فلا داعي له أصلاً، فإن قيل ما هو حكم العمليات الانتحارية؟ فالانتحار حرام، وإن قيل ما هو الحكم في العمليات الاستشهادية؟ فالاستشهاد من الطاعات التي يحبها الله ويرضاها، فكان الجواب في السؤال، فما ينبغي أن يكون الجواب في السؤال.

ولو سأل السائل: ما حكم أن يهجم الرجل على الأعداء، والموت محقق في حقه إثر هذا الهجوم فهل هذا عمل مشروع أم ممنوع؟ لكان هذا السؤال علمياً بهذه الطريقة، أما لو قيل: ما حكم أن يحمل الرجل المتفجرات وأن يكون بين الأعداء وأن يفجر نفسه بهم، لا يريد الخلاص بنفسه، وإنما يريد إلحاق الضرر بأعداء الله عز وجل؟ لكان هذا السؤال مشروعاً، فينبغي أن نصوب السؤال قبل البدء به.

ثم ما يجوز لأحد، لاسيما العوام، وطلبة العلم المبتدئين، ما يجوز لهم بأي حال من الأحوال أن يتعدوا طورهم، وألا يعرفوا قدر أنفسهم، فينبغي أن يحترموا العلماء، ولا يجوز لهم أبداً التطاول على الفقهاء إن أفتوا بأي مسألة كانت، وذلك بشروط؛ أولاً: ألا يصادموا نصاً، والثاني: أن يكون أهلاً، وأهل العلم يحترمونهم ويعرفون قدرهم، ثالثاً: أن يعملوا بفتواهم بالقواعد المتبعة عند العلماء. فعندها الكلام الذي يقولوه إن أصابوا فيه فلهم أجران، وإن أخطأوا فيه فلهم أجر، وهم أمام الله عز وجل معذورون.

أما فرد العضلات، وتطويل الألسنة على الفقهاء والعلماء فهذا صنيع غير الموفقين، وصنيع المخذولين المحرومين، فالعلماء لهم قواعد متبعة، وهم في قواعدهم محترمون، ولا يجوز أن يتعدى عليهم، فمثلاً: من القواعد المتبعة عند الحنفية وعند المالكية أن من سيطر على شيء بالقوة فيكون مالكاً له ملكاً شرعياً، فإن جاء آخر فنزعه منه وثبت أنه نزعه منه بشروط السرقة مثلاً، وهذا الذي سرق لم يأخذ ماله وإنما أخذ مال غيره، فإنه يفتون بقطع اليد، فهل يجوز لأحد اليوم أن يحط وأن يقدح ويشتم ويلعن المالكية والحنفية لأنهم يقولون أنه من استولى على شيء قهراً فإنه يملكه؟ معاذ الله، لا يفعل ذلك إلا مخذول.

فهذه المسائل تطرح وتذكر على بساط البحث مقيدة بنصوص الشرع، وبالقواعد المتبعة، أو باجتهادات العلماء السابقين، أو بأشباه المسألة ونظائرها في دين الله عز وجل، ويحاول الباحث قدر جهده أن يصل إلى حكم الله عز وجل بالاجتهاد، والأمر بين صواب وخطأ.

وهذه المسألة بهذه الحروف وبهذه العبارات غير موجودة عند علمائنا الأقدمين، ولكن الموجود عند علمائنا اجتهادات في مسائل شبيهة بهذه المسألة وقد اعتمد العلماء على نصوص شرعية.

وأقول رأيي في هذه العمليات قبل أن أذكر بعض النصوص وذكر بعض الاجتهادات والنقولات عن العلماء.

فالذي أراه صواباً في هذه المسألة، بعد استخارة الله عز وجل وطول تأمل، وقد سئلت عبر الأوراق في هذا الدرس عشرات المرات عن هذه المسألة، فالذي أراه أن هذه العمليات مشروعة بقيود وشروط، وأن مرتكبيها أمرهم إلى الله عز وجل، نحسبهم أنهم قد أخلصوا الصلة بالله وأحكموها، وأخلصوا لله قبل القدوم على هذه العمليات، فنرجو الله عز وجل أن يتقبلهم، وهذا الرأي الذي أقوله هو رأي إمام هذا العصر الشيخ محمد ناصرالدين الألباني، فإنه كان يجيز هذه العمليات بقيود وشروط يأتي التنبيه عليها.

أما أن يقوم الرجل ويهجم على غيره بموت متحقق عنده لكي يصيب مقتلاً، أو يحصل ضرراً بالأعداء، فهذا جائز بنصوص السنة، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث صهيب بن سنان رضي الله عنه، في قصة الغلام مع الساحر، والقصة الطويلة، وأراد الملك أن يقتل الغلام فما استطاع، فعلم الغلام الملك كيف يقتله؟ وقال له: ((إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهماً من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إن فعلت ذلك قتلتني)) ففعل الملك ذلك، فقال الناس: آمنا برب الغلام، وكان مقصد هذا الغلام أن يسمع الناس هذا الكلام من الملك فيؤمنوا به بعد قتله، ولذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: ((إن الغلام أمر بقتل نفسه من أجل مصلحة ظهور الدين، ولهذا جوز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين)) (الفتاوي 28/540).

وهناك نصوص وردت عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تأذن وتدلل وتقوي هذا الأمر، فقد أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم بإسناد صحيح عم أسلم بن عمران قال: ((حمل رجل بالقسطنطينية على صف العدو حتى خرقه، ومعنا أبو أيوب الأنصاري، فقال ناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب رضي الله عنه: ((نحن أعلم بهذه الآية، إنما نزلت فينا، صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهدنا معه المشاهد، ونصرناه، فلما فشا الإسلام وظهر اجتمعنا معشر الأنصار،فقلنا: قد أكرمنا الله بصحبة نبيه ونصره حتى فشا الإسلام، وكثر أهله ،وكنا قد آثرناه على أهلينا والأموال والأولاد، وقد وضعت الحرب أوزارها فنرجع إلى أهلينا وأموالنا، فنقيم فيهما، فنزل فينا قول الله تعالى: {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، فكانت التهلكة في الإقامة في الأهل والمال وترك الجهاد في سبيل الله عز وجل.

فالذي قد حمل بنفسه، وقد قيل فيه إنه ألقى بنفسه إلى التهكلة، فقد رد ذلك أبو أيوب الأنصاري،وقال: إن التهلكة أن نترك الجهاد وأن ننشغل في الأموال والأولاد، فهذه هي التهلكة، وإننا إن فعلنا ذلك فإننا نلقي بأيدينا إلى التهلكة، بأن نطمع أعداء الله عز وجل في أموالنا وأراضينا وأعراضنا وأنفسنا.

وقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (8/34) وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدد، فصرخ الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته وكان لظنه أنه يرهب العدو بذلك، أو يجرئ المسلمين عليهم، أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة ،فهو حسن، ومتى كان مجرد التهور فممنوع، وقال ابن خريز منداد، وهو من علماء المالكية، كما في تفسير القرطبي (2/363) قال: (فأما أن يحمل الرجل على جملة العسكر أو على جماعة اللصوص والمارقين والخوراج فلذلك حالتان، إن غلب على ظنه أنه يقتل من حمل عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أن يقتل ولكن سينكي نكاية ويؤثر أثراً ينتفع به المسلمون فجائز أيضاً، وقد بلغني أن عسكر المسلمين لما لقي الفرس نفرت خيل المسلمين من الفيلة، فعمد رجل فصنع فيلاً من طين، وآنس به فرسه حتى ألفه فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل فحمل على الفيلة التي كان يتقدمها، فقيل له: إنه قاتلك، فقال: لا ضير أن أقتل ويفتح للمسلمين.

وكذلك يوم اليمامة لما تحصنت بنو حنيفة في الحديقة، قال البراء بن مالك: ضعوني في الترس وألقوني إليهم، ففعلوا وألقوه وفتح الباب ودخل المسلمون، وقتل رضي الله تعالى عنه، فهجم على العدو وحده، وكان الموت متحققاً عنده، وهذا لا حرج فيه إن شاء الله.

وقال محمد بن الحسن الشيباني، كما في تفسير القرطبي أيضأً: (لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه، لأنه عرض نفسه للتلف في غير منفعة المسلمين، فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه فلا يعد جوازه، ولأن فيه منفعة للمسليمن من بعض الوجوه، وإن كان قصده إرهاب العدو، وليعلم صلابة السلمين في الدين فلا يبعد جوازه، وإذا كان في نفع للمسلمين فتلفت نفسه لإعزاز دين الله، وتوهين الكفر فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}.

إذن في هذه النقول، وقبلها النصوص من فعل الصحابة ومما جرى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها جواز أن يحمل الرجل الواحد على العدو، وإن تحقق موته إن ترتب على ذلك منفعة معتبرة للمسلمين، وأما إن لم تتحقق المنفعة للمسلمين فهذا تهور ولا يجوز.

والجهاد قسمان؛ جهاد طلب وجهاد دفع ،وجهاد الطلب لا بد فيه من إمام ومن أمير حتى يحصل ترتيب للجهاد، أما في الدفع فلا يحتاج إلى إذن الإمام.

وإن كان الجهاد جهاد دفع وقام البعض بذلك، فكان شيخنا رحمه الله تعالى، يشترط المشورة، وألا يكون ذلك على وفق أن يركب الرجل رأسه، وإنما ينبغي أن يكون ذلك وفق خطة، وهذه الخطة لا بد فيها من مشورة وتخطيط، أما أن يقوم كل على وفق رأسه في جهاد الدفع، فلا.

ثم لا بد أن يترتب على ذلك مصالح معتبرة، وازدحام المصالح والمفاسد في المحل الواحد هذا الأمر يسبب الخلاف في كثير من المسائل الفقهية التي اختلف فيها العلماء اختلافاً معتبراً، فهذه المسألة تختلف المصالح والمفاسد فيها، باختلاف وجهات النظر، فمن غلب المفاسد فمنعها فلا يقال عنه خائن، ولا يقال عميل، فالمصالح والمفاسد أمرها شائك في هذا الأمر.

وعلى طلبة العلم أن يحفظوا هذه القاعدة التي قررها الشاطبي رحمه الله تعالى، في كتابه الموافقات (جـ5/114) وهي قاعدة مهمة ينتبه إليها الموفق، قال: ((محال الاجتهاد المعتبر هي ما تردد بين طرفين وضح في كل واحد منهما قصد الشارع في الإثبات في أحدهما والنفي في الآخر، فلم تنصرف البتة إلى طرف النفي، ولا إلى طرف الإثبات))، فالعمل لم يظهر فيه نفي ولا إثبات فيظهر فيه خير وشر، ومنفعة ومضرة، فلما تزدحم فهذا الازدحام من مجال الاجتهاد المعتبر.

وهذه العمليات نرجو الله عز وجل أن يتقبل أصحابها ولا يجوز لأحد أن يحكم عليهم بخسران أو بضلال ،هذا خطأ، ولا يجوز أيضاً لأحد أن يجزم لهم الجنة، إنما نقول: المرجو من الله عز وجل أن يتقبلهم، وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد والسير باب رقم 77 قال: ((باب لا يقال فلان شهيد، فيحرم على الواحد منا أن يجزم بالشهادة لأي كان)) وقد ألف يوسف بن عبدالهادي المعروف بابن المبرد كتاباً ما زا ل محفوظاً في المكتبة الظاهرية وهذا الكتاب عنوانه "حرمة الجزم للأئمة الأربعة بأن لهم الجنة" فلا يجوز للواحد منا أن يقول عن أحد الأئمة الأربعة أنه في الجنة كأبي بكر وعمر والعشرة المبشرين بالجنة، لكن لا يلزم من هذا أن نقول إنهم هالكون معاذ الله، هم أئمة الدين وأهل الورع والتقى، والواجب علينا أن نقول: الظنون والمرجو من الله عز وجل أنهم من أهل الجنة، لكن لا يجوز أن نجزم لأحد لم يقم نص عليه بعينه أنه من أهل الجنة.

وقد قص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة فيها عبرة لمن يعتبر: ((قال رجل لآخر: إن الله عز وجل لم يقبل عملك، فأوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي: {قل له إن الله قد قبل عمله وأحبط عملك}، فلا يجوز لأحد أن يقول: الله يقبل من فلان، ويرد عمل فلان، لكن هل يوجد شجاعة وجود أكثر من أن يجود الرجل بنفسه؟ لا والله لا نعلم جوداً أكثر من هذا، فالمرجو من الله عز وجل أن من قام بهذا أن يتقبله الله، وبعد ذلك ومع ذلك وقبل ذلك الأمر بيد الله، والله عز وجل هو اعدل العادلين.

ثم من المسائل التي ينبغي أن ينبه عليها في هذا الباب أولاً: أن العاقل ينظر إلى مراعاة الخلاف في المسائل، فمراعاة الخلاف من منهج الموفقين، وأن نهدر الخلاف ولا ننظر إليه في المسائل، فليس هذا من دين الله عز وجل في شيء، فمثلاً: الحنفية يجوزون للمرأة أن تزوج نفسها بنفسها، والجماهير يحرمون ذلك، ويعتبرون من فعلت ذلك فقد زنت، فلو أن امرأة حنفية دينة صينة عفيفة زوجت نفسها بنفسها، فهل يجوز لأحد أن يقول عنها زانية؟ أم أن خلاف العلماء لا بد من اعتباره؟ فلا بد من مراعاة اختلاف العلماء، فإنه من مناهج الموفقين ،فمن أفتى بمسألة بأصل قام عنده فهذا ينبغي أن يحترم أصله، ويقال له: إما مصيب وإما مخطئ ،أما تطويل اللسان على العلماء فهذا والعياذ بالله تعالى من قلة التوفيق، وقلة الديانة، ولا يفعل ذلك إلا من طاش عقله وفق رأيه.

فالمسائل العلمية تطرح ويقال فيها صواب وخطأ، وبعد ذلك الله عز وجل أعدل العادلين، وكلام البشر مهما كانوا لا يغير حقائق الأشياء عند الله عز وجل.

ثانياً: قد يقول قائل: النصوص التي ذكرت في حديث صهيب وفي قصة أبي أيوب وفي قصة البراء وغيره، هذا كله وقع فيه القتل بيد الآخرين، وليس بيد المكلف نفسه، فاختلفت هذه المسألة عمن يقتل نفسه، فأقول: الفرق معتبر، ولذا أقول لمن خالف الذي ذكرت في مثل هذه المسألة الخلاف معتبر، وهذه المسألة تتذبذب بين أصلين، أصل الاستشهاد والإقدام وإعمال النكايا في العدو، ورفع همة المسلمين، وبين أصل الحرمة أن يقتل الرجل نفسه، ولمسألة إن تذبذبت بين أصلين، كما قال الشاطبي من مجال الاجتهاد المعتبر.

لكن هذا لا ينافي ما قررت، من جواز أن يهجم الرجل بنفسه، وأن يقتل العدو ويكون هذا القتل بيده لا بيد عدوه، وهنالك نظائر لهذه المسألة وهذه النظائر ينبغي أن يقدم لها مقدمة.

فأيهما أشد؛ أن تقتل المسلم، أو أن تقتل نفسك فلو خيرت بين أن تقتل غيرك أو تقتل نفسك، فأيهما أشد؟ بلا شك أن تقتل مسلماً أشد من أن تقتل نفسك، وقد علمنا من أحكام الفقهاء رحمهم الله تعالى، لو أن الكفار تترسوا بالمسلمين فإنه يجوز لنا أن نقتل المسلم، من أجل المصلحة المعتبرة، لقتل الكفار.

فكانت نظائر المسألة في مثل هذه العمليات تأذن بالجواز، ولا تأذن بالمنع، لأن قتل النفس أقل درجة في المحذور من قتل الغير، وقد جوز الشرع قتل الغير في حالة تترس الكفار بالمسلمين، فأن يجوز أن يقتل الرجل نفسه في مثل هذه الصورة إن أعمل نكاية معتبرة عند العدو، فهذا أمر لا حرج فيه، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (الفتاوى 28/537) قال: ((فإن الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بالمسلمين، وضيق على المسلمين إذا لم يقاتلوا فإنه يجوز أن نرميهم، ونقصد الكفار، ولو لم نخوف على المسلمين جاز رمي أولئك المسلمين أيضاً في أحد قولي العلماء)).

وأخيراً أقول في مثل هذه المسألة: في هذه العمليات لو أردنا أن نتكلم عليها مجردة عما يجري على ساحة المسلمين اليوم لقلنا الآتي: إذا أردنا أن نتكلم عن العمليات بعبارات أهلها، فهذه العمليات العسكريون هم الذين يحددون فوائدها ومضارها، فهم أهل الاختصاص وأهل الخبرة، وهذه العمليات تسمى في علم العسكرية عمليات وخز الدبوس، فإنت إن حملت دبوساً، وضربت غيرك به، فمن المعلوم عند العقلاء أن هذا الدبوس لا يقتل، أليس كذلك؟ وإنما هذا الدبوس يثور الأعصاب ،ويجعل هذا الإنسان يتخذ قرارات سريعة غير مدروسة لهيجانه وثوران أعصابه.

ولذا من المقرر عند العسكريين أن مثل هذه العمليات ثمارها تجنى على وجه العجلة، لما يكون هناك جيش يقابل جيشاً، فحينئذ هذه العمليات ترفع من معنويات، وتخفض من معنويات، وتثور الأعداء، وتجعلهم يتخذون قرارات سريعة، تكون هذه القرارت بحسبان الفريق المقابل.

ومن المعلوم ومن البدهيات والمسلمات والمؤكدات والمقررات أن المسلمين جميعاً على وجه الأرض اليوم آثمون بسبب ما يحصل لإخوانهم في فلسطين، من هتك أعراض وقتل أنفس، فالمسلمون آثمون بالجملة، فمن قام واجتهد وغلب على ظنه أن مثل هذه العمليات تخفف من وطأة هؤلاء الأعداء أو أنها تقل من الضرر اللاحق بهم فهذه شجاعة ما بعدها شجاعة، نرجو الله عز وجل أن يتقبل أصحابها.

وما ينقل عن شيخنا رحمه الله من أنه كان يقول عن هؤلاء (فطايس) وما شابه، فهذا كذب ملفق عليه، ونتحدى أحداً يأتي بخبر عنه، كان الشيخ رحمه الله يقول: لكل سرائرهم ونواياهم إلى الله، ونرجو الله أن يتقبلهم. وكيف يقول هذا وهو بنفسه رحمه الله تعالى، في 1948م لما حصل القتال مع اليهود خرج بنفسه إلى فلسطين من سوريا يحمل السلاح، ليقاتل في سبيل الله على أرض فلسطين ولكن الشيخ له حساد، وكلام حساده يشيع وينتشر، وتضيع الحقائق ولا تظهر.
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #17  
قديم 2009-11-07, 04:06 PM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.

اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.





<table style="border-collapse: collapse;" id="AutoNumber1" width="95%" bgcolor="#fbfffb" border="3" bordercolor="#ddffdd" cellpadding="0" cellspacing="0"><tbody><tr><td width="100%" align="justify">
بسم الله الرحمن الرحيم
</td> </tr> <tr> <td width="100%" align="justify">
الدلائل الجليّة على مشروعية العمليّات الاستشهاديّة
</td> </tr> <tr> <td width="100%" align="center" bgcolor="#ecffec"> للحصول على نسخة من البحث منسق</td> </tr> <tr> <td width="100%" align="center">

إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله .
 يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تـموتنَّ إلا و أنتـم مسلمون  [ آل عمران : 102 ] .
 يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثَّ منهما رجالاً كثيراً و نساء ، و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيباً  [ النساء : 1 ] .
 يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم  و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً  [ الأحزاب :70،71 ] .
أمّا بعد :
فيوماً بعد يوم تُمتهن كرامة الأمة ، و تهون دماء أبنائها و ديارهم و أعراضهم على الأعداء ، و تتداعى علينا الأمم من كلّ حدب و صوب ، تصوّب سهامها إلى نحورنا ، و تلِغ في دمائنا ، و نحن حيارى بلا خيار ، و سكارى بلا قرار .
يستصرخنا القدس و أهله ، تتحشرج في نفوسهم الحسرة ، و تعتلج في حناجرهم الكلمات ، فيغصون بالدموع ، و يبكون الأمس و اليوم و الغد المجهول .
حتّام يا قُدسـاه جرحُكِ يَنـزفُ *** و إلامَ يَرشُـف من دماكِ الأسقُفُ ؟
خمسون عاماً قد مضينَ و نيّفُ *** و العُرب صرعى و المدافع تقصفُ
و إنّ الله تعالى كتب الجهاد على هذه الأمّة ، و جعله فريضةً قائمة على التعيين أو الكفاية ، ماضيةً إلى يوم القيامة مع كلّ برّ و فاجر لتكون كلمة الله هي العليا و كلمة الذين كفروا السفلى .
و من أعظم ما ابتليت به الأمّة في عصرنا الحاضر ، غياب فريضتين جليلتين تردّت الأمّة بفقدهما في دَرَكات الذل و الهوان ، و تداعت عليها الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها ، و هما تنصيب الإمام العادل خليفة المسلمين ، و النفرة للجهاد في سبيل الله تعالى ، لفتح البلاد و قلُوب العباد ، و الإثخان في أهل الكفر و الإلحاد و العناد .
و ما تَعَيَّن الجهاد في مِصرٍ من الأمصار الإسلاميّة إلا هَبَّ المسلمون لنصرة أهله ، و نفروا خفافاً و ثقالاً ، يدفعون عن إخوانهم صولة العدوّ ، و يشاركونهم شَرف الذود عن حُرُمات المسلمين ، و الإثخان في العتاة المجرمين ، فمنهم من قضى نحبَه و منهم من ينتظر مرابطاً على الثغور في فلسطين و أفغانستان و الشيشان و الفلبين و الصومال و البوسنة و غيرها .
و الأصل في المسلم – و إن لم ينل شَرَف المشاركة الميدانيّة في الرباط في سبيل الله بعد - أن لا يكفّ عن تحديث نفسه بالجهاد ، و تهيئة نفسه له إعداداً و استعداداً ، و التطلّع إلى الشهادة في سبيل الله ، فقد روى أبو داوود بإسناد صحيح عن أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ :‏ «‏ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ »‏ .‏ و من واظب على ذلك ، فلن يدّخر وسعاً في السعي إلى نيل مناه ، و ربّما دَفعه حبّ الشهادة و التطلّع إليها ، إلى أن يجود بنفسه في عمليّة يغلب على ظنّه أن تُقِلّه إلى مراتب الشهادة في سبيل الله ، ليلقى ربّه محباً للقائه ، روى الشيخان و الترمذي و النسائي و أحمد عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «‏ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ ،‏ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ »‏ ، و حاشاه تعالى أن يُخلف وعده ، أو يكره لقاء عبدٍ جاد بنفسه في سبيله تعالى .
فليتحين من فاتته المشاركة فيما مضى الفرصة للمشاركة فيما هو آت ، فإن الجهاد ماضٍ و لا بُدّ ، و على الرغم ممّا تمخّض عنه في السابق من خيراتٍ حِسان - رُغم قلّة النصير ، و كثرة النكير - فإنّ جراحات المسلمين لا تزال نازفة في شرق العالم الإسلاميّ و غَربه ، و لا يكاد يلتئم جُرحٌ حتى يُثلَم ثغر جديد هنا أو هناك ، فيهب لسدّه شبابٌ باعوا نفوسهم لله ، و ذاقوا حلاوة التضحية و الجهاد ، فغبّروا أقدامهم في سبيله ، و عفّروا جباههم بتراب الرباط في ميادينه و على ثغوره ، غير آبهين أو مبالين بصَلَف الطغاة ، و ملاحقة البغاة ، و خُذلان بعض الدعاة .
بل تراهم رهباناً في الليل ، فرساناً في النهار ، يقارعون الباطل ، و يصرخون في وجه أهله ( هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ ) [من سورة التوبة الآية 52] .
و إذا لهث القاعدون حول حطام الدنيا ، و تزاحموا بالأكتاف و الأقدام على أبواب الرزق و أسبابه في ديار الكفر ، رأيت أهل الثغور أكثر اطمئناناً و إيماناً و تسليماً ، يستحْلُون مرارة الرباط ، و يحتملون شظف العيش ، و لا يلتمسون من الدنيا و حطامها إلا قُدّرَ لهم تحت ظلال الرماح ، يحدو ركبهم خير البشر ، و أمير الظَفَر صلى الله عليه و سلّم ، الذي قال فيما رواه البخاري معلّقاً و أحمد بإسناد صحيح عَنِ عبد الله ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنه عليه الصلاة و السلام : «‏ جُعِلَ رِزْقِى تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِى ،‏ وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي »‏ .‏ فطوبى لمن بايعه على ذلك أو بايع من بايع عليه ، ثبت في الصحيحين و سنن النسائي و الترمذي و مسند الإمام أحمد أن يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْدٍ سأل سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رضي الله عنه : عَلَى أَيِّ شَيءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ؟ ‏ قَالَ : عَلَى الْمَوْتِ .‏
فيا حُسنَها من بَيعةٍ ، و يا طِيبَها من مِيتة ، ترى مَن ارتضوها يمني نفسه و يؤمّل صاحبه في النصر و التمكين ، و يشدّ على يديه مبايعاً على الصبر و الثبات ، فلا يهولهم جَلل المُصاب ، و لا يسوؤهم الوصف بالعنف و الإرهاب ، و لا يزعزع عزائمهم ، أو يفت في عضُدهم ، سفك الدماء و تطاير الأشلاء ، ما دام ذلك في سبيل الله ، ابتغاءَ مَرضاته ، و رَجاء رِضاه .
و لستُ أُبالي حيـنَ أُقْتَـل مُسلمــاً *** على أيّ جنبٍ كان في الله مَصرَعي
و ذلك في ذات الإلـه و إن يشــأ *** يبارك على أوصـال شِلـوٍ مُمَـزّعِ
و إذا كان الحقّ تعالى قد (‏ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) [ التوبة : 111 ] فلا فرق عند من باع نفسه لربّه ، بين رصاصة يستقبلها في صدرِ مقبلٍ غير مدبر ، و بينَ حزامٍ ينسف به الأعداء و إن قطع النياط و مزّق الأشلاء ، ما دام طعم الشهادة واحداً .
إني بذلـت الروح دون كرامـتي *** و سلكتُ دَربَ الموتِ أبغي مَفْخَرا
و غَرَستُ في كـفّ المنيّة مُهجتي *** و رَوَيْتُ بالدم ما غَرَستُ فأزهـرا
هذا فـداء القدس أن يُجدي الفِـدا *** و لتُـربِ كابـولٍ أقدّمُـه قِـرى
روى النسائي و ابن ماجة و أحمد و الدارمي و الترمذي بإسنادٍ صحيح عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «‏ مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَةِ »‏ .‏
غير أنّ من بايعوا الشهيد على هذه الطريق و خَلفوه عليه ، يعزّ عليهم فراقه ، فيبكيه رفاقه ، و يسوؤهم أن لا تُوارى بين ظهرانيهم رُفاته ، و يسوؤنا أكثَر سماع من يشكك في مشروعيّة عَمَله ، و يصدّ الناس عن بلوغ هدفه ، بدعوى أن فعلته انتحاريّة ، و أن ميتته ميتةٌ جاهليّة .
و كفى بهذا التشكيك حافزاً لنا على البحث في مشروعية العمليّات الاستشهاديّة ، من باب إحقاق الحق و نُصرة المظلوم ، و إنزال من جاد بنفسه ، و ضحّى بدمه ، و بذل روحه رخيصةً في سبيل ربّه منزلته التي وُعِدها ، و ذلك من خلال المقاصد التالية :
المقصد الأوّل
في تعريف العمليّات الاستشهاديّة
اصطلاح العمليّات الاستشهاديّة اصطلاح مركب من :
العمليّات ؛ و هي جمع عمليّة : لفظ مشتق من العمل , يصدق على كل ما يُفعل ، و هو من الألفاظ المحدثة , و يُطلَق على جملة أعمال تُحدث أثراً خاصاً , فيقال : عمليةٌ جراحية ، أو عمليّة حربية [ انظر : المعجم الوسيط مادة : عمل ].
و العمليّة بهذه الصيغة مصدر صناعي دال على معنى خاص لم يكن ليدل عليه لولا زيادة الياء و التاء المربوطة في آخره ، و الفرق بين العمل و العملية كالفَرق بين الإنسان و الإنسانية ، و الحزب و الحزبية ، و الحجة و الحجية , و الحكم و الحاكمية ، و الإله و الإلهيّة ، و ما إلى ذلك .
و الاستشهاد : طلب الشهادة ، و هي القتل في سبيل الله .
روى مسلمٌ و أحمد عَنْ أَبِى مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً أَىُّ ذَلِكَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «‏ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي الْعُلْيَا فَهُوَ في سَبِيلِ اللَّهِ »‏ .‏
و عليه فإنّ العمليات الاستشهادية : أعمالٌ مخوصة يقوم بها المجاهد في سبيل الله ، مع التيقّن أو غلبة الظن أنّها تُثْخِن في العدو و يَبلُغ القائم بها مراتب الشهداء بالقتل في سبيل الله .
وهي بصورها العصريّة نمط من أنماط المقاومة الحديثة ، عُرفت بعد اكتشاف المتفجّرات في العصر الحديث ، و اشتهرت بعد أن أصبحت من وسائل ما يُعرف بحروب العصابات ، و سُبِق المسلمون إلى استعمالها ، حيث عُرِفت في الحرب الأهليّة الأمريكيّة و حَرب أمريكا في فيتنام و اليابان ، و أنحاء أخرى من العالم قبل أن يستعملها المسلمون الذين لجؤوا إليها لقلّة البدائل و الوسائل المتاحة في أيديهم ، و عدَم تمكنّهم من الصمود و الوقوف في وجوه الأعداء بإمكانيّاتهم المحدودة ، مؤثرين بالإقدام عليها ميتة العزة و الكرامة في سبيل الله ، على العيش في ذل و هوان ، و كأنّهم يتمثّلون قول الأوّل :
لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ *** و لتَسقني بالعز كأس الحنظلِ

و في المقاصد التالية إن شاء الله تقريرٌ لمشروعيّة هذه العمليّات و فضل القيام بها ، و ما يُحتسب عند الله تعالى من ثواب الشهداء و منازلهم للقائمين بها ابتغاء ما عنده ، قياساً على ما جاء في مسألة المقتحم المغرر بنفسه في صف العدو في كتاب الله تعالى و سنّة نبيّه صلّى الله عليه و سلّم .
المقصد الثاني
الأدلّة على مشروعيّة و فضل الاقتحام على العدو و التغرير بالنفس في ذلك من الكتاب و السنّة و نماذج من سيَر السلف الصالح في إقراره
يدلّ على ما ذهبنا إليه من مشروعيّة و فضل خوض العمليّات الاستشهاديّة ما جاء في قصّة أصحاب الأخدود التي رواهها مسلم و الترمذي و أحمد عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه ، و فيها قَول الغلام للملك : « إِنَّكَ لَسْتَ بقاتلي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ .‏ قال : وَمَا هُوَ قال : تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَتَصْلُبُنِى عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ خُذْ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِى ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قُلْ بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ .‏ ثُمَّ ارْمِنِى فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِى .‏ فَجَمَعَ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ثُمَّ أَخَذَ سَهْماً مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِى كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قال : بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلاَمِ .‏ ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ فِى صُدْغِهِ فَوَضَعَ يَدَهُ فِى صُدْغِهِ فِى مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ فَقَالَ : النَّاسُ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلاَمِ »‏ .‏
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله [ في مجموع الفتاوى : 28 /540 ] بعد ذكر قصّّّة الغلام هذه : ( و فيها أن الغلام أمر بقتل نفسه لأجل لمصلحة ظهور الدين و لهذا أحب الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم فى صف الكفار وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه إذا كان فى ذلك مصلحة للمسلمين ) .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله [ في شرح رياض الصالحين : 1 / 165 ] : ( إن الإنسان يجوز أن يغرر بنفسه في مصلحة عامَّة للمسلمين ، فإن هذا الغلام دلَّ الملك على أمر يقتله به ويهلك به نفسه ، وهو أن يأخذ سهماً من كنانته... الخ ) .
فانظر – رحمك الله – كيف أقدَم الغلام المؤمن على ما من شأنه أن يقتله يقيناً رجاء مصلحةٍ راجحةٍ و هي إسلام قومه ، الذين دخلوا بسببه في دين الله أفواجاً ، و هذا من شرع من قَبلَنا الذي لا ناسخ و لا معارض له في نصوص الكتاب و السنّة ، و الله أعلم .
و قد حَمَل عددٌ من الصحابة الكرام فمن بَعدَهم قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) [ البقرة : 207 ] على من حَمَلَ على العدو الكثير لوحده وغرر بنفسه في ذلك ، كما قال عمر بن الخطاب و أبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة رضي الله عنهم فيما رواه أبو داود والترمذي و ابن حبان و صححه و الحاكم ، [ انظر : تفسير القرطبي 2 / 361 ] .
و روى ابن أبي شيبة في مصنّفه و البيهقي في سننه أنّ هشام بن عامر الأنصاري رضي الله عنه حمل بنفسه بين الصفين على العدو الكثير فأنكر عليه بعض الناس و قالوا : ألقى بنفسه إلى التهلكة ، فرد عليهم عمر بن الخطاب و أبو هريرة رضي الله عنهما بقوله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ) [ البقرة : 207 ] .
و روى القرطبي [ في تفسيره : 2 / 21 ] أنّ هذه الآية نزلت فيمن يقتحم القتال ، ثم ذكر قصّة أبي أيّوب رضي الله عنه .
و عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُفْرِدَ يَوْمَ أُحُدٍ في سَبْعَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا رَهِقُوهُ قَالَ : «‏ مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ أَوْ هُوَ رفيقي في الْجَنَّةِ »‏ .‏ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ رَهِقُوهُ أَيْضاً فَقَالَ : «‏ مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا وَلَهُ الْجَنَّةُ أَوْ هُوَ رفيقي في الْجَنَّةِ »‏ .‏ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَاحِبَيْهِ : «‏ مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا »‏ .‏
و معنى قول أنس : رَهِقوه أي غشيه المشركون و قرُبوا منه ، و قوله صلى الله عليه و سلّم : ( مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا ) أي ما أنصفت قريش الأنصار ، لكون القرشيَّيْن لم يخرجا للقتال , بل خرج الأنصار واحداً تلو الآخر , و روي : ( ما أَنَصَفَنَا ) بفتح الفاء ، و المراد على هذا : الذين فروا من القتال فإنهم لم ينصفوا لفرارهم . [ انظر شرح صحيح مسلم للنووي : 7/430 و ما بعدها ].
و في الصحيحين قصّة حملِ سلمة ابن الأكوع و الأخرم الأسدي و أبو قتادة لوحدهم على عيينة بن حصن و من معه ، و ثناء الرسول صلى الله عليه و سلم عليهم بقوله : «‏ كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ »‏ .‏
قال ابن النحاس [ في مشارع الأشواق : 1 / 540 ] : و في الحديث الصحيح الثابت : أدل دليل على جواز حمل الواحد على الجمع الكثير من العدو وحده ، و إن غلب على ظنه أنه يقتل إذا كان مخلصا في طلب الشهادة كما فعل سلمة بن الأخرم الأسدي ، ولم يعب النبي عليه الصلاة والسلام ولم ينه الصحابة عن مثل فعله ، بل في الحديث دليل على استحباب هذا الفعل و فضله فإن النبي عليه الصلاة والسلام مدح أبا قتادة و سلمة على فعلهما كما تقدم ، مع أن كلاً منهما قد حمل على العدو وحده و لم يتأنّ إلى أن يلحق به المسلمون .اهـ .
و روى أحمد في المسند عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ قَالَ قُلْتُ لِلْبَرَاءِ بن عازب رضي الله عنه : الرَّجُلُ يَحْمِلُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَهُوَ مِمَّنْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ ؟ قَالَ : لاَ لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : (‏ فَقَاتِلْ في سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ )‏ [ النساء : 84 ] إِنَّمَا ذَاكَ في النَّفَقَةِ .
و روى هذا الأثر ابن حزم [ في المحلى : 7/294 ] عن أبي إسحاق السبيعي قال : سمعت رجلاً سأل البراء بن عازب : أرأيت لو أن رجلاً حمل على الكتيبة ، وهم ألف ، ألقى بيده إلى التهلكة ؟ قال البراء : لا ، ولكن التهلكة أن يصيب الرجل الذنب فيلقي بيده ، ويقول : لا توبة لي .
قال ابن حزم : و لم ينكر أبو أيوب الأنصاري ، و لا أبو موسى الأشعري أن يحمل الرجل وحده على العسكر الجرار ، و يثبت حتى يقتل .
و في الباب أيضاً ما رواه أبو داوود و الترمذي بإسناد صحيح عَنْ أَسْلَمَ أَبِى عِمْرَانَ التُّجِيبِىِّ قَالَ كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيماً مِنَ الرُّومِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُهُمْ أَوْ أَكْثَرُ وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ فَصَاحَ النَّاسُ وَقَالُوا سُبْحَانَ اللَّهِ يُلْقِى بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِىُّ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ هَذَا التَّأْوِيلَ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلاَمَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلاَمَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ فَلَوْ أَقَمْنَا في أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا .‏ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا (‏ وَأَنْفِقُوا في سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ )‏ [ البقرة : 195 ] فَكَانَتِ التَّهْلُكَةُ الإِقَامَةَ عَلَى الأَمْوَالِ وَإِصْلاَحَهَا وَتَرَكْنَا الْغَزْوَ فَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوبَ شَاخِصاً فِى سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِأَرْضِ الرُّومِ .‏ قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ .‏
و في مصنف ابن أبي شيبة أنّ معاذ بن عفراء رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، مايضحك الرب من عبده ؟ قال : غمسه يده في العدو حاسراً . قال : فألقى درعاً كانت عليه ، فقاتل حتى قتل . [ و في إسناد هذا الحديث مقال رغم تصحيح ابن حزم له في المحلى : 7/294 ، و روي بأسانيد أُخر في تاريخ الطبري : 2/33 ، و سيرة ابن هشام : 3/175 ] .
و في سير السلف الصالح من لدُن الصحابة الكرام فمن بعدهم رضي الله عنهم أجمعين صورٌ رائعة ، و نماذج فريدة ، و أدلةٌ ساطعة على العمل الاستشهاديّ و مشروعيّته ، و من ذلك :
ما جاء في قصّة تحصن بني حنيفة يوم اليمامة في بستان لمسيلمة كان يُعرف بحديقة الموت , فلمّا استعصى على المسلمين فتحه ، قال البراء بن مالك رضي الله عنه ( و هو ممّن إذا أقسم على الله أبَرّه ، كما في سنن الترمذي بإسناد صحيح ) لأصحابه : ضعوني في الجَحَفَة – أو قال : في ترسٍ ، و هما بمعنىً - و ألقوني إليهم فألقوه عليهم فقاتلهم حتى فتح الباب للمسلمين [رواه البيهقي في سننه الكبرى: 9/44 ، و القرطبي في تفسيره : 2 / 364 ، و انظره في أسد الغابة و تاريخ الطبري مفصّلاً ].
و روى الطبري [ في تفسيره : 2/363 ] أنّ خيل المسلمين نفرت من فيلة الفرس لما لقيهم المسلمون في وقعة الجسر , فعمد رجل من المسلمين فصنع فيلا من طين و آنس به فرسه حتى ألفه , فلما أصبح لم ينفر فرسه من الفيل , فحمل على الفيل الذي كان يقدم فيلة العدو فقيل له : إنه قاتلك . فقال : لا ضير أن أُقتل ويفتح للمسلمين .
و هذا الفعل ليس له في لغة الإعلام المعاصر تسمية يعرف بها إلا أن يكون عمليّة استشهادية يسميها العلمانيون فدائيّة أو انتحاريّة .
قلتُ : وجهُ الاستدلال بما رُوي و الاستئناس بما قيل في مسألة حمل المجاهد المقتحم على العدو العظيم لوحده أو الانغماس في الصف و تغرير النفس و تعريضها للهلاك بغلبة الظن أو التيقّن عدم الفارق بينها و بين العمليّات الاستشهاديّة في العصر المحاضر ، حيث ينغمس المجاهد بين الكفار ، أو يقبل عليهم مقتحماً مغرراً بنفسه لينكي بهم و يوقع فيهم القتل والإصابة و يشرّد بهم من خلفهم .
و لا أزعم في هذه العجالة إجماعاً على مشروعية الاقتحام و التغرير بالنفس للإنكاء بالعدو و ما يقاس عليها من عمليات الاستشهاديين ، بل المسألة خلافيّة ، و سيأتي عرض الإمام القرطبي لقول المخالف فيها ، و ذهابه مذهب الجمهور في القول بمشروعيتها و جواز الإقدام عليها ، إن شاء الله .
المقصد الثالث
حكاية الإجماع على مشروعيّة تقحّم المهالك في الجهاد
نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله [ في الفتح : 12 / 316 ] عن المهلب قوله : ( و قد أجمعوا على جواز تقحّم المهالك في الجهاد ) .
و روى ابن النحاس [ في مشارع الأشواق : 1 / 588 ] مثل ذلك عن المهلب .
و حكى الإمام النووي رحمه الله [ في شرح مسلم : 12 / 187 ] الاتفاق على التغرير بالنفس في الجهاد .
قلت : و في الإجماع المحكي إن ثبت إحقاق الحقّ إن شاء الله .
المقصد الرابع
في ذكر طائفة من أقوال السلف و الأئمة المتقدمين في هذا الباب
لم يَرَ جمهور أهل العلم المتقدمين بأساً في جواز الاقتحام و لو أدى إلى مهلكة ، بل حكي استحباب ذلك عن أئمة المذاهب الأربعة ، كما في كلام شيخ الإسلام ابن تيميّة المتقدّم عند ذكر قصّة الغلام .
و لبيان ذلك أقتطف ما تيسّر من كتب المذاهب المعتمدة فأقول :
جاء في كتاب المبسوط للإمام السرخسي ( و هو من الحنفية ) : ( لو حمل الواحد على جمع عظيم من المشركين فإن كان يعلم أنه يصيب بعضهم أو يُنكي فيهم نكاية فلا بأس بذلك ، و إن كان يعلم أنه لا ينكى فيهم فلا ينبغي له أن يفعل ذلك ) . [ المبسوط ، للسرخسي : 10/76 ] .
و ذَكَر الجصّاص في تفسيره ن محمد بن الحسن الشيباني صاحبَ أبي حنيفة ذكر في السير الكبير أن رجلا لو حمل على ألف رجل و هو وحده ، لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية ، فإن كان لا يطمع في نجاة و لا نكاية فإني أكره له ذلك ، لأنه عرض نفسه للتلف بلا منفعة للمسلمين ، و إنما ينبغي للرجل أن يفعل هذا إذا كان يطمع في نجاة أو منفعة للمسلمين ، فإن كان لا يطمع في نجاة و لا نكاية و لكنه يجرِّيء المسلمين بذلك حتى يفعلوا مثل ما فعل ، فيقتلون و ينكون في العدو فلا بأس بذلك إن شاء الله ، لأنه لو كان على طمع من النكاية في العدو و لا يطمع في النجاة لم أر بأسا أن يحمل عليهم ، فكذلك إذا طمع أن يُُُنْكِِِِيَ غيره فيهم بحملته عليهم فلا بأس بذلك ، و أرجو أن يكون فيه مأجورا ، و إنما يكره له ذلك إذا كان لا منفعة فيه على وجه من الوجوه ، و إن كان لا يطمع في نجاة و لا نكاية و لكنه مما يرهب العدو فلا بأس بذلك لأن هذا أفضل النكاية و فيه منفعة للمسلمين [ أحكام القرآن للجصاص : 1 / 327 ].
و وافقه الجصاص فقال [ في أحكام القرآن ، له : 1 / 328 و ما بعدها ]:
والذي قال محمد من هذه الوجوه صحيح لا يجوز غيره ، و على هذه المعاني يحمل تأويل من تأوّل في حديث أبي أيوب أنه ألقى بيده إلى التهلكة ، بحمله على العدو إذ لم يكن عندهم في ذلك منفعة ، و إذا كان كذلك فلا ينبغي أن يتلف نفسه ، بدون منفعة عائدة على الدين و لا على المسلمين ، فأما إذا كان في تلف نفسه منفعة عائدة على الدين فهذا مقام شريف مدح الله به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( إنَّ اللَّهِ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) [ التوبة : 111 ] ، و قال : (و لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) [ آل عمران : 169 ] ، و قال : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ ) [ البقرة : 207 ] ، في نظائر ذلك من الآي التي مدح الله فيها من بذل نفسه لله .اهـ.
و ممّن انتصر لذلك الإمام الشافعي رحمه الله حيث قال [ في كتاب الأم : 4/169 ] : ( لا أرى ضيقاً على الرجل أن يحمل على الجماعة حاسراً ، أو يبادر الرجل و إن كان الأغلب أنه مقتول , لأنه قد بودر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و حَمَل رجل من الأنصار حاسراً على جماعة من المشركين يوم بدر بعد إعلام النبي صلى الله عليه وسلم بما في ذلك من الخير فقُتِل ) .
و في كلام الشافعي إشارة إلى ما رواه مسلم في صحيحه و أحمد في مسنده من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ المتقدّم .
و قال الإمام النووي رحمه الله [ في باب ثبوت الجنة للشهيد من شرح مسلم : 13 / 46 ] بعد ذِكر قصّة صاحب التَمرات : فيه جواز الانغماس في الكفار والتعرض للشهادة وهو جائز بلا كراهة عند جماهير العلماء . اهـ .
و في كتاب الفروع لابن مفلح الحنبلي [ 6 / 189 ] : ( قال و لو حمل على العدو و هو يعلم أنه لا ينجو لم يُعِن على قتل نفسه و قيل : له – أي للإمام أحمد - يحمل الرجل على مائة ؟ قال : إذا كان مع فرسان ، و ذكر شيخنا أنّه يستحب انغماسه لمنفعة للمسلمين و إلا نهى عنه و هو من التهلكة ) .
قال أبو عبداللّه القرطبي [ في تفسيره : 2 / 363 و ما بعدها ] : اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده ، فقال القاسم بن مخيمرة والقاسم بن محمد وعبد الملك من علمائنا : لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم ، إذا كان فيه قوة ، وكان للّه بنيّة خالصة ، فإن لم تكن له قوة فذلك من التهلكة ، و قيل : إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل ؛ لأن مقصوده واحد منهم . اهـ .
ثمّ نقل [ في تفسيره أيضاً : 2 / 364 ] قول بعض المالكيّة : إن حمل على المائة أو جملة العسكر و نحوه و علم أو غلب على ظنه أنه يقتل ، و لكن سينكي نكاية أو يؤثر أثرا ينتفع به المسلمون فجائز ، و نقل أيضا عن محمد بن الحسن الشيباني قوله : لو حمل رجل واحد على الألف من المشركين وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو ، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه ؛ لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين ، فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه فلا يبعد جوازه ؛ لأن فيه نفعاً للمسلمين على بعض الوجوه ، فإن كان قصده إرهاب العدو ليعلم العدو صلابة المسلمين في الدين ، فلا يبعد جوازه إذا كان فيه نفع للمسلمين ، فَتَلَفُ النفس لإعزاز دين اللّه وتوهين الكفر ؛ هو المقام الشريف الذي مدح اللّه به المؤمنين في قوله : ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ) [ المائدة : 111 ] ، إلى غيرها من آيات المدح التي مدح اللّه بها من بذل نفسه ، وعلى ذلك ينبغي أن يكون حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) .
إلى أن قال [ في تفسيره : 2/364 ] : ( و الصحيح عندي جواز الاقتحام على العساكر لمن لا طاقة له بهم , لأنّ فيه أربعة وجوه :
الأول: طلب الشهادة .
الثاني: وجود النكاية .
الثالث : تجرئة المسلمين عليهم .
الرابع : ضعف نفوسهم ليروا أنّ هذا صنع واحد فما ظنك بالجمع ) .
و ذكر هذه الوجوه الأربعة أيضاً ابن العربي [ 1/166 ] .
و أختم بقول شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله : ( و أما قوله : أريد أن أقتل نفسي في الله فهذا كلام مجمل ؛ فإنه إذا فعل ما أمره الله به فأفضي ذلك إلى قتل نفسه فهذا محسن في ذلك ، مثل من يحمل على الصف وحده حملاً فيه منفعة للمسلمين و قد اعتقد أنه يقتل فهذا حسن ... ومثل ما كان بعض الصحابة ينغمس في العدو بحضرة النبي صلى الله عليه و سلّم ، و قد روى الخلال بإسناده عن عمر بن الخطاب أن رجلاً حمل على العدو وحده فقال الناس : ألقى بيده إلى التهلكة فقال عمر لا و لكنه ممن قال الله فيه : ( وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) [ البقرة : 207 ] ) [ مجموع الفتاوى 25 / 279 ] .
المقصد الخامس
أقوال بعض أهل العلم المعاصرين في حكم العمليّّّات الاستشهاديّة
و من أهل العلم المعاصرين من له في المسألة قولان كعلامّة نجد الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله ، و ما أحد قوليه بأولى من الآخر إذ إنّّّه يبني حكمه على مراعاة المصالح و المفاسد ، فقد سُئل [ في اللقاء الشهري العشرين ] عن شابّ مجاهد فَجَّرَ نفسه في فلسطين فقَتَل و أصاب عَشرات اليهود ، هل هذا الفعل يعتبر منه انتحاراً أم جهاداً ؟ فأجاب بقوله : ( هذا الشاب الذي وضع على نفسه اللباس الذي يقتل ، أول من يقتل نفسه ، فلا شك أنه هو الذي تسبب في قتل نفسه ، و لا تجوز مثل هذه الحال إلا إذا كان في ذلك مصلحة كبيرة للإسلام ، فلو كانت هناك مصلحة كبيرة ونفع عظيم للإسلام ، كان ذلك جائزاً ) .
فانظر - رحمك الله - كيف راعى المصالح في حُكمه ، و بنى على تحقيق مصلحة كبيرةٍ و نفع عظيم للإسلام قوله ( كان ذلك جائزاً ) ، و اضبط بهذا الضابط سائر كلامه و فتاواه و إن كان ظاهرها التعارض ، ليسهُل عليك الجَمع ، و يزول عنك اللبس ، فإن الجواب بحسب السؤال ، و الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوّره .
و مثل هذا الكلام يقال عن موقف محدّث الديار الشاميّة العلامّة الألباني ، الذي تعرّض رحمه الله إلى تطاول السفهاء و المتعالمين فنسبوا إليه زوراً و بهتاناً أنّه حكم على من يُقتل في عمليّة تفجير استشهاديّة يقوم بها في صفوف العدو بالانتحار ، و الشيخ بريء من ذلك براءةَ الذئب من دم يوسف ، و من فتاواه النيّرة في هذا الباب ما هو مثبت بصوته [ في الشريط الرابع و الثلاثين بعد المائة من سلسلة الهدى والنور ] حيث سُئل رحمه الله سؤالاً قال صاحبه : هناك قوات تسمى بالكوماندوز ، يكون فيها قوات للعدو تضايق المسلمين ، فيضعون – أي المسلمون - فرقة انتحارية تضع القنابل و يدخلون على دبابات العدو، و يكون هناك قتل... فهل يعد هذا انتحاراً ؟
فأجاب بقوله : ( لا يعد هذا انتحاراً ؛ لأنّ الانتحار هو: أن يقتل المسلم نفسه خلاصاً من هذه الحياة التعيسة ... أما هذه الصورة التي أنت تسأل عنها ... فهذا جهاد في سبيل اللّه... إلا أن هناك ملاحظة يجب الانتباه لها ، وهي أن هذا العمل لا ينبغي أن يكون فردياً شخصياً ، إنما يكون بأمر قائد الجيش ... فإذا كان قائد الجيش يستغني عن هذا الفدائي ، ويرى أن في خسارته ربح كبير من جهة أخرى ، وهو إفناء عدد كبير من المشركين و الكفار، فالرأي رأيه و تجب طاعته ، حتى و لو لم يَرضَ هذا الإنسان فعليه الطاعة ... ) .
إلى أن قال رحمه الله : الانتحار من أكبر المحرمات في الإسلام ؛ لأنّه لا يفعله إلا غضبان على ربه ولم يرض بقضاء اللّه ... أما هذا فليس انتحاراً ، كما كان يفعله الصحابة يهجم الرجل على جماعة من الكفار بسيفه ، و يُعمِل فيهم السيف حتى يأتيه الموت و هو صابر ، لأنه يعلم أن مآله إلى الجنة ... فشتان بين من يقتل نفسه بهذه الطريقة الجهادية و بين من يتخلص من حياته بالانتحار ، أو يركب رأسه ويجتهد بنفسه ، فهذا يدخل في باب إلقاء النفس في التهلكة ) .
و هذا تفصيل و تفريق دقيق بين العمليّات الانتحاريّة ، و تلك الجهاديّة الاستشهادية من وُفّق لفهمه ، صان لسانه من الافتئات على علماء الأمّة ، و من أشكل عليه ، أو توهّم الإشكال فيه وَقَع في أعراضهم ، و ربّما ظنّ أو حسِبَ نَفسه مدافعاً منافحاً عنهم ، و كان من الذين يحسبون أنّهم يُحسنون صُنعاً .
و يلزم من كلام الشيخ ناصر رحمه الله أنّه لا بدّ في العمليّات الاستشهاديّة من التفريق بين من يجتهد من العوام من تلقاء نفسه ، و بين من يقوم بعمليّة استشهاديّّّة رُتّب لها ، و أمر بها الأمير ، لأنّ طاعة الأمير واجبةٌ ، بل هي من طاعة الله تعالى ، و يغلب على الظنّ أن العمليّات الفرديّة غير المنظمة لا تجدي نفعاً ، بل تجر المسلمين إلى مفاسد عظيمة في الغالب ، لذلك جرى التفريق بين الحالتين .
قلت ُ : جاء اشتراط إذن الأمير عند من أوجَبه في الاقتحام قياساً على اشتراط ذلك في المبارزة ، و لست أذهبُ إليه لتخلّف علّة الاشتراط في عمليّات الاقتحام ، و قد أجاد ابن قدامة المقدسي رحمه الله التفريق بين المسألتين فقال بعد أن قرر وجوب إذن الأمير للمبارز : ( و لنا أن الإمام أعلم بفرسانه و فرسان العدو و متى برز الإنسان إلى من لا يطيقه كان معرضاً نفسه للهلاك فيَكسِر قلوب المسلمين ، فينبغي أن يفوض ذلك إلى الإمام ليختار للمبارزة من يرضاه لها ، فيكون أقرب إلى الظفر ، و جبر قلوب المسلمين ، و كسر قلوب المشركين . فإن قيل : قد أبحتم له أن ينغمس في الكفار و هو سبب لقتله ، قلنا : إذا كان مبارزاً تعلقت قلوب الجيش به ، و ارتقبوا ظفره ، فإن ظفر جَبَرَ قلوبهم ، و سرَّهم ، و كسر قلوب الكفار ، و إن قُتِل كان بالعكس ، و المنغمس يطلب الشهادة لا يُتَرقَّبُ منه ظفر و لا مقاومة فافترقا ) [ المغني ، لابن قدامة : 9 / 176 ] .
و يا لَرَوعة قول الشافعي في كتاب السير [ كما في مختصر المزني نقلاً عن الأم ، له ] في مسألة اشتراط الإمام و إذنه في الغزو : وَإِنْ غَزَتْ طَائِفَةٌ بِغَيْرِ أَمْرِ الإمَامِ كَرِهْتُهُ لِمَا فِي إذْنِ الإمام مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِغَزْوِهِمْ وَمَعْرِفَتِهِمْ وَيَأْتِيهِ الْخَبَرُ عَنْهُمْ فَيُعِينُهُمْ حَيْثُ يُخَافُ هَلَاكُهُمْ فَيُقْتَلُونَ ضِيعَةً . ( قَالَ الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا أَعْلَمُ ذَلِكَ يُحَرَّمُ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الأنصار : إنْ قُتِلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا ؟ قَالَ فَلَكَ الْجَنَّةُ قَالَ فَانْغَمَسَ فِي الْعَدُوِّ فَقَتَلُوهُ وَأَلْقَى رَجُلٌ مِنْ الأنصار دِرْعًا كَانَ عَلَيْهِ حِينَ ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَنَّةَ ثُمَّ انْغَمَسَ فِي الْعَدُوِّ فَقَتَلُوهُ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فَإِذَا حَلَّ لِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى مَا الأغلب أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَهُ كَانَ هَذَا أَكْثَرَ مِمَّا فِي الانْفِرَادِ مِنْ الرَّجُلِ وَالرِّجَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الإمام . وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ وَرَجُلًا مِنْ الأنصار سَرِيَّةً وَحْدَهُمَا وَبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ سَرِيَّةً وَحْدَهُ فَإِذَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَسَرَّى وَاحِدٌ لِيُصِيبَ غِرَّةً وَيَسْلَمَ بِالْحِيلَةِ أَوْ يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَحُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّ مَا أَوْجَفَ الْمُسْلِمُونَ غَنِيمَةٌ .
و قال أيضاً : وَإِذَا غَزَا الْمُسْلِمُونَ بِلَادَ الْحَرْبِ فَسَرَتْ سَرِيَّةٌ كَثِيرَةٌ أَوْ قَلِيلَةٌ بِإِذْنِ الإمام أَوْ غَيْرِ إذْنِهِ فَسَوَاءٌ وَلَكِنِّي أَسْتَحِبُّ أَنْ لَا يَخْرُجُوا إلا بِإِذْنِ الإمام ... وأمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ فَلَا أَعْلَمُهُ يَحْرُمُ ) . و استدلّ رحمه الله لذلك بالحديث المتقدّم ، و أضاف إليه ( أَنَّ رَجُلًا مِنْ الأنصار تَخَلَّفَ عَنْ أَصْحَابِهِ بِبِئْرِ مَعُونَةَ فَرَأَى الطَّيْرَ عُكُوفًا عَلَى مُقْتَلَةِ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لِعَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ سَأَتَقَدَّمُ إلَى هَؤُلَاءِ الْعَدُوِّ فَيَقْتُلُونِي وَلَا أَتَخَلَّفُ عَنْ مَشْهَدٍ قُتِلَ فِيهِ أَصْحَابُنَا فَفَعَلَ فَقُتِلَ فَرَجَعَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِيهِ قَوْلًا حَسَنًا وَ يُقَالُ : فَقَالَ لِعَمْرٍو فَهَلَّا تَقَدَّمْت فَقَاتَلْت حَتَّى تُقْتَلَ ؟ } فَإِذَا حَلَّ الرَّجُلُ الْمُنْفَرِدُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْجَمَاعَةِ , الأغلب عِنْدَهُ وَعِنْدَ مَنْ رَآهُ أَنَّهَا سَتَقْتُلُهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَآهُ حَيْثُ لَا يَرَى وَلَا يَأْمَنُ كَانَ هَذَا أَكْثَرَ مِمَّا فِي انْفِرَادِ الرَّجُلِ وَالرِّجَالُ بِغَيْرِ إذْنِ الإمام [ الأم ، للشافعي : 4 / 242 ] .
و من المقرر في مواضعه من كتب الفقه و السياسة الشرعيّة اشتراط الأمير – عند من اشترطه - في جهاد الطلب ، أمّا جهاد الدَفع فلا يحتاج إلى إذن الأمير و لا إلى وجوده أصلاً ، و يغلب على الظن أن الجهاد القائم في بلاد المسلمين اليوم هو من قبيل جهاد الدفع ، و الله المستعان ، فتَنَبّه !!
و مع ذلك نحسب أنّ إخواننا في بيت المقدس و أكناف بيت المقدس على علم بهذا و ليسوا سراة لا أمير لهم ، و الله حسيبنا و حسيبهم .
المقصد السادس
دلالة القواعد الفقهيّة و الأصوليّة على مشروعيّة العمليّات الاستشهاديّة
استقرّت القاعدة الفقهيّة ، على أنّ الأعمال بالنيّة ، لما رواه البخاري في الصحيح و مسلم في المقدمة و أبو داوود و ابن ماجة في سننهما عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -‏ رضى الله عنه -‏ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : «‏ إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ،‏ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى »‏ .
قال الحافظ ابن حَجَر في الفتح [8/185 و ما بعدها ] مُنيطاً الحُكمَ بقَصد صاحبهِ : أما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو ، فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته ، و ظنه أنه يرهب العدو بذلك ، أو يجرِّئ المسلمين عليهم ، أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن ، ومتى كان مجرد تهوّر فممنوع ، ولا سيما إن ترتّب على ذلك وهن في المسلمين ، واللّه أعلم .اهـ.
قلتُ : و إذا كانت النفس البشريّة مُلكاً لبارئها و خالقها ، و العبدَ مؤتَمَناً عَليها ، مسؤولاً عنها ، فليس له أن يتعدّى عليها فيؤذيها أو يزهقها بغير حقّ ، فإن أداء الأمانة في أسمى صُوَرها ، يكون بِبَذلِها لصاحبها و مالكها ، فمن جاد بنفسه طواعيةً في سبيل الله فقد أدّى ما عليه و أمره إلى الله .
و من التجنّي و مجاوزة الحق ؛ أن نحكم بالانتحار على من يريد الشهادة و يبذل نفسه في سبيل الله ، تحكّماً منّا في نيّته ، و حكماً على سريرته و ما في قلبه بغير علم ، مع علمنا أنّه لو أراد الانتحار لسلك إليه طرقاً أخرى و ما أكثرها و أيسرها .
كما يُستدلّ على مشروعيّة العمل الاستشهادي بقاعدة ( ما لا يتمّ الواجب إلا به فهو واجب ) المقرّرة عند الأصوليين ، ففي زمن الخَوَر و الضعف و الدَعة ، بل الصدّ عن الجهاد و التآمر على أهله ، و قطع السبل المفضية إليه ، مع الإقرار بوجوبه و تعيّنه ، لا يجد المجاهدون سبيلاً لمقارعة العدو و كسر شوكته ، سوى الاقتحام بأنفسهم في صفوفه ، رجاء ردّه على أعقابه ، و احتساب الشهادة لمن يقضي في تلك العمليات من المسلمين ، إذ لا بديل عن ذلك ، و لا سبيل للجهاد سوى هذا السبيل ، في ظل الظروف الراهنة ، فيُشرع العمل بهذه الصورة استناداً إلى القاعدة المتقدّمة الذِكر .
جاء في أضواء البيان للشيخ محمد الأمين بن المختار الشنقيطي رحمه الله عند تفسير قوله تعالى : ( مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ) [ الحشر : 5] : إنّ الإذن بالقتال إذن بكل ما يتطلبه , بناء على قاعدة : الأمر بالشيء أمر به و بما لا يتم إلا به . اهـ.
و هاهنا شبهة يحسن الردّ عليها ، و هي أنّ بعض المعاصرين أفتى بأن المقدم على الاقتحام في عمل استشهادي ، منتحر قاتل لنفسه ، مستحقّ للوعيد يوم القيامة .
و نذكّر من هذا مذهبه بقول علماء الأصول : ( لا قياس مع الفارق ) ، فكيف يُقاس من طلب الشهادة بتفجير نفسه إيماناً و احتساباً في العملية الاستشهادية ، و يٌقبل على الله بنفس مطمئنّة فرحة مستبشرة متطلعة للشهادة والجنة و ما عند الله في الآخرة ، و نصرة الدين و النكاية بالعدو و الجهاد في سبيله في الدنيا بمن قتل نفسه جزعاً و قنوطاً أو تسخطا على القدر و اعتراضا على المقدور أو استعجالا للموت أو تخلصا من الآلام و العذاب أو يأسا من الشفاء ، بنفس خائفة يائسة ساخطة لا يستوون ، فقد قال تعالى : ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ) ، و قال تعالى : ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) .
و أما من قاس العمليّة الاستشهاديّة على الانتحار ، و ألحقها به في الحكم ؛ بدعوى أنّ من يفجّر نفسه بين عناصر العدو يشبه المنتحر من جهة مباشرته قتل نفسه بيده أو بما يحمله من متفجّرات ، لا بيد عدوّه أو سلاحه ، فقد أبعَد النجعةَ و أفسدَ القياسَ ، لأنّه لم يعِ مراد الأصوليين من تعريف للقياس بقولهم : هو إلحاق فَرعٍ بأصلٍ في الحُكم لعلّةٍ جامعة بينهما ، و بالتالي لم يُفرّق بين العلّة و الصفة ، فظنّ أنّ كلا الأمرين انتحار ، لأنّ فيه مباشرة للقتل ، و غاب عليه أنّ العلّة التي دَفَعت المنتحر إلى إزهاق روحه ، هي التخلّص من الحياة اعتراضاً على القَدَر ، و سخطاً على ما لحقه من قضاء الله و قَدَره ، و هذا خلاف ما تقدّم بيانه من دوافع المجاهد لبذل روحه في سبيل الله .
و إذا سلّمنا جَدَلاً أو تنزُّلاً بأنّ العلّة في الانتحار هي مباشرة المنتحر قتل نفسه ، فما ظنّكم بمن يعترض سبيل سيارة أو قطار كما هو الشائع عند المنتحرين في الغرب اليوم ، ألا يُعدُّ منتحراً رغم أنّه لم يحمل أداة القتل بيده ، و لم يباشر قتل نفسه بِسُمٍّ تَحَسَّاهُ ، أو حَدِيدَةٍ تَوَجَّأَ بِهَا فِي بَطْنِهِ ، و ما تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ؟
المقصد السابع
مراعاة المصالح و المفاسد في الحكم على العمليّات الاستشهاديّة
إنَّ الحُكمَ على أفعال العباد تراعى فيه المصالح و المفاسد ، فلا يشرع منها ما يغلب على الظن أو يٌتَيَقَّن أنّه يؤدي إلى مفسدة ، تماماً كما هو الحال في باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .
قال أبو حامد الغزّالي - رحمه اللّه – [ في الإحياء 7 / 26 من الطبعة المنشورة مع شرحها و هو الإتحاف ] : ( لا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار و يقاتل ، و إن علم أنه يقتل ، و كما أنه يجوز أن يقاتل الكفار حتى يقتل جاز -أيضاً- ذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولكن لو علم أنه لا نكاية لهجومه على الكفار ، كالأعمى يطرح نفسه على الصف ، أو العاجز ، فذلك حرام ، وداخل تحت عموم آية التهلكة ، وإنما جاز له الإقدام إذا علم أنه لا يُقْتل حتى يَقْتل ، أو علم أنه يكسر قلوب الكفار بمشاهدتهم جرأته ، واعتقادهم في سائر المسلمين قلةَ المبالاة ، وحبَّهم للشهادة في سبيل اللّه ، فتُكسَرُ بذلك شوكتهم ) .
قلتُ : نَظَراً لحساسية الوضع و دقّته ، و اختلاف النظرة بين الناس في ما يترتب عليه من المصالح و المفاسد فإنّ من الفقه في الدين و التبصّر في الواقع الرجوع إلى أهل الخبرة و الدراية في هذا الباب من عسكريين و إعلاميين و ساسة ، و قد ألفيناهم شبه شبه مجمعين على أن هذه العمليات لا تحرر أرضاً ، و لا تردُّ عدُوّاً ، و لا تعيد حقاً مغتصباً ، و لكنّها تثخن في العدو فتكفأ قَدره ، و تحط قَدره ، و تشيع البلبلة و التخويل في صفوفه ، و تزعزع أركانه و لو بقَدَر ، و هذه بعض محاسنها .
و مع ما قد يترتب عليها من زيادة صَلَف العدو و تجبّره و فتكه و انتقامه ، فإن الواقع أثبت عِظَم المنفعة و رجوح المصلحة على المفسدة و الحمد لله .
و من منظار المصالح و المفاسد أيضأ ، نرى أنّ الحرص على الشهادة يعوّض نقص العدة و العدد , و يؤثر في العدو أبلغ الأثر المادي و المعنوي ، و من أمثلة ذلك ما نشهده في بيت المقدس و أكناف بيت المقدس ، و ما شهدناه في جنوب السودان من عمليات الدبابين التي ترجمت واقعياً أنّ حبّ المسلم للشهادة يفوق تمسّك الكافر بالحياة .
و يترتّب على هذه العمليّات إرهاب العدو و إرعابه ، و هذا مقصدٌ شرعي ، قال تعالى : (‏ سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ )‏ و قال سبحانه : ( فإما تثقفنّهم في الحرب فشرِّد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون ) [ الأنفال : 57 ] .
و روى البخاري و غيره عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلّم قال :‏ «‏ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ »‏ ، و لا أبلغ في إيقاع الرعب في صفوف العدو من الإقدام على الموت بطمأنينةِ من باع نفسه لله .
و كفى مثالاً على جدوى العمليّات الاستشهاديّة و بالغِ أثَرِها في العصر الحديث ، أنّها أرغمت أنوف القادةِ الروس على إنهاء حربهم الأولى على الشيشان قبل عِدّة سنوات ، و أتت بهم صاغرين إلى التفاوض مع المجاهدين . و قد تمخّضت المفاوضات يومئذٍ عن هدنة السنوات الخمس ، التي ردّت الروس على أدبارهم ، و قَلَبتهم على أعقابهم ، لا يلوون على شيء ، و لا يتطلّعون إلى أكثر من حقن دماء من تبقّى من جهودهم ، بعد أن دبّ الرُّعب في صفوفهم ، و فرّق الذعر رأيهم ، و أطاش رَميَهم .
و لا يمنع من ذلك ما يراه الناظر بعينٍ واحدة ، من همجيّة الرد ، و عنجهيّة العدو ، فإنّ هذه سنّة الله في عباده ، و لنا العزاء في قوله تعالى : ( إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ و تِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ) [ آل عمران : 140 ] و قوله سبحانه : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) [ آل عمران : 173 ] ، و قوله جلّ شأنه : ( إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ) [ النساء : 104 ] .
و نحن نعذر من لم يرَ في العمليّات الاستشهاديّة جدوى ، و لم يُعلّق عليها أملاً و إن كان صغيراً ، لأن الثمرة اليانعة التي رآها المجاهدون عَياناً في عمليّاتهم ، قد تكون خافيّةً على غيرهم ، و خاصّة أولئك الذين قعدوا مع القاعدين ، لأنّ ( الخفاء و الظهور من الأمور النسبيّة ، فربّما ظهر لِبَعض الناس ما حفي على غَيرِه ، و يَظهَر للإنسان الواحد في حالٍ ما خَفيَ عليه في حالٍ أخرى ، و أيضاً فالمقدّمات و إن كانت خفيّةً فقد فقد يُسلّمها بعض الناس ، و يُجادل فيما هو أجلى منها ، و قَد تفرَح النفس بما علِمته من البحث و النظر ما لا تَفرَح بما عَلِمَته من الأمور الظاهرة ) [ شرح العقيدة الطحاوية ، لابن أبي العزّ الحَنَفي ، ص : 112 ] .
المقصد الثامن
في ما يتعلّق بقتل المدنيين في هذه العمليّات
لا حجّة لمن يُنكر العمليّات الاستشهاديّة بدعوى أنّها تستهدف ( أو يقع من ضحاياها بعض ) المدنيين ، و النساء و الأطفال و الشيوخ غير المحاربين ، فقد روى الشيخان و أبو داوود و الترمذي و ابن ماجة و أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ -‏ رضى الله عنهم -‏ قال : مَرَّ بي النبي صلى الله عليه وسلم بِالأَبْوَاءِ -‏ أَوْ بِوَدَّانَ -‏ وَ سُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ،‏ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَ ذَرَارِيِّهِمْ قَالَ : «‏ هُمْ مِنْهُمْ »‏ .‏ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : «‏ لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه و سلم »‏ .‏
و من هذا الحديث الشريف أخذ العلماء جواز التبييت في الحرب . قال الإمام أحمد : لا بأس بالبيات وهل غزو الروم إلا البيات ، و قال : لا نعلم أحداً كره البيات . [ انظر : المغني مع الشرح الكبير : 10 / 503 ].
هذا مع ما في التبييت من مخاطرة بغير المحاربين نساءً و أطفالاً و شيوخاً ، فالنص يقطع دابر الخلاف في المسألة ، و يجعلهم سواء .
و روى الترمذي عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نَصَبَ الْمَنْجَنِيقَ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ .‏ و معلوم أن الرمي بالمنجنيق يقع على كلّ من في الحصن ، و بثبوته يبطل التفريق بين المحاربين و بين ذويهم ، و الله أعلم .
بل يزاد على ذلك أن العبرة في التعامل مع العدو ليست بتقسيمهم إلى فسطاطين لا ثالث لهما ، بل يُلحق بالمحاربِ المساندُ بالرأي و المال ، لِفعل النبيّ صلى الله عليه و سلّم مع بني قريظة ، حيث قَتَل مقاتِلَتهم ( و هم القادرون على حمل السلاح من الرجال ) و لم يكن يسأل القُرَظيّ : أحاربتَ أم لا ؟
ثمّ إن دماء الكافرين لا يحصنها إلا عقد الذمّة أو الأمان ، فهل لدى اليهود في فلسطين شيء من ذلك ؟
المقصد التاسع و الأخير
في تلخيص ما تقدّم
خلاصة البحث في هذا الموضوع يمكن إيجازها في النقاط التالية :
إن الجهاد ماض إلى قيام الساعة دَفعاً و طلباً مع كلّ برٍّ و فاجر ، و ليس لأحد أن يسقطه أو يوقفه إلا من عُذر شرعي .
عامّة ما عرفه المسلمون في العصر الحديث من صور الجهاد ( في أفغانستان و البوسنة و الشيشان و فلسطين و الفلبين و غيرها ) هو من قبيل جهاد الدَفع لا الطَلَب ، و لا يشترط على من تعيّن عليه للخروج إليه وجود الأمير و لا إذن ولي الأمر الخاص و لا العام .
ما يُعرف اليوم باسم العمليّات الاستشهاديّة مسألة معاصرةٌ مُحدثة تراعى في الحكم عليها المصالح و المفاسد ، التي تختلف زماناً و مكاناً ، كما يسوغ الاختلاف في تقريرها بين أهل العلم و الخبرة ، فتتباين آراؤهم تَبعاً لذلك ، و يعذر الجميع لاجتهادهم ، و يُدعى لعمومهم بالخير ، و لا يُتّخذون عرضاً .
في أحداث السيرة النبويّة و السنن الفعليّة و القوليّة و فعل السلف الصالح و أقوال الأئمّة ما يدل عن طريق القياس ( لتوافق العلّة ) على مشروعيّة العمليّات الاستشهاديّة بصوَرها المعاصرة ، و خاصّة تلك الواقعة في دِيار الجهاد المتعيّن كفلسطين .
إذا كان القياس إلحاقَ فَرعٍ بأصلٍ في الحُكم لعلّة جامعةٍ بينهما ، و اتّحدت العلّة بين العمليّات الاستشهاديّة و الحمل على العدوّ و الاقتحام عليه و الغرر بالنفس في ذلك طلباً للشهادة ، فإنّ الحكم واحدٌ في ذلك كلّه ، و إن اختلفت المسمّيات .
لا وجه لتشبيه العمليّات الاستشهاديّة بالانتحار أو تسميتها بذلك ؛ لاختلاف النيّة و الباعث و الأثر ، و لا ينزّل حكم الانتحار على القائمين بهذه العمليّات ، و لا يجوز لغيرهم الحكم على نيّاتهم ، بل تُحمَل على أحسن المحامل ، و لا يُنسَب إلى ساكتٍ قَول .
إذا جاز ورود المهالك في الجهاد ، و صحّ انعقاد الإجماع عليه ، فإن من أجلى صُوَره في زماننا العمليّات الاستشهاديّة القائمة على تفجير النفس بين الأعداء ، أو الاقتحام عليهم ، أو دفعهم إلى المهالك ( بتغيير مسارات مراكبهم عنوة و نحو ذلك ) صِرنا ضرورةً إلى القول بمشروعيّة ذلك كلّه ، إذ لا مندوحة للخروج على الإجماع القطعي الثبوت ، إذا انعَقَد .
إن ما أخَذه بعض العُلماء المعاصرين على العمليّات الاستشهاديّة و منفذيها ، و أثّر في فتاواهم و أحكامهم حقٌّ كلّه أو جلّه ، يجب الوقوف عليه بتدبّر ، كمراعاة المصالح و المفاسد ، و البعد عن الطيش و العمل الفردي غير المدروس ، و نزع يد الطاعة من أمير الجهاد ، و ليُعلَم أنّ الفتاوى التي لا تجوّز هذه العمليّات منوطة بعلل ( كغلبة المفسدة على المصلحة ) تزول بزَوالها ، و لا تعني التحريم المُطلق بحال ، و أنّ قست ألفاظها ، و احتد أصحابها في طرحها .
لا حجّة لمن يُنكر العمليّات الاستشهاديّة بدعوى أنّها تستهدف ( أو يقع من ضحاياها بعض ) المدنيين ، و النساء و الأطفال و الشيوخ غير المحاربين ، في زمن يساهم فيه الجميع في الحرب على الإسلام و أهله بآرائهم و أموالهم ( تبرعاتٍ و ضرائب ) و أصواتهم .
العمليات الاستشهاديّة وسيلة شرعيّة من وسائل الجهاد ، يُلجأ إليها في وقت الحاجة ، و بمقدارها ، و ليست الأصلَ المتعيّن ، و لا السبيل الأوحد لمجاهدة الكفار و المنافقين و التغليظ عليهم ، بل الواجب على الأمّة الاستعداد و الإعداد بكل صوره المتاحة ( و أعدّوا لهم ما استطعتم من قوّةٍ و من رباط الخيل ترهبون به عدوَّ الله و عدوَّكم ) .
هذا و الله نسأل أن يمكن لعباده دينهم الذي ارتضى لهم ، يعبدونه لا يُشركون به شيئاً ، و يجودون في سبيله بالنفس و النفيس ، و أن يقرّ أعيننا بالنصر و التمكين ، و يرزقنا في المسجد الأقصى صلاةً ، و على ثغوره رباطاً ، و في أكنافه جهاداً ( و ما النصر إلا من عند الله ) .
و صلى الله و سلّم و بارك على نبيّنا محمّد و آله و صحبه أجمعين .
</td> </tr> <tr> <td width="100%" align="justify">
و كتب
أحمد بن عبد الكريم نجيب
( الملقّب بالشريف )
دَبْلِن ( إيرلندا ) في غرّة صفر الخير عام 1423 للهجرة
الموافق للخامس عَشَر من أبريل ( نيسان ) عام 2002 للميلاد
alhaisam@msn.co
</td></tr></tbody></table>


صيد الفوائد


http://saaid.net/Doat/Najeeb/2.htm
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #18  
قديم 2009-11-07, 06:18 PM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.

اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.







العمليات الجهادية الاستشهادية
بين المجيزين والمانعين




الأدلة على مشروعية هذه العلميات الاستشهادية الجهادية


أقوال بعض أهل العلم في جواز انغماس المسلم في صف العدو وإن غلب على ظنه القتل

اختلف أهل العلم في العمليات الاستشهادية التي يقوم بها بعض المجاهدين المغلوبين على أمرهم دفاعاً عن دينهم وحريمهم، وأعراضهم، وأوطانهم، بعدما تخلى عنهم إخوانهم المسلمون وخذلوهم، وأسلموهم لعدوهم، بل ظاهر بعض المنتسبين إلى الإسلام الكفار على المسلمين، بأن دلوهم على عوراتهم، وقاتلوا إلى جنبهم، إلى قولين، هما:


1. أن هذه عمليات انتحارية وليست استشهادية، والانتحار حرام، ومن ثم فلا تجوز.


2. أن هذه العمليات عمليات استشهادية، وأنها من النوازل التي أملتها الظروف الحرجة التي تمر بها الأمة الإسلامية، وأنها تجوز بشروط، وهي:


أ. أن يكون المسلمون في حالة جهاد مع الكفار، سواء كان جهاد طلب أودفاع، كما هو الحال الآن في فلسطين، والعراق، وأفغانستان، والشيشان، وكشمير، وجنوب الفلبين، وغيرها من البلاد المغصوبة.


ب. أن يمارس ذلك مسلم يبتغي بذلك النكاية بالعدو وإرهابهم.


ج. أن يبتغي بهذا العمل وجه الله عز وجل.
د . أن يغلب على ظنه النكاية بالكفار وإرهابهم.


ﻫ . أن لا يكون الدافع له اليأس والقنوط والتخلص من الحياة.


وبادئ ذي بدء لابد من أن نقرر حقيقة، وهي أن هذه العمليات من النوازل الحرجة، وأن الحكم عليها بالجواز أوعدمه من الأمور التي تحتاج إلى تأنٍّ وإلى بصيرة، ومعرفة بالواقع والملابسات المحيطة بها، والظروف التي دفعت إليها، ولهذا لابد من التريث، وعدم الاستجابة لردود الأفعال.


وكذلك ينبغي أن ينحصر الحكم في مشروعية هذا العمل أوعدم مشروعيته، أما أن يتخطاه بالحكم بالشهادة لفاعله نفياً أوإثباتاً فهذا مما لا يعلمه إلا علام الغيوب، فالمطلوب معرفة هل هذا العمل مشروع أم لا؟ هل له سند في الشرع والنظر أم لا؟ أما أن نشهد على فاعله بالشهادة أونحرمه منها فهذا تحكم وتقوُّل على الله عز وجل.


من الذين نُقِل عنهم أنه حكم بعدم مشروعية هذه العمليات، وأنها داخلة في دائرة الانتحار سماحة الشيخ محمد بن صالح العثَيمين رحمه الله في كتاب "فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة"<!--[if !supportFootnotes]-->1<!--[endif]-->، مستدلاً على ذلك بقوله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً"<!--[if !supportFootnotes]-->2<!--[endif]-->، ودافعاً لدليل واحد من عدة أدلة للمجيزين لذلك، وهو دلالة غلام أصحاب الأخدود للملك الغشوم على كيفية قتله، بأن قتل الملك إياه كان سبباً لإسلام أمة، وفي صنيع هؤلاء لا يُسْلِم أحد، بل تشتدُّ الوطأة على المستضعفين من إخوانهم، وفيما قاله الشيخ رحمه الله نظر، لأن هذه العمليات الجهادية لها أغراض عديدة وفوائد كثيرة، يرجوها القائمون بها من:


1. النكاية بالعدو.


2. وإرهابهم وزرع الخوف والرعب في قلوبهم.


3. واستنزاف طاقات العدو.


4. وجعلهم يعيشون في قلق وعدم استقرار، مما يدفع كثيراً منهم إلى الفرار والانسحاب.
وكل ذلك وغيره كائن إن شاء الله بسبب هذه العمليات الاستشهادية المباركة.


فاستشهاد غلام أصحاب الأخدود لم يقتصر على إسلام كل الحاضرين، وإنما أرهب الملك وأخافه، وزعزع سلطانه، ودك أركان دولته، وفضَّ الناس من حوله.


ومما يُحمد لسماحة الشيخ العثيمين رحمه الله أنه رجا لمن فعل ذلك متأولاً عدم المؤاخذة، حيث قال: (ولكن من فعل هذا مجتهداً ظاناً أنه قربة إلى الله عز وجل فنسأل الله تعالى أن لا يؤاخذه لأنه متأول جاهل).<!--[if !supportFootnotes]-->3<!--[endif]-->


وهذا مما يدل على أن هناك فرقاً عنده بين المنتحر والمتأول جواز هذا، ومما لا شك فيه أن المتأولين لجواز هذا الأمر منهم أهل علم وفضل.


وقول الشيخ رحمه الله في شرح حديث قصة أصحاب الأخدود، محدداً الفوائد المستنبطة منه: (إن الإنسان يجوز أن يغرِّر بنفسه في مصلحة عامة للمسلمين، فإن هذا الغلام دل الملك على أمر يقتله به ويهلك به نفسه)، وما قرره الشيخ هو الذي تحققه العمليات الجهادية الاستشهادية.


الأدلة على مشروعية هذه العلميات الاستشهادية الجهادية
السوابق والمواقف التي يمكن أن تقاس عليها هذه العمليات الاستشهادية كثيرة جداً، منها على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:


1. دلالة غلام أصحاب الأخدود الملك الغشوم على كيفية قتله بالتفصيل الدقيق، كما صحَّ الخبر بذلك، بل إن العمليات الجهادية الاستشهادية فيها زيادة على ما قاله الغلام الذي نتج منه قتله هو فقط، بينما هذه العمليات تؤدي إلى هلاك عدد من الكفار هلاكاً حسياً مع هلاك المتلبس بها، وهذا من أقوى الأدلة على مشروعية هذه العمليات المباركة.


2. ما فعله البراء بن مالك رضي الله عنه في حرب مسيلمة، حيث طلب أن يُحمل على رؤوس الأسنة ويُلقى به داخل الحديقة، ففتحها وقتل منهم عشرة، ثم قُتل بعد أن جُرح بضعاً وثمانين جرحاً، ولم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة، كما روى ذلك البيهقي وغيره من أهل السنن.


3. انغماس عمرو بن معد يكرب يوم القادسية في صف العدو، كما في سراج الملوك للطرطوشي وغيره، كما قال ابن النَّحاس رحمه الله.


4. ما خرجه أحمد ومسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عندما أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل راعيها وخرج يطردها هو وأناس معه في خيل.


يقول سلمة: "ثم اتبعت القوم معي سيفي ونبلي – وهو وحده – فجعلت أرميهم وأعقر بهم، فلا يقبل عليَّ فارس إلا عقرت به، فجعلت أرميهم وأنا أقول: أنا ابن الأكوع، اليوم يوم الرضع – أي يوم هلاك اللئام - قال: فألحق برجل منهم فأرميه وهو على رحله، فيقع سهمي في الرجل حتى انتظم كتفه – نفذ كتفه - فقلت: خذها وأنا ابن الأكوع، واليوم يوم الرضع؛ فإذا كنت في الشجر أحرقتهم بالنبل، وإذا تضايقت الثنايا علوت الجبل فرديتهم بالحجارة، فما زال ذلك شأني وشأنهم، أتبعهم وأرتجز".


فرد كل ما أخذوه، والعديد من أسلحتهم ودوابهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مادحاً له: "خير فوارسنا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة"، قال: "فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الفارس والراجل جميعاً".


قال الشهيد البطل ابن النحاس رحمه الله المتوفى 814هـ، في كتابه القيم: "مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق ومثير الغرام إلى دار السلام"<!--[if !supportFootnotes]-->4<!--[endif]--> في الجهاد وفضله، معلقاً على صنيع سلمة هذا: (وفي هذا الحديث الصحيح الثابت أدل دليل على جواز حمل الواحد على الجمع الكثير من العدو وحده، وإن غلب على ظنه أنه يقتل – وهذا هو شاهدنا – وإذا كان مخلصاً في طلب الشهادة كما فعل الأخرم الأسدي رضي الله عنه، ولم يعب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عليه، ولم ينه الصحابة عن مثل فعله).


5. ومما يدل على مشروعية العمليات الجهادية الاستشهادية وإن اختلفت كيفيتها بلبس حزام متفجر لأنه أصبح هو الوسيلة الوحيدة لإرهاب العدو اليهودي الصليبي الجبان اللئيم، الذين رضعوا اللئامة والحقد كابراً عن كابر.


إن لم يكن إلا الأسنة مركباً *** فما حيلة المضطر إلا ركوبُها


فالضرورات تبيح المحظورات، ما فعله البطل المجاهد بُسْر بن أرطأة في الروم عندما كمن لهم عدة مرات، فلم يفد ذلك، إذ رمى بنفسه في كنيسة كان فيها عدد من مقاتلة الروم، كما فعل البراء بن مالك، فصرع منهم ثلاثة قبـل أن يدركه أصحـابه، فتعجب من فعله بعض الأسـرى، فناشـدوا المسلمين: من هذا؟ فقالـوا: بُسْر بن أرطأة؛ فقالوا: والله ما ولدت النساء مثله.


وروي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عمرو بن العاص: أن افرض لمن شهد الحديبية مائتي دينار، وأتمها لنفسك، وأتمها لخارجة بن حذافة لضيافته، ولبشر بن أرطأة لشجاعته.


6. ومما يدل على مشروعية هذه العمليات الجهادية وإن تعددت وسائلها ما خرجه ابن عساكر بإسناده عن محمد بن عائذ قال: قال الوليد بن مسلم: أخبرني شيخ من أهل حمص أنه أدرك بها شيخاً رومياً من فرسان الروم الذين كانوا بحمص أعور، قال: فقيل له: سله عن سبب عوره؟ فقال: إن المسلمين لما ساروا إلى حمص نزلوا بحيرة قدس على نهر الأرُند – العاصي – فبعثني بِطْريقُ حمص في ثلاثين من فرسانه، وأمرنا أن نستبطن نهر الأرُند حتى ندنو من عسكر المسلمين فنأتيه بأسير أوخبر، قال: فخرجنا فاستبطنا بطن الوادي، فلما دنونا من العسكر إذا رجل من جيزة النهر – أي ناحية النهر الأخرى – منقعاً فرسه في النهر، ورمحه إلى جانبه، فلما رآنا وضع سرجه على فرسه وركب، وتناول رمحه، فظننا أنه قد ذعر منا، وأراد أن يبدرنا إلى العسكر.


قال: فرمى بها – أي الفرس – في جرية الماء، فجعلنا نتعجب من جرأته على النهر وعلينا، فخرجت به فرسه من النهر، وانتفضت به، فلما انتهى إلى الجرف الذي يلينا أرادها على الوثوب به فلم يتهيأ لها، فقام على سرجه ووضع الرمح فاتكأ عليه ووثب، فإذا هو قد علا الجرف وصاح بها، فإذا هي معه، فوثب عليها، ثم أقبل إلينا فالتف بعضنا إلى بعض، فشد علينا، ففرق بيننا، وخلا برجل فدق ظهره، والتف بعضنا إلى بعض، وشد علينا ففرق بيننا وخلا برجل فدق ظهره، ففعل ذلك مراراً.


فلما رأينا ذلك ولينا منهزمين إلى المدينة، فأتبعنا، فكلما لحق رجلاً قتله، حتى لم يبق منهم غيري، ودنا من باب حمص، وقد رأى من كان ببرج الباب ما كان يصنع، فأخرجوا فوارس إلينا، فلما رأيت الفوارس ظننت أنه قد هابهم وانصرف، فالتفت لأعرف ما صنع، فإذا سنان رمحه في عيني، والتفت به الفرسان فقتلته، فأقبل جماعة من المسلمين في طلبه فانتهوا إليه صريعاً، ودخلنا المدينة فأسمعهم يقولون: مسحل مسحل – أي الشجاع الذي يعمل وحده – فدفنوه في طائفة من دير، فبها سمي ما هناك: دير مسحل.


7. وفيما فعله سالم مولى أبي حذيفة عندما حفر لنفسه حفرة ودخل فيها إلى نصفه، فقاتل حتى قتل في قتال المرتدين، أقوى دليل على مشروعية تلك العمليات الاستشهادية، وإن اختلفت الوسيلة.


8. وكذلك ما فعله البطل الهمام علي بن أسد عندما غزا المسلمون الروم في البحر، فقرنوا مراكبهم بمراكب العدو، فقال علي: لا أطلب الجنة بعد اليوم أبداً؛ فاقتحم بنفسه في سفائنهم، فما زال يضربهم وينحازوا، ويضربهم وينحازوا، حتى مالوا في شق واحد فانكفأت عليهم السفينة، فغرق وعليه درع حديد.


9. ومن الشواهد على جواز هذه العمليات الجهادية ما فعله ذلكم الفارس في حرب القسطنطينية عندما انغمس في صف العدو وحده ليخرقه، فقال البعض: ألقى بنفسه إلى التهلكة؛ فبيَّن لهم أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن التهلكة هي في الركون إلى الدنيا وترك الغزو والجهاد في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله.


أقوال بعض أهل العلم في جواز انغماس المسلم في صف العدو وإن غلب على ظنه القتل


أورد الإمام المجاهد ابن النحاس في كتابه السابق الذكر بعد أن ذكر العديد من الأقوال والأفعال مما يدل على جواز ذلك أقوالاً لبعض أهل العلم المجيزين لها، فقال: (اعلم أن العلماء رضي الله عنهم اختلفوا في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو الكثير وحده، وانغماسه فيهم، وقد تقدم من الأدلة أقوالاً وأفعالاً على استحباب ذلك وفضله ما فيه كفاية.


إلى أن قال:
[LIST][*] قال أبو حامد الغزالي رحمه الله في الإحياء في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: "لا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل، وإن علم أنه يقتل، وكما أنه يجوز أن يقاتل الكفار حتى يقتل جاز – أيضاً – ذلك في الأمر والنهي عن المنكر، ولكن لو علم أنه لا نكاية لهجومه على الكفار، كالأعمى يطرح نفسه على الصف أوالعاجز، فذلك حرام، وداخل في عموم آية التهلكة، وإنما جاز له الإقدام إذا علم أنه لا يُقتل حتى يقتل، أوعلم أنه يكسر قلوب الكفار بمشاهدتهم جرأته، واعتقادهم في سائر المسلمين قلة المبالاة، وحبهم للشهادة في سبيل الله، فتكسر بذلك شوكتهم".<!--[if !supportFootnotes]-->5<!--[endif]--> [/LIST]

كل هذه الأغراض تحققها العمليات الجهادية الاستشهادية، فهي تقتل من العدو ما شاء الله أن تقتل، وتزرع الرعب والخوف والفزع في قلوبهم، وتكسر شوكتهم، وتذل غطرستهم وغرورهم.
[LIST][*] وقال الرافعي والنووي وغيرهما: التغرير بالنفس في الجهاد جائز، ونقل – أي النووي – في شرح مسلم<!--[if !supportFootnotes]-->6<!--[endif]--> الاتفاق عليه، ذكره في غزوة ذي قِرْد.[*] وقال النووي معلقاً على ما فعله عمير بن الحَمَام حين أخرج التمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتل حتى قتل.[*] قال النووي: (فيه جواز الانغماس في الكفار والتعرض للشهادة، وهو جائز لا كراهة فيه عند جماهير العلماء).<!--[if !supportFootnotes]-->7<!--[endif]--> [/LIST]

وما العمليات الجهادية الاستشهادية إلا تغرير بالنفس وتعرض للشهادة، إذا صلحت النية.


[LIST][*] قال الشافعي رحمه الله تعالى: قد بورز بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمل رجل من الأنصار حاسراً على جماعة المشركين يوم بدر، بعد إعلام النبي صلى الله عليه وسلم إياه بما في ذلك من الخير إن قتل.[*]
[*] قال البيهقي: هو عوف بن عفراء، ذكره ابن إسحاق، ثم ذكر في الباب قصة عمير بن الحمام، وأنس بن النضر، وغير ذلك).[/LIST] قلت: إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لعوف بن عفراء أن ينغمس في صف العدو ويحمل عليهم وهو حاسر لا سلاح معه، فكيف بمن هو لابس لحزامه وشاك لسلاحه؟!


[LIST][*] قال القرطبي في تفسيره: (واختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب، وحمله على العدو وحده، فقال القاسم بن مخيمرة والقاسم بن محمد - بن أبي بكر الصديق – وعبد الملك من علمائنا: لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم، إذا كان فيه قوة، وكان لله بنية خالصة، فإن لم تكن له قوة فذلك من التهلكة، وقيل: إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل، لأن مقصوده واحد منهم، وذلك بَيِّنٌ في قوله تعالى: "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله".<!--[if !supportFootnotes]-->8<!--[endif]--> [*][*]وقال ابن خويزمنداد – المالكي -: (فأما أن يحمل الرجل على مائة، أوعلى جملة العسكر، أوجماعة اللصوص، والمحاربين والخوارج، فلذلك حالتان: إن علم وغلب على ظنه أنه يقتل، ولكنه سينكي نكاية أويؤثر أثراً ينتفع به المسلمون فجائز، ولماتحصنت بنو حنيفة بالحديقة، قال رجل من المسلمين: ضعوني في الحَجَفة وألقوني؛ ففعلوا، فقالتهم وحده وفتح الباب).<!--[if !supportFootnotes]-->9<!--[endif]--> [/LIST]

قلت: لا أشك قط أن الأبطال الأوائل أمثال البراء وغيره لو تيسرت لهم الأحزمة المتفجرة هذه للبسوها، إذ لا فرق في النتيجة بين أن يُحْمَل على أسنة الرماح ويُلقى به في وسط العدو وهو مقتول لا شك في ذلك، وبين أن يلبس حزاماً يتفجر به في وسط الأعداء.


أما وصف هذه العمليات بأنها عمليات انتحارية غرض القائم بها قتل نفسه فهذا من باب الظلم البين، وذلك لأن الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فهذا من باب التسوية بين المتضادين، وهو قياس مع الفارق الكبير.


[LIST][*] وقال محمد بن الحسن الشيباني – صاحب أبي حنيفة -: لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين، وهو وحده لم يكن بذلك بأس، إذا كان يطمع في نجاة، أونكاية العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه، لأنه عَرَّض نفسه للتهلكة من غير منفعة للمسلمين، فإن كان قصده تجرأة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه لا يبعد جوازه إذا كان فيه نفع للمسلمين، فتلفت النفس لإعزاز دين الله، وتوهين الكفر، فهو المقام الشريف الذي مدح الله به المؤمنين في قوله: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم"<!--[if !supportFootnotes]-->10<!--[endif]-->، إلى غيرها من آيات المدح التي مدح الله بها من بذل نفسه، وعلى ذلك ينبغي أن يكون حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).[/LIST]

قلت: على الرغم من أن هذه العمليات من النوازل القابلة للاجتهاد، وأنه لا ينبغي لمن لم ير جوازها أن يثرب على من يرى مشروعيتها أوضرورتها، ولا ينبغي أن تقاس على العمليات الانتحارية بحال من الأحوال، فقياسها على العمليات الانتحارية فاسد من عدة وجوه، أهمها اختلاف النية والهدف.


والذي يترجح لدي جوازها بالشروط التي أسلفتها، وذلك لأسباب:


1. للشواهد والمواقف المشابهة لها من بطولات المسلمين في جهادهم للكفار، التي ذكرنا طرفاً منها.


2. أن الضرورات تبيح المحظورات.


3. أنها أضحت الوسيلة الوحيدة المتاحة للدفاع عن الدين، والعرض، والوطن، وعن المستضعفين من بعد تخلي إخوانهم عنهم وخذلانهم إياهم، إذ لا وسيلة غيرها متاحة للمستضعفين.


4. أثبتت جدواها بأن زرعت الرعب والخوف في قلوب الكفار.


5.أن غاية الجهاد بذل النفوس والمهج رخيصة في ذات الله عز وجل، وفي العمليات الاستشهادية تحقيق تام لهذا الهدف.


6. البديل عنها مع هذه الظروف الراهنة الاستكانة والخضوع والانكسار للكفار.




7. عملاً بالقاعدة الجليلة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

هذا مع علمنا التام للمحذورات التي فيها، والتضحيات العظام التي تحدث من جرائها.
والله أعلم بالصواب، وله المرجع والمآب، وصلى الله وسلم على رسولنا القائل: "لا تزال طائفة من هذه الأمة ظاهرة على الحق، لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى تقوم الساعة"، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والسلام علينا وعلى جميع عباد الله الصالحين، لا ينال سلامنا الكفار والمنافقون.


للشيخ الأمين الحاج محمد .
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #19  
قديم 2009-11-07, 06:51 PM
حفيد الصحابة حفيد الصحابة غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-21
المكان: المغرب
المشاركات: 233
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله والصلاة و السلام على رسولنا و على اله الطيبين و صحابته اجمعين.


اللهم ارض عن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و على بن ابي طالب والحسن و الحسين و فاطمة الزهراء و عائشة بنت ابي بكر الصديق و حفصة بنت عمر بن الخطاب و عن جميع الصحابة و امهات المؤمنين.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.









العمليات الجهادية الاستشهادية
حكمها، شروطها، فضلها، ثوابها


الحمد لله القائل: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون"<!--[if !supportFootnotes]-->1<!--[endif]-->، وصلّى الله على محمد القائل: "من خير معاش الناس لهم، رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه، يبتغي القتل أو الموت مظانه".<!--[if !supportFootnotes]-->2<!--[endif]-->
وبعد..
فإن العمليات الجهادية جائزة ومشروعة، بل قد تستحب أو تجب في بعض الأحيان إذا توفرت الشروط الآتية:
[LIST][*] أن يمارسها مسلم. [*] أن يكون المسلمون في حال حرب وجهاد، سواء كان جهاد طلب أو جهاد دفاع، كحال المسلمين اليوم في كل العالم سيما في فلسطين، والعراق، وأفغانستان، والشيشان، وكشمير، وجنوب الفلبين وغيرها. [*] أن يبتغي بذلك أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى. [*] أن يتيقن أو يظن ظناً مؤكداً أنها تنكي بالعدو وتثخن جراحه. [/LIST] الأدلة على مشروعيتها بهذه الشروط
الأدلة على مشروعية هذه العمليات الجهادية الاستشهادية إذا توفرت الشروط السابقة كثيرة، وهي:
عامة
من ذلك قوله تعالى: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"<!--[if !supportFootnotes]-->3<!--[endif]--> ، وقوله: "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد"<!--[if !supportFootnotes]-->4<!--[endif]--> ، وقوله: "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون"<!--[if !supportFootnotes]-->5<!--[endif]--> ، وبعثه صلى الله عليه وسلم رجلاً واحداً سرية، فعل ذلك مع عدد من أصحابه.
خاصة
أما الأدلة الخاصة فكثيرة جداً، وسنذكر شيئاً منها، ومن أراد المزيد فعليه بكتاب الشهيد ابن النحاس<!--[if !supportFootnotes]-->6<!--[endif]--> :
[LIST][*] عندما حمل هشام بن عامر بين الصفين أنكر عليه البعض، فرد عليهم عمر وأبو هريرة وغيرهما، وتلوا هذه الآية: "ومن الناس من يشري نفسه". [*] عندما ألقى مدرك بن عوف نفسه في صف العدو، فقال الناس: ألقى بنفسه إلى التهلكة، قال عمر: كذب أولئك ولكنه اشترى الآخرة بالدنيا.<!--[if !supportFootnotes]-->7<!--[endif]--> [*] ما فعله أنس بن النضر في أحد. [*] وروى أحمد بإسناد صحيح: "...ورجل غزا في سبيل الله، فانهزم أصحابه، وعلم ما عليه في الانهزام وما له في الرجوع، فرجع حتى يهريق دمه، فيقول الله: انظروا إلى عبدي، رجع رجاء فيما عندي وشفقة مما عندي حتى يهريق دمه". [*] خرج البيهقي في سننه<!--[if !supportFootnotes]-->8<!--[endif]--> عن محمد بن سيرين أن المسلمين انتهوا إلى حائط<!--[if !supportFootnotes]-->9<!--[endif]--> ، قد أغلق بابه فيه رجال من المشركين، فجلس البراء بن مالك على ترس وقال: ارفعوني برماحكم فألقوني إليهم؛ فرفعوه برماحهم فألقوه من وراء الحائط، فأدركوه قد قتل منهم عشرة"، قبل أن يُقتل رضي الله عنه. [*] ما رد به أبو أيوب على من قال لمن ألقى بنفسه في صف العدو في فتح القسطنطينية: " ألقى بنفسه إلى التهلكة؛ قال: لا، ولكنها نزلت فينا نحن معشر الأنصار عندما عزمنا على الإقامة في أموالنا وترك الجهـاد؛ فالمراد بالتهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وترك الجهاد، وقيل المراد بها القنوط من رحمة الله، بأن يقول الرجل: لا يغفر الله لي؛ والله أعلم. [/LIST] وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والسلام..




للشيخ الأمين الحاج محمد .
__________________
اللهُمَّ من شنَّ على المُجاهدينَ حرباً ، اللهُمَّ فأبطِل بأسه.ونكِّس رأسَه. واجعل الذُلَّ لِبَاسَه. وشرِّد بالخوفِ نُعاسَه. اللهُمَّ ممَن كانَ عليهم عينا ًفافقأ عينيه. ومن كانَ عليهِم أُذُناً فصُمَّ أُذُنيه. ومن كانَ عليهِم يداً فشُلَّ يَديْه. ومن كانَ عليهِم رِجلاً فاقطع رِجليْه.ومن كانَ عليهم كُلاًّ فخُذهُ أخذَ عزيزٍ مُقتدرٍ يا ربَّ العالمين.
  #20  
قديم 2009-11-08, 06:57 PM
الشيخ عبدالله التميمي الشيخ عبدالله التميمي غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2009-07-28
المشاركات: 10
افتراضي

أخونا حفيد الصحابة
لا أدري لماذا هذه العصبية و التشنج في الرد على مداخلتي ، بدأت تريد أن تعلمني الأدب ثم انتقصت من شخصي و هربت من محاورتي في رسالتي التي أعتقد أنك لم تتجرأ على مجرد قراءتها "لأن####".
ثم تهدد و تتوعد و لحم عظم و ؟؟؟
الحوار يكون بالعقل و الدليل لا باللحم و العظم و لا يكون بالقص و اللزق.
هب أنني أحد المندسين الذين يثيرون الشبهات ، الواجب عليك أن تقرأ ما كتبت ثم ترد علي من قولي و هكذا هو الحوار و النقاش أليس كذلك ؟؟
أسأل الله لنا و لكم الهداية
موضوع مغلق

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب


 مساج الرياض   مساج منزلى الرياض   best metal detector for gold   جهاز كشف الذهب   جهاز كشف الذهب   تأمين زيارة عائلية   Best Advocate in Dubai   خبير تسويق الكتروني   سطحة شمال الرياض   سطحة بين المدن   سطحه شرق الرياض   شحن السيارات   سطحة هيدروليك   شركة نقل السيارات بين المدن   أرخص شركة شحن سيارات   شركة شحن سيارات   شراء سيارات تشليح   بيع سيارة تشليح 
 شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   شركة عزل شينكو بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة كشف تسربات المياه 
 yalla shoot   يلا شوت   yalla shoot   سوريا لايف 
 يلا شوت   اهم مباريات اليوم   يلا شوت   يلا كورة 
 تطبيقات تسويقية   شركة صيانة افران بالرياض   شركة مكافحة الحشرات   شركة سياحة في روسيا   بنشر متنقل   شركة تصميم مواقع   Online Quran Classes 
 دعاء القنوت   شركة تنظيف بجدة   شركة تنظيف فلل بجدة   شركة مكافحة حشرات بجدة   شركة تنظيف المنازل بجدة 
 شركة مقاولات   اقرب شركة تنسيق حدائق   كشف تسربات المياه مجانا   لحام خزانات فيبر جلاس بالرياض   شركة تخزين عفش بالرياض   برنامج ارسال رسائل الواتساب   شركة تسليك مجاري بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   اشتراك كاسبر   أكثر مشاهير السناب في السعودية   مشاهير السناب شات   سنابات نجوم السعودية   تنظيف خزانات بمكة   شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة تنظيف منازل بالرياض   خدمة مكافحة الصراصير بالرياض   شدات ببجي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي اقساط   شدات ببجي   شدات ببجي تابي   مجوهرات يلا لودو   شحن يلا لودو   ايتونز امريكي   بطاقات ايتونز امريكي   شدات ببجي تمارا   شدات ببجي اقساط 
 شركة تنظيف بخميس مشيط   تشليح الرياض   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج   تصليح غسالات اتوماتيك   شركة مكافحة حشرات   شركة عزل خزانات بجدة   دكتور جراحة مخ وأعصاب في القاهرة 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   اشتراك كاسبر   مكسرات لوز فستق   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 
 موسوعة   kora live   social media free online tools   تطبيق الكابتن تمارين كمال اجسام و فيتنس   كشف تسربات المياه بالرياض و شركة عزل خزانات المياه بالرياض  شركة صيانة افران بالرياض


Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd